وطرائقهم، لا سيما بعد استقرار الأمر لمن ابتزه، ولم يقع في موضعه ولا طبق محزه، فمنهم المسر ومنهم المعلن بمذهبه، وسواء منهم من أسر القول ومن جهر به، كجهر الاثني عشر النقباء، الذين صدعوا بالحق عند صرف الأمر عن أهله احتساباً لله وغضباً، وغيرهم ممن هو أشد إنكاراً، وأكثر عدداً وأظهر اشتهاراً؛ وقد دونهم العلماء الأخيار، ونقلوا منهم التجرم العظيم والاستنكار.
قلت: وما أحسن قوله في ذلك في البسامة:
فقلْ لمن رام للأسباب معرفة .... وربما تعرف الأسباب بالفطرِ
حبّ الرياسة أطغى الناس فافترقوا .... حرصاً عليها وهم منها على صدرِ
والحق أبلج والبرهان متضح .... وبيننا محكم التنزيل والسورِ
مات النبي أجلّ الخلق مرتبة .... محمد خاتم الأنباء والنذرِ
نبينا المصطفى الهادي الذي ظهرت .... آياته كظهور الشمس والقمرِ
هذا، والكلام ذو شجون، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: فإليهم في نقل الحديث مستندنا، وعلى معتقدهم في التفضيل والخلافة معتقدنا، ولسنا نقتصر عليهم في قبول الرواية، بل نروي عن المخالفين المتأولين، كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
قلت: ولم يرد المحاربين لأمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ، فسيأتي له التصريح بأنهم غير متأولين؛ فتدبر.
قال: فأما سلفنا من التابعين، ومن بعدهم من حفاظ الأخبار، ونقلة علوم الآثار، ومعدلي حملة العلم النبوي، الذين يرجع إلى اجتهادهم في التوقيف والتضعيف، والتصحيح والتزييف، فهم خلف من تقدم من أهل مودة ذوي /300
القربى، الذين يرونها من أجلّ القرب، وأنفع ذخائر العقبى.
ثم ابتدأ في تعدادهم، وسيأتي البحث في ذلك مستكملاً ـ إن شاء الله تعالى ـ.
[سبب اعتناء صارم الدين بتأليف علوم الحديث]
قال: ثم إن المصنفين من أئمتنا وعلمائنا جمعوا في كتب الفروع، بين أقوال أهل البيت، وبين أقوال غيرهم من الصحابة والتابعين، والفقهاء الأربعة وأتباعهم وغيرهم؛ بخلاف أتباع الفقهاء، فإنهم لا يذكرون أقوال أهل البيت وأتباعهم، ولم يتعرض أحد منهم لجمع طرق الأحاديث في كتبنا وكتبهم، وإضافة كل حديث إلى من خرجه منا ومنهم، وانفرد به؛ وكان الاعتناء بذلك أولى من الجمع بين المذاهب؛ لثمانية وجوه:
الأول: أن مذاهب الجميع في الفروع مسندة إلى الأحاديث في الغالب، وصادرة عنها؛ فالاشتغال بتحقيقها ومعرفة رواتها ومن خرجها من الشيعة والسنية أقدم، والعناية بالكلام عليها لاستناد المجتهدين إليها أولى وأهم؛ إذ الاشتغال بالأصول أحق بالتقديم من الاشتغال بالفروع.
[جواز الجمع بين الصلاتين تقديماً وتأخيراً]
الثاني: أن تلك الأحاديث إذا اتفقت عليها الروايات، وتطابق على نقلها الأئمة الأثبات، سواء اتفقت أسانيدها أو اختلفت، ازدادت قوة، والتحق حسنها بالصحيح رتبة، وترجحت على معارضها الذي ليس كذلك.
وقد سلك هذه الطريقة الإمام الهادي (ع) في كتاب المنتخب، فاحتج على جواز الجمع بين الصلاتين العجماوين، والعشائين للمعذور، للأحاديث التي روتها العامة في كتبها من طريق عبد الرزاق، عن مشائخه كمعمر، وسفيان، وعمرو بن دينار، وإبراهيم بن محمد بن يزيد.
