عفوا ، يا عم ، أنا أم ... أولاد ، الغير كأولادي
سفاح العمران
يا قاتل العمران .. أخجلت ... المعاول .. والمكينة
ألأنّ فمك النفوذ ... وفي يديك دم الخزينة ؟
جرّحت مجتمع الأسى ... وخنقت في فمه .. أنينه
وأحلت مزدحم الحياة ... خرائبا ، ثكلى ، طعينه
ومضيت من هدم الى ... هدم ، كعاصفة هجينه
وتنهّد الأنقاض في ... كفيك ، أوراق ثمينه
وبشاعّة التّجميل في ... شفتيك ، كأس أو دخينه
سل ألف بيت عطّلت ... كفّاك مهنتها الضّنينه
كانت لأهليها متاجر ... مثلهم ، صغرى ، أمينه
كانوا أحقّ بها ، كما ... كانت يمثلهم ، قمينه
فطحنتها .. ونقيتهم ... من الضّحايا المستكينه ؟
أخرجتهم كاللاجئين ... بلا معين ، أو معينه
وكنستهم تحت النّهار ... كطينة ، تجترّ طينه
فمشوا بلا هدف ، بلا ... زاد ، سوى الذكرى المهينه
يستصرخون الله والإنسان ... والشمس الحزينه
وعيون أم النور خجلى ... والضحى يدمي جبينه
والريح تنسج من عصير ... الوحل قصتك المشينه
من أنت ؟ : شيء ، عن بني الانسان مقطوع القرينه !
ذئب على الحمل الهزيل ... تروعك الشّاة السّمينه
عيناك ، مذبحة مصوّبة ، ... ومقبرة كمينه
ويداك ، زوبعتان ، تنبح في لهاثهما الضغينه
يا وار لما عن ((فأر مأرب)) خطّة الهدم اللّعينه
حتى المساجد ، رعت فيها الطّهر ، أقلقت السّكينه
يا سارق اللّقمات من ... أفواه أطفال المدينه
يا ناهب الغفوات ، من ... أجفان ((صنعاء)) السّجينه
من ذا يكفّ يديك ، عن عصر الجراحات الثخينه
من ذا يلبّي ، لو دعت هذي المناحات الدّفينه
من ذا يلقّن طفرة الإعصار ، أخلاقا رزينه
نأت الشواطىء ، يا رياح ... فأين من ينجي السّفينه ؟!
ذات يوم
أفقنا على فجر يوم صبي ... فيا ضحوات المنى إطربي
***
أتدرين ، يا شمس ماذا جرى ؟ ... سلبنا الدجى فجرنا المختبي !
وكان النعاس على مقلتيك ... يوسوس ، كالطائر الأزغب
أتدرين ، ؟أنا سبقنا الربيع ... نبشّر بالموسم الطيب ؟
وماذا ؟ : سؤال على حاجيك ... تزنبق في همسك المذهب !
