الكتاب : مجالس الطبري المؤلف : أحمد بن موسى الطبري |
ترجمة المؤلف
من كتاب أعلام المؤلفين الزيدية للعلامة عبد السلام الوجيه
أحمد بن موسى الطبري، أبو الحسين: علامة، مجتهد، حافظ، مسند، من الطبريين القادمين إلى اليمن للجهاد مع الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام مولده تقريباً سنة 268هـ نشأ وتعلم في بلده ثم هاجر إلى اليمن بعد دعوة الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام، وجاهد معه ووهب نفسه بعد موت الهادي لنشر العلم ونزل صنعاء وجاور إبن الضحاك ودعى إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام، وبقي واعظاً آمراً بالمعروف ناهٍ عن المنكر حتى زمن الإمام الناصر بن الهادي عليه السلام نحو سنة 325هـ. قال في الطبقات: روى عن محمد بن يحيى عن أبيه الهادي في أصول الدين، وعنه علي بن أبي الفوارس. قدر الأديب أحمد الشامي بعد كلام حول حياته أنه من مواليد سنة 268هـ. قال: ولعله عاش إلى أن جاور ابن الضحاك ولم يمت إلا بعد عام 340هـ أو حواليها بعد أن جاوز السبعين.
ومن مؤلفاته:
- الأنوار في معرفة اللّه ورسوله وصحة ما جاء به. (على مذهب الهادي عليه السلام) منه نسخه خطت سنة 1340هـ برقم 615 بالجامعة العربية الأوقاف من ص 1 ـ 73 ويسمى (المنير)، أخرى خطت سنة 1054هـ في 54 ورقة بمكتبة السيد محمد بن محمد المنصور. مصورة بمكتبة السيد محمد عبدالعظيم الهادي أخرى مصورة بنفس المكتبة ـ خ ـ سنة 1054هـ، أخرى ضمن مجموعة 198 ص53 ـ 102 المكتبة الغربية جامع صنعاء.أخرى مصورة بمكتبة السيد العلامة يحي راوية رحمه الله .
- المجالس والمناظرات. (في أصول الدين على مذهب الهادي) ـ خ، قال الحبشي: ضمن مجموعة من ورقة 125 ـ 147، امبروزيانا 205g، أخرى جامع 79 مجاميع، أخرى مصورة ضمن مجموع بمكتبة السيد محمد عبدالعظيم الهادي، أخرى مصورة بمكتبة العلامة عبدالرحمن شايم هجرة (فلله)، أخرى (مخطوط) أصلي بمكتبة السيد محمد بن يحيى الذاري صنعاء.
المصادر:
مطلع البدور ـ خ ـ 1/191، المستطاب ـ خ، تاريخ مسلم اللحجي ـ خ، مصادر الحبشي 94، تاريخ اليمن الفكري في العصر العباسي 1/159 ـ 166 ترجمة مطولة، فهرس المكتبة الغربية 802، الجواهر المضيئة ـ خ ـ ص21، مؤلفات الزيدية 1/169، 174، 2/421.
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) مجلس [في تحديد مكان الوقف في قوله تعالى: لايعلم تأويله إلا اللّه والراسخون في العلم]
قال أحمد بن موسى الطبري رحمة اللّه عليه: جرى بيني وبين رجل من أهل صنعاء كلامٌ، وهو: رجل مقرئ يقال له: (ميمون)، فقلت له: ما تقول يا ميمون، قال اللّه عز وجل: {لا يعلم تأويله إلا اللّه والراسخون في العلم}؟
فقال: يا أبا الحسين، ليست هكذا القراءة، إنما قال: {ما يعلم تأويله إلا الله} [آل عمران: 7] هاهنا الوقف.
قال: فغفلت عنه ـ حتى نسي الكلام ـ ساعة، ثم قلت له: يا ميمون، ما معنى قول اللّه عز وجل: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها} [يوسف: 82] قال: ليس القرية تسأل لإنها جماد، وكذلك العير لا تتكلم، وإنما يتكلم أهلها.
