كلفت به إذ صار في الحسن واحدا .... فلم يثنني عن حبه أبدا ثاني
وعنفني من لم يذق كأس صبوتي .... ولا بات ذا قلب كقلبي ولهان
عفا الله عمن لامني لو رأى الذي .... كلفت به يوم العقيق لأعفاني
غزال كأن الله صور خلقه .... من النيرات الزهر في شكل إنسان
يميس بقد يحسد الغصن لينه .... ويبسم عن در نضيد ومرجان
وفي خده ورد جني قطافه .... ولكن سيف اللحظ يجني على الجاني
أروم لقاه ثم أخشى رقيبه .... فآخذ عنه جانبا حين يلقاني
أتاني هواه بعد تركي للهوى .... فأذكرني ما الدهر من قبل أنساني
إلى الله أشكو ظالمين تعاهدا .... علي وكانا أصل همي وأحزاني
هوى ضقت ذرعا عن تحمل بعضه .... ودهرا عن الهادي بن أحمد أقصاني
فتى المجد والعلياء من صار مجمعا .... على فضله قاصي البرية والداني
فتى ألقت الآداب طوعا لفكره .... مقاليد تسليم إليه وإذعان
فتى مد للاحسان باع مبرز .... فلم يختلف في فضل سؤدده اثنان
فتى ورث العلياء عن خير سادة .... مراجيح أحلام مساميح غران
فتى ساد قبل الحلم أبناء جنسه .... وشاد لربع المجد أرفع بنيان

أخو نجدة إن يدع للبأس والفدى .... فلا عاجز تلقاه ثم ولا واني
حوى قصبات السبق طفلا وناشئا .... وبذ الأعالي من شباب وشبان
لقد جمع الهادي بن أحمد في الورى .... مكارم شتى ما اجتمعن لإنسان
خطابا كما افترت ثغور زواهر .... وخلقا كما اهتزت معاطف أغصان
ونثرا كما رقت كؤوس سلافة .... ونظما كما راقت قلائد عقيان
أمولى القوافي السائرات التي غدت .... يقر لها فكرا لبيد وحسان
أبثك شوقا لي اليك أقله .... يهدد من ركني ثبير وثهلان
أروح بقلب فارغ من تصبري .... وأغدو بصدر من شجوني ملآن
فهل عطفه بالقرب منكم لشيق .... إلى ورد هاتيك الشمائل ظمآن
وخذها كما لآحت نجوم زواهر .... دجى أو كما فاحت أزاهر بستان
ومن سريعا بالجواب فإن لي .... إليك اشتياق المغرم الدنف العاني
وحي الحسين الملك نجل مطهر .... أخا المجد سامي المرتقى عالي الشاني
وإخوته الغر الأكارم من بنوا .... بناء المعالي فوق هامة كيوان

تحية صب شوقه وغرامه .... لسوحهم لا للعقيق ونعمان
ولا تعتبن في أن كتبي تأخرت .... فما عن ملال كان مني وشنئان
ولكن لأحوال عرت لا عرفتها .... وطول هموم لم تزل قط تغشاني
رماح أذى للحاسدين تنوشني .... وكف زمان لم تمد بإحسان
تنمر لي يا بن الكرام وطالما .... قديما على حسن العوائد أجراني
فكم وقعة بيني وبين صروفه .... تهون لها أيام عبس وذبيان
وحسبي داء حرفة أدبية .... غدت سببا في وضع قدري ونقصاني
ولو لم يكن من جوره غير أنه .... رماني بسهم البعد عنك فأصماني
وما زلت مني في الضمير ممثلا .... فألقاك في طي الضمير وتلقاني
دنوت إلى قلبي وإن كنت نازحا .... عليك سلام الله من نازح داني

(((ديوان الهبل)))
سرى طيفها وهنا إلي فحياني
-----------------------------------
سرى طيفها وهنا إلي فحياني .... فيا حبذا طيف من السقم أحياني
بعيد السرى يجتاب كل تنوفة .... ولم يثنه عن قصد مغرمه ثاني
أيا زائرا من بعد نأي وفرقة .... وعاود لما عاود النوم أجفاني
بعيشك يا طيف الأحبة قل لهم .... أما عطفة ترجى على المدنف العاني
وهل ذاكري أحباب قلبي على النوى .... أم الحب أغرى من أحب بنسياني
على أن هذا الهجر والصد منهم .... لحالان في شرع الصبابة حلوان
وحرمة أيام الوصال التي قضت .... وطيب ليالينا بذي الرمل والبان
لقد تلفت روحي اشتياقا إليكم .... وهاجت صباباتي إليكم وأحزاني
وقد كدت أقضي بعدكم يا أحبتي .... ومن بعدكم ما كان بالموت أحراني
وأغيد كالغصن الرطيب إذا مشى .... من الترك فتاك اللواحظ فتان
يرنحه سكر الصبابة والصبا .... كما رنحت ريح الصبا غصن البان
كلفت به كالبدر حل بسعده .... وعاصيت فيه كل من ظل يلحاني

ولم أنس في نعمان يوما جنيت من .... أزاهر خديه شقائق نعمان
يقولون ما ألقاك في نار حبه .... فقلت لهم لا تعتبوا خده القاني
دعوني وذنبي في هواه فخاله .... إلى الحب من طور المحاسن ناداني
سأثني عناني نحوه غير سامع .... ملاما وكيف الكفر من بعد إيمان
ويا شرف الإسلام يا من صفاته .... الحميدة حقا ما اجتمعن لإنسان
أتتني على بعد قصيدتك التي .... أقر لها قاصي البرية والداني
بعثت بها حسناء يا خير محسن .... فأطلقت جهدي بين حسن وإحسان
وأرسلتها حوراء مصحوبة الرضى .... فقلت انظروها فهي من حور رضوان
كسرت قناة الناصين بها كما .... رفعت بها يا بن الأكارم من شاني
فمن أين لي في أن أجاريك طاقة .... وبحرك يأبى أن يقاس بغدراني
ولكن من عجز أقابل بالحصى .... قلائد من در نظيم وعقيان
توصلت في مدحي إلى مدح ماجد .... به افتخرت أبنا معد وعدنان