وسرنا حشودا تطير الدروب ... بأفواج ميلادنا الأنجب
وشعبا يدوّي ك هي المعجزات ... مهودي ، وسيف ((المثنّى)) أبي
غربت زمانا غروب النهار ... وعدت ، يقود الضحى موكبي
***
أضأنا المدى ، قبل أن تستشف ... رؤى الفجر ، أخيلة الكوكب
فولّى زمان ، كعرض البغي ... وأشرق عهد ، كقلب النبّي
طلعنا ندلّي الضحى ذات يوم ... ونهتف : يا شمس لا تغربي
سيرة للأيام
ربمّا لا تطيق مثلي قرار ... فلنسافر .. تساؤلا وادّكارا
يا صديقي الحنين .. من أين تدري ؟ ... كيف عاد الضحى ؟ وأين توارى؟
أتراه نهار أمس .. المولّي ... عاد أشهى صبا ، واسخى انهمارا
هل رماد الضحى ، يحول رداء ... للعشايا ، لكي يعود نهارا
العشايا صبح كفيف يدلّي ... شوقه من رماد عينيه نارا
يسحب الظل ، والطيوف الحزانى ... ويعاني شوق الطيور الأسارى
ثم يأتي .. كما مضى .. في ذهول ... شفقي ، يدمى ، ويندى افترار
يا صديقي .. وهل يعي كيف أغفى ... جمر أجفانه وكيف أنارا
وهل الشمس طفلة ، أو عجوز ... تستعير الصبا ، وتغوي المدارا
أتراها عصرية ، أم تراها ... متحفا دايرا ، يوشّي الجدارا
ما الذي تدّعى ؟ لها كلّ يوم ... مولد ، كيف ((يا فقيه بخارا)) ؟
أو ما أزوجت (وروما) جنين ... و(أبو الهول) في حنايا الصحارى
أو ما أدفأت (ثبيرا) ولّما ... بلد الغيب (يعربا) أو (نزارا) ؟
فليكن .. إنما الاصالات أبقى ... جدّة ، والنّضار يبقى نضارا
يا صديقي .. فكيف يدعون هذا ... مستعادا ، وذاك يدعى ابتكارا
ربّما لم يجدّ شيء ، ولكن ... نحن نرنو ، بناظرات السكارى !
والرّبيع ، الذي نرى اليوم ، هل كان الربيع ، الذي رأينا مرارا ؟
وسنلقاه ، بعد (كانون) أملى ... بالرؤى من عيون أحلى العذارى
والمصيف الذي نراه كبارا ... كان ذاك الذي شهدنا صغارا
ولماذا صمتّ ، ترنو يمينا ... في شرود ، وتستدير يسارا
كيف نغضي ، وللسؤالات ركض ... تحت أهدابنا ، يخوض الغمارا ؟
هل تحسّ الحقول ما سر (نيسان) ؟ ... ومن أين عاد يهمي اخضرارا؟
كيف أصغت إليه ؟ هل ضج يا أشواك ... موتي … وبارك (الجلنّارا)
أيّ فصل من الفصول التوالي ... أسكت (اليوم) واستعاد (الهزارا) ؟
أين يمضي الزمان ((هل سوف يطوي ... سفره ، أو يعي ، فيشكو العثارا ؟
ربمّا … إنما … لماذا ننادي ؟ ... ويضيع الصّدى ، فنرجو القفارا
أتظن الرياح ، تدري إلى أين ؟ ... ومن أين ، تستهل المسارا ؟
أتراها ، تعطي الرّبى جانحيها ... ذات يوم ، وتستعير الوقارا ؟
***
يا صديقي … أنا وأنت إشتهاء ... نحتسي الملح ، أو نلوك الشفارا
طال فينا جوع السؤال ، فأطعمناه (كانون) واعتصرنا الغبارا
واجتدانا ولائما عاجلات ... فطحنا على النجوم الحيارى
كل ما عندنا نداء بلا ردّ ... سؤال ، يتلو سؤالا ، مثارا
من دعانا ؟ ومن ننادي ؟ أصخنا ... وانتظرنا ، حتى حرقنا انتظارا ؟
فلننم .. والنعاس يروي حكايانا ، ويرخي قبل الشروع الستارا
عند مجهولة
