فهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وآله لم يكن هو الآمر لأبي بكر بالصلاة وإلا لم يخرج صلى الله عليه وآله وسلم وهو في تلك الحالة الشديدية وينحي أبا بكر ويصلي هو بالناس ثم يحذر من الفتنة ويذكرهم بالثقلين كتاب الله وعترته صلى الله عليه وآله، ولم يكن من عادته صلى الله عليه وآله أن يأمر بالشيء أو يستعد لشيء ثم يتراجع إلى غيره، وشاهد ذلك قوله صلى الله عليه وآله في يوم أحد: ((ما كان لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل))، وقد كان صلى الله عليه وآله أكمل الناس عقلاً، فيبعد غاية البعد منه صلى الله عليه وآله مثل ذلك، إن ذلك الصنيع لا يفعله إلا ضعاف العقول أهل البدا وتقلب الآراء وتضاربها، ولم يكن صلى الله عليه وآله من هذا الطراز المتقلب.
الإجماع المدعى على خلافة الأول كما قلنا سابقاً لم يخرج من دائرة الدعوى، بل إن الحقائق التاريخية تزيف ذلك.
والدليل على ما قلنا: أن سعد بن عبادة الأنصاري وكان سيد قومه ومن ذوي الوجاهة عند الرسول صلى الله عليه وآله لم يبايع لأبي بكر قط بالاتفاق حتى قتل غيلة، وذكر أن الجن قتلوه لبوله قائما، فقال شاعر من شعراء العرب:
وَمَا ذَنْبُ سَعْدٍ أَنَّهُ بَالَ قَائمَاً....وَلَكِنَّ سَعْدَاً لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرِ

وكذلك أمير المؤمنين علي عليه السلام لم يبايع لأبي بكر وامتنع وتأبى هو ونفر من المسلمين، فإذا طلبوا للبيعة التجأوا إلى بيت فاطمة رضوان الله عليها، وأخيراً تشجعت السلطة وأسطرت أوامرها بالهجوم على المتخلفين عن البيعة واقتحام بيت فاطمة وإرغامهم على البيعة، وهذه القصة مشهورة.
ومما قال معاوية في بعض كتبه إلى أمير المؤمنين يعيبه به: وكرهت بيعة الأول ثم ذكر أنه عليه السلام قِيْدَ إلى البيعة كما يُقَادُ الجمل المخشوش.
وفي خطبته الشقشقية المعروفة: (وَاللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، إلى أن قال: (فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى، وَفِي الْحَلْقِ شَجًا، أَرَى تُرَاثِي نَهْباً).
وكم في كلامه عليه السلام مما يدل على عدم الرضا، وقد أجمع أئمة أهل البيت عليهم السلام على أنه عليه السلام لَم يَرْضَ بخلافة الأول فَمَنْ بَعْدَهُ.
[شيءٌ من يوم السقيفة]
اجتمعت الأنصار في السقيفة يوم مات الرسول صلى الله عليه وآله للتشاور، ثم وفد إليهم في أثناء ذلك أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، وجرى بين الفريقين مقاولات حول الخليفة، وبعد الأخذ والرد احتج أبو بكر على الأنصار بالقرابة، واستحقاق قريش لمنصب الخلافة بها، قال: نحن بيضة رسول الله التي تفقأت عنه، فاستسلم الأنصار لذلك بعد اضطراب جرى بينهم وخصام، وامتنع سعد بن عبادة سيد قومه، والقصة مشهورة، وحين سمع أمير المؤمنين الخبر قال شعراً:
فَإنْ كُنْتَ بالْقُرْبَى حَجَجْتَ خَصِيْمَهُمْ .... فَغَيْرُكَ أَوْلَى بالْنَّبِيِّ وَأَقْرَبُ
وَإنْ كُنْتَ بالْشُّورَى مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ .... فَكَيْفَ بِهَذَا؟! وَالْمُشِيْرُونَ غُيَّبُ