ثم قال: وإنما احتججنا برواية الثقات من رجال العامة؛ لئلا يحتجوا فيه بحجة، فقطعنا حججهم بروايات ثقاتهم. /301
قلت: قوله: (للمعذور) تقييد من المؤلف، فأما كلام إمام الأئمة (ع) في المنتخب، فلم يفصل؛ بل هو دال على الجواز مطلقاً للمعذور وغيره لاستدلاله (ع) بقوله عز وجل: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ }...الآية [الإسراء:78]، وقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ } [هود:114].
وقوله في خبر جبريل (ع): فروى القوم هذا الخبر مجملاً، ولم ينظروا فيه نظراً شافياً، حتى يتبين لهم فيه مواقيت الصلوات.
...إلى قوله: واعلم ـ وفقّك الله ـ أنه لما صح هذا الخبر عن رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - أنه صلى الظهر في أول يوم حين زالت الشمس، وصلى العصر وظل كل شيء مثله، ثم صلى من الغد الظهر وظل كل شيء مثله، وصلى العصر وظل كل شيء مثلاه، علمنا أنه قد صلى في أول يوم العصر في وقت الظهر التي صلاها من الغد، فأجاز ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بفعله هذا صلاة الظهر في وقت صلاة العصر، وصلاة العصر في وقت صلاة الظهر؛ لأنه صلى الظهر والعصر وظل كل شيء مثله، فوجب بفعله هذا أن وقت الظهر كله وقت للعصر، ووقت العصر كله وقت للظهر؛ لأنه من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله وقت واحد ممدود لا مرية فيه، وقد صلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في هذا الوقت الواحد الظهر والعصر عند زوال الشمس، فقد أدى الصلاتين في أوقاتهما؛ لأن أول الوقت كآخره، وآخر الوقت كأوله في تأدية صلاتهما غير متعد؛ لفعل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وكذا من صلاهما في آخر/302
الوقت، فقد صلاهما في أوقاتهما.
...إلى قوله (ع): قد بينت لك فيما شرحت لك، وأوجبت أن وقت الظهر كله وقت للعصر، ووقت العصر كله وقت للظهر.
ثم ساق الأخبار..إلى قوله: فهذه أخبار صحيحة موافقة لكتاب الله، أن وقت الظهر والعصر من زوال الشمس إلى الليل، ووقت المغرب والعشاء إلى الفجر، وهو قول ثابت، وهو قول جدي القاسم بن إبراهيم ـ رحمة الله عليه ـ، وبه نأخذ.
والدليل على صحة هذا القول وثباته، أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة من غير سفر، ولا خوف ولا مطر.
ثم ساق الروايات في ذلك.
قلت: وتفسير الجمع بتأخير الأولى، وتقديم الأخرى غير صحيح؛ لأن الجمع حقيقة شرعية في جمع صلاتين في وقت واحد، كما ذكره المؤيد بالله في شرح التجريد، وما ذكر جمع لغوي، والحقيقة الشرعية مقدمة على اللغوية؛ وكذا لا يضر احتمال الجمع للتقديم والتأخير، إذْ قد بطل بثبوته القولُ بعدم جواز الجمع، سواء كان جمعه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ تقديماً أو تأخيراً؛ فلم يبق إلا القول بجوازه.
والذي يتحرر على تحقيق النظر، ويدور عليه كلام نجم آل الرسول، وحفيده إمام الأئمة ـ سلام الله عليهما ـ في الجامعين: المنتخب والأحكام، ومن معهما في مسألة الجمع ـ هو القول الوسط، لا الإفراط ولا التفريط؛ فلا يقال بالوجوب البت، والحكم بلزوم كل صلاة في وقت، وترك التأسي بفعله وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في الترخيص، وإرادة رفع الحرج على أمته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
ولا باتخاذ الجمع خُلقاً وعادة على الاستمرار، وإهمال /303
الأوقات التي لازمها رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وشرع الدعاء فيها بالنداء على التكرار، سيما أهل عمارة المساجد الذين لامندوحة لهم في ذلك ولا عذر من الأعذار.
