نعم، قال السيد الإمام: كان مشغوفاً بالعلم منذ ترعرع، أدرك الإمام إبراهيم بن تاج الدين، قرأ على ولده، وقرأ هو والإمام محمد بن المطهر.
إلى قوله: ثم قرأ على الإمام محمد بن المطهر في شفاء الأمير الحسين، وأجازه فقه الزيدية.
إلى قوله: وأخذ عنه ولده محمد بن المرتضى، والسيد محمد بن يحيى القاسمي تحقيقاً، وغيرهما.
قال في التاريخ: كان عالماً مجتهداً اجتهاداً مطلقاً، في غاية الكمال، في العلم، والفضل، والورع، والزهد.
إلى قوله: ولم يزل على كل خصلة حميدة حتى توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وذكر أن قبره بهجرة الظهراوين.
قلت: وذكره الواثق بالله في الأبيات بقوله:
والمرتضى قال والمهدي كقولهم .... صلى الإله عليهم كل آصالِ
قال في الشرح: يريد (ع) بأولهما السيد الإمام، طود العترة الكرام، صفوة المصطفى، وسبط الأئمة الخلفاء، علم الشرف الأطول، وطراز العترة الأول، مجد الدنيا والدين المرتضى بن مفضل.
[السند إلى جميع مؤلفات الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة ـ وترجمة ولده عبدالله]
هذا، وأروي جميع مؤلفات الإمام، عماد الإسلام، المؤيد برب العزة، يحيى بن حمزة، (ع) ـ وسيأتي ذكرها ـ بالأسانيد المتقدمة إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين، عن الفقيه العلامة علي بن أحمد الشظبي، عن الفقيه العلامة علي بن زيد، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى، عن الفقيه يوسف بن أحمد، عن السيد الإمام، فخر الإسلام، عبدالله بن الإمام يحيى بن حمزة (ع).
قال السيد الإمام في ترجمته: السيد العلامة.
إلى قوله: قال القاضي ـ قلت: أي أحمد بن صالح في مطلع البدور، وهو المراد بهذا في طبقات/70
الزيدية كما تقدم، والقاضي أحمد نقل هذا الكلام عن السيد العلامة الهادي بن يحيى صاحب الجوهر الشفاف، فقال:ـ كان رجلاً صالحاً، عالماً فاضلاً، مفتياً زكياً، ممن يشار إليه بالإمامة، واستكمال شرائط الزعامة، كثير الصلاة والدعوات، والبكاء في دياجي الظلمات، سكن حوث أكثر مدته، ثم انتقل إلى صنعاء، ولم يزل على هذه الصفات حتى توفي في جمادى الأولى، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ودفن في المسجد المنسوب إلى الفليحي، وبنى عليه صاحب المسجد قبّة عظيمة، انتهى.
قلت: وقد زرتُه بها عند الوصول إلى صنعاء، سنة أربع وستين وثلاثمائة وألف ـ رضي الله عنه ـ.
---
[ترجمة الأوزري]
(رجع) وعن مفتي الإسلام، حسن بن محمد النحوي، وعن شمس الدين أحمد بن سليمان الأوزري.
قلت: قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: الشيخ المحدث المعمر، أخذ عنه الإمام المطهر بن محمد بن سليمان، والقاضي يوسف بن أحمد، والإمام صلاح الدين محمد بن علي وغيرهم.
كان الأوزري فاضلاً، ورعاً، كاملاً، محدثاً، محققاً، شيخاً، إماماً، زاهداً، براً، تقياً، معدوداً في علماء صعدة؛ رحل إليه العامة والخاصة، وحكى كلام الإمام المهدي(ع) في الغيث، أنه شاهده يتكلّف الاعتدال في الركوع، تكلّفاً عظيماً حتى يُظن أنه سوي.
قال: ولعله توفي في العشر بعد الثمانمائة، وقبره في القرضين من مقبرة صعدة؛ وقال بعضهم: إنه بحمراء عَلِب، من بلاد صنعاء، والأول أشهر، والله أعلم.
[ترجمة علي وإسماعيل ابني إبراهيم النجراني]
(رجع): وعن الشيخ جمال الدين علي بن إبراهيم بن عطية. /71
قلت: من آل النجراني.
قال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ: والإمام يحيى شيخه في كتب الأئمة، وشيعتهم.
إلى قوله: وأجل تلامذته أحمد بن علي مرغم، والفقيه يوسف بن أحمد.
قال القاضي: هو العلامة الفاضل، من أجلة العلماء، وكان من علماء صعدة.
قلت: وقد تقدم ذكره في سند أمالي الإمام أبي طالب، وكذا من لم نتكلم عليهم من رجال الإسناد، فقد تقدموا.
(رجع): وعن أخيه الشيخ العلامة إسماعيل بن إبراهيم ـ قلت: النجراني ـ.
قال السيد الإمام: قال السيد الهادي: ـ قلت: يعني بن إبراهيم الوزير (ع) وهو ممن أخذ عنه في صفته ـ هو الشيخ العلامة إمام المحققين.
إلى قوله: وله مصنفات، منها: الأسرار الشافية في كشف معاني الشافية، وله شرح عليها أخصر.
إلى قوله: وكان فاضلاً، شيخاً كاملاً، توفي سنة أربع وتسعين وسبعمائة، عن نيف وسبعين سنة، انتهى.
(رجع)، وخمستهم ـ أي: السيد الإمام، فخر الإسلام، عبدالله بن الإمام يحيى؛ والفقيه مفتي الإسلام حسن بن محمد النحوي، والفقيه شمس الدين أحمد بن سليمان الأوزري (بهمزة، فواو ساكنة، فزاي معجمة، فراء مهملة)، والشيخان العالمان: إسماعيل وعلي ابنا إبراهيم بن عطية النجراني رضي الله عنهم ـ يروون عن الإمام المؤيد برب العزة، يحيى بن حمزة، جميع مؤلفاته (ع)، وقد سبق الكلام على مؤلفات الإمام، وأحواله في التحف الفاطمية مع غيره من أئمