البخاري، إلى السيد شريف، يحيى بن المهدي الحسيني، ألهمك الله ذكره، وأوزعك شكره.
واعلم سيدي، أنه ورد في الأخبار: ((يموت المرء على ما عاش عليه، ويحشر على مامات عليه))، نسأل الله التوفيق، والموت على الإسلام، لنا ولأحبابنا، وحسن الخاتمة.
ومنه: الحمد لله، الذي أشرق نوره في قلوب أوليائه، فاستنارت به سماوات أرواحهم، وأرض نفوسهم وأشباحهم؛ الله نور السماوات والأرض ومن فيهن، ألسنتُهم بذكره لَهِجة، وقلوبهم بنوره بهجة؛ إن نطقوا فعنه، وإن استمعوا فمنه.
...إلى قوله: فهم معادن برازخ الأنوار، ومعادن الأسرار.
ومنه: العلماء ورثة الأنبياء إلى العلم بالله؛ لأن العلم بالله يورث الخشية؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر:28]، ولم تزل سلسلة الصلاح تمتد من وقت نبينا ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ إلى وقتنا هذا، ولن تزال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
فالله ـ تعالى ـ يحقق نسبتنا من هذه الطائفة، وأن يتوفانا على محبتهم، وأن يزيدنا منهم وداً، ولايجعلنا ممن نقض له عهداً، بمنه ولطفه.
ومن لطف الله بنا، وعوارفه علينا، أن جمعنا وعرفنا بشيخ زمان قطب المكان.
...إلى قوله: العالم العامل، الكامل بتكميل الله، إبراهيم بن أحمد الكينعي اليمني، فخر يمن، ويد الزمن.
...إلى قوله: أخي يحيى ـ أكرمه الله بالأسرار الربانية، والمعارف الإلهية ـ إن سيدي إبراهيم حجة من آيات الله؛ فضله عظيم، وكرمه عند الله جسيم، /210

زواره ملائكة الله، ومؤنسوه كرام الحضرة الإلهية؛ يشاهد ذلك عياناً، في المكة والبيت العتيق، وطريق العمرة؛ ولقد حظر علي ما شاهدت، ولولا ذلك لأخبرتك بعجيب غريب؛ ولعل الله الكريم المنان يجمع البين، ويدني الديار، ونفوز بلذة الأخوة الصالحة في الله...إلخ.
...إلى قوله: ما روى تلميذه وزميله في الحضر، ورفيقه في السفر، حسن بن موسى بن حسن، وقد تقدم ذكره، وفضله، قال: كنت مع سيدي إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ فقال: ياحسن، اعلم أن النوم ـ بحمد الله ـ قد ملكته بعد أن ملكني، إن شئت أن أنام نمت، وإن شئت ألا أنام ولو اضطجعت لم أنم، وإن شئت أن ينام جسدي وقلبي مع الله فعلت، وإن شئت ينام قلبي نام.
قلت: وليس في هذه الكرامات لأولياء الله - تعالى - حطّ ولا هضم ولا مقاربة، فضلاً عن المساواة، لدرجات أنبياء الله ـ تعالى ـ؛ لأن لهم ما هو أجل وأفضل، بل هذه دلالات نيرات، وآيات بينات، على تفضيلهم، وعظم محلهم، وشواهد ناطقة، وبراهين صادقة، على تأييد رسالاتهم، وتحقيق نبواتهم؛ لوقوعها لمتبع شرعهم، وملتزم دينهم؛ فهي كرامات لأولياء الله، ولاحقة بمعجزات رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم، وعلى جميع أنبياء الله ـ بل ولا تدل على فضل من وقعت له ممن ليس بإمام أو ليس من آل محمد، على الأئمة الهادين، والعترة الطاهرين؛ لكون هؤلاء الأفاضل الأكرمين من خُلّص أتباعهم، ولباب أشياعهم، المقرين بتفضيلهم، المتقربين إلى الله ـ تعالى ـ بمودتهم؛ بل هي دلالة على فضل آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ وبرهان على ما لهم عند الله ـ تعالى ـ من علو الشأن، وعظم المكان؛ ولا شك أن المتبوع أفضل، والمقتدى به، /211