إمام الهدى رب الندى واسع الجدا .... مبيد العدى مروي صدى كل عطشان
فتى حاز شأو المكرمات بهمة .... تريه البعيد الصعب مستسهلا داني
فمن كالحسين السيد الندب في الورى .... يشيد العلى والمجد من غير ما واني
ولما شكوت الدهر يا خير ماجد .... غدوت بقلب من همومي حران
وبت كأني ساورتني ضئيلة .... من الرقش من أنيابها السم يغشاني
لحا الله دهرا حاربتك صروفه .... ومالت بطغيان عليك وعدوان
وأنت الذي شرفته ورفعته .... على أعصر مرت قديما وأزمان
فمال ولو وفاك ما تستحقه .... بنى لك بيتا فوق هامة كيوان
فلا تبتئس وابشر فسعدك مقبل .... سيأتيك ما تهوى وإن رغم الشاني
وسوف ترى السبع الدراري مطيعة .... لأمرك فيما تشتهي ذات إذعان
عليك سلام مثل أخلاقك التي .... هي الروض لا بل زهرها غب هتان

(((ديوان الهبل)))
حتام أكتم ما الدموع تبيح
-----------------------------------
حتام أكتم ما الدموع تبيح .... وإلام أغدو مغرما وأروح
وإلى متى أصبو إلى ريح الصبا .... ومهيج نار جواي تلك الريح
ومعنف نحو الملامة جانح .... لو كان لي نحو السلو جنوح
يملي على من ليس يسمع قوله .... في الحب قولا كله مطروح
ومعذبي من لا أبوح بذكره .... ويكاد يعميني الهوى فأبوح
من لو رآه البدر قال مخاطبا .... أنت المليح وما سواك مليح
نشوان من خمر الرضاب لقده .... منها غبوق دائما وصبوح
أعطيته روحي ومالي طالبا .... للوصل وهو بما طلبت شحيح
ومتى شكوت له الهوى قال اصطبر .... فالصبر فيه لذي الهوى ترويح
أمكلفي صبرا جميلا في الهوى .... تكليف ما لا يستطاع قبيح
أرفق بجسم أنت سالب روحه .... أيعيش جسم فارقته الروح
وانظر إلى قلبي عليك وناظري .... هذا قريح هوى وذاك جريح

وسل المدامع عن غرامي فهو في .... متن الخدود بمدمعي مشروح
إن لا تكن لي زورة تحيى بها .... روحي فموت من هواك مريح
حيا الحيا زمن الغوير وأنت لي .... بالقرب منك وبالوصال سموح
إذ لا أخاف الكاشحين وقولهم .... هذا الفتى المستهتر المفضوح
يا عاذلين أنا الذي قد قلتم .... فاغدوا هبلتم في الملام وروحوا
ولقد وقفنا للوداع ببارق .... إذ بارق البين المظل يلوح
إذ ليس إلا مدمع متدفق .... إثر الهوادج أو دم مسفوح
لم ندر هل تلك النفوس ذوائبا .... أم أدمع فوق الخدود تسيح
وببابل سقت الغوادي بابلا .... ملقى بآثار الخيام طريح
سمع الصبابة وهي حقا باطل .... وعصى النصيح وإنه لنصيح
متيقنا جور الغرام وأن ما .... يروى عن المقل المراض صحيح
قد عبرت عبراته عما به .... إن الهوى تلويحه تصريح
أضحى يحدثه أحاديث الهوى .... عنهم خزامى بابل والشيح
قلق الفؤاد كأنما هبت له .... من حضرة الهادي بن أحمد ريح
سباق غايات المعالي من له .... طرف إلى نيل الفخار طموح

خلق يحاكي البدر حين يلوح مع .... خلق يحاكي الزهر حين يفوح
من إن دجت ظلم النوائب حلها .... رأي له في المشكلات رجيح
ندب يجل عن المدائح كلها .... لو أن شعر العالمين مديح
وإذا أشار الناس نحو مسود .... فهو المشار إليه والملموح
شهم يلاقي النائبات بعزمة .... تدع الشوامخ وهي بيد فيح
وفضائل ما حازها أحد غدت .... ولها على شمس النهار وضوح
وندى كما انهل الغمام ورآءه .... نسب كما انشق الصباح صريح
يتناقل الأدباء در قريضه .... فكأنه التهليل والتسبيح
يا أفصح الفصحاء غير مدافع .... أقلل لمثلك أن يقال فصيح
إذ أنت للأدباء درة تاجها .... بل أنت في جسد المعالي روح
خذها كما ابتسمت أزاهر أيكة .... قد زانها التهذيب والتنقيح
غراء تجتلب القلوب غرابة .... لم لا وأنت بدرها الممدوح
أشكو عظيم جوى إليك مضاعفا .... لي من سموم سمومه تلويح
وصروف دهر يا بن أحمد لم يزل .... يبدو لهن تجهم وكلوح
فابعث قريضك رقية يحيى بها .... قلبي فقد أودى به التبريح

الباب الثالث فيما قاله رضوان الله تعالى عليه من الغزل والتشبيب وذكر المنزل والحبيب

19 / 45
ع
En
A+
A-