وعلا ـ.
إلى قوله: ألا يصغي إلى ذلك أُذناً، ولايصرف إليه قلباً، ولايشتغل بما يلقى إليه من ذلك؛ فإن هذا الوسواس أعظم ما يتوصل به الشيطان، إلى إضلال المكلف، وكفره وإلحاده.
ثم روى الخبر المشهور، وفيه: ((فيقول: آمنتُ بالله، وينظر في ملكوته ـ تعالى ـ ومصنوعاته)).
قال: وقد كان ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ على ما روي كثير التكرار، للإقرار بالله، ووحدانيته، وصفاته، والنظر في ملكوت الله ـ تعالى ـ الدالة على ذلك، وكان ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ كثيراً ما يأمر بالنظر فيها، وينهى عن النظر في ذاته ـ تعالى ـ فقد روي عنه أنه قال: ((تفكروا في الخلق، ولاتفكروا في الخالق، فإنكم لن تقدروا قدره)).
وقد سلك أمير المؤمنين ـ كرم الله وجهه ـ هذه المحجة في أقواله، فإن من كلامه: من تفكر في خلق الله وحد، ومن تفكر في الله ألحد.
ثم ساق من كلامه المعلوم في الأصول، وقد سبق منه طرف نافع.
قال: ومن كلامه (ع): أن الله ـ تعالى ـ لامن شيء، ولا في شيء، ولا على شيء.
ومن كلامه (ع): لم تحط به الأوهام، بل تجلى لها بها، وبها امتنع عنها، وإليها حاكَمَهَا.
والأوهام هنا: العقول، وقد تقدم تفسير كلامه هذا.
قلت: الذي تقدم ما لفظه: أي امتنع من العقول بمعرفة العقول، بعجزها عن إدراكه والإحاطة به.
وإليها حاكمها: أي جعلها محكمة في ذلك؛ لأنه نزلها منزلة الخصم المدعي، والخصم لايحكم إلا حيث تتضح الحجة، ويفتضح جاحدها، فلا يرضى لنفسه بدعوى ما يعلم كل عاقل كذبه فيها. /250

[من المعراج في التفكر]
قال: ومن كلام الإمام، ترجمان الدين، نجم آل الرسول، القاسم بن إبراهيم (ع): جعل الله في المكلفين شيئين، وهما: العقل والروح؛ وهما قوام الإنسان لدينه ودنياه، وقد حواهما جسمه، وهو يعجز عن صفتهما، وما هيتهما؛ فكيف يتعدى بجهله إلى عرفان ماهية الخالق الذي ليس كمثله شيء؟
ومن لم يعرف عَقْلَه وَرُوحَه والملائكةَ والجنَّ والنجومَ ـ وهذه مدركة أو في حكم المدركة ـ فكيف ترمي به نفسه المسكينة إلى عرفان القديم قبل كل موجود، والآخر بعد كل شيء، الذي لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير؟!
ثم أورد قول أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ:
العجز عن درك الإدراك إدراك .... والبحث عن فحص كنه الذات إشراك
وقد قدم قول شارح النهج، العلامة ابن أبي الحديد:
والله ما موسى ولا .... عيسى المسيح ولا محمدْ
عرفوا ولا جبريل وهـ .... ـو إلى محل القدس يصعدْ
من كنه ذاتك غير أنـ .... ـك أوحديُّ الذات سرمدْ
عرفوا إضافات ونفياً .... والحقيقة ليس توجدْ
قلت: تمامها:
ورأوا وجوداً واجباً .... يفنى الزمان وليس ينفدْ
فليخسأ الحكماء عن .... حرم له الأفلاك سُجّدْ
من أنت يا رسطو ومن .... إفلاط قبلك يا مبلّدْ؟
ومن ابن سينا حين قر .... ر ما هذيت به وشيّدْ؟
هل أنتم إلا الفرا .... ش رأى السراج وقد توقّدْ
فدنا فأحرق نفسه .... ولو اهتدى رشداً لأبعدْ
/251