وصدق أمير المؤمنين فإن كانت حجة أبي بكر على استحقاق الخلافة حين احتج على الأنصار هو أنه من قرابة الرسول صلى الله عليه وآله فإن غيره أقرب إلى الرسول صلى الله عليه وآله، وإن احتج على خلافته بالشورى فأين الشورى ولم يحضر ذلك الموقف سوى اثنين من المهاجرين عمر وأبو عبيدة وثالثهم أبو بكر كما ذلك معروف.
نعم، كل هذه الحجج التي يستدل بها على خلافة أبي بكر من إمامة الصلاة، وإجماع الصحابة، والقرابة، والشورى، توضح لنا أن الخلافة لا يستحقها أحد، ولا تنبغي لأحد إلا بدليل شرعي.
وعلى ذلك بنيت خلافة أبي بكر عندهم، فإذا بطلت أدلتهم على خلافته كما أوضحنا بطل ما بني عليها وبقي استحقاق الخلافة بعد الرسول صلى الله عليه وآله لمن قامت الدلالة الصحيحة على استحقاقه.
الذي يذهب إليه أئمة العترة عليهم السلام أن حكم من خالفهم في المسائل التي يجب العلم بها كحكم من شاق الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، وهذا هو الذي تقتضيه الأدلة الشهيرة نحو حديث الثقلين، وحديث السفينة وغيرهما من الأحاديث التي لا تدخل تحت الحصر لكثرتها.
وذكر السيد حميدان في مجموعه بعد التدليل على هذه المسألة أقوال الأئمة التي تدل على هذه المسألة من عند أمير المؤمنين إلى زمانه، وتركنا ذكرها اختصاراً، ومن أرادها فعليه بهذا الكتاب.

[شبهة وجوابها حول كلام الله تعالى]
قال في مختصر العقيدة الواسطية: إن الله متكلم بكلام قديم النوع، حادث الآحاد، وأنه لم يزل يتكلم بحرف وصوت...إلخ.
والجواب: أن قولهم هذا مناقضة، إذ أن النوع الموجود في الخارج هو عبارة عن جمع آحاده، فإذا كانت الآحاد مُحْدَثَةً، فإنَّ جُمْلَتَهَا مُحْدَثَةٌ.
والكلام المشتمل على الحروف والأصوات مُحْدَثٌ، بدليل ترتب بعضه على بعض، توجد الكلمة بعد الكلمة، والحرف بعد الحرف، وهذا لا يشك عاقل في حدوثه.
وقولهم: إن الله تعالى لم يزل يتكلم بحرف وصوت، رجم بالغيب ولا فائدة في التكلم في الأزل، إذ فائدة الكلام إفادة المخاطب وإعلامه، ولا مخاطب في الأزل، والله تعالى حكيم لا يفعل العبث.
[شبهة أخرى وجوابها في كلام الله تعالى]
وفي المختصر أيضاً قوله: والكلام صفة ذات من حيث تعلقها بذاته، وصفة فعل من حيث كانت متعلقه بالمشيئة والقدرة.
والجواب: أن هذه مناقضة أيضاً، فمعنى أنه صفة ذات: أنه قديم، ومعنى صفة فعل: أنه محدث، إذ أفعاله تعالى محدثة.
نعم، الذي تدل عليه الأدلة أن القرآن فعل فعله الله تعالى كسائر أفعاله، قال تعالى: ((وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)) [النساء: 164]، فالكلام فعل، والله سبحانه هو فاعله.
وقول صاحب المختصر: إنه صفة ذات باطل:
أولاً: بما أورده هو نفسه من أن الكلام صفة فعل من حيث تعلقه بالمشيئة.
ثانياً: عدم دليل يدل على ذلك، بل قد قام الدليل على بطلانه، وهو ما قدمنا أنَّ الكلام فعل من أفعال الله تعالى.

