في حنايانا سؤال … ما له ... من مجيب … وهو يغلي في اتصال
ولماذا ينطفي أحبابنا ... قبل أن يستنفد الزيت الذبال ؟
ثمّ نسى الحزن بالحزن ومن ... يا ضياع الردّ ـ ينسينا السؤال ..؟
مسافرة بلا مهمة
يا رؤى الليل … يا عيون الظهيرة ... هل رأيتينّ موطني والعشيرة ؟
هل رأيتينّ يحصبا أو عسيرا ؟ ... كان عندي هناك أهل وجيره
ودوال تشقرّ فيها اللّيالي ... ويمدّ الضّحى عليها سريره
ورواب عيونهنّ شموس ... وعليهنّ كلّ نجم ضفيره
وسفوح تهمي ثغاه وحبا ... وحقول تروي نبوغ الحظيره
وبيوت ينسى الضيوف لديها ... قلق الدار … وانتظار المديره
***
يا رؤى يا نجوم .. أين بلادي ؟ ... لي بلاد كانت بشبه الجزيره
أخيّروا أنها تجلّت عروسا ... وامتطت هدهدا ، وطارت أسيره
وإلى أين يا نجوم ..؟ فتومي ... ما عرفنا ـ يا أخت .. بدء المسيره
من أنا يا مدى ..؟ وأنكر صوتي ... ويعبّ السّفار وجه السفيره
من أشاروا علّي كانوا غباء ... ليتهم موضعي وكنت المشيره
كيف أختار .. كيف ؟ ليس أمامي ... غير درب ، فليس في الأمر خيره
رحلت مثلما يحثّ سراه ... موكب الريح في الليالي المطيره
وارتدى (الفار) ناهديها وأنست ... هجرة النحنى خطاها الأخيره
***
وروّزا : أشأمت على غير قصد ... ثمّ أمست على (دمشق) أميره
قلعتني ـ يا شامـ ريح .. وريح ... زرعتني هنا .. كروما عصيره
وبرعمي نزلت غير مكاني ... مثلما تلتقي العظام النّثيره
***
وبلا موسم تنامت وحيّت ... بالرياحين والكؤوس النضيره
(وسقت من أتى البريص إليها ... بردى .. خمرة ، ونعمى وفيره)
وعلت جبهة (الحورنق) تاجا ... يا (سنمّار) أيّ مثيره ؟!
وهمت كالنّجوم سعدا ونحسا ... وعطايا وحشيه ومجيره
(أنت كاللّيل مدركي من أمامي ... وورائي .. كل النواحي ضريرة)
***
وحكوا : أنها ثياب سواها ... جمّلتها … وأنها مستعيره
فرأوّها وصيفة عند (روما) ... ورأوها في باب (كسرى) خفيره
وبعيرا لبنت (باذان) حينا ... وأوانا … تحت (النجاشي) بعيره
***
عندما أحرقت (بنجران) غزوا ... كان ينوي .. صارت رماد الجزيره
أطفأت بالثقاب مدّ جحيم ... أتراها ملومة أم عذيره ..؟
فتهاوت حصّى وطارت عيونا ... هربت من وجوهها مستجيره
وإلى أين ثانيا يا منافي ... والإجابات كالسؤال مريره؟
نزلت (يثربا) هشيما فكانت ... بالعناقيد والرفيف بشيره
فتناغى النخيل من أين جاءت ... هذه الكرمة العجوز النكيره ؟
جئت يا عمّ من جذوري أرجيّ ... تربة من رماد حزني قريره
***
وتجلّت في ذلك القفر دورا ... وقطوفا تومي بأيد منيره
ونخيلا من السّيوف المواضي ... وسيوفا من القوافي الجهيره
وارتمت في (حرى) طريقا وكهفا ... ثمّ أضحت منذورة ونذيره
ومصلّى ، وخندقا ، وحصونا ... ونبيا ، وسورة مستطيره
***
وليال مضت وجاءت ليال ... وانقضت عسرة وجاءت عسيره