المهتدى بهديه أجلّ، وكل له عند الله - تعالى - منزلة ومحل؛ وليست هذه الكرامات بمعجزات؛ إذ المعجز هو الواقع لمدعي النبوة، كما حقق ذلك في الأصول، والوقوع فرع الجواز عند ذوي العقول.
[التبكيت لمن يكذب بالكرامات]
وما يقع من الجهلة، الذين لا حظّ لهم في معرفة هذه المنزلة، من الردّ والتكذيب؛ وكذا ما قد يصدر ممن يتلبس بالعلم والمعرفة، من التشكيك والتردد، الدالين على بعدهم عن أهل هذه الصفة؛ فكل ذلك مدفوع بالبرهان، الذي ليس بعده بيان؛ إذْ منها ما هو ضروري بالمشاهدة، ومنها ما هو متواتر معلوم، ومنها ما هو ثابت الصحة بروايات الثقات العدول، كمثل ما في كتب أئمة الهدى، التي قدمنا أسانيدها، ومثل ما في هذا الكتاب، المتصل السند، ولعمر الله، إن المناكرة والجحد لهذا، لدليل على نكس القلوب، وأن صاحبها عن أنوار هذه الهداية محجوب.
[عودة إلى كرامات الكينعي وشيء من شعره]
هذا، وقد أورد في هذا البحث كثيراً عن بعض إخوانه، أنه قال له: هل تسرّنا بكرامة لك، تشرح صدورنا؟
فقال: إبراهيم ـ رضي الله عنهم ـ: إني إذا أردت أمراً أو سفراً، وسألت الله الخيرة، سمعت شخصاً يقول: افعل أو لاتفعل.
قال: ومما نقل من كلامه وخط يده، مما نحن بصدده: الحمد لله، الذي أسعدنا به عن غيره، وبه عن ذكره؛ لايعرف هذا ويصفه إلا من ذاقه، فمن لم يسلك الطريق، فلا يكن منه نكير على أهل التحقيق، فهي منح من الملك الجبار، يفيضها على من يشاء ويختار.
قال: ومما قاله إبراهيم ـ رحمه الله تعالى ـ:
ببابك عبدٌ واقفٌ متضرّعٌ .... مقِلّ فقيرٌ سائلٌ متطلعُ
حزينٌ كئيب من جلالك مطرق .... ذليلٌ عليل قلبه متقطّعُ
أنا الضارع المسكين ممدودة يدي .... إليك فما لي في سوائك مطمعُ /212

فؤادي محزون ونومي مُشَرَّد .... ودمعيَ مسفوح وقلبيْ مروّعُ
فلا تبلني بالبعد منك فإنه .... أشد بلاء الخائفين وأوجع
إذا رجع القصّاد منك بسؤلهم .... فيا ليت شعري كيف عبدك يرجع؟
[إخبار الهادي بن إبراهيم(ع) بمرض الكينعي ووفاته]
قال في الفصل الحادي عشر: وأما وقت وفاته، وموضع قبره، فإني لما علمت برجوعه إلى الله، ولقائه لمن يحب لقاه، أظلمت الأقطار، واسود النهار، وتزعزع الفؤاد، وانتزع العقل أو كاد، استرجعت واستغفرت، وحمدت الله تعالى على عظم المصيبة، وحلول الرزية، وقلت كما قال علي (ع):
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي .... أرحْني فقد أفنيتَ كلّ خليل
أراك بصيراً بالذين أحبّهم .... كأنك تسعى نحوهم بدليل
وكتبت كتاباً إلى السيد الإمام، جمال الملة المحمدية، وتاج إكليل العصابة الزيدية، وشمس أندية العلوم الربانية، آية الزمان، وبركة هذا الأوان، جمال الدين، الهادي بن إبراهيم بن علي بن المرتضى بن المفضل ـ مد الله فضله، ونشر بره، وأعاد من بركاته ـ استعلمه من مرضه ـ رحمه الله تعالى ـ ووقت وفاته، وأخبره بوضعي لهذا الكتاب، ويحقق لي حال إبراهيم الكينعي، وما شاهد من كراماته، وموضع قبره؛ فوصلني جوابه الكر يم، المسلي لكل قلب مكلوم أليم، أوله:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله على كل حال.
جواب من أسلمته ذنوبه، ولكن إلى رب كريم، وكتاب من أوبقته عيوبه، ولكن في سوح غفور رحيم.
إلى قوله /213

