وأحمد بن عيسى بن عبدالله، وإدريس بن محمد بن عبدالله ، ويحيى بن عبدالله، وكثير من كبراء آل محمد، وكالحسن بن صالح، وأخيه علي بن صالح، ومحمد بن منصور بن يزيد المقري المرادي، وتلميذه محمد بن سليمان الكوفي جامع المنتخب، ومصنف كتاب المناقب، وغيرهم من الأعيان، ممن لا يحصرهم عدّ ولا ديوان.
[اختلاف النِّحل واشتهار أهل كل مصر من المسلمين بنحلته]
وأما البصرة، فالأغلب على فقهائها وعلمائها النصب، ورأي الخوارج؛ وذلك لأنه وليها من عمال بني أمية ثلاثة: عبدالله بن عامر، ثم زياد بن أبيه، ثم الحجاج بن يوسف؛ مع ما كان في قلوبهم على أمير المؤمنين (ع) من الضغن؛ لقتل أسلافهم يوم الجمل.
وأما مكة المشرفة، والمدينة المقدسة، فإن أمر التشيع كان فيهما ضعيفاً؛ لغلبة دهماء قريش والأنصار عليهما، مع انحراف سوادهم عن العترة، رغباً ورهباً، وأحقاداً تشتعل نارها لهباً، وعداوة موروثة أباً فأباً، تميز بها القلوب غيظاً وتتقد غضباً؛ حتى قال علي بن الحسين: ما بمكة والمدينة عشرون رجلاً يحبنا.
وقد كان بالمدينة النبوية جلّة أكابر العترة كالحسنين (ع)ـ وأكثر أولادهما كزين العابدين، والحسن بن الحسن، وأخيه زيد بن الحسن، والباقر محمد بن علي، وأخيه زيد بن علي، وجعفر بن محمد، وعبدالله بن الحسن، وأولاده: محمد، وإبراهيم، ويحيى، وإدريس، وموسى، /280
وعيسى، وأخويه إبراهيم بن الحسن، والحسن بن الحسن المثلث، وعيسى بن زيد، وموسى الكاظم، وعبدالله بن موسى، والحسين بن علي الفخي، والحسن بن محمد بن عبدالله، ومن لا يأتي عليه العدّ من سادات الآل.
وأما الشام، فإنها دار النصب التي انتصبت بعقوتها أصنامه، وعكف عليها جهاله وطغامه.
وأما الجزيرة وعمان، وديار ربيعة وسجستان، فديار الخوارج المارقين.
وأما سائر البلاد، والأمصار، فأخلاط، شيعة، وسنية، ونواصب، وخوارج.
[ذكر ما منَّ الله به على اليمن بإمامة الهادي إلى الحق (ع)]
ثم غلب التشيع بالمخلاف الأعلى من مخاليف اليمن الثلاثة، وهو: صنعاء وصعدة وذمار، وأعمال هذه المدن الكبار، إلى منكث وجيشان؛ وذلك ببركات إمام اليمن، الذي قال فيه النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يخرج في هذا النهج رجل من ولدي، يحيي به الله الفرائض والسنن))، وتواترت بظهوره البشارات، عن أمير المؤمنين (ع)، وغيره من أكابر العترة الطاهرين؛ وهو الإمام الأعظم، وطود العترة الأشم، المشابه للوصي في خلقه وخلقه وشجاعته، ونصرته للإسلام وعلمه وبراعته، المخصوص بعلم الجفر وبذي الفقار، من بين سائر الأئمة الأطهار، عَلَم الأعلام والفواطم، الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم (ع).
وإلى ما ذكرنا من خصائصه أشار الداعي /281
الإمام، يحيى بن المحسن بن محفوظ في أرجوزته، حيث قال:
وأعلن القاسم بالبشارهْ .... بقائم فيه له أمارهْ
من الهدى والعلم والطهارهْ .... قد بثّ فيه المصطفى أخبارهْ
قلت: قد سبقت.
