(((ديوان الهبل)))
أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ
-----------------------------------
أفضْ عليكَ لبوسَ الصبر والجلدِ .... فإنه الموتُ لا يبقي على أحدِ ؛
وبالتجلدِ قابلْ كلَّ حادثة ٍ ؛ .... إن لم يكنْ لكَ عند الخطبِ من جلدِ ؛
إنَّ الذي يظهرُ الإنسان من جزعٍ .... أمرٌ ؛ إذا جاءَ أمر الله لم يفدِ
فالموتُ أكؤسه لا بدّ دائرة ٌ .... لكلّ مقتربٍ منا ومبتعدِ ؛
كلٌّ لهُ عمرٌ مفض إلى أجلٍ ؛ .... متى أتى المرءَ ؛ لم ينقصْ ولم يزدِ ؛
عمرُ الفتى حلبة ٌ والموتُ غايتها .... والمرؤ من موتهِ يسعى إلى أمدِ ؛
وقد يهون ما في القلب من جزع .... أن لا بقاء لغير الواحد الصمد ؛
يا درة َ العقد في آل المؤيد لم .... يتركْ مصابكِ من قلبٍ ولا كبدٍ
لو كانَ يدفعُ منْ ماضي القضا عددٌ .... حطناكِ بالعددِ الموفورِ والعددِ
لو أنه كانَ يرضي الموت فيكِ فدى ً .... إذاً فدنياكِ بالأهلين والولدِ
لكنه الموتُ ؛ لا يرضيه بذلُ فدى .... ولاَ يصيخُ إلى عذلٍ ولا فندِ ؛
ولا يرقّ لذي ضعفٍ وذي خورٍ .... ولا يحاذرُ بطشَ الفارسِ النجدِ
يأتي الملوكَ ؛ ملوكَ الأرضِ مقتحماً .... ويخرجُ الشبلَ من عريسة ِ الأسدِ
منْ للمساكين ؛ قد أصليتِ أكبدهمْ .... بلاعجٍ من ضرام الحزنِ متقدِ
منْ للأراملِ ؛ تبكيكَ الدماءَ لما .... حملنَ بعدكِ من كربٍ ومن كمد ؛
كمْ من فؤادٍ حيرانَ ملتهباً .... حزناً ومن مدمعٍ في الخدّ مطردِ ؛
لا غرو إنْ متنَ منْ حزنٍ عليكَ فقد .... فقدنَ منكَ لعمري خيرَ مفتقدِ
أما كرزئك ؛ لاّ واللهِ ما سمعتْ .... أذنٌ ولا دارَ في فكرٍ ولا خلدِ .

رزوٌ غدا منهُ شملُ المجدِ منصدعاً .... وفتّ في ساعد العلياء والعضدِ ؛
جلَّ المصابُ ؛ فما خلقٌ يقولُ إذنْ .... يا صبرَ اسعدْ ؛ ولا يا حزنُ قدك قدِ ؛
وحسبنا أسوة ٌ طهو حيدرة ٌ .... والآلُ أجمعُ منْ داعٍ ومقتصدِ ؛
فاصبرْ عمادَ الهدى للحكم محتسباً .... أجراً وسلمْ لأمرِ الواحد الصمدِ ؛
فالصبرُ عقدٌ نفيسٌ مالهُ ثمنٌ .... ولا يكونُ لغير السيد السندِ ؛
وما الرزية ُ يا مولايَ هينة ٌ ؛ .... وإن أمرتَ بحسنِ الصبرِ والجلدِ
لكن نسومكَ عاداتٍ عرفتَ بها ؛ .... أنْ لستَ تلقي إلى حزنٍ غزا بيدِ ؛
وليسَ مثلكَ منْ بالصبر نأمرهُ ؛ .... فأنتَ الذي يهدي إلى الرشدِ ؛
كم حادثٍ لا تطيقُ الشمُّ وطأتهُ ؛ .... لاقيتهُ من جميل الصبرِ في عددِ .
ألستَ من سادة ٍ شمًّ غطارفة ٍ .... أحيوا بوبل الندى الوكافِ كلَّ ندي ؛
القومُ تضربُ أمثالَ العلى بهمُ .... بينَ البرية طراً آخرَ الأبدِ ؛
المقدمونَ وأسدُ الغابِ خاضعة ٌ .... والباذلون الجود والأنواء لم تجدِ ؛
غرٌّ رقوا من مراقي المجدِ أرفعها .... وقوموا كلَّ ذي زيغٍ وذي أودِ ؛
واشكرْ لمولاك إذ أولاكَ عافية ً ؛ .... لا زلتَ ترفلُ في اثوابها الجددِ
وما بقيتَ لنا فالصدعُ ملتئمٌ ؛ .... فأنتَ للدين مثلُ الروحِ للجسدِ

