أطيعي مرشديك وشايعيهم .... فإن ساعدتني فَخَلاك ذمي
هموا جهلوا سبيل الرشد فينا .... فأعقبهم بها غماً بغم
ومنها:
أخي من كان يهديني لرشدي .... وليس أخي هو ابن أبي وأمي
ومنها:
تشابه أهل ملّتنا علينا .... فلم يدر الأخص من الأعم
ينازعني أناس أمر ديني .... وهَمُّهُمُوا لعمرك غير همِّي
وقد أرشدتهم وطلعت شمساً .... لهم في ليل خطبٍ مُدْلهمّ
...إلى آخرها.
قال: ولكم سعوا في خفض منارهم، وإطفاء معارفهم ومحو آثارهم، ومضى على ذلك منهم القرون، واستمر عليه الأولون والآخرون، وأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
ولم يزل العلماء الأعلام، من فضلاء أمة محمد - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - مقبلين على علمي الكتاب والسنة، ومعملين في نصرهما لسيوف الاحتجاج ومواضي الأسنة؛ والمتقون منهم البررة، معترفون في ذلك لعلماء العترة المطهرة، مغترفون من علومهم الزاخرة، مقتبسون من أنوار معارفهم الزاهرة، مقدّمون لهم في الدراية، ومستكثرون في النقل عنهم وصارفون إلى محفوظاتهم العناية.
ولقد حكي عن جابر الجعفي أنه كان يحفظ عن الباقر (ع) ثمانين ألف حديث.
وعن الحافظ ابن عقدة أنه كان يجيب في ثلاثمائة ألف حديث من حديث أهل البيت وبني هاشم.
إلى غير ذلك مما يطول الكلام بذكره.
[إشارة إجمالية إلى بعض مصنفات أئمة العترة واشتمالها على الكنز الثمين من السنة]
ثم بسط في بيان كتب الحديث.
...إلى قوله: /290

ومما صنف في ذلك لأهل مذهبنا: مجموع زيد بن علي، والسير للنفس الزكية ـ ومنها أخذ محمد بن الحسن الشيباني ـ وأحاديث كتب الإمام الأعظم القاسم بن إبراهيم وهي نحو العشرين، وقد اشتملت على أحاديث كثيرة، ومصنفات علامة الشيعة ومحدثهم، محمد بن منصور، وهي عديدة، من أجلها: كتاب علوم آل محمد بزياداته.
قلت: أما الزيادات فقد وقع فيها دسّ، كما وقع في زيادات الجامع الكافي، وقد سبق الكلام.
قال: ويعرف بأمالي أحمد بن عيسى.
إلى قوله، حاكياً لقول محمد بن إبراهيم الوزير: هو أساس علم الزيدية، ومنتقى كتبهم، ويذكر فيه الأسانيد.
ومصنفات الإمام الهادي (ع)، وهي ثمانية وأربعون كتاباً، منها: تفسير القرآن ستة أجزاء، ومعاني القرآن سبعة أجزاء، وكتاب السنة.
ومصنفات الإمام الناصر (ع) كالإبانة، والمغني وغيرهما، وقد اشتملت على غرر الأحاديث.
ومصنفات الإمامين: المرتضى وصنوه الناصر، وهي عديدة مشهورة بين الشيعة، نافعة ومفيدة.
ومصنفات الإمام القاسم بن علي العياني، وولده الحسين بن القاسم، وقد بلغت مصنفاته إلى السبعين؛ وكذا مصنفات غيرهم من الأئمة وأتباعهم.
...إلى قوله: ومن الشائع على الألسنة، أن يحيى(ع) كثيراً ما يوافق أبا حنيفة، والناصر (ع) كثيراً ما يوافق الشافعي؛ وممن ذكر ذلك الفخر الرازي في كتابه الشجرة، الذي صنفه في أنساب العترة المطهرة؛ وليس كذلك؛ وإنما الهادي (ع) يوافق قوله قول أهله الذين بالكوفة، ويعتمد على ما رووه، وأبو حنيفة كثيراً ما يوافقهم؛ لاتحاد البلد والسند، وقد عدّه قوم من جملة علماء /291

