سورة القمر
[مسألة]
وربما قيل كيف يصح قوله (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وانْشَقَّ الْقَمَرُ) ولو كان قد انشق القمر على الحقيقة لنقل ذلك نقلا ظاهرا؟ وجوابنا ان في العلماء من يقول المراد به وانشق القمر في الساعة لأنه عند السابق ينشق القمر إلى غير ذلك من الشرائط لكن الصحيح ما قاله مشايخنا من أنه في أيام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم انشق القمر وهو ظاهر القرآن فإذا كان قد انشق بالمدينة أو بمكة وفي سائر الأماكن غيوم تحجب عن رؤية ذلك وكان اهل ذلك البلد في غفلة عنه إلا طبقة مخصوصة فليس من الواجب نقل ذلك بالتواتر بل يجوز ان ينقله الآحاد وقد نقل ابن مسعود وغيره هذا كما نقل رد الشمس في ايام الرسول صلّى اللّه عليه وسلم فلم يجب في نقله الظهور لأن ذلك ظهر آخر النهار لقوم مخصوصين. وقوله (وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا) على وجه الذم يدل على ان ذلك قد كان. وقوله من بعد (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) الجواب فيه ما قدمنا من قبل. وما كرره اللّه من قوله (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يدل على انه تعالى يكرر هذه الامور لكي يعتبر الناس بها وأنه تعالى أراد من جميعهم الادّكار لا تركه على ما يقوله من خالفنا وقوله تعالى من بعد (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) لا يدل على ما يقوله مخالفنا وذلك لأنه تعالى قال (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ

بِقَدَرٍ) يعني في الآخرة في معاقبة اهل النار لانه تعالى يعاقب كل أحد بقدر استحقاقه ولذلك قال بعده (وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) وذلك لا يليق إلا بالآخرة التي لا يقع فيها من احد مخالفة للّه تعالى. وقوله (وَ كُلُّ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) يدل على ان كل ذلك يكتبه الحفظة ثمّ يقع التمييز عند المحاسبة ويحتمل ان يريد ان ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ كما كتب تعالى الآجال والأرزاق.

سورة الرحمن
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) أن ذلك يدل على أن علمه بالقرآن والبيان من فعل اللّه تعالى وذلك ممّا لا نخالف فيه وانما القول في العلم باللّه وتوحيده وعدله وأنه اكتساب من العبد.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ وَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) ان ذلك تكرارا لا معنى له. وجوابنا ان وضع الميزان المراد به ما تستقيم به المعاملات من الموازين وقوله تعالى (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) المراد به كيفية استعماله في المعاملات فأحد الأمرين مخالف للآخر.
[مسألة]
وربما قيل إنه تعالى ذكر في أول السورة أنّه (خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) فكيف قال من بعد (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ). وجوابنا انه بعد ذلك ذكر مع الانس الجن فقال (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) ثمّ عطف على ذلك بقوله تعالى (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) لأنه كلف تعالى في الأرض الانس والجن وإنما كرّر تعالى في هذه الآيات الكثيرة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) لأنه ذكر نعمة بعد

نعمة فاتبعه ذلك وهذا مما يحسن مما يذكر نعمه وأياديه فان قال ففي جملة الآيات ما ليس فيه نعمة كقوله (يَطُوفُونَ بَيْنَها وبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) الى غير ذلك. وجوابنا ان ذلك من النعم اذا تدبره المرء وخاف منه فصار زاجرا له عن المعاصي.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ والْمَرْجانُ) كيف يصح ذلك وإنما يخرج من أحد البحرين؟ وجوابنا أنه إذا خرج من أحدهما فقد خرج منهما والمراد من هذا المجموع وقد قيل إنه لا يخرج من البحر الذي ليس بعذب إلا إذا مازجه الماء العذب.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ ولا جَانٌّ) كيف يصح ذلك مع أنه تعالى قد ذكر أنه يسألهم أجمعين في غير آية؟ وجوابنا ان المراد انهم لا يسألون على وجه التعرف لان ذلك مكتوب معلوم وان كانوا قد يسألون على غير ذلك وقد تقدم كلامنا في مثل هذه الآية.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) كيف يصح ذلك ولا يجوز على اللّه تعالى الشغل والفراغ؟ وجوابنا ان ذلك مما يستعمل في الوعيد لأنه اقوى في الزجر والتهديد فالقائل يقول لمن يخوفه سأفرغ لك إن خالفت فلاجل هذه المبالغة ذكره تعالى وإلّا فالفراغ لا يصح الا على من يشغله فعل عن فعل من حيث يفعل ولا يصح أن يضيف إلى السكون حركة ولا إلى القيام قعودا.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) كيف يصح وصف البطائن التي هي دون الظهائر التي هي الارفع؟ وجوابنا انه بذكر البطائن قد دلّ على الظهائر فإن كانت الظهائر ارفع

