لست إلاّ عبارة ذات وجه ... لوجوه دلّت عليها العباره
لافتة على طريق العيد العاشر
أيها الآتي بلا وجه إلينا ... لمتعد منا ولا ضيفا لدينا
غير أنّا … يا لتزييف الهوى ... نلتقي اليوم برغمي رغبتينا
سّرانا غير من كنّا كما ... سوف تبدو غير من كنا رأينا
أسفا ضيعتنا … أو ضعت من ... قبضتنا يوم ضيعنا يدينا
***
قبل عشر كنت منّا ولنا ... يا ترى كيف تلاقينا .. وأينا ؟
أنت لا تدري ولا ندري متى ... فرّقتنا الريح .. أو أين التقينا ؟
وإلى أين مضى السير بنا ... دون أن ندري .. ومن أين انثنينا
***
يوم جئنا الملتقى لم ندر من ... أين جئنا وإلى أين أتينا ؟
ربما جئنا إليه مثلما ... يطفر الإعصار أو سرنا الهوينا
ربما جئنا بلا وجهين أو ... ضاع وجهانا ومرأى وجهتينا
***
عبثا نسأل أطلال النى ... بعد يؤس المنتهى كيف ابتدينا ؟
كيف ذقنا وجع الميلاد كم ... ضحك المهد لنا أو كم بكينا
كيف ناغينا الصبا .. ماذا انتوى ؟ ... منهدنا المشؤوم .. أو ماذا انتوينا ؟
***
لا نعي كيف ابتدينا … أو متى ... كل ما نذكره أنّا انتهينا ؟
أنّى مهما نرتدي أسماءنا ... من أعادينا ومحسوب علينا
غير أنّا كل عام نلتقي ... عادة والزيف يخزي موقفينا
الفاتح الأعزل
ساه … في مقعده المهمل ... كسؤال ينسى أن يسأل
كحريق يبحث عن نار ... فيه عن وقدته يذهل
كجنين في نهدي أم ... لهفى تتمنى أن تحبل
***
يطفو ويقرّ كعصفور ... توّاق في قفص مقفل
يستسقي كالحلم الظامي ... ويحدّق كالطيف الأحول
فيشمّ خطى الفجر الآتي ... في منتصف اللّيل الأليل
ويصوغ الصمت ضحى غزل ... وأصيلا ورديا أكحل
ويضيع جمالا مبذولا ... في الكشف عن العدم الأجمل
يشدو للزاوية الكسلى ... ويصيخ إلى الركن الأكسل
ويفتش عن فمه الثاني ... ويحنّ إلى فمه الأوّل
***
والأربعة الجدران إلى ... عينيه تصغي … تتأمل
ترنو كفتاة تستجدي ... غزلا … وإذا ابتسمت تخجل
***
يغلي ويمور كما يعدو ... في كفّ العاصفة المشعل
مرمّي كالقبر المنسي ... وإلى كلّ الدّنيا يرحل
يغزو الأقمار ولا يعيى ... ويخوض البحر ولا يبتل
***
في كل راوية فنّان ... من قصته الفصل الأطوّل
في كل تثبي أغنية ... أنّى لهواه تتجمل
في كل كتاب عن بطل ... أخبار عنه لم تنقل
***
يحيا في التاريخ الفاني ... في الكثبان العطشى يخضل
يقتاد الحيل (كعنترة) ... يجترّ الزق مع (الأخطل)
ويناضل (قيصر) في (روما) ... (كسبرتاكوس) ولا يفشل
يطوي (الاسكندر) في يده ... ويجول على كتفي (أخيل)
ويرد اليوم إلى الماضي ... ويعيد الماضي مستقبل
ويلمّ الأزمنة الشتى ... لحظات تعرف ما تجهل
تنشهّى (( تنوي)) تتحدّى ... تستأني((تعدو)) تتخيّل
فيعفّر (ابرهة) .. يذكي ... عيني (سينا) بدم المحتل