الزيدية.
...إلى قوله: وكان الشافعي يرجح أقوال أهل الحجاز على أقوال أهل العراق أخباراً ومذهباً، وغيره على عكس ذلك.
وروى السيد العلامة أحمد بن مير الحسني، القادم من جيلان بكتاب الجامع إلى اليمن، في زمان الإمام المهدي علي بن محمد (ع)، أن أبا الطاهر أحمد بن عيسى بن عبدالله كان يناظر علماء المدينة، ويقول بقول علماء الكوفة، فقال بعضهم: يا أبا الطاهر لا تفعل، فإن الوادي من هاهنا سال، فقال: أجل، من هاهنا سال؛ لكنه استنقع عند أولائك، وبقيتم أنتم بغير شيء ـ يعني بالوادي علياً (ع) ـ.
قال: ونظير هذا ما روي أن رجلاً من أهل الحجاز قال لابن شبرمة: من عندنا خرج العلم.
فقال: نعم، ثم لم يعد إليكم.
وكذلك كتب السادة الهارونيين: السيد الإمام أبي العباس أحمد بن إبراهيم، والسيدين الإمامين أبي الحسين المؤيد بالله أحمد بن الحسين، وصنوه الناطق بالحق أبي طالب يحيى بن الحسين؛ فقد أحاطت بالجملة أحاديث الأحكام، سيما التجريد وشرحه، والتحرير وشرحه، ومنه اختصر القاضي زيد بن محمد تعليقه المعروف بشرح القاضي زيد.
قلت: عندي نسخة منه، نسخت غرة الحجة، عام ثلاثة وأربعين وأربعمائة، فيكون لها إلى عصرنا هذا عام اثنين وسبعين وثلاثمائة وألف من الأعوام، تسعة وعشرون وتسعمائة عام، ألف سنة إلا واحداً وسبعين عاماً، وهي مع هذا أقوى من نسخة تنسخ في العصر بياضاً وكتابة؛ ونسخة التحرير من شعبان، سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ونسخة الإفادة على مذهب الإمام المؤيد بالله (ع) أحسبها من ذلك العصر، إلا أن الكاتب لم يؤرخها. /292

ومن تهذيب الحاكم الجشمي - رضي الله عنه - في التفسير، نسخت في رجب، عام خمسة وثمانين وستمائة، ولايقدر أن يمكن تحصيل ما يقاربها في القوة، وإتقان الخط وحسنه، ولو اجتهد أن ينسخ في الزمان هذا على أبلغ الوجوه لم يعد بجنبها في شيء؛ والله أعلم إلى أي حين تبقى، فسبحان من لايفنى.
وبهذا يعلم فضيلة القلم على الطبع، الذي قد رغب فيه، ومال إليه، كثير من أهل هذه الأعصار، لقرب انتواله، واستغنوا به عن النسخ الخطية، بل صار بعضهم لا يلتفت إليها مهما وجد المطبوعة، ولم ينظر إلى سرعة ذهابها.
وقد وقعت العناية ـ بحمد الله ـ في تنسيخ كثير من مؤلفات آل محمد النافعة العزيزة، كشرح التجريد، والشافي، والاعتصام، وأنوار التمام؛ والمرجو من الله التيسير، وتحصيل الطيب الكثير.
وهذا لحث أولي العلم المحتسبين للأعمال المقبولة، والآثار المكتوبة ـ إن شاء الله تعالى ـ ولأمر ما تَمَدَّحَ العليم الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم؛ والحمد لله على ما أنعم.
قال السيد صارم الدين (ع)، والكلام في شرح القاضي زيد: وأودعه محاسن الأخبار، وجواهر الآثار.
...إلى قوله: وكتاب أصول الأحكام، للإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع)، وعليه يعتمد أهل المذهب الشريف، في أحاديث التحليل والتحريم بلا نزاع منهم، من زمانه (ع) إلى وقتنا؛ لتقدمه وشهرته، واستيفائه لحججنا وحجج المخالفين، والرد عليهم؛ وجملة أحاديثه ثلاثة آلاف حديث، وثلاثمائة واثنا عشر حديثاً.
[الرد على من انتقد الآل في الاستدلال]
قلت: ومن لا رسوخ لقدمه في مجال علوم الآل، ولا عرفان لحقائق قواعدهم، يكثر الانتقاد عليهم في الاستدلال، وذلك في نحو تقديمهم لتأويل الخاص، أو حمله على النسخ على بنائه على العام، ولم يفقه أن ليس ذلك إلا/293

