أ : قياسهم الإمامة بالنبوة باطلٌ وإلا لما كان فرقٌ إلا في التسمية ، وقول الإمامية إلا الوحي فهذا المستثنى هو الموجب للعصمة التي بمعنى عدم الخطأ والنسيان ، ولأن وظيفة الإمام لا تستلزم العصمة ووظيفته هي إقامة الحدود وإصلاح الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وإعداد الجيش لحفظ البلاد وغير ذلك من إقامة الكتاب والسنة النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام .
قال الإمام عليٌ عليه السلام : وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل فتكون في أموالهم نَهْمَته ، ولا الجاهل فيُضلّهم بجهله ، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ، ولا الحائف للدول فيتخذ قوماً دون قومٍ ، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويقف بها دون المقاطع ، ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة ، وقال صلوات الله عليه : اللهم إنك تعلم أنه لم تكن الذي كان منا منافسةً في سلطان ، ولا التماس شيءٍ من فضول الحطام ، ولكن لنرد المعالم من دينك ، ونظهر الإصلاح في بلادك ، فيأمن المظلومون من عبادك ، وتقام المعطلة من حدودك (1) ، وقال عليه السلام : إنه ليس على الإمام إلا ما حُمّل من أمر ربه ؛ الإبلاغ في الموعظة ، والاجتهاد في النصيحة ، والإحياء للسنة ، وإقامة الحدود على مستحقيها وإصدار السهمان على أهلها ، وقال عليه السلام : فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمامٌ عادلٌ هُدِي وهَدى ، فأقام سنةً معلومةً وأمات بدعةً مجهولةً (2) .
__________
(1) 49) نهج البلاغة رقم129 ص278 .
(2) 50) ص331 الخطبة رقم162 .
فهذه هي أعمال وشروط الإمام التي لابد أن تتوفر في الإمام حتى يقوم بعمله على أحسن وجه ، فلماذا العصمة إذن ؟ هل لحفظ الإسلام بمعنى عدم وقوع التحريف والتبديل فيه ؟ فهو محفوظٌ بحفظ الرواة له الثقاة العدول (1) ليصل بهم التواتر الذي يفيد العلم الضروري ، وها هو الإسلام محفوظٌ مع غيبة الإمام لألف ومائتين سنةً أو أكثر ومن دون عصمة ، والقرآن محفوظٌ من قبل الله عز وجل .
ب ، ج ، د : إذا قيل للإمامية هل ما أنتم عليه الآن هو الإسلام الذي يريده الله عز وجل أم لا ؟ سيقولون بالأول فكيف عرفت الإمامية الإسلام وحفظته من دون معصومٍ ، إن قالوا بالأئمة قلنا أفلا تكفي عصمة النبي محمدٍ صلى الله وسلم عليه وعلى آله ؟ وما الدليل على صحة الإسلام ؟ هل العصمة أم وصوله إلينا معاشر المسلمين متواتراً عن بني الإسلام ؟ وهل الإسلام مرتبطٌ بالعصمة فإذا انعدمت وغابت العصمة ضاع الإسلام وذهب ؟ وإذا كان مرتبطاً بالعصمة فيجب أن لا يغيب عنا طرفة عين سواء كان سبب غيابه نحن أو لا ، وهل كلفنا الله بمعرفة الإسلام مع أنها لا تعرف إلا بالإمام المعصوم لأننا ناقصون على حد زعمكم ؟ وهل نحن قادرون على معرفة الشريعة الغراء اليوم مع عدم وجود معصومٍ أو اختفاءه مئات السنين بحيث انعدمت فائدة العصمة ؟ إن قلتم نستطيع ؛ فلماذا أوجبتم العصمة ؟ وإن قلتم لا ؛ فهل نحن الآن مكلفون بمعرفة الشريعة أم لا ؟ إن قلتم نعم ؛ فهل في هذا تكليفٌ بما لا يطاق وهو قبيح ؟ وإن قلتم لا - وأنتم لن تقولوها - كفرتم .
