(((ديوان الهبل)))
أيا وجد ما أبقيت حتى على صبري
-----------------------------------
أيا وجد ما أبقيت حتى على صبري .... ويا دمع أطلعت الوشاة على سري
ويا قلب إن ساعدت من لام في الهوى .... فلا زلت في نار الصبابة والهجر
ويا عاذلي إن كنت تطلب سلوتي .... فأطلق فؤادي فهو في ربقة الأسر
وإلا فدعني والغرام فما سوى .... فؤادي يفنى أو سوى عبرتي تجري
وعذرك في ترك الملامة واضح .... ومالي في ترك الصبابة من عذر
ولم يتلق العذل قلبي وإنما .... تلقاه مني ما بأذني من وقر
وبي فاتر الألحاظ تزري لحاظه .... ومعطفه المياد بالبيض والسمر
إذا ما غزت ألحاظه قلب عاشق .... تعود سريعا بالغنيمة والنصر
غزال إلى سوق القلوب جفونه .... جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
يعلم علم السحر هاروت إن رنا .... بناظره النفاث في عقد الصبر
ويحكيه قد الغصن عند اعتداله .... إذا ما تثنى في غلائله الخضر
وهيهات أين الغصن منه وما له .... رضاب سلافي ولا شنب دري
عجبت لخمر لم أذقها بثغره .... على أنني منها مدى الدهر في سكر
ونون عذار في صحيفة خده .... ولم تق ماضي مقلتيه من الكسر
أبث له شجوي فيزداد قسوة .... إذا قلت يوما راقب الله في أمري
إلى الله أشكو إن في القلب لوعة .... يضيق بها إن أضرمت نارها صبري
وحاجات نفس عز عندي بلوغها .... وهن اقتراحي واشتراطي على الدهر
(((ديوان الهبل)))
دعوت إلى السلوان غير سميع
-----------------------------------
دعوت إلى السلوان غير سميع .... وألزمت ترك الحب غير مطيع
أمن بعد أن قامت شهودي على الهوى .... يجوز عن دعوى الغرام رجوعي
ولو مثل ما قد قلت لي انه الهوى .... لما همت يوما في ربى وربوع
ولكن جفون يوم نعمان فتر .... صوارمها لا تتقى بدروع
وكنت على الصبر الجميل معولا .... ألاقي به الأحداث غير جزوع
فقد فرعني الصبر في مركز الهوى .... وفضت بغارات الغرام جموعي
أسكان نعمان الأراك إلى متى .... وحتى متى وجدي بكم وولوعي
مضى العمر فيكم وانقضى وصبابتي .... تؤجج نيران الجوى بضلوعي
وقلتم خلي يدعي الحب باطلا .... سقامي لماذا فيكم ودموعي
ألا رحمه سكان نعمان إنني .... بحمل الذي ألقاه غير ضليع
أصد وهجران ولم آت في الهوى .... بذنب سوى ذلي لكم وخضوعي
فإن كان فرط الحب ذنبي إليكم .... فيا ليت شعري ما يكون شفيعي
رعى الله عصرا قد مضى لي بقربكم .... وشملي بكم إذ ذاك غير صديع
إذ العيش غض والزمان مساعد .... وسربي بالهجران غير مروع
وإذ أنا آوي من عزيز حماكم .... إلى مربع رحب الفناء مريع
وددت لو أن الحزن ساعة بنتم .... عصاني وأن الصبر كان مطيعي
وبالرغم مني أن أعيش لساعة .... أخاطبكم فيها بخير وديع
أكفكف أسراب المدامع والهوى .... يقول أذيعي سره وأضيعي
لي الله كم أمسي وأضحي متيما .... بحب منوع للوصال منيع
بحب رشا لولاح للشمس وجهه .... لما أذنت من شرقها بطلوع
من الغيد يحمي بالصفاح كناسه .... فكم من أسير حوله وصريع
(((ديوان الهبل)))
وأغيد وسنان اللحاظ قوامه
-----------------------------------
وأغيد وسنان اللحاظ قوامه .... قضيب نقا يعلوه بدر تمام
مرامي سواجيه أصابت مقاتلي .... ولم أحظ منه مرة بمرامي
فيا كبدي في الوصل منه تقطعي .... غراما ويا نفسي اذهبي بسلام
ويا دمعي الجاري ونار جوانحي .... قفا حدثا عن صبوتي وغرامي
