أبي طالب، عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال: ((كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم، إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما)).
وما رواه الإمام الأعظم في المجموع، بسند آبائه (ع): لاتجوز شهادة ولد لوالده، ولا والد لولده، إلا الحسن والحسين، فإن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ شهد لهما بالجنة.
وأخرج نحوه ابن عساكر، والحاكم، عن جابر، وعثمان بن أبي شيبة، عن فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ، وعن جابر.
وأخرج ابن المغازلي، عن أبي أيوب، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن الله جعل نسل كل نبي من صلبه، وجعل نسلي من صلبك يا علي)).
وروى الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة، في الشافي: ((إن الله جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب)).
وأخرجه الطبراني، وابن عَدي، والكنجي، وابن المغازلي، عن جابر؛ والخطيب، وأبو الخير القزويني، والكنجي، عن ابن عباس؛ وصاحب كنوز المطالب، عن العباس.
وروى صاحب كنوز الأخبار علي بن محمد النوفلي، عن صالح بن علي بن عطية الأصم، بسنده إلى العباس، قال: كنت عند رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، فدخل علي بن أبي طالب؛ وساق إلى أن قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((وإن ذريتي بعدي من صلب هذا))، يعني علياً.
ذكره المسعودي في مروج الذهب، عن جابر من حديث طويل بعد فتح خيبر، قد تقدم.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في خبر فتح خيبر الطويل المتقدم: ((وإن ولدك ولدي)).
وأخرج ابن عساكر، عن جابر، عن النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: /270
((كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم، وهم عترتي))، ذكره الإمام عبدالله بن الحسن في الأنموذج.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه، وجعل ذريتي في صلب علي)) أخرجه المرشد بالله (ع)، عن جابر.
وفي البخاري ومسلم خبر: ((إن جبريل (ع)، قال: كل نسب وسبب ينقطع، إلا نسبك وسببك)) قاله لرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
وفي البخاري، عن أبي بكرة، قال: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ والحسن إلى جنبه، وهو ينظر إليه يقول: ((إن ابني هذا سيد))...الخبر.
وأخرج أبو يعلى، عن علي (ع)، عنه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((لأرضينّك، أنت أبو ولدي، تقاتل على سنتي))...الخبر.
وفي الأنموذج قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أنت أخي، وأبو ولدي، تقاتل على سنتي))، أخرجه أحمد، وأبو يعلى من حديث علي (ع)، وأخرجه أحمد من حديث زيد بن حارثة، وأخرج الدار قطني بمعناه من حديث عامر بن واثلة، وعاصم بن ضمرة، وأخرج الترمذي من حديث أسامة، إلى قوله: فإذا حسن وحسين على وركيه، فقال: ((هذان ابناي)).
وأخرج أيضاً من حديث أنس بن مالك، قال: سُئِل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، أي أهلك أحب إليك؟
قال: ((الحسن والحسين))، وكان يقول لفاطمة: ((ادعي لي ابنيَّ)).
وأخرج أحمد، والدولابي، عن يعلى بن مرة، قال: جاء الحسن والحسين إلى رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وساق...إلى قوله: ((اللهم إني أحبهما فأحبهما؛ أيها الناس الولد مجبنة))...الخبر. /271
وأخرج ابن السري، وصاحب الصفوة؛ عن عبدالله قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((هذان ابناي))، يعني الحسن والحسين.
إلى غير ذلك مما لايسعه المقام؛ وقد جمع ذلك المولى العلامة الحسن ـ أيده الله تعالى ـ في تخريج الشافي؛ وفيما تقدم كفاية، وقد أحاطت به مؤلفات العترة (ع) وسائر الأمة.
هذا، ويعني بقوله: وإذا يدعى إلى الغير أبى.
فذلك بنص القرآن الكريم، في قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ } [الأحزاب:40]، لما كانوا يدعون زيد بن حارثة ابنه، على عادة العرب في التبني، وقد كرر الله تعالى الإنكار عليهم في ذلك.
وهذا عارض لايخلو ـ إن شاء الله ـ من إفادة، لمن ألقى السمع وهو شهيد.
(رجع) قال: كان وفاته ـ أي أحمد بن إبراهيم ـ في ربيع الأول، سنة ست عشرة وتسعمائة، وقبره بالأجيناد مع من هناك من الأشراف، انتهى.
قلت: وقد انتقم الله ـ تعالى ـ لهم من ذلك السلطان المريد، وأجاب دعاءهم؛ وأخذ بثأرهم الإمام المتوكل على الله شرف الدين، كما حققته في التحف الفاطمية ، والله الولي الحميد.
