[الخلافة]
ومنها: أنَّ علي بن أبي طالب عليه السلام خليفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حكماً من الله تعالى، والقائم مقامه، وأن الواجب على الأمة اعتقاد خلافته، وطاعته، وأنه أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وآله وسلم، ثم الحسن بن علي، ثم الحسين بن علي عليهم السلام كذلك، ثم من قام ودعا من أولادهما مستجمعاً لشرائط الخلافة والزعامة من العلم الوافر، والورع، والزهد والسخاء، والشجاعة إلى آخر الشروط المذكورة في كتب الأئمة عليهم السلام.
وأدلتهم على ذلك أكثر من أن تحصى، كخبر المنزلة، والغدير، وخبر الدار يوم الإنذار، والحسن والحسين إمامان الخ، وإني تارك فيكم، ومن سمع واعيتنا...الخ.
وإجماع الأمة على جوازها فيهم بخلاف غيرهم فلم يحصل إجماع على الجواز، وإجماع أهل البيت على تقديم أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين ثم من...الخ.
وهم أهل الحق بما تقدم من الدليل، ومن أراد المزيد من الأدلة فعليه بكتب الكلام كينابيع النصيحة، وشرح الأساس، والمجموعة الفاخرة وغيرها من الكتب المشهورة المعروفة عند الناس.
[عودة لرأي الزيدية في الصحابة]
وعند أهل البيت أنَّ الصحابة كغيرهم من أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها، بل ربما تكون المعصية منهم أقبح وأفحش، وذلك لأنَّهم رأوا النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم وشرفوا بمشافهته والسماع لآيات الله على لسانه فكانت المنة عليهم أكمل، والنعمة أتم.ولذلك قيل: حسنات الجاهلين سيئات للعارفين، وحكموا أي الأئمة على من تقدم أمير المؤمنين بالعصيان من غير أن يقطعوا بالكبر أو بالصغر، فعلى هذا عصيانهم محتمل للكبر والصغر، وقطعوا بفسق القاسطين والناكثين والمارقين، وكذلك الروافض والنواصب.
[بيان من هم الروافض والنواصب والمشبهة والقدرية والمرجئة]
والروافض: هم الذين رفضوا الجهاد مع الأئمة العادلين من أهل البيت، كالذين رفضوا الجهاد مع الإمام زيد عليه السلام.
والنواصب: هم كل من نَصَبَ الحربَ لأهل البيت النبوي عليهم السلام بالقول والفعل أو بأحدهما.
وحكموا كذلك بضلال المشبهة والمجسمة، وهم كل من أثبت لله أعضاء، وجهاً ويداً أو عيناً أو قدماً، أو قال إنه يُرى أو إنه في مكان أو أنه جسم أو نحو ذلك.
وحكموا كذلك بضلال القدرية والمجبرة وهم الذين يعملون المعاصي، ويقولون إنها بقضاء من الله وقدر، وأن الله هو الذي خلقها وقدرها وشاءها. وكذلك المرجئة وهم الذين يقولون: الإيمان قول بلا عمل، وكذلك يحكمون بضلال كل من خالف بعقيدته عقيدة آل محمد وأتباعهم رضوان الله عليهم.
[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
ومنها: وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند تكامل شروطه، لقوله تعالى: ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) [آل عمران:104]، أو الإنتقال أو الابتعاد عن المنكر وأهله إن لم يفعلوا ولم ينتهوا، ولم توجد حيلة لإزالته لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يحل لعين ترى الله يعصى فتطرف حتى تغير أو تنتقل))، وقوله تعالى: ((فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) [الأنعام:68]، ((فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ)) [النساء:140]، ((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ () كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ)) [المائدة:79،78] إلخ.
وقد اتسم الزيدية بهاتين الصفتين أعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منذ العهد الأول وإلى اليوم، وصار الخروج على الظلمة شعاراً يتميزون به بين طوائف المسلمين لا يفرطون في القيام بهذه الفريضة اللازمة، فصدق الله العليم ((اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)) [الأنعام:124].
