من طائفة الزيدية، مع أن صاحب الجوهرة لم يرد به المجهول، وقد سبق للمؤلف نقل كلامه، وتفسيره بغير هذا التفسير؛ وقد وقع بينهم اختلاف في معناه واضطراب كثير.
[تخريج حديث الأعرابيين في الإهلال، وترجمة ربعي بن حراش]
قال: والأدلة تناوله، سواء رجعنا إلى العقل، وهو الحكم بالراجح؛ لأن صدقه راجح.
قلت: وهذا غير صحيح؛ فإنه مع عدم معرفة الحال بخبرة أو تزكية، لا وجه للترجيح.
قال: أو إلى السمع، وهو قبول النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لمن هو كذلك، كالأعرابيين، بالشهادة بالفطر في رمضان.
قلت: قال المؤلف: رواه ابن كثير في إرشاده عن أبي عمير، عن أنس، عن عمومته من الأنصار، أن الناس اختلفوا في آخر يوم من رمضان؛ فقدم أعرابيان، فشهدا لأهلاَّ الهلال أمس عشية، فأمر النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ الناس أن يفطروا، وأن يغدوا إلى مصلاهم.
قلت: وأخرج خبر الأعرابيين، الإمام المؤيد بالله (ع) في شرح التجريد.
وأخرجه ابن أبي شيبة بلفظ: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن أبي عمير، عن أنس: حدثني عمومتي من الأنصار، قالوا: أغمي علينا هلال شوال، فأصبحنا صياماً، فجاء ركب آخر النهار، فشهدوا عند رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - أنهم رأوا الهلال بالأمس؛ فأمر رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - أن يفطروا، ويخرجوا إلى عيدهم، من الغد.
وأخرجه البيهقي عن أبي عوانة، عن أبي بشر بتمام سنده، ومتنه.
وقال: رواه بمعناه شعبة، وهشيم بن بشير؛ وذكر لهما سنداً آخر.
أفاده /412

في الروض.
قال المؤلف: ورواه بنحوه أحمد، وابن ماجه، ورواه أحمد أيضاً، وأبو داود بهذا اللفظ المتقدم، وهو لفظ أبي داود من طريق أخرى، عن ربعي بن حراش، عن رجل من أصحاب النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
قلت: ربعي (بكسر الراء، وسكون الموحدة، فمهملة مكسورة) وحِراش (بمهملتين أولاهما مكسورة، فألف، فشين معجمة).
ترجم لربعي السيد الإمام في الطبقة الثانية، فقال: أبو مريم الكوفي، مخضرِم؛ عن علي (ع).
قال في الكاشف: قانت لله لم يكذب قط، وقال العجلي: من خيار الناس لم يكذب قط.
توفي سنة أربع ومائة.
خرج له الجماعة، وأبو الغنائم النرسي، انتهى.
قال: والأعرابي بالشهادة بالصوم في أوله.
قلت: قال المؤلف في بحث آخر من التنقيح: ومن ذلك ما روي عن ابن عباس، قال: جاء أعرابي إلى النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، فقال: إني رأيت الهلال ـ يعني رمضان ـ.
فقال: ((أتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟)).
قال: نعم.
قال: ((يا بلال، أذن في الناس أن يصوموا غداً))، رواه أهل السنن الأربع، وابن حبان صاحب الصحيح، والحاكم أبو عبدالله، وقال: هو حديث صحيح، واحتج به أبو الحسين المعتزلي في المعتمد، وذكره الحاكم أبو سعيد في شرح العيون، واحتج به الفقيه عبدالله بن زيد العنسي الزيدي في كتاب الدرر. /413

قلت: وقد ذكره الإمام المؤيد بالله (ع) في شرح التجريد، وأجاب على ما في ظاهره من الاكتفاء بشهادة واحد على الرؤية؛ وكذا غيره من أئمتنا (ع)، وله مقام آخر، ولا دلالة في جميع ذلك على قبول المجهول؛ وقد سبق الكلام عليه والجواب عنه قريباً بما يكفي.
ومن استدلالاته التي لا يزال يكررها في التنقيح، والروض الباسم، والعواصم، قوله فيها ما لفظه: وذلك أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أرسل علياً، ومعاذاً إلى اليمن قاضيين، ومفتيين، ومعلمين، ولا شك أن القضاء مرتب على الشهادة، والشهادة مبنية على العدالة، وهما لا يعرفان أهل اليمن، ولا يخبران عدالتهم؛ وهم ـ بغير شك ـ لا يجدون شهوداً على ما يجري بينهم من الخصومات إلا منهم، فلولا أن الظاهر العدالة في أهل الإسلام في ذلك الزمان، لما كان إلى حكمهما بين أهل اليمن سبيل.
وقال قبل ذلك: وهو أثر صحيح ثابت في جميع دواوين الإسلام؛ بل متواتر النقل، معلوم بالضرورة، وهو عندي حجة قوية، صالحة للاعتماد عليها.
قلت: وهذا لا حجة فيه عند التحقيق، بل هو مختل بأول نظر لأرباب التوفيق، فلا يصح عليه الاعتماد؛ إذْ لا أصل له في المطلوب ولا عماد، وقد كنت علقت عليه قبل التأليف، ما لفظه: هذا غير لازم؛ لأنه ممكن أن يتعرفا أحوال أهل العدالة وغيرهم بالخبرة، في مدة قريبة، وأن تتواتر لهما الأخبار بعدالة كثير منهم وبضدها؛ ثم من أين له أن جميع أهل اليمن مجهولون عندهما؟ وقد وفد منهم إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وافدون، وهاجر إلى المدينة المشرفة منهم كثيرون، فهذا الاستدلال في غاية الاختلال.
وأعجب من هذا أنه استدل بذلك في التنقيح على قبول المجهول من وجه /414