ثالثاً: وهو دليل إلزامي: وهو أنه يلزم في سائر أفعال الله تعالى أنها صفات ذات من حيث تعلقها بذاته، وصفات فعل من حيث تعليقها بالقدرة والمشيئة.
وكما قال في المختصر أن النزول والذهاب والمجيء صفات لله قائمة بذاته تكون هذه الصفات صفات فعل وصفات ذات، فيلزم أن تكون هذه الصفات قديمة ومحدثة.
نعم، أكبر الظن أنَّ هذا الوهابي لا يعرف معنى صفة الذات ولا صفة الفعل، وأنه بليد الفطرة، منكوس الفؤاد، يتناقض في أقواله، يُثْبِتُ الأَمرَ من جهة ثم ينفيه من جهة أخرى، كما رأيتَ أولاً في إختيار العبد لفعله بقدرته، ثم مناقضته لذلك بأنَّ الله خلق فعل العبد، وإثباته لِمَا لَم يقل به أحدٌ من الأمة قبله في صفات الله تعالى.
[شبهة أُخرى وجوابها في كلام الله تعالى]
هذا ومما يستدلون به على أن الكلام صفة ذات، وأن الله تعالى لم يزل متكلماً بالحروف والأصوات قوله تعالى: ((قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)) [الكهف: 109].
والجواب: أن المقصود بهذه الآية سعة علم الله فلا نفاذ له، وليس المقصود كثرة الحروف والأصوات، فلا مدح في ذلك، بل من المتعارف عند الناس أن كثرة الكلام منقصة فلا يمتدح الله تعالى بما فيه نقص عند المخاطبين، بل إن الكلام يعد عبثاً إذا لم يكن موجهاً لأحد، أو لَم يكن ثَمَّ مخاطب يتلقى الكلام تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

[شبهة وجوابها]
في مختصر العقيدة الواسطية تحت عنوان: توسط أهل السنة بين فرق أهل الضلال: إنَّ الْمُعَطِّلَ هو من ينفي الصفات الإلهية أو بعضها، ويُنْكِرُ قيامَهَا بذاته، وأمَّا المشبه فهو من يشبهها أو بعضها بصفات المخلوقين، وأمَّا أهل السنة والجماعة فيثبتون الصفات إثباتاً بلا تمثيل، وينزهون الله عن مشابهة المخلوقين تنزيهاً بلا تعطيل.
الجواب: أن المعطل هو من ينفي الصفات الإلهية أو بعضها، أما قوله وينكر قيامها بذاته، فليس من التعطيل في شيء بل إنَّ إنكار ذلك هو عين التوحيد، إذ أنَّ صفات الله تعالى ذاته، وقد قدمنا ذلك وأدلته فيما سبق، وهو دين أهل البيت عليهم السلام أولهم علي بن أبي طالب عليه السلام، وله كلام في نهج البلاغة حول هذه المسألة.
[شبهة وجوابها]
وقال في المختصر أيضاً: ومن أتى كبيرة فهو عندهم -أي عند أهل السنة- مؤمن ناقص الإيمان، وبعبارة أخرى مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وفي الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وأدخله الجنة لأول مرة، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه وبعد تطهيره من الذنوب مآله إلى الجنة، قال بعضهم:
ولا يَبْقَ في نارِ الجحيمِ موحدٌ .... ولو قَتَلَ النَّفْسَ الْحَرَامَ تَعمدا

الجواب والله الموفق: أن قولهم: إن صاحب الكبيرة مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، قول مضاد للأدلة القرآنية الدالة على خلاف ما قالوا، قال سبحانه وتعالى: ((أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ)) [السجدة: 20]، وكأن هذه الآية نزلت للرد على أهل تلك المقالة، الذين ادَّعَوا أنَّ الفسقة مؤمنون، وأنَّ فسقهم بإرتكاب الكبائر غيرُ مُزيلٍ لاسم الإيمان فهم مؤمنون وإن فسقوا، ثم ادعاؤهم ثانياً دخولهم الجنة إما ابتداءً وإما بعدَ تطهيرهم بقدر ذنوبهم، وقد رَدَّ الله سبحانه عليهم وعلى أشباههم من الأولين والآخرين بقرآن يتلى إلى يوم القيامة: ((لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ))، فهذه الآية التي تلوناها قاطعة لدابر الباطل، وحاسمة لأماني المتمنين، ودالة على أنه لا تساوي بين المؤمنين والفاسقين، لا في الدنيا ولا في الآخرة، وقد سمعت في الآية ذكر ما لكلٍّ في يوم الجزاء.