__________
(1) 51) لا أقصد بأن التواتر لا بد أن يكون الرواة له عدولٌ .
ونقول : هل في غلط الإمام ونسيانه وخطأه ضياعٌ للإسلام وضياعٌ للحق المبين ؟ فإذا كنا لا نستفيد منه لغيابه وكان وجوده وعدمه على سواءٍ فهل في غلطه ضياعٌ للإسلام ؟ وكيف والإمامية تشحن كتبها لتدل على أن ما تعتقده صحيحٌ بالأدلة والبراهين عندها من دون معصومٍ موجودٍ أو موجودٍ ولا فائدة منه ؟ أم أن الإمامية لا دين لها ولا إسلام لعدم وجود المعصوم ؟ وأما عصمة الإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين عليهم السلام فلا تدل على أن الإمام لابد أن يكون معصوماً ، وإلا فما فائدة عصمة الزهراء عليه السلام ؟ ولماذا كانت معصومةً وهي ليست بإمامٍ ؟ فعصمتها لتدل على أن عصمة الإمام علي ليست لكونه إماماً .
واعلم أن جميع الأدلة على عصمة التسعة ظنيةٌ - إن سُلّم كونها أدلةً – فلا يصح الاحتجاج بها .
2- النقلية :
أ- الآيات :
1- قوله تعالى : (( لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ )) :
قالوا الآية تفيد العموم لأن له صيغة يقتضي ظاهرها الاستغراق وتفيد الآية العصمة لأنها اقتضت نفي الإمامة عمن كان ظالماً على كل حال ، ومن ليس بمعصومٍ وإن كان ظاهره حميداً يجوز أن يكون مبطناً للظلم والقبح ولا أحد ممن ليس بمعصوم يؤمَن ذلك منه ، ولا يجوز فيه فيجب بحكم الآية أن يكون من يناله العهد الذي هو الإمامة معصوماً حتى يؤمن استمراره بالظلم وحتى يوافق ظاهره باطنه (1) .
قلت : أولاً : الآية ليس فيها ما يدل على العصمة لأن الإنسان إذا أخطأ أو غلِط أو نسي لا يسمى لا لغةً ولا شرعاً ظالماً وإلا لكان تكليفاً لما لا يطاق ، فنفي الظلم لا يدل على العصمة التي بمعنى الخطأ والنسيان .
__________
(1) 52) الشافي في الإمامة 3/139 .
ثانياً : الله عز وجل قال في قصة آدم عليه السلام بعد أن قال له ولزوجته : (( وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ )) ( البقرة 35 ) (( أَلَمْ أَنهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَة )) ( الأعراف 22 ) ، قال عن آدم : (( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى )) ، (( ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْه وَهَدَى) (طه 121 ، 122) ، فسماه ظالماً هذا مع أن خطايا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا عمد فيها ، قال تعالى : (( فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمَاً )) ، ووقوع المعصية منهم هو لتفريطهم في التحرز عن المعصية لظنهم أنهم لا يقعون فيها لما معهم من الخشية لله سبحانه والمراقبة له جل وعلا في السر والعلن ، فكان ذلك سبباً في وقوع المعصية منهم سهواً أو لظنه أنها غير معصية (1) ، فدلّ الكلام أن الآية لا تفيد الاستغراق لوصف آدم بالظلم مع مراعاة ما تقدم .
ثالثاً : إن الظالم هو الناكث لعهد الله والناقض لقوانينه وحدوده ، وكل من ارتكب ما هو حرام فضلاً عما هو شركٌ وكفرٌ ينادى من فوق العرش في حقه : لا ينال عهدي الظالمين (2) ، فلا يدخل في ذلك من أتى بالصغائر لأن مقامه ليس مقام نبوءة فيكفي العدالة الظاهرة وأما الباطنة فلا دليل عليها بل إن العبادة والجهاد والتقوى وغيرها دليلٌ على العدالة الباطنة وهذا دليلٌ على عدم الاستغراق .
2- قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ )) :
__________
(1) 53) شرح الأساس الصغير 2/247 .
(2) 54) مع الشيعة الإمامية في عقائدهم 67 للسبحاني .
قالت الإمامية : أمر الله بالطاعة وأطلق وهذا الإطلاق يدل على عصمتهم كما بدلّ على عصمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
قلت : قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )) ( سورة النساء 59 ) ، فأوجب عند النزاع الرجوع إلى الله ورسوله ، قال الإمام علي عليه السلام : الرد إلى الله هو الرد إلى محكم كتابه ، والرد إلى رسوله هو إلى سنته الجامعة غير المفرقة . ولم يقل تعالى : فردوه إلى الأئمة المعصومين ، وقوله تعالى : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ )) لا يدل إلا على الرجوع إليهم باعتبار أنهم حاملين للأدلةً لا أنهم أدلة ، فقوله تعالى : (( فَإِن تَنَازَعْتُمْ )) تقييدٌ للطاعة في أنه يجب طاعتهم مطلقاً إلا في الأمور المتنازعة فيجب الرجوع إلى الكتاب والسنة الجامعة باعتبارهما أدلة ، ووجوب طاعتهم هي فيما يقيم الدولة الإسلامية من إقامة الحدود ورفع الظلم وإصلاح الحالة الاقتصادية والسياسة والتعليمية ولعسكرية وغير ذلك (1) ، قال الشريف المرتضى : وما نعرف أحداً من أصحابنا اعتمدها فيه وإنما استدل بها ابن الراوندي في كتاب الإمامة
__________
(1) 55) وفهم أهل السنة لإطلاق الطاعة إنما هو رؤيةٌ سياسيةٌ المقصود منها طاعة السلطان عادلاً أو ظالماً ، وفهمهم لا يلزم أحداً من العلماء من أي فرقةٍ أو فهم أحد علماء السنة كالرازي مع استدراكه لا يلزم أهل السنة بأكملهم ، هذا ويوجد أحاديث متواترةٌ معنىً تفيد عدم طاعة الوالي والحاكم في الأشياء التي هي معصية لله عز وجل .
على أن الأئمة يجب أن يكونوا معصومين منصوصاً على أعيانهم ، والآية غير دالةٍ على هذا المعنى أيضاً والتكثير مما لا يتم دلالته لا معنى له (1) .
ب- الأحاديث :
وأما الأحاديث التي تستدل بها الإمامية على صحة دعواهم في العصمة فلا تدل على أن أفراد أهل البيت على سبيل الاستغراق معصومون كما حديث الثقلين مثلاً ، فقد قال العلامة شرف الدين : والمراد بأهل البيت عليه السلام هنا مجموعهم من حيث المجموع باعتبار أئمتهم ، وليس المراد جميعهم على سبيل الاستغراق (2) . والقول بأنها خاصةٌ للحجج المعصومين لا دليل عليه معتمد ، فلا تدل هذه الأحاديث على أن الأئمة هم اثنا عشر إماماً وأنهم معصومون ، بل إن هذه الأحاديث تفيد عصمة أهل البيت عليه السلام باعتبار مجموعهم ، وبهذه الأحاديث استدلت الزيدية على حجّية إجماع أهل البيت عليه السلام والاستدلال منهم مبنيٌ على صحة دعواهم في إمامة الاثني عشر وإنهم المقصودون وقد تقدم إبطال صحة إمامة أئمتهم بالنص ، والإمامية مع تشددهم
__________
(1) 56) الشافي في الإمامة 2/257 ، والراوندي هو من الإمامية وليس المقصود بالراوندي العباسي الزنديق .