[نبذة من الفلك الدوار]
قال السيد الإمام حافظ اليمن، في علوم الحديث المسمى بالفلك الدوار:
الحمد لله، المختص بالقدم، وإخراج العالم من محض العدم.
إلى قوله:/272
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان، على نبيه محمد المصطفى، الذي جعله للنبوة ختاماً، ورفع له في الدين ألويةً وأعلاماً، وجعله للنبيين سيداً وللمتقين إماماً.
إلى قوله: صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم، وعلى أخيه ووليه، وابن عمه وحبيبه ووصيه، أول من صدق به من المسلمين، وأفضل أمته أجمعين، وخليفته بلا فصل بالنص المستبين، سيفه المنتضى، علي المرتضى، وعلى ابنته فاطمة الزهراء، سيدة النساء، خامسة أهل المباهلة والكساء، التي خصها رب العالمين، بأن جعل منها نسل سيد المرسلين، وعلى ولديهما سيدي شباب أهل الجنة باليقين، المنصوص على إمامتهما بقول الصادق الأمين، المخصوصين بما ثبت من رواية الشيعة والمحدثين، من قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ((إنه أبوهما، وعصبتهما))، والعاقل عنهما، تفضيلاً لهما بتلك الخصاصة الشرعية على جميع الآدميين؛ ثم على السابقين والمقتصدين، من أسباطهم إلى يوم الدين، المخصوصين بالمناقب الدثرة، والفضائل التي لاتحصى كثرة، الذين نزلت فيهم آية المودة والاصطفاء والتطهير، والمباهلة والإطعام والسؤال من اللطيف الخبير، ووردت فيهم الأخبار الصحيحة، والآثار المستبينة، كحديث: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به))، وباب حطة، وخبري السفينة، المعصوم إجماعهم من الخطيئات، المشروع أن يصلى عليهم في تشهد الخمس الصلوات، معدن النبوة والوصية والخلافة، والواجب حبهم وبغض أعدائهم على الكافة.
ورضي الله عن أصحاب رسول الله الأخيار، السابقين الأبرار، الذين اتبعوه في ساعة العسرة من المهاجرين والأنصار، الذين أُخْرِجُوا من ديارهم وأموالهم ابتغاء الفضل والرضوان، والذين من قبلهم تبوءوا الدار والإيمان، كمن حضر العقبة الأولى، ثم العقبتين، وصلى القبلتين، وهاجر الهجرتين، وشهد بدراً وأحداً /273
وغيرهما من الغزوات، التي بلغت إلى سبع وعشرين غزوة عدداً.
وعن رجال البعوثات والسرايا، الذين رحضوا بالجهاد أدران الخطايا، وتعرضوا للفوز بالشهادة ولقاء المنايا، كمن استشهد بمؤتة، وعلم الله وفاته فيها وكتب موته، وبغيرها من رجال البعوثات والسرايا، التي بلغ عددها ثمانياً ـ وقيل: تسعاً ـ وثلاثين قضية، ما بين بعثة وسرية.
وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وعن أنصار أمير المؤمنين، في يوم الجمل والنهروان وصفين، وأعوان الحسن والحسين، ممن حضر كربلاء، وفاز بالشهادة بعد الإبلاء والبلاء، من سادات العترة الطاهرين، وأشياعهم الوافين، في البيعة الصادقين.
...إلى قوله: وعمن بعدهم من أئمة الهدى، وشموس الاهتداء، وبدور الدياجي وأعلام الاقتداء، من آل محمد المصطفى، وولاة أمر الله، وخزان علم الله، وورثة وحي الله، وعترة نبي الله، كالإمام الشهيد الولي، زيد بن علي بن الحسين بن علي.
صلى الإله على زيد وشيعته .... ومَنْ كزيد وزيد خيرة الخيرِ
قلت: هو في بسامته:
صلى الإله على زيد وصفوته .... يحيى وصلى على أشياعه الغررِ
السالكين إلى الأخرى مسالكها .... والمقبلين على أعمالها الأخرِ
ففي النهار جهاد طار عِثْيَره .... والليل ترجيع آي الذكر في السحرِ
وأشهد الله أن الحق دينهم .... وأنهم صفوة الباري من البشرِ
قال: وعلى من شايعهم، ووالاهم وبايعهم، وكثر سوادهم، وحضر جهادهم واجتهادهم، من أفاضل الشيعة، وفرسان الشريعة، وأعلام الملة، ورعاة الشمس والقمر، والأفياء والأظلة، المستمسكون /274
ـ قلت: كذا مرفوع على القطع، وهو في محله قال:ـ بحجزهم عن الوقوع في كل مهولة ومزلّة، والمستعصمون بهديهم عند ظهور مخوفات الفتن المضلة، الصابرين ـ قلت: عاد إلى الإتباع، ويحتمل النصب على المدح قال:ـ في محبتهم على البلوى وأنواع العذاب، واختلاف السياط والمقارع وسمل الأعين وضرب الرقاب.