وأما مع العذر أو السفر، فلا كلام في الجواز عند أئمة العترة والشيعة وغيرهم من علماء الأمة، وهذا القول هو الراجح على مقتضى الدليل؛ واستيفاء الكلام على أطرافه يحوج إلى التطويل، وهو مبسوط في محله؛ والمسألة نظرية، والتخطية والتأثيم فيها وفي غيرها من المسائل الاجتهادية، لا وجه لهما، مهما كان البناء على الإنصاف والنظر في الدليل؛ بل هي في جنبة المُخَطّي والله الهادي إلى خير سبيل.
(رجع) إلى كلام السيد صارم الدين (ع).
قال: وكذا الإمام المنصور بالله في كتاب الشافي روى أحاديث فضائل العترة من طريق أهل البيت (ع) وشيعتهم، ومن طريق المحدثين والفقهاء؛ قال: وإنما فعلنا ذلك من كلا الطريقين؛ ليقع التمييز بين الروايتين، وتلزم الحجة بإجماع النقلين، والحق عند أهل الإسلام لا يعدو هاتين الطائفتين، وكل يدعي ذلك لنفسه؛ فإذا اتفقوا على أمر واختلفوا في أمر آخر، كان ما اتفقوا عليه أولى بالاتباع مما اختلفوا فيه، فليس برد الحق ينتصر القاصر، ولا بدفع الأدلة ينتفع المكابر.
الثالث: سكون كل واحد من الشيعة والسنية برواية سلفه، وما يحصل بذلك من الاتفاق، والأمن من غوائل الاختلاف والافتراق، وعدم التعرض حينئذ للقدح في الرواية بحصول الاتفاق على المروي، والكروع نهلاً وعَلَلاً من عين ذلك المنهل الروي. /304
الرابع: أنه قد يكون في بعض الروايات زيادة يحصل بها تخصيص عام، أو تقييد مطلق، أو تبيين مجمل، أو بيان وهم راوٍ، والمخالفة لرواية من هو أوثق منه، ونحو ذلك من الفوائد التي تحصل بمعرفة الرواية.
الخامس: أن في ذلك إرغاماً لأنوف النواصب، وتكذيباً لما زوره لسان مفتريهم المناصب، بإيراد الأحاديث المروية من طريق أهل البيت (ع) وأتباعهم، من طريق المحدثين، فيكون دعوى تضعيفها منهم حينئذ مشتركة الإلزام، بينهم وبين العترة الكرام.
قلت: ويبطل ذلك الإلزام، بإجماع علماء الإسلام.
قال: السادس: السلامة من الاغترار بمطلق الترجيح والتضعيف، إذا اختلفت الأحاديث، واحتج كل طائفة بحديث منها، ورجحته بأحد المرجحات، وضعف معارضه بما يوهيه من المضعفات، وكثيراً ما يقع ذلك في الكتب المقصورة على ذكر أدلة الأحكام، وبيان ما يحتج به كل في الحلال والحرام، وتجول فيها خيول النصوص في ميادين التراجيح، وتوزن فيها أدلة العموم والخصوص بموازين النقاد المراجيح؛ فإنك تجدهم طالما يرجحون المفضول على الفاضل، ويجرحون بما يعده خصومهم من أعلى المراتب والفضائل، كالقدح بالتشيع؛ وتجد المتكلم منهم على أحاديث مذهبه يتغاضى عمن روى حجته وإن كان مجروحاً أو ضعيفاً، ويتطلب الجرح لمن روى ما يخالفها وإن كان ثقة عفيفاً؛ فيحتاج إلى معرفة ذلك في هذا المقام، فكم من حديث قد ضعفوه بذلك، ورجحوا عليه المرجوح، ونالوا من أعراض قوم لا تزال أرواحهم في الجنان تغدو وتروح.