وقال الله سبحانه: ((إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)) [الحجرات: 6]، وهذه الآية تبين لنا عدم تساوي المؤمن والفاسق في الدنيا، وقال سبحانه: ((بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ)) [الحجرات:11]، وفي هذه الآية دليل على ما قلنا، وشاهد لما قدمنا، فتأمل ذلك.
وقال سبحانه في القاذف: ((ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) [النور: 4]، وقذف المحصنات من الكبائر، وفي هذه الآية بيان حكم صاحب هذه الكبيرة في الدنيا، فتبين بما ذكرنا إنتفاء تساوي صاحب الكبيرة والمؤمن في أحكام الدنيا، وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وآله في الخبر المشهور((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن)) وهذا نص في محل النزاع.
وقولهم: إن مآل صاحب الكبيرة إلى الجنة، مجرد أماني يردها الكتاب الكريم، وكفى به، قال تعالى: ((لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا))، وقال تعالى في الرد على مزاعم اليهود: ((وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (80) بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) [البقرة:81]، وكفى بهذه الآية والتي قبلها لحسم الأماني، ورد الدعاوى.

فإن قيل: قد جاء في الحديث بروايات صحيحة أنه سيخرج من النار جميع العصاة من الموحدين، وروايات أيضاً أنهم لا يدخلون النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وآله.
الجواب: أن الحديث وإن صح سنده إذا عارض القرآن يرد، ولا يجوز التعويل عليه، وترك القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخالف بحديثه القرآن، فالواجب ترك ما خالف القرآن وتكذيبه إن لم يمكن تفسيره بما يوافق القرآن، وهذه النصوص واضحة وصريحة في رد تلك الدعاوي والأماني الكاذبة.
((لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا))، فالآية قد اشتملت على ثلاث جمل:
الجملة الأولى: في تسمية مزاعم اليهود والمسلمين آنذاك بالأماني، والأماني كما هو معروف بضاعة النوكى _ أي الحمقى _، ومعناها: التسلية بالوعد الكاذب، والتخيلات البعيدة، وقد كان في صدر الإسلام بين المسلمين واليهود مجادلة حول الخروج من النار، والأولوية بذلك فنزلت هذه الآية، وسمي ذلك بالأماني ونفاها وردها أبلغ الرد.

الجملة الثانية: البت بالحكم وقطع الأماني فقال تعالى: ((مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ))، فحكم حكماً عاماً لليهود وللمسلمين ولغيرهم من المتمنين من الأولين والآخرين، فجاء بلفظ }مَنْ{ ومعناها أي أحد يعمل سوءاً يجز به، فشملت الأمة المحمدية وغيرهم، وهذا هو المناسب لعدل الله وحكمته، فليس بين الله وبين أحد من خلقه هوادة، فحكمه في الأولين والآخرين واحد، فهذه الجملة تحذير من التساهل بالمعاصي، وتحذير من الركون إلى الأماني الكاذبة.
الجملة الثالثة: ((وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا))، تحذير أيضاً وتفنيد لمزاعم من يدعي أن الشفاعة لأهل الكبائر من هذه الأمة، ونفي عام لأيِّ وليٍّ أو نصيرٍ يدفع عنه بشفاعته، سبحانك اللهم ما أوضح آياتك وأبينها، وفي الآية الأخرى رد واضح على من يقول بالخروج من النار.

10 / 11
ع
En
A+
A-