هذه الأمسية الكسلى الغربية ... مرح خاب ولذّات كثيبه
السقوف الخرس أبد لا ترى ... ووراء الباب أنفاس مريبه
والزوايا أذرع مجهولة ... والكوى عينا رقيب أو رقيبه
ربما أخطأت لكن قلق ... يعتريني واحتمالات قريبه
اللقاء الحلو مرّ ها هنا ... وتناجى الحب دقّات رتيبه
هذه الساعات أنس خائف ... ومنىّ خمرية جذلى رهيبه
أين طعم الخمر والحب هنا ... ولدي الكأس ملأى والحبيبه
***
يا حنان الحلوة الفنجا إلى ... اين تمضي بي لياليك العجيبه
ها هنا يا شهرزاد انطفأت ... نار جدبي وابتدت نار خصيبه
***
انما من انت قولي اما ... خلف برق الأنس امطار المصيبه
بالهوى من أنت يا مجهولة ... دون أن ادعوها كانت مجيبه
فلتكوني من تريدين لقد ... كنت مصدورا فأصبحت الطبيبه
ضائع في المدينة
سوف أبكي ولن يغير دمعي ... أي شيء من وضع غيري ووضعي
هل هنا أو هناك غير جذوع ... غير طين يضجّ ، يعدو وبقعي
لو عبرت الطريق عربان أبكي ... وأنادي ، من ذا يعي ، او يرعّي ؟
يا فتى ! يا رجال ! يا يا ، وانسى ... في دويّ الفراغ صوتي وسمعي
ربما قال كاهن ، ما دهاني ؟ ... ومضى يستفيذ من شر صنعي
ربما استفسرت عجوز صبيا ... ما شجاني ، وأين أمي وربعي
أو رمى عابر إلّي التفاتا ... واختفى في لحاق بجمع
***
انما لو لمست جيب غني ... في قوي قبضتيه قوتي ، ومنعي
لتلاقى الزحام حولي يدويّ ... مجرم ، واحتفى بركلي وصفعي
ولصاح القضاه ما اسمي وعمري ؟ ... من ورائي ؟ ما أصل أصلي وفرعي ؟
ما الذي يا فلان يا بن فلان ؟ ... ولهو ساعة يخفضي ورفعي
وهذا المدّعي بقتلي لأني ... خنت ، حاولت مكسبأ غير شرعي
وزرعت اللصوص في كل درب ... وعلّي ابتلاع أشواك زرعي
فيقص القضاه أخطار أمسي ... وغدي وانحراف وجهي وطبعي
عندهم من سوابقي نصف سفر ... وفصول أشدّ ، عن خبث نبعي
وسأدعى تقدميا خطيرا ... أو أسمى تآمريا ، ورجعي
وهنا سوف يحكمون بسجني ... الف شهر ، أو يستجيدون قطعي
وسأبكي ولن يغير دمعي ... أي شيء من وضع غيري ووضعي
بين أختين
أيقول الي ربما ... ملخته من دعوى الشهامه
لو يجتديها هل تجود ... ولو أبت يا للنّدامه
كانت مطلقّة ... فهل تأبى الذلول المستهامه
لكن لماذا يشتهيها كم يلح بلا سآمه
أو ما تلوح كأختها ... أو أنها أجلى قسامه
وأبضّ افنانا وأعرض مئزرا وامدّ قامه
في عنقوان السبع العشرين أمرح من غلامه
لو لم تكن أخت التي ... في داره لرمى احتشامه
ايطيق لو سخرت به ... حمل القطيعة والملامه
او لو حكته لأختها ... لاستعجلت يوم القيامه
لكن رفيف ثمارها ... يدعوه ينتظر اقتحامه
***
اترده لن تستحيل ... ليؤة هذي الحمامه
أو لم تعده دلائل ... منها ملونة الوسامه
***
ضحكت له يوم الخميس ... وضحكة الأنثى علامه
واحسها لمحت هواه ... يعين زرقاء اليمامه
أيام وعكة اختها ... جاءت وطولت الإقامه
وبدت أرق من الندى ... وتكلفت كذب الصرامه
وغداة زار شقيقها ... كانت ارق من المدامه
