: {فَقُلْ تَعَالَوْا } [آل عمران:61]..الآية دعا رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: ((اللهم هؤلاء أهلي)) أخرجه الحاكم عن عامر بن سعد، عن أبيه؛ وقال: حديث صحيح.
ورواه عن سعد قال: لما نزلت هذه الآية (ندع) دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي)) [أخرجه] مسلم والترمذي، كلاهما في الفضائل؛ أفاده في الإقبال عن كتاب كشف المناهج؛ قال: للعلامة صدر الدين محمد بن إبراهيم السلمي الشافعي. انتهى.
قال: الخامس: أنه أتى بالجملة مكررة للتأكيد؛ ليرفع توهم دخول الغير، كما هو شأن التأكيد اللفظي عند أهل اللغة.
السادس: دفعه لأم سلمة ـ رضي الله عنها ـ بأن قال لها: ((مكانك أنت إلى خير)).
وفي بعض الأخبار: ((لست من أهل البيت أنت من أزواج النبي)) ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وفي بعضها: ((أنت ممن أنت منه)) دلّ بإخراجها على خروج جميع الزوجات؛ وأيضاً علل إخراجها بأنها من الزوجات.
فإن قلت: إن في بعض الأخبار عن أم سلمة قالت: يارسول الله، ألست من أهل البيت؟
قال: ((بلى فادخلي في الكساء)) فدخلت.
قلت: الجواب عنه من وجوه ثلاثة:
الأول: أن رواية دفعها أكثر وأصرح، فكانت أولى وأرجح.
الثاني: أنه لم يشر إليها معهم بقوله: ((هؤلاء أهل بيتي)) ولم يدعُها؛ وأيضاً قالت: فدخلتُ بعدما قضى دعاءه لابن عمه، وابنيه وفاطمة؛ فعرفت أن دخولها كان على جهة التبرك فقط.
الثالث: أنه ماأدخلها إلا على وجه الإيناس، وتجنباً للإيحاش؛ بدليل أنه /56
ما أدخلها إلا بعد أن سألته؛ ثم إن في الروايات الأخر، مثل: رواية أبي الحمراء وغيره، أنه كان يأتي إلى باب علي وفاطمة ثمانية عشر شهراً أو تسعة أشهر ويتلو الآية؛ ولم يكن في البيت أم سلمة ولاغيرها؛ وهكذا ماقاله في حق واثلة بن الأسقع؛ فظهر أنه لم يرد إلا الإيناس.
قلت: كما ورد من نحو: ((سلمان منا أهل البيت))، ((وشيعتنا منا)) مما يعلم قطعاً أن ليس المراد في الأحكام الخاصة على الحقيقة، وإنما هو في الاتصال والانضمام.
قال الإمام ـ رضي الله عنه ـ: السابع: أنه لو أريد غيرهم في الآية، لما دعاهم وحدهم ولما أشار إليهم وحدهم؛ بل يكون ذلك الفعل والحكم بأنهم أهل البيت وحدهم، تلبيساً وخيانة في التبليغ؛ وحاشا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ عن ذلك؛ فيقطع حينئذ مع هذه الوجوه بخروج غيرهم عن أن يكون من أهل البيت، سواء كنّ الزوجات أو الأقارب، كبني العم أو نحوهم، كما يقتضيه بيانه وإيضاحه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ للمقصود من الآية.
[دخول الذرية في مسمى أهل البيت(ع)]
فإن قلت: يعلم مما ذكرت أن أهل البيت هم الأربعة فقط، فلا يكون ذريتهم من أهل البيت كما ذكرت أنه يقتضيه البيان.
قلت ـ وبالله التوفيق ـ: إنما أراد بقصر الحكم على الأربعة، إخراج من عداهم من الموجودين في زمنه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - من الزوجات والأقارب، ولو وجد في ذلك الوقت أحد من ذريتهم لأدخله، ولكن لم يوجد إلا الأربعة؛ وأيضاً أهل البيت يتناول الآتين بعده ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ كما يتناول الموجودين في زمنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مثل ما أن لفظ الأمة تناول الآتين بعده ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ كما يتناول الموجودين في زمنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
ولنا على إدخال ذريتهم في جملة أهل البيت إيضاحاً لما تقدم ـ أدلة /57
[الكلام على المهدي المنتظر]
الدليل الأول قول النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة)) أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجه، عن علي.
