الأمصار، والبوادي والحضار؛ فممن قرأ عليه مدة مديدة: حي السيد الوشلي محمد بن علي، في عصابة.
قلت: هو الإمام محمد بن علي السراجي، كما في الطبقات.
قال: وتوجهت إليه المسائل والرسائل، من كل جهة، ورمقته الأعين، ونطقت بفضله الألسن، وحظي من الإقبال عليه بما لم يحظ به غيره، وكثرت نذوره، وأشرق فيهم نوره؛ وكان الناس يتحدثون بأنه الصالح للإمامة، وأنشدت فيه الأشعار، قبل التلبس بدثارها؛ وأظهر قوم إمامته في حال السيادة؛ فَلِحَي الفقيه النبيه، المنطيق الفصيح، علي بن يحيى الهذلي الضمدي فيه شعر، منه:
وإنا لنرجوا عاجلاً أن يقيمه .... إله به قامت سماواته السبعُ
يعيد نصاب الملك في مستقرّه .... ويخلع عنه من يحق له الخلعُ
قال: فلما دعا، فرح الناس بدعوته، فكان أول من بايعه والده المبارك، شرف الدين، الحسن بن أمير المؤمنين، وسائر إخوته، وبني عمه.
قلت: وهذه منقبة له كبرى، لم يسبقه إليها من أهل بيت النبوة (ع) إلا الإمام المهدي لدين الله محمد بن عبدالله النفس الزكية، في قيامه أيام أبيه، شيخ آل محمد، عبدالله الكامل (ع)، ولم يلحقه أحد فيما أعلم.
قال: ثم من حضر من العلماء، ثم القبائل؛ قرئت عليهم دعوته الكبرى، العامة لكل الورى، وفيها من البلاغة الرائعة، والحجج القاطعة، والمواعظ الحسنة، والوصايا المستحسنة، والاعتذار من القيام.
إلى قوله: ما يشهد له بتقدمه.
[نفوذ دعوته واتساع نطاق مملكته]
قال: فلما وصلت دعوته إلى الجهات اليمنية، مثل: صنعاء ومشارقها /240

ومغاربها، ومثل: ذمار وما يليها يمناً وشرقاً وغرباً، ومثل: المغارب، حجة وبلادها، ومثل: شظب، وبلاد الأهنوم، والشرفين إلى حدود تهامة، ومثل: جازان، وضمد، ووساع، وحلي، وينبع، ومكة؛ وصلت الكتب بالطاعة، وأقاموا الجمعة والجماعة.
قال: وخرج إليه جميع أعيان علماء صنعاء وتلك النواحي، ولم يبق أحد ممن له يد في العلم، إلا وصله، فأوردوا عليه من الأسئلة في كل فن ما ملأ الطروس، وشافهوه بجميع ما يعرض في النفوس، فأجابهم بما يشفي الأوام، وجلى دياجير الظلام.
فلما وضحت لهم الحجة، ودلهم على المحجة، بايعوه وشايعوه.
إلى قوله: ويأبى الله إلا أن يتم نوره؛ وجمع الكلمة بهذا الإمام، وأطاعه العباد، ودانت له البلاد؛ ووقع لدعوته من القبول والإقبال، مالم يكن يخطر ببال، واعترف له الموالف والمخالف، بالعلم الغزير، وجودة التدبير، وبالكرم الجمّ، الذي يغطي على موجات اليمّ.
...إلى قوله: ثم إن هذا الإمام انفرد عن أكثر الأئمة بخصال، لم تجتمع إلا فيه، وهي: الخطابة، والبراعة في العلم، وعدم الكلال لذلك، ليلاً ونهاراً، وسحراً وسمراً، وسفراً وحضراً، حتى أنه منذ دعا إلى أن توفي إلى رحمة الله ورضوانه، لاحصر لكتبه، ولايفرق أحد بين تراكم أشغاله بالترسل، والكتابة بين أول دعوته وآخرها؛ وذلك مستمر، فلو جمع ما قد رقمه بيده مما يزري بالدر المنظوم، وزهر الربيع، لجاءت مجلدات، تزيد على ثلاثين مجلداً، فما أحقه بما قيل:
إنْ هزّ أقلامه يوماً ليعملها .... أنساك كلّ كمي هزّ عامله
وإن أقرّ على رقٍ أنامله .... أقرّ بالرق كتاب الأنام له
/241

