هذا وفي كتاب الله تعالى بيان واضح على صدق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه من عند الله تعالى، من ذلك ما ذكره الله تعالى مما لا يمكن لبشر في ذلك الوقت الاطلاع عليه ومعرفته، وذلك كتحدثه عن أسرار البحار التي لم تعرف إلاَّ في عصر الغواصات الحديثة قال تعالى: ((أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ)) [النور:40]، فإنَّه لَم يُكتشفُ وجود موج تحت الموج السطحي إلاَّ في هذا القَرْنِ، في حين أنَّ القرآن قد تحدث عنه قبل أربعة عشر قرناً، فهذا دليل على أن القرآن من عند الله تعالى، إذ أنَّ محمداً صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن من علماء البحار والمحيطات، ولو فرضنا أنه منهم، لما تأتت له معرفة ذلك في ذلك العصر البدائي، لعدم وسائل المعرفة.
فحين جاء بذلك السر وتلك المعارف، ثم صدقها الواقع، علمنا أنه من عند الله تعالى، وفي هذا آية عظيمة لأهل هذا الزمان الذين قلت معرفتهم لأسرار البلاغة المودعة في آيات القرآن.

ومن أسرار البحار التي تحدث عنها القرآن ولَم تعرف بالفعل إلا في هذا القرن، ما جاء في سورة الرحمن قال تعالى: ((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) [الرحمن:19-23]، فقد اكتشف البحارة الغربيون في أوائل هذا القرن أثناء وجودهم في باب المندب والبحر الأحمر أمامهم والمحيط الهندي خلفهم أنَّ لكل من البحرين صفةً ومميزاتٍ تخصه في الملوحة والحيوانات والنباتات إلخ، مع اتصال المائين، وقد كان بعض المفسرين من قبل يفسرون ذلك بالماء العذب والمالح، غير أنَّه يشكل عليهم أنه لا يخرج اللؤلؤ والمرجان من العذب، وأن البرزخ لا يبقى كثيراً ثم يختلط الماءان، والتفسير بما ثبت صحته فعلاً وثبت وجوده حقيقة أولى مع بقاء التفسير على الظاهر، بينما يحتاج الأولون في تفسيرهم إلى التأويل في قوله تعالى: ((مِنْهُمَا))، إذ لا يخرج اللؤلؤ والمرجان من العذب.
هذا وقد تابع علماء البحار البحث عن خصائص البحار فوجدوا لكلِّ بَحْرٍ شخصيةً تُمَيِّزُهُ عن لصيقه، وهذه آية أخرى تدل على صدق النبي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وأنَّ القرآن من عند الله تعالى، وصدق الله سبحانه وتعالى: ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) [فصلت: 53]، وقد وضع كتاب كبير في هذا الموضوع إسمه الإكتشافات العصرية لِمَا أَخبر به سيِّدُ البرية، مؤلفه حسيني من الجزائر فيه أكثر من مائة موضوع ([4]).
_________________
([4]) ـ هذا ومن الاكتشافات العصرية المهمة الجديرة بالاهتمام، والتي قد ذكرها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً بدقة متناهية مسألة أطوار خلق الجنين، التي وردت في قوله تعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:12-14]، فإنَّ هذه الآية العظيمة من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم من الدلائل القاطعة، والبراهين الساطعة الدَّالة على صدق نبوة رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنَّ أطوار خلق الجنين لَم تكتشف إلاَّ في القرن العشرين بعد وجود الأشعات والمختبرات والمجاهر وغيرها من الأجهزة الدقيقة؛ فالمتأمل في هذه الآية العظيمة يجدها قد عبَّرت بكلِّ دقة عن التطورات التي تقع في مختلف مراحل التخلق، وليس ذلك فحسب بل إنَّها تصف هذه الأحداث حسب تسلسلها الزمني، وتصف التغيرات التي تطرأ على هيئة الجنين مع التخلق في كل مرحلة وصفاً دقيقاً جداً. أليس هذا أيُّها العقلاء دليلاً واضحاً لا شكَّ فيه ولا لبس أنَّ القرآن الكريم كتابُ صدقٍ من عند الله تعالى؟! أو ليس هذا الاكتشاف المذهل يشهد بأنَّ القرآن الكريم وحي من الله سبحانه وتعالى إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، فسبحان الله تعالى القائل {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا} [النمل: 93].

[الإيمان برسل الله وملائكته وكتبه]
من الفرائض الحتمية الإيمان برسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد جاء ذكر بعضهم في القرآن، وبعضهم لم يذكروا: ((مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)) [غافر:78]، فالواجب الإيمان بهم جميعاً، من ذُكِرَ وَمَنْ لَمْ يُذْكَرْ صلوات الله عليهم أجمعين، أولهم آدم أبو البشر صلوات الله عليه، وآخرهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ويجب الإيمان بما أنزل على كل منهم على الإجمال، وإن لم نعلم تفصيل ذلك قال تعالى: ((قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)) [البقرة:136].

