يقولون: صححنا الحديث بجهدنا .... نعم صدقوا لولا التعصب فيهمُ
إذا نحن عارضنا حديثاً بمثله .... أبوا غير ما قال البخاري ومسلمُ
وأقول بموجب البرهان والتحقيق، وشهادة الخصم التي هي عليه أقوى بيان وتصديق:
يقولون: صححنا الحديث بجهدنا .... وما صحّ ذا والإفك عيب ومأثمُ
وكيف وما عابوه من صنع غيرهم .... أتوه عياناً؟ كيف يخفى ويكتمُ؟
فقد سلكوا كل الذي ينقمونه .... بحق وغير الحق والله يحكمُ
شذوذاً وإرسالاً وضعفاً وعلةً .... وجرحاً صريحاً والجهالة فيهمُ
أيفلح قومٌ من ثقات رواتهم .... معاوية عمرو ومروان منهمُ
كذا الأشعري والمغيرة والذي .... حكى فسقه نصُّ الكتاب المقدّم
وقاتل سبط المصطفى مِنْ عُدُولهم .... ومادح أشقاها ابن حطان مُكْرَم
أبى الله والإسلام والعلم والتقى .... وقربى رسول الله نقبل عنهم
فهل تهمة في الدين إن لم تكن بهم؟ .... وما الجرح إن كانوا عدولاً وهم همُ؟
قل الحق يا هذا وإن رغمت له .... أنوف لعمر الله لسنا نُسَلِّم
وقل للدعاوى الفارغات وأهلها .... هلم إلى البرهان فالحق أقومُ
وقد سبق في صدر الكتاب، ما فيه بلاغ لأولي الألباب.
[الحديث المرسل وأقسامه]
قال السيد صارم الدين (ع): وردها ـ أي تعاليق الكتابين ـ الأقلون.
أو من آخره، فهو المرسل، أو ما بينهما، فإن كان اثنين مع التوالي، فهو المعضل، وإلا فهو المنقطع. /362

قلت: سبق البحث في هذا.
قال في تنقيح الأنظار: المنقطع، والمعضل: اختلفوا في صورتيهما؛ قال زين الدين، وابن الصلاح: المشهور أن المنقطع ما سقط من رواته راوٍ واحد غير الصحابي، انتهى.
وحكى الحاكم وغيره: أنه ما سقط منه قبل الوصول إلى التابعي شخص واحد.
وإن كان أكثر من واحد في موضع واحد سمي معضلاً، وإلا يكن ـ أي الساقط ـ أكثر من واحد في موضع واحد بل كان واحداً في موضعين، قال: فمنقطع في موضعين، ويسمى المعضل أيضاً منقطعاً، فكل معضل منقطع، وليس كل منقطع معضلاً.
قال الزين: فقول الحاكم: قبل الوصول إلى التابعي، ليس بجيد، فإنه لو سقط التابعي؛ لكان منقطعاً.
وقال ابن عبد البر: المنقطع ما لم يتصل إسناده، والمرسل مخصوص بالتابعي؛ فالمنقطع أعمّ.
قال ابن الصلاح عن بعضهم: إن المنقطع مثل المرسل، وكلاهما شاملان لكل ما لم يتصل إسناده؛ وهذا المذهب أقرب المذاهب، وقد صار إليه طوائف من الفقهاء، وهو الذي حكاه الخطيب في كفايته.
قلت: وهو الذي عليه الطائفة المرضية، والعصابة الزيدية.
[بحث في تثنية خبر كلا وكلتا وإفراده]
نعم، وعبارة ابن الصلاح، وهي: وكلاهما شاملان، ثابتة في كتابه.
قال في التوضيح: وتثنية خبر كلاهما جائز، والأولى إفراده كما في قوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ ءَاتَتْ أُكُلَهَا } [الكهف:33]، وقول الشاعر: /363