يهمي فوق (الجولان) لظى ... يرمي (بالشمر) عن المنهل
يمحو (سابجون) بإصبعه ... ويمزّق (خيبر) بالمنجل
يلقي عن صهوته (كسرى) ... ويقاتل في (حيفا) أعزل
يدميه القصف ولا يدمى ... يرديه القتل ولا يقتل
يهفو من حلق الموت إلى ... اعتاب الميلاد الأحفل
***
يجتثّ الكون ليبدأه ... أسخى ويشكله أفضل
ويصوغ العالم ثانية ... أو يأمره أن يتحوّل
***
مرمي يرحل من بعد ... كالهول إلى البعد الأهول
في كلّ متاه يستهدي ... في كلّ حريق يتغسّل
يغزو المجهول بلا وعي ... ويعي لا يدري ما يفعل
فيعود يشكل ما ألغى ... أو يمضي يمحو ما شكّل
كانوا رجالا
من نحن .. يا ((صرواح)) يا ((ميتم))؟ ... موتى … ولكن ندّعي … نزعم
ننجرّ … لا نمضي … ولا ننثني ... لا نحن أيقاظ … ولا نوّم
نغفو بلا نوم ونصحو بلا ... صحو … فلا نرنو ولا نحلم
كم تضحك الدّنيا وتبكي أسى ... ونحن لا نبكي ولا نبسم
فلم يعد يضحكنا مضحك ... ولم تعد آلامنا تؤلم
أضاعت الأفراح ألوانها ... وفي عروق الحزن جفّ الدم
ماذا ..؟ ألفنا طعم أوجاعنا ... أوّ لم نعد نشتمّ … أو نطعم
***
أزقة البترول تمتصنا ... تبصقنا للريح … أو تهضم
والسيّد المحكوم في داره ... في دارنا المستحكم الأعظم
***
بلادنا كانت ، وأبطالنا ... كانوا رجالا قبل أن يحكموا
يقال : كانوا فهماء الحمى ... واليوم لا ينوون أن يفهموا
ثاروا صباح القصف لكنهم ... يوم انتصار الثورة استسلموا
وبعد عام غيروا لونهم ... وبعد أيّام نسوا من هموا
يا موطني … من ذا تنادي هنا ؟ ... أسكت … لماذا ..؟ أنت لا تعلم
إنّ طويل العمر لا يرتضي ... حيا ينادي … أو صدى يلهم
ترون أن أنسى يمانيّني ... كي يطمئن الفاتح الأغشم
***
الصمت أنجى … حسن .. ! إنما ... في نار صمتي (يمن ) مرغم
هذي بلادي ، وهنا إخوتي ... أسكت … تأدّب … طافر مجرم
لكن لماذا ..؟ ان أهلي بنوا ... هنا ديارا ، وهنا خيّموا
في كلّ شبر تنجلي ضحوة ... من خطوهم … أو يزدهي موسم
هذي الحصى من بعض أشلائهم ... من لحمهم هذي الربى الجثّم
هذا الضحى من وهج أبصارهم ... ومن رواهم هذه الأنجم
ما زلت أدري أن ذا موطني ... … لم لا أناديه وعندي فم ؟
بعد الحنين
هل تغفرين لو أنّي ... أبدي الذي حاولت أخفي ؟
سأقول شيئا تافها ... يكفي الذي قد كان يكفي
ما عاد يسبقني الحنين إليك ... أوّ ينجرّ خلفي
ما كان جبارا هواك ... وإنما قوّاه ضعفى
واليوم لا أبكي نواك ... ولا إقترابي منك يشفي
ساعة نقاش مع طالبة
ـ أهلا !.. أتريدين العنوان؟ ... مهلا أرجوك … لماذا الآن ؟
لا أدري الساعة … أين أنا ... أوّ ما اسمي … أو من أي مكان؟
في صدري تبكي أطيار ... عطشى … في جمجمتي شيطان ..
