بربّ الأنام، المطهر بن محمد، بقراءته له على والده الإمام، محدث العترة الكرام، المهدي لدين الله محمد بن المطهر، بقراءته له على والده الإمام الأعظم المتوكل على الله المطهر بن يحيى، بقراءته له، على الفقيه العلامة، المذاكر الفهّامة، محمد بن أحمد بن أبي الرجال، بقراءته على الإمام الشهيد، السعيد الحميد، أحمد بن الحسين (ع)، بقراءته له على الشيخ العلامة أحمد بن محمد بن القاسم الأكوع، بقراءته على الشيخ العلامة محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي، بقراءته له، على مصنّفه الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع)؛ ولم يبقَ فيه لأحد سماع غيري فيما أعلم.
ثم أورد طريق الأمالي من طريق الشريف عمر بن إبراهيم العلوي، وطريق الجامع الكافي إلى الغزال، وطريق أمالي المرشد بالله، وطريق شفاء الأوام، وطريق أحاديث الإبانة وزوائدها، عن الفقيه العالم الواصل من جيلان، الملاّ إبراهيم.
قال: وهو يروي ذلك بالسند إلى مصنفها ـ رحمه الله ـ هذا لفظه: وطريق كتاب الوافي في أحاديث الفرائض، بقراءته على الشيخ العلامة إسماعيل بن أحمد النجراني.
قال: وهو يرويه بسنده إلى مصنفه العلامة الحسن بن أبي البقاء.
قلت: وقد سبق جميع ذلك مستوفى، والحمد لله.
قال: وطريقي في الذي أرويه من غير هذه الكتب من مصنفات علمائنا، الإجازة الصحيحة.
[طريق السيد صارم الدين إلى الأمهات الست المتضمن لها كتاب جامع الأصول]
وأما طريقي في كتب المحدثين من غير أهل البيت (ع)، فطريقي في الستة التي هي: الموطأ، والبخاري، ومسلم، وسنن النسائي، وأبي داود، /312
والترمذي، قراءتي لجميع كتاب جامع الأصول المشتمل على هذه الكتب؛ فأكثره على مولانا صلاح الدين عبدالله بن يحيى ـ رحمه الله تعالى ـ، واستجزت منه الباقي، وقرأت ذلك البعض على حي والدي، واستجزت منه أيضاً الباقي، فصح لي قراءة وإجازة كله.
ومولانا صلاح الدين يرويه بقراءته عن حي جدي السيد الإمام جمال الدين، الهادي بن إبراهيم، ووالدي يرويه عن حي صنوه محمد بن إبراهيم، فكل منهم يرويه بطريقه إلى مصنفه، كما ذلك مذكور على اتصاله في كتبهما، ومبيّن في إجازات العلماء لهما.
قلت: وقد اكتفيتُ عن إيراد إسناد الكتب الستة، وغيرها من كتب المحدثين، بما أوصلتُ من السند إلى شافي الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)، فأسانيدها فيه مفصلة، وكذا بإيصال السند إلى رواتها من أئمتنا (ع) في جميع مروياتهم، كوالدنا الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن، والمؤلف السيد صارم الدين، والإمام شرف الدين، والإمام القاسم بن محمد (ع)، وهم يروونها بطرقهم إلى مؤلفيها، وقد اشتملت على ذلك كتب الإجازات، وسنورد السند إليها فيما بعد ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وجامع الأصول هذا مؤلفه: أبو السعادات، المبارك بن محمد بن محمد بن عبدالكريم الجزري الموصلي، المعروف بابن الأثير، المتوفى عام ستة وستمائة، افتتح جامع الأصول بقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، الذي أوضح لمعالم الإسلام سبيلاً، وجعل السنة على الأحكام /313
دليلاً، وبعث لمناهج الهداية رسولاً، مهد لمشارع الشرائع وصولاً...إلخ.