في وصف المؤلف ـ رضي الله عنهما ـ: وهداه بوهاج الزيادة، وعداه إلى منهاج العبادة، أخوه في الله، المحب له صدقاً ـ إن شاء الله تعالى ـ فيشتاق إليه شوق المطافيل إلى أولادها، ويحن إليه حنين العطافيل إلى أفلاذ أكبادها؛ علماً بأن في اجتلاء غرة الأخ الحبيب، المولع بكل عبد منيب، سلالة زين العابدين، يحيى بن المهدي بن زيد بن علي بن الحسين، جِلاء للقلوب، وبالنظر إليه انتفاء للكروب.
ولما وصلني كتابه، الذي فاقت أصوله، وراقت فصوله، كان فاتحاً للخيرات وصوله؛ أهلاً به من كتاب، طبق مفصل الثواب، وطابق مقصد السنة النبوية والكتاب.
ذكر سيدي ـ أيده الله ـ عنايته المرضية، بتأليف مختصر يحتوي حلية الصفوة الرضية، من هذه البرية، فاهتز القلب إلى ذلك نشاطاً، ومد الشوق إلى ما هنالك بساطاً.
...إلى قوله: ملك عُبَّادِ الملك الجليل، المتشبه بسميِّه إبراهيم الخليل، وما ذكر في مقام إلا فاحت نوافجه، وصعدت إلى الملأ الأعلى معارجه.
قلتَ ـ أيدك الله ـ: صف لي كراماته، وما انتهى إليّ من أحواله؛ فسبحان الله! أنى لي مِقْوَل يصوغ هذه الحلية الشريفة، أو قلم يحيك هذه البردة اللطيفة الظريفة؟ لساني عن بيان فضله كليل، وبراعتي لاتحسن صياغة هذا الإكليل؛ لكني أسلس قياد الطاعة، وأرتسم لما ذكره حسب الاستطاعة.
اعلم ـ وفقك الله ـ أنه لما وصل من جوار البيت العتيق، وقف فيه ثلاث سنين، ووصل إلى حَلْي، وابتدأه المرض فيه، ورفيقه العبد الصالح، التقي العابد، صبيح، مولى آل زيدان، وصل إلى ناحية جازان، شكى أهل الجهات تلك الجدب والعطش، فدعا لهم ولسائر أهل البلدان، فحصل ببركته ذلك المطر /214

العظيم، الذي عمّ البلدان كلها، يوم الأربعاء، في شهر ربيع الأول؛ فلما وصل قريباً من صعدة، قال لصبيح: إني رأيت لعشرة من إخواني الجنة، وأمرت أن أبشرهم ـ ثم رسم أسماءهم ـ قال: وأنت يا صبيح بن عبدالله.
ولما توفي ـ رحمه الله ـ خرج أهل صعدة كافة، السادة والعلماء، والفضلاء والأمراء، وأهل المدينة عن بكرة أبيهم إلا الشاذ؛ وكان ذلك اليوم بكرة نهار الأربعاء، ثامن وعشرين من شهر ربيع الأول، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
قلت: وقد سبق في التحف الفاطمية ، ولكن ساق إليه الكلام.
قال: وفي يوم موته تقدم السيد الإمام، دواد بن يحيى بن الحسين، صلى عليه؛ وهو الذي أوصى حي الإمام المهدي علي بن محمد أنه يتولى الصلاة عليه، وكان هذا من تمام لطف الله وتوفيقه.
وأما مكان قبره، فهو بالبقعة المباركة، رأس الميدان، غربي مدينة صعدة، قد عمر عليه صبيح هذا مشهداً، وهو مشهور مزور؛ ووقف صبيح بعده أياماً، وتوفي ودفن بمشهد الفقيه ـ رحمة الله عليهم، وأعاد من بركاتهم ـ.
قال: ثم إني أنشأت أبياتاً في ضريحه:
يا زائر القبر فيه بهجة الزمن .... العابد الصدر نور الشام واليمن
ثم أورد القصيدة (البديعة) التي قالها فيه، صدرها:
شجر الكرامة والسعادة أينعي .... للقاء سيدنا الإمام الكينعي
وهي سبعة وستون، آخرها:
يا نفس إبراهيم أنت كريمة .... في داره بدعائه لما دعي
أنتِ المرادة عند ربكِ فاسمعي .... بالمطمئنة حين قال لك ارجعي
قلت: يحمل على إرادة الجنس ـ أي هي وما شاكلها من المطمئنات ـ /215

