[الإجتهاد والتقليد]
باب الاجتهاد ما زال مفتوحاً والمراد به: استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية، والمجتهد هو من عنده ملكة يقدر بها على ذلك، ومن كان بهذه المنزلة فإنه يجب عليه النظر، والإجتهاد في تحصيل ما كلف به من الأحكام والعمل به، ولا ينبغي له التقليد.
أمَّا مَنْ كان لا يقدر على النظر والاجتهاد فإنه يجب عليه التقليد والنظر في كمال من يقلده وأهليته، ولتفصيل ذلك موضع آخر في كتب الأصول.
[بيان أنَّ الحق لا يخرج عن أهل البيت عليهم السلام، والكلام على المذاهب]
والذي قضت به الأدلة أنه لا يجوز الخروج من مذهب أهل البيت عليهم السلام لأنهم أهل الهدى وسفينة نوح وقرناء القرآن.
المذاهب الإسلامية الذي اشتهر من المذاهب الإسلامية وصار له كيان وإتباع ثلاثة:
الشيعة.
المعتزلة.
أهل السنة والجماعة أو إن شئت فسمهم المجبرة.
والشيعة: فرق شتى أهمها الجعفرية والزيدية وما سواهما من فرق الشيعة ليس لهم كيان معروف أو مؤلفات منتشرة بشكل واسع يعرف من خلالها هويتهم الفكرية.
أما الجعفرية: فأهم ما تميزت به عن الزيدية القول بالنص على إثني عشر إماماً آخرهم المهدي محمد بن الحسن العسكري، وأنه ما زال حياً حتى الآن.
والمعتزلة: فرق شتى يجمعها مخالفة الزيدية في الإمامة من أولها إلى آخرها، ولهم مذاهب كلامية تفلسفوا فيها، وتجاوزوا حدود المعقول، وقد كان لهم كيان كبير ولكنه تضاءل مع مرور الزمان وذاب كيانه في المذاهب الإسلامية، ولم يبق إلا شبحه في أسفارهم التي خلفوها أو من تعجبه تحقيقاتهم وتوضيحاتهم من غير أن ينتمي إليهم.
أهل السنة والجماعة: وهم فرق شتى يجمعهم القول:
بأنه لا حكم للعقل في معرفة حسن ولا قبيح، وأنه لا هداية له إلى أن يفرق بين المحسن والمسيء، وأنما جاءت التفرقة من الشرائع السماوية.
والقول بأن ما حدث في الكون من خير وشر وطاعة وعصيان وحركة وسكون فإن الله هو فاعلها وخالقها دون غيره.
وأنه يشاء المعاصي ويريدها.
وأن ما حدث من خير وشر فهو بقضاء من الله وقدر سواءً كان ذلك طاعة أو عصياناً أو غيرهما.
وأنه ليس للإنسان قدرة على ما كلفه ربه به، وليس له إختيار في طاعة أو عصيان، وأن ما أحدثه الإنسان من ذلك فإن الله تعالى خلقه فيه وقدره وأراده وشاءه، وإنما الإنسان كالشجرة التي تحركها الرياح أو السيارة التي يحركها غيرها.
وأن الله سبحانه إذ كلف الإنسان فقد كلفه ما لا يطاق، إذ كلفه بما لا يقدر عليه، صرح بذلك الغزالي في المحصول.
وأن الله سبحانه وتعالى ذو جوارح وأعضاء، فله أعين ويدان وقدم وجنب وأصابع وقبضة وساق وأنه على العرش.
وأنه سبحانه سوف يُرى يوم القيامة، ويكشف عن ساقه، ويضع قدمه في جنهم فتقول: قط قط، فيشفع الرسول صلى الله عليه وآله لأهل الكبائر من أمته، وكل من قال لا إله إلا الله أدخله الله الجنة وإن سرق وإن زنى أو قتل أو كان صاحب ربا، ولهم كلام في اسماء الله الحسنى وفي كلامه صادر عن جهل عظيم، ولهم أيضاً كلام في الصحابة والتفضيل والتشيع والخلافة دفعوا به حجج القرآن وعاندوا به حكم الرحمن.
[الزيدية]
والزيدية ما تميزت به قد احتوت هذه الصفحات على أصولها التي خولفت فيها، وبيان تلك الأصول بصورة موجزة، وبيان طرف من الدلالة على كل أصل.
إذاً فالخلاف الكبير هو بين الزيدية وأهل السنة والجماعة كما سموا أنفسهم، على اختلاف فرقهم من الوهابية وغيرهم، فقد اتسعت هوته، وتعفنت كلومه، واتسع نطاقه، فمن حاول المقاربة بين المذهبين فقد حاول ما لا يكون، وكيف يكون تقارب بين حق وباطل، وهدى وضلال؟!، مع العلم أنه لم يحصل في تاريخ البشر الطويل توافق وإئتلاف لمن كان كذلك.