فانتضت في يد (السقيفة) (سعدا) ... أكبر القوم … للأمور الكبيره
***
يا قريش اذكري نمتنا جميعا ... صحبة سمحة وقربى أثيره
فلك السبق والجبين المحلّى ... وأنا الجبهة الشموخ النصيره
أنت أمّارة … أنا ـ ثم قالوا : ... سكتت قبل أن تقول ـ وزيره
دهشة البدء ضيّعت من خطاها ... أولّ الدرب وهي حيرى حسيره
وجهها غاص في غبار المرايا ... واسمها ضاع في الأماسي الغفيره
أين ((سعد)) قالوا : رماه عشاء ... مارد من (( قبا)) يسمى ((بجيره))
وحكوا : أنها استعارت وجوها ... خبأت تحتها الوجوه الكسيره
***
وإلى أين ثالثا ..؟ هل لسيري ... وانثنائي مهمة بي جديره ؟
أصبح الصارم اليماني بكفّي ... ((مرودا)) في يدي فتاة غريره
وطغت ردّة فعادت نبيا ... ونخيلا من السيوف الشهيره
***
وإلى أين رابعا ..؟ لقتال ... جنّحت خيله وشبّت نفيره
من رآني خضت الفتوحات لكن ... عدت منها إحدى السبايا الطريره
***
وإلى أين خامسا … يا قوافي؟ ... هاجر الحبّ والروابي الحضيره
فأتت ثانيا ((دمشق)) غراما ... قمريّ الجبين ، باكي السريره
***
قصر ((أم البنين )) هذا ، عليه ... ـ حسيما أخيرت ـ سمات كثيره
جرّبت أعسر الفتوح خيولي ... فلأجرب هذي الفتوح اليسيره
لم أجد (( روضة)) ، فأدركت أزهى، ... لعبة ، حلوة … ولكن خطيره
وعلى موعد رقت في ثوان ... كتّف القصر بالهوى مستنيره
فتن فوق ما يظنّ التمنّي ، ... غرفة فوق وصفها بالوثيره
لحظة والتوى السرير ضريحا ... خشيا يموت … يطوي زفيره
إيه (( وضاح)) دونك البئر فانزل ... قطعة دوان وصفها بالحقيره
ولهت ((ديد مونة)) في علاها ... ((وعطيل)) الهوى صريع الحفيره
هكذا أخبروا … لأن بلادي ... خنجر الآخرين وهي العقيره
***
ما الذي جدّ ؟ أعول الثأر حتى ... ليس يدري قبيله ودبيره
فارتقى ((هاشم)) و((مروان)) ولى ... وهي ملغية الحساب … هجيره
من أنا ..؟ وانجلت لها من بعيد ... لوز ((همدان)) كالنجوم الصغيره
ذكرت أم موطنا كان فيها ... نسيت بدأه … وتنسى مصيره
فانثنت ((هاديا)) وقالت ترابي ... ـ يا كنوز الرشيد ـ أغلى ذخيره
***
حقبة … والتوت ربى من أفاع ... غادرات وهي الضحايا الغديره
توّجت … أسقطت على غيري هدّي ... وأنتقت دون رؤية أو بصيره
فانتهت فاطميّة هي (( أروى)) ... ظاهرا … خلفه سجل وسيره
وتسمت ((بالقرمطي)) ولكن ... أنقضها الممارسات القديره
فنفت وادّعت … كما شاء داع ... لبست وجهها … وأخفت ضميره
وأسرّت قدسا وأبدت شعارا ... خلفه ـ لو علمت ـ ألف شعيره
واستحرّت خلف ((النجاحي)) وأدمى ... في رباها خيوله وحميره
***
ثمّ صارت ((مهديّة)) ((ورسولا)) ... نزلت واديا أضاعت شفيره
فأقامت في كلّ صقع إماما ... هيأت نعشه وحاكت حريره
وتساقت دما وشوقا إليه ... وهي أظما إلى المياه النّميره