وهو صاحب النهاية؛ وكتاباه: الجامع والنهاية، معتمدان في النقل عند أهل الرواية، والعمدة على ما صحّ بالطريق على التحقيق عند أرباب الدراية.
وما أحسن كلام الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير حيث يقول:
فابن الأثير الوزير لايوازي يحيى بن الحسين الهادي، في علمه وورعه وتقواه وجهاده، ودعائه العباد إلى الله، وإن لم يكن له (ع) مصنف في غريب الحديث والأثر، مثل النهاية؛ لأنه اشتغل بما هو أهم من ذلك. انتهى كلامه.
قلت: أراد لم يكن له (ع) على سبيل الاستقلال المجرد في ذلك الفن؛ ولكن له في علمي المعقول والمنقول من الكتاب والسنن، ما أحيا الله ـ تعالى ـ به معالم الإسلام على أقوم سنن.
ولله المؤلف صارم الدين (ع) حيث يقول:
وفي إمام الهدى الهادي المتوّج بالـ .... ـعلياء أكرم داع من بني مضرِ
من خُصّ بالجفر من أبناء فاطمةٍ .... وذي الفقار ومن أروى ظما الفِقَرِ
وصاحب المذهب المذكور في اليمن الـ .... ـمشهور من غير لا إفك ولا نكرِ
وفي ابن فضل ومن لبّى لدعوته .... وفي مسوّدة تدعو إلى سقرِ
قضت بتسعين مع تسعين معركة .... غرّ كبدر وأوطاس وكالنهرِ
...الأبيات.
نعم، ثم أورد طائفة من مسموعاته في كتب الحديث؛ والأمر كما ذكرت لك من الاعتماد على ما سبق، ولنعد.
قال: المقدمة الثانية: فيما لايسع طالب الحديث جهله، من علومه واصطلاحات أهله، وبيان مذهبنا فيه، مع زيادات فوائد وقواعد، يحتاج إليها /314
الشيعي العدلي، ويناضل بها الخصوم في المقام الجدلي.
قلت: أما المعتمد عليه، فقد أحاطت به أصول الفقه بأدلته، وقد سبق طرف نافع من ذلك؛ وأما غيره مما لابرهان عليه، فأجل فائدة في معرفته الرد على مبتدعه، وتجنب طريقته كما أشار إليه.
[حقيقة علوم الحديث]
قال: وأنا أسال الله الإعانة والتوفيق، والسلامة من وعثاء هذه الطريق، فأقول: علوم الحديث هي: القواعد التي تعرف بها أحوال الحديث، وأحوال رواته، وما يتصل بذلك.
قلت: المراد بالحديث والخبر هنا: ما نقل عن الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ من السنة، الشاملة للقول، والفعل، والترك، والتقرير؛ ويطلق على ما نقل عن غيره ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أثر؛ وبعضهم يعمم، وبعضهم يفصل؛ فالحديث خاص بما هو عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ والخبر عام، إلى غير ذلك من الاختلاف؛ وكل ذلك مرجعه الاصطلاح، ولا حاجة هنا إلى الكلام على معناهما، وبيان أقسامهما، فله مقام آخر هو أخص به.
[المتواتر ومفاده]
قال: ثم إن الحديث، إما إن تعلم صحته بكثرة رواته كحديث الغدير والمنزلة، وقتل عمار، وإمامة الحسنين، فهو المتواتر.
قلت: وهو لغة: المتتابع من الأمور شيئاً بعد شيء بفترة لايتخلل زمان كثير فيكون منفصلاً، ولا قليل فيكون متصلاً، مأخوذ من الوتر.
واصطلاحاً: خبر عدد لا يكذب عادة.
قال: وهو ضروري عند أئمتنا والجمهور، خلافاً للبغدادية، والملاحمية، وبعض الأشعرية.