***
((شيطان أنّى أو ذكر ..؟ ... شيطان (الأعشى) أو (حسان) ؟ ))
ـ خفق ناريّ يعزفني ... وصدى كأزاهير الرّمان
***
(هذي أعراض الشّعر كما ... جرّبت ولادات الوجدان)
(تغلي كربيع مخبوء ... يشتاق إلى لقيا البستان)
***
(الطّقس رديء ثلجي ... أحيانا … جمريّ أحيان)
(أخبار اليوم نفوا ، هجموا ... كسروا إحدى كتفي لبنان)
***
((ألديك جديد تنشدنا ؟)) ... ما زال جنينا … بل غثيان
((غدا المولود سنرقيه )) ... ـ تدرين مواعيد الفنان
***
((ما مطلعها ؟.. أقفا نأسى ... من ذكرى سينا والجولان))
كلّ الوطن الغالي (سينا) ... وجميع مدائننا (عمان)
((موشى)) ما عاد هناك … هنا ... وهنا ألفا ((موشى ديّان))
من ذا يقتاد سفائننا ؟ ... يا ريح … الموج بلا شطآن
أتعيد الريح دم القتلى ... وتشبّ شرايين الميدان؟
***
أترين مقابرا يوما ... تهتاج … فتقذفنا شجعان
ننهمي أمطارا … أو تهوي ... أشلاء … أو نمضي فرسان
((مغول … ما دمنا نشوى ... أن ينضجنا الألم الحرّان))
((أسخى الثورات جنى ولدت ... في المنفى أو خلف القضبان))
((أنسيت القهوة )) ـ فلتبرد ... ((بردت جدا سئم الفنجان))
***
((قل لي اقرأت مقالاتي )) ... ـ في أنقى ساعات الإمعان
وقصائدك الحلوات اضحى ... وغروب صيفي الأجفان
ديوان يبدو … لا أحلى ... منه إلاّ أم الديوان
((شكرا يا … )) وارتبكت ورنا ... من عينيها خبث فتّان
وتراءت كامرأة أخرى ... تلهو في داخلها امرأتان
فتناست لهجتها الأولى ... وتناغت كالطفل الجذلان
وتناغت النبرات على ... شفتيها كالفجر النّعسان
***
((ما يدء قصيدتك الكبرى؟ )) ... وأضاءت ضحكتها الفتان
ـ ما زلت أفتش عن صوتي ... وفي … في معترك الألحان
وأسائل عن وجهي عنّي ... عن يومي في تيه الأزمان
عن حرف حر الوجه له ... نفس غضبى وفم غضبان
((الشعر اليوم كما تدري ... ألوان … ليس لها ألوان))
((كل الأنفاس بلا عبق ... كلّ الأوتار بلا عيدان))
((زمن الصاروخ قصائده ... عجلى كالصاروخ العجلان))
***
((ولن تشدو … والقصف هنا ... وهنا … والعصر بلا آذان))
((أيديه فولاذ … فمه ... طاحون … أرجله نيران ))
((يرنو من خلف التيه كما ... ترنو الحيطان إلى الحيطان))
((أقراص النّوم تبيع له ... أهدابا … وهدوءا يقظان ))
***
ما أضيعنا يا شاعرتي ... في عصر الوزن بلا ميزان
في ظل الغزو بلا غزو ... في عهد البيع بلا أثمان
أموازنة القوّات سوى ... تجميل مناقير العدوان
***
((فلتسلم فلسفة الأيدي ... ولتسقط فلسفة الأذهان))
((كلّ الأوراق بما حملت ... تشتاق إلى ألفي طوفان))
****
ـ ما أتعبنا … يا أخت ، وما ... أقوى وأمرّ عدى الإنسان
((إدري إنّا لم نتغير ... مهما ((عصروا لون الطغيان))
((أترى القرصان وإن لبسوا ... أطرى الأشكال … سوى القرصان
((تدري … ما زلت لمولاتي ... نعلا … وأنا نعل السلطان))
((قل : لم نترك وثنا لكن … ... … في ؟أنفسنا أصلّ الأوثان))
((ما أضعفنا شيء إلا ... ما فينا من طين الإذعان))
***
((فلأذهب … عفوا طوّلنا )) ... ـ لم تذهب لقيانا … مجّال
((حسنا عنوانك )) … وابتسمت ... عيناها … كعشايا (نيسان)
ـ(صنعا) يا سلوى عنواني ... بيبي : في مزدحم الأحزان
عملي : عزّاف مبتده ... يبكي أو يشدو للجدران
صندوق بريدي … معروف ... برميل الحرق … أو النسيان
***
وهدأت برغمي وانصرفت ... ولبسنا الصمت على الأشجان
السفر إلى الأيام الخضر
إهداء
لها..