لوجوه صحيحة؛ وهي إما أن يكون الخاص ضعيفاً عندهم، أو لم يثبت إلا من طريق الخصم، فيجارونه بذلك على فرض الثبوت؛ إذ هو أدعى إلى القبول من الرد، أو لقوة العام؛ إذ قد يكون من المنزل الرباني، والكلام القرءآني، أو المتواتر النبوي، والخاص بخلافه، أو روي بطريق أصح، ومذهبهم تقديمه كما صرح به في شرح التجريد في بحث الخضراوات، وفي الشفاء في الصلاة في الأوقات المكروهة، وغير ذلك.
أو لأنه لايبنى الخاص على العام مع جهل التاريخ؛ فهي مسألة مختلف فيها؛ والمختار البناء مع جهل التاريخ، ومع كونه من القرآن أو متواتر السنة في الفروع، خلاف ما كنت ذكرته في فصل الخطاب لما صح عندي.
وما أحسن قول السيد العلامة، عبدالله بن علي الوزير:
يُبنى العموم على الخصوص بأربع .... صور على القول الأجل فقل أجلْ
مع جهل تاريخ وعند تقارن .... وتفارق زمناً يضيق عن العملْ
وكذا بمتسع يكون خصوصه .... متقدماً والعكس نسخ لم يزلْ
وليس للخصم أن يلزمهم بمذهبه، والعمدة الدليل؛ وقد استوفيت الكلام على هذا بحججه في فصل الخطاب، والله الموفق للصواب.
أو يراهم يستدلون بالعام أو المطلق، على الخاص أو المقيد، وإنما ذلك اكتفاءاً منهم وإحالة على ما عرف من التخصيص والتقييد، المصرح به في غير ذلك المقام، فيقصدون أنه دلّ مع الخاص أو المقيد على ذلك.
وعلى الجملة، إن معظم الخبط والزلل من عدم التحقيق، وثبوت القدم، في علوم أئمة العلم والعمل.
وابن اللبون إذا ما لز في قَرَنٍ .... لم يستطع صولة البُزْل القناعيسِ
فكيف يحسب أن أولئك الأئمة الأعلام ـ نجوم الإسلام، وهداة الأنام، الذين خضع لعلومهم وتحقيقهم أرباب العقد والحل، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أولوا الفضل ـ لا يعلمون ما وقف عليه في مختصرات الأصول، ومدارس الابتداء، وهم أولوا الحل والإبرام؟
وما أحق الجواب على هؤلاء /294

الأفدام بقوله:
فقل لمن يدّعي في العلم معرفةً .... حفظتَ شيئاً وغابت عنك أشياءُ
وهذا عارض لقصد النصح، وبيان الحق لذوي الأحلام، لا مجاراة الطغام، كما يعلم الملك الخبير، وهو حسبنا ونعم المولى ونعم النصير.
قال السيد صارم الدين (ع): وكتاب شمس الأخبار للشيخ العالم علي بن حميد بن أحمد القرشي، وهو كتاب نفيس؛ وكتاب شفاء الأوام للأمير الكبير، المكنى بأبي طالب الصغير، الحسين بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى ابن الهادي إلى الحق، وهو كتاب جليل محتو على ما في أصول الأحكام.
قلت: وما في غيره، وقد التزم تصحيح ما فيه، إلا أنه قد صرح بقبول المتأول؛ فمع حذف الأسانيد، فالتصحيح عند من لم يقبلهم لا يفيد إلا أنه قد جمع فأوعى، وأتى بالكثير الطيب من الأخبار والأقوال، المضافة إلى نجوم أئمة العترة وعيون علماء الشيعة، من كتبهم المعلومة؛ وفيه من إعمال الأدلة، والحجج القيمة ما يشفي العلة، وينقع الغلة.
قال صارم الدين (ع): وهو غاية ما يعتمده أهل الزمان من أهل المذهب.
قال مولانا عز الدين محمد بن إبراهيم: ولا شك في كفايته للمجتهد، وهو في كتب الزيدية مثل كتاب سنن البيهقي في كتب الشافعية، الذي قال في حقه الجويني: ما من شافعي إلا وللشافعي عليه منة إلا البيهقي، فإن المنة منه على الشافعي.
يعني بعنايته بأحاديث مذهبه، والكلام على أسانيدها وتصحيحها، وذِكْر شواهدها وتنقيحها، على طرائق المحدثين، لا على طرائق الفقهاء الخلص، كما فعل الجويني في كتابه النهاية، وتلميذه الغزالي في كتابه /295