حيته حين أتى وقالت ... حين عاد مع السلامه
سلم على تقوى وزادت ... دفء نبرتها رخامه
فنوى تصيدها غدا ... او بعد ولتقم القيامه
واختار حلّته ونمّق ... فوق جبهته العمامه
وأتى يغني ((يا عروس الروض )) أو يا ريم رامه
أو يشرئب كظامىء ... بيديه يعتصر الغمامه
حتى دنى من دارها ... حيّته آيات الفخامه
من هنا ؟ خرجوا أتدري ... عاد خالي من تهامه
كيف العيال ؟ وأين أختي ؟ عند عمتها كرامه
ودعته ضحكتها فهم ... وعاده خور ((النعامه))
ودنت كأجنى كرمة ... تلهو بنهديها أمامه
واراد فاستحيا على ... شفتيه مشروع ابتسامه
سوف تذكرين
ذات يوم ستذكرين ارتجافي ... بين كفسك وانهيال اعترافي
وسؤالي من ذا هنا وارتياعي ... من سؤالي وخشيتي ان تخافي
واقترابي حتى شمعت وعودي ... بأسى جبئتي وهزء انصرافي
وورائي ذكرى تعض يديها ... وامامي طيف كوحش خرافي
من رآني من أين جئت وأمضى ... كالصدا كاغتراب ريح الفيافي
أي جذلى رجعت عنها ومنها ... واليها جنازتي وزفافي
والذي كان منزلي قبل حين ... جثته فاستحال منفى المنافي
***
انما سوف تذكرين وقوفي ... بين كفيك أجتدي أو أصافي
ذات يوم سترحمين احترافي ... بعدما ذبت واعتصرت جفافي
وتقولين كان عصفور حب ... ظامئا كيف عز عنه ارتشافي
كان يأتي والجوع يشوي يديه ... وعلى وجهه اصفرار القوافي
واختلاجاته تسلّي غروري ... وانكساراته تحت انعطافي
كان يقتاده عبيري فيدنو ... ثم يثنيه ضعفه عن قطافي
***
وتعودين تذكرين التماسي ... ورجوعي وكيف كنت أوافي
وتودين لو بذلت ولكن ... عند ان تجدبي وارضى عفافي
نحن أعداؤنا
لأنا رضعنا حليب الخنوع ... تقمصنا من صبانا الخضوع
فجعنا ليكتظ جلادنا ... ويطفى ، وننسى بأنا نجوع
وحين شعرنا بنهش الذئاب ... شددنا على الجرح نار الدموع
ورحنا نجيد سباب الدجى ... ولم ندر كيف نضيء الشموع
نفور وتطفئنا تفلة ... فتمتص إطفاءنا في خشوع
ولما سمعنا انفجار الشعوب ... أفقنا نرى الفجر قبل طلوع
ويوما ذكرنا بأنا أناس ... فثرنا ومتنا لتحيا الجموع
ولن لبسنا رداء الأباياه ... وفي دمنا المتظام الهلوع
فحين انتوينا شروع المسير ... حذرنا المغبات قبل الشروع
وقلنا أتى من وراء الحدود ... جراد غريب فأشقى الربوع
وليس عدانا وراء الحدود ... ولكن عدانا وراء الضلوع
فقد جلت الريح ذاك الجراد ... فكنا جرادا وكنا الزروع
***
ومن ذا اتى بعد ؟ غاز تصول ... يداه ويرنو بعيني ((يسوع))
عرفناك يا أروع الفاتحين ... إلى أين ؟ ليس هنا من تروع
انلقاك يا ((عنتر )) ابن السيوف ... يغير الواضي وأقوى الدروع
وكانت بروق الدم المفتدي ... وعودا تعي وغيوبا تضوع
هناك انتصرنا بذرنا الربيع ... ولكن جنينا شتاء القنوع
وقفنا نحوك لأبلى القبور ... وجوها ، نعصر طلاء الصدوع
وليس عدانا وراء الحدود ... ولكن عدانا وراء الضلوع
ترى كيف نمضي وهل خلفنا ؟ ... منوع وبين يدينا منوع