(2) 57) المراجعات رقم 29 ، وقول العلامة شرف الدين بأن هذا الحديث يفيد العصمة باعتبار أئمتهم مبنيٌ على مقدماتٍ صحيحة على حد زعمه لا على أن الحديث في نفسه يفيد أن الأئمة هم اثنا عشر وأنهم معصومون ، ويمكن أنه أراد أن الأحاديث دلت على أن الأئمة اثنا عشر وأن هذا الحديث يفيد وجوب الاقتداء بهم على وجه الإطلاق ، إذن فهم معصومون وقد دللنا على أن الأئمة ليسوا اثنا عشر وأن هذا الحديث لا يدل على إستغراق الثقل الأصغر وأن العصمة باعتبار مجموعهم من حيث كونهم علماء وعدول لا غير ، والله أعلم .
في العصمة وإثباتها لأئمتهم - الذين هم أئمةٌ عندنا في العلم والعبادة عليهم السلام - جوزت الكذب والفتوى بغير الحق وصدور الفتاوى المتناقضة من الأئمة بدعوى التقية ومداهنة الظلمة والمجاهدة معهم ، وهذه التقية هي أحد الأسباب التي جعلتهم يتفرقون فرقاً كثيرةً في الأصول أو في الفروع وجعلتهم يختلفون في كل شيء في الجرح والتعديل وصحّة الروايات والاعتقادات حتى ضاع مذهبهم بدعوى التقية التي أصبح لها أكثر من تعريفٍ عند مراجعهم اليوم والتي لم يفهم معناها إلا الخميني رحمه الله ، وإلا فكم هي الثورات التي قامت بها الفرقة الإمامية مع ما هم فيه اليوم من السب والشتائم لأجل ولاية الفقيه التي يؤمن بها البعض ويكفر بها آخرون .
قال ابن بابويه في مقدمة كتابه الإمامة والتبصرة من الحيرة ( ص143) : ولولا التقيّة والخوف لما حار أحدٌ ولا اختلف اثنان ولا خرج شئٌ من معالم دين الله إلا على كلمةٍ لا تختلف وحرفٍ لا يشتبه .
تنبيهان
الأول :
أخطأ العلامة أحمد بن يوسف زبارة رحمه الله متم الاعتصام من الجزء الثالث إلى آخره في فهم الحديث الذي رواه الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة بسنده إلى عبيد الله بن عبد الله بن الحسن الحسني قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عما يقال في بني الأفطس فقال : إن الله عز وجل أخرج من إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل اثني عشر سبطاً ثم عد الاثني عشر من ولد إسرائيل إلى أن قال الإمام أبي الحسن علي بن موسى الرضا : وكذلك أخرج من ولد الحسن والحسين عليهما السلام اثني عشر سبطاً ثم عد الاثني عشر من ولد الحسن والحسين عليهما السلام فقال : أما الحسن بن علي فانتشر منه ستة أبطن وهم :
بنو الحسن بن زيد بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو داود بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، فعقب الحسن عليه السلام من هذه الستة الأبطن لا ينقطع منهم أبداً ، ثم عد ولد الحسين بن علي عليه السلام فقال : بنو محمد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو عبد الله بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو عمر بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو زيد بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو الحسين الحليم الأصغر بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبنو علي بن علي بن الحسين بن علي أمير المؤمنين عليه السلام ، فهذه ستة أبطن من ولد الحسين عليه السلام وستة من ولد الحسن عليه السلام لا ينقطع عقبهم إلى انقطاع التكليف ، وهم بمنزلة أسباط بني إسرائيل (1) إنتهى .
__________
(1) 58) الشافي 2/72 ، وأنوار التمام في تتمة الاعتصام 5/400و401 من كتاب الاعتصام .