وكان كتبه في أكثر الأحوال، تقوم مقام المخارج العظيمة.
ثم بسط في أحواله (ع).
[كرامته العظمى ومرثاته]
ثم ذكر من كراماته الكرامة العظمى، وهي سماع النعي له من صنعاء.
قلت: وقد تواترت الأخبار بوقوعه، وتكلم به العلماء في الخطب على المنابر، من ذلك العصر إلى هذه الغاية.
وقد ذكره الإمام المتوكل على الله، يحيى شرف الدين، في ترثيته، حيث قال:
نعاه إلينا قبل يوم وقوعه .... بسبع إله الخلق والسمع شاهده
تداعينه عمن سواه ومن يكن .... به الله أنبا فهو جمّ محامده
وهي قصيدة غراء، ضمنها فضائل الإمام المنيرة الكبرى، وقد ذكرتها، وذكرت النداء ذلك في الزلف والتحف؛ وإنما أضاف ذلك النداء الأئمة والعلماء إلى الله ـ تعالى ـ وبعضهم إلى الملائكة (ع)، لما أشار إليه الإمام (ع)، من وقوعه قبل الوفاة؛ وذلك مما لايعلم إلا من الله ـ سبحانه ـ إمّا بخلق الصوت، أو بوحي إلى ملائكة، كما هو المعلوم في طريق الأخبار السماوية.
قال في مآثر الأبرار: فقطعوا أن ذلك هاتف من الروحانية، أمره الباري يعلمهم بذلك؛ لعظم منزلة هذا الإمام، من الله ـ عز وجل ـ.
قال في وصف حال أهل مدينة صعدة، عند بلوغ خبر وفاة الإمام (ع): فمن تلك الساعة، ارتجت المدينة بالبكاء.
إلى قوله: من الرجال والنساء، في جميع نواحي المدينة، فخلنا السماء سقطت على الأرض، وبكت عليه المخدرات في البيوت، وأهل البوادي، ومن يعرفه، ومن لا يعرفه، وخرج الناس إلى فللة على أرجلهم، السادة والقضاة، والشيعة والأمراء، والخواص والعوام؛ /242

وكثر المعزون من شرق البلاد وغربها.
ثم ذكر ترثيته له:
منها:
أبعد إمام العصر يضحك ضاحك .... ويبسم ثغر بئس ذلك من ثغرِ
ومنها:
ومهما ذكرت الشمس في رونق الضحى .... ذكرت أفول الشمس من ذلك القصرِ
وحيث حكوا للأمر والنهي صورة .... ذكرت اختلال النهي بعدك والأمرِ
ومنها:
أبا حسن من للمنابر قارع .... يساقط وعظاً في المسامع كالدرِّ؟
أبا حسن من للبراعة مورد .... بكل مقام مورد البيض والسمرِ؟
أبا حسن من للفصاحة مفلق .... يجيد المعاني الغرّ في النظم والنثرِ؟
أبا حسن من للقضايا وفصلها .... يميّز محض العرف منها عن النكرِ؟
أبا حسن من للجيوش وبعثها .... يعود لها حسن السياسة بالنصرِ؟
أبا حسن من ذا نراه إذا احتبى .... بمجلسه في ذلك القصر كالبدرِ؟
...إلى قوله:
عليك سلام الله ما هبّت الصبا .... وما باتَ برق فوق مشهدكم يسري
[أولاد الإمام عز الدين، وشيء من شعره (ع)]
وقال في ذكر أولاده: فأول من ولد له (ع)، الإمام القمقام، علم الإسلام، وحجة الله على الأنام، شرف الدين، الحسن؛ ثم السيد الأفضل، طراز المجد الأول، شرف الدين، الحسين؛ ثم السيد الأوحد، الأفضل الأمجد، شمس الدين أحمد؛ ثم السيد الأجل، رفيع القدر والمحل، صلاح الدين المهدي، أبناء أمير المؤمنين.
قلت: وقد مرّ ذكرهم في التحف الفاطمية ؛ لكن لم يبين محلهم في /243

الفضل كما هنا.
قال: وأما شعره، ففائق رائق؛ حوى ديوانه منه ما اتفق على جودته أعيان الخلائق.
ثم ذكر من قصائده، كلمة موعظة، صدرها:
إذا كنتَ من قرع الحوادث شاكيا .... وأصبحتَ من خطب ينوبك باكياً
وهي على نهج قصيدتين:
الأولى: للإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، مطلعها:
دعيني أطفي عبرتي ما بدا ليا
وهي التي عارضها نشوان الحميري بقصيدته، التي أولها:
ذكرت دياراً دارسات خواليا
ذكر فيها ملوك حمير، وشرحها صارم الدين الوزير.
والأخرى: للإمام المهدي، غرتها:
دعيني إذا شاهدتني اليوم باكياً
وذكر منها قصيدة الإمام (ع)، التي أولها:
أفقْ أينما وجهت صرت مفارقاً .... ولم تلقَ فيما بين حاليك فارقا
قلت: ومن غرر فرائد الإمام، التي يقلّ لها النظير في البلاغة والسلاسة والانسجام، قوله:
دعْ ذكر ما بالحمى والبان والطلل .... وعدّ عن معهد بالأبرقين خلي
ومنها:
له مقالات عذب ما بها لغز .... وخير قول وعاه السمع وهو جلي
أشفى وأشهى وأحلى في مذاقته .... من بارد الماء بل من خالص العسل
ومنها:
فارقت ما كنت قد لاقيت من كرب .... أصمت ولا قيت ما فارقت من جذلِ
/244