قال: وله أيضاً:
قد حار في الأنفس كل الورى .... والفكر فيه قد غدا ضائعا
من جَهِلَ الصنعة عجزاً فما .... أجدره أن يجهل الصانعا
ثم قال الإمام (ع): فهذه الفائدة تنطوي على كلام سيد البشر، وكلام وصيه الصديق الأكبر، وإمام التوحيد والعدل، وكلام غيرهما من أئمة الإسلام؛ فجدير بكل عاقل الاعتماد عليها، والرجوع في هذا الباب إليها؛ نسأل الله أن يمدنا بمواد التوفيق، ويهدينا إلى سواء الطريق.
[من المعراج: في حجية قول أمير المؤمنين]
ومن كلامه في حجية قول أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ مالفظه: لأن أمير المؤمنين حجة وأي حجة، وأقواله وأفعاله إلى الهدى أوضح محجة.
قلت: وقد سبق في صدر الكتاب ما يكفي ويشفي.
...إلى قوله (ع)، فيما يطعن به أهل الزيغ على أمير المؤمنين (ع):
قال صاحب المنهاج: اعلم أنه (ع) أجل قدراً، وأشهر فضلاً، من أن يطعن عليه.
قال الإمام (ع): يعني لما خصه الله به من العصمة، عن كل شين ووصمة، والفضائل الدثرة، والمكارم التي تفوت الوصف كثرة، بحيث إنه لايدرك أحد حصرها، ولايقدر الناظر فيها قدرها، وليس يجهل منصف أمرها.
...إلى قوله: واعلم أن فضائل أمير المؤمنين، وما نقل فيها وورد، لايتمكن من حصر ذلك أحد؛ وقد صنف فيها كتب كثيرة، من محاسنها: كتاب الدعامة للسيد أبي طالب.
وقيل: إن الأعمش كان يروي في فضائل أمير المؤمنين قدر عشرة /252

آلاف حديث.
قيل: وقد اشتملت الأمهات كالبخاري ومسلم منها على ستمائة حديث وخمسة وثمانين حديثاً.
وأما ما يرويه أهل البيت وشيعتهم في فضائل علي (ع) وأبنائه، فقد قيل: إنها ألف ألف حديث، أو ما يقارب ذلك.
قلت: وقد تقدم للإمام ما نقلناه في التحف الفاطمية ، من كلام الإمام المنصور بالله (ع) أن فصول ما تناولته هذه الكتب ـ أي كتب المحدثين ـ مما يختص بالعترة الطاهرة، خمسة وأربعون فصلاً، تشتمل على تسعمائة وعشرين حديثاً؛ ذكره الإمام (ع) في شرح قول صاحب المنهاج في الاحتجاج على إمامة الوصي ـ صلوات الله عليه ـ: لنا النص والوصاية، والتفضيل والعصمة، وإجماع أهل البيت (ع).
قال الإمام (ع): يعني: فهذه أنواع الأدلة، الدالة على إمامته (ع)، والنوع الأول منها ـ وهو النص ـ ينطوي على أدلة متعددة، من القرآن والأخبار.
إلى آخر البحث.
وقال فيه: اعلم أن الذي جرى لأمير المؤمنين، وسيد الوصيين، ومني به من عدوان هذه الأمة، وتعديها عليه، في حياته، وبعد موته، مما تحار فيه الأفكار؛ فإنه (ع) مع ارتقائه إلى أعلى درجات الفضل، وإحرازه لكل خصلة شريفة، ومنقبة سامية منيفة، جرى عليه وانتهى إليه، مالم يتفق لغيره.
...إلى قوله: وذلك دليل على أن هذه الدنيا الدنية، والدار الردية، مع أنها ممر إلى الآخرة، مقرّ للرذائل والأدناس، ومجال للمخازي وفضائح الناس، وأن أولياء الله فيها هدف للمصائب، وغرض لسهام النوائب، وعرضة لأذى الجهال، وعدوان أرباب الضلال.
* وفي خطوب الناس للناس أسىً */253