[بيان من هو المؤمن]
ومنها أنَّ المؤمن: من أتى بالواجبات واجتنب المقبحات، والإيمان: قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، وقوله أتى بالواجبات يشمل واجبات اللسان والجنان والأركان، وكان معناه في اللغة: التصديق والمصدق، فنقله الشارع إلى ذلك المعنى، والدليل على النقل قوله تعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ () الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ () أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا)) [الأنفال:2-4]، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)) الحديث.
[المنزلة بين المنزلتين]
فمن هنا قال أئمتنا: إن لصاحب الكبيرة الغير مخرجة من الملة منزلة بين المنزلتين، أعني بين منزلة الإيمان والكفر، فلا يسمى مؤمناً ولا كافراً.
أما أنه لا يسمى كافراً على الإطلاق فبالإتفاق إلاَّ ما يُحْكى عن الخوارج وهم فرقة مارقة لا يعتد بقولهم، وأما إنه لا يسمى مؤمناً، فلأن المؤمن صفة مدح وصاحب الكبيرة مذموم بارتكابه القبيح فيسمى عندهم فاسقاً وظالماً...إلخ.
ولا يسمى كافراً ولا مؤمناً، والأدلة مبسوطة في كتب الكلام كالأساس وشرحه، وللإمام الهادي عليه السلام كتاب المنزلة بين المنزلتين، وهو موجود من ضمن المجموعة الفاخرة.
[الزيارة والتبرك والتوسل]
ومنها: استحباب الزيارة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللصالحين، ولا سيما آل النبي صلوات الله عليه وعليهم، والتماس البركة بزيارتهم، واستنجاح المطالب بحقهم.
أما الصلاة على القبور فلا تجوز عند أهل البيت عليهم السلام، ويكرهون الصلاة إليها وبين المقابر، ولا يرون بأساً ببناء القباب ونحوها على القبور ولا بتسريج القباب وفرشها.
والدليل على كل ذلك، أما الزيارة لقبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: فما روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي))، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي))، وغير ذلك من الروايات الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أراد المزيد فعليه بكتاب الغدير الجزء الخامس فقد ذكر فيه أكثر من عشرين رواية، وذكر من خرجها من صفحة 93إلى صفحة 207، وفيها ذكر التبرك والاستشفاع والتوسل، وفي أنوار التمام تتمة الاعتصام الجزء الثالث في صفحة 165إلى آخر الباب بحث مفيد في الزيارة ([7]).
أما زيارة قبور الصالحين: فقد ورد في زيارة قبور أهل البيت عليهم السلام خصوصاً روايات صحيحة رواها الهادي عليه السلام وغيره من أهل البيت عليهم السلام.
_________________
([7]) ـ ولمولانا الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي أيده الله تعالى بتأييده رسالةٌ عظيمةٌ في هذا الموضوع اسمها: الرسالة الصادعة بالدليل في الرد على ما أورده صاحب التبديع والتضليل، مطبوعة في رسالة مستقلة، وهي أيضاً في ضمن مجمع الفوائد.
وأما زيارة غيرهم فكفى بزيارة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأهل البقيع المأثورة في كتب القوم، وكفى به صلى الله عليه وآله وسلم إماماً، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنه تذكر بالآخرة)) وهذا حديث مشهور بين أهل الملة، وفي المجموع بسنده عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((عودوا مرضاكم واشهدوا جنائزكم وزوروا قبور موتاكم فإن ذلك يذكركم بالآخرة)).
وأما التسقيف والتقبيب: فقد قبر صلى الله عليه وآله وسلم في بيته وتحت سقفه ولم يستنكر أحد ذلك البناء الموجودة على قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا من الصحابة ولا من بعدهم من أهل القرون، حتى ظهر إمام الوهابيين.
وبعد، فهو ظل للزائرين وكِنَانٌ من المطر، وحرزٌ من الحر والبرد، وكذلك فرشها وتسريجها تعود منفعة ذلك للزائر، وليس في شيء من ذلك ما يخل بالإيمان وبعقائد الإسلام.
هذا وقد جاء في الرواية التبرك بوضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وببصاقه وبشعره في البخاري ومسلم.
