الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) المراد به ذق العذاب إنك أنت الموصوف بذلك في الدنيا ولذلك قال تعالى بعده (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ).
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) كيف يصح استثناء الموتة الاولى من حالهم في الجنة؟
وجوابنا أن المراد توكيد نفي الموت عنهم بذكر ما عرفوه من الموتة الاولى فالمراد سوى الموتة الاولى التي عرفوها.
سورة الجاثية
[مسألة]
إن اللّه جل وعز جمع بقوله تعالى (إِنَّ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وفِي خَلْقِكُمْ وما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بيّن كل الأدلة على اللّه تعالى لانها إما بالنظر في الاجسام فيعلم أنها محدثة من حيث لا تنفك عن المحدثات ويعلم ان فاعلها مخالف لها وإما بالنظر في أنفسنا بتجدد أحوالها على من برأها وإما بالنظر في سائر الدواب والحيوان فيعلم بتغير أحوالها المدبر لها ولا دليل على اللّه تعالى إلا وقد دخل تحت ما ذكرناه ولكنه تعالى أراد ذلك أيضا بذكر اختلاف الليل والنهار وما أنزل اللّه من السماء من رزق وتصريف الرياح ثمّ قال في آخره (تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) فبيّن أن العدول عنها الى سائر الاحاديث ترك لما يجب من النظر ثمّ قال تعالى (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) وتوعد على ترك هذه الطريقة فقال تعالى (يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) وكل ذلك بعث من اللّه تعالى على النظر والتذكر في هذه الأدلة وفي هذه النعم ليقوم بشكرها ثمّ قال من بعد محققا لما ذكرنا (هذا هُدىً والَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) فأشار الى ما تقدم من الأدلة وبيّن أنها هدى ولو لا أنها هدى للكافرين لما توعدهم بالعذاب إذا عدلوا عنها ثمّ اتبعه بقوله تعالى (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ) نبّه تنزيه القرآن (25)
بذلك على أن الغفران يكون من قبلهم إذا تمسكوا من طاعة اللّه بما يوجب الغفران ثمّ قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ومَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) فنبه بذلك على ان أمر الآخرة موقوف على هذين فمن عمل صالحا فله الجنة ومن أساء فهو من أهل النار.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها ولا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) كيف يصح أن ينهاه عما تمنع النبوّة منه. وجوابنا ان النبوة لا تمنع من القدرة على ذلك والتمكن منه وإنما لا يختاره فالنهي عن ذلك يصح ويكون أحد ما يدعو النبي إلى ترك ذلك وقوله تعالى من بعد (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً) يدل على ان الوعيد لاحق بهم وانهم من أهل العذاب لانهم لو صاروا من أهل الجنة لكان تعالى قد سوى بينهم.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) كيف يصح اتخاذ الهوى إلها؟ وجوابنا أنه يطيع الهوى ويعدل عن طريقة العقل وذلك تشبيه يحسن في اللغة ومعنى قوله تعالى (وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ) أنه أضله عن الثواب الى العقاب ومعنى قوله تعالى (وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وقَلْبِهِ وجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) ما قدمناه من العلامة التي يفعلها اللّه تعالى وقد تقدم القول في ذلك وقوله من بعد (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من أقوى الصوارف عن المعاصي فانها اذا تفرقت على الاوقات ثمّ جمعت في الصحيفة عظمت على من عرضت عليه وقوله تعالى من بعد (ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) يدل على أن الأعراض عن الآيات من أعظم الذنوب وكذلك الاغترار بالدنيا.