(((ديوان الهبل)))
أتدري منْ تخرمتِ المنونُ
-----------------------------------
أتدري منْ تخرمتِ المنونُ .... ومن أرقتْ لمصرعهِ العيون
ومنْ ذا أثقل الأعناقَ حملاً .... وخفَّ لحزنه العقلُ الرصين
ومنْ ملأَ القلوبَ أسى ً وحزناً .... فكلُّ فتى ً لمصرعهِ حزينُ
وَمنْ في جنة ِ الفردوسِ أضحى .... لديهِ الظلُّ والماء المعينُ
وأيّ هلالُ أفقٍ غاب عنهُ .... وكان لأفقهِ أبداً يزينُ
أتدري يا زمانُ بمنْ دهتنا .... صروفكَ ؛ أنك الزمنُ الخؤونُ
وأنكَ بالذي أحدثتَ فينا .... جديرٌ أن تساءَ بكَ الطنونُ ؛
لئنْ كدرتَ من عيش البرايا .... فمبدأ خلقهم ماءٌ وطينُ ؛ .
هوى البدرُ الذي قد كان حقا .... به نورُ الهداية ِ مستبينُ ؛
هوى الجبلُ الذي قد كان يأوي .... إليه الملتجي والمستكينُ
مضى القرم الذي قد كان ذخراً .... تناطُ بهِ الحوائجُ والشؤونُ ؛
فأيّ سحاب دمعٍ ليسَ يهمي .... وأيّ حصاة قلبٍ لا تلينُ
وليسَ يردّ سهمَ الموتِ درعٌ .... مزردة ٌ ولا حصنٌ حصينُ
سقيتَ الغيث قبراً حلّ فيه .... تقى ً وعلى ً وإيمانٌ ودينُ ؛
ثوى فيكَ الذي ما كان يلفى .... له في كلّ مكرمة ٍ قرينُ ؛
رجعنا عن ثراهُ بجيشِ حزنٍ .... له في كلًّ جارحة ٍ كمينُ
وأجرينا جيادَ الصبر عنه ؛ .... ولكن شوط مرزئه بطينُ .
فيا لكَ ميتاً قد بانَ عنا .... تكادُ لبينهِ الأحشا تبين ؛
وآهِ لطولِ بعدكَ من حبيبٍ .... وهلْ يجدي التأوهُ والحنينُ
وَوَالهفي عليكَ وقد تدانى .... خروجُ الروح وانقطع الأنينُ
وأسكنتَ التراب برغم قومٍ .... محلكَ في قلوبهم مكينُ . .
يكادُ النوم أنْ يغشى الأماقي .... فتلفظه لذكراك الجفونُ ؛
أهنا إذْ دفنتَ عقودَ دمعٍ .... مخبأة ً لغيركَ لا تهونُ ؛ .
وكلفنا الجوانحَ عنكَ صبراً .... فقالتْ لا قرار ولا سكونُ ؛
وخانتنا بكَ الأيام لكنْ .... بحسنِ الصبر بعدك نستعينُ .

وكيفَ الصبر عنكَ أو التسلي .... جميلُ الصبرِ بعدكَ لا يكونُ ؛
فهلْ يدري سريرك منْ علاهُ .... علاهُ العلمُ أجمعُ واليقينُ ؛
وهل يدري ضريحكَ من تغشى .... ومن وهو تحتَ تربته دفينُ
قرنتَ بصالح الأعمال فيه .... وحسبك أنه نعم القرينُ ؛
يعزُّ على العلوم نواكَ عنها .... وأنتَ لبحرها الطامي سفين
هلالاً كنتَ غالتهُ الليالي .... وليثاً كنت أسلمهُ العرينُ ؛
جعلتَ ودادَ أهلِ البيتِ ديناً .... لعلمك أنه الحبل المتينُ ؛
ودنتَ بدينهم في كلَّ حالٍ .... وذاكَ لعمرك الحقّ اليقين
وكنتَ من التشيع في محلٍ .... تسافر دونَ غايته العيون .
فيهنيكَ القدوم على كريم .... خزائنُ ملكه كافٌ ونونُ ؛
ويهنيكَ الدعاء نجوتَ عبدي .... فعفوي لا تكدره الظنونُ ؛
ويهنيكَ ادخاركَ خير كسبٍ .... إذا الجاني بمكسبهِ رهينُ ؛
وأخذك للصحيفة ِ يوم حشرٍ .... إذا انتدبتْ لتأخذها اليمينُ ؛
سأنظمُ فيكَ ما يعلو ويغلو .... ويرخص عنده الدرُّ الثمينُ ؛
وأسقي تربَ قبركَ غيثَ دمعٍ .... يقصر دونه الغيث الهتونُ
فمثلكَ ما سمعنا في البرايا .... ولا قد كان قطّ ولا يكون ؛
عليكَ صلاة ُ ربك بعد طه .... وعترته فأنتَ بها قمينُ .