وأين وصلنا ؟ هنا لم تزل ... نبيع المحيا ونشري الهجوع
***
فهل خلفنا شاطىء يا رياح ! ... أقدامنا مرفأ يا قلوع؟
وصلنا هنا لا تطيق المضي ... أماما ولا تسنطيع الرجوع
فلم يبق فينا لماض هوى ... ولم يبق فينا لآت نزوع
حماقة وسلام
ماذا ترى ؟ وهنا يريد ، وطاقة تمتص طاقه
وإفاقة كالسكر .. أو سكرا أمر من الأفاقه
جيلا بوثق بين مصرعه ، ومحياه.. العلاقه
ويريق الآلاف الكؤوس ، اسىّ على الكأس المراقه
تشتد فيه قوى الفتى ، وتميع في دمه الرشاقه
***
جيل التحرر والهوى ، ... عبد التفاهة والأناقه
جيل التفتح والتمزق ، ... والحداثة والعتاقه
حيران يغمره الشروق ، ... ولا يرى أيّ ائتلاقه
ومرفّه ، للجوع في ذرات طينته … عراقه
غضبان يبلع بعضه بعضا ، ويفخر بالصّفاقه
وسينتهي .. وجد السلاح ، وليس تنفصه الحماقه
ليت الذي دفع السلاح اليع ، علّمه اللياقه
حتى يعي من يستفز ، ومن يلاقي في طلاقه
حتى يوالي عن هدىّ يقظ ، ويكره عن لياقه
من لا تعلمه المداوة ، ... فهو أجهل بالصداقه
ثكلى بلا زائر
بنات عيسى وابنه المغرب ... لبسن ألوان الربيع الصبيّ
رجعنا بعد ((النقش)) من بابنا ... يركض ، يضحكن ، بلا موجب
وموكبت ((بلقيس)) من صنفها ... عشرا ، وقادت رحلة الموكب
ورحن من سوق إلى شارع ... على شظايا أعين العزّب
يسخرن حينا من هوى ... وناره يبحثن عن معجب
يبدين أطراف الحلى عنّوة ... وغفلة يسفرن ، للأجني
و((أم نشوان)) احتلت فانثنت ... حسناء ، بين البكر والثيب
***
فكيف القى العيد يا والدي ؟ ... أقوى من النسيان ذكرى أبي
جاءت قبيل الأمس أمّي ((تقى)) ... في لهفة الأم ، وعنف الغبي
فاحمر من تقبيلها مدمعي ... وانهد من تربيتها ، منكي
وهدّ أتني أمس ، (( وهامه)) ... يا بنتي ارتاحي غدا واطربي
لا تحرمي طفليك ، عبديها ... لاقيمها فرّحى ، ولو ، جرّبي
نا أنت أولى مرأة فارقت ... أبا ، جرى هذا ، لبنت النبي
***
ولفنّي ليل كسول ، بلا ... قلب ، بلا حلم ، بلا كوكب
وأصبح العيد فماج الصبا ... من ملعب دار ، الى ملعب
وثرثر النذياع ملء المدى ... يا عيد ، يا عيد ، ولم يتعب
واستنطق ((الحيمي)) فنغرافه ... وصاح وابناه مع ((القعطي))
زمر وحشد ها هنا أو هنا ... مدافع كالأحمق المغضب
لا ، لن أطيق اليوم أمواجه ... من صخب عال الى أصخب
أغلقت باب البيت في وجهه ... فانسلّ من شباكه الأشيب
هربت من تلويح كفّيه ، من ... عينيه ، فانثال على سهربي
كيف يرى ((ثكلى بلا زائر )) ؟ ... وأين من أضوائه أختي
اليوم ((عبد الله )) يا والمدى فأين أنت اليوم ؟ تهتم بي
تجيئني قبل الضحى كي أرى ... أثمار حلمي في الستى المذهب
تلتد باسمي تستجيد ابنتي ... يتمتم ابني باسمك الأعذب
تقول (( كعكي)) لم تذق مثله ... ((كقهوتي)) في العمر لم تشرب
يعيدني تدليلك المشتهى ... صبية كالطائر الازغب
زوّار جاراتي أتوا وانلنوا ... وأنت لم تقبل ولم تذهب
