(((ديوان الهبل)))
أذن الندى عن نداء الشعر صماء
-----------------------------------
أذن الندى عن نداء الشعر صماء .... فليس يجديك إنشاد وإنشاد
يا قالة الشعر مهلا لا أبا لكم .... رويدكم ما لزند المدح إيراء
إنا لفي زمن ود الفصيح به .... لو انه ألكن في القول فأفاء
كم تمدحون ولا تعطون جائزة .... كأنما مدحكم بالمنع إغراء
لو كان في الطين أو في الماء رزقكم .... يوما لأعجز حتى الطين والماء
ويا مرجي نوالا أنت في زمن .... فيه المكارم والعلياء أسماء
إياك إياك أن تدلي بسابقة .... فإن ذلك إن حققته الداء
ولا تقل إن أردت النجح قد قتلت .... أمامكم لي أجداد وآباء
يقصي المحب ويدني من عقيدته .... نضب وجبر وتشبيه وإرجاء
كم ملحدين ونصاب كأنهم .... لمفرط القرب أرحام وأحماء
ومن يكن ذا صلاح في عقيدته .... فإنما حظه طرد وإقصاء
إن تستمح قيل كل في السؤال وإن .... عاتبت قيل بذي القول هجاء
أستغفر الله ليس الهجو من شيمي .... لكنني رجل للضيم أباء
ما الملك إلا مضاع السرج مطرح .... إن لم يكن لعنان البذل إرخاء
أين الملوك الألي ما جاء آملهم .... إلا وقابله بشر وإعطاء
حتى ينسون من ري ومن شبع .... قوما لهم أكبد للجوع حراء
قل للمساكين أهل الشعر يا تعب الـ .... أفكار إن لم يصبهم منه إثراء
هذي الملوك ملوك العصر هل أحد .... منهم على سنن المعروف مشاء
كم قد مدحنا فما أجدت مدائحنا .... لأنهم إنما يعطون من شاؤوا
يا أحم دعوة عان قل ناصره .... وخانه لجفا الدهر الأحباء
اسمع شكية معل معلن حزنا .... إن كان ينفع إعلان وإعلاء
ما للقوافي إذا أقوت معاهدها .... أفي زمانك يوهي الشعر إقواء
من ذا الذي من مقام الذل ينهضها .... إن نالها بنعال الذل إيطاء
أف لها خطة يشقى ملابسها .... ضاقت بصاحبها للأرض ارجاء
وحرفة أزجيت فينا بضاعتها .... فربح بائعها فقر وإكداء
إيها أغث مستغيثا أنت قط له الـ .... ـمرجو إن مسه بأس وضراء
(((ديوان الهبل)))
نعم هذه حزوي وتلك زرود
-----------------------------------
نعم هذه حزوي وتلك زرود .... فهل ذلك العيش النضير يعود
وهل تقتضي فيها لبانات عاشق .... وتذكر أيمان لنا وعهود
وهل لليال قد مضت ثم عودة .... وهل لي من بعد الصدور ورود
وهل أجتني زهر اللقا من أحبتي .... على حين أغصان الشباب تميد
وهل أبلغن ممن أحب على الهوى .... ورغم النوى ما أشتهي وأريد
سقى الله أكناف العقيق سحائبا .... يبيت عليها ودقهن يجود
ولله دهر قد مضى لي بالغضا .... وعيش قضى بالرقمتين حميد
جنيت به روض المنى وهو يانع .... وقد غاب عنا كاشح وحسود
وما أنس لا أنس الحمى فسقى الحمى .... وأهليه صخاب الرعود ركود
يمثلهم شوقي لعيني وبيننا .... جبال عوال أو مهامه بيد
هم نقضوا عهدي جهارا وعهدهم .... لدي على طول البعاد أكيد
وغيداء أما جفنها فهو فاتر .... ضعيف وأما قلبها فشديد
إذا أعلمت سود اللحاظ حسبتها .... لدى الفتك أيقاظا وهن رقود
تكلفني فوق الذي بي من الهوى .... على أن وجدي ما عليه مزيد
وتوعدني بالوصل سرا وكم لها .... وعود مطال بعدهن وعود
فإياك من وعد الغواني بوصلها .... فهن اللواتي وعدهن وعيد