ومنها:
تلك البلاغة إما شئت معرفة .... لها فهاك بلا كثر ولا مللِ
وذلك السحر إلا أنه حسن .... ما فيه من حرج يخشى ولا زللِ
ومنها:
سلْ عنه أسمع به أنظر إليه تجد .... ملأ المسامع والأفواه والمقلِ
ومنها:
لا يأس من روح رب الروح إن له .... عطفاً على كل دَعَّاء ومبتهلِ
وقد دعوناه نرجوا من إجابته .... جمعاً لشمل شتيت غير متصلِ
يارب واجعل رجائي غير منعكس .... لديك يا منشيء الأمزان والسبل
وقد أوردها في مطلع البدور، قال فيه: ومن شعر الإمام الهادي لدين الله، عز الدين بن الحسن (ع)، إلى العلامة علي بن محمد البكري ـ رحمه الله ـ قبل دعوته(ع).
[من دعوته العامة]
قلت: وافتتح الدعوة العامة بقوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، الذي جعل الإمامة قدوة للدين وسناماً، وصلاحاً لأمر العالم ونظاماً، وناط بها قواعد من الدين وأحكاماً، وجعلها للنبوة الهادية للخلق إلى الحق ختاماً، ولشرعة سيد الأنام الفاصلة بين الحلال والحرام تكملة وتماماً؛ والصلاة المستتبعة إكراماً وسلاماً، على أشرف البرية ومن كان للرسل إماماً، وعلى عترته الذين ما زالوا لشريعته حفاظاً وقياماً.
إلى قوله: إنه لما تعاظمت المحن، والتطمت أمواج الفتن، واختلطت الأمور، وانتثر نظام أمر الجمهور.
إلى قوله: وعُفَّت مرابع العدل وأنديته.
...إلى قوله: /245

وضاعت حقوق الله، ووضعت في غير ما ارتضاه، وظهرت غربة الدين، وقويت شوكة المفسدين؛ شخصت إلينا الأعيان، من جميع النواحي والبلدان، وامتدت الأعناق، من أداني الأرض وأقاصي الآفاق.
...إلى قوله: كرَ علينا الأنام، كرّة ما لها مدفع، وأقبلوا علينا إقبالةً لا يجدي فيها الاعتذار ولا ينفع.
...إلى قوله: ممن هممهم مقصورة على تقويم أمر الدين المريج، وليس لهم على جانب الدنيا تعويل ولا تعريج، بلزوم القيام لله، وتحتم الغضب لدين الله، وتلافيه قبل التلف بالكلية؛ وإنا إن فرطنا في ذلك أسخطنا الرحمن، وأرضينا الشيطان.
...إلى قوله: ونظرنا إلى أن الأمر بالمعروف الأكبر، والنهي عن الفحشاء والمنكر، معلومان بالوجوب بالضرورة من الدين، وأن الظنون لا تعارض اليقين؛ قال الله تبارك وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران]، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } [النحل:125]؛ وقال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليوشكن الله يبعث عليكم عقاباً، تدعونه فلا يستجيب لكم)).
...إلى قوله: وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قعد على المنبر، وقال: ((أيها الناس، إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوني فلا أجيب لكم، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم)) فما زاد عليهن حتى نزل /246