السابع: أن المحدثين قد شابوا كتبهم بذكر أعداء أهل البيت ـ عليهم/305
السلام ـ وادعوا للذين قاتلوا علياً (ع) أنهم قاتلوه على وجه التأويل، وأنهم أخطأوا في الاجتهاد، وأنه خفي على من يضرب المثل بدهائه منهم كمعاوية وعمرو، كونهم مبطلين، وتعاموا عما يدل على خلاف ذلك مما رواه الثقات منهم، ووقروهم وعظموهم، ورضّوا عنهم؛ حتى تجاسر بعضهم على تعديل عمر بن سعد، قاتل الحسين (ع).
قال العجلي فيه: تابعي ثقة، روى عنه الناس.
وقال الذهبي في عبيد الله بن زياد: الشيعي لايرضى منا إلا بسب هذا وذويه، ونحن لا نسبه ولا نحبه.
[بيان: السنة والجماعة والرافضة]
واحتجوا على إمامة من تقدم على الوصي (ع) بأحاديث، لا تدل على مطلوبهم المخصوص، وبظواهر لاتقوى على دفع ما دلّ على إمامته من قواطع النصوص، ومَنْ خالفهم في ذلك فهو عندهم مبتدع رافضي؛ لرفضه لإمامة المشائخ الثلاثة، مردود الحديث، سيما إذا كان داعياً إلى مذهبه، وجزموا بأن اعتقاد ذلك أعلى مراتب الطاعة، وسمة يعرف بها أهل السنة والجماعة؛ فإذا وقف على ذلك الشيعي المغرب عن الآثار، هجر الحديث المودع في كتبهم، أو طرت عليه شبهة من شبههم؛ لقصوره عن حلّ الشبه، وعدم اطلاعه على ما ذكره علماؤنا في جوابها؛ وإذا جمع بين طرق الأحاديث، وذكر جواب شبههم في دعوى التأويل والتقديم، اندفع باطلهم بالحق اليقين، كما فعل أصحابنا في علم الكلام وغيره مع سائر المخالفين.
وقد أجاب الشيعة على تسميتهم لهم رافضة، بأن هذا الاسم إنما هو لمن رفض إمامة زيد بن علي (ع)، فمن لم يقل بإمامته فهو رافضي؛ وهذا هو المعروف في هذا الاسم، والسبب في إطلاقه، فهم حينئذ أولى به؛ لأنهم ممن رفض إمامته. /306
قلت: وقد تقدم ما يكفي.
وأجابوا عن تسميتهم أنفسهم بأهل السنة والجماعة، بأن تلك هي سنة معاوية وجماعته؛ لأن الحسن (ع) لما تخلى عن الأمر، وهو الإمام المعصوم، حقناً للدماء، وتسكيناً للدهماء، عام إحدى وأربعين من الهجرة، أخذ معاوية البيعة على الناس وسماه عام الجماعة، ومراده عام جماعته في الرضى بإمامته.
ولما أمر بلعن علي (ع) على المنابر في الجمع والأعياد، عام تسعة وأربعين، سماه عام السنة، وقال: والله لأجرينه سنة حتى إذا قُطِعَ، قيل: قُطِعَتْ السنة.
فصار أتباعه إلى يومنا هذا يسمون أنفسهم بأهل السنة والجماعة، ويوهمون أن المراد سنة النبي، وجماعة أصحابه، ويأبى عليهم ذلك ما علم مما ذكرنا، ومحبتهم لأعداء العترة، والمناضلة عن خصوم الأسرة.
قلت: وقد سبق ما فيه الكفاية.
قال: الثامن: وهو المهم الأعظم، والخطب الأطم، الذي هلك فيه أهل الزيغ الجاهلون، ولم ينج من الغرق في يمه إلا العلماء الراسخون، أن المحدثين قد أودعوا كتبهم من أحاديث الصفات وغيرها، مما ظاهره التشبيه والتجوير والتحديد، ما يحتاج إلى التأويل الشديد، والحمل على مقتضى قواعد العدل والتوحيد؛ فمن الناس من حملها على ظاهرها فشبه وجوّر، ومنهم من نفاها فعطل وكدر.