فقد دلّ بذلك انها ارفع من الإستبرق وقوله تعالى (وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) لا يدل على جواز المكان على اللّه تعالى لأنه تعالى خوّف بذلك والتخويف لا يكون بالمكان فالمراد ولمن خاف مقامه للمسائلة والمحاسبة فأضاف المقام إليه وإن كان مقاما للعبد لأنه معد من قبله لمقام العبد ولوقوفه فيه وقوله تعالى (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) احد ما يدل على قولنا لأنه عز وجل بيّن ان من أحسن جازاه اللّه تعالى بالاحسان وعلى قولهم قد يؤمن ثمّ يخلق اللّه تعالى الكفر فيه فلا يصح ذلك على مذهبهم.

سورة الواقعة
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ والسَّابِقُونَ) كيف زاد السابقين على اصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة وفي سائر القرآن لم يذكر سواهما؟ وجوابنا انه تعالى اراد ان يبيّن أن في العباد من له تقدم في عظم الثواب كالأنبياء وغيرهم فخصهم بالذكر وإن كانوا من أصحاب اليمين.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ لَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) كيف يصح في الآخرة ذبح الطيور وأكل لحمها وعندكم ان الآخرة ليست بدار تكليف للمرء؟ وجوابنا ان المراد بهذه الأطعمة انها على هيئة لحم الطير وصورته لا أنّ هناك طيورا تذبح.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) كيف يصح التوعد بما لا يعرف من جملة الأشجار؟ وجوابنا ان لفظة الزّقّوم معروفة بأنها تستعمل في الكريه من الأشياء. فجاز ان يتوعّد اللّه تعالى بذكرها.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) أ ليس ذلك يدل على ان فعل العباد

مخلوق للّه تعالى؟ وجوابنا ان إنزال النطفة ليس من فعل العبد عندنا ولذلك يختلف الحال فيه فمن النّاس من يمني أسرع ممّا يمني غيره كثر أو نقص وإذا كان ذلك من فعل اللّه وكذلك استقراره في الرحم فلا سؤال علينا في ذلك.
فإن قيل فما قولكم في قوله (أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) أ ليس ذلك يدل على أنّ الزّرع من فعل اللّه تعالى؟
وجوابنا أن الزرع اسم للنبات الظاهر وذلك من خلقه تعالى وإنما يفعل العبد مقدمته وبين ذلك أنه اضاف الحرث إليهم ثمّ أضاف الزرع إلى نفسه وبين ذلك انه عدّه في نعمه وطرح البذر ليس بنعمة وإنما النعمة النبات فأما قوله تعالى (وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ) فلا دليل للمشبهة فيه لأن الكلام فيمن حضره الموت فالمراد إذا إحاطة علمه بذلك فأما قوله تعالى (وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) فقد يقال فيه إن الكذب لا يجور عندكم في الآخرة فما معنى ذلك؟ فجوابنا ان المراد وصفهم بذلك في الدنيا فإن قيل فما تعلق بالكذب بالرزق. فجوابنا انهم كانوا يكذبون على المطر والغيم ويقولون إنا سقينا بنوء كذا فأنكر اللّه ذلك عليهم فأما قوله تعالى من بعد (وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ) فالمراد به الملائكة الموكّلة بقبض الأرواح وهو كقوله (وَ جاءَ رَبُّكَ) والمراد ملائكة ربك.