خليلي هل تدنو الديار لمغرم .... تمالت عليه أعين وقدود
أما قلتما لي إذ وقفنا على الحمى .... نكرر تسال الربى ونعيد
أفق فبحزوي أو زرود خيامهم .... أما هذه حزوى وتلك زرود
وأمركما لي بالتصبر ضلة .... ألا إن أمرا رمتماه بعيد
ومن لي بالصبر الجميل وقد أتت .... لقتلي من حشد الغرام جنود
وما تركت جهدا عزائم سلوتي .... ولكن شيطان الغرام مريد
وإن كنت لا أستطيع صبرا على النوى .... فإني على حمل الهوى لجليد
يقل اصطباري والغرام بحاله .... ويبلى شبابي والغرام جديد
فليس كمثلي في المحبين مغرم .... ولا مثل عز المكرمات مجيد
فتى ساد أبناء المكارم كلهم .... وما الناس إلا سيد ومسود
فتى أقعدته كاهل المجد والعلى .... جحاجح من أبناء أحمد صيد
غدا وزمام الدهر طوع يمينه .... يصرفه أنا يشا ويريد
إذا ما داعي المطالب ماله .... يلبيه منه طارف وتليد
فدع حاتما إن شيم بارق نائل .... فما لأخي جود سواه وجود
وفارس عبد لو توهم بأسه .... لذاب لو أن القلب منه حديد
أعز الهدى مر في الزمان بما تشا .... فأنت لعمري في بنيه وحيد
تظن الكرام المجد ما يبتنونه .... وليس سوى ما تبتني وتشيد
فكم من فخار أنت دون الورى له .... نهضت وأبناء الزمان قعود
ومكرمة بكر بنيت أساسها .... وهم عن بناء المكرمات رقود
ورب رفيع الذكر أخملت ذكره .... فكل عميد مذ نشأت عميد
وأتعبت أهل السبق في حلبة العلى .... بما رحت منها تبتدي وتعيد
وكم أظهرت أوصافك الغر للورى .... براهين مجد ما لهن جحود
وكم نقصت للنيل يوما أصابع .... وبحرك ما ازداد النوال يزيد
شمائل تزري بالصبا وبلاغة .... وبأس يذيب الراسيات وجود
وما لست أحصي من فضائل جمة .... غدت وهي في جيد الفخار عقود
على أقعدت عجزا سواك كأنها .... جوامع في أعناقهم وقيود
وسمعا لها مصقولة اللفظ حلوة .... يقصر عنها جرول ولبيد
إذا أنشدت حلت غراما حبى النهى .... وكادت لها الشم الجبال تميد
أبثك شوقا لي إليك مضاعفا .... لنيرانه بين الضلوع وقود
تحمل قلبي من فراقك لوعة .... يقلقل رضوى بعضها ويؤود
فما طرق القلب الجريح لبعدكم .... هدو ولا الطرف القريح هجود
وسل عن ودادي سر قلبك إنه .... لعمري على ما أدعيه شهيد
عسى من قضى بالبين بيني وبينكم .... يرد لنا ما قد مضى ويعيد
سقى الغيث ريا سوحك الرحب إنه .... لجنة عدن لو يكون خلود
ولا زال معمور الفنا بك دائما .... يحل به بعد الوفود وفود
وما دمت لا تخشى الليالي فإنما .... طوالعها مهما بقيت سعود
فما لمخوف مع وجودك صولة .... ولا لتصاريف الزمان طريد
وإنكم آل المطهر في الورى .... جواهر والمجد المؤثل جيد
(((ديوان الهبل)))
وفت لك ذات المبسم العذب بالوصل
-----------------------------------
وفت لك ذات المبسم العذب بالوصل .... ووافت على طول التباعد والمطل
من الغيد تحكي إن بدت غصن النقا .... وشمس الضحى فاستجن ما شئت واستجلي
أشد مضاءا من ظبي الهند لحظها .... وأحلا مذاقا لفظها من جنى النحل
دعاني إلى وجدي بها سحر طرفها .... ودل فؤادي نحوها ملق الدل
وليلة زارتني وعندي هجرها .... غرام مضى بالجسم والروح والعقل