ولم أنس يوما زرته وهو نائم .... وشوقي إليه جاذب بزمامي
فأضرمت بالتقبيل نيران خده .... وأطفأت بالترشاف حر أوامي
ونزهني في روضة من خدوده .... وأسكرني من ريقه بمدام
وما كان يرضي بالوصال وإنما .... توهمني طيفا لفرط سقامي
(((ديوان الهبل)))
تخطر كالبدر المنير على غصن
-----------------------------------
تخطر كالبدر المنير على غصن .... وأسفر عن ليل الذوائب في دجن
ومن وقد غاب الرقيب برشفة .... من الشنب البراق أحلى من المن
وقام يريني لحظه وقوامه .... يقول استقم إن شئت للضرب والطعن
غزال غدت تجني علي لحاظه .... وعهدي بالأغصان تجنى ولا تجني
إذا ظن صدق العذل ضن بوصله .... فيقتل من لا يجتني الذنب بالظن
(((ديوان الهبل)))
وفي لي ولم يسمع كلام مفند
-----------------------------------
وفي لي ولم يسمع كلام مفند .... وجاد بطيب الوصل عن غير موعد
وقد أديم الليل للوصل طاويا .... من الدجن نحوي فدفدا بعد فدفد
من الغيد يحكي وجهه البدر مشرقا .... على غصن لدن المعاطف أملد
ولم أنس خمرا من لماه شربتها .... لها حبب من در ثغر منضد
وخال يروم الصبر مني عن هوى .... يقل اصطباري عنده وتجلدي
على حين ملكت الهوى غير نادم .... زمامي وأعطيت الصبابة مقودي
فهلا وقلبي عن هوى الغيد فارغ .... طليق وأحكام الصبابة في يدي
رعى الله أيام الصبا فلكم بها .... جنيت ثمار اللهو عن روضها الندي
وحيا بنعمان الأراك أحبة .... هم مطلبي من كل شيء ومقصدي
وروض سقته السحب أقداح وبلها .... وغنت عليه الورق ألحان معبد
وقد عبثت ريح الصبا بغصونه .... فمن ساكن منها ومن متأود
وصاغ الصبا فيه لمعصم نهره .... من الزهر حليا من لجين وعسجد
ظللنا به والعمر مقتبل الصبا .... وهاني الحيا فيه يروح ويغتدي
وقد سل أسياف البروق لوامعا .... وأقبل يحدو مرعدا بعد مرعد
(((ديوان الهبل)))
ولم أنس إذ زارت وسادي وقد غدا
-----------------------------------
ولم أنس إذ زارت وسادي وقد غدا .... عليها من الليل البهيم لبوس
على حين أودى بي أليم صدودها .... وبي من تباريح الغرام رسيس
فبتنا بأهنا العيش في ذمة الدجى .... لنا من أحاديث الغرام دروس
تغازلني منها عيون مريضة .... تسل قلوب دونها ونفوس
وليس لنا غير الرضاب مدامة .... ولا غير لمياء الشفاة كؤوس
فمن لثم ثغر كاللآلي منضد .... إلى ضم قد كالقناة يميس
ونحسو مداما ما رأت كف عاصر .... ولا كدرتها بالمزاج قسوس
ليالي لا شيب المفارق ضاحك .... علينا ولا وجه الزمان عبوس
وحق على أهل الصبابة طاعتي .... فإني فيهم ما علمت رئيس
(((ديوان الهبل)))
ولم أنسَ إذ زارتْ وسادي وقد غدا
-----------------------------------
ولم أنسَ إذ زارتْ وسادي وقد غدا .... عليها من الليل البهيم لبوسُ ؛
على حين أودى بي أليمُ صدودها .... وبي من تباريح الغرام رسيسُ ؛
فبتنا بأهنا العيشِ في ذمة الدجى .... لنا من أحاديث الغرام دروسُ ؛
تغازلني منها عيون مريضة ٌ .... تسلّ قلوبٌ دونها ونفوسُ ؛
وليسَ لنا غير الرضاب مدامة ٌ .... ولا غير لمياء الشفاة كؤوسُ ؛
فمنْ لثمِ ثغر كاللآلي منضدٍ .... إلى ضمَّ قدٍّ كالقناة ِ يميسُ ؛
ونحسو مداماً ما رأتْ كفَّ عاصرٍ .... ولا كدرتها بالمزاجِ قسوسُ
ليالي ؛ لا شيبُ المفارقِ ضاحكٌ .... علينا ولا وجه الزمان عبوسُ ؛
وحق على أهلِ الصبابة طاعتي .... فإني فيهم ما علمتُ رئيسُ .