؛ وقال: ((ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر)).
...إلى قوله: وطمعنا في نيل ثواب الله الجزيل، ورضوانه الأكبر الجليل، بالتأهل لإرشاد عباده، إلى مطابقة مراده، ودعائهم إلى طاعته، والسيرة فيهم بمقتضى شريعته، نظراً إلى قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت]، وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله: إمام عادل...الخبر)) وقوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((إن المقسطين عند الله على منابر من نور، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا))، وقوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((يوم من عادل خير من عبادة ستين سنة، وحدّ يقام في الأرض بحقه أزكى فيها من مطر أربعين صباحاً))، وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة، قيام ليلها وصيام نهارها))، وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أفضل الناس منزلة عند الله تعالى يوم القيامة إمام عادل)).
..إلى آخرها.
وفيها من معين العلوم، ما يشفي أدواء الكُلوم.
وإنما اخترت إيراد هذا القدر منها؛ لما فيه من بيان محل الإمامة عند الإمام (ع)، وأنها ثانية النبوة، ومنوط بها من الدين أحكام الإسلام.
وفيه بطلان ما نقله الجنداري عنه في حواشي الثلاثين المسألة؛ ولعله لما اطلع على الأسئلة، التي أوردها الإمام فيها على الأعلام، وقد توهم ذلك غيره ممن لم يحقق مقاصد الإمام، وأورد ذلك بعضهم في عصره، ونسب إليه القول بأنها عنده ظنية؛ وأجاب عليه الإمام بأنه لم يصرح بما ذكره السائل، وأفاد نفيه عنه، وأنه إن كان أخذه له من تلك /247

السؤالات، فهو مأخذ غير صحيح؛ حقق ذلك الإمام (ع) في فتاويه، فخذه من ذلك المقام؛ وكم يحصل من التهافت في أمثال هذه النقولات لمن لم يتثبت ويحقق موارد الكلام؛ هذا، والله ولي التسديد والإنعام.
[نبذ من كتابه المعراج]
قال الإمام (ع) في المعراج:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد حمد الله على نعمه، التي يجب شكرها، ولا يطاق حصرها، والثناء عليه بكماله، وصفات جلاله، التي يطيب نشرها، ولا يُقْدَّر قدرها، والصلاة والسلام على خاتم الرسل، وموضح السبل، وناسخ الملل، ودامغ الشرك حتى اضمحل وبطل، وعلى عترته شموس الإسلام، وقادة الأنام.
إلى آخر الكتاب.
وهو محيط بحقائق الأنظار، جامع لدقائق الأفكار، كاشف لدفائن الأسرار.
[بحث في نفي الذوات في العدم، وكلام الإمام عز الدين (ع) في ذلك]
ومما نصّ فيه الإمام على مخالفة جمهور المعتزلة، وموافقة قدماء أهله: مسألة ثبوت ذوات العالم.
قال بعد حكاية الخلاف: وذهب من أئمتنا إلى نفيها الإمام عماد الإسلام.
قلت: يعني الإمام يحيى بن حمزة (ع).
قال: وقال في التمهيد: ذهب المحققون من جماهير العلماء، إلى أن المعدوم ليس بشيء، ولا عين، ولا ذات، في حال عدمه؛ وإنما هو نفي محض، /248

والله ـ تعالى ـ هو الموجد للأشياء، والمحصل لذواتها، وحقائقها.
قال الإمام الهادي إلى الحق، عز الدين بن الحسن (ع)، بعد هذا الكلام: وهذا هو الحق الذي لاريب فيه؛ ولعمري، إن إثبات ذوات في العدم، لها صفات وأحكام، وتتعلق بها بعض المتعلقات، لاينبغي أن يكون معقولاً، وأنه أبعد في التعقل من الطبع والكسب، ونحوهما.
إلى قول صاحب المنهاج: وقال أبو القاسم: شيء، وليس بذات.
قال الإمام (ع): اعلم أنه لافرق بين قول أبي القاسم، وقول من نفى الذوات في حالة العدم؛ لأن مراده أن المعدوم شيء من جهة اللغة، ولاخلاف في ذلك.
إلى قوله: إذا عرفت ذلك، فاعلم أن هذه قاعدة ينبني على صحتها كثير من مذاهب البهشمية.
قال: وكثير من الذاهبين إلى النفي يشنعون في الإثبات، ويزعمون أنه في غاية الخطر؛ لأن فيه نفي تأثير الباري في الذوات، وكثير من الصفات، بل إثبات ذوات لانهاية لها معه في الأزل، حتى أن منهم من يقول: لافرق بين القول بإثبات الذوات في العدم، وإثبات المجبرة للمعاني القديمة، في شناعة القول وخطره، وظهور بطلانه.
ثم ساق استدلال الفريقين، واستوفى أعاريض الكلام، وقد أشرت إلى المسألة في التحف الفاطمية عند الكلام على الإمام المهدي (ع).
وقال (ع): بعد الكلام على مسائل الصفات، ما لفظه: ويلحق بما تقدم فائدة عظيمة النفع في التوحيد، وهي أنه يليق بكل ذي عقل وافر، وعلم راسخ، من أهل الدين المستبين، والمعرفة الحقيقية واليقين، عند أن يلقي إليه الشيطان ـ نعوذ بالله منه ـ الوسوسة، ويبعثه على التفكر في ذات الباري ـ جل /249

80 / 143
ع
En
A+
A-