***
من أتى ..؟ عاصف من الترك طاغ ... فلأمزق حلوقه وهديره
إنّه يقذف السّعير المدوّي ... فلأردد إلى حشاه سعيره
وأعدّت له القبور إلى أن ... دفنت عهده أجدّت نظيره
***
وتراخى عهد عثير اللّيالي ... وارتخت تحت ركبتيه عثيره
وبلا يقظة أفاقت ومدّت ... (حزيزا) شعلة إلى (ضبر خيره)
***
وهناك انطفت وأطفت وقالوا : ... خبزت للخلود أشهى فطيره
وحكوا : أنها أرادت … ولكن ... جيدها المنحنمى قد اعتاد نيره
وطوت أربعا وعشرا ، مناها ... مسرعات لكن خطاها قصيره
***
ربّما تخدع البروق عيوني ... ربّما تحتها غيوث غزيره
أيّ شيء أريد ؟ ما عدت أغفو ... أقلق العصر مرقدي وشخيره
***
هنا أنهت الإمامات ، هبت ... من أساها تقود أبهى مسيره
هلّ (أيلول) مولدا وريعا ... لم تزل تحمل الفصول عبيره
وقلاعا تثني المغيرين صرعى ... وتلالا مدجّجات مغيره
***
ثم ماذا ؟ أسمت (سعيدا ) (نبيلا) ... ودعت (شعلة) (هدى) أو (سميره)
غيّرت شعر جلدها وهي لمّا ... تتغير ولم تغير وتيره
فرّة واجتلت قناعا يحلّي ... جبهات إلى القفى مستديره
أصبحت أطوع المطايا ولكن ... بالتواء الدروب ليست خبيره
***
فلأسافر كعادتي ، كلّ قفر ... ذبت في نبته سكنت صفيره
ورمادي خلفي يعدّ رجوعي ... يعجن الريح باحثا عن خميره
***
رحل النبع من جذوري فهيّا ... يا هشيم الغصون نتبع خريره
وإلى أين ـ يا منافي ـ أخيرا …؟ ... وتشظّت في كلّ منفى أجيره
هكذا ما جرى لأنّ بلادي ... ثروة الآخرين ، وهي الفقيره
قبل الطريق
قبل الطريق أبتدي ... سيري رحيل أحرفي
أجيء قبل مولدي ... بعد مدى تخلّفي
مفتّشا عن جبهتي ... وعن عروق معزفي
وعن عيون مربعي ... وعن نهود مصيفي
***
أصبح للربى اقفزي ... وللحدائق ازحفي
وللضّفاف ابحري ... وللبحار كفكفي
وللغصون سافري ... وللعروق رفرفي
وللحقول حلّقي ... وللمقابر اهتفي
وللعواصف ارقدي ... وللحجارة اعصفي
***
أحسّها جميعها ... تدوي : سئمت موقفي
مللّت طول وقفي ... وملّني توقّفي
هل أبتدي تحرّكي ؟ ... تعلّمي أن تعرفي
وجرّبي أن ترفضي ... وحاولي أن تجرفي
تغيّري وغيّري ... تجدّي وفلسفي
وأحرقي ما أخرجوا ... وألّفوا وألّفي
كي تولدي جديدة ... قبل الولادة اتلفي
***
وأستحثّ رحلّتي ... أضيع في تقصّفي
لا خطوة تدلّني ... ولا طريق يقتفي
أمدّ صوتي معبرا ... وأمتطي تلهّفي
وأجتلي عوالما ... منفيّة وأنتفي
محمّلا جنّيّة ... حبلى وجهها متحفي
جلد الرّصيف مئزري ... لون الرياح معطفي
جنسيّتي غرابتي ... ملكتي تطرّفي
مدينتي قصيدة ... أشعلها وأنطفي
حبيبة تميتي ... دقائقا وتختفي
حريقة تشربني ... أشربها وأشتفي
***
أحسّ نبضّ نجمّة ... على جبيني تنكفي
أغيب في تمزقي ... كي يهتدي تكشّفي
الأيام الخضر
