[132]
بني الوحي هل أبقي الكتاب لناظم * مقالة مدح فيكم أو لناثر (1)
إذا كان مولى الشاعرين وربهم * لكم بانيا مجدا فما قدر شاعر
فأقسم لولا أنكم سبل الهدى * لضل الورى عن لا حب النهج ظاهر
ولو لم تكونوا في البسيطة زلزلت وأخرب من أرجائها كل عامر (2)
سأمنحكم مني مودة وامق * يغض قلى عن غيركم طرف هاجر (3)
____________________
= الغدر طبيعة في العقلاء فالجمادات اولى بذلك ونسبة الغدر إلى الجمادات مجاز وهو حقيقة في العقلاء ونسب الجميع إلى الغدر حيث لم يقع منهم ما ذكره من آثار الحزن 1- سبل جمع سبيل وهو الطريق يذكر ويؤنث والسبيل ايضا السبب. والوصلة واللاحب الواضح، فاعلة بمعنى مفعول واضاف احدهما إلى الآخر تأكيدا ولاحب وظاهر صفتان لمحذوف اي عن دين واستعار للدين لفظ النهج المسلوك فيه على الاستقامة. 2- البسيطة: الارض ومن المعلوم الحق ان الارض لو خلت من امام حجة الله تعالى لخربت البلاد ولم يصح تكليف العباد لان الدنيا خلقت لهم. 3- منح اعطى الوامق المحب. وغض الجفن إذا أطبقه وهو كناية عن الاعراض والصدود.

[133]
القصيدة السادسة في وصفه ومدحه عليه السلام:
يا رسم لا رسمتك ريح زعزع * وسرت بليل في عراصك خروع (1)
لم ألف صدري من فؤادي بلقعا * إلا وأنت من الاحبة بلقع (2)
جاري الغمام مدامعي بك فانثنت * جون السحائب فهي حسرى ظلع (3)
لا يمحك الهتن الملث فقد محا * صبري دثورك مذمحتك الادمع (4)
____________________
1- الرسم الاثر ورسم الدار ما التصق من اثرها بالارض وارسم إذا كثر ودعا ورسمتك يريد درستك. والزعزع الريح الشديدة. والبليل الريح الباردة الندية. و الخروع الضعيفة قاله. الجوهري كل نبت ضعيف ينثني فهو خروع اي نبت كان. 2- البلقع الخالي يقول ما وجدت صدري خاليا من قلبي الا بما خلوته ممن احبه فكأن الاحباب للدار كالقلب للجسد. 3- جاراه إذا جرى معه والجون جمع جون وهو الاسود المقصود هنا والجون ايضا الابيض وهو من الاضداد. وحسرى منقطعة جمع حسير مثل قتيل وقتلى. وظلع جمع ظالع وهو الغامز في مشيه، والمعنى ان السحاب جرى مع مدامعي كالمسابق لها فرجع السحاب الشديد الماطر كالجمل المنقطع الاعرج وهذا استعارة للمبالغة في كثرة البكاء. 4- الهتن الجاري والملث الدائم دعاء للرسم بأن لا يمحو الغيث مجرى الدموع عليه فقد محاه وهو كاف له والمربع كلما درس صبره ايضا فإذا دثوره يوجب قلة الصبر وقلة الصبر توجب البكاء والبكاء يوجب دثور وهي اطراف تتجاذب إلى دروس الربع ويمحك مجزوم بلاء النهي واصلة يمحوك فسقطت الواو للجزم.