وأخرج أبو داود ـ أيضاً ـ عن علي وقد نظر إلى الحسن ابنه وقال: (إن ابني هذا سيد كما سماه النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخُلق ولايشبهه في الخلق، يملأ الأرض عدلاً).
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم لطوّل الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي)).
وأخرج أبو داود، والحاكم، وابن ماجه، والطبراني، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((المهدي من عترتي من ولد فاطمة)) فدلّت هذه الأخبار على أن اللاحقين يكونون من أهل البيت كالسابقين.
والأحاديث في المهدي وكونه من أهل البيت متواترة.
قلت: الأخبار النبوية، والبشائر العلوية، بإمام الأمة، وختام الأئمة، المهدي لدين الله، محمد بن عبدالله ابن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أكثر من أن تحصر؛ والأمر فيه كما قال شارح نهج البلاغة، عند قول الوصي ـ صلوات الله عليه ـ قد لَبِس للحكمة جنتها؛ مانصه: وقد وقع اتفاق الفرق من المسلمين أجمعين على أن الدنيا والتكليف لاينقضي إلا عليه. انتهى.
وما زال أئمة آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ يبشرون به وينتظرون الفرج من الله تعالى بأيامه، يوصي بذلك أولُهم آخرَهم، ويبلغ سابقُهم لاحقَهم.
[أحاديث في المهدي (ع)]
قال أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ: (أولنا محمد بن عبدالله، وأوسطنا محمد بن عبدالله، وآخرنا محمد بن عبدالله).
فالأول محمد بن عبدالله النبي صلى /58
الله عليه وآله وسلم والأوسط محمد بن عبدالله النفس الزكية، والآخر محمد بن عبدالله المهدي؛ رواه الإمام المتوكل على الرحمن، أحمد بن سليمان (ع).
وبهذا وأمثاله من أوصافه المعلومة يتبين أنه ليس الإمام المهدي النفس الزكية (ع) وإن كانت البشارات وردت به؛ فإنما هي كالبشارات الواردة في غيره؛ كالإمام الأعظم زيد بن علي، والإمام نجم آل الرسول، وحفيده الهادي إلى الحق وغيرهم ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ وليس بالمهدي الذي وعد الله به الأمة، وختم به الأئمة.
وقال أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ: وإلينا مصير الأمر وبمهدينا تنقطع الحجج؛ خاتم الأئمة، ومنقذ الأمة؛ رواه المسعودي في مروج الذهب، عن الصادق، عن آبائه، عن علي (ع).
وروى الحافظ أبو علي الهمداني، من حديث علي بن علي الهلالي، عن أبيه قال: دخلت على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في الحالة التي قُبض عليها؛ فإذا فاطمة عند رأسه، فبكت عند رأسه حتى ارتفع صوتها، فرفع ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ طرفه إليها، فقال: ((حبيبتي فاطمة ماالذي يبكيك؟)).
فقالت: أخشى الضيعة من بعدك.
فقال: ((ياحبيبتي، أما علمت أن الله اطلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبياً برسالته؛ ثم اطلع عليها اطلاعة فاختار منها بعلك، وأوحى إلي ان أنكحك إياه؛ يافاطمة، ونحن أهل بيت قد أعطانا الله خمس خصال لم يعطها أحداً قبلنا ولايعطيها أحداً بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرمهم على الله عز وجل، وأحب المخلوقين إليه، وأنا أبوك؛ ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله تعالى، وهو بعلك؛ وشهيدنا خير الشهداء وأحبهم إلى الله تعالى، وهو حمزة بن عبدالمطلب، عم أبيك وعم بعلك؛ ومنا من له جناحان أخضران يطير في الجنة حيث يشاء مع الملائكة، وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك؛ ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما؛ والذي بعثني بالحق، إنّ منا /59
مهدي هذه الأمة؛ إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبيرهم يرحم صغيرهم، ولاصغيرهم يوقّر كبيرهم، فيبعث الله ـ عز وجل ـ عند ذلك من يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غلفاً؛ يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمتُ به في أول الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً)).