(((ديوان الهبل)))
خليليَّ كفا عن ملام فتى ً صبّ
-----------------------------------
خليليَّ كفا عن ملام فتى ً صبّ .... رويدكما ؛ ماذا يفيدكما عتبي
تلومانِ قلبي أن يحبّ جهالة ً .... ولم توردا قلبيكما موردَ الحبّ
إلى الله أشكو إن في القلب لوعة ً ؛ .... يضيق بها صدري ويشقى بها قلبي ؛
بليتُ بمن لمْ أقضِِ منه لبانتي ؛ .... ومنْ ليَ لو أني قضيتُ به نحبي
وقى اللهُ من دلّ الحمام على فتى ً .... له مقلة ٌ لا تستفيقُ من الصبِّ ؛
وما بيَ بغضٌ للحياة وإنما .... رأيتُ لقاء الموتِ أروحَ للكرب ؛
وحسبي ضنى ً في الحب أني لم أجدْ .... سوى الموت للداء المخامر من طبّ ؛
وبي جائرُ الأحكامِ لمْ يرضَ في الهوى .... بقتل الورى حتى تعدى إلى السلب ؛
تلعبَ ريانُ الشباب بقده .... تلعبَ أيدي الريحِ بالغصن الرطب ؛
ودونَ الشفاه اللعس حصباء لؤلؤٍ .... ومطردٌ يجري من الباردِ العذب
دعاني إلى حكمِ الصبابة ِ بعدَ ما .... سلاَ رفقتي عن غيها وارعوى صحبي
وقام يريني لحظه وقوامه ؛ .... يقول استقم إنْ شئتَ للطعن والضرب ؛
يقولونَ لي لا ترم طرفك نحوه .... فتكرارُ رجعِ الطرف داعية ُ الحبّ ؛
وهل نافعى أن لا أراه بناظري ؛ .... وقد رسمتْ تلك المحاسن في قلبي
(((ديوان الهبل)))
هاتِ عن أهل الحمى ما فعلوا
-----------------------------------
هاتِ عن أهل الحمى ما فعلوا .... هل أقاموا بعدنا أمْ رحلوا
إن يكونوا رحلوا عن ناظري .... فبأكنافِ فؤادي نزلوا ؛
عمركَ الله إذا ما جئتهمُ .... وتراءتْ لك تلكَ الكللُ ؛
قلْ لهم باللهِ عني إنني .... حافظٌ ميثاقهم إنْ سألوا ؛
أيُّ سرّ في فؤادي لهمُ .... غير مأمونٍ عليه الرسلُ .
صفْ لهمْ حالي وخذ في شرحهِ .... علهمْ أن يعلموا ما جهلوا ؛
واطرحْ ذكر دمي عندهمُ ؛ .... ليسَ يودي عندهمْ من قتلوا .
كم أثاروا من جوى ً في مهجتي .... عندما قالوا سلاَ ؛ قلتُ سلوا .
كلُّ شيءٍ متلقى منهمُ .... بقبولٍ ؛ قطعوا أو وصلوا
آه كم أتبعُ زفرات الهوى .... زفراتٍ بعدها تتصلُ .
آه مالي ولأسباب الهوى .... ما لها عنيَ لا تنفصل
بأبي منْ إنْ تثنى أوْ رنا .... تخجلُ البيضُ وتعنو الأسلُ
وتغار الشمسُ منه إن بدا .... ويغورُ القمرُ المكتملُ .
مقلتاهُ سحرتْ لبي ولا .... يسحر الألبابَ إلاّ المقلُ ؛
كيفَ كتمان صباباتي بهِ .... وبها يضرب فيهِ المثلُ
أترى يصرفني عن حبه .... عاذلي إن طالَ منه العذلُ
لاَ .. ومنْ أخرسني عن عذلهِ ؛ .... ذاك أصلٌ عنه لا أنتقلُ .
(((ديوان الهبل)))
قرأتُ من الصبابة كلّ فنِّ
-----------------------------------
قرأتُ من الصبابة كلّ فنِّ .... فسلْ عما بدا لكَ وامتحني ؛
ولا تسألْ من العشاقِ غيري .... فقد أخذتْ فنونَ العشق عني ؛
وقل ما شئتَ في لومي فإن لمْ .... تجد لي نحوه ميلاً .. فدعني .
بروحي ؛ لينَ الأعطافِ عذب .... اللمى مرَّ الجفا حلوَ التثني
رشيقَ القدَّ وضاحَ المحيا ؛ .... فقل ما شئت في بدرٍ وغصنِ ؛
أصرحُ باسمه طوراً وطوراً .... أخافُ حواسدي فيه فأكنى ؛
وأقطعُ في ترجي الوصل عمري .... وما يجدي الترجي والتمني .