سورة الاحقاف
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ) كيف يصح ان يقول صلّى اللّه عليه وسلم ذلك وهو كلام شاك في أمره وأمرهم؟ وجوابنا أن المراد ما أدري ما يفعل بي ولا بكم فيما يوحى إليّ فبيّن أن الوحي يأتي في المستقبل بما لا يعلمه في الوقت وقال تعالى بعده (وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) فبيّن انه بعد نزول الوحي ينذر ويحذر وقوله تعالى من بعد (وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) يعني القرآن يدل على حدوثه لان ما تقدمه غيره لا يكون الا محدثا وكذلك قوله تعالى (وَ هذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا) يدل على ذلك وقوله تعالى من بعد (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ) يدل على أن من هذا حاله لا تؤثر فيه أهوال الآخرة وقوله تعالى (وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) يعني من جزاء ما عملوا لانهم يتفاضلون في ذلك وكذلك قوله (وَ لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ) أي جزاء أعمالهم وقوله في الكفار (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا واسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) يدل على أنهم استحقوا العذاب لاستكبارهم وفسقهم على ما نقوله في ذلك.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً
مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) أ ليس ذلك يدل على أنه خلق حضورهم؟
وجوابنا ان قول القائل صرفت الى فلانا فلانا يريد انه فعل ما عنده حضر من الأسباب وليس المراد أنه فعل نفس حضوره ولذلك قال تعالى (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا) فأضاف الحضور إليهم وفي الآية دلالة على أن في الجن من آمن بالرسول وعلى أنهم مكلفون وفيهم مؤمن وكافر وعلى أنهم من أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلم وأنه صلّى اللّه عليه وسلم دعاهم كما دعا الانس فلذلك قالوا في وصف القرآن (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ).
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) أن ذلك يدل على أن في الرسل من هو أولي العزم وفيهم من ليس كذلك وأنتم تنكرون هذا القول. وجوابنا أن مثل ذلك قد يذكر ويراد به الكل فالمراد بقوله (مِنَ الرُّسُلِ) تمييز أولي العزم من غيرهم دون التبعيض فلا يدل على ما ذكروه.
سورة محمد صلّى اللّه عليه وسلم
[مسألة]
وربما قيل كيف قال تعالى (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) ومعلوم انهم في بعض حروبهم نصروا اللّه بأن جاهدوا ومع ذلك فلم ينصرهم ولم يثبّت أقدامهم؟ وجوابنا أنه لم يرد بقوله إن تنصروا اللّه بالاستقامة على الطاعة ينصركم في الدنيا إذ يحتمل انه يريد ان ينصركم في الآخرة ويثبت أقدامكم على الثواب لان ذلك نصرة لهم فيجري مجرى قوله (وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فكأنه قال إن تنصروا اللّه يجازيكم على النصرة ويحتمل أنه يريد أن الغلبة لكم على كل حال وإن غلبتم في الظاهر لأن المغلوب إذا كان مستحقا للثواب فهو المنصور والغالب اذا كان من أهل العقاب فهو مخذول غير منصور فان قيل فقد قال تعالى بعده (وَ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) وكيف يصح ذلك مع الوعد لهم بالنصرة؟ وجوابنا أن المراد لانتصر منهم بالاهلاك لكنه تعالى يمهلهم وربما قالوا في قوله تعالى (ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) كيف يجوز أن ينفى كونه مولى الكافرين وهو مولاهم وخالقهم ورازقهم؟ وجوابنا أن المراد بأنه مولى المؤمنين أنه المتولي لحفظهم ونصرتهم في باب الدين وذلك منفي عن الكافرين.