ضممت قوام القد ليلة وصلها .... فحققت ظني إنها ألف الوصل
وفزت وقد نامت عيون عواذلي .... من المرشف المعسول بالعل والنهل
ويعذلني خالي الفؤاد من الجوى .... ولكن في أذني وقرا عن العذل
وإني على أخذ الغرام بمقودي .... لأصبو إلى المجد المؤثل والفضل
أروح وأغدو دائما ليس لي سوى .... طلاب العلى والحمد لله من شغل
أهيم بأبكار القريض فلم أزل .... لها أبدا ما عشت أملي وأستملي
فمن ملح سيرتها أدبية .... ومن غزل ما قاله أحد قبلي
ومن مدح كالروض حسنا بعثتها .... إلى ذي العطاء الجم والنائل الجزل
إلى كعبة الجدوى إلى حرم الغنى .... إلى المعقل الأسمى إلى الجانب السهل
إلى السيد الندب الذي ليس في العلى .... له مثل والمثل يبصر بالمثل
إلى شرف الدين الحسين الذي له .... عزائم أغنته عن الخيل والرجل
إلى الماجد الوهاب أسمح من خبا .... بكف وأسما من يسير على رجل
إلى أصيد رحب الفنا جود كفه .... إذا ضن هامي الوبل تغني عن الوبل
إلى ملك جارته أملاك عصره .... ولكنه من دونهم فاز بالخصل
إلى فرع مجد أصله سيد الورى .... فبورك من فرع كريم ومن أصل
وذو الجود لم يبرح به ذا صبابة .... فليس يرى عارا أشد من البخل
ومنجز ميعاد الأماني لوقته .... فما قال إلا أتبع القول بالفعل
إذا انهمرت من كفه سحب نائل .... فأي محل يشتكي صولة المحل
تهن عقيد المجد بالمنة التي .... حبيت بها واشكر لذي المن والفضل
أنلت قصاري ما اقترحت على المنى .... ولف القدير الحق شملك بالأهل
وجاءك هذا الدهر مستغفرا لما .... جنى سابقا فاغفر له زلة النعل
وقابله بالصفح الجميل فقد أتى .... إليك أسيرا للضراعة والذل
ولا زلت موفور الغنى حائز المنى .... مبيد الأعادي مالك العقد والحل
(((ديوان الهبل)))
يا شفا نفسي ويا برء فؤادي من سقامه
-----------------------------------
يا شفا نفسي ويا برء فؤادي من سقامه
وإمامي يوم يأتي كل شخص بإمامه
وهمام الدهر في هذا الورى وابن همامه
والذي يمتعني الله تعالى بدوامة
هاكها من عبدك الباقي على حفظ ذمامه
سبحة حازت من الحسن المعلى من سهامه
والدعا يا خير أملاك الورى أقصى مرامه
وابق ما غنت على العود مرنات حمامه
(((ديوان الهبل)))
فراقكم هاج اشتياقي وأشجاني
-----------------------------------
فراقكم هاج اشتياقي وأشجاني .... وأغرى جفوني بالسهاد وأشجاني
وأبدي سقامي فيكم ما كتمته .... وعبر شأني في الصبابة عن شاني
وهيهات أن يخفى الذي بي من الهوى .... وسر غرامي بعدكم مثل إعلاني
أأحبابنا حتى متى وإلى متى .... أرى ذاكرا بالغيب من ظل ينساني
ألا عطفة بالوصل منكم لمغرم .... أسير الجوى صادي الجوانح حران
بما بيننا من حرمة الود والهوى .... وعقد الإخا فكوا أسيركم العاني
تخذتكم دون الأنام أحبة .... وعاصيت فيكم كل من ظل يلحاني
فكيف سمعتم ما روته حواسدي .... وقالوه من زور علي وبهتان
ووالله ما رمت التبدل عنكم .... ولا مر لي في القلب خاطر سلوان
وإن التسلي والتبدل عنكم .... لأمران في دين الغرام أمران
وعاهدتموني بالعقيق على الهوى .... فأين مواثيقي ترون وإيماني
ولي فيكم يوم الوداع مهفهف .... جفاني فأغرى بالمدامع أجفاني