قال: وإلى الكتاب المذكور أشار أبو العلاء المعري بقوله:
لقد عجبوا لأهل البيت لما .... أتاهم علمهم في مسك جفرِ
وكان قدومه (ع) من الحجاز إلى اليمن، في عام ثمانين ومائتين.
قال الإمام المنصور بالله (ع): ودخل الإمام الهادي (ع) صنعاء، وكان أهلها جبرية، وفيهم سبعة آلاف عالم من علماء العامة، مبرزون في أنواع العلوم، وعلم الحديث بها حينئذ فتي الشباب، قشيب الثياب، ومن عيون حملته يومئذ جماعة من أصحاب المحدث الكبير، الإمام الشهير، عبد الرزاق، كإسحاق الدبري شيخ الإمام الشافعي، وإبراهيم بن سويد الشامي، وإبراهيم بن برة الصنعاني، والحسن بن عبدالأعلى البوسي، وغيرهم.
ومن أهل الفقه: كالقاضي يحيى بن عبدالله بن كليب النقوي.
وقصة اختيار علماء صنعاء للنقوي أن يراجع الإمام الهادي، ومراجعته له، وإفحام الإمام له في تسعة أحرف، كما حكاه الإمام المنصور بالله (ع) ـ مشهورة.
وقد أفردت في فضائله (ع) ومناقبه العلية، مصنفات جمة، من أحسنها: كتاب الفضائل اليحيوية.
وببركة دعوته وهدايته، وسعيه المشكور وحميد عنايته، وجهاده للقرامطة الملحدة، وبغاة الجفاتم ومن انضاف إليهم من المسودة، استقر المذهب الشريف باليمن، ودام سلطان أهل البيت إلى هذا الزمن؛ فمنته لأهل المذهب شاملة، وسحائب هدايته عليهم هاطلة. /282
قال الإمام المنصور بالله: ليس أحد من أهل مذهبنا إلا وللهادي عليه منَّة.
وكذا قال الديلمي في كتابه التحقيق، والفقيه حميد في الحدائق.
ولم يزل من بعده من أئمتنا من أولاده وغيرهم يهتدون بمناره، ويقتفون على آثاره.
[ما منَّ الله به على طبرستان وجيلان وديلمان ببركة أئمة العترة]
وكذا ظهر سلطان التشيع واتسع، وعزّ جانبه وامتنع، بناحية طبرستان، وبلاد جيلان وديلمان، ببركة الإمام الولي، الناصر للحق الحسن بن علي، الذي قوي به الإسلام وظهر، وأسلم على يديه ألف ألف من عبّاد الشجر والحجر، واعتصمت ببركته من الطوفان، جبال جيلان وديلمان.
وقال في ذلك لنوح (ع) لما سأله عن ذلك الشأن: إنها مهاجر الشيخ الأصم، من ذرية من ختمت به النبوة، وبأمته الأمم.
وبعظيم جهاده، وقويم اجتهاده، بعد الداعيين، والمقتصدين الأكرمين: الحسن بن زيد، وأخيه محمد بن زيد (ع)، ألقى الإسلامُ جرانه في تلك البلاد، واستمر مذهب أهل البيت فيها إلى يوم التناد.
واليحيوية، والناصرية، هما فريقا الزيدية، وخلاصة أتباع العترة الزكية.
[أمر أهل البيت (ع) ظاهر رغم شدة وطأة عدوِّهم]
...إلى قوله: ولم يزل أمر أهل البيت في كل زمان ظاهراً، وسلطانهم الديني لسلطان عدوهم الدنيوي قاهراً، مع شدة وطأة خلفاء الدولتين: الأموية والعباسية، وميل السواد الأعظم إليهم من الخاص والعام، واستيلائهم على جميع ممالك الإسلام.
إلى قوله: وكانوا جميعاً مجتمعين على عداوة العترة وشيعتهم، وعلى المبالغة فيها.