(((ديوان الهبل)))
يا قبر جادكَ وابلُ الرضوانِ
-----------------------------------
يا قبر جادكَ وابلُ الرضوانِ .... واستوطنتكَ عواطفُ الغفرانِ ؛
وعلى ثراكَ تخطرت ريحُ المنى .... تسري بنشر البرَّ والإحسانِ
فلقد ثوى بثراكَ حبر ماجدٌ .... حزنتْ لموقع صوته الثقلانِ
يا ضاحكا في جنة الفردوس قد .... أبكيتَ من كانتْ لهه عينان .
ما كان أبرك منك عمراً ماضياً .... قضيتهُ في طاعة الرحمانِ ؛
وغدونَ معتصماً به مستعصماً .... بمعاقلِ التقوى من الشيطانِ .
وسعيتَ في كسبِ الثناء فأنتَ من .... من كفل الثناءُ لهُ بعمرٍ ثاني ؛
والعلم أجمعق غدوتَ مبرزاً .... في شوط حلبته على الأقرانِ ؛
وبذلتَ نفسك للأئمة ِ راعياً .... لعهودهم في السرَّ والإعلانِ ؛
وقضيتَ دهراً في القراع لعصبة ٍ .... شغلوا بقرع مثالثٍ ومثاني .
جاهدتَ في مولاك حقّ جهادهِ .... تبغي رضا المتفضلِ المنانِ .
كم منْ محبٍ قد تركتَ مكابداً .... أهوال دارِ مذلة ٍ وهوانِ .

دارِ المصائبِ والنوائبِ والعنا .... وقرارة ِ الأكدارِ والأحزانِ ؛
أعرضتَ عن دارِ الغرورِ فأنتَ من .... دار المقامة ِ في أعزّ مكانٍ . .
كم ليلة ٍ أحييتها متهجداً .... بالفكرِ والصلواتِ والقرآنِ .
تدعو إلهكَ في دجاها قائلاً .... جدْ بالفكاكِ على الأسير العاني
لو كنتَ تملكُ إنْ سئلتَ إجابة ً .... ما قلتَ إلاّ سرني وحباني ؛
وأباحَ لي ورد الرضى كرماً وما .... برحتْ عواطفُ بره تغشاني
وأحلني دارَ المقامة ِِ خالداً .... في ظلّ ملك دائمٍ وأمانِ
ونداؤهُ إياي ؛ فزتَ بما تشا .... من جنتي ونجوتَ من نيراني ؛
آهٍ لو أنكَ عشتَ في أعمارنا .... دهراً ؛ وكنا نحنُ في الأكفان ؛
هيهات لا يبقى على ملكوته .... إلاّ الإله وكلُّ حيًّ فاني
فاذكرْ أهاليكَ الذين تركتهم .... يتجرعون مرارة الأحزان ؛
واسألْ لنا مولاك غفراناً إذا .... حضرَ الحساب وزلت القدمانِ ؛
أحسنْ ضيافتنا غداة قدومنا ؛ .... فلقد عهدتكَ مكرمَ الضيفانِ
وصلاة ربكَ لا تزال مدى المدى .... تهدى إلى المختار من عدنانِ
والآل من عذبتْ مواردُ ذكرهمْ .... من كلّ مخلوقٍ بكلَّ لسانِ