[من المعراج في معاوية]
وقال في كلام الأصم والحشوية، في شأن معاوية، ما نصه: ولقد صم الأصم عن استماع الحق، وظلم بما قاله وعقّ، وحشيت قلوب الحشوية جهالة، وركبوا متن الباطل والضلالة، وليس الأمر خفياً، لكنهم أتوا شيئاً فرياً.
...إلى قوله: قال سعد الدين التفتازاني، في شرحه على العضد: المشتهر عن السلف أن أول من بغى في الإسلام معاوية.
قال الإمام (ع): والقول بأن خطأه خطأ المجتهدين، هو الظاهر من مذهب أهل الحديث.
إلى قوله: حتى قال صاحب البهجة ـ قلت: هو يحيى بن أبي بكر العامري التهامي، وهو ممن أخذ عنه الإمام (ع) في الحديث ـ ما لفظه: نصيحة عرضت، وهي أن ثم من يقع في عمرو بن العاص ومعاوية وغيرهما من أجلاء الصحابة، أو من شمله اسم الصحبة، التي لا يوازنها عمل وإن جلّ، ويتشبثون إلى هنات صدرت منهم، مما تقدم إليهم النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بالكلام فيها، وأخبر بوقوعها منهم...إلخ.
[من المعراج جواباً على يحيى بن أبي بكر العامري في شأن معاوية وأضرابه]
قال الإمام (ع)، بعد روايته للخبر الذي أخرجه مسلم عن ابن عباس: ومنه دعوة الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ على معاوية الطاغية: ((لا أشبع الله بطنه)).
إلى قوله (ع): وما يدل عليه من سوء حظه واجترامه، القدوم على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
إلى قوله: وكونه دعا عليه دعاء يقضي /254

بالسخط والتغيظ.
إلى قوله في الجواب على العامري: ليس معاوية وعمرو بن العاص من أجلاء الصحابة، بل من أدونهم حالاً، وأقلهم جلالاً؛ وعدواتهم للدين، وهدمهم لقواعده، وتلعبهم به، وعظيم جراءتهم على هتك أستاره، وإحداثهم الأحداث العظيمة فيه، لا تخفى على مميز؛ ولئن سُبُّوا ولُعِنُوا فغير مستنكر ذلك، فقد سَبُّوا ولعنوا ابن عمّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وسيد العرب، وأمير المؤمنين، وذا الفضل المبين؛ والله المستعان، كيف يثني عليهم، ويحسن الظن فيهم، ويذكر فضائلهم، وهم إلى الرذائل أقرب منهم إلى الفضائل؟‍‍!.
واعلم أن أكثر تعويل أهل الحديث، ومن يحسن الظن في معاوية على وجهين: أحدهما: ماله من الصحبة والكتابة، واعتقاد أن الذي كان منه من الأحداث صدر عن اجتهاد وظن الإصابة؛ ونحن نبين ما يقتضي عدم التعويل على ذلك.
أما الصحبة، فلا كلام أن له صحبة، وأن صحبة رسول الله شرف ورفعة؛ ولكن لم يثبت أنها تبيح المحرمات، ولا تكفر الذنوب الموبقات، بل العقل والنقل يقضيان بعكس ذلك.
ثم أورد الكلام السابق في الفصل الثاني...إلى قوله: فكيف تكون صحبة معاوية مع نوع من النفاق، بعد التمرد العظي‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍م وأبلغ الشقاق، سبباً في تجاوز ما كاد به الإسلام، وأحدثه من المصائب العظام، والحوادث الطوام؟‍!.
...إلى قوله: وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال لأصحابه: ((أنا فرطكم على الحوض، وليتعرفن إليّ رجال منكم، حتى إذا أهويت إليهم لأتناولهم اختُلجِوا دوني، فأقول: أي رب، أصحابي، فيقال: إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن غير وبدل)).
وفي رواية أخرى لمسلم، فيها: ((فأقول: /255

