وقال: إلهي ما لنا من عمل صالح نتوسل به إليك، إلا أني أتوسل إليك، وأبتهل بين يديك، وأسألك بجاه كتابك هذا الكريم أن تجيرنا من النار.
وقيل: هذا ديدنه بعد كل صلاة فريضة، وكان لايملك شيئاً من الدنيا سوى ثيابه التي يلبسها.
وأما كراماته: فهي جمة العدد، أذكر منها كرامة، وهي كافية، وهي: ما روى لي الثقة الأمين أحمد ابن خالي الهادي بن الإمام يحيى بن حمزة، أن رجلاً من أهل تلك الناحية، في جربة له حَجَرَة عظيمة، أعياه كسرها؛ فوقع في نفسه أن يتلطف للسيد الإمام علي بن المرتضى بن المفضل؛ ليصلي عليها، لعل الله ييسر ببركته كسرها؛ فساعده السيد الإمام وارتقى عليها، وتوجه وصلى؛ فلما بلغ الشهادة بالوحدانية، شهد بها من صميم فؤاده (ع)، فتفلقت الحجر من تحته، من عظم يقينه، ووقوع الشهادة على إرادة الله ـ تبارك وتعالى ـ فانزعج الناس من قعقعة الحجر، فوصلوا فوجدوها قد مرت قطعاً قطعاً.
وهذه ـ والله ـ كرامة عظيمة، وآية كبرى؛ أعاد الله من بركاته.
قلت: وقد ترجم للسيد الإمام المجتبى، علي بن المرتضى، في الطبقات، ذكر فيها: أن وفاته في شعبان، سنة أربع وثمانين وسبعمائة؛ ولولده إبراهيم، ووفاته سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، قبل والده علي بن المرتضى (ع)، وذكر لهذه الكرامة ما يناسبها، أن بعض الفضلاء ذكر كلمة الإخلاص في مسجد الجامع، فتصاكت قناديل المسجد، حتى تكسرت بعضها في بعض، فانزعج إخوانه، فقال: إني معتقد أن السواري تصاك بعضها في بعض؛ ولقد عجبتم من القناديل.
لله أهل الأسرار والإخلاص، واليقين الخاص!
قال: وأروي عن السيد الإمام الواثق بالله المطهر ابن أمير المؤمنين محمد /220

بن المطهر، قال لي يوماً: يا ولدي، إن لي أخاً في الله ـ تعالى ـ يقال له: محمد بن يحيى القاسمي من شظب.
قلت: هو شارح أبيات الإمام الفخرية الذي تقدم، وكان يناسب ذكر هذا فيما سبق، ولكن قصدت أن يكون هذا البحث جامعاً لما يتيسر الإتيان به من كراماتهم؛ نفع الله ـ تعالى ـ ببركاتهم.
(رجع) وهو زوج كريمة السيد الإمام علي بن المرتضى ـ أعاد الله من بركاتهم الجميع ـ ولم أسمع ـ يا ولدي ـ ولا أرى بأفضل منه علماً، وخوفاً، وورعاً، وزهداً، وعبادة، وفقراً، وتوكلاً، وتفويضاً، ورضى بالله.
قلت: هي من الأمور النسبيات، والله الموفق.
قال: سمعته غير مرة يقول: توضأ أخي محمد في بركة في شظب، فوقع في نفسه من الخوف ما كاد يقبضه، فقال: إلهي وسيدي، إن علمت أن اعتقادي فيك وفي توحيدك على وفق إرادتك، فأسألك أن تريني كرامة أطمئن بها، وأزداد يقيناً، يقع عليّ مطر يسيل السيل ويدخل هذه البركة حتى تفيض.
قال السيد الواثق بالله (ع): فما قام من مقامه حتى وقع عليه المطر، وكان كثير التشكك في الطهارة، ودخل السيل، وامتلأت البركة، فوجده جذلاً فرحاً، وقد أردمه المطر والسيل.
هذه كرامة وبشارة لهم، ولمن يحبهم ـ إن شاء الله تعالى ـ.
---
[كرامة لإبراهيم بن أبي الفتوح]
وأروي قريباً من هذه الرواية، ما رواه لي حيّ إبراهيم بن أحمد الكينعي ـ رحمه الله تعالى ـ عن القاضي الفاضل محمد بن إبراهيم، ووجدتها معلقة معه؛ لأنه كان كلّما يقرب إلى الله ـ تعالى ـ يحب إظهاره ما لفظه:
أقول ـ وأنا العبد الفقير إلى الله تعالى، محمد بن إبراهيم بن أبي الفتوح /221