نعم، قد يحصل تقارب بين أهل المذاهب وبين الزيدية مثلاً، ولكن بشرط أن تتخلى الزيدية عن معتقداتها وتدخل في عقائد غيرها أو تتنازل تلك المذاهب عن أصولها وتدين بأصول الزيدية، فحينئذ يتم التقارب والإئتلاف، فوحدة العقيدة ضرورة حتمية لتوحيد الصف وضم الشمل.
[شبهة والرد عليها في الفرقة الناجية]
في مختصر العقيدة الواسطية أن الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة، ثم بين من أين أخذ أنها ناجية، فأجاب من قوله صلى الله عليه وآله: ((ستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة)) ومن قوله صلى الله عليه وآله: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة)).
ونقول في الجواب على دعواهم: إنهم ما زالوا في حَيِّزِ الدعوى، وما استدلوا به ليس بدليل على ما ادعوا، فقوله صلى الله عليه وآله: ((إلاَّ واحدة))، فيه إبهام للواحدة، وكذلك الحديث الثاني الطائفة مبهمة.
فإن استدلوا بغير ما استدلوا به هنا نحو قول بعضهم: إنه ورد في الحديث: ((ما كان عليه أنا وأصحابي)).
فالأمر مبهم كذلك إذ أن كل فرقة من فرق المسلمين تدعي أنها على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وآله وأصحابه، لهم كتب في السنة مروية بأسانيد رجال موثقين عندهم كفرق الشيعة وفرق الفقهاء الحنفية والشافعية والحنبلية والمالكية وفرق الحشوية وإلى آخره.
ولم يقم أحد الدلالة الواضحة على أن فرقته هم الفرقة الناجية سوى الزيدية، فقد روت جميع الطوائف المختلفة حديث الثقلين، وحديث السفينة وغيرهما، مما يدل دلالة واضحة أن متبع أهل البيت هم الناجون.
فإن قيل: هناك فرق من الإمامية ينبغي أن تكون في ضمن الفرقة الناجية، إذ هم متبعون لأهل البيت، فلماذا حصرتم النجاة لطائفة الزيدية؟
والجواب والله الموفق: أن الأمة بما فيهم الإمامية والزيدية قد رووا حديث الثقلين، وحديث السفينة وغيرهما مما يدل على نجاة أهل البيت والمتمسك بهم نحو: ((قدموهم ولا تقدموهم، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم))، وهي تدل على نجاة أهل البيت، ونجاة المتمسك بهم، وأنهم لا يفارقون الكتاب حتى الورود على الحوض.
ثم انفردت الإمامية بطوائفها إلى القول بأن المقصود بأهل البيت إثنا عشر إماماً مسميين بأسمائهم، ولم نجد شاهداً يصدق دعواهم سوى روايات رووها وحدهم، فالزيدية أخذت بما روته الأمة بما فيهم الإمامية والسنية، لأنها رواية صحيحة أجمعت عليها الأمة، أما ما روته الإمامية من التعيين فلم يخرج من حيز الدعوى وشهادتها لنفسها لا تقبل.
إذاً فالدليل الواضح المجمع عليه دل على أن المتمسك بأهل البيت عموماً ونعني بقولنا عموماً علماء أهل البيت وأئمتهم دون عوامهم أو ظالميهم أو من شذَّ إلى مذاهب غيرهم، فالشاذون إلى مذاهب غيرهم لا يجوز متابعتهم إذ لا يَدْعُونَ إلى مذهب أهل البيت، فالدعوة إلى معينين كما تقول الإمامية هو خلاف ما دل عليه الدليل المجمع عليه، فلا ينبغي أن يدخلوا ضمن الفرقة الناجية.
[شبهة في خلق الأفعال وجوابها]
في مختصر العقيدة الواسيطة [ص23] قوله: وأنه خالق أفعال العباد، والطاعات والمعاصي، ومع ذلك فقد أمر العباد ونهاهم، وجعلهم مختارين لأفعالهم غير مجبورين عليها، بل هي واقعة بحسب قدرتهم وإرادتهم.
والجواب: أن هذا القول قد جمع بين أمرين متنافيين لا تقبله الفطرة، ولا يُصَدِّقُ به العقل، خلق الله فعل العبد معناه أوجده، وفعله العبد بإرادته واختياره معناه أوجده.
فإن كان الله تعالى هو الذي فعله وأوجده في الخارج فما معنى فعله العبد بإختياره؟ وهل هذا إلا من تحصيل الحاصل، فلا يحتاج الفعل الذي قد أوجده الباري تعالى إلى أن يفعله العبد، وكيف يفعل العبد ما قد فُعِلَ.