يارب، أصحابي؛ فيجيبني ملك، فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟)).
إلى قوله: فانظر في أمر معاوية، هل أحد من أصحاب رسول الله أحدث في الإسلام مثل ما أحدث؟ فإنك لاتجده، فإنه الذي هدم أركانه.
...إلى قوله في الكتابة: فليست بقاضية لكل من نالها بالصلاح والفلاح؛ بل قد كان من بعض الكتاب للوحي ما كان، من ردّة وغيرها.
وأما الوجه الثاني: وهو تحسين الظن بمعاوية، واعتقاد أنه أقدم على البغي اجتهاداً منه، فلو ادعيت الضرورة في خلاف ذلك لم تُعدَّ مجازفة؛ فإن معاوية لم يكن من أهل البله والجهل بحال نفسه وحال غيره، بل من أهل الدهاء والنكر.
...إلى قوله: وحاشا لله، أن يعتقد في نفسه أنه أحق بالخلافة، وأصلح للمسلمين، وأنفع في أمر الدين، من أمير المؤمنين، وسيد الوصيين، وأفضل أمة النبي الأمين؛ وأن يعتقد أن ما كان منه من البغي والعدوان، وإثارة الفتن المفضية إلى سفك الدماء الواسعة، وإتلاف الأموال في طلب الرئاسة، ومنازعة الأمر أهله، وما سنه في الدين من سنن الجبارين، وسلاطين الظلم، كان أصلح في باب الدين، وأعود نفعاً على المسلمين؛ وقد كان يظهر على لسانه، وفي فلتات كلامه، الاعتراف الصريح بحاله، وحال من عارضه، والإقرار بفضل أمير المؤمنين، ومحله.
...إلى قوله: وهذا ـ والله ـ كلام من رفع التعصب عن نفسه، ووفى النظر حقه، وقصد إلى السلوك في منهج الإنصاف، كما بنينا عليه كتابنا هذا من أوله إلى آخره.
...إلى قوله: قال ـ أي الفقيه حميد الشهيد ـ: والعجب من هؤلاء الجهلة، الذين لو سمعوا رجلاً يسب أبا بكر وعمر، وكذلك عثمان، على كثرة أحداثه، لما تمالكوا عن الحكم بتفسيقه، بل وربما يتعدى ذلك إلى قتله وقتاله؛ ولم يحتفلوا /256

بما فعله معاوية الضال، من حرب أمير المؤمنين وسبه، ولا فسقوا بذلك.
...إلى قول الإمام (ع)، في قوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - لعمار: ((ستقتلك الفئة الباغية)): هذا الحديث مما لاشك في صحته، وإطباق الأمة عليه، وهو في البخاري من رواية أبي سعيد، وقد ذكر بناء المسجد، قال: كنا نحمل لبنة لبنة، وعمار لبنتين، فرآه النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فجعل ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار))، فانظر إلى عدم إنصاف الفقهاء وأهل الحديث، مع موافقتهم على صحة هذا الخبر وروايتهم له.
...إلى قوله: ولأنه كان يقول بالجبر ويعتقده؛ بل لعله رأس أهل الجبر، وإمامهم فيه، ونقل أنه قال على المنبر: أنا خازن من خزان الله، أعطي من أعطاه الله، وأمنع من منعه الله؛ فقام أبو ذر ـ رضي الله عنه ـ فقال: كذبت يا معاوية، إنك لتعطي من منعه الله، وتمنع من أعطاه الله.
فقال عبادة بن الصامت: صدق أبو ذر؛ وقال أبو الدرداء: صدق عبادة.
وروي عنه أنه قال: لو كره الله ما نحن فيه لغيّره.
قال في العمدة: فاعتقد أن الله لايكره شيئاً إلا ويغيره، مظهراً بذلك أن الله قد أراد ماهو عليه، من الأفعال القبيحة.
إلى قوله في خبر ((لايحبك إلا مؤمن ولايبغضك إلا منافق)): هو مما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن علي (ع)، أنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي إليّ، أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.
وهذا الحديث متمسك من ذهب إلى أن معاوية منافق؛ وكذلك ما روي عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا علي بحبك يعرف المؤمنون، وببغضك يعرف المنافقون))، ومن المعلوم ضرورة أن معاوية في نهاية البغض له (ع).
...إلى قوله (ع): /257