وكذلك يجب الإيمان بملائكة الله، قال تعالى: ((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)) [البقرة:285]، وقد أخبرنا الله تعالى عنهم جملة فقال تعالى: ((بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (26) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ)) [الأنبياء:27]، وقال تعالى: ((يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ)) [الأنبياء: 20]، وقال تعالى: ((لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)) [الأعراف:206]، وذكر سبحانه منهم جبريل وميكال، وقال: ((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ)) [الإنفطار: 10]، وقال تعالى في جبريل: ((نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ)) [الشعراء: 193]، وأخبرنا سبحانه أنَّ منهم خزنة لجهنم، ومنهم حملةَ العرش، ومنهم الموكل بانتزاع الأرواح، ((حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا)) [الأنعام: 61]، وقال سبحانه: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء)) [فاطر: 1].

[الإيمان باليوم الآخر]
هو من أركان الإيمان الذي إذا لَم يقم إنهار بناؤه، ومعنى الإيمان باليوم الآخر: التصديق بالبعث بعد الموت، بعث الروح والجسد، ثم الحساب، فمن كان شقياً فإلى النار خالداً فيها أبداً، ومن سعد فإلي الجنة خالداً فيها أبداً.
[الأجسام والأعراض]
الجسم: هو أعرف من أن يُعَرَّفَ، كالإنسان، والشجر، والحجر، والماء، والهواء.
والْعَرَضُ: هو ما يعرض للجسم من الأشكال والألوان، والإجتماع والإفتراق، وما يعرض له من الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، والحركة والسكون، وخواطر النفس ووساوسها، والهم والغم، والفرح والحزن، والرضا والغضب، والرحمة والشفقة، والشهوة والنفرة، والإرادة والكراهة، والعزم، وكعلم الإنسان وحياته، وقدرته وسمعه، وبصره وجهله وموته وعجزه، وكالحلاوة والمرارة ونحوهما في المطعومات.

فالْعَرَضُ عند المتكلمين: هو من توابع الجسم وصفاته، إذاً فالأعراض هي صفات الأجسام، ولا يمكن أن يوجد العرض بمفرده، بل لا بد من جسم يحل فيه العرض، وكذلك الجسم فإنه لا يصح أن يوجد بمفرده خالياً عن الأعراض، فإذا وجد الجسم فلا بد له من صفات يوجد عليها، كالطول، والقصر، واللون، والحركة، والسكون، والإجتماع، إلخ.
وكذلك القدرة، والعلم، والحياة، والعجز، والإرادة، والعزم، والرضا والغضب، والكراهة والرحمة، والصعود والهبوط والانتقال.
فكل هذه الأعراض المشاهدة تختص بالأجسام، ولا يتصورها العقل إلاَّ في جسم.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنَّه لا يعقل جسم إلاَّ في مكان، ويستحيل أن يوجد جسم لا في محل.
ولا خلاف بين المسلمين أن السموات والأرض وما بينهما مُحْدَث، وأنَّ مُحْدِثَ ذلك هو الله سبحانه وتعالى، وأنه موجود عالم، قادر، حي، سميع بصير، عدل حكيم، ليس كمثله شيء.
ثم اختلفوا في تفاصيل بعض تلك الجمليات، ولنذكر هنا مذهبنا نحن الزيدية.

[تنزيه الباري عن صفات الأجسام على الجملة]
فمذهب الزيدية على العموم: تَنْزيه الله سبحانه وتعالى عن كل خصائص الأجسام، وصفاتها من دون استثناء.
فلا يجوز أن نصف الله سبحانه وتعالى بأيِّ صفة من صفات الأجسام المحدثة وذلك لقوله تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء))، ولقوله تعالى: ((وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ))، ومن هنا لَمَّا أثبت المشركون لله صفة من صفات المخلوقين رد عليهم أشد الرد وأعظمه في سورة طه فقال تعالى: ((وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا)) [مريم: 92]، وذلك لأن نسبة الولد إليه تعالى حطٌّ له من منزلة الألهية، وحين سأل بنو اسرائيل رؤية الله أخذهم الله بالصاعقة فأماتهم بظلمهم، قال الله سبحانه حاكياً هذه القصة: ((يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ)) [النساء:135]، فلما كان سؤال الرؤية حطاً لله جل جلاله من منزلة الربوبية إلى منزلة المرئيات التي هي مربوبة ومخلوقة استحقوا أن يصيبهم الله بالصاعقة، كما حكا الله ذلك.
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ))، فمن هنا نزهت الزيدية الباري جل وعلا مِنْ كُلِّ عَرَضٍ.