قلت: فعندهم أنه /315
معلوم استدلالاً، والحجة عليهم أنه لو كان استدلالياً لتوقف العلم به على نظر الدليل، ولما حصل لمن لم يكن من أهل النظر كالصبيان، والبُله، والعوام؛ والمعلوم خلافه؛ وإمكان ترتيب الدليل لايوجب الاحتياج إليه، فإن صورة الترتيب ممكنة في كل ضروري، نحو: الاستدلال على أن الأربعة زوج بما صورته الأربعة منقسمة بمتساويين، وكل منقسم بمتساويين زوج؛ وغير ذلك.
قال: وتوقف الموسوي، والآمدي.
ولاتنحصر تلك الكثرة في عدد مخصوص، وأقلها خمسة في الأصح.
قلت: قال المؤلف في الفصول: وضابطه ما حصل العلم عنده.
إلى قوله: الجمهور خمسة، وهو المختار، انتهى.
قال: أو بقرائن تنضم إليه كالإخبار لملك بموت ولد له مدنف مع صراخ، وانتهاك حريم، ونحو ذلك؛ فهو المعلوم بالقرائن، وأنكره الجمهور، ويعز وجوده في الشرع، وقيل: بل يعدم.
قلت: في الفصول، وشرحه، للسيد الإمام صلاح بن أحمد المؤيدي (ع) ما لفظه: المؤيد بالله، والمنصور بالله في رواية رواها عنه القاضي عبدالله، والإمام يحيى، وغيرهم من علمائنا، كالإمام محمد بن المطهر، والسيد محمد بن جعفر، والحفيد في تعليقه، وإليه ذهب إمامنا المنصور بالله ـ أي القاسم بن محمد ـ، وبعض الأشعرية كالرازي، والسبكي، والبيضاوي، وابن الحاجب، والآمدي: يحصل العلم بخبر العدل؛ لكن مع قرينة زائدة على ما لاينفك التعريف عنه.
إلى قول الشارح في حجتهم: بأنا نجد العلم بخبر الواحد مع القرينة من أنفسنا وجداناً ضرورياً لايتطرق إليه الشك، انتهى المراد.
[المتلقى بالقبول]
قال: أو بالنظر، وهو ما حكم بصحته المعصوم كالأمة، أو العترة، فهو /316
المتلقى بالقبول، ومختار أكثر أئمتنا، وبعض الأصوليين، والمحدثين، أنه معلوم كالمتواتر.
قلت: البعض من الأصوليين: أبو هاشم، والقاضي عبد الجبار، والغزالي؛ ومن المحدثين: ابن الصلاح، وغيره؛ والمراد بكونه كالمتواتر في القطع بصحته، وإن كان المتواتر ضرورياً، والمتلقى نظرياً.
قال في الفصول: فعلمُ صحته بالنظر.
قال الشارح: بأن يقال: لو لم يكن صدقاً بأن كان كذباً لكان استنادهم إليه خطأ، وهم معصومون؛ ولله درّ المؤلف حيث يقول:
وإن التلقي بالقبول على الذي .... به يستدل المرء خير دليلِ
وما أمّة المختار من آل هاشم .... تلقّى حديثاً كاذباً بقبولِ
قلت: وتفسيره هذا للمتلقى بالقبول أوضح من تفسير غيره.
وأما القسم الذي ذكره ابن الإمام (ع) في الغاية، بقوله: ومنه خبر الواحد إذا أجمع على العمل بمقتضاه للعصمة عن الخطأ، وقيل: مع الحكم بصحته، انتهى. فغير متضح؛ لأنه إن أراد العمل بمقتضاه مع الاستناد إليه، فهو هذا؛ إذ ليس المراد من الحكم إلا العلم بالاستناد إليه، وإن أراد من دون استناد إليه، فغير صحيح، لاحتمال أن يجمعوا على معناه مستندين إلى غيره، كما أشار إليه السيد الإمام المحقق في شرح الفصول؛ ولا يلزم ما ذكره ابن الإمام (ع) من لزوم تخطئتهم في الاستناد؛ لأن المفروض خلافه.