الزيدي ـ: كنت واقفاً أنا ووالدي إبراهيم ووالدتي، وامرأة لأبي أيضاً، في صرح دار، نحن فيها ساكنون، ببيت حاضر، من أعمال صنعاء، وفوق الصرح مخزان مغلق، وفوقه سقف آخر، والشمس حامية، ولاسحاب في السماء نراه، إذ نبع علينا ماء من وسط الخشبة، لا من حولها بل من نفسها، حتى سال من الخلوة إلى الحجرة، ومن الحجرة إلى الدرج؛ فارتعنا وحارت أفكارنا، فهمّت والدتي أن تصيح بالناس.
فقال والدي ـ رحمه الله ـ: اسكتوا، ما أحد يدري بهذا غيري.
فقلنا: أخبرنا.
ولازمناه مدة مديدة، نحواً من خمس أو ست سنين، حتى أتيت من شبام، من القراءة على حي الفقيه الإمام أحمد بن علي مرغم، فلقيني والدي إلى قريب من صنعاء، فوقفت معه تحت حجرة في بلاد سنحان، فسألته بالله ليخبرني عن ماء الخشبة، فقال: ياولدي إني ختمت القرآن في تلك الليلة، وسألت الله ـ تعالى ـ إن كان راضياً علي، وراضياً بفعلي واعتقاداتي، أن يريني آية باهرة، أزداد بها يقيناً، وتكون لي بشارة، فخرج الماء من الخشبة.
وأنا أشهد لكم بهذه الشهادة عن أبي، وعن مشاهدة الماء يخرج من نفس الخشبة.
قال: فقلت له: يا أبه، كيف اعتقاداتك أعتقد بها؟
فقال: ياولدي، كما قيل:
لو شُق قلبي للقي وسطه .... سطران قد خُطّا بلا كاتبِ
العدل والتوحيد في جانبٍ .... وحبّ أهل البيت في جانبِ
إن كنتُ فيما قلتُه كاذباً .... فلعنة الله على الكاذبِ
وكان هذا القاضي إبراهيم نفع الله ـ تعالى ـ به من علماء الكلام المبرزين فيه، وفي أصول الفقه، والفقه، والعبادة، وتلاوة الكتاب العزيز.
قلت: ترجم له في مطلع البدور، وافتتح به أول الكتاب؛ تيمناً /222

بالفتوح، ولم يذكر وفاته، وذكر كرامته هذه.
[ترجمة المهدي بن القاسم بن المطهر ـ والد مؤلف الصلة]
قال في صلة الإخوان: سمعت أبي المهدي بن قاسم يقول: كرامات أهل البيت أبلغ، وأكثر من غيرهم.
قلت: والده هو السيد الإمام، الصوام القوام، علم سادات الأنام، خليفة زين العابدين، المكرم بالكرامات من رب العالمين، المهدي بن القاسم بن المطهر (ع)؛ كان يُؤَهّل للإمامة، ويرجى للزعامة، وطولب للقيام بأمر الأمة، بعد وفاة الإمام يحيى بن حمزة (ع)، فامتنع، وكان الغاية في زمانه في العلم، والعمل، والزهد، والورع، وقد شوهد النور في مشهده يسطع، من قبره إلى عنان السماء؛ توفي بصنعاء اليمن، واتخذ عليه وليه وأخوه في الله، سعيد بن منصور الحجي، مشهداً، ودفن بجنبه شيخ إبراهيم الكينعي، وهو العالم العابد الزاهد، قرين الإمام يحيى بن حمزة (ع) في درس العلوم، إمام العباد، وسيد الزهاد، الولي الرباني، حاتم بن منصور الحملاني.
قال: روى لي سيدي إبراهيم بن أحمد الكينعي ـ رحمه الله ـ قال: صلى حاتم بن منصور زهاء أربعين سنة بالجماعة إماماً، ماترك صلاة واحدة بالجماعة يعلمها؛ ولا مدة الأربعين سجد لسهوه إلا ست مرات، وما يدع البكاء في الصلاة الجهرية والمخافتة، وما يترك صلاة التسبيح في اليوم في وقت الضحى، ولا في الليلة مرة، حتى لقي الله تعالى.
...إلى قوله: وكان لاتأخذه في الله لومة لائم؛ جاءه يوماً أمير صنعاء وملكها، معتذراً في حد سارق أخذ على أخ من إخوانه ثوباً في الليل، فسلم على الفقيه، وأراد تقبيل يده، فانزوى عنه الفقيه، وعن مسّ يده، كأنها ثعبان، فقال: ياسيدنا، قد فعلنا بهذا السارق وصنعنا.
فقال الفقيه ـ أعاد الله من بركاته ـ: ياعبد الله، هذا السارق يأخذ الناس /223

بالليل، وأنت تأخذهم بالنهار.
فبهت ذلك الأمير، وولى منكسر القلب...إلخ.
وقد سبق ذكرهم، وترجموا لهم في كتاب الصلة، وطبقات الزيدية، ومطلع البدور، وأفادوا ما حررته ـ رضي الله عنهم ـ.
[أفراد ممن اتصل بهم يحيى بن المهدي بالحرم الشريف]
قال السيد الإمام يحيى بن المهدي: من طلب الله صادقاً وجده؛ سافرت للحج إلى بيت الله مع سيدي إبراهيم بن أحمد، سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، في رفقة من إخواني وأحبائي، منهم: السيد الهادي بن علي بن حمزة العلوي، والسيد الأفضل، معدن الفخار، ودرة آل محمد المختار، محمد بن أحمد بن الناصر ابن أمير المؤمنين أحمد بن الحسين (ع)، والشيخ الصالح، الأواه المنيب، محمد بن علي بن الأسد؛ ومنهم: أخي وقرة عيني أحمد بن المهدي بن قاسم، وهو مبرز في العلوم، مشمّر في طاعة الحي القيوم، حج وهو ابن ست عشرة سنة؛ ومنهم: الفقيه الصالح يحيى بن أسعد اللوز؛ وشاهدنا في سفرنا من الكرامات والفتوحات، والحمايات والكفايات، في البر والبحر، ما لايمكن شرحه لسعته.
قال: فمن أفضل ما رأيت من المجاورين.
قلت: كذا في الصلة (ما رأيت) ولعله باعتبار صفتهم، كما في قوله ـ عز وجل ـ: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)} [الشمس:5]..الآيات، وإلا فكان الأولى (مَن) لأنها لذوي العلم.
قال: ثلاثة نفر، منهم: رجل عالم فاضل، خائف مراقب، يقال له: شمس الدين المصري ـ وفقه الله تعالى ـ واخيته وأحبه قلبي، فرأيته يوماً في الحجر الكريم، فقال لي: ما أنت؟
فقلت: فقير مذنب.
قال: ما أريد هذا، أنت محمدي؟
فقلت: نعم.
فاستلقى على قفاه إلى جدران الحجر، وقال: بخٍ بخٍ لكم آل محمد، أهل الشرف والوفاء، والتحقيق والصفاء.
فلازمني في الصحبة.
قال: والثاني: شيخ من الهند، حنفي المذهب، يقال له: نجيب، كاسمه، /224

عمره قريب من المائة السنة، جاور في مكة ثلاثاً وعشرين سنة، يعتمر في كل يوم عمرة، ماشياً على قدميه.
قلت: يحمل على غير أيام الاشتغال بالحج، وأيام التشريق؛ كما لايخفى.
قال: قد رصدته مراراً يطوف، ويسعى في الصفا والمروة، وتحت الميزاب، يصلي على ملائكة الله وأنبيائه وأوليائه؛ ثم يقول: اللهم الطف بآل محمد، وتقبل منهم، وارفع عندك منزلتهم، وأكرم لديك جوارهم؛ اللهم اجعل دينهم قاهراً لجميع الأديان، اللهم أغن فقيرهم، وتجاوز عن مسيئهم، اللهم الطف بأهل الحرمين الشريفين والمجاورين.
ويدعو لهم بدعاء حسن، ثم يدعو للمسلمين والمسلمات؛ ما سمعته يدعو لنفسه قط.
أضافني ليلة، ونزل معي إلى باب بيته، فقلت له: إنك شيخ كبير، معذور مشكور.
فقال: والله يا سيدي لو قلعت عيني لتطأ عليها، ما أديت لكم حقاً ـ يا آل محمد ـ.
يقولون في مكة: السيف المسلول، الشيخ نجيب.
وسمعت من يقول في المسعى: وحق شيبة نجيب، أعاد الله من بركاته.
قال: الثالث منهم: الشيخ حسن بن محمود الشيرازي، رجل فاضل، طويل القامة، حسن الخَلق والخُلق، يلبس البياض، قميص وعمامة بيضاء يسدلها، كعمامة الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ نور الإيمان على وجهه، وسيماء الصالحين قد شمله؛ يسكن في رباط الزيدية بمكة، ووقع بيننا وبينه التعارف أولاً بالقلوب، ثم الأشخاص؛ فوجدناه صالحاً، له أسرار عجيبة، وتنويرات غريبة، لايزال تحت سارية في الحرم الشريف قاعداً، أكثر عبادته التفكر والذكر الخفي، مجاوراً للبيت العتيق، خمس عشرة سنة.
قال: وله كرامة عجيبة، من وقع في نفسه شيء ـ من أحبابه فقط ـ حاجة /225