...إلى قوله: وبعد:
فإن أفضل العلوم بعد معرفة الله، التي هي أفضل معقوله، معرفة كتاب الله، وسنة رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم، الذين هما أشرف منقوله، وإليهما مرجع علم الأمة الأحمدية ومنبع فروعه وأصوله.
أما الكتاب العزيز، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ قد تكفل بحفظه وحراسته، وحمايته وكلايته، من الاختلاف والتحريف، والتبديل والتصحيف، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّ كْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر:9].
لاجرم أن الملحدين في الدين، وغيرهم من أعداء المسلمين، وأصناف المبتدعين، لم يجدوا سبيلاً إلى تغييره، ولا التفت نحارير العلماء إلى ما اخترعوا من تأويله، وابتدعوا من تفسيره، فبقيت آياته المحكمات بينة واضحه، والأخر المتشابهات وجوه تأويلها للراسخين مكشوفة لائحة؛ ولذلك أمر النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أمته بالرجوع إليه، وأرشدهم في معرفة صدق الحديث أن يعرضوه عليه، كما سيأتي /275
ذكر ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
قلت: هذا إشارة إلى خبر العرض، وقد تكلمت فيه بما وفق الله ـ تعالى ـ إليه في فصل الخطاب، وفي الحجج المنيرة.
[تعداد تفاسير الأئمة ـ وإشارة إلى ما طرأ على السنة من الدسِّ]
قال: وقد اعتنى علماء القرابة، والصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، بتفسيره وتأويله، وبيان محكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، وحلاله وحرامه، وسائر أحكامه؛ فمنهم المقصر والمطول، والمتوسط والمعتدل؛ وليس أحد من أئمتنا وعلمائنا إلا وله تفسير كامل، أو كلام على كثير من الآيات؛ فللقاسم (ع) تفسير، وللهادي (ع) تفسير سبعة أجزاء، وللناصر الكبير (ع) تفسير، وكذلك للمرتضى، وأخيه الناصر، ولعلي بن سليمان بن القاسم، وللحسين بن القاسم، وللناصر الديلمي، وللمنصور بالله (ع) تفسير الزهراوين، ولغيرهم من علماء أهل البيت (ع)، وشيعتهم كمحمد بن منصور من المتقدمين، وغيره ممن يطول ذيول الكلام بذكره من الأولين والمتأخرين.
ولقد حكى الذهبي في ترجمة الإمام العلامة محمد بن يوسف القزويني الزيدي مذهباً، أحد تلامذة القاضي عبد الجبار، أنه جمع تفسيراً كبيراً لم يسمع في التفاسير أكبر منه، ولا أجمع للفوائد، وهو سبعمائة مجلد كبار، وأنه فسر قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ }...الآية [البقرة:102]، في مجلد، والفاتحة سبعة أجزاء؛ وحكى الذهبي أيضاً: أنه دخل عليه الغزالي، فوقف بين يديه، وتتلمذ له. /276
وأما السنة النبوية، والأحاديث المصطفوية، والآثار الصحابية، المروية عن سادات السلف، وعيون قادات الخلف؛ فإن الملاحدة وغيرهم من المبتدعة، ممن شرد على الله، وافترى الكذب على رسوله، وأهل بيته وأصحابه، وخلفهم الصالح، من موارق الخوارج، وعتاة النواصب، وغلاة الروافض، وطغام الجبرية، والمشبهة، وهمج القصاص، والوعاظ، والحشوية، وأغتام الظاهرية، والكرامية، والخطابية، وغيرهم من أهل الاعتقادات الردية، والمقالات الفرية ـ استرسلوا في وضع الأحاديث والآثار، حتى طار ما اختلقوه كل مطار، وانتشر ذلك في الأنجاد والأغوار، وسار في ديار الإسلام ما لم يسر قمر حيث سار، وكاد يغلب في الكثرة ما يعتمد عليه من صحيح الأخبار، وجعله ذريعة إلى الباطل كثير من الأشرار، وسواد عظيم ممن ليس له معرفة بالحديث من الأخيار، من عوام المتفقهة، ونساك المتعبدين والمتصوفين، والذاهبين إلى قبول المجهولين؛ تصديقاً للحديث النبوي: ((إنه سيكذب عليَّ)).
ولقد قال شعبة: لم يفتش أحد على الحديث تفتيشي، فوجدت ثلثي ما فتشت منه كذباً.