[القرآن]
ومنها: أن هذا الكتاب الموجود بين المسلمين يتلى في المحاريب وفي غيرها هو كتاب الله وكلامه وإنشاؤه ووحيه وتنزيله، أنزله الله على رسوله للإعجاز والتحدي، لتعليم شرائع الإسلام، وفرائض الأحكام، والترغيب والترهيب والاعتبار إلخ، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وأنه ليس بقديم ـ تعالى الله أن يشاركه في الْقِدَمِ شريكٌ ـ ((هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ))، ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء))، ويدل على ذلك قوله تعالى: ((مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ)) [الأنبياء:2]، والذكر: هو القرآن بدليل قوله تعالى: ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر:9]، ويدل أيضاً قوله تعالى: ((الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ)) [هود: 1]، فقد وصفه بأنَّه مُحْكَمٌ ومُفَصَّلٌ وذلك معنى أنه مفعولٌ لفاعل، وكذلك قوله تعالى: ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ)) [الزمر:23].
[مصادر التشريع]
المصدر الأساسي عند أهل البيت وأتباعهم كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والإجماع، والقياس.
فكتاب الله تعالى: أصل الأدلة وأولها عند الجميع، وما صدر منها عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا خلاف في حجته، إنما الخلاف في الطريق الموصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فالمستند والطريق عند أهل البيت وأتباعهم رضوان الله عليهم جميعاً ما رواه أئمة أهل البيت وثقاتهم وما رواه ثقات الزيدية، وللعمل به عندهم شروط مذكورة في كتب الأصول.
أما ما رواه أهل الحديث فلا يعتمدون عليه، ولا يلتفتون إليه إلا على جهة الاستظهار على الخصم وإقناعه.
والأجماع حجة عندهم بقسميه، وكذلك القياس، ومن أراد الاطلاع على تفاصيل ذلك ودليل حجية كل منهما فعليه بكتب الأصول.
وعند أئمتنا عليهم السلام وأتباعهم رضوان الله عليهم أن ما ثبت عن أمير المؤمنين عليه السلام فهو حجة ودليل لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((علي مع الحق))، ونحوه مما كثر واشتهر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي شرح الغاية للحسين بن القاسم طرف من ذلك، فيرجع إليه من أراد المزيد ([8]).
_______________
([8]) ـ وكذلك انظر لوامع الأنوار [ط2/ج1/ص 205]، ومجمع الفوائد [ط1/ص395]، وهما لمولانا الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي ـ أيده الله تعالى بتأييده ـ.
[تنبيهات]
ما رواه أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم رضي الله عنهم هو قليل بالنسبة لما رواه غيرهم من المحدثين.
فلعلَّ قائلاً يقول: إنهم لا يهتمون بعلم الحديث، ولا يشتغلون بالنظر فيه، وجل اهتمامهم في الجهاد والأصول.
فنقول: إنهم عليهم السلام مهتمون بالشريعة كلها جملة وتفصيلاً قياماً بحق الخلافة والوراثة، بما في ذلك نقل السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا حاجة إلى نقل ما لم يصح، فهذه رواية الإمام زيد بن علي، وحفيده، وروايات محمد بن منصور عن سادات عصره، وروايات الهادي، والسادة الهارونيين، والعلوي، والموفق، والمرشد، وصحيفة علي بن موسى وغير ذلك كثير في كتب أئمة الزيدية وعلمائها رضوان الله عليهم، فلا يعدل عن علمهم إلا مخذول ([9]).
_______________
([9]) ـ قال مولانا الإمام الحجة مجدالدين المؤيدي أيده الله تعالى في لوامع الأنوار تحت بحث [كون آل محمد وأتباعهم حملة الكتاب والسنة وأن أهل الحديث عالة عليهم] ما لفظه:
وإنَّما اضطُروا إلى النقل عنهم؛ لأنَّ آلَ محمد عليهم السلام وأتباعَهُم هم حملة الكتاب، وأعلام السنن، وحماة الدين، وحفظة شريعة سيد المرسلين، ورواة الأخبار، وَنَقَلَةُ الآثار، وأرباب الحديث، في القديم والحديث؛ ومن له عناية واطلاع، علم أنهم هم الناس، وأن غيرهم عالة عليهم؛ وإنما أضاع متأخريهم، عدم عنايتهم بآثار سلفهم وسابقيهم. انتهى.