[134]
ماتم يومك وهو أسعد ايمن * حتى تبدل فهو أنك اشنع (1)
شروى الزمان يضئ صبح مسفر * فيه فيشفعه ظلام اسفع (2)
لله درك والضلال يقودني * بيد الهوى فأنا الحرون فاتبع (3)
يقتادني سكر الصبابة والصبا * ويصيح بي داعي الغرام فاسمع
دهر تقوض راحلا ما عيب من * عقباه إلا انه لا يرجع (4)
يا أيها الوادي أجلك واديا * وأعز الا في حماك فاخضع
وأسوف تربك صاغرا واذل في * تلك الربى وأنا الجليد فاخنع (5)
(أسفي على مغناك إذ هو غابة * وعلى سبيلك وهو لحب مهبع) (6)
____________________
1- الاسعد الايمن المبارك، يقال سعد يومنا بفتح العين يسعد سعودا وسعد الرجل بالكسر فهو سعيد وسعد بالضم فهو مسعود. والانكد المشوم. والاشنع القبيح. 2- الشروى المثل ويشفعه يتبعه وهو من الشفع والمسفر المضئ والاسفع الاسود لما ذكر في البيت الاول تبدل الربع بالسعود نحوسا مثله في هذا البيت بكونه لا يدوم له حال يكون فيه نهار مضئ فينقلب إلى ليل مظلم كما ان الربع كان عامرا فصار خرابا. 3- لله درك تعجب من حبه والحرون الصعب الذي لا ينقاد يقول انا لذاتي صعب لا انقاه لكن لهذه العوارض التي حكمت على عقلي وهي ما ذكر من سكر الصبابة وجهل الصبا وجذب دواعي الغرام والغرام في الاصل الهلاك وبه سمي المحب مغرما. 4- تقوض استعارة من تقوضت الصفوف إذا تفرقت. 5- اسوف اشم. واخنع واخضع واحد بمعنى اذل يقول افعل ذلك مع قوتي لان الواجد يقهر ويغلب ومعنى البيتين متقارب. 6- المغنى المنزل. والغابة الاجمة وهي محل السباع. والسبيل الطريق واللحب =

[135]
أيام انجم قعضب درية * في غير اوجه مطلع لا تطلع (1)
والبيض تورد في الوريد فترتوي * والسمر تشرع في الوتين فتشرع (2)
والسابقات اللاحقات كأنها * العقبان تردي في الشكيم وتمزع (3)
والربع انور بالنسيم مضمخ * والجو أزهر بالعبير مردع (4)
____________________
= الواضح. والمهبع الواسع استعار لفظ الغابة للنزل لا حتوائه على الرجال الذين هم فيه كالاسود وكون طريقه لحبا لكثرة وطئه وسلوكه لكثرة الناس فيه. 1- انجم قعضب هي الاسنة وقعضب رجل كان يعملها ودرية منسوبة إلى الدر شبه الاسنة لمعناها وبريقها كالنجوم الدرية، قال الجوهري طلعت الشمس والنجوم طلوعا ومطلعا بكسر اللام وفتحها والمطلع أيضا بالكسر والفتح مكان الطلوع والهاء في اوجه تعود إلى المعنى واستعار لفظ الانجم للاسنة ورشح بذكر الاوج وهو محل ارتفاع النجم وصعوده وجعل المغنى كالاوج والاسنة كالنجوم فيه. 2- البيض السيوف. وتورد جعل الوريد احد الوريدين وهما عرقان في جانب مقدم العنق والسمر الرماح. وتشرع تدخل وهو مثل تورد. والوتين عرق القلب إذا قطع مات صاحبه وتشرع تدخل فيه وتشرب منها شرعها الغير فشرعت اوردها فوردت. 3- السابقات اللاحقات الخيل تسبق غيرها وتلحق من سبقها وشبهها بالعقبان لسرعتها وعدتها، قال ابن السكيت ردى الفرس يردي رديا ورديانا إذا رجم الارض رجما بين العدو والمشي الشديد الشكيم، والشكيمة الحديدة المعترضة التي في فم الفرس التي فيها الفارس والجمع شكايم وتمزع اي تسرع. 4- الربع المنزل. والانور النير وليس فيه افعل للتفضيل والمضمخ الملطخ وهو استعارة لمرور النسيم عليه والجو ما بين السماء والارض. والازهر كالانور والعبير عدة أطياب يجمع بالرعفران وقيل هو الزعفران يصف المنزل والجو بأنهما معطران طيبان وذلك السرور الذي عنده والمرح الذي يجده.