قال: فقلت له: يا ميمون، هذا من التنزيل أو من التأويل؟
فقال: بل هو من التأويل.
قلت له: أليس قلتَ لي آنفاً: إنّ الوقف: {ما يعلم تأويله إلا اللّه} فمتى نزل عليك هذا التأويل؟
قال: فتحير وبرم، وضحك قوم كانوا بالحضرة.
فقال: ثم إني قلت له: في كلامنا بقية يا ميمون، قوله عز وجل: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} [آل عمران: 7] إن كانوا آمنوا بما جهلوا فليس معهم إيمان، وإن كانوا آمنوا بما علموا فإيمانهم صحيح.
(2)مجلس [في معنى الهدى والضلال]
قال: وجرى بيني وبين رجل من كبراء أهل صنعاء كلامٌ، فقلت له: ما تقول، على كم الهدى من وجه عندكم؟
فقال لي: يا أبا الحسين، الهدى على وجه واحد، والضلال على وجه واحد.
قلت: فبين لي/3 / كيف؟
قال: نحن نقول: من هداه اللّه تعالى فليس له إلى الضلال سبيلٌ، ومن أضله فليس له إلى الهدى سبيل.
قال: قلت: وهذا قولكم.
قال: نعم.
قال: قلت له: فأخبرني عن أبينا آدم عليه السلام، أهو عندك ممن هداه اللّه؟
قال: نعم.
قلت: فقال اللّه تعالى ـ بقراءة الخاص والعام ـ : {وعصى آدم ربه فغوى} [طه: 121] كيف غوى؟ وقد هداه اللّه تعالى؟!
قال: فتحير ثم انقطع.
(3)مجلس [في الهدى والضلال]
قال: وجرى بيني وبين إبراهيم الحداقي وكان من فقهاء أهل صنعاء كلامٌ، فقلت له: يا إبراهيم، بيني وبينك خلاف في حرف من كتاب اللّه عز وجل.
قال: يا أبا الحسين، وما هو؟
قلت: قول اللّه تعالى: {الركتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم} [إبراهيم: 1].
قال: وكيف ذلك؟
قلت: لإنك تقول: إن اللّه أخرج قوماً من الظلمات إلى النور، وأدخل قوماً في الظلمات وأخرجهم من النور.
قال: لست أقول هكذا.
قلت: أليس أنت تقول: {يضل من يشاء ويهدي من يشاء} [النحل: 93] [فاطر: 8] على وجه الجبر؟
قال: بلى.
قلت: فكان الذين أضلهم أخرجهم من النور إلى الظلمات، والذين هداهم أدخلهم في النور وأخرجهم من الظلمات.
قال: أمّا هكذا فنعم.
قلت: فعد بِنا إلى كتاب اللّه عزّ وجلّ، فأنا وأنت نعد له.
قال: إفعل.
قلت: أفتكلم لي ولك.
قال: نعم.
قلت: قال اللّه عز وجل:{الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم/4/من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليآؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النّار هم فيها خالدون} [البقر: 57]، إنسب يا إبراهيم، إلى اللّه عز وجل ما نسب إلى نفسه، وانسب إلى الطاغوت ما نسب اللّه إليه.
(4)مجلس [حول الجبر والإختيار]
قال: وجرى بيني وبين رجل من الأشراف حسيني بـ(عدن) كلامٌ، وكان يقول بالجبر. فقلت له: ما تقول أيها الشريف في جدك علي بن أبي طالب عليه السلام، هل قتله عبد الرحمن بن ملجم باختيار أو باضطرار؟ قل ما شئت.
