(((ديوان الهبل)))
سرى طيفها والنجم في الأفق كالعقدِ
-----------------------------------
سرى طيفها والنجم في الأفق كالعقدِ .... فكاد سناهُ للعواذلِ أن يهدي
سرى فسرى منهُ العبيرُ بعنبرٍ .... وفاحَ شذاه بالفتيقِ وبالندَّ ؛
سرى في ظلام الليل والطرف ناعسٌ .... وعادَ فلم يشفِ الفؤادَ ولم يجدِ ؛
فسلّ الكرى عنْ جفن عيني ولم أفزْ .... بتقبيل كفَّ من سراهُ ولا خدَّ ؛
وبتُّ نديماً للسهى ذا ندامة ٍ .... كئيب فؤادٍ لا أعيدُ ولا أبدي ؛
ومنها
أبيتُ ويأبى لي الخنا محتدٍ .... كريمٍ ؛ وجدٌّ في العلى أيما جدَّ ؛
وإني من القوم الكرام فعالهم ؛ .... وانهم يومَ الكريهة كالأسدِ
كفاهم فخاراً في الأنام بأنهمْ .... لآل رسول الله كالصارم الهندي
وأنهمُ أهل الولاء لحيدرٍ ؛ .... وشيعته ؛ أهلُ المحبة ِ والودّ .
فقال يعارضها
نسيم الصبا كيفَ المنازل من نجد ؛ .... كما كنّ عهدي ؛ أم تغيرنَ من بعدي
ويا عذبات البانِ منْ سفحِ حاجرٍ .... هلِ السفحُ معمور الربوع على عهدي
ويا أثلات الجزع من شعب عامرٍ .... لقد زادني ذكراكِ وجداً على وجدي
منازل روى تربها مثلُ أدمعي .... من الغيث منهلّ الحيا صادق الرعدِ ؛
قضيتُ بها حقَّ الصبا والزمان لمْ .... يقابلْ إراداتي بعكسٍ ولا طردٍ ؛
وقومٍ بنعمانٍ الأراك عهدتهمْ .... سقوني بها كأساً دهاقاً من الودَّ ؛
وكم همتُ فيهمْ والزمان مساعدٌ .... وصرفُ القضا يجري الأمور على قصدي ؛
بمعسول أطراف الحديثِ كأنما .... يدير على أهلِ الغرام جنى الشهدِ ؛
من الغيدِ سحار اللحاظِ معطر الـ .... ـلمى جائر الأحكام معتدل القدَّ
وقد كان طوعي والحوادثُ نومٌ ؛ .... فها أنا إن سلمتُ يبخلُ بالردَّ
وكم ليلة ٍ قد زارني في ظلامها .... وددتُ بها أني فرشتُ له خدي ؛
إلى أن سعتْ فينا الليالي بفرقة ٍ .... وغربنني عنهُ وغيرنهُ بعدي ؛
وما زالَ دهري منذ كانَ يريشُ لي .... سهاماً من الأحداث تصمي على عمدِ
ليَ اللهُ كم ألقى الزمانَ بعزمة ٍ .... تقصر عنها عزمة الصارمِ الهندي ؛
وكم حشدتْ يوماً عليّ جنوده .... فما كلَّ عنْ حربٍ لهُ أبداً حدي ؛
وكم يلتقيني منْ بنيهِ محارباً ؛ .... بأخبثِ من صلًّ وألأم من قردِ
إلى اللهِ من أبناء دهري أشتكي .... مرامي تصمي كلَّ محكمة ِ السردِ ؛
وما جهلوا قدري لديهم ورفعتي .... وأنّ زماني فيهمُ زمن الوردِ
وما ضرني أن لا يرون فضائلي .... فما خفيتْ إلاّ على أعينٍ رمدِ ؛
ومالي ذنبٌ غير أني في العلى .... تقدمتُ من قبلي وأتعبتُ من بعدي ؛
سلي الدهرَ عني إن شككتِ وعنهمُ .... لمنْ قصبات السبق في حلبة المجدِ
وقائلة ٍ لا عزّ إلاّ مع الغنى .... فبالمالِ يستكسي الفتى حللَ الحمدِ ؛
فأعمل إلى نيل الغنى كلَّ حيلة ٍ .... وشق أديمَ الأرضِ في طلب الرفدِ ؛
فقلتُ لها مهلاً فليس بنافعي .... دها ثعلٍ والمالُ في غرر الأسدِ ؛
(((ديوان الهبل)))
لحى اللهُ شخصاً يرتضي بمعيشة ٍ
-----------------------------------
لحى اللهُ شخصاً يرتضي بمعيشة ٍ .... ذليلاً مهاناً عاجزَ النفسِ حائرا ؛
مرجًّ لشخصٍ كلَّ يومٍ وليلة ٍ ؛ .... وربك ربّ العرش يكفيك ناصرا .