[136]
ذاك الزمان هو الزمان كأنما * قيظ الخطوب به ربيع ممرع (1)
وكأنما هو روضة ممطورة * أو مزنة في عارض لا تقلع (2)
قد قلت للبرق الذي شق الدجى * فكأن زنجيا هناك يجدع (3)
يا برق إن جئت الغري فقل له * أتراك تعلم من بأرضك مودع (4)
فيك ابن عمران الكليم وبعده * عيسى يقفيه واحمد يتبع (5)
____________________
1- الممرع المخصب يريد أن ذاك الزمان كله طيب لا كدر فيه ولا صعب فيه سهل واستعارة القيظ للخطوب وجعله كالربيع استعارة جميلة. 2- شبه الزمان بالروضة لحسنها وابتهاج الانفس بها وخض الممطورة لانها انضر واحسن وشبه ايضا المزنة وهي السحابة جعلها كالقطعة في عارض وهو السحاب المعترض في الجو لا يقلع ولا يزول، ووجه الشبه ان السحاب بنفسه يخضب الارض ويرطب الاجسام ويسر الانفس وفيه منافع كثيرة. 3- شبه حمرة لمع البرق في سواد الليل بالزنجي المجدع. 4- الغري أرض النجف على مشرفها السلام. والمسموع الغريان لكنه كنى عن التثنية بالوحدة وقد لهج الناس بالغري مفردا وذلك طلبا للخفة ووجه تسميته الغري مشهورة وقد كتبناه في تضاعيف هذا الكتاب. 5- يقفيه يتبعه. والملا المقدس اشارة إلى باقي الملائكة اما كون النبيين والملائكة في قبره فلانه حوى ما حووه من الفضل فكأنه كلهم فيه وذكر موسى وعيسى وهما من اولي العزم ليحصل الاتصال بنبينا صلى الله عليه وآله وان كان افضل الخلايق فان عليا نفسه بنص القرآن المجيد والاخبار وانما بدء بالنبيين وثنى بالملائكة لان الملائكة على رأي المعتزلة افضل من النبيين فكأنه ارتقى عن درجة النبيين إلى الملائكة ثم ارتقى إلى الدرجة العليا وهو نور الله الذي لا يطفأ.

[137]
بل فيك جبريل وميكال وإسرافيل * والملا المقدس أجمع (1)
بل فيك نور الله جل جلاله * لذوي البصائر يستشف ويلمع (2)
فيك الامام المرتضى فيك الوصي * المجتبى فيك البطين الانزع
الضارب الهام المقنع في الوغى * بالخوف للبهم الكماة يقنع (3)
والسمهرية تستقيم وتنحني * فكأنها بين الاضالع اضلع (4)
____________________
1- استعار له عليه السلام النور اقتداء به ولا زالته ظلم الشكوك والشبه واضافة نور إلى الله لكونه حجة على الناس وخص ذوي البصائر وهي المعارف لكون النور معقولا لا محسوسا وقوله يستشف فيلمع أي ينظر فيضئ واصل الاستشفاف النظر من وراء ستر رقيق. 2- المرتضى والمجتبى من القابه. والبطين في الاصل العظيم البطن والانزع الذي انحسر الشعر عن مقدم رأسه ولا يمدح في ذلك بل بقول النبي صلى الله عليه وآله انك منزوع من الشرك بطين من العلوم. 3- الهام جمع هامة وهي اعلى الرأس والمقنع الذي عليه البيض. والوغى الحرب والبهم جمع بهمة وهو الفارس الشديد الذي لا يدري من اين يؤتى لشدة بأسه، ويقنع استعارة لاشتمال الخوف عليهم كاشتمال القناع على الرأس ويجوز ان يكون استعارة من قنع رأسه بالسوط إذا ضربه. 4- السمهرية الرماح سميت بذلك لصلابتها من قولهم اسمهر العود إذا صلب وقيل هي منسوبة إلى سمهر وهو رجل كان يقوم الرماح وقوله بين الاضالع اضلع جعلها انها قد خرقت حتى صارت ثابتة كاحد الاضلاع لكن لا يتوجه التشبيه في حال الاستقامة والانحناء لان الاضلاع تتغير ويجوز أن يكون أراد بالاضلاع أضالع الطاعن لا المطعون لان القناة تكون تحت حضن الفارس ملاصقة للاضلاع فحينئذ تستقيم مرة وتنحني اخرى. والاضالع جمع أضلع.