سورة الحديد
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ) كيف يصح هذا الوصف للّه تعالى مع تضاده؟ وجوابنا ان المراد هو الاول لأنه لا موجود إلا موجود بعده وهو الآخر لأنه لا موجود إلا ويفنيه فيبقى بعده وكلاهما في وصف اللّه تعالى صحيح. ومعنى قوله والظاهر أنه المقتدر القاهر من ظهور القوم على الفعل كقوله (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) ومعنى الباطن انه عالم بالسرائر وكل ذلك صحيح في أوصاف اللّه عز وجل ويدل قوله (هُوَ الْأَوَّلُ) على بطلان قول من يثبت للّه تعالى علما وقدرة وحياة وقدما لأنه لو ثبت ذلك لم يصح كونه اولا ويدل على انه تعالى يفني الخلق ليصح ان يكون آخرا إذا الأدلة قد دلت على ان الجنة لا يفنى ثوابها.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) ثمّ قال في آخر الآية الثانية (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) كيف يصح ان يقول آمنوا (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وجوابنا ان قوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) جعله تعالى شرطا في اخذ الميثاق لأنه صلّى اللّه عليه وسلم كان يأخذه بشرط الايمان ويحتمل ان يريد به إن رغبتم في الايمان وتمسكتم به وقوله تعالى (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) احد ما يدل على ان مراده بإنزال القرآن إلى

الرسول صلّى اللّه عليه وسلم وبعثته من بين الجميع ان يخرجوا من الكفر الى الايمان. فان قيل فقد قال تعالى (لِيُخْرِجَكُمْ) فيجب ان يكون الايمان من خلقه.
وجوابنا انه بيّن أنه يخرجهم بهذا السبب ولو كان الاخراج والايمان من خلقه لم يصحّ ذلك لأنه سواء أنزل القرآن أو لم ينزل فالحال واحدة وقوله تعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ) أحد ما يدل على فضل أكابر الصحابة ومن تقدم إسلامه كالعشرة وغيرهم وإنما كان كذلك لأن موقع الانفاق من قبل كان اعظم من موقعه من بعد ثمّ قال تعالى (وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) منبّها بذلك على ان الثواب يعمّ الكلّ.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ولا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) أ ليس ذلك يدل على ان الّذين آمنوا لم يكونوا خاشعين وأنه كان فيهم من هو قاسي القلب وذلك بخلاف قوله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ). وجوابنا ان المؤمن لا يكون في الجملة إلا خاشعا خاضعا للّه وإنما امر تعالى أن يخشعوا لذكر اللّه وعند سماع القرآن لان فيهم من يسمع غافلا لاهيا فهو كقوله تعالى (أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) فأما قوله تعالى (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فهو من وصف الكفار من قبل وقوله تعالى (وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) انما قاله فيمن أوتي الكتاب ثمّ آمن فيما بعد.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ ورُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ) كيف يصح ذلك وفي جملتهم الفساق وأصحاب الكبائر؟ وجوابنا أن المراد بذلك من آمن بالرسول في أيامه وكذلك كانوا ولو

صح فيه العموم لحملناه على التخصيص لان المجاهر بالفسوق والفجور لا يسمّى من الصدّيقين.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ والْمِيزانَ) أ تقولون ان الميزان أنزله اللّه؟ وجوابنا انه قد قيل ذلك على ما تقدم ذكره. وقيل إن المراد العدل وبيان صحة المعاملات بالميزان والظاهر هو الأول وكذلك قوله تعالى (وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) يتأول على ما قدمنا وقوله تعالى بعد ذلك (وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) والمراد به وقوع النصرة التي هي حادثة دون العلم فانه تعالى عالم بكل شيء لم يزل.
[مسألة]
وربما قالوا في قوله تعالى (وَ جَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً ورَحْمَةً) أ ليس يدل ذلك على ان الرأفة والرحمة من خلق اللّه تعالى؟ وجوابنا ان المراد بذلك ما لا ينكر أنه من قبله وهو لين القلب وما به يفارق الرحيم غيره فلا يدل على ما قالوه.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ويَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) كيف يصح وقوع المشي بالنور؟ وجوابنا أن المراد بهذا المشي التصرف أجمع. لأن ذلك لا يصحّ إلا بالنور الذي ينفصل من الشمس وبالعقل الذي يوصف بذلك مجازا وبعد فإن حمل على الظاهر جاز لأن المشي يحتاج صحيحه ومقصوره الى ضياء ليقع على الوجه الصحيح وقوله جل وعز (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ) لا يدل على ان أفعال العباد يخلقها اللّه تعالى وذلك لأن المراد بهذا الفضل النعم التي هي الاجسام فيدخل فيها الاكل والشرب واللباس وغيرها.
تنزيه القرآن (27)

38 / 47
ع
En
A+
A-