[مسألة]
وربما قالوا إن قوله (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ) الى قوله (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ) كيف يصح اتصال هذا الكلام بما تقدمه وانما يحسن ذلك إذا قيل أ فمن هو في الجنة كمن هو
في النار؟ وجوابنا ان معناه أ فمن كان في الجنة التي مثلها هذا المثل ووصفها هذا الوصف كمن هو في النار وفي الكلام حذف لما فيه الدلالة على ذلك.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) كيف يصح أن يقول ذلك لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم وعلمه به متقدم مستقر؟ وجوابنا أن المراد الثبات على هذا العلم في المستقبل فان قيل فكيف قال (وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) وهو مغفور له. وجوابنا أن يجتهد في التوبة من ذنبه لعظم منزلته لأن حال الانبياء فيما يقدمون عليه أعظم من حال غيرهم.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وأَمْلى لَهُمْ) كيف يصح أن يملي لهم والاملاء هو الابقاء ولا يصح أن يكون إبقاؤهم من قبله بل هو من قبله تعالى؟ وجوابنا أن (سَوَّلَ لَهُمْ) المراد به زين لهم المعاصي والمراد بقوله (أُمْلِي لَهُمْ) أنه غرّهم بأن بسط لهم في الآمال وغلب في قلبهم أنهم يبقون فيتلافون وفي السورة أدلة على مذهبنا منها قوله تعالى (وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ ويُصْلِحُ بالَهُمْ) فان ذلك يدل على ان الهدى قد يكون إلى الثواب لأنه بعد القتل لا يصح سواه وهو معنى قوله (وَ يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) أي طيبها لهم وقوله (فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) يدل على ان الضلال قد يكون الا هلاك ولذلك قال (وَ الَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) ومنها قوله (وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) فانه يدل على أن الالطاف والأدلة والخواطر التي ترد على المؤمن توصف بأنها هدى وأن للمؤمنين من الحظ في ذلك ما ليس لغيرهم ومنها قوله تعالى (أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) فانه يدل على وجوب النظر وعلى ان التدبر فعلهم فأما قوله (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ) فالمراد بالمرض ليس هو الكفر بل هو ما لحقهم بظهور أمر
الرسول صلّى اللّه عليه وسلم من الغموم؟ ومنها قوله (وَ لا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) فذلك يدل على ان المكلف قد يبطل ثواب ما تقدم من عمله بالكبائر والكفر لأن ابطال نفس العمل لا يصح فالمراد به جزاء العمل فأما قوله (وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ) فالمراد به حتى يقع الجهاد وقد ذكر العلم وأراد المعلوم لأن علم اللّه تعالى لا يتجدد. تعالى عن ذلك.
سورة الفتح
بسم اللّه الرحمن الرحيم
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ) كيف يصح أن يستثنى في خبر بشر الرسول به وما فائدة ذلك؟ وجوابنا انه كان مع الرسول صلّى اللّه عليه وسلم من المعلوم أنه يموت فلا يقع منه الدخول فلذلك استثنى وقد قيل ان الاستثناء متعلق بالامن فكأنه قال لتدخلن المسجد الحرام وأنتم آمنون إن شاء اللّه لأن الأمن في داخل المسجد الحرام قد يتغير وقد قيل الفائدة أنه علّمنا كيف نخبر عن الأمور وأن نستثني في ذلك.
[مسألة]
وربما قيل في قوله من قبل (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ) كيف يجوز فيما لم يقع من الذنب المتأخر أن يغفره؟ وجوابنا ان المراد ما تقدم من ذنبك قبل النبوة وما تأخر عنها وكلاهما مما يقع فيصح فيه الغفران فان قيل فما تعلق الغفران بالفتح حتى يقول تعالى فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه؟ وجوابنا انه لا يمتنع في الفتح ان يكون سببا في طاعات عظيمة مستقبلة تؤثر في غفران الذنب.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) ما الفائدة في هذا الكلام؟
وجوابنا ان المراد انه أقوى منهم وأقدر وفي ذلك زجر لهم عن نكث البيعة فأما من يزعم أن للّه تعالى يدا تبعا لهذا الظاهر فقد أبعد لأنه يلزمه إثبات يد
فوق أيدي الناس وفوق لا يستعمل الا على وجه لم يجوزه أحد.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) ان ذلك توجب أنه لا حرج عليه في شيء. وجوابنا أنه لا حرج عليه ولا على المريض والأعرج في بعض العبادات كالجهاد وغيره وهذا معقول من الكلام.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ) أ ليس ذلك يدل على أنه تعالى خلق فيهم ذلك الكف؟ وجوابنا أنه لا يقال إن فلانا كفّ فلانا عن كيت وكيت إلا بأن يبعثه على الكف ويسبب له ذلك فهذا هو المراد.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) ما المراد بهذه الرؤيا؟ وجوابنا انه صلّى اللّه عليه وسلم رأى كأن قائلا يقول له (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) فحكاها اللّه تعالى كما رآها فهذا معنى الكلام نبه بذلك على أن في الرؤيا ما يصدق وما يكون خاطرا من قبل اللّه تعالى.