[138]
المترع الحوض المدعوع حيث * لا واد يفيض ولا قليب يترع (1)
ومبدد الابطال حيت تألبوا * ومفرق الاحزاب حيث تجمع (2)
والحبر يصدع بالمواعظ خاشعا * حتى تكاد لها القلوب تصدع (3)
حتى إذا استعر الوغى متلظيا * شرب الدماء بغلة لا تنقع (4)
____________________
1- المترع المالي. المدعدع الملآن. والقليب البئر قبل ان يطوى يذكر ويؤنث ويريد بذلك ما روي عن علي عليه السلام لما كان متوجها إلى صفين لحق اصحابه عطش وليس معهم ماء ولا في نواحي ذلك المكان فأمر عليه السلام بأصحابه أن يكشفوا مكانا كان هناك فكشفوا فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع فقال الماء تحت هذه الصخرة فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء فاجتهدوا في قلعها اجتهادا عظيما فلم يقدروا لها فنزل عن سرجه ووضع اصابعه تحت جانب الصخرة فقلعها ورمى بها اذرعا كثيرة فظهر فشرب القوم وكان أعذب ماء وخلصوا من الهلاك وتزودوا وارتووا منه ثم اعاد عليه السلام الصخرة إلى موضعها وأمر أن يعفى أثرها بالتراب فنزل راهب كان في حوالي هذا المكان وأسلم على يده عليه السلام.
2- تألبوا مثل تجمعوا. والاحزاب هم الذين تحزبوا لقتال رسول الله في وقعة الخندق واجتمعت قريش واجتمع معهم خلق كثير، وبرز عمرو بن عبدود ويدعو إلى البراز فلم يتجاسر عليه أحد من المسلمين حتى برز علي عليه السلام فقتله وكسر الاحزاب وفرق جمعهم.
3- الحبر العالم وصدع بالحق إذا كشفه ونطق به ظاهرا وتصدع اصله تتصدع اي تتفرق فحذف إحدى التائين تخفيفا.
4- استعر التهب. متلظيا متلهبا أيضا وهما لفظان مترادفان للتأكيد والغلة العطش وتنقع تروى ولما كان عليه السلام كثير السفك والقتل حتى أنه لا يمل ولا ينام استعار له لفظ الشارب العطشان الذي لا يرتوي.

[139]
متجلببا ثوبا من الدم قانيا * يعلوه من نقع الملاحم برقع (1)
زهد المسبح وفتكة الدهر الذي * اودى بها كسرى وفوز تبع ؟ (2)
هذا ضمير العالم الموجود عن * عدم وسر وجوده المستودع (3)
هذي الامانة لا يقوم بحملها * خلقاء هابطة وأطلس ارفع (4)
تأبى الجبال الشم عن تقليدها * وتضج تيهاء وتشفق برقع
هذا هو النور الذي عذباته * كانت بجبهة آدم تتطلع (5)
____________________
1- تجلبب إذا لبس الجلباب وهو الملحفة جعل عليه السلام لكثرة تلطخة بدماء القتلى كأنه قد لبس ثوبا أحمر وجعل الغبار على وجهه الشريف كالبرقع والملاحم الوقائع. 2- المسيح عيسى بن مريم عليه السلام جعله زهد المسيح وفنك الدهر لان الدهر لما كان ظرفا لما يقع فيه نسب الفعل إليه مجازا، واودى هلك به وكذا فوز كسرى وتبع قد ذكر، والمعنى انه ازهد الناس واخضعهم واخشعهم لله ومن عادة الزاهد رقة القلب وهو مع ذلك يختطف الارواح ويسفك الدماء ومن عادة الشجاع الفاتك قساوة القلب وخشونة الجانب وهو قد جمع بين هذين الضدين. 3- ضمير العالم وسره بمعنى واحد والعالم كل موجود سوى الله وآل محمد سر العالم المستودع عند اولي العلم إذا لولاهم لما أوجد الله العالم فسر الوجود هو ما علمه الله تعالى من المصالح في إيجاد هذا العالم بسبب محمد وآل محمد حيث كانوا الطافا لا يصح التكليف الا بهم ولا يقوم غيرهم مقامهم. 4- الخلقاء الصخرة الملساء والاطلس الفلك التاسع والتيهاء الفلاة يتاه فيها وبرقع اسم من اسماء السماء ويريد بذلك قوله تعالى انا عرضنا الامانة ويريد بالامانة علي ومحبته وإطاعته لانه التكليف على العباد. 5- عذباته اطرافه، لان عذبة اللسان والصوت طرفاهما ويريد بالنور نور النبوة المنتقل من آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وانه ابن عمه وقسيمه في الشرف وهذا النور قد تقدم ذكره.