انتهى من شرح التحفة، للسيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير، وهو في ذخائر العقبى للمحب الطبري الشافعي، والأمير ناقل منها.
وروى نحوه ابن المغازلي، عن أبي أيوب ـ رضي الله عنه ـ وفيه: ((إن الله عز وجل اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار منها أباك فبعثه نبياً؛ ثم اطلع إليها ثانية فاختار منها بعلك، فأوحى إلي فأنكحته واتخذته وصياً؛ أما علمت ـ يافاطمة ـ أن لكرامة الله إياك زوجك أعظمهم حلماً، وأقدمهم سلماً، وأعلمهم علماً)).
إلى قوله: ((يافاطمة، له ثمانية أضراس ثواقب: إيمان بالله، ورسوله، وحكمة، وتزويجه فاطمة، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، وقضاؤه بكتاب الله ـ عز وجل ـ)) إلى قوله - صلوات الله عليه وآله -: ((نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك، ووصينا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمك، ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وهو جعفر ابن عمك، ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك، ومنّا ـ والذي نفسي بيده ـ مهدي هذه الأمة))؛ رواه في تفريج الكروب.
قلت: والاطلاع من الله تعالى مستعار؛ لتوجه الحكم بالاختيار في تلك الحالة، أو نحو ذلك من وجوه التأويل؛ إذ لايمكن حمله على الظاهر بمقتضى الدليل.
وفي تخريج الشافي، بعد أن ساق الرواية للخبر الأول من تحفة الأمير مالفظه: وروى مايقاربه ابن المغازلي عن أبي أيوب الأنصاري، ورواه عيسى بن حفص بطريقه إلى أبي أيوب إلى قوله: ((ومنا مهدي هذه الأمة)) ذكره في الكامل المنير؛ ورواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده /60
إلى أبي أيوب؛ والاختلاف في الروايات يسير؛ ورواه أبو القاسم محمد بن جعفر، في كتابه إقرار الصحابة، بسنده إلى عثمان، انتهى.
[صفات المهدي ومدته (ع)]
هذا، وروى في تفريج الكروب ((أبشروا أبشروا؛ إنما أمتي كالغيث، لايدرى آخره خير أم أوله؛ أو كحديقة أطعم منها فوج عاماً؛ لعل آخرها فوجاً يكون أعرضها عرضاً، وأعمقها عمقاً، وأحسنها حسناً؛ كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها؟ ولكن بين ذلك ثبج أعوج، ليسوا مني ولا أنا منهم)) أخرجه النسائي عن جعفر بن محمد عن آبائه مرفوعاً.
((أبشروا بالمهدي رجل من قريش من عترتي يخرج في اختلاف من الناس وزلزلة؛ فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، ويقسم المال صحاحاً ـ قال: بالسوية ـ، ويملأ قلوب أمة محمد غنى؛ ويسعهم عدله)) إلى قوله: ((فيلبث في ذلك ستاً أو سبعاً أو ثمانياً أو تسع سنين، ولاخير في الحياة بعده)) أخرجه أحمد والباوردي عن أبي سعيد.
قلت: وما ورد من تقدير مدته بالست إلخ المراد فيه على حالة مخصوصة، أشار إليها في الخبر؛ لاجميع أيامه؛ وقد ورد مايدل على ذلك كما في قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((المهدي من ولدي، وجهه كالقمر الدري؛ اللون لون عربي)) إلى قوله: ((يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً؛ يرضى بخلافته أهل السماوات والأرض والطير في الجو؛ يملك عشرين سنة)) أخرجه الديلمي في الفردوس، عن حذيفة، مرفوعاً.