فرحت أضني البحث فيمن مضى ... أو من أتى عن وجهك الطيب
لكل بنت والد أو أخ ... الا أنا ، يا ليت يدري أبي
حتى أبو ((سعدى)) أتى بعدما ... غاب ثلاثين ، ولم يكتب
وعاد من ((غانا)) أخو ((زهرة)) ... وعم ((أروى)) عاد من ((يثرب))
أبي ، أتدري من ينادي ؟ أنا ... تشتم ريح الدار كالغيّب
عمي الذي أوصيته لا تسل ... عن فرخة ، في ذمة الثعلب
لو شمّ كفّي لاحتس خاتمي ... لو مسّ رجلي ، لاحتوى جوربي
في آخر السبعين ، لكنه ... أصبى الى اللدغ من العقرب
ومتّ أنت العضّ ، وابن البلى ... كالبغل ، يا للموقف الاغرب
كيف نجا اللص ومات الذي ... يستغفر الله ولم يذنب
عفوا ، فلا تدري ، ولا علم لي ... كيف يعادي الموت أو يجتبي
حلوة الأمس
أي شوق إليك أي اندفاعه ... فلماذا جوعي قناعه
لم تكوني شهية الدفء لو لم ... ترتعش في دمي اليك المحاعه
كنت يا حلوتي أظن اشتهائي ... يعد ان تبذلي يزيد فظاعه
غير أني طين يثج وتطفي ... ناره تقله تسمّى اضطجاعه
***
قد تقولين سوف أنأى ويظمى ... ثم يأتي وتجتدي في ضراعه
ربما أشتهيك عاما وأتهي ... شوق عامين في مدى ربع ساعة
((حلوةالأمس)) ما نزالين أحلى ... إنما في تصوراتي الشناعه
ما اختتمنا تمثيل دور بدأنا ... منه فصلا لكن فقدنا البراعه
***
هل تخيفينني بإسعاد غيري ... صدقيني اذا ادعيت المناعه
فلتخصي بما لديك فلانا ... أو فلانا أو فلتكوني مشاعه
من رحلة الطاحونة الى الميلاد الثاني
من الفجر حتى الفجر ننجرّ كالرّحى ... الي أين يا مسرى ومن أين يا ضحى
أضعنا بلا قصد طريقا أضاعنا ... ولاح لنا درب بدأناه فانمحى
وشوشنا تلويح برق أهاجنا ... وولّى ولا ندري الى أين لوّحا
وقلنا ، كما قال المجدّون ، من غفى ... عن الفوز لم يظفر ومن جدّ أفلحا
إذا لم نجد في أول الشوط راحة ... فسوف نلاقي آخر الشوط أروحا
ورحنا نسقّي الرمل أمواه عمرنا ... فيظمى ، ويرويه إلى أن ترنّحا
***
سرينا وسرنا نطحن الشوك والحصى ... ونحسو ونقتات الغبار المجرّحا
ومن حولنا الأطلال تستنفر الدجى ... وترخي على الأشباح غابا من اللحى
هنا أو هنا ، يا زحف نرتاح ساعة ... تعبنا وأتعبنا المدار المسلّحا
كطاحونة نمضي ونأتي كمنحنى ... يشد إلى رجليه تلاّ مجنّحا
***
فيا ذكريات التيه من جرّ قبلنا ... خطاه وأمسى مثلنا حيث أصبحا
ركضنا إلى الميلاد قرنا وليلة ... ولدنا فكان المهد قبرا تفتّحا
ومتنا كما يبدو ، رجعنا أجنّة ... لنختار ميلادا أشقّ وأنجحا
كاهن الحرف
من تغنّي هنا ؟ وتبكي على ما ؟ ... كل شيء لا يستحق اهتماما
القضايا التي أهاجتك أقوى ... من أغانيك من نواح الأيامى
خلف هذا الجدار تشدو وتبكي ... والزوايا تندى أسى وجثاما
هذه ساعة الجدار كسول ... ترجع القهقرى وتنوي الأماما
والثواني تهمي صديدا وشوكا ... وستهمي وليس تدري إلى ما ؟
والحكايا رؤى سجين أقرّوا ... شنقه بعد سجن عشرين عاما