لتلك التي تفى وأخلق وجهها ... وأرفع نهديها وأبدع فاها
أذوب وأقسو كي أذوب لعلّي ... أوجج من تحت الثلوج صباها
وأنسج للحرف الذي يستفزّها ... دمي أعينا جمريّة وشفاها
أذكر مرآسها ؛ عرق مأرب ... وأنّ لها فوق الجيوب جباها
وأنّ اسمها بنت الملوك وأنّها ... تبيع بأسواق الرفيق أباها
وأنّ لها طيش الفتاة وأنها ... عجوز … لعنّين تبيع هواها
***
أغني لمن ؟ . للحلوة المرّة التي ... أبرعم من حزن الرماد شذاها
لصنعا التي تردي جميع ملوكها ... وتهوى وتستجدي ملوك سواها
لصنعا التي تأتي وتغرب فجأة ... لتأتي ويجتاز الغروب ضحاها
طقوس الحرف
هنا ، أرقّم الصدى ... وأنحي كالحربشه
وكالصلاة أرتقي ... وأرتمي كالدرويشه
أهمي ندّى وأرتخي ... كالتربة المرشّشه
***
سحابة تزرعني ... تفاحة ومشمشه
نعشا تجره الحصى ... إلى الوعود المنعشه
***
مقبرة تلبسني ... عباءة مزركشه
عمامة زيدية ... ولحية منتقشه
***
عيشة تمدّني ... للريح بيدا موحشه
جنازة هنديّة ... حمامة معشّشه
***
عصفورة تحملني ... صفيحة منقّشه
جزيرة … شواطئا ... سفينة مرقشه
***
حفيبة تطبخي ... قضية مشوّشه
أمسية كهفيّة ... صبيحة مغبّشه
بيتا ، كتابا ، شارعا ... مقهى ، حكايا مدهشه
***
ألوهة تعزفني ... وعدا غريب الوشوشه
دقائقا وردية ... مواقفا مرتعشه
لص تحت الأمطار
اللّيل خريفي أرعن ... يهمي .. يدويّ .. يرمي .. يطعن
يستلّ حرابا ملهيّة ... يستلقي كالجبل المثخن
يأتي ويعود كطاحون ... أحجارا وزجاجا يطحن
يعدّو كالأدغال الغضبى ... يسترخي يفغر كالمدفن
يعرّى … يتزيّا … يتيدىّ ... أشكالا … يبسم … يتغضّن
في كلّ جدار يلتوّى ... وبكلّ ممرّ … يتأسّن
وبلا أسماه يتسمّى ... وبلا ألوان … يتلوّن
ويشم بأذنيه ، يرنو ... قلقا كرقيب يتكهن
***
من أين أمرّ ؟ هنا وكر ... ملعون … رادته ألعن
وخصوصيات … واقفة ... تهذي كالمذياع الألكن
وتنقل براميلا تسطو ... تحت الأضواء ولا تسجن
أخشابا جدّ مبروزة ... بأسامي ناس تتزين
***
وهنا شبّاك يلحظني ... شبح في وجهي يتمعن
شيء … سهتزّ كعوسجة ... وعلى قدميه … يتوثن
باب يستجلي … زاوية ... تصغي … منعطف كالمكن
قنديل يسهو كالغافي ... ويعي كغبي يتفطّن
كبريء عاص يلتقّى ... إعداما عن حكم معلن
***
ما هذا ؟ جمع مصطخب ... يعوي أو يشدو … يتفنّن
حفر ترتجّ روادفها ... حزم من قشّ تتلحّن
طرب في ذا القصر العالي ... أو عرس في هذا المسكن
***
ولماذا أحمد من يبدو ... فرحا من عيشته ممتن؟
لا … لست لئيما يؤسفني ... أن يهنا غيري في مأمن
لكنّ مسرّات الهاني ... توحي للعاني أن يحزن
***
حسنا ، كفّ المطر الهامي ... وبدأت كدربي أتعفّن
وأخذت كأمسيّي أهمسي ... أترمّد … أدمى … أتعجّن
***
أيسارا يا ((صنعا)) أمضي ... أم أنتهج الدرب الأيمن ؟