وقال السيد صارم الدين الوزير عليه السلام في الفلك الدوار نقلاً عن لوامع الأنوار:
ولم يزل العلماء الأعلام، من فضلاء أمة محمد صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم مقبلين على علمي الكتاب والسنة، ومعملين في نصرهما لسيوف الاحتجاج ومواضي الأسنة؛ والمتقون منهم البررة، معترفون في ذلك لعلماء العترة المطهرة، مغترفون من علومهم الزاخرة، مقتبسون من أنوار معارفهم الزاهرة، مقدّمون لهم في الدراية، ومستكثرون في النقل عنهم وصارفون إلى محفوظاتهم العناية. ولقد حكي عن جابر الجعفي أنه كان يحفظ عن الباقر عليه السلام ثمانين ألف حديث، وعن الحافظ ابن عقدة أنه كان يجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم، إلى غير ذلك مما يطول الكلام بذكره. انتهى.
[عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام]
ومنها: أنَّ أنبياء الله صلوات الله عليهم منزهون عن إرتكاب الكبائر وما فيه خسة وضعة من الصغائر، وما يروى في بعض كتب التفسير ليس بصحيح، أما ما ذكر الله سبحانه في القرآن من عصيان بعضهم فقد كان منهم على جهة الخطأ والتأويل، وليس على جهة التجري والعصيان، كما قال الله عن آدم ومعصيته حاكياً: ((وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)) [الأعراف:20]، فآدم صلوات الله عليه ظن صدق وسوسة الشيطان، وطمع في ما أطمعه الشيطان، فما أكل إلاَّ على طمع نيل درجة الملائكة أو الخلود.
وهكذا ذو النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن الله لن يؤاخذه كما حكى الله سبحانه وتعالى: ((فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ)) [الأنبياء:87] إلخ، وهكذا سائر الأنبياء صلوات الله عليهم.
[بحث في عصمة أهل البيت عليهم السلام]
ومنها: أنَّ العصمة ثابتة لأمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن، والحسين، بدليل آية التطهير، وحديث الكساء، و((علي مع الحق))، و((فاطمة بضعة مني))، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث المتكاثرة.
وكذلك هي ثابتة لأهل البيت عليهم السلام جملة في أي عصر بدليل ما تقدم، و((إني تارك فيكم))، وحديث السفينة، و((لا تزال طائفة من أمتي))، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة، أما آحادهم فلم تثبت عصمتهم.
ولا يبعد عصمة بعض منهم، ولكن لم يدل دليل على ذلك، إذاً فالأئمة بعد أهل الكساء لم يدل دليل على عصمتهم، وإن كان غير بعيد عصمة بعضهم فلا يشترط في الإمام أن يكون معصوماً عند أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم رضوان الله عليهم.
لكن إذا أحدث الإمام حدثاً يوجب الفسق فإنها تبطل إمامته، هذا على سبيل الفرض، وإلا فإنا لَم نعلم من أئمة الهدى [فعل] ما يوجب كفراً أو فسقاً صلوات الله ورحمته عليهم أجمعين، وذلك لقوله تعالى: ((وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ)) [هود:113]، وقوله تعالى: ((قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) [البقرة: 124]، وقوله تعالى: ((وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)) [الكهف: 51].
ومنها: أنه لا يجوز طاعة الإمام الظالم، ولا نصرته، ولا تصح جمعته ولا جماعته، ولا يجوز إيناسه، ولا إعانته، وكذا كل ظالم إلاَّ مع الخوف على النفس فيجوز ما ليس فيه ضرر على المؤمنين كالصلاة ونحوها، ولا يسقط بها الفرض، وذلك لقوله تعالى: ((وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)) [المائدة:2]، وقوله تعالى: ((وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ))، إلى ما لا يحصى من الأدلة في هذا الباب، ومن أراد المزيد فعليه برسالة التحذير للإمام القاسم بن محمد عليه السلام.