والمحبّات والتلاقي رماد ... والأغاني برد القبور القدامى
والصبيحات كاليتامى الحزانى ... والليالي كأمهات اليتامى
عبثا تنشد الكؤوس لتسلى ... مات سحر الكؤوس ، ملّ الندامى
كل حين وكل شبر زحام ... من ركام الوحول يتلو زحاما
من تغنى يا ((كاهن الحرف)) ماذا ؟ ... هل سعال الحروف يشجي الركاما
حكاية سنين
من أين أبتدىء الحكاية ؟ ... وأضيع في مد النهاية
وأعي نهاية دورها ... فتعود من بدء البدايه
تصل الخطيئة بالخطيئة ... والجناية بالجنايه
من عهد من ولدوا بلا ... سبب وماتوا دون غايه
المسبلين على الذئاب ... البيض اجنحة الرعايه
الناسجين عروقهم ... لمواكب الطاعون رايه
من حوّلوا المستنقعات ... الجائعات الى النفايه
أنصاف آلهة مطوقة ... بأسلحة العنايه
ووجوههم كاللافتات ... على مواخير الغوايه
كانوا ملوكا ظلّهم ... حرم ورقيتهم حمايه
فلحومنا لخيولهم ... مرعى وأعظمنا سقايه
وبيادر تعطيهم ... حبّات أعيننا جبايه
والله والإسلام في ... أبواقهم بعض الدعايه
أيام كانت للذباب ... على الجراحات الوصايه
أيام كان السل يأكلنا ... وليس لنا درايه
وأبي يعلمنا الضلال ... ويسأل الله الهدايه
ويعيذنا ب((المصطفى)) ... والصالحين وكل آيه
ويقول : اعتادوا الطوى ... كم عادة بدأت هوايه
ويعود يشكو والسعال ... يرضّ في فمه الشكايه
من ها هنا ابتدت الروايه ، أين أين مدى الروايه ؟
***
أأقصّها ؟ بعضي يهيأني ... وبعضي بزدريني
وبرغم إرهاقي أخوض مجاهل السر الكمين
وظلالها خلفي وقدّامي ... كأمسية الطعّين
فأتيه فيها كالتفات الطيّف للطيّف الحزين
وأعافها فيشدّني ... أرقي ويعزفني حنيني
وتزقزق الخلجات في ... رأسي كعصفور سجين
ماذا يعاودني ؟ كشعوذة الرؤى ، كصدى اليقين ؟!
ويدير كأسا من دم الذكرى وحشرجة الأنين
فتهيحني ، ومناي يحفر ... في حريقي عن معيني
والحرف يمزح في فمي ... والسهد يلهث في جبيني
ومدى السّرى يطفو ويرسب ... في فم الوهم الضّنين
ويمد أغنية تحن ... الى الصدى ، ومن الرنين
ولمن ألحن هجعة الأشباح والرعب الدفين ؟
لمواكب التاريخ يرويها الأمين عن الأمين
ولأمي اليمن العجوز ... ولابني اليمن الجنين
كانت مواقع خطوه ... طينا توحّل فوق طين
***
أتقول لي ، ومتى ابتدت ... سخرية القدر البليد؟
والى بدايتها أعود ... على هدى الحلم الشريد
منذ انحنى مغنى ((عليّة)) ... واستكان حمى ((الوليد))
واستولد السحب الحبالى ... الف ((هارون الرشيد))
حتى امتطى ((جنكيز)) ... عاصفة الصواهل والحديد
وهنالك انتعل ((التتار)) ... معاطس الشمم العنيد
وتموكبت زمر الذّئاب ... على دم الغنم البديد
فاستعجم ((الضّاد)) المبين ... وراية الفتح المجيد
أين العروبة ؟ هل هنا ... أنفاس ((قيس )) أو ((لبيد))
أين التماعات السيوف ... ودفء رنّات القصيد ؟
لا ها هنا نار القرى ... تهدى ، ولا عبق الثريد
لا مستعيد ، ولا اختيال الشدو في شفتي ((وحيد))