[انتفاء الجسمية عن الله تعالى]
الذي يدل على انتفاء الجسمية عن الله تعالى على الجملة قوله تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء))، ((وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ))، فلو كان تعالى جسماً لكان كلُّ جسم مُمَاثلاً لله تعالى، ومما يؤكد ذلك من الوجهة النظرية أنه لا خلاف بين المسلمين أنَّ الله سبحانه وتعالى كان ولا شيء، وانَّه سبحانه هو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما، وأنه سبحانه خالق العرش وخالق الأمكنة والأزمنة، كان الله ولا مكان ولا زمان ولا عرش ولا كرسي، فهو غني عن المكان، فلو كان جسماً تعالى عن ذلك لكان محتاجاً في الأزل إلى مكان، ولا يتصور جسم لا في مكان، لأن التمكن صفة ذاتية للجسم.
بيان ذلك، أنَّ الجسم هو ذو الأبعاد التي هي الطول والعرض والعمق، فما بين طرفي كل هو بعد، فمن بداية الطول مثلاً إلى نهايته هو مكان الطول، فقد دخل المكان في تحقق ماهية الجسم، فثبت بهذا الدليل القاطع، أن الله تعالى ليس بذي مكان، ويترتب على ذلك أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض لإستحالة وجود جسم لا في مكان ضرورة، والعرض من توابع الجسم.
فإذا ثبت أن الله سبحانه ليس بجسم بالأدلة النقلية والنظرية الصحيحة انتفى عنه سبحانه وتعالى جميع صفات الأجسام.

فلا يجوز عليه سبحانه وتعالى الصعود والهبوط، والذهاب والمجيء؛ لأن ذلك صفات للأجسام، وعوارض لها، وكذلك الحركة والسكون لأنهما من صفات الأجسام وخصائصها، وكذا سائر صفات الأجسام وأعراضها، نحو التجزؤ والإنقسام، والكلية والبعضية، والألوان، والفرح والضجر، والهم والغضب والرضا، والعزم، والإرادة والكراهة، والغضب، والرقة والسهو والغفلة.
وبهذا الدليل يبطل قول من أثبت لله تعالى وجهاً، وعينين، ويدين، وأصابع، وجنباً، وقدمين وإلى آخره على الحقيقة.
[الاشتراك في الاسم لا يوجب الاشتراك في المعنى]
وهناك صفات أُطلقت على الله سبحانه وتعالى، وأطلقت أيضاً على المخلوقين، والإشتراك في الاسم لا يوجب الاشتراك في المعنى، فمعناها: حينما تطلق على الإنسان غير معناها بالنسبة إلى الله تعالى، وسنفصلها كلمة كلمة:
صفة الوجود بالنسبة للإنسان ونحوه من المحدثات معناها: الوجود المحدود بأن له ابتداءاً وانتهاءاً، قال تعالى: ((هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا)) [الإنسان: 1]، وفي التحقيق الإنسان ونحوه موجود على صيغة المفعول وُجِدَ بقدرة قادر.
ومعناها في الخالق سبحانه مغائر لمعناها في المخلوق: فلا أولية لوجوده ولا آخرية ((هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) [الحديد:3]، وهو سبحانه الْمُوجِدُ لكلِّ الموجودات على صيغة الفاعل، وقد اشتهر عند المتكلمين هذه العبارة: واجب الوجود، وذلك للتفرقة بين الخالق والمخلوق، فقالوا في المخلوقات إنَّها: جائزة الوجود، وقالوا أيضاً في المستحيل وجوده كالجمع بين النقيضين: مستحيل الوجود.

[مفارقات قرآنية]
الإنسان خلق ضعيفا....والله قوي عزيز
والإنسان خلق فقيرا....والله غني حميد
والإنسان والد ومولود....والله لم يلد ولم يولد
والإنسان محل النسيان....والله لا يضل ولا ينسى
والإنسان محل النقائص....والله هو الملك القدوس ذو الجلال والاكرام
والإنسان محكوم عليه بالموت....والله حي لا يموت
والإنسان تأخذه السنة والنوم....والله لا تأخذه سنة ولا نوم
والإنسان مملوك....والله المالك للكون وما فيه
وغير ذلك كثير في الكتاب الكريم، فلا مشاركة، ولا مشابهة بين الله وخلقه في شيء، وما وقع من ذلك نحو موجود فإنما هو من قبيل التسمية لا من حيث الحقيقة، وكذلك قارد، وعالم، وحي.

2 / 11
ع
En
A+
A-