يا رفاقي … إن أحزنت أغنياتي ... فالمأسي … حياتكم وحياتي
إن همت أحرفي دما فلأنّي ... يمنّي المداد … قلبي دواتي
أمضغ القات كي أبيت حزينا ... والقوافي تهمي أسّى غير قاتي
أنا أعطي ما تمنحون احترافي ... فالمرارات بذركم ونباتي
غير أنّى ـ ومدية الموت عطشى ... في وريدي ـ أشدو فألغي وفاتي
فإذا جئت مبكيا فلأنّي ... جئتكم من مماتكم ومماتي
عاريا … ما استعرت غير جبيني ... شاحبا … ما حملت غير سماتي
جائعا .. من صدى (ابن علوان) خبزي ... ظامئا من ذبول (أروى) سقاتي
***
ربما أشتهي وأنعل خطوي ... كلّ قصر يومي إليك فتاتي
أقسم الجدّ … لو أكلنا بثدي ... لقمة من يد … أكلت بناتي
***
قد تقولون ذاتي الحسّ … لكن ... أيّ شيء أحسّ ..؟ من أين ذاتي ؟
كلّ هذا الركام جلد عظامي ... فإلى أين من يديه انفلاتي ؟
يحتسي من رماد عينيه لمحي ... يرتدي ظلّ ركبتيه التفاتي
تحت سكيّنة تناءى اجتماعي ... وإلى شدقه تلاقي شتاتي
آخر الليل … أولّ الصبح .. لكن ... هل أحسّت نهودها أمسياتي
***
هل أداري أحلامكم فأغنّي ؟ ... للأزاهير واللّيالي شواتي …
عندما يزهر الهشيم سأدعو : ... يا كؤوس الشذى خذيني وهاتي
الشتاء الذي سيندى عفيفا ... يبتدي موسم الورود اللواتي …
ليس قصدي أن تيأسوا ، لحطاكم ... قصة من دم الصخور العواتي
***
يا رفاقي في كلّ مكسر غصن ... ـ إن توالى الندى ـ ربيع ، مواتي
يرحل النبع للرّفيف ويفنى ... وهو يوصي : تسنبلي يا رفاتي
والروابي يهجسن : في ما وقوفي ... هل هنا يا مدى … سأرمي ثباتي ؟
سوف تأتي أيامنا الخضر لكن ... كي ترانا نجيؤها قبل تأتي
صنعاء .. في طائرة
على المقعد الراحل المستقرّ ... تطيرين مثلي … ومثلي لهيفه
ومثلي … أنا صرت عبد العبيد ... وأنت لكلّ الجواري وصيفه
كلانا تخشبنا الأمنيات ... وتعصرنا الذكريات العنيفه
فقدنا الحليفه … مذّ باعنا ... إلى كلّ سوق … جنود الخليفه
***
أصنعا إلى أين ..؟ أمضي أعود ... لأمضي … كأني أؤدي وظيفه
ملكت المطارات والطّائرات ... وأكلي (جراد) لأنّي سخيفه
ومملكتي هودج من رياح ... تروح عجولا … وتأتي خفيفه
***
أتبكين ؟ لا … لا ومن تؤسفين ... إذا أنت مقهورة أو أسيفه
وماذا سيحدث لو تصرخين ... وتتّزرين الدموع الكّثيفه
سيرنو إليك الرفيق اللصيق ... وينساك حين تمرّ المضيفه
ويعطيك قرصين من إسبرين ... فتىّ طيب … أو عجوز لطيفه
وقد لا يراك فتى أو عجوز ... ولا يلمح الجار تلك الضعيفه
***
أتصغين ..؟ لا صوت غير الضجيج ... وغير اختلاج الكؤوس المطيفه
فقد أصبحت رؤية الباكيات ... لطول اعتياد المأسي أليفه
***
تخافين… ماذا ؟ على أيّ شيء ... تضنّين ؟.. أصبحت أنت المخيفه
فلم يبق شيء عزيز لديك ... أضعت العفاف ووجه العفيفه
على باب ((كسرى)) رميت الجبين ... وأسلمت نهديك يوم (السقيفه)