هل هذا الأحسن أم هذا ؟ ... يبدو لا شيء هنا أحسن
***
فلتقدم يا (( فرحان)) بلا ... خوف .. ما جدوى أن تأمن
أقدمت … أظنّ بلا ظن ... وبدون يقين أتيقّن
ومضيت مضيت .. وصلت إلى ... حي … كدخيل يتيمّن
فهنا إقطاعيّ دسم ... فهنا إقطاعيّ أسمن
هذا ما أعىّ حارسه ... بل هذا حارسه أخشن
***
وهناك عجوزا وارثه ... تعطي … لو عندي ما أرهن
هل أغشى منزلها ؟ . أفشى ... فلعلّ فوائده أضمن
لا ، لا … فيه جبن امرأة ... وأنا لو أخنقها أجبن
***
البنك حراسته أقوى ... ويقال ودائعه أثمن
لو كان الأمر حراسته ... لحسبت صعوبته أمكن
البنك مغالقه أخرى ... تحتاج لصوصا من ((لندن))
كلّ الأموال مسلّحة ... بفنون الإرهاب المتقّن
***
فلأرجع ، حسنا … لا أدري ... أرجوعي … أم تيهي أغبن ؟
سيهلّ غد … وله طرق ... أتقى … زمتاعبه أهون
وبدأت أحسّ بزوغ فتى ... غيري ، من مزقي يتكوّن
يداها
مثلما يبتدىء البيت المقفّى ... رحلة غيميّة تبدو وتخفى
مثلما يلمس منقار السنى ... سحرا أرعش عينيه وأغفى
هكذا أحسّو يديك إصبعا ... إصبعا أطمع لو جاوزن ألفا
مثل عنقودين أعيّا المجنى ... أيّ حبّاتها أحلى وأصفى
هذه أملى ، وأطرى أختها ... تلك أشهى ، هذه للقلب أشفى
هذه أخصب نضجا إني ... ضعت بين العشر لا أملك وصفا
***
حلوة تغري بأحلى ، كما ... هتفت : كلي وصدت وهي لهفى
تلك أصبى ، تلك أنقى إنما ... لم أفكر أن في البستان أجفى
***
أنت من أين ؟ ـ كتبظي وتر ... ودنت شيئا ـ أنا من كلّ منفى
صمتت بعد سؤال قرأت ... من صداه … قصّتي حرفا فحرفا
أغنية من خشب
لماذا العدوّ القصي اقرب ؟ ... لأن القريب الحبيب اغترب
لأن الفراغ اشتهى الامتلاء ... بشيء فجاء سوى المرتقب
لأنّ الملقّن واللاعبين ... ونظّارة العرض هم من كتب
***
لماذا استشاط زحام الرماد ؟ ... تذكر أعراقه فاضطرب
لأن ((أبا لهب)) لم يمت ... وكلّ الذي مات ضوء اللهب
فقام الدخان مكان الضياء ... له ألف رأس وألفا ذنب
***
لأنّ الرياح اشترت أوجهها ... رجالية والغبار انتخب
أضاعت ((أزل)) بنيها غدت ... لكلّ دعي كأم وأب
وأقعت ، لها قلب فاشيّة ... ووجه عليه سمات العرب
***
فهل تلك صنع ؟ يفرّ اسمها ... أمام التحرّي ، ويعوي النّسب
وراء الستار الظفاري عيون ... صليبية ، وفم مكتسب
عجوز تئنّ بعصر الجليد ... وتلبس آخر ما يجتلب
لماذا الذي كان ما زال يأتي ؟ ... لأنّ الذي سوف يأتي ذهب
لأنّ الوجوه استحالت ظهورا ... تفتّش عن لونها المغتصب
لأنّ المغني أحبّ كثيرا ... كثيرا ، ولم يدر ماذا أحب
***
لماذا تمنّى الظروف الحنين ... فتغري وتعرض غير الطلب
***
تغلّ العواسج في كلّ آن ... وفي كلّ عام يغلّ العنب
لماذا ، لماذا ركام يمرّ ... ركام يلي دون أدنى سبب ؟!