قال: ـ وكان رجلا حاضر الذهن ـ ففهم ما أردت به، فقال لي: يا أبا الحسين، أنت تلجئني إلى الوَعَر، إن قلت: إن عبد الرحمن بن ملجم قتل جدي علياً عليه السلام باضطرار أهدرت دم جدي علي؛ لإنه لا يكون على عبد الرحمن في قتله شئ؛ لقول اللّه تعالى: {إلا ما اضطررتم إليه} [الأنعام: 119]، وإن قلت: إنه قتله باختيار خرجت من مذهبي، وإلى مذهبك أعود.
قلت: لا تستكبر، ليس المذهب مذهبي، هو مذهب آبائك وأجدادك الطاهرين، قلت: فعلى ما أذهب منك.
قال: تنظرني حتى ألقاك يا أبا الحسين.
قال: قلت: اللهم، أشهد على عبدك، وابن نبيك أني قد بلغت إليه الحق الذي جاء به جده عليه السلام /5/.
(5)مجلس [الفرق بين الموحّد والملحد]
قال: وسألني بعض إخواني، فقال لي: يا أبا الحسين، ما يكون الفرق بين الملحد والموحد؟
فقلت له: إعلم أكرمك اللّه أنه أجمع الملحد والموحد [على] أن اللّه تبارك وتعالى لو أراد ما عُصِي، ثم قال الموحد: اللّه عز وجل مع هذا ما رضي بفعل العصاة، لقوله سبحانه: {إن تكفروا فإن اللّه غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر} [الزمر: 7]. وقال الملحد: لما كان اللّه قادراً على أن يَنْتَقِم الكافرين،فأخر النَّقمة عنهم علمنا أنه قد رضي بفعلهم، فهذا الفرق بين الملحد والموحد، فاعلم ذلك.
(6)مجلس [مع رجل من الإمامية في علم الإمام]
قال: ولقيت رجلاً من الحسينيين بـ(عدن)، وكان يقول بمذهب الإماميه قال: فقعدت معه على ساحل البحر في مسجد بناه رجل غريب.فقلت له: ما تقول يا شريف، أنت مجمع معي على أن يد النبي صلى اللّه عليه وعلى آله فوق أيدي الأئمه الطاهرين، من علي إلى المهدي عليهم السلام.
قال: نعم.
قلت: فضائل النبي صلى اللّه عليه، فوق فضائل الأئمة وأعلا منها.
قال: نعم.
ثم قلت: تزعم أن إمامك يعلم ما في قعر هذا البحر؟
قال: نعم.
قلت: و اللّه عز وجل يقول لرسوله صلى اللّه عليه: {ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} [التوبة: 101].
قال: فتحير وسكت.
(7)مجلس [مع إمامي في ما تستحق به الإمامة]
قال: وجرى بيني وبين رجلٍ /6/ حسيني كلامٌ، فقلت له: يا شريف، الإمامة في أولاد الجوهرتين الحسن والحسين عليهما السلام بالاستحقاق؟
قال: لسنا نقول بهذا يا أبا الحسين.
قلت: فكيف قولكم؟
قال: نحن نقول: بالنص.
قلت: وما النص؟
قال: ينص الأول على الآخر، يقول الإمام الذي هو اليوم للناس: هذا إمامكم من بعدي.
قلت له: فلست أشطُ عليك بما لا تقوى عليه، قد أجمعت الأمة بأسرها على أن رسول اللّه صلى اللّه عليه نَصَّ علياً يوم الغدير ونوّه باسمه، وعرّف بإمامته، فلست أسألك مثل تلك الجماعة، ولكني أسألك شاهدين عدلين من غير أهل مذهبك، يشهدان أن علياً عليه السلام، نَصَّ الحسن كما نَصَّه الرسول صلى اللّه عليه، فإذا أتيت لي بهذا ـ ولست تقدر على ذلك ـ سألتكم شاهدين عدلين من غير أهل مذهبك، يشهدان أن الحسن نَصَّ الحسين كما نَصَّه علي عليه السلام، ثم بيِّن لي أيّ إمام نَصَّ على الذي يكون من بعده إلى الطرف؟ فلم يجد جواباً وانقطع.