كلانا غني عن أخيه حياته .... ونحن إذا متنا أشد تغانيا
قلت: ذكر أهل العربية أن (كلا ـ وكلتا) مفردان لفظاً، مثنيان معنى، وأنه يفرد العائد إليهما مراعاة للفظ، ويثنى مراعاة للمعنى، وهو قليل، وقد اجتمعا في قوله:
كلاهما حين جد السير بينهما .... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي
يصف فرسين تسابقا، فنظر للمعنى في قوله: (أقلعا) ـ أي أمسكا عن الجري ـ، وللفظ في (رابي) وهو المنتفخ من الجري؛ ومثلوا أيضاً لمراعاة اللفظ بالآية.
وأما البيت الذي ذكره، وهو: كلانا غني...إلخ، فهو مما يتعين في الإفراد نحو: كلاهما محب لصاحبه؛ لأن المعنى فيه واللفظ كلاهما مفرد، فالتمثيل به لما يصح فيه الوجهان غير صحيح.
هذا، والمعضَل، بفتح الضاد المعجمة: مشتق من الإعضال، وأعضل بمعنى استغلق واشتد، فهو لازم، وبمعنى أعياه الأمر، فهو متعدّ.
قال في التوضيح: فكأن المحدث أعضله أي: أعياه، فلم ينتفع به من يرويه عنه.
قلت: والتحقيق ما ذكره في الديباج شرح رسالة الشريف المحقق حيث قال: المعضل اسم مكان؛ وأنه في اصطلاحهم منقول عنه، لا عن اسم مفعول؛ لأنه لا اسم مفعول على تقدير كونه لازماً، وعلى تقدير كونه متعدياً، وإن جاز أن يكون اسم مفعول، لكنه لا يناسب هنا؛ بخلاف ما إذا كان اسم مكان، وبهذا /364

القدر تظهر المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي، ولا صعوبة فيه، وإن عده بعضهم صعباً، فتدبر. انتهى.
قال السيد صارم الدين (ع): ومَدْرك واضحه عدم التلاقي، ومعرفته ثمرة تاريخ الوفيات، ومدرك خفيه العنعنة من المدلس.
قلت: أي إذا قال المدلس: عن فلان، فهو يحتمل الانقطاع احتمالاً راجحاً؛ لأجل اعتياده للتدليس، إلا أنه غير محقق لاحتمال الاتصال، فهو خفي؛ بخلاف ما إذا قال المدلس العدل: سمعت فلاناً أو نحوه، فلا تردد في اتصاله.
قال (ع): ورواية المتعاصرين بعضهم عن بعض من غير لقاء.
قلت: وهو من الواضح كما سبق، فعدم اللقاء يكفي، سواء تعاصرا أم لا.
قال (ع): ولذلك اشترط البخاري تحقيق اللقيا ولو مرة، واكتفى مسلم بعدم العلم بانتفائه.
أئمتنا، والحنفية، والمالكية: بل يقبل مطلقاً.
قلت: وقد أوردتُ كلام الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في حكاية الكلام، وتقرير الاستدلال على صحة الإرسال، في بحث من التحف الفاطمية (ص215).
قال ابن الإمام (ع) في الغاية وشرحها: اختلف الناس في قبول المرسل، وهو ما سقط فيه راوٍ أو أكثر:
القول الأول: القبول له مطلقاً، وهو رأي جمهور أئمتنا (ع).
قلت: الصحيح أنه رأي جميعهم، كما ذكره السيد صارم الدين، ورواه /365

عنهم الإمام المنصور بالله في الشافي.
قال ابن الإمام (ع): والمعتزلة، والحنفية، والمالكية، وأحمد ـ في أشهر الروايتين عنه ـ والآمدي، وبعض أهل الحديث.
والثاني: عدمه مطلقاً، وهو رأي جمهور أهل الحديث.
والثالث: أو من غير الصحابي فقط، يعني أنه لا يقبل المرسل من غيرهم، ويقبل منهم، وهو قول الجمهور من المحدثين؛ وذلك لأن الجهالة بالصحابي غير قادحة بناء على القول بعدالتهم على الإطلاق.
إلى قوله:
والرابع: أو مع التابعين وأئمة النقل؛ معنى هذا القول: هو عدم قبول المرسل من غير الصحابة والتابعين وأئمة النقل، وأما مرسل هؤلاء فمقبول، وهو مذهب عيسى بن أبان؛ وفي رواية عنه أنه يقبل مرسل تابعي التابعين.
الخامس، قوله: والشافعي ـ رضي الله عنه ـ يقبل المرسل إذا تأكد بما يظن معه صدقه، وذلك بأمور، منها: أنه يقبل من الرواة من لا يرسل إلا عن عدل أو عضد بقول صحابي أو فعله، أو فعل الأكثر، أو أسنده، أو أرسله غيره مختلفي الشيوخ.
قلت: والقبول هو مذهب الأئمة الأعلام، من علماء الإسلام؛ لكن الصحيح من مذهب أئمتنا (ع) ومن وافقهم، أنه يقبل مرسل العدل، الذي لا يرسل إلا عن عدل، مع اتفاق المذهب في معنى العدالة؛ وينبغي أن يحمل إطلاق المحققين على هذا.
وإنما أطلقوا باعتبار القيود الآخرة، نحو: ما ذكره السيد صارم الإسلام بعد كلامه السابق، حيث قال: إذْ هو إرسال، وسواء سقط الإسناد، أو بعض منه في أي موضع. /366