قلت: وفي الجواهر: أخرجه الروياني وكذا الطبراني؛ وعند أبي نعيم والديلمي في مسنده: وعن حذيفة رفعه ((يلتفت المهدي وقد نزل عيسى بن مريم (ع) كأنما يقطر من شعره الماء، فيقول المهدي: تقدم فصل بالناس، فيقول عيسى (ع): إنما أقيمت الصلاة لك؛ فيصلي خلف رجل من ولدي)) وذكر باقي الحديث؛ أخرجه الطبراني. انتهى /61
فهذا منطوق صريح بالزيادة، وليس في الأول ونحوه، إلا مفهوم عدد، مع إمكان تأويله كما سبق؛ وهذا الحديث أيضاً محتمل للزيادة والأمر واضح.
وروي: ((المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف؛ يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً)) أخرجه أبو داود والحاكم في المستدرك عن أبي سعيد، انتهى.
وعن علي (ع) ((المهدي منا، يُخْتَمُ الدين بنا كما فُتِحَ بنا)) أخرجه الطبراني ورفعه؛ رواه في السبل الأربعة عن السمهودي؛ وفيه: قال: وعن نعيم بن حماد، عن علي ـ كرّم الله وجهه ـ قال: المهدي بالمدينة من أهل بيت النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ اسمه اسم نبي، ومهاجره بيت المقدس؛ أكحل العينين، بَرّاق الثنايا، في وجهه خال، في كتفه علامة النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يخرج براية النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من مرط حلة سوداء مرقعة، فيها حجر، لم تنشر منذ توفي النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ولاتنشر حتى يخرج المهدي؛ ويمده الله ثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفه وأدبارهم؛ يبعث وهو مابين الثلاثين إلى الأربعين)).
إلى قوله: قال: وفي حديث آخر عند الحاكم في صحيحه: ((يحل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم)) إلى قوله: ((فيبعث الله رجلاً من عترتي من أهل بيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يحبه ساكن السماء وساكن الأرض)) إلى آخره. انتهى.
قال الأمير الناصر للحق، حافظ العترة، الحسين بن بدر الدين (ع) في ينابيع النصيحة: وعن أنس، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((نحن سادات أهل الجنة، أنا، وعلي، وجعفر بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، والحسن، والحسين، والمهدي)).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أول سبعة يدخلون الجنة: أنا، وحمزة، وجعفر، وعلي، والحسن، والحسين، والمهدي محمد بن عبدالله)) انتهى.
قلت: وروى خبر سادات أهل الجنة الأول الطبري، وقال: أخرجه ابن السري عن أنس؛ ورواه ابن المغازلي أيضاً عن أنس بلفظ: ((نحن بنو عبد المطلب)) إلى ((الحسن والحسين)) أفاده في /62
تفريج الكروب؛ وروى الخبر الأول إلى قوله: ((والمهدي)) في الجواهر، وقال: أخرجه السدي، والديلمي في مسنده. انتهى.
قال في السبل الأربعة: وحديث خروج المهدي وظهوره ـ في كتب المحدثين من أهل الصحاح وغيرهم؛ وذكروا أنه يحثو المال حثواً، ولا يعدّه عداً.
قال: ووجدت في بعض الكتب ـ ورواه عن الإمام الناصر الأطروش (ع) أن المهدي (ع) في بعض شعاب اليمن، أو كما قال؛ ولا بُعْدَ ولا مناقضة بين الأحاديث؛ لأنه يمكن أنه قبل ظهوره يكون سائحاً متنقلاً، من المدينة، إلى بيت المقدس، إلى مكة، إلى اليمن، والله أعلم.
قال: فإذا عرفت هذا، عرفت أن أهل البيت النبوي سلسلة منوط بعضها ببعض، لاتنفك حلقة عن حلقة منها، من زمن رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - إلى قيام المهدي، إلى ورود الحوض على النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - كما أخبر ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ عن الله تعالى، أن كتاب الله وعترة رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - لايفترقان حتى يردا عليه الحوض.
قال: وهذا الحديث من المعجزات الغيبية، التي مخبرها كما أخبر به الصادق الأمين؛ فإنهم كما سمعنا في الأخبار والسير، وشاهدنا؛ وهم الحجج في كل زمان وحين.