الوجيز، والرافعي في شرحه المسمى بالفتح العزيز، وغيرهم من فقهاء المذاهب الذين لا عناية لهم بعلم الحديث؛ فإنهم يحتجون بالأحاديث الصحيحة والضعيفة، والمنكرة والموضوعة والواهية، التي لا يعرف لها أصل في كتب الحديث، حتى أن هؤلاء الفقهاء يضيفون الحديث إلى الصحيح، ويقولون: متفق على صحته، أو لايتطرق إليه التأويل، أو ينسبونه إلى البخاري أو مسلم، وليس منهما، ويغيرون ألفاظه، ثم يفسرونه بغير المراد.
قال المحدثون: وإنما أوقعهم في ذلك اطراح صناعة علم الحديث، التي يفتقر إليها كل فقيه وعالم، وقد وقع للجويني والغزالي وغيرهما من جميع فقهاء المذاهب ما يتعجب منه.
قال: والتحقيق أن لكل فن رجالاً يقدمون فيه على غيرهم، إلا لمانع، كمن عرف منهم بتعصب، أو غير ذلك، مما يمنع من قبول قوله، مثل: استناده إلى أصل مرفوض، كقبول من علم أنه فاسق تصريح، بناء منه على أنه عدل، أو مخطئ متأول؛ وهذه آفة قد أصيب بها كثير من الحشوية والنواصب.
[إقبال علماء الشيعة واشتغالهم بعلم العترة، والتقريع على من أهمل ذلك]
واعلم أنه كان لقدماء الشيعة اشتغال بعلوم العترة شديد، وإعراض عن علوم غيرهم، وعناية كلية بالحديث واستماعه وإسماعه، وتصحيح طرقه؛ ومن أحب ذلك طالع ما ذكرناه من الكتب المتقدم ذكرها، وغيرها.
وقد صنف الحافظ العلامة أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الشيعي كتاباً في الرواة عن أهل البيت.
وكان لهم أيضاً إقبال على مصنفات العترة، وحرص /296

على حفظها وجمعها، حتى لقد اجتمع منها كتب كثيرة، منها ما هو بخط الإمام المرتضى محمد بن يحيى (ع)، وكانت مرجع أهل ذلك العصر.
ثم إنه لم يزل الأمر يضعف، والدَّخَل يكثر، حتى ذهب أكثر تلك الكتب، واستغني عن مكنون علمها بمصنفات أحدثها المتأخرون؛ لكنهم كثروها بعلوم العامة، فجمعوا فيها بين الغث والسمين، والمخشلب والدر الثمين، واشتغل بها أهل هذه الأزمنة المتأخرة، وأعرضوا عن تلك الكتب النافعة بالكلية، وفيها من الزيف والدغل ما لا يخفى على صيارف الشيعة ونقادهم، فضعف بذلك أمرهم، وكثر الطعن عليهم من خصومهم، حين رأوهم أخذوا من علومهم وكتبهم، وأعرضوا عن المصنفات القديمة لأئمتهم، وعن حديثهم.
ولما انتشرت كتب المحدثين في الأقطار، وطارت في جميع الآفاق كل مطار، وأقبل عليها الناس من جميع المذاهب، اشتغل بقراءتها خلق كثير من أهل المذاهب، واعتمدوا عليها، وفيها حق شِيْبَ بباطل، كبعض أحاديث الفضائل، وشهد قد خُلِطَ بسمّ قاتل، كالأحاديث التي ظاهرها التشبيه والجبر.
...إلى قوله: حتى كاد يغرس في قلوب بعض من اعتمدها من أهل مذهبنا شجرات، يجتنى من باطلها ثمرات، والأمر في ذلك كما قيل في المثل: من يَسمع يَخَل.
وقل من اشتغل بعلم مخالف معاند، وشبه زائغ حائد، فسلم من اعتقاد فاسد؛ كما وقع ذلك لمن اشتغل بعلم الفلاسفة من المتشرعين، ولمن اقتصر على أخذ علم الحديث من كتب فقهاء المحدثين، وقصرت همته عن معرفة كتب أهل البيت المطهرين؛ ولقد وجدت ذلك من نفسي أيام قراءتي لكتب الحديث من كتبهم، مع شدة تمسكي بمذهب العترة (ع)، فلولا تثبيت الله لي لقد كدت أركن إلى بدعهم شيئاً قليلاً، وأميل عن طريقة /297

