هذا وتمسكهم بالأحاديث المعارضة للقرآن تمسك في غير محله، فالحديث إذا خالف القرآن يجب تركه، لأن السنة لم تحفظ كما حفظ القرآن، فألفاظ القرآن ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وآله باليقين القاطع بإجماع المسلمين، ومصاحف القرآن مالئة للخافقين منذ العصر الأول وإلى اليوم، لم يختلف مصحفان في الزيادة أو النقصان أو غيرهما، وما زالت بعض المصاحف منذ عهد الصحابة باقية إلى اليوم، وكذا مصاحف من بعدهم، وصدق الله العظيم ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)) [الحجر: 9]، فمخالفة القرآن أكبر دليل على بطلان ما خالفه، قال تعالى: ((مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ)).

وقولهم: لا يبق في نار جهنم موحد ولو قتل النفس الحرام تعمدا
فمخالف لنص القرآن في القاتل عمداً قال تعالى: ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)) [النساء: 93]، ((وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ)) [العنكبوت: 13].
[فائدة]

قوله تعالى: ((وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)) [النمل: 75]، وقوله تعالى: ((وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ)) [يس: 12] ونحوهما من الآيات، من المعروف أن الأمر إذا سجل في كتاب كان أبعد من النسيان والضياع، وهذا أمر متقرر عند الناس، ومن هنا دونت كتب العلم، ولولا ذلك لضاع كثير من العلم أو أكثره، ومن قبل جمع القرآن في المصحف، هذا والله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى التسجيل وتقييد معلوماته في كتاب، لأنه سبحانه مُحيطٌ بكلِّ شيءٍ عِلْمَاً، لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولاتأخذه سبحانه غفلةٌ أو نسيان ولا سنة ولا نوم يعلم السر وأخفى.
إذا عرفت ذلك تبين لك صحة قول أئمتنا عليهم السلام: إن الكتاب المذكور: المراد به العلم، وذلك على طريقة الكناية التي هي أبلغ من الحقيقة، كما ذلك معروف عند أهل البلاغة والبيان.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

تم صف هذا الكتاب العظيم، الممتليء بعلم أصول الدين، الذاب عن مذهب ومنهج رسول رب العالمين، محمد المحمود صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والمؤيد لما عليه أئمة وعلماء الزيدية الكرام رضوان الله عليهم أجمعين في التوحيد والعدل والوعد والوعيد والنبوة والإمامة وغيرها من المسائل الهامة، والفوائد التامة، والردود على الشبهة الكاذبة، يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأول عام 1424هجرية بعد صلاة المغرب، ونسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، مثبتاً لنا يوم القيامة من الزلل والفزع العظيم، وأن يختم لنا بخير الدنيا والآخرة بالعمل الصالح والخاتمة المرضية، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
((سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ () وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ () وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))، وصلى الله وسلم على محمد خاتم النبيين، وعلى أخيه عليٍّ أمير المؤمنين، وعلى آلهم الطيبين الطاهرين.

11 / 11
ع
En
A+
A-