وبعت أخيرا لحى (تبع) ... وأهداب (أروى) وثغر (الشريفه)
***
أتعطيك (واشنطن) اليوم وجها؟ ... خذي .. حسنا .. جرّبي كلّ جيفه
فقد تلّفتين بهذا السّقوط ... كأخبار منتحر في صحيفه
***
أصنعا … ولكنّ متى تأنفين ... يقولون قد كنت يوما منيفه
متى منك تمضين عجلى إليك ؟ ... ترين اخضرار الحياة النّظيفه
أمن قلب أغنية من دموع . ... ستأتين ..؟ أم من حنايا قذيفه
بين المدينة والذابح
وحشة الخارج تعوي حوله ... ثمّ تنفيه إلى داخله
غربة الداخل ترميه … إلى ... مائج يبحث عن ساحله
راحل منه إليه … دربه ... شارد أضيع من راحله
بعضه يسأله عن بعضه ... ردّه أحير من سائله
***
باحث عن قتله يعدو على ... مدية الذبح إلى قاتله
يأكل الموت بقايا عمره ... ويغنّي في يدي آكله
فمه أصغر من صيحته ... عبئه أكبر من حامله
شاعر .. ووطنه في الغربة
كان صبح الخميس أو ظهر جمعه ... أذهلني عني عن الوقت لوعه
دهشة الراحل الذي لم يجرب ... طعم خوف النوى ولا شوق رجعه
حين نساءت إلى الصّعود فتاة ... مثل أختي بنيّة الصوت ، ربعه
منذ صارت مضيفّة لقبوها ... ((سورنا)) واسمها الطفولّي ((شلعه))
***
إنّ عصريّة الأسامي علينا ... جلد قبل على فوام ابن سبعه
هل يطرّي لون العناوين سفرا ... ميّتا زوّقته آخر طبعه
***
حان أن يقلع الجناحان … طرنا ... حفنة من حصى على صدر قلعه
مقعدي كان وشوشات بلادي ... وجه أرضي في أدمعي ألف شمعه
ووصلنا … قطرت مأساة أهلي ... من دم القلب دمعة بعد دمعه
***
زعموني رفعت بند التحدّي ... واتخذت القتال بالحرف صنعه
فليكن … ولأمت ثلاثين موتا ... كلما خضت ستّة هاج تسعه
كلما ذقت رائعا من مماتي ... رمت أقسى يدا وأعنف روعه
***
ألأنّي يا موطني … أتجزأ ... قطعا من هواك في كلّ رقعه
نعوتي مخرّبا أنت تدري ... أنها لن تكون آخر خدعه
عرفوا أنهم أدينوا فسنّوا ... للجواسيس تهمة الغير شرعه
عندما تفسد الظروف تسمّى ... كلّ ذكرى جميلة سوء سمعه
يظلم الزهر في الظلام ويبدو ... مثل أصفى العيون تحت الأشّعه
***
يا رحيلي هذي بلادي تغنّي ... داخلي تغتلي تدقّ بسرعه
كنت فيها ومذ تغيبت عنها ... سكنتي من أرضها كلّ بقعه
التفت في (صعده) و(العلا) ... القطاعات داخلي صرن قطعه
صرت للموطن المقيم بعيدا ... وطنا راحلا . أفي الأمر بدعه !؟
أحتسي موطني لظّى ، يحتسي ... من فم النار جرعة إثر جرعه
في هواه العظيم أفنى ، وأفنى ... والعذاب الكبير أكبر متعه
شاعر .. ووطنه في الغربة
كان صبح الخميس أو ظهر جمعه ... أذهلني عني عن الوقت لوعه
دهشة الراحل الذي لم يجرب ... طعم خوف النوى ولا شوق رجعه
حين نساءت إلى الصّعود فتاة ... مثل أختي بنيّة الصوت ، ربعه
منذ صارت مضيفّة لقبوها ... ((سورنا)) واسمها الطفولّي ((شلعه))