[تفصيل في الترجيح بين المسند والمرسل]
قلت: والترجيح بين المسند والمرسل، اللذين هما على الصفة المعتبرة، مختلف فيه.
والمختار عندي أنه موضع اجتهاد، وأنه يختلف باختلاف أحوال الراوي والمروي له؛ فإن الراوي قد يكون من أئمة الدين المحتاطين، المطلعين على أحوال الراوين، والمروي له على خلاف ذلك، بحيث لو سمي له الرواة لم يعرف أحوالهم، أو يعرف معرفة غير راسخة؛ فلا شك أن الإرسال في هذه الصورة ممن لا يرسل إلا عن عدل أرجح، وفيه كفاية المؤنة بتحمل العهدة عن البحث، ونظر هذا الإمام على كل حال أقوى؛ وقد يكون الحال على العكس، فلا ريب مع ذلك أن الإسناد أولى وأحرى؛ لتلك المرجحات الأولى.
وعلى هذا الترجيح فيما بينهما من الدرجات، ومع استواء الحالين، فالإسناد أصح وأوضح؛ إذ يجوز أن يكون المرسل لم يطلع على موجب لجرح في الرواة، أو أحدهم، أو نحو ذلك؛ وبالاطلاع على الرجال يرتفع هذا الاحتمال.
وكذا من صح عنه أنه لا يروي إلا عن عدل سواء أسند أو أرسل؛ لتحمله العهدة على الإطلاق، وزيادة الاستفادة من إسناده؛ لمعرفة ثقات الرجال عنده، والوقوف على الأحوال، وبيان تعدد الطرق عند اختلاف الإسناد، وللترجيح بين الرواة مع التعارض، ولصحته بالإجماع، ونحو ذلك مما لا يخفى من مرجحات الإسناد على الإرسال.
ولم يعدل أئمة الهدى ـ صلوات الله عليهم ـ عنه في بعض الأحوال إلا لمقاصد راجحة، ومقتضيات واضحة، لاتخفى على ذوي الأنظار الصالحة، منها: قطع تشكيك المتمردين على السامعين؛ لتناول المخالفين بالطعن والجرح لثقات المرضيين، وصيانة الأعلام، من ألسن الجفاة الطغام.
ومنها: محبة التخفيف مع كثرة الاشتغال بأحوال المسلمين، وجهاد المضلين، والقيام /367

بمعالم الدين، وإحياء فرائض رب العالمين.
ومنها: الإحالة بالمراسيل في مقام على ما علم لهم من الأسانيد الصحيحة في غير ذلك المقام، وغير ذلك مما لا يذهب عن أفهام المطلعين الأعلام.
فهذا الذي ترجح لدي في هذا الباب، والله الموفق للصواب.
وما أحسن كلام نجم الأعلام الحسين بن الإمام (ع)‍! حيث قال: فمرسلات الأئمة المعروفين بالأمانة والحفظ، كالهادي (ع)، ومن في طبقته من أئمة أهل البيت (ع) وغيرهم، مقبولة؛ وذلك لأن من ظاهر أحواله الثقة والدين والأمانة، يبعد أن يروي الأخبار الواردة في العبادات والأحكام الشرعية، عمن لا يثق به، من دون أن ينبه على ذلك ويدل عليه؛ لأن الغرض من روايتها الرجوع إليها، والعمل بموجبها.
وأما المرسلات، التي تجدها في كتب المتأخرين من أصحابنا وغيرهم، فإنا إذا فتشنا عن أسانيدها، وجدنا المجروح فيها كثيراً، إلا أن يقال بقبول خبر المجهول، ولا قائل به على الإطلاق، انتهى.
قال صارم الدين (ع): وأدلة قبول الآحاد تشمله، ولحمل رواته على السلامة.
المنصور: ولمشاركته المسند في علة القبول وهي: العدالة، والضبط.
قلت: قد سبقت الإشارة إلى الحجة على قبول المرسل.
قال الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة: والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه أن الصحابة اتفقوا على العمل بالمراسيل اتفاقهم على العمل بالمسانيد.
وساق في الشافي كلاماً شافياً، وبياناً وافياً، وبرهاناً كافياً.
وقال الإمام المهدي (ع) في المعيار، بعد حكاية الخلاف: لنا إجماع الصحابة على قبوله كالمسند؛ قد أرسلوا، ولم ينكر، ومنه قول البراء: ليس كلما أحدثكم به سمعته من رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ إلا أنا لا نكذب؛ /368