(((ديوان الهبل)))
أتعزى في المصاب
-----------------------------------
أتعزى في المصاب .... أم تهنى بالثوابِ
وأرى ثانيهما .... أدنى إلى نهج الصواب ؛
فاحتسبْ بالقادم الراحل .... ذخراً في الحسابِ ؛
وتلقّ الخطب إن .... جلَّ بصبرٍ واحتسابِ ؛
واغنمِ الزلفة ممنْ .... عندهُ حسنُ المآبَ ؛
ليس غير الله يخلو .... من نفادٍ وذهابِ
والليالي لم تزل .... فاعلم بنا ذات انقلاب ؛
ويحها كم خدعتنا .... بسرابٍ كالشراب
لم تزل في الخلق تأتي .... كلّ خلقٍ بعجاب ؛
لمْ تدعْ ذا لمشيبٍ .... لاَ ولا ذا ؛ لشباب ِ
لا ؛ ولا تردعها .... سطوة ذي البأس المهابِ ؛
هلى ترى فيها نعيماً .... صفوهُ غير مشاب
أم سروراً لم تكدره .... بحزنٍ واكتئابِ
كم غدتْ تضربُ في .... الناسِ بسيفٍ غير نابى
ليس ترضى غير أروا .... حِ البرايا من قرابِ
كمْ أذالتْ من مصونٍ .... وأزالت من حجاب
ولكمْ فلتْ حساماً .... وأذلتْ ليث غابِ ؛
يقتل الأبطالَ من .... غير طعانٍ وضراب ؛
كم همامٍ قاهرِ .... السكوة ِ .. عضته بناب
أزعجتهُ لفراقٍ .... غيرَ مرجوِ الإيابٍ ؛
ومليك تركتهُ .... رهنَ أطباق التراب ؛
يتشكى الضيقَ من .... بعدِ المقاصير الرحابِ ؛
قد غدا .. أبكمَ لا .... يمكنهُ رجع الجووابِ
سامعاً غيرَ مجيبٍ ؛ .... داعياً غيرَ مجابِ ؛
وقصورٍ تركتها .... بينَ أهليها يبابِ
وسواءٌ في النهى والموت .... طوقٌ في الرقاب
ميتٌ يدرج في الكفنِ .... وحيٌّ في الثيابِ
ولنا بالمصطفى المختار .... في كلَّ مصابِ ؛
وبينهم من بهم أرجو .... أماني من عذابي ؛
شفعائي يوم حشري .... حين أدعى لكتابي
أسوة ٌ تفضي إلى .... خيرِ نعيمٍ وثوابِ

(((ديوان الهبل)))
قبرٌ حوى قطعة ً من الكبدِ
-----------------------------------
قبرٌ حوى قطعة ً من الكبدِ .... أودتْ فأودى لفقدها جلدي ؛
ترحلَ الصبرُ عندما رحلتْ .... إلى جوار المهجنِ الصمدِ
يا ليت أن الممات أخرها ؛ .... من أمدٍ عاجلٍ إلى أمد ؛
لم يبق منة الأسى سوى حرقٍ .... ومدمع في الخدودِ مطردِ ؛
يا راحلاً لم تؤبْ ركائبه .... ويا حبيباً نأى .. فلم يعدِ ؛
ودرة ِ للفخار أسلمها العقدُ .... وكانت كالروحِ للجسدِ ؛
ما انصفَ العاذلون إذ عذلوا .... أن بحتُ بالحزنِ فيك والكمدِ ؛
كيف يلومونني على جزعي .... وأنتِ قلبي دفنته بيدي ..
كلُّ حبيبٍ تذيبُ فرقته الأحشا ؛ .... ولا مثل فرقة الولدِ .
فالحمد للهِ كلّ آونة ٍ ؛ .... حقّ لهُ الحمدُ دائم الأبدِ .

(((ديوان الهبل)))
عزاؤكم آل المطهر في فتى ً
-----------------------------------
عزاؤكم آل المطهر في فتى ً .... قضى فقضى المجد المؤثلُ والندى ؛
أقامَ بدار الخلدِ جاراً لربه .... وأورثنا حزناً أقام وأقعدا
وما كان إلاّ طود مجدٍ تهدمتْ .... جوانبه ؛ أو عقد جودٍ تبددا ؛
ولو كان يفدى هالك جلّ رزؤه .... لكان بأرواح البرية ِ يفتدى
وما دمتمُ للمجد والجود بعده .... فركنُ المعالي لا يزالُ مشيدا ؛
وإنّ جميل الصبر فيكم لعادة ٌ .... إذا جارحكم الحادثات أوِ اعتدى ؛
تعودتمُ الصبر الجميلَ وإنما .... لكلّ امرءٍ من دهرهِ ما تعودا
عليكم سلامِ اللهٍ آل مطهرٍ .... ورحمته ما غابَ بدرٌ وما بدا ؛

(((ديوان الهبل)))
يبكي عليكم محبٌّ ذابَ من أسفٍ
-----------------------------------
يبكي عليكم محبٌّ ذابَ من أسفٍ .... ما خانَ عهدكمُ يوماً ولا نكثا ؛
علمتموهُ رثاكم وامتداحكمُ .... فمنكمُ كلُّ مدحٍ فيكمُ ورثا

41 / 45
ع
En
A+
A-