***
إنّ عصريّة الأسامي علينا ... جلد قبل على فوام ابن سبعه
هل يطرّي لون العناوين سفرا ... ميّتا زوّقته آخر طبعه
***
حان أن يقلع الجناحان … طرنا ... حفنة من حصى على صدر قلعه
مقعدي كان وشوشات بلادي ... وجه أرضي في أدمعي ألف شمعه
ووصلنا … قطرت مأساة أهلي ... من دم القلب دمعة بعد دمعه
***
زعموني رفعت بند التحدّي ... واتخذت القتال بالحرف صنعه
فليكن … ولأمت ثلاثين موتا ... كلما خضت ستّة هاج تسعه
كلما ذقت رائعا من مماتي ... رمت أقسى يدا وأعنف روعه
***
ألأنّي يا موطني … أتجزأ ... قطعا من هواك في كلّ رقعه
نعوتي مخرّبا أنت تدري ... أنها لن تكون آخر خدعه
عرفوا أنهم أدينوا فسنّوا ... للجواسيس تهمة الغير شرعه
عندما تفسد الظروف تسمّى ... كلّ ذكرى جميلة سوء سمعه
يظلم الزهر في الظلام ويبدو ... مثل أصفى العيون تحت الأشّعه
***
يا رحيلي هذي بلادي تغنّي ... داخلي تغتلي تدقّ بسرعه
كنت فيها ومذ تغيبت عنها ... سكنتي من أرضها كلّ بقعه
التفت في (صعده) و(العلا) ... القطاعات داخلي صرن قطعه
صرت للموطن المقيم بعيدا ... وطنا راحلا . أفي الأمر بدعه !؟
أحتسي موطني لظّى ، يحتسي ... من فم النار جرعة إثر جرعه
في هواه العظيم أفنى ، وأفنى ... والعذاب الكبير أكبر متعه
مناضل في الفراش
من أنت ماذا تساوي ؟ ... وكلّ ما فيك خاوي
تحسّ جلدك ثلجا ... مطيّنا وهو كاوي
تئنّ ، تخفي ضجيجا ... أنت الصّدى وهو عاوي
***
الدّاء فيك عنيد ... يقوى ولكنّ تقاوي
لا تستطيع توالي ... ولا تطيق تناوي
***
وكنت تضني الدواهي ... تعيي حلوق المهاوي
تنوي قبورك لكن ... تجتازها غير ناوي
تدوس هولا وتدمي ... هولا عنيف المساوي
***
تلوج للقبض وهما ... وتختفي في الملاوي
فمن وصيفين تأتي ... إلى وصيفين تأوي
تبدو بكلّ مكان ... تخفي بسحر سماوي
***
والآن تسطو عليهم ... وأنت وحدك ثاوي
كسلان كالجذع تقوى ... عليك أدنى الهراوى
لا تشتهي أيّ شيء ... كلّ ما فيك طاو
تعبّ عشرين قرصا ... وأنت كالأمس ذاوي
لا الطبّ يعرف داء ... ولا الدّواء يداوي
***
كلّ القلاع اللّواتي ... أقلقتها في تهاوي
فاهدأ فخطوك ماض ... والدرب مصغ وراوي
غريبان .. وكانا هما البلد
من ذلك الوجه …؟ يبدو أنه (جندي) ... لا … بل (يريمي) سأدعو ، جدّ مبتعد
أظنّه (مكرد القاضي) كقامته ... لا .. بل (مثنى الرادعي) (مرشد الصّيّدي)
لعلّه (دبعيّ ) أصل والده ... من (يافع) أمّه من سورة المسد
عرفته يمينا في تلفّته ... خوف … وعيناه تاريخ من الرمد
من خضرة القات في عينيه أسئلة ... صفر تبوح كعود نصف متّقد
رأيت نخل (المكلا) في ملامحه ... شمّيت عنب (الحشا) في جيده الغيد
من أين يا بني ؟ ولا يرنو وأسأله ... أدنو قليلا : صباح الخير يا والدي