والرواية واردة أن المراد بذلك نفس سيد الشهداء أسد الله، وعمّ رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ الحمزة بن عبد المطلب ـ رضوان الله وسلامه عليه ـ قال:
صلى عليك الله نفساً أُزْلِفَتْ .... بالخلد في غرف القصور الرفّعِ
قال السيد الإمام الهادي بن إبراهيم (ع): لكل مُثْنٍ عارفة جزاء، وعارفتي في هذه الأبيات على الله تعالى؛ انتهى كلامه.
وأنا أقول: لكل عامل جزاء، وجزائي في رسم فضائلهم، وما ينتفع به ـ إن شاء الله ـ في الدين، وجزاء من حصله من إخواني المؤمنين، والعلماء العاملين، على رب العالمين؛ وقدوتنا أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وأخو سيد المرسلين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ حيث يقول في آخر خطبته العظمى، التي سبق ذكرها: اللهم أنت أهل الوصف الجميل، والتعداد الكثير، إن تؤمل فخير مأمول، وإن تُرْجَ فأكرم مرجو.
إلى قوله ـ صلوات الله عليه ـ: ولكل مُثْنٍ على مَنْ أثنى عليه مثوبة؛ من جزاء، أو عارفة من عطاء؛ وقد رجوتك دليلاً على ذخائر الرحمة، وكنوز المغفرة، اللهم وهذا مقام من أفردك بالتوحيد الذي هو لك، ولم ير مستحقاً لهذه المحامد والممادح غيرك، وبي فاقة إليك لا يجبر مسكنتها إلا فضلك، ولا ينعش من خلتها إلا مَنُّك وجودك، فهب لنا في هذا المقام رضاك، وأغننا عن مدّ الأيدي إلى سواك؛ إنك على كل شيء قدير.
[في الكلام على السيد الهادي بن إبراهيم الوزير، وأبيه، وجده]
نعم، ثم ذكر في الصلة نكتة شافية في فضل الهادي بن إبراهيم، وأبيه، وجده علي بن المرتضى (ع)، فقال:
أما الهادي فكتابه الذي مرّ من عنوان فضله وعلمه وورعه وزهده.
أما /216

علمه، فهو رجل جامع للعلوم، له موضوعات في كل فن، أكمل أهل زمانه، يؤهل للإمامة، ويتوخى لتحمل أمر الخاصة والعامة، مع الخوف العظيم، للعدل الحكيم، والورع الشافي، ومكارم الأخلاق، التي شرف بها وفاق، يضرب بلطف شمائله المثل، ويقتدى به في كل قول صالح وعمل؛ إمام لأهل العبادة، قد زينه الله بالتقوى والزهادة، وكمّله بفصاحة اللسان، التي لاتوجد الآن في إنسان، من النظم والنثر، والتصانيف الرائقة، والحكم الفائقة.
ثم ذكر جواب الإمام الناصر لدين الله محمد بن علي بن محمد (ع) عليه؛ وفيه من درر الكلام ما يدل على فضله، وفضل الإمام (ع)، وهو ما لفظه:
وصل كتابه الجامع للمحاسن، الفارق بين العذب الزلال والآجن الآسن؛ فتعطر جيد الخلافة بدرره، وتثمر وجه الحال بغرره، متجلبباً بالعجب، جامعاً للأدب، قد ملأ الدلو إلى عقد الكرب، وضمنه ما هو أشهى من المن والضرب؛ ولعمري، لقد أصبح منشئه عميد الفصاحة وناموسها، ويافوخ البلاغة وقاموسها، وما هو إلا لطائم المسك الأذفر، وكرائم اليمّ الأخضر، كنوز الرموز، ورموز الكنوز، وأفكار الأبكار، وأبكار الأفكار، نبه ووعظ، وقرض وأيقظ؛ لله دره من منطيق! وما ذكره من كلام الشافعية فالغيرة من الإيمان، وينبغي الذب عن الحوزة الزيدية، والانتصار للأسرة النبوية، باليد واللسان، والسيف والسنان؛ فلا زالت تلك الروية تنبذ الجواهر الطريفة، وتقذف بالدرر الشريفة، والله يمد مدته، ويحرس كريم مهجته، ويعيد من /217