[140]
وشهاب موسى حيث اظلم ليله * رفعت له لالاؤه تتشعشع (1)
يا من له ردت ذكاء ولم يفز * بنظيرها من قبل إلا يوشع (2)
يا هازم الاحزاب لا يثنيه عن * خوض الحمام مدجج ومدرع (3)
يا قالع الباب الذي عن هزها * عجزت اكف اربعون وأربع (4)
لولا حدوثك قلت إنك جاعل * الارواح في الاشباح والمستنزع (5)
لولا مماتك قلت إنك باسط * الارزاق تقدر في العطاء وتوسع (6)
____________________
1- لالاؤه انواره، واطلق على علي عليه السلام الشهاب وهو الشعلة من النار إطلاقا لاسم المسبب على السبب حيث انه عليه السلام سبب في تفضيل موسى عليه السلام وظهور النار له من جانب الطور. 2- ذكاء من اسماء الشمس غير منصرف ويقال للصبح ابن ذكاء لانه من ضوئها وقد مضى ذكر رجوعها له عليه السلام واما يوشع بن نون فانه بعثه الله نبيا بعد موسى وأمره بالمسير إلى قوم جبارين فسار إليهم وقاتلهم يوم الجمعة حتى امسوا فدعا إلى الله تعالى فرد الشمس وزيد في النهار يومئذ نصف ساعة وهزم الجبارين ومات وعمره يومئذ مائة وعشرون سنة والضمير في نظيرها يعود إلى الفضيلة التي دل عليها المعنى. 3- المدجج: التام السلاح. والدجة الظلمة فكأن المدجج يغطي بسلاحه والمدرع لابس الدرع. 4- انث الباب مع كونه مذكرا ولا ضرورة له يحتمل دفعه على تأنيثه فاستعمله أو انه غفل عن ذلك والباب يريد به حصن اليهود بخيبر. 5- الاشباح الاجسام جمع شبح يقول لولا حدوثك لقلت انك المحيي والمميت الا ان المحدث يفتقر إلى محدث مغاير له فكيف بكون موجدا لغيره. 6- تقدر تضيق نفى المكون بكونه رازقا بثبوت موته لان الموت يستلزم انقطاع الرزق عن الغير.

[141]
ما العالم العلوي إلا تربة * فيها لجثتك الشريفة مضجع (1)
ما الدهر إلا عبدك القن الذي * بنفوذ امرك في البرية مولع (2)
أنا في مديحك ألكن لا أهتدي * وأنا الخطيب الهبزري المصقع (3)
أأقول فيك سميدع كلا ولا * حاشا لمثلك ان يقال سميدع (4)
بل أنت في يوم القيامة حاكم * في العالمين وشافع ومشفع (5)
____________________
1- جعل تربته ومحل جسده الشريف العالم العلوي وهو في ذلك بار صادق لان قبره عليه السلام معراج الملائكة ومحل اختلاف الارواح والعالم العلوي عبارة عن ذلك. 2- القن هو الذي يملك هو وابوه يستوي فيه الواحد والجمع والاثنان والمؤنث والمذكر وربما قيل اقنان استعار للدهر لفظ العبيد لحكمه عليه وانقياد الدهر له بأمر الله كانقياد العبد لمولاه. 3- الالكن الواقف اللسان. والخطيب الفصيح الذي يقول الخطب وهي الكلام المسجوع في الاغلب والهبزري الاسوار من اساورة الفرس، قال ابو عبيدة هم الفرسان والهاء بدل من الياء كان اصله اساوير وكذلك الزنادقة اصله زناديق وقال تغلب كل جسم حسن الوجه وسيم فهو عند العرب هبزري، والمعنى ان الانسان وان كان فصيحا بليغا إذا رأى صفاتا باهرة فائقة فان لسانه يكل عنها وفكره ينقطع دونها. 4- الاستفهام في اقول لاستصغار هذه الكلمة. والسميدع السيد السهل الاخلاق وكلا هنا ردع وزجر ولها ثلاثة معان أخر تكون للاستفتاح بمعنى الا كقوله تعالى: " كلا لا تطعه " وتكون بمعنى حقا كقوله تعالى " كلا ان الانسان ليطغى " وتكون بمعنى أي التي للاثبات بعد الاستفهام وذلك إذا وقع بعدها القسم كقوله تعالى " كلا والقمر " معناه أي والقمر لان أي يلزم بعدها القسم. 5- اضرب عن الصفة بالسميدع واثبت ما هو اعلى واجل وهو كونه حاكما في العالمين يوم القيامة وذلك لانه قسيم الجنة والنار وصاحب الحوض والشفاعة باذن الله تعالى.

14 / 17
ع
En
A+
A-