ضمّيته ملء صدري … أنّه وطني ... يبقى اشتياقي … وذوبي الآن يا كبدي
***
يسعد صباحك يا عمّي أتعرفني ؟ ... فيك اعتنقت أنا قبّلت منك يدي
لاقيت فيك (بكيلا) (حاشدا) (عدنا) ... ما كنت أحلم أن ألقى هنا بلدي
رأيت فيك بلادي كلّها اجتمعت ... كيف التقى التسعة المليون في جسد
***
عرفت من أنت يا عمّي ، تلال (بنا) ... (عيبان) أثقله غاب من البرد
(شمسان) تنسى الثريّا فوق لحيته ... فاها وينسى ضحى رجليه في الزبد
(بينون) عريان يمشي ما عليه سوى قميصه المرمريّ البارد الأبدي
صخر من السدّ يجتاز المحيط إلى ... ثان ينادي صداه : من رأى عمدي؟
***
ما اسم ابن أمي ؟ (سعيد) في (تبوك) وفي ... (سيلان) (يحيى) ، وفي (غانا) (أبو سند)
***
وأنت يا عمّ ؟ في (نيجيريا)(حسن) ... وفي (الملاوي) دعّوتي (ناصر العنّدي)
***
سافرت في سنة (الرامي) هربت على ... عمّي غداه قبرنا (ناجي الأسدي)
من بعد عامين من أخبار قتل أبي ... خلف (اللّحيّة) في جيش بلا عدد
أيام صاحوا : قوى (الإدريسي) احتشدت ... وقابلوها : بجيش غير محتشد
***
رحلت في تلك التاريخ أذكره ... كأنها ساعة يا (سعد) لم تزد
صياح قالوا : (سعود؟) قبل خطبتها ... حبلى . و(حيكان) لم يحبل ولم يلد
و(الدوحيّة) تهمي في مراتعنا ... أغاني العار والأشواق والحسد
ودّعت أغنامي العشرين (محصنة) ... حتى أعود … وحتى اليوم لم أعد
***
من مات يا ابني ؟ من الباقي ؟ أتسألني ! ... فصول مأساتنا الطولى بلا عدد
ماذا جرى في السنين الست من سفري ؟ ... أخشى وقوع الذي ما دار في خلدي
مارست يا عمّ حرب السبع متقدا ... تقودني فطنة أغنى من الوتد
كانت بلا أرجل تمشي بلا نظر ... كان القتال بلا داع سوى المدد
***
وكيف كنتم تنوحون الرجال ؟ بلا ... نوح نموت كما نحيا بلا رشد
فوج يموت وننساه بأربعة ... فلم يعد أحد يبكي على أحد
وفوق ذلك ألقى ألف مرتزق ... في اليوم يسألني … ما لون معتقدي
بلا اعتقاد … وهم مثلي بلا هدف ... يا عمّ … ما أرخص الإنسان في بلدي
والآن يا ابني ؟ . جواب لا حدود له اليوم أدجي لكي يخضرّ وجه غدي
ابن فلانة
لا تسل من أنا … فلاسمي صلات ... بالتي أرضعته ذوب المهانه
كيف أحكي … فلانا ابن فلان ... ورفاقي يدعونني ابن فلانه
إن رأوني أبدو رصينا أشاروا ... علّمته تلك البتول ! .. الرصانه
وإذا لا حظوا قميصي جديدا ... ردّدوا : فوق ركبتيها خزانه
دخلها كلّ ليلة نصف ألف ... أحسنوا الظنّ . تهمة لا إدانه
ولديها كما يقولون جيش ... دربته خبيرة في المجانه
وهي سمارة لكل دعي ... فوق هذا … وللعدى قهرمانه
أعجبت سادة النقود فأعطوا ... وجدوا عندها أحطّ استكانه
حسنا !.. إنها عليهم دليل ... إن تخفوا دلت بأخزى إبانه
نحن ندري … هل أبدعوا غير هذا ... وانتزاف البلاد في كلّ حانه