[انقسام الخبر إلى معلوم الصدق والكذب]
نعم، والأكمل في التقسيم ما ذكره المؤلف في الفصول بقوله:
(فصل) وينقسم الخبر إلى ما يعلم صدقه، وإلى ما يعلم كذبه، وإلى ما يحتملهما، /317
فالأول ضروري بنفس الخبر كالمتواتر لفظاً، أو معنى، أو بغيره كالموافق لضروري.
قال السيد الإمام، صلاح الإسلام: وهو الخبر عن البديهيات، نحو: الواحد نصف الاثنين.
إلى قوله: فلولا تقرره في عقولنا لما علمنا صدق من أخبر به.
قال المؤلف: واستدلالي عقلي، كخبره تعالى.
قال صلاح الإسلام: وهو عند أهل العدل أن الله عدل حكيم لايفعل القبيح.
قلت: لقبحه، وغناه تعالى عنه، وعلمه بهما؛ وفعله لو فرض مع ذلك خلاف الحكمة ضرورة، تعالى الله سبحانه عن ذلك.
قال: وقبح الكذب معلوم ضرورة.
قلت: مع عدم الحاجة إليه، والحكيم يتعالى عز وجل عنها؛ وإنما طوى هذا للعلم به.
قال المؤلف (ع): وخبر رسوله.
قال صلاح الإسلام: دليل صدقه عند أهل العدل أن الله تعالى أظهر المعجز عليه، تصديقاً له، ودليلاً على عصمته، والله تعالى لايصدق الكاذب؛ لأن ذلك قبيح، والله لايفعل القبيح.
قلت: والبرهان عليه ما تقدم.
وشرعي: كخبر الأمة والعترة، وكذا موافقهما.
قلت: ومن المعلوم صدقه ما ذكره بعد هذا البحث، في قوله:
(فصل) وما أخبر به واحد.
قال صلاح الإسلام: أو ما في حكمه إلى الأربعة، بل حاصله مالم يفد التواتر.
قال صارم الدين (ع): بحضرة خلق كثير.
قلت: ضابطه جماعة لايكذب مثلها. /318
قال: علم أنه لو كان كذباً لعلموه، ولا حامل لهم على السكوت، فهو صدق قطعاً للعادة؛ وكذا ما أخبر به بحضرة النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ مما يتعلق بشريعته أو معجزاته، أو نحو ذلك.
قال صلاح الإسلام: كأن يكون مما لايعلم إلا من جهته، كأخبار الآخرة؛ ولم ينكره.
قلت: والأحسن في تحقيقه ما ذكره ابن الإمام (ع) بقوله: ومنه في الأصح ما أخبر به بحضرته (ع) مع دعوى علمه به مطلقاً، أو عدمها، إن كان دينياً لم يعلم خلافه، أو علم ويجوز تغيره، أو دنيوياً لايخفى عليه، ولم ينكره، انتهى.
قال صارم الدين (ع): والثاني: ـ قلت: أي ما يعلم كذبه. قال:ـ نقيض ما علم صدقه.
والثالث: ـ قلت: أي ما يحتملهما. قال:ـ خبر الواحد.
قلت: أي الآحادي، سواء كان واحداً أو أكثر، مهما لم يقطع بصدقه؛ وكثيراً ما يطلقون خبر الواحد، والمراد ذلك، وهذا القسم محرر في علوم الحديث، فيرجع إليه.
[الكلام على الآحادي وأنواعه]
قال: وإن لم يعلم صدقه فهو الأحادي، وقد يظن صدقه كخبر العدل، أو كذبه كخبر الكذاب، أو يشك كالمجهول؛ والعمل به ـ قلت: أي بخبر العدل. قال: واجب لحسن العمل بالظن عقلاً.