فقال
عدمتُ اللقا إنْ لم أوافكَ زائراً .... ولو كانَ ليث الغاب دونك زائرا ؛
سأكشف أستار اصطباري ولم يفزْ .... بنيل المنى من لا يكون مجاهرا ؛
وأترك أقوالَ العواذلِِ جانباً .... وَلو أنها هبتْ عليَّ أعاصيرا ؛
رويدكِ يا ذاتِ اللمى بمتيم .... غدا مثلاً بينَ المحبينَ سائرا
فلم يبق مني الحب إلاّ جوانحاً .... تذوبُ اشتياقاً أو دموعاً بوادرا ؛
وجسماً ضعيفاً مثل خصركِ ناحلاُ .... وعزمَ اصطبارٍ مثل جفنكِ فاترا ؛
يريبكِ من طرفي ازورارٌ وإنما .... أسارقكِ اللحظَ الخفيَّ محاذرا ؛
فلي فيكِ أعداءٌ أحاذرُ كيدهم .... وفيكِ لعمري حقَّ لي أنْ أحاذرا ؛
حواسدُ لا تنفكّ في كلّ حالة ٍ .... تسلّ لعرضي مرهفاتٍ بواترا ؛
وصرفُ زمانٍ جائر الحكمِ لم يزلْ .... يقودُ لياليهِ لحربي عساكرا ؛
وقلة مالٍ جشمتْ عيسيَ السرى .... إلى حيث لا ألقى لعظميَ جابرا ؛
وتأميل أقوام يريدون أنني .... مدى الدهر لا ينفكُّ حالي قاصرا
أأملُ منهمْ بالغنى كفَ كربة ٍ .... وقد أنشبَ الحرمانُ فيهم أظافرا ؛
فوا أسفا ؛ كم لاَ أزالُ مماسياً .... لأبوابهم أرجو الغنى ومباكرا
أأقصدُ مرزوقاً ضنيناً برزقهِ ؛ .... ألم يك خلاقي على ذاك قادرا
فيا طالباً للرزق من عند مثله .... يبيتُ كئيباً للهموم مسامرا
نصحتكَ لا تطلبْ سوى الله رازقاً ؛ .... كما لم تكنْ ترجو سوى الله غافرا ؛
ولا تدع إلاّ الله في كلّ حاجة ٍ .... تجده قريباً حينَ تدعوه حاضرا ؛
أتبذل ماءَ الوجهِ بيعاً بتافه .... وترجع صفراً خاسرَ البيعِ صاغرا
لحى الله شخصاً يرتضي بمعيشة ٍ .... ذليلاً مهاناً عاجزَ النفسِ حائرا ؛
مرجٍ لشخصٍ كلّ يومٍ وليلة ٍ .... وربكَ ربّ العرش يكفيك ناصرا
فيا سوأتا حتامَ أصبحُ حامداً .... لغير إله العالمين وشاكرا ؛
فقل للألى يسعون في طلب العلى .... تعالوا بنا نبكي العلى والمآثرا
فقدْ قوضتْ أيدي المعالي خيامها .... وعادتْ ربوعُ المكرماتِ دواثرِ
فكمْ من نفوسٍ قد أهينتْ عزيزة ٍ .... وكم من قلوبٍ قد بلغنَ الحناجرا
(((ديوان الهبل)))
وغيداء لا تنفكّ تملي عيونها
-----------------------------------
وغيداء لا تنفكّ تملي عيونها .... على الناسِ من أسحار بابل ما تملي ؛
تناءيت عنها وهي تدعو إلى اللقا .... وأعرضتُ عنها وهي تدعو إلى الوصلِ
وكلفتُ نفسي عن هواها تسلياً ؛ .... وكم قد سلا بالمجد عن مثلها مثلي
فما خدعتني رقة ٌ من كلامها .... ولا دلّ قلبي نحوها ملقُ الدلَّ ؛
ومن بالعلى والمجد أصبح مغرماً .... يصدّ لعمري عن سعادٍ وعن جملِ
أبى الله أن أمسي وأصبح هادما .... لما شادَ أبائي الأكارمُ من قبلي ؛
وما زلتُ أبدي للزمان تجلداً .... كأني عما نابني عنه ؛ في شغلِ
أقضي زمانيبلأماني تعلة ً ؛ .... فما سمري إلا عسانيَ أو علي ؛
قرين هموم ليس أرجو لحلها .... سوى الله ربي مالكِ العقدِ والحلَّ .