وإن كان العبد قد أوجد الفعل حقيقة بإختياره وإرادته فأين فعل الله وخلقه؟ وهل هذا إلا من تحصيل الحاصل.
نعم، وهذا المذهب لم يذهب إليه عاقل قبل الوهابية، وكأنهم أرادوا أن يجمعوا بين مدلول أدلة المختلفين وشبههم.
[شبهة وجوابها حول معنى نزول الله تعالى]
فائدة: حول ما يقوله البعض من نزول الله تعالى في الثلث الآخر من الليل، وأنه نزول حقيقي كما في مختصر العقيدة الواسطية.
فنقول في الجواب:
أولاً: أن النزول الحقيقي لا يتأتى إلا في الأجسام، والله تعالى ليس بجسم.
ثانياً: قد ثبت واشتهر عند علماء الفلك، واستقر عليه رأي الأمم أن الشمس في دوران دائم، وأن الأرض كروية تدور عليها الشمس، فالليل والنهار يدوران على الأرض، فالنهار دائم على الأرض، والليل دائم على الأرض، وكذلك الثلث الأخير من الليل في دوران دائم على الأرض، فلا ينتهي الثلث من جزء إلا وقد أخذ في جزء من الأرض، وهكذا منذ أن خلق الله الكون على هذه الصفة الذي هو عليها اليوم.
وفي مقدور أحدنا أن يتأكد من صحة ما قلنا بالتلفون، فعلى هذا يكون الباري تعالى مشغولاً بالنزول ومتابعة الثلث الأخير فيخلى العرش من الإستواء عليه، ويخلى الكرسي من القدمين.
ومن هنا تبين لنا صحة تفسير الزيدية لنزوله تعالى بنزول رحمته، وأنه لا وثوق بعلم صاحب العقيدة الواسطية وأتباعه، وأن الحق ما عند الزيدية في هذا ونحوه من تفسير المجيء والذهاب، والصعود والنزول.
وبهذا الاستدلال نفسه يتبين لنا بطلان قول صاحب العقيدة الواسطية أن صفة العلو حقيقة لله تعالى، مستدلاً بقوله تعالى: ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)) [فاطر:10] ونحوها، فجهة العلو نسبية، إذ أن الأرض كروية، فعلو قوم هو تحت بالنسبة لقوم آخرين فمثلاً: تكن الشمس فوق النصف المشرق من الأرض، بينما هو في الوقت نفسه تحت النصف المظلم منها، فأين العلو المقصود المضاف إلى الباري تعالى مع أن تحتنا سماء وفوقنا سماء وعن أيماننا وقدامنا وخلفنا كذلك سماء، وكل ذلك علو بالنسبة لما واجهه من الأرض.
فالحمد لله على ما عرفنا، ولا دليل بعد تبيين الواقع ووضوحه، وبحمد الله تعالى تبين لنا أن اسم أهل السنة والجماعة الذي كثيراً ما يكرره في العقيدة الواسطية لا حقيقة لمدلوله، ولا مصداقية لمفهومه، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله.
[فوائد حول منصب الإمامة]
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في نهج البلاغة: (أَيْنَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ دُونَنَا كَذِباً وَ بَغْياً عَلَيْنَا، أَنْ رَفَعَنَا اللَّهُ وَوَضَعَهُمْ، وَأَعْطَانَا وَحَرَمَهُمْ، وَأَدْخَلَنَا وَأَخْرَجَهُمْ، بِنَا يُسْتَعْطَى الْهُدَى، وَيُسْتَجْلَى الْعَمَى، إِنَّ الأَئِمَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ غُرِسُوا فِي هَذَا الْبَطْنِ مِنْ هَاشِمٍ، لا تَصْلُحُ عَلَى سِوَاهُمْ، وَلا تَصْلُحُ الْوُلاةُ مِنْ غَيْرِهِمْ).
وفي الصواعق لابن حجر وغيرها: عن النبي صلى الله عليه وآله في أهل بيته: ((لا تتقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم)).
نعم، كلام أمير المؤمنين عليه السلام نص واضح في تعيين بيت الخلافة، وحصرها على ذلك البيت، والحديث يدل على أن أهل البيت عليهم السلام هم أهل الخلافة والزعامة، ولكن بدلالة الإلتزام، فمجموع تلك الجمل الثلاث بما دلت عليه من المعاني يعطي معنى الإمامة والزعامة.
فمعنى ((لا تتقدموهم فتهلكوا)): النهي عن الاستبداد بالأمور.
ومعنى ((لا تقصروا عنهم فتهلكوا)): النهي عن التخلف عن متابعتهم، ومعناه وجوب الاقتداء والمتابعة.