من الله، أو ضمير يضمره؛ بيّت الحاجة، وأخبر الصبح بما سمع فيها.
قلت له: ياسيدي شرف الدين، سألت الله ـ تعالى ـ حاجة أحب أن تلازم الله ـ تعالى ـ في قضائها، وتخبرني بكرة غدٍ ـ إن شاء الله تعالى ـ.
فقال: بسم الله.
وارتسم بالسمع والطاعة؛ فبيّت لي، وكان بكرة في الحرم الشريف وجدني، فصافحني ولزم على يدي، وأخبرني، قال: هذه الليلة، رأيت في منامي، أني واقف تحت العرش العظيم، والملائكة صافون من حوله، فقلت: سيدي شريف يحيى بن مهدي يسأل الله حاجته.
فقالت الملائكة (ع): نعم، طلب ولداً صالحاً؛ يحصل ـ إن شاء الله تعالى ـ عن قريب؛ فإذا حصل سماه أبو العطايا.
وقال لي سيدي شريف: هذه حاجتك؟
فقلت: إي والله.
قلت: في الأصل: سماه أبو العطايا (بالواو)، فإما أن يكون أصل وضعه على حكاية الرفع ـ وهو في العربية كثير ـ وحكاه الشيخ على لسانه، فقد أفاد أنه أقرب إلى العجمة، وهو ظاهر في خطابه؛ أو من تغيير النساخ، وقد تصرفت في هذا النقل من كتاب الصلة في مواضع للاختصار ـ كما أشرت إليه ـ والاصلاح، والله الموفق.
ثم ذكر أنه سأله حاجة أخرى فأخبره.
قال: وكان يعظم أخي أحمد، ويقول: له شأن عظيم، وحال قوي.
قال: فحصل الولد المبارك عبدالله، وسميته: أبو العطايا ـ كذا في الأصل كما سبق، قال:ـ تبركاً بكلامه، بعد إيابنا من بيت الله العتيق؛ وشرح لي أنه يكون صالحاً، عالماً، ثقة، زاهداً.
قال: وهذا ولدي عبدالله أبو العطايا مجتهد في طلب العلم، قد نقل من المختصرات خمسة كتب غيباً، وعمره اثنتا عشرة سنة؛ وفي سنة خمس وتسعين /226

قد عزم على غيب القرآن الكريم، وكثيراً ما يلازمني في الحج إلى بيت الله الحرام، ويشتاق إليه؛ بلغ الله فيه أملي وأمل إخواني، وفقه الله لصالح القول والعمل، وعصمه عن الجهل والخطأ والزلل، بمحمد وآله وبملائكته أتوسل، أن يجعله ممن اهتدى وأناب، ومن أهل الحكمة وفصل الخطاب، آمين آمين، وصلى الله على محمد وآل محمد وسلم، والحمد لله رب العالمين.
قلت: وهذه خاتمة الكتاب، والحمد لله الملك الوهاب؛ اللهم وإياك نسأل، وبجلالك وأسمائك الحسنى وآياتك العظمى نتوسل، أن تصلي وتسلم على رسولك وآله، وأن تجعلنا ومن شاركنا في دعائنا من المؤمنين، من المهتدين بأنوارهم، والمقتدين بآثارهم، والمتبعين لهم بإيمان وإحسان، والمرافقين لهم في دار الرضوان، وأن تعيد علينا من بركاتهم، وتفيض علينا من نفحات كراماتهم، وتشركنا في صالح أعمالهم ودعواتهم، وتلحقنا بهم صالحين، وتلطف بنا وبالمؤمنين في الدارين، وتظهر كلمة الدين، وتنصر الحق والمحقين، وتحمي حوزة الإسلام والمسلمين، وتؤيد شريعة سيد المرسلين؛ بحقك يا إله الحق آمين.
[ترجمة للسيد أبي العطايا]
هذا، وقد بلّغه الله تعالى في ولده أمله، وحقق رجاءه، واستجاب له دعاءه؛ فصار السيد الإمام أبو العطايا عبدالله بن يحيى قدوة للمسلمين، وكعبة للطالبين، وإماماً للعلماء العاملين، ونجماً من نجوم العترة الهادين، وحافظاً لعلوم الآل الأكرمين.
قال السيد الإمام في الكلام فيه: وأجل تلامذته السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، والفقيه علي بن زيد /227