إلى قوله: وكان عمالهم في جميع الأمصار، يعرضون الناس على البراءة من علي/283
(ع) والسيوف مسلولة، والأنطاع ممدودة، لضرب أعناق من تخلّف عن البراءة؛ وكان جمهور الخلق لهم أتباعاً، ولا يستطيع أحد لأمرهم مخالفة ولا امتناعاً، وكان المؤمن التقي في تلك الأزمنة دينه التقيَّة، وهي الغالبة على من بقيت له فيه من الدين بقيَّة؛ ولقد كانت السنن في أيامهم باطنة خافية، والبدع ظاهرة فاشية، يسمونها سنناً، والسنن بدعاً؛ حتى أن عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ لما أمر برفع اللعن في أيام خلافته، ونهى عنه في جميع مدائن الإسلام.
إلى قوله: فخطب أول جمعة، فقرأ مكانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ...} الآية [النحل:90].
قلت: وقد سبق إلى جعل هذه الآية الشريفة الجامعة خاتمة للخُطَب، الوصي ـ صلوات الله عليه ـ كما رواه الإمام الناطق بالحق أبو طالب (ع) في أماليه؛ فالعادل الأشج ـ أحسن الله مكافأته ـ متبع لأثره، ومهتد بنوره.
وقد اشتهر أن عمر بن عبد العزيز ـ تولى الله مكافأته ـ أول من وضعها، والأمر كما ذكرت لك؛ وإنما جدد سنة أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ بعد أن ضيعها من ضيعها، وأزال سنة أعداء الله وأعداء رسوله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم.
قال في الكشاف: وحين أُسْقطت من الخطب لعنة الملاعين على أمير المؤمنين ـ رضوان الله عليه ـ أُقيمت هذه الآية مُقامها؛ ولعمري، إنها كانت فاحشة ومنكراً وبغياً؛ ضاعف الله لمن سنها غضباً ونكالاً وخزياً، إجابة /284
لدعوة نبيه: ((وعاد من عاداه)). انتهى.
[المخذول عمرو بن شعيب ـ ومصرع ابن أبي البغل]
قال صارم الدين (ع): فقام إليه عمرو بن شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص، فقال: السنة السنة يا أمير المؤمنين.
فقال له عمر: اسكت قبّحك الله، فتلك البدعة.
ومضى في خطبته.
قلت: هذا مأثور مشهور؛ وقد روى الإمام المرشد بالله (ع) في الأمالي، وقوع آية للذي أراد جمع حديث عمرو هذا، فيه عبرة للمعتبرين؛ فبعداً للقوم الظالمين.
قال صارم الدين (ع): قال الذهبي في التذكرة: قال سعيد بن عبد العزيز: كان الزهري يلعن من حدث بحديث: ((وكنت نهيتكم عن النبيذ فاشربوا))، فقيل له: يرويه عمرو بن شعيب، فقال: إياه نعني.
قلت: وهو مقدوح فيه عند أهل الحديث، كما ذكره في الميزان، ومن روى عنه من أئمتنا فللاستشهاد والاحتجاج على الخصم، كما تقدم؛ وإلا فليس بعد تصريحه بالفسوق تصريح، فكيف يركن عليه، أو يثق به بعد علمه بما صنعه على رؤوس الأشهاد، وافتضح به عند الله وعند العباد ـ مَنْ له دين صحيح؟
قال: ولما رفع إلى عامل صنعاء بكتاب عمر، فتركه، فقام إليه ابن أبي البغل الصنعاني، فقال: والله لأركبن بغلتي إلى الشام لمراجعة عمر في قطع السنة، فإن أعادها، وإلا أضرمت الشام عليه ناراً.
ثم ركب، وخرج مغاضباً، فلحقه أهل صنعاء إلى المنجل (الموضع المعروف من غربيها) فرجموه بالحجارة حتى غمروه وبغلته، وهو الموضع الذي يرجم هنالك إلى الآن، كما يرجم قبر أبي رغال؛ /285
والتشيع ـ بحمد الله ـ بصنعاء قديم وحديث، يدين به أشرارها وأبرارها؛ ولذلك قال السلطان عمر بن علي بن رسول: صنعاء زيدية حتى أحجارها.
ولاختصاص عمر بن عبد العزيز بهذه الفضيلة، وغيرها من أفعاله الجليلة الجميلة، كردّ فَدَك على أولاد السبطين بعد زمان، وتصديقه لدعوى الزهراء بلا طلب حجة ولا بيان.