بركاته؛ والله يعلم أن القلب يأنس به، ويعتقد فضله وكرمه؛ ويأنس بأهل الدين، لايهضم لهم جانب، وهو في الحياة...إلخ كلامه المتين النبوي، والمعين العلوي، عليهم أفضل تحياته وسلامه.
قال: وكان إبراهيم الكينعي ـ رحمه الله ـ يعظمه تعظيماً عظيماً، ويكرمه.
سمعته يوماً يقول: هذا الهادي بن إبراهيم، إمام من أئمة أهل البيت؛ لأنه يافلان، أعلم الناس في علوم الشريعة، وأكملهم في معرفة علوم أهل الطريقة والحقيقة.
وقال له: أحبّ منك أبياتاً على وزن:
كسيحون محبته .... غدا قلبي به سمكا
فأنشأ ـ رضي الله عنه ـ:
صغير هواك عذّبني .... فكيف به إذا احتنكا؟
هواك عليك مقتصر .... وقلبي هام فيك لكا
ولي روح به شغف .... يروح إليك وهو لكا
ولي قلب أراك به .... إذا ما العين لم تركا
وإني فيك ذو وَلَهٍ .... فما أبقى وما تركا
ولي شوق إليك غدا .... عليه القلب مشتبكا
لقلبي باللقا ضحك .... ومن خوف الصدود بكى
فيا عجباه من دَنِف .... لدمع جفونه سفكا
ومنها:
ولو صبّت مدامعه .... غدت من مائه بِرَكا
كسيحون...البيت.
وهذا آخرها: /218

ومالي عنه من بدل .... ومن لسمائه سمكا
قال: وله (ع) كرامات تروى.
وذكر منها: واقعة قوم تعدوا عليه فسلط الله ـ تعالى ـ عليهم عاجلاً وانتهبوا، وأسر بعضهم، وقتل بعضهم، وشاهدهم بعينه؛ ثم تاب من بقي منهم وأناب؛ هذا حاصلها.
قال: وأما أبوه السيد الإمام إبراهيم، فكان عالماً فاضلاً، زاهداً عابداً، قد براه الخوف، وأنحلته العبادة، وكان يتلألأ نوراً، ويُرى نور وجهه من بعيد.
...إلى قوله: روى لي السيد الأفضل أحمد بن الهادي بن أمير المؤمنين يحيى بن حمزة (ع)، أن هذا إبراهيم كان يؤثر بطعامه، وطعام أهل بيته، الفقراء؛ ورب ليلة يضمرونها.
إلى قوله: وله كرامات ظاهرة، وفضائل باهرة.
قال: وأما أبوه علي بن المرتضى، فإنه الفاضل الكامل، الورع الزاهد، ذو الكرامات الباهرة، والفضائل الظاهرة، والتنويرات الربانية، والمكارم الفائقة، والسجايا الرائقة، والأوراد الصالحة، والانقطاع إلى الله بالمرة؛ سكن (ع) بهجرة الظهراوين بشظب، انقطعوا إلى الله بها، وهاجروا من فتن الدنيا، ووظفوا الوظائف الحسنة من العبادات، والتلاوة ودرس العلوم؛ ومشائخهم وشبابهم ونساؤهم، بهم ضرب المثل، ويتوسل إلى الله ـ عز وجل ـ.
...إلى قوله: وصل إلى حدة بني شهاب، لزيارة بنت أخته الشريفة الفاضلة، العالمة، الزاهدة، العابدة، سيدة نساء دهرها، وبركة أهل عصرها، حورية بنت محمد بن يحيى القاسمي؛ فعلمتُ به ثمة، فقصدتُه للزيارة، فصليتُ خلفه العصر؛ أعتقد أنها أفضل صلاة قد صليتها؛ لما رأيت فيها من الخوف والنحيب، والرجيف والوجيف، والحنين والأنين والسكون، والهدوء والطمأنينة، في الأركان كلها.
فلما فرغ من صلاته أخذ المصحف الكريم، ووضعه على رأسه، /219

77 / 143
ع
En
A+
A-