العنسي، والفقيه حسن بن مسعود المقرائي.
إلى قوله: ومحمد بن عبدالله، والد السيد صارم الدين، ويحيى بن أحمد مرغم.
قال تلميذه السيد صارم الدين: مولانا السيد الإمام، شيخ العترة الكرام في زمانه، ومفسرها، ومحدثها، ومفتيها، والمعتني بعلومها، صلاح الدين، بركة أهل البيت المطهرين، عبدالله بن يحيى بن المهدي الحسيني، الزيدي نسباً ومذهباً.
وقال القاضي ـ أي صاحب مطلع البدور، وهو المقصود كلما أُطلق هنا في هذا الكتاب كما سبق ـ: السيد الإمام الكبير، مُلْحِق الأصاغر بالأكابر، شيخ شيوخ العترة، ومفخر العصابة والأسرة.
إلى قوله: وحافظهم، متفق على جلالته؛ تخرّج عليه العلماء، وكان موئلاً للتحقيق؛ وبالجملة، فلا تفي عبارة بوصفه، له كرامات وفضائل.
قال السيد أحمد بن عبدالله: هو السيد العلامة، رباني العترة الكرام، إمام علوم الاجتهاد الإمامة الكبرى، بإجماع علماء عصره أجمعين.
وقال غيره: العالم الشهير، والفاضل الكبير، وكان مجتهد زمانه، وعالم أوانه.
قلت: في مطلع البدور: وأظن هذه الترجمة، أي قوله: العالم الشهير...إلخ، واضعها الإمام عز الدين بن الحسن (ع)، وأفاد أنه درس في العلوم ـ أي أقرأ ـ أربعة وخمسين عاماً.
قال السيد الإمام: يروي عن أبيه، عن الواثق بالله المطهر بن محمد بن المطهر، عن أبيه، عن جده.
قال: وبهذا الإسناد إلى الإمام محمد بن المطهر، عن الأمير المؤيد، عن /228

الأمير الحسين بن محمد بطرقه؛ ويروي عن أبيه، عن الإمام علي بن محمد (ع)...إلخ.
قلت: وفيما سبق وما يأتي من استناد العلوم إليه، ما يفي بتفصيل حاله؛ ولكن هذا على سبيل التأكيد، وقد كررت مثله في هذا الكتاب؛ ليكون الرجوع عند التباس الأمر في محلّ إلى آخر، والله ولي التسديد.
هذا، وقد بسطت القول في هذا البحث؛ لإرادة الاستبصار، وقصد الاعتبار، ولم تزل والحمد لله أنوار النبوة تشرق في جميع الأعصار، وأرواح عبيرها تعبق على الاستمرار، ورايات فضلها تخفق في الأقطار، على أهل البوادي والأمصار، ولن تزال على ذلك إلى اليوم الموعود، والحوض المورود، والمقام المشهود؛ وعد الله على لسان رسوله المختار ـ صلى الله عليه وعلى آله الأطهار ـ.
ولقد مَنّ الله ـ تعالى ـ علينا ـ وله المن ـ بإدراك جماعة، ومعاينة طائفة، من تلك العصابة الطاهرة، وأخبرونا تلقيناً ومشافهة، عن إدراكهم ومعاينتهم لجماعة وافرة، من النجوم الزاهرة، شموس الدنيا وشفعاء الآخرة؛ أجرى الله ـ جل جلاله ـ لهم الآيات البينات، والكرامات النيرات، من استجابة الدعوات، وكشف الكربات، وتظاهر البركات؛ ولو بسطت القول في ذلك لطال الكلام، ولكن يكون في كل محل ما يحتمله المقام؛ رضوان الله عليهم أجمعين، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
[السند إلى جميع مؤلفات الإمام المتوكل على الله المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي وترجمته]
هذا، وسبقت الأسانيد في طريق المجموع وغيره، إلى الإمام الأمجد، المتوكل على المنان، المطهر بن محمد بن سليمان الحمزي (ع). /229

78 / 143
ع
En
A+
A-