قلت: والحجة على صحة قولها معلومة، واليد قد كانت لها، ولو لم يكن إلا إجماع العترة الأربعة ـ صلوات الله عليهم ـ، فكيف وهي معصومة، وقد غضبت، والله يغضب لغضبها، ومعها سيد الوصيين، وهو مع الحق، والحق معه والقرآن.
قال صارم الدين (ع): قال فيه الباقر (ع): إن نجيب بني أمية يبعث يوم القيامة أمة وحده.
وقد كان من سبقه من سلفه، ولحقه من خلفه، إلا من عصم الله، يقتلون من اسمه علي، فعدل كثير ممن يحب التبرك بهذا الاسم إلى التسمية بعُلَيّ مصغراً؛ وكان العلماء لايفصحون باسمه (ع) في الرواية، ويكنون ولايصرحون بمذهبه لسائل؛ وكان الحسن البصري إذا حدث عنه يقول: قال أبو زينب؛ وكان غيره يقول: قال الشيخ.
وعن عبد الرزاق أنه قال: لو أن بني العباس جاروا كل الجور ما بلغوا جور بني أمية.
ثم إن الله تعالى أزال ملكهم، وقدر على أيدي بني العباس دمارهم وهُلكهم، وانقطعت دولة آل حرب وبني مروان، لنحو من ألف شهر من الزمان، وصار الملك ثابت الأساس، في ولد أبي الأملاك، علي بن عبدالله بن /286
العباس.
...إلى قوله: حتى انقطع ملكهم عن ستة وثلاثين خليفة، بعد مضي مدة من الأيام، تنيف على ثلاثة وعشرين وخمسمائة عام، اتخذوا فيها مال الله دولاً، وعباده خَوَلاً.
قلت: وقد حَصَرْتُ الجميعَ في القصيدة المسماة عقود المرجان، صدرها:
عجباً لهذا الدهر من دهر .... ولأمّة مهتوكة السترِ
قال: فلما تفحش ظلمهم، وجار على العباد حكمهم، نابذهم أئمة أهل البيت (ع)، وأنكروا ما ارتكبوه من منكرات الأقوال والأفعال، وتفويضهم أمور المسلمين إلى جبابرة العمال؛ إذ كان من رأيهم الخروج على الظالمين، وعدم المداهنة في أمر الدين، سيَّما لمن فحش جوره، وعدى في الطغيان طوره، كأبي الدوانيق.
...إلى قوله: وتبعه في ذلك جميع أقاربه وعماله وأجناده، وكل من ولي الخلافة بعده من أبنائه وأحفاده وأهل سواده؛ فإنهم تَتَبعوهم قتلاً وأسراً وتطريداً، وعذبوهم في الحبوس المظلمة عذاباً شديداً؛ حتى كانوا لايعرفون أوقات الصلوات الخمس إلا بفراغ الأوراد، ونَكَؤُوهُم النكاية التامة، وصرفوا عنهم قلوب الخاصة والعامة، وأمروهم باتباع الفقهاء الأربعة، وبنوا لهم المدارس، وأجروا لهم الأموال وخلعوا عليهم الخلع النفائس، وغمروا ذوي المعارف منهم بالعوارف، وألقوا إليهم أزمة الأقضية والوظائف، وعظّموهم ورفعوا من قدرهم، واتخذوهم لهم بطانة في جميع أمورهم، وألبسوهم السواد الذي هو شعارهم، وجعلوا لهم مقامات يجتمعون فيها في الحرم الشريف، والجوامع الكبار، ويصلون فيها أربع جماعات بأربعة أئمة في وقت واحد، خاصة في صلاة المغرب، كما حكاه الدامغاني؛ فهي إلى الآن بدعة ثابتة، يفتخر بها أخيارهم /487
وأشرارهم؛ ونفروهم عن مذهب أهل البيت ومحبتهم، والاشتغال بعلومهم ومعرفة أقوالهم؛ فلا تجد لهم في كتبهم ذكراً، ولا تسمع لهم في مصنفاتهم خَبَراً ولا خُبْراً، وتراهم يذكرون مذاهب جميع من على وجه الأرض من سعيد وشقي، وعدوّ وولي، ويتركون ذكر ذرية النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وينسبونهم وأتباعهم إلى البدعة، ويسمونهم الرافضة، وينكرون على من قلّد غير الفقهاء الأربعة، ويعدون ذلك غاية الجهل والضعة؛ حتى قال الذهبي في تاريخه: إن الناس صاروا على خمسة مذاهب، خامسها مذهب الداودية؛ وللزيدية مذهب في الفروع بالحجاز واليمن؛ لكنه معدود في أقوال أهل البدع كالإمامية. انتهى كلامه.