قال: حتى لقد انقرض سلطان قريش بأجمعها، إلا سلطان العترة النبوية، فإنه ظاهر في كل زمان إلى يوم الدين.
...إلى آخره.
قلت: ونختم الكلام في خاتم الأئمة بما قاله إمام اليمن، الهادي إلى أقوم سنن، يحيى بن الحسين بن القاسم ـ صلوات الله عليهم ـ في الأحكام، وهو مانصه: وبلى وعسى؛ فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً؛ عسى الله أن يرتاح لدينه، ويعز أولياءه ويذل أعداءه؛ فإنه يقول عز وجل: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)} [المائدة]، وفي ذلك ما يقول رسول رب /63
العالمين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((اشتدي أزمة تنفرجي)).
[نجم آل الرسول (ع) يمدح المهدي (ع)]
وفي ذلك مايقول جدي القاسم بن إبراهيم (ع):
عسى بالجنوب العاريات ستكتسي .... وبالمستذل المستضام سينصرُ
عسى مشرب يصفو فتروى ظمية .... أطال صداها المنهل المتكدرُ
إلى قوله:
عسى الله لاتيأس من الله إنه .... يسير عليه مايعز ويكبرُ
إلى قوله:
عسى فرج يأتي به الله عاجلاً .... بدولة مهدي يقوم فيظهرُ
وقال (ع): المنتظر للحق والمحقين، كالمجاهد في سبيل رب العالمين؛ وفي ذلك ما بلغنا: عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أنه قال: ((من حبس نفسه لداعينا أهل البيت أو كان منتظراً لقائمنا، كان كالمتشحط بين سيفه وترسه في سبيل الله بدمه)).
وقال بعد أن أطنب في صفات الإمام المهدي ـ صلوات الله عليهما ـ:
كريم هاشمي فا .... طمي جامع القلبِ
رؤوف أحمدي لا .... يهاب الموت في الحربِ
يرى أعداؤه منه .... حذار الموت في الكربِ
شجاع يُتْلِفُ الأروا .... ح في الهيجاء بالضربِ
رحيم بأخي التقوى .... شديد بأخي الذنبِ
حكيم أُوتي التقوى .... وفصل الحكم في الخطبِ
بعدل القائم المهدي .... غوث الشرق والغربِ
[مخرجوا أخبار النجوم والأمان]
عدنا إلى تمام الكلام.
قال الإمام الناصر عبد الله بن الحسن (ع): الدليل الثاني /64
قول النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض؛ فإذا ذهب أهل بيتي من الأرض ذهب أهل الأرض)) أخرجه أحمد بن حنبل عن علي (ع) وعمار ـ رضي الله عنه ـ وأخرج معناه الطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد؛ ولم يخرجاه.
فلو كان أهل البيت الأربعة فقط، لكان قد ذهب أهل الأرض.
قلت: أخبار النجوم والأمان شهيرة رواها الإمام الهادي إلى الحق في الأحكام وكتاب معرفة الله، والإمام الرضا علي بن موسى الكاظم بسنده المتصل عن آبائه(ع)، والإمام أبو طالب، والإمام الموفق بالله، والإمام المرشد بالله، والإمام المنصور بالله (ع) بأسانيدهم، وصاحب جواهر العقدين عن سلمة بن الأكوع وقال: أخرجه مسدد وابن أبي شيبة وأبو يعلى والطبري في ذخائر العقبى عن سلمة أيضاً؛ وصاحب الجواهر أيضاً عن أنس قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض؛ فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات مايوعدون)).
قال: أخرجه ابن المظفر من حديث عبدالله بن إبراهيم الغفاري.
وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((النجوم أمان لأهل السماء)) الخبر بلفظ ماتقدم أخرجه أحمد في المناقب؛ وهو في ذخائر العقبى بلفظ: قال: وعن قتادة، عن عطاء، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف؛ فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب الشيطان)) قال: أخرجه الحاكم؛ وقال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد.
قلت: وهذا الخبر يفيد أن متابعتهم أمان من الاختلاف، كما أن وجودهم /65