ومعنى ((لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم)): النهي عن مخالفتهم ووجوب متابعتهم في شرائع الإسلام، وذلك بدلالة الإلتزام، فقد أعلمنا الرسول صلى الله عليه وآله بأن الاستبداد بالأمر دونهم والتخلف عن متابعتهم محرم، مع تقدمهم في العلم على غيرهم، وهذا هو معنى اختصاصهم بالخلافة والإمامة.
ومن الأدلة على ذلك قوله صلى الله عليه وآله المشهور: ((إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي...الخ))، وهذا أيضاً يعطينا معنى استخلاف الرسول صلى الله عليه وآله لكتاب الله، ولأهل بيته، ومعنى ذلك هو سد الفراغ بعد غيابه عن أمته صلى الله عليه وآله، وذلك هو معنى الخلافة والزعامة والإمامة.
[الولاية]
الولاية على الناس، والرئاسة عليهم تعني التصرف المطلق فيهم، بما في ذلك أخذ الأموال، وسفك الدماء، والحبس، والتقييد وإلى آخره، وهذا التصرف المطلق لا بد فيه من إذن من الله ورسوله، وإلاَّ لَمْ يَجُزْ.
والدليل على ذلك: أن تلك التصرفات في عهد الرسول صلى الله عليه وآله كانت إليه وحده، ومن المعلوم أنَّ واحداً من المسلمين لا يحق له أن يستبد في عهده صلى الله عليه وآله بشيء من تلك التصرفات إلا بإذن.
فبان بهذا أن تلك الأوامر التي وردت نحو قوله تعالى: ((الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ)) [النور:2]، وقوله صلى الله عليه وآله: ((من بدل دينه فاقتلوه))، لم يرد بها آحاد المسلمين، وإلاَّ لجاز لأيِّ مسلم في عصر الرسول وبعده أن يَجْلِدَ الزاني، ويقطعَ السارق، ويقتلَ المرتد، ونحو ذلك، وذلك خلاف المعلوم من سيرة الرسول فمن بعده.
إذا عرفت ذلك فلا بد من إذن يخص الخليفة من بين المسلمين توجه إليه تلك الأوامر، ويقلد تنفيذها، أما بدون ذلك فالمسلمون على سواء، وقد علم أن ذلك ليس إلى آحادهم فلا يخص أحدهم بدون تخصيص من الشارع بالإذن.
هذا ونحن إذا استعرضنا نصوص الشارع وخصوصاً فيما يتعلق بهذا الأمر وجدنا نصوص الشارع تشير إلى أهل البيت خصوصاً وعموماً، ولا سيما نصوص السنة التي لا تحصى كثرة، ولم نجد لسواهم ذكراً لا من قريب ولا من بعيد، بل غاية ما يستندون إليه في صحة خلافة الأول: وإمامته إجماع الصحابة، وهذا الإجماع المزعوم لم يخرج من دائرة الدعوى، ولم تُقَمْ عليه برهنة، بل إن الحقائق التاريخية تنادى عليه بالزيف، وخلافة الثاني استندوا إلى صحتها على وصية الأول وتعيينه، وخلافة الثالث على وصية الثاني، وأما معاوية فقد ابتز الخلافة والسلطان ابتزازاً على المسلمين، وفيهم بقايا المهاجرين والأنصار، ويزيد بن معاوية مُسْتَنَدُ وَلايتِهِ وصيةُ أبيه، وهكذا جرت السلطنة الأموية والعباسية ثم الخلافة العثمانية.
من ما يستدل عليه أنصار الخليفة الأول في صحة خلافته قولهم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله عندما ناداه بلال للصلاة في مرض موته قال: يا بلال مر أبا بكر فليصل بالناس، ثم قاسوا الخلافة على إمامة الصلاة، فإذا جعله الرسول إماماً للصلاة فنقيس الخلافة على الصلاة ونجعله نحن خليفة قياساً على الصلاة، وقالوا: رضيه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا أو كما قالوا.
والجواب والله الموفق: أن الذي قال يا بلال مر أبا بكر فليصل بالناس هو عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وآله، لا رسول الله صلى الله عليه وآله، كما في الرواية عن أهل البيت عليهم السلام بأسانيدهم الصحيحة الموثوقة وكفى بإجماعهم حجة.
ومما يؤيد ما قلنا هو ما اشتهر وذكره أهل السير ونقله الأثر أن الرسول صلى الله عليه وآله حين علم بصلاة أبي بكر خرج على الفور معتمداً على الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب ورجلاه تخطان في الأرض ورأسه معصوب ونحا أبا بكر أو تنحى له، وصلى هو صلى الله عليه وآله بالناس، ثم قام بعد الصلاة خطيباً وحذر من الفتن وبالغ في التحذير، هذا ما اشتهر.
وفي رواية من روايات أهل البيت وغيرهم أنه قال صلى الله عليه وآله بعد ذلك: ((إني تارك فيكم...الخ)) حديث الثقلين.