وأما معاوية فإنما سلك مسلك كسرى وقيصر، وفرّط في النظر للمسلمين وقصر، فاختار يزيد ابنه مع علمه بأنه لايصلح أن يتأمر، وأن استخلافه أمر منكر؛ فلا بورك فيهما من خلف وسلف، ولا شكر سعيهما في التعدي والسرف.
إلى قوله (ع) في الحسين بن علي ـ صلوات الله عليهما ـ: مما ورد فيه عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال: ((يُقْتل ابني الحسين بظهر الكوفة؛ الويل لقاتله وخاذله ومن ترك نصرته)).
وعن معاذ بن جبل قال: خرج علينا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ متغيّر اللون، فقال: ((أنا محمد، أوتيت فواتح الكلم وخواتمه، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم، فإذا ذهب بي، فعليكم بكتاب الله ـ عز وجل ـ أحلوا حلاله، وحرموا حرامه؛ أتتكم الموتة، أتاكم الروح والراحة، كتاب من الله سبق، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، كلما ذهب رَسَل جاء رَسَل، تناسخت النبوة، وصارت ملكاً، رحم الله من أخذها، وخرج منها كما دخلها، أمسك يا معاذ وأحص)).
فلما بلغت خمسة، قال: ((يزيد لا بارك الله في يزيد)) ثم ذرفت عيناه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، قال: ((نُعي إلي ولدي الحسين، وأُتيت بتربته، وأُخْبرت بقاتله؛ والذي نفسي بيده، لايقتل بين ظهراني قوم لا يمنعونه، إلا خالف الله بين قلوبهم، وسلّط عليهم شرارهم، وألبسهم شيعاً)).
ثم قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((واهاً لفراخ آل محمد، من خليفة مستخلف، فاسق مترف، يقتل خلفي وخلف الخلف)).
قلت: قد أشار في الخبر بعدد الخمسة، إلى المتولين من غير أهل بيت النبوة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية، ويزيد؛ وجعلهم في سلك واحد.
وقد ذكر معنى /258

هذا الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي عند روايته.
ثم ساق إلى قوله: والله ولي التوفيق، ومولى التحقيق، وهو حسبنا وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى؛ وهذا ختام الكتاب، والحمد لله الوهاب.
[السند إلى مؤلفات ومرويات السيد صارم الدين الوزير، وترجمته]
وأروي بالأسانيد المتكررة في سند المجموع وغيره، إلى السيد الإمام حافظ اليمن، وسيد بني الحسن، صارم الدين إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن الهادي بن إبراهيم الوزير (ع) جميع مروياته، ومؤلفاته، منها: الفصول في أصول الفقه، وهداية الأفكار في فقه الأئمة الأطهار، وهي كالمستدرك على الأزهار، والبسامة في أخبار أئمة العترة (ع)، والفلك الدوار، ويسمى علوم الحديث، والتخليص على التلخيص في المعاني والبيان، وجميع ماله في فنون العلوم، من المنثور والمنظوم؛ وقد سبق ذكره في ترجمة الإمام محمد بن القاسم الزيدي (ع) من التحف الفاطمية .
وقد ترجم له الأعلام، منهم: السيد الإمام في طبقات الزيدية، والقاضي الحافظ في مطلع البدور؛ ونسوق من ذلك ما يحتمله المحل مما ذكراه في الكتابين، وما يختار إيراده مما يوفق الله له ويليق ـ إن شاء الله تعالى ـ بالمقام، فنقول:
هو السيد الحافظ، إمام المحققين، صارم الدين؛ مولده عام أربعة وثلاثين وثمانمائة، قرأ في صنعاء وصعدة في الأصولين، والعربية، والفروع الفقهية، والأخبار النبوية، والتفاسير، والسير، وجميع الفنون في سائر العلوم.
فمن شيوخه: السيد الإمام المبرز، جمال الدين، علي بن محمد بن /259

81 / 143
ع
En
A+
A-