قلت: ليس الدليل هذا على قبوله، وإلا لزم قبول خبر بعض الصبيان، وكافر التصريح وفاسقه، الذين يظن صدقهم؛ والعقل إنما يدل على حسن العمل بالظن في جزئيات، يكفي فيها أدنى منبّه، ولو خبر صبي أو كافر صريح، أو أي أمارة ضعيفة لخطر الإقدام، وعدم الضرر في الإحجام، كالإخبار بسمّ الطعام، وقد حققتُ المختار في ذلك بدليله، في الرسالة الموسومة بإيضاح الدلالة، بل المعتمد /319
في الدليل على القبول ما أوضحه بقوله: ولإجماع الصحابة المعلوم، ولإرساله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ الآحاد، وتقريره المسلمين على قبوله.
قلت: ومتى كان هذا الدليل على القبول، وهو المعلوم، فلا يقبل إلا من كان على صفة من أرسلهم ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، ووقع الإجماع على قبولهم، من أولي العدالة والثقة المحققة، لا ذوي الكفر أو الفسق لا الصريح ولا التأويل؛ لعدم الدليل، بل للدليل على المنع، نحو قوله ـ عز وجل ـ: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ]} [هود:113]، و {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا } [الحجرات:6]، ولا يصلح ما ادعوه من الإجماع على قبول المتأول لتخصيص الآي ولا تأويلها؛ لعدم البرهان عليه، وإنما هي حكايات معارضة بحكايات مثلها في الرد.
ومما يبين أنها دعاوى مجردة، أنهم لم يأتوا بقضية واحدة عن أهل الإجماع الذي زعموا في الصدر الأول، تفيد قبول خصم لخبر خصمه أو شهادته؛ ولقد استرسلوا لتكثير الروايات، حتى قبلوا عن المصرح بالكفر أو الفسق المجمع على ردّ روايته، إلا من عصم الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فالراجح البقاء على الأصل الأصيل، الذي هو مقتضى الدليل، وهو الأحوط في الدين؛ كيف، وهو عز وجل يقول: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } [الإسراء:36]، {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)} [البقرة]؟ ولا وجه للتأويل، وإخراج العلم عن حقيقته، وهو عام لايخرج منه إلا ما خص بدليله، وإن كان قد كثر في هذا /320
التهويل، والقعقعة بنقل الأقاويل، فالمعتمد الدليل.
قال: ولأن من رده.
قلت: أي الأحادي.
قال: من الإمامية، والبغدادية، والظاهرية، والخوارج، تمسكوا في رده بالظن؛ وإنما فروا منه، ويعمل به في العملي مطلقاً.
قلت: لعله أراد بالإطلاق فيما تعمّ به البلوى وغيره كما ذكر في الأصول.
قال: لا في العلمي كالمسائل الإلهية، ولا في العملية العلمية كأصول الشرائع إلا مؤكِّداً.
قلت: والحجة على ذلك الأصل:
أولاً: أن المطلوب العلم؛ بدلالة نحو قوله ـ عز وجل ـ: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } [الإسراء:36]، {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)} [البقرة]، {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الحج:8]، وكم صدّر الحكيم، في الكتاب الكريم، الأمر باعلم واعلموا، مع ما كرر ـ عز وجل ـ من إبطال الظن، والذم لأهله: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا } [يونس:36]، وإنما خصصت تلك العمومات بما تقدم من بعث الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ والإجماع، وليس ذلك مجمعاً عليه إلا في العمليات الفرعيات؛ فيقر حيث ورد.
ثانياً: أن الله ـ تعالى ـ نهى عن الاختلاف في الدين، وحرمه على العالمين، وتوعد عليه بنصوص الكتاب والسنة، فلا بد من نصب دلالات عليه قطعية؛ لقيام الحجة، وإلا لَعُذِر المخالف فيه، كما في المسائل الاجتهادية الفرعية؛ لخفاء /321