الشيعة التي هي أهدى سبيلاً، وهي الفطرة التي لا تجد لها من قلوب المؤمنين تحويلاً.
وقد كان بعض أئمتنا المتأخرين يكره لمن لا يثق من نفسه بالاستقامة أن يقرأ من الحديث ما فيه ظواهر تحمله على اعتقاد الجبر والتشبيه.
قال الإمام المهدي علي بن محمد (ع): ومن اقتعد في مساجد الزيدية يقريء في كتب خصومهم، ويفري أديم أقوال العترة وعلومهم، مُنع من ذلك، وقُمع أن يسلك تلك المسالك.
وحديث النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ واجب القبول والاتباع، وعلى كل مسلم أن يدين بلزوم الإسماع له والاستماع، وإنما كره ذلك لمن لا يعرف القبيح من الحسن، ويخشى الوقوع في الفتن، التي أودعها كثير من النواصب والحشوية في أثناء الآثار والسنن، وخلطوها بالحق المبين؛ لترويج باطلها على الجاهلين، وليتوصلوا بها إلى التشكيك على غير العلماء الراسخين.
...إلى قوله: وقال السيد الإمام جمال الدين، علي بن محمد بن أبي القاسم ـ رحمه الله تعالى ـ: الذي ذهب إليه علماؤنا، وتجري عليه أصولهم، أن في أخبار هذه الكتب الصحيح والمعلول، والمردود والمقبول.
والضابط في ذلك: أنما صححه أئمتنا من ذلك، فهو صحيح، وما ردوه أو طعنوا في روايته، فهو مردود؛ لصحة اعتقادهم، وسعة اطلاعهم، وتحريهم في انتقادهم.
....إلى قوله: ولنتكلم في ثلاثة أبحاث:
الأول: في إسناد العترة، وأنه أصح الأسانيد؛ وهذا أمر لا امتراء فيه عند أهل المذهب، /298

ومسنداتهم المتصلة تسمى سلسلة الذهب.
...إلى قوله: والمختار عند أئمتنا (ع) تقديم ما ثبت عن أئمة العترة مسنداً أو مرسلاً، وتقديم رواية القرابة، على غيرهم من سائر الصحابة.
البحث الثاني: في ذكر أسلافنا من أهل الحديث، المعتمد على رواياتهم في الزمن القديم والحديث، من غير أهل البيت (ع)؛ ليعرف ذلك المغربون، ويظهر كذب ما يزعمه الناصبون، وكتب الحديث برواياتهم مشحونة، وجواهر أخبارهم في طبقات الرواة مدونة مخزونة، وهم خلق كثير، وسواد عظيم، بالحجاز والعراق واليمن والشام، وكثير من بلاد الإسلام؛ ومن أحب تحقيق ذلك فليطالع كتب الرجال، وطبقات الحفاظ؛ وقد يخصهم بالذكر بعض علمائنا إذا انفردوا بقول في مسألة كالأمير الحسين، فإنه يقول في بعض المسائل: وهذا رأي محدثي أصحابنا.
وقد روى عنهم أصحاب الصحاح كالبخاري، ومسلم، وغيرهما، واعتمدوا على رواياتهم في أثناء الأحكام الشرعية في الحلال والحرام؛ فيالله من تعصب ذوي العقول والحلوم، على جحد المعلوم الثابت بشهادة الخصوم للخصوم.
...إلى قوله:
البحث الثالث: في ذكر جماعة من حفاظهم، وتسميتهم بأعيانهم، وتعريف طرف من أحوالهم؛ فأما الإحاطة بهم فهي متعذرة أو متعسرة، وغير ممكنة في حقنا ولا متيسرة.
[سلف العترة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم]
إلى قوله:
فأما سلفنا من الصحابة، فجميع بني هاشم، وبني المطلب، وكثير من المهاجرين والأنصار، وغيرهم من فضلاء الصحابة الأخيار، وإن اختلفت عاداتهم /299

85 / 143
ع
En
A+
A-