وأرسل ابن عباس ((إنما الربا في النسية))، ولم ينكر، وقول النخعي: وإن سمعت من جماعة، قلت: قال ابن مسعود، انتهى.
قال في الغاية وشرحها: أطبق الصحابة والتابعون على القبول من غير نكير.
ثم ساق...إلى قوله: قلنا: ما ذكرتموه من الاحتجاج صحيح، ولكنه لا يفيد تعميماً وشمولاً لكل من وقع منه الإرسال، كما هو المدعى.
قلت: يعني لأهل الإطلاق.
قال: وذلك أن من عددتموه من الصحابة، ومن بعدهم من التابعين والأئمة، لا يرسلون إلا عمن ارتضوه في دينه وضبطه.
قلت: وهذا هو الحق، وهو أعدل الأقوال؛ وقد بسط الكلام على الرد والقبول في الأصول.
[بحث في الصدق والكذب]
قال صارم الدين (ع): وقد يرد الحديث للطعن فيه بكذب الراوي في غير ما روى بإقراره، أو بالقرائن عامداً، وهو الموضوع؛ وقد يطلق على غير العمد.
قلت: وإطلاق الكذب على غير العمد هو مختار الجمهور، في كونه مخالف الواقع مطلقاً؛ فإن كان عن عمد، فهو الافتراء، وإن لم فهو الخطأ.
وأما الإثم فليس إلا في العمد اتفاقاً، والأقوال وحججها مستوفاة في مباحثها.
والمختار تفصيلٌ حسن، وهو: أن الصدق، والكذب يوصف بهما /369

الخبر والمخبر.
فإن نظر إلى جانب الخبر، فالصحيح كلام الجمهور من أنه مخالف الواقع، سواء خالف الاعتقاد أم لا.
وإن نظر إلى جانب المخبر، فالصحيح كلام أهل المذهب والنظام من أنه مخالف الاعتقاد، ولا يطلق الكاذب إلا على المفتري، وهو المخبر بخلاف ما يعتقده؛ ويؤيده أنه اسم ذم، فلا ينبغي إطلاقه على المؤمن المخطيء، المخبر بما يعتقده صدقاً، كما أن الصادق اسم مدح، فلا يجوز إطلاقه على الكافر المخبر بخلاف ما يعتقده، وإن كان خبره المطابق للواقع حقاً.
فقول المؤمن مثلاً: (زيد في الدار) معتقداً لذلك؛ والحال أنه ليس فيها، كذب لمخالفة الواقع، وهو صادق باعتبار معتقده، والواقع عنده؛ ورسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ صادق في قوله: ((كل ذلك لم يكن)) وهو ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في جميع أخباره سيد الصادقين.
وقول المنافق مثلاً: (الإسلام حق) صدق، وهو كاذب كما هو ظاهر النص القرآني من غير تأويل، في قوله ـ عز وجل ـ: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1)} [المنافقين]، باعتبار معتقدهم.
وإن فرض أن العربية تقتضي تسمية المخبر بخلاف الواقع كاذباً، والمخبر بموافقه صادقاً مطلقاً، فلا مانع أن يقضي بخلاف ذلك الشرع، فقد منع من أسماء كثيرة ورد بها الوضع، فبهذا يتم الجمع بين الأدلة؛ وقد أشار إلى معنى هذا بعض المحققين، ولا ريب أنه التحقيق، والله سبحانه ولي التوفيق.
[أسباب الوضع]
قال (ع): وأسبابه ـ أي الكذب ـ الإلحاد في الدين، أو تقرب إلى سلطان، أو انتصار لمذهب، أو ترغيب أو ترهيب، أو رواية بما يتوهم أنه /370

المعنى، ونحو ذلك.
قلت: ولأمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وباب مدينة علم الرسول الأمين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ في أحوال الروايات والرواة، كلام متين مرشد للأمة إلى سبيل النجاة، صدره: إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وخطأ ووهماً؛ وقد كُذب على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ على عهده، حتى قام خطيباً.
إلى أن قال: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).
وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: رجل منافق، مظهر للإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ متعمداً؛ فلو علم الناس أنه منافق كاذب، لم يقبلوا منه، ولم يصدقوا قوله؛ ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله، رءاه وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله؛ وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك.
ثم بقوا بعده (ع)، فتقربوا إلى أئمة الضلال، والدعاة إلى النار، بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا؛ وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله.
إلى آخره، وهو في نهج البلاغة، ومؤلفات أولاده، أئمتنا الهداة ـ صلوات الله عليهم ـ.
وكذا لولده باقر علم الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ كلام قويم، أوله: يا فلان، ما لقينا من ظلم قريش إيانا، وتظاهرهم علينا، وما لقي شيعتنا ومحبونا من الناس؛ إن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قبض، وقد أخبرنا أنّا أولى الناس بالناس، فتمالأت علينا قريش، حتى أخرجت الأمر من أيدينا، واحتجت على الأنصار بحقنا وحجتنا.
....إلى قوله (ع): ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعاً، فتقربوا به إلى أوليائهم، وقضاة السوء /371

92 / 143
ع
En
A+
A-