[الإشارة إلى تقلص المذهب الشريف الزيدي وانقباضه]
ولو ذكرنا كثيراً من كلامهم، وما يصدر عنهم من الأقوال القبيحة في حق أهل البيت (ع) لطال في ذلك الشرح، ولنكأنا الجُرْح بالجرح؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون، والله المستعان على ما يصفون.
ولا شك أن للدول تأثيراً عظيماً، وضرراً ونفعاً جسيماً، في طي المذاهب ونشرها، وخِذلان أربابها ونصرها؛ وهذا أمر معلوم بالوجدان، لكل إنسان، جار في الألسنة مسموع في الآذان، مدرك بالعيان.
وبالجملة، فما قام لأهل البيت إمام، ولا استقر لمذهبم نظام، إلا بالسيف المسلول، والقتال لفريق النصب المخذول، بعد إبطال شبههم المضمحلة، والاستظهار عليهم بظواهر الحجج وقواطع الأدلة؛ وكفى دليلاً على ما أراد الله من تأييد دينه ببقائهم، والرجوع في متشابهات الكتاب والسنة إلى علمائهم؛ إذ هم أحد الثقلين، المأمور بالتمسك بهما.
...إلى قوله: ظهور علومهم، مع سعي خصومهم في طمسها وإخفائها، ونماء ذريتهم، مع اجتهاد عدوّهم في استئصالها وفنائها، وأن أضدادهم مع ملكهم /288
لأقطار البلاد، واستمالتهم ببذل الرغائب لقلوب العباد، لا يذكر لهم علم ولا أهل، ولا يعرف لهم بعد الموت أتباع ولا نسل؛ فيا عجبا من تمالي المسوِّد والمسُوْد، كأنهم خرجوا من وراء السد المسدود، كما قال قائلهم في المعنى المقصود:
لقد مال الأنام معاً علينا .... كأن خروجنا من خلف ردمِ
قلت: وهو من قصيدة للإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)، وقبله:
فعدّ عن المنازل والتصابي .... وهات لنا حديث غدير خمِّ
فيا لك موقفاً ما كان أسنا .... ولكن مرّ في آذان صمِّ
...البيت، وبعده:
هدينا الناس كلهم جميعاً .... فكم بين المبيّن والمعمي
فكان جزاؤنا منهم قراعاً .... ببيض الهند في الرهج الأحمّ
هموا قتلوا أبا حسن علياً .... وغالوا سبطه حسناً بسمِّ
وهم حظروا الفرات على حسين .... وما صانوه من نصل وسهم
وزيد أوردوه ظبا المواضي .... فكم جرم أتوه بعد جرم
وأولاد الهمام الشيخ منّا .... هداة الناس من ظُلَم وظُلْم
ولم أر هالكاً كقتيل فخٍ .... فيا لك من وسيع الباع ضخم
أئمة أمة جهلت هداها .... بخدعة مارق وشقاق غتم
هموا قدحوا زناد النار فينا .... فقاموا عن خديج غير تمِّ
وكم متشيعٍ عادٍ علينا .... بآنس أو ديار بلاد قمّ
وجبري ينازعنا هدانا .... كذي خَطَل يعرفني بإسمي
أنخطي رشدنا وتصيب رشداً؟ .... كمن يقضي على علم بوهم /289