...إلى قوله:
ولما أظهر الله دين نبيه على سائر الأديان، وأنجز ما وعده في محكم القرآن، وملكت أمته جميع ممالك الأمم، وحكمت فيهم بالسيف والقلم، واتسع نطاق دين الإسلام، وبلغت الدعوة المحمدية أقصى ممالك الشرق والغرب واليمن والشام، ووقع في الأصول والفروع، والمعقول من المعلومات والمسموع، وانتشرت المذاهب في الآفاق، وقامت حرب المناظرة والمناضلة على ساق، وتعصبت كل طائفة لمن تقدم من أسلافها، وتفرقت/277
الأمة إلى نيف وسبعين فرقة لسبب تباين العقائد واختلافها، وظهر الدَّغل في الأخبار، والدخل في الآثار ـ شمّر حفاظ الحديث من جميع الطوائف، شيعة وسنية، في انتقاده، والكشف عن رجال إسناده.
[ذكر أنواع الحديث]
وتكلموا فيه تعديلاً وتجريحاً، وتكذيباً وتصحيحاً، ووضعوا في ذلك الكتب البسيطة، والجوامع المحيطة، والمختصرات العديدة، المتقنة المفيدة، وعلقوا فوائده، وضبطوا شوارده، وحققوا صحيحه وحسنه، ومسنده ومرسله، وعاليه ونازله ومتصله، ومنقطعه ومعضله، ومعلومه ومشهوره، وغريبه ومعروفه، ومنكره وضعيفه، وآحاده ومتواتره، وشاذه ومعلّه، ومختلفه ومدرجه، وموضوعه، ورجال إسناده، تقوية وضعفاً، وأنساباً وتاريخاً ووصلاً، وتدليساً واعتباراً ومتابعة، وزيادة الثقات، وتفسير المبهمات؛ لوقوعها مفسِّرة في بعض الروايات، وما خولف فيه الأثبات، ومعرفة الصحابة وتابعيهم وسائر الطبقات، وغير ذلك من علومه المدونات.
...إلى قوله: وأما المعتنون بذلك من الشيعة، فجمّ غفير، وخلق كثير، سنتبرك بذكر جمع منهم يسير، من غير توسيع بذكر الأئمة الكرام، ومشاهير شيعتهم الأعلام، استغناء عن ذكرهم باشتهارهم.
قلت: وسأفرد في مؤلفنا هذا لوامع الأنوار - إن شاء الله تعالى - في ذلك فصلاً، يتضمن المختار، ممن عليهم المدار، على ترتيب الحروف؛ ليكون أيسر للباحث، مع ما سبق من أعلام العصابة، والله تعالى ولي الإعانة والتسديد للإصابة.
قال: وإن كانوا أعرف من القمر، وأشهر من ابن داره، عند من عرف الأخبار وكان له في العلم أثارة؛ وإنما خفي أمرهم على كثير من أهل/278
عصرنا، وعلماء قطرنا؛ لبعد زمانهم عن زماننا، وانتزاح ديارهم عن ديارنا، وقد كان معظم ظهور التشيع قديماً في العراق، لاسيما في الكوفة، فإنها بذلك معروفة موصوفة، حتى قال الذهبي:
إنها تغلي بالتشيع وتفور، والسني فيها طرفة، والخارجي طير غريب. انتهى كلام الذهبي.
وفي الأصل بعده: (قلت).
ولكن قد اخترت أن تكون هذه العبارة في هذا الكتاب المبارك ـ إن شاء الله تعالى ـ لما يقوله المفتقر إلى الله مجد الدين بن محمد المؤيدي - عفا الله عنهما - للتمييز لكثرة النقول، فليعتبر ذلك المطلع، وأجعل مكان ما في كتب المؤلفين من لفظ: (قلت): (قال)، والله والموفق.
[في فضل الكوفة]
قال: وإنما اختصت بهذه الخصيصة الشريفة؛ لبركة دعاء الأنبياء، وصلواتهم بمسجدها، وإقامة الوصي أيام خلافته بعقوتها، وموته ودفنه بتربتها.
...إلى قوله: ولذلك قال الصادق (ع):
قفْ إذا جئت الغريا .... وابك مولانا عَليا
وقال غيره:
مدينة الكوفة تيهاً على .... مدائن الأرض معاً تفخرُ
ولو أراد الله سوءاً بها .... ما كان مدفوناً بها حيدرُ
ولم تزل مستوطناً لبعض أهل البيت وأشياعهم، ودار إقامة لبعض، كالحسنين، وكزيد بن علي، وابنه يحيى، وأولاده، كالحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد ـ وكان عامة الزيدية بالكوفة على مذهبه ـ وأحمد بن عيسى بن زيد، وموسى بن جعفر، وكالقاسم بن إبراهيم، وأخيه محمد بن إبراهيم، /279