ويستنفر الغضب الحمحمات ... قليلا ، ويعتاد يعيى الغضب
ويحصى الطريق … جدار مشى ... جدار سيمشي ، جدار هرب
ولا شيء غير جدار يقوم ... بوجهي … وثان يعدّ الركب
وتحكي ـ أعاجيب من أدبروا ... وجاؤوا ـ شبابيك (بئر العزب)
ولم يمض شيء يسمّى غريبا ... ولم يأت شيء يسمّى عجب
لأن الصباح دجى ، والدّجى ... ضحى ، ليس يدري لماذا غرب
فلا الصدق يبدو كصدق ولا ... أجاد أكاذيبه من كذب
***
لماذا ؟! ويمحو السؤال ... وينسى الجواب اسمه واللّقب
ويضي المغنّى يديه وفاه ... وشيء يجلمد حسّ الطرب
فتمضي القوارب مقلوبة ... وتأتي وينسى المحيط الصخب
ويصحو الغرام يرى أنّه ... على ظهر أغنية من خشب
الغزو من الداخل
فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري ... وهل تدرين يا صنعاء من المستعمر السري
غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري ... فقد يأتون تبغا في سجائر لونها يغري
وفي صدقات وحشي يؤنسن وجهه الصخري ... وفي أهداب أنثى في مناديل الهوى القهري
وفي سروال أستاذ وتحت عمامة المقري ... وفي أقراص منع الحمل وفي أنبوبة الحبر
وفي حرية الغثيان وفي عبثية العمر ... وفي عَود احتلال الأمس في تشكيله العصر
وفي قنينة الوسكي وفي قارورة العطر ... ويستخفون في جلدي وينسلون من شعري
وفوق وجوههم وجهي ونحت خيولهم ظهري ... غزاة اليوم كالطاعون يخفى وهو يستشري
يحجر مولد الآتي يوشي الحاضر المزري ... فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري
يمانيون في المنفى ومنفيون في اليمن ... جنوبيون في ( صنعاء )شماليون في ( عدن )
وكالأعمام والأخوال في الإصرار والوهن ... خطى أكتوبر انقلبت حزيرانية الكفن
ترقى العار من بيع إلى بيع بلا كفن ... ومن مستعمر غاز إلى مستعمر وطني
لماذا نحن يا مربي ويا منفى بلا سكن ... بلا حلم بلا ذكرى بلا سلوى بلا حزن ؟
يمانيون يا( أروى )ويا ( سيف بن ذي يزن ) ... ولكنا برغمكما بلا يُمن بلا يمن
بلا ماض بلا آت بلا سر بلا علن ... أيا ( صنعاء ) متى تأتين ؟من تابوتك العفن
أتسألني أتدري ؟ فات قبل مجيئه زمني ... متى آتي ألا تدري إلى أين انثنت سفني
لقد عادت من الآتي إلى تاريخها الوثني ... فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري
شعاري اليوم يا مولاي نحن نبات إخصابك ... لأن غناك أركعنا على أقدام أحبابك
فألًهناك قلن : الشمس من أقباس أحسابك ... فنم يا ( بابك الخرمي )على ( بلقيس ) يا ( بابك )
ذوائبها سرير هواك وبعض ذيول أربابك ... وبسم الله جل الله نحسو كأس أنخابك
أمير النفط نحن يداك نحن أحد أنيابك ... ونحن القادة العطشى إلى فضلات أكوابك