وأخطأ في فهم حديث البخاري في ما يسمى بالصحيح هو : عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : يكون بعدي اثني عشر أميراً ، فقال كلمةً لم أسمعها فقال أبي : إنه قال : كلهم من قريش (1) . فقد استظهر العلامة زبارة للحديث الذي رواه الإمام المنصور عبد الله بن حمزة عليه السلام بحديث البخاري مع أن حديث البخاري ومسلم ليس له تعلقٌ بالحديث الذي رواه الإمام عبد الله بن حمزة عن ابن بابويه القمي عن الإمام الرضا في أنساب أولاد الإمام الحسن وأولاد الإمام الحسين عليهما السلام وكونهم بمنزلة أسباط بني إسرائيل لأن ذرية إسرائيل في اثني عشر وذرية الإمام علي في ستةٍ من أولاد الإمام الحسن وستةٍ من أولاد الإمام الحسين وهو جوابٌ عما يقال في بني الأفطس (2)، هذا والحديث الذي رواه الإمام عبد الله بن حمزة رواه الصدوق عن ابن بابويه في الجزء الثاني صفحة465 من كتابه الخصال ، فلا يصح للإمامية أن يحتجوا بأن الزيدية روت حديث الاثني عشر لأن العلامة زبارة نسبه إلى البخاري ومسلم ولم يروه عن الأئمة والعلماء من الزيدية ، ولا يوجد حديثٌ في كتب الزيدية ترويه عن أهل البيت عليه السلام وأشياعهم عن أن الخلافة في اثني عشر ، والحديث المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام ليس شرحاً وتفسيراً لحديث البخاري ومسلم .
__________
(1) 59) أنوار التمام في تتمة الاعتصام 5/401 .
(2) 60) وهو قول البعض من الحاقدين بأن بني الأفطس ليسوا من آل محمد عليهم السلام اهـ ، مؤلف .
الثاني :
إن الأئمة الذين خرجوا يدعون إلى الرضا من آل محمدٍ لم يكونوا قاصدين بها إلا أنفسهم لا كما يدعي البعض ( بأنهم لم يكونوا إلا مجاهدين مع الأئمة المعصومين عندهم ) بدليل المبايعة لهم من شيعتهم وألفاظ البيعة وخطبهم قبل البيعة الدالّة دلالةً لا تحتمل الشكّ والارتياب على أنهم لا يعنون إلا أنفسهم فقد قال الإمام زيد عليه السلام قبل المبايعة له بالإمامة : يا معشر الفقهاء ويا أهل الحجا ؛ أنا حجّة الله عليكم هذه يدي مع أيديكم على أن نقيم حدود الله ونعمل بالكتاب ونقسم بينكم فيئكم بالسوية ، فاسألوني عن معالم دينكم فإن لم أنبئكم بما سألتم عنه فولوا من شئتم ممن علمتم أنه أعلم مني (1) . وكلام هشام بن عبد الملك للإمام زيد عليه السلام فقد قال له : أنت زيدٌ تأمل الخلافة الراجي لها وما أنت والخلافة وأنت ابن أمة (2) !!!وكذلك غيره عليهم السلام في خطبهم هذا مع أن القول بأنهم دعوا إلى الأئمة التسعة لا دليل عليه لا من كتب التاريخ ولا من غيرها وكل ما لا دليل عليه وجب رده وإلا لَفُتح بابُ الجهالات والدعاوى الباطلة ، والقول بأن دعوتهم إلى الرضا من آل محمدٍ تدل على أن الرضا غيرهم وإلا لدعوا إلى أنفسهم باطلٌ وذلك لأن دعوتهم إلى الرضا لا تدل على أن الرضا غيرهم لا منطوقاً ولا مفهوماً ولا حتى إشارةً ضعيفة فالعرب تكلموا عن الشيء وقصدوا به أنفسهم وهذا بابٌ من أبواب البلاغة موسومٌ بباب الالتفات كقوله تعالى : (( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) فلم يقل عز وجل : أنا آمركم ، لأن في إظهار
__________
(1) 61) تيسير المطالب ص80 ، وانظر ألفاظ البيعة ومبيعتهم تاريخ الطبري وابن الأثير .
(2) 62) تيسير المطالب ص81 .