قلت: أما من نفى ما لايقبل التأويل، مما عارض حجج العقول، وصريح الكتاب والمتواتر عن الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، فقد أصاب الحق، ومقتضى الدليل القاطع المقبول؛ وما لم يكن كذلك فلا بأس بتأويله، مع صحة طريقه وتحقيق دليله؛ فعلى هذا ينبغي حمل كلام صارم الدين (ع)، والله/307
الهادي إلى سبيله.
قال: ومنهم من ردها إلى ما قضى به العقل ومحكم الكتاب والسنة، فسلم من ذلك كله؛ وهؤلاء هم العلماء الراسخون، الذين جمعوا بين علمي المعقول والمنقول، وعرفوا حقائق الإعجاز، وحققوا علم المعاني، ودققوا في فهم لطائف الحقيقة والكناية والمجاز، ومنحوا فهماً ثاقباً، وعلماً نافعاً واسعاً، وملكة في التعبير، وقدرة على الاهتداء إلى وجوه الحذف والتقدير، ورد المتشابه إلى المحكم المنير؛ فتجد هذه الأحاديث في أكثر كتب القوم عارية عن التأويل، أو محمولة على تأويل لايصح؛ وتجدهم يسمعونها العوام، والكبار والصغار في المساجد والجوامع، فيوقعون المستمعين في اعتقادات فاسدة، أو تأويلات لا تجري من الأصول المقررة على قاعدة.
ثم ساق فيما لا تعلق له بما نحن فيه، من التحسر على فوت هذا المطلب، والتأسف لموت أعيان الأعلام، وأمان الأنام، والانفراد عمن أدركهم من النجوم الكرام.
...إلى قوله:
ما في الزمان أخو وجد أطارحه .... حديث نجد ولا صب أجاريه
وأقول: ما أشبه الليلة بالبارحة، والقضية الغادية بالرائحة، وإلى الله سبحانه المشتكى، وحسبنا الله وكفى، وهو نعم المستعان على حوادث الأيام، والمسؤول لحسن الختام.
ولنعد إلى سياق المختار من كتابه، مع الكلام على ما لاغنية عنه في أثنائه، إلى آخر علوم الحديث، لشدة مناسبته للمقصود، وهو حقيق بإفراد فصل معقود. /308
الفصل السابع شيء من الفلك الدوار في علوم الحديث
قال (ع): ولنتكلم قبل الشروع في المقصود على مقدمتين وخاتمة لهما.
المقدمة الأولى: في تعيين الأمهات الموعود بالجمع بينها من كتب العترة والمحدثين، والطريق إلى كل منها.
أما طرق أهل البيت (ع) التي أستند إليها، وأعتمد في الرواية عليها، فطريقي في مجموع الإمام الأعظم زيد بن علي (ع)، وأمالي حفيده الأكرم أحمد بن عيسى بن زيد، التي اعتنى بجمعها علامة الشيعة ومحدثهم، محمد بن منصور بن يزيد المرادي الكوفي، وفي كتاب أصول الأحكام، لمولانا الإمام، الصوام القوام، المتوكل على رب الأنام، أحمد بن سليمان (ع)، وهي قراءتي لها على مولانا السيد الإمام، شيخ العترة الكرام في زمانه، ومفسرها ومحدثها ومفتيها، والمعتني بعلومها، الصلاحي صلاح الدين، بركة أهل البيت المطهرين، عبدالله بن يحيى بن المهدي بن قاسم الحسيني الزيدي نسباً ومذهباً، وطريقته في المجموع هي الطريقة الآتية بالسند الآتي في أصول الأحكام، إلى القاضي جعفر ـ رحمه الله تعالى ـ.
ولي فيه طريق أخرى إليه.
قال رحمه الله: وأنا أروي أصول الأحكام بقراءتي له على حي والدي السيد العالم المتألّه يحيى بن المهدي، بقراءته له على السيد الإمام، الواثق /311