ومسئولون في ( صنعاء )وفراشون في بابك ... ومن دمنا على دمنا تموقع جيش إرهابك
لقد جئنا نجر الشعب في أعتاب أعتابك ... ونأتي كل ما تهوى نمسح نعل حجابك
ونستجديك ألقابا نتوجها بألقابك ... فمرنا كيفما شاءت نوايا ليل سردابك
نعم يا سيد الأذناب إنا خير أذنابك ... فظيع جهل ما يجري وأفظع من أن تدري
من بلادي عليها
قلّ لها … قبل أن تعضّ يديها ... هل غرام الذئاب يحلو لديها ؟
وهي ليست شاة … ولكن لماذا ... تتوالى هذي الهدايا إليها ؟
مقلتاها أظما من الرمل … ماذا ... يرشف المرتوون من مقلتيها
***
عشق هذا الزمان يخلع وجها ... ويغطي وجها … ويبدي وجيها
انهم عاشقون … فليخدعوها ... انّ يلاقوا أعزّ من جانبيها
تحتسي منهم الجنيهات لكن ... لا ترى عشقهم يساوي الجنيها
تمتطي كفّها الهدايا … ولكنّ ... كلّ مهد لا يمتطي منكبيها
فهي أشقى من عاشقيها وأقوى ... غير أنّي أخاف منها عليها
أحزان .. وإصرار
شوطنا فوق احتمال الاحتمال ... فوق صبر الصبر … لكن لا اتخذال
نغتلي … نبكي … على من سقطوا ... إنما نمضي لإتمام المجال
دمنا يهمي على أوتارنا ... ونغنّي للأماني بانفعال
مرة أحزاننا … لكنها ... ـ يا عذاب الصبر ـ أحزان الرجال
نبلّع الأحجار … ندمى إنما ... نعزف الأشواق … تشدو للجمال
ندفن الأحباب … نأسى إنما ... نتحدى … نحتذي وجه المحال
***
مذّ بدأنا الشوط .. جوهرنا الحصى ... بالدم الغالي وفردسّنا الرمال
وإلى أين … ؟ غرفنا المبتدى ... والمسافات ـ كما ندري ـ طوال
وكنيسان انطلقنا في الذّرى ... نسفح الطيب يمينا وشمال
نبتي لليمين النشود من ... سهدنا جسرا وندعوه : تعال
***
وانزرعنا تحت أمطار الفناء ... شجرا ملء المدى … أعيّا الزوال
شجرا يحضن أعماق الثرى ... ويعير الريح أطراف الظّلال
واتّقدنا في حشى الأرض هوى ... وتحوّلنا حقولا … وتلال
مشمشا .. بنا .. ورودا .. وندى ... وربيعا … ومصيفا وغلال
نحن هذي الأرض .. فيها نلتظي ... وهيّ فينا عنفوان واقتتال
من روابي لحمنا هذي الربى ... من ربى أعظمنا هذي الجبال
***
ليس ذا بدء التلاقي بالردى ... قد عشقناه وأضنانا وصال
وانتقى من دمنا عمتّه ... واتخذنا وجهه الناري نعال
نعرف الموت الذي يعرفنا ... مسنّا قتلا … ودسناه قتال
وتقحمنا الدّواهي صورا ... أكلت منّا … أكلناها نضال
موت بعض الشّعب يحيي كلّه ... إنّ بعض النقص روح الاكتمال
***
ها هنا بعض النّجوم انطفأت ... كي تزيد الأنجم الأخرى اشتعال
تفقد الأشجار من أغصانها ... ثمّ تزداد اخضرارا واخضلال
***
إنما … يا موت .. هل تدري متى ... ترتخي فوق سرير من ملال ؟