(((ديوان الهبل)))
زمانٌ على الأحرار قد جار في الحكمِ
-----------------------------------
زمانٌ على الأحرار قد جار في الحكمِ .... وعاملَ أرباب الفضائل بالظلم
يقول أناسٌ في التغرب غربة ٌ .... وليس لعمري ما يقولونَ عن علمِ ؛
وها آناذا بينَ البرية مفردٌ .... غريبٌ وحولي أسرتي وبنو عمي ؛
لقيتُ صروفَ الدهر مني بهمة ٍ .... وعزمٍ فما فلت صوارمه عزمي ؛
وأظهرتُ للأيام صبر ابنِ حرة ٍ .... وقد نثلتْ ما في الكنانة ِ من سهمِ
وما طلبتْ وتراً لديّ صروفها ؛ .... وما كانَ لي غير الفضائل من جرمِ ؛
وكم نوبٍ جليتُ بالصبر دهمها ؛ .... وما المجدُ إلا الصبر للنوب الدهم ؛
لحى اللهُ هذا الدهر ؛ إنْ أنا لم أكن .... أنا الفارسُ الحامي الذمارَ ؛ فمن يحمي
أتطمعُ جهلاً أن تجاريني العدا .... وقد نزل الدهرُ الحزونُ على حكمي
فخاري بفعلي لا بقومي ومعشري ؛ .... على أنني نجلُ الجحاجحة الشمَّ ؛
ولي من بديع النظم كلّ غريبة ٍ .... كمثل رياضِ الحزنِ باكرها الوسمي ؛
فلو كانتِ الشمسُ المنيرة قينة ً .... لما قلدتْ إلاّ قلائد من نظمي ؛
وما دنستْ عرضي مقالة ُ حاسدٍ ؛ .... وإن نال من عرضي وبالغَ في ذميّ ؛
(((ديوان الهبل)))
إلى كم ينالُ الأرذلون مناهمُ
-----------------------------------
إلى كم ينالُ الأرذلون مناهمُ .... ويعطونَ أضعاف العطاءِ وأحرمُ
قضاءُ زمانٍ دأبه الجور في القضا .... وشيمة ُ دهرٍ في الورى يتحكمُ ؛
يودُّ الفصيحُ القولِ فيه لوِ آنهُ .... لما قد يرى من قلة ِ الحظّ أبكم
(((ديوان الهبل)))
يا لها خطة ُ خسفٍ
-----------------------------------
يا لها خطة ُ خسفٍ .... عندها عزَّ عزائي ؛
كسيَ الناسُ جميعاً .... ونبذنا بالعراءِ
(((ديوان الهبل)))
أفنيتُ عمري في تطلب صاحبٍ
-----------------------------------
أفنيتُ عمري في تطلب صاحبٍ .... وافٍ ؛ فلم أظفرْ بغير خؤونِ
ألقاهُ مبتهجاً بوجهِ مسرة ٍ .... أبداً ويلقاني بوجه حزين ؛
وبلوتُ من أبناء دهري معشراً .... حققتُ فيهم سيئات ظنوني ؛
أخلاقهم في غلطة ٍ كقلوبهم .... وعقولهم في رقة ٍ ؛ كالدينِ ؛
لوددتُ أني عندما شاهدتهم .... من قبل ذاك عدمتُ ضوءَ عيوني
لو أنها امتدتْ لنيلِ أكفهم .... يوماً يميني ؛ ما صحبتُ يمني ؛
يا دهر أقصر عنْ محاربتي بنا .... تبديه لي من غدرهم وتريني .
(((ديوان الهبل)))
لا تقف بعدَ عزمِ شهرِ الصيامِ
-----------------------------------
لا تقف بعدَ عزمِ شهرِ الصيامِ .... أيها العيد وارتحلْ بسلام ؛
يفرحُ العالمون بالعيد غيري .... فهو عندي كسائر الأيام ؛
طالَ عندي لطول فقري حتى .... صار عاماً وربّ يومٍ كعام ؛
أحمدُ الله ؛ كم سوانح آمالٍ .... تقنصتُ في شباك المنام ؛
من يكن في الورى فقيراً ؛ فإني .... في غنى ً من ذخائر الأحلامِ ؛
غير أني حملت نفساً أرتني .... لقنوعي أن الزمان غلامي
الفتْ نفسي القناعة حتى .... ليس يدرى عنايَ من إعدامي ؛
لستُ أرضى ببذلِ ماء محياي .... مدى الدهر في يسير حطامِ