آخر، قال فيه ما لفظه: ومما يدل على ذلك إرساله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ رسله كمعاذ، وأبي موسى إلى اليمن، وهما عند أهل اليمن مستوران، وإن كانا عند من يخصهما في أرضهما مخبورين، انتهى.
فأقول، وبالله أحول: إن هذا من الاختلال، بمحل لا يحوج إلى الاستدلال.
أما أولاً: فمن صح أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أرسله للقضاء بالأحكام، وتعليم معالم الإسلام، كيف يقول ذو معرفة بل ذو فكرة: إنه لديهم مستور بمعنى مجهول كما هو في كلامه أنه غير مخبور؟ وأي طريق إلى العرفان، عند جميع ذوي الإيمان، أقوى وأرفع، وأولى وأنفع، من إرسال سيد المرسلين ـ صلوات الله عليهم ـ من أرسله لهذا الشأن؟ وأي بيان فوق هذا البيان؟
وأما ثانياً: فإنه إن كان الاحتجاج بإرساله أمير المؤمنين، ومعاذاً، ونحوهما من أعيان الصحابة الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ فهم بمحل من العرفان، لا يخفى على جميع أهل الإيمان؛ بل وغيرهم من أهل سائر الأديان.
وأما أبو موسى الأشعري ومن كان على شكله، فمن صح إرساله منهم، فهو على وجهين:
أحدهما: أنه ليس للقضاء، ولا الفتيا، ولا التعليم؛ وإنما هو من باب استعمال الفاسق ونحوه على معين مخصوص، لا يتمكن من الخيانة فيه على وجه الاستعانة؛ لضرب من الصلاح في الجهاد، وقد استعمل الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ عمرو بن العاص، وأبا سفيان بن حرب، وأشباههما، على مثل ذلك.
وثانيهما: أن يكون ذلك في حال الاستقامة والستر قبل ظهور العصيان، ووضوح الطغيان، ولا يمنع ذلك كون الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قد أوحي إليه بما يكون منهم في مستقبل الزمان؛ إذ المعاملة باعتبار الحالة التي يكون صاحبها عليها، لا بما سيكون منه، /415

ولا بما كان، كما هو معلوم؛ ولكن هذا الاحتمال لا يصح في مثل أبي موسى؛ لما ثبت من أصالة فساده ونفاقه، وتقادم عهد عناده وشقاقه؛ فيحمل على الوجه الأول.
[كلام على أبي موسى الأشعري ـ وترجمته]
قال في شرح النهج: ونحن نذكر نسب أبي موسى، وشيئاً من سيرته وحاله، نقلاً من كتاب الاستيعاب لابن عبد البر المحدث، ونتبع ذلك بما نقلناه من غير الكتاب المذكور.
قال ابن عبد البر: هو عبدالله بن قيس بن سليم ـ وأتم نسبه إلى قحطان ـ.
قال: واختلف هل هو من مهاجرة الحبشة أم لا؟ والصحيح أنه ليس منهم، ولكنه أسلم، ثم رجع إلى بلاد قومه؛ فلم يزل بها حتى قدم هو وناس من الأشعريين على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فوافق قدومهم قدوم أهل السفينتين جعفر بن أبي طالب، وأصحابه من أرض الحبشة.
...إلى قوله: فنزل أبو موسى الكوفة وسكنها؛ فلما كره أهل الكوفة سعيد بن العاص، ودفعوه عنها، ولوا أبا موسى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يوليه، فأقره على الكوفة؛ فلما قتل عثمان عزله علي (ع) عنها، فلم يزل واجداً لذلك على علي (ع) حتى جاء منه ما قال حذيفة فيه؛ فقد روى حذيفة فيه كلاماً كرهت ذكره.
قال الشارح: الكلام الذي أشار إليه أبو عمر بن عبد البر، ولم يذكره، قوله فيه ـ وقد ذكر عنده بالدين ـ: أما أنتم فتقولون ذلك، وأما أنا فأشهد أنه عدو لله ولرسوله، وحرب لهما في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، يوم لا ينفع /416

الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار.
وكان حذيفة عارفاً بالمنافقين، أسرّ إليه رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أمرهم، وأعلمه أسماءهم.
قلت: حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ توفي قبل حدوث قتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، كما سبق.
قال: وروي أن عماراً سُئِل عن أبي موسى، فقال: لقد سمعت فيه من حذيفة قولاً عظيماً، سمعته يقول: صاحب البرنس الأسود؛ ثم كلح كلوحاً علمت منه أنه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط.
قلت: وفي تفريج الكروب: قال حذيفة ـ وقد دخل عبدالله، وأبو موسى المسجد ـ: أحدهما منافق.
ثم قال: إن أشبه الناس هدياً، ودلاً، وسمتاً، برسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ عبدالله.
رواه الذهبي في النبلاء، عن الأعمش، عن شقيق، انتهى.
[ترجمة الأعمش وسويد بن غَفَلَة]
قلت: الأعمش من خيار الشيعة، وشقيق هو أبو وائل، من التابعين الأفاضل، وقد سبقا، وسيأتي لهما، ولمن هو على صفتهما ذكر ـ إن شاء الله تعالى ـ في محله.
قال الشارح: وروي عن سويد بن غفلة.
قلت: قال السيد الإمام في الطبقة الثانية: (بفتح المعجمة، والفاء، واللام) الجعفي الكوفي أبو أمية؛ أدرك الجاهلية، ولد عام الفيل.
..إلى قوله: سمع علي بن أبي طالب، وعبدالله بن مسعود.
..إلى قوله: وثقه ابن معين، وقال في الكاشف: ثقة إمام زاهد قوام.
توفي سنة إحدى ومائتين وله عشرون ومائة.
خرج له الجماعة، وأئمتنا الخمسة إلا الجرجاني.
قال: كنت مع /417

أبي موسى على شاطئ الفرات في خلافة عثمان، فروى لي خبراً عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال: سمعته يقول: ((إن بني إسرائيل اختلفوا، فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ضلا وأضلا من اتبعهما؛ ولا ينفك أمر أمتي حتى يبعثوا حكمين يَضِلان ويُضِلان من اتبعهما))، فقلت له: احذر يا أبا موسى أن تكون أحدهما.
قال: فخلع قميصه، وقال: أبرأ إلى الله من ذلك، كما أبرأ من قميصي هذا.
[أبو موسى الأشعري عند المعتزلة]
قال: فأما ما يعتقده المعتزلة فيه، فأنا أذكر ما قاله أبو محمد بن متويه في كتاب الكفاية.
قال ـ رحمه الله ـ: أما أبو موسى، فإنه عظم جرمه بما فعله، وأدى ذلك إلى الضرر، الذي لم يخف حاله؛ وكان علي (ع) يقنت عليه وعلى غيره.
وروي عنه (ع) أنه كان يقول في أبي موسى: صُبغ بالعلم صبغاً، وسُلخ منه سلخاً.
قال: وأبو موسى هو الذي روى عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال: ((كان في بني إسرائيل حكمان ضالان، وسيكون في أمتي حكمان ضالان ضال من اتبعهما))، وأنه قيل له: لا يجوز أن تكون أحدهما.
فقال: لا ـ أو كلاماً هذا معناه ـ.
فلما بُلي به قيل فيه: البلاء موكل بالمنطق.
قلت: وأخرج الطبراني في الكبير، عن سويد بن غفلة، قال: سمعت أبا موسى الأشعري يقول: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((سيكون في هذه الأمة حكمان ضالان ضال من اتبعهما)).
فقلت: يا أبا موسى، انظر لا تكون أحدهما.
قال: فوالله ما مات حتى رأيته أحدهما.
انتهى من النصائح.
قال الشارح: ولم يثبت في توبته ما ثبت في توبة غيره؛ وإن كان الشيخ أبو علي قد ذكر في آخر كتاب الحكمين أنه جاء إلى أمير المؤمنين (ع) في مرض الحسن بن علي، فقال له: أجئتنا عائداً أم شامتاً؟
فقال: بل عائداً ـ /418

وحدث بحديث في فضل العيادة.
قال ابن متويه: وهذه أمارة ضعيفة في توبته، انتهى كلام ابن متويه.
وذكرته لك؛ لتعلم أنه عند المعتزلة من أرباب الكبائر، وحكمه حكم أمثاله ممن واقع كبيرة، ومات عليها.
قلت: فهذا حكمه عند المعتزلة.
[الأشعري عند العترة]
فأما العترة (ع) فحكمه عندهم، وحكم أمثاله، ما حكم به فيهم أبواهم: الرسول الأمين، وصنوه سيد الوصيين ـ صلوات الله عليهم وسلامه ـ.
وقد تقدم ما فيه بلاغ لقوم عابدين؛ وما المقصد بما ذكرت هنا في شأنه، إلا الاستشهاد بموضع الدلالة من ابتداء أمره إلى نهايته.
[ذبُّ الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير عن أبي موسى والرد عليه]
ولقد بلغ التعصب بالحافظ محمد بن إبراهيم الوزير كل مبلغ، حتى وقع منه الذبّ عنه في العواصم، والروض الباسم؛ ولكنه لم يستطع الإنكار، لما ورد فيه من الذم اللازم في صحيح الأخبار؛ لكونه قد رواه أهل سنتهم الكبار، فعدل إلى التحريف، والتأويل السخيف، المخرج للنصوص المتواترة النبوية، في نفاق باغض ولي المؤمنين وسيد البرية، عن معانيها المعلومة الجلية، بما لا يخفى بطلانه على ذي روية.
فمنها: أنه ما كان ذلك إلا لبعض الأسباب في أول الزمان، وهذه مكابرة لاحقة بالبهتان؛ لعمومها وإطلاقها في كل حال، ولأي سبب وفي كل أوان، على لسان سيد ولد عدنان، ولا مخصص ولا مقيد لسبب من الأسباب ولا لزمن من الأزمان، ونحو ذلك من المباهتة التي تمجها الأسماع، وتنفر عنها الطباع، وتنكرها قلوب ذوي العلم والإيمان.
ولو ساغ مثل هذا التأويل السخيف، لما امتنع كل تحريف، وأدى إلى المخرقة والتلعب بالدين الحنيف، ولأمكن أن يقال: وكذلك بغض رسول الله ـ صلى الله عليه /416

وآله وسلم ـ، وقتاله إنما كان كفراً؛ لقصد رد ما أتى به من عند الله ـ تعالى ـ.
أما إن كان لسبب غير ذلك ككونه من بني هاشم، أو نحو ذلك من الأحوال، المتسعة المجال، فلا.
ولولا تجنب الإكثار لأوردت من كلماته المتناقضة، وأقواله المتدافعة المتعارضة، ما فيه عبرة لأولي الأبصار؛ ونرجو الله صحة رجوعه عن هذه الأخطار، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد أقر بخبر حذيفة، الذي وقعت الإشارة إليه.
قال في الروض الباسم، ما لفظه: وروى فيه ـ أي الذهبي ـ في النبلاء، عن الشعبي، عن حذيفة أنه تكلم في أبي موسى بكلام يقتضي أنه منافق.
ثم قال: في الشعبي تشيع يسير، انتهى.
ثم قال في آخر البحث: وقد قصدت وجه الله في الذب عن هذا الصاحب، المعتمد في نقل كثير من الشريعة المطهرة، لما رأيت الحافظ الذهبي روى ذلك، ولم يقدح في إسناده بما ينفع.
قلت: فيا لله العجب! ما أبعد هذا القصد الذي به يتقرب! وما بقي إلا أن يقصد وجه الله ـ تعالى ـ في الذب عن إبليس؛ لكونه كان طاووس الملائكة، وأبي لهب؛ لكونه عم الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وكذلك امرأته حمالة الحطب.
وأنا أقول: قد قصدت وجه الله، في عداوة أعداء الله، والبراءة من المتعدين لحدود الله، ببيان أحوالهم لأولياء الله، امتثالاً لأمر الله، وإجلالاً لأمثال قول الله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ /420

اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(22)} [المجادلة:22]، وقوله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ } [الممتحنة:1]، وقوله جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } [التوبة:71]، وقوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ } [التوبة:67]، وقوله سبحانه: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ } [النساء:107]، وقوله جل جلاله: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ } [التوبة:114].
وإجلالاً لقول رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
إلى ما لا يحصى من آيات تتلى، وأخبار تملى.
فإن ترضوا عنهم، فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين؛ رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين.
[نقل الحافظ عن الزيدية قبول المجهول ـ والرد عليه]
ولنعد إلى ما نحن فيه، والله الموفق لما يرضيه.
قال في تنقيح الأنظار: أو رجعنا إلى إجماع الصحابة، فقد حكى الشيخ أبوالحسين وغيره قبولهم لأحاديث الأعراب.
قلت: قد سبق القول في أن ليس في ذلك دلالة؛ لعدم تحقق الجهالة.
قال: أو رجعنا إلى أهل البيت (ع)، فقد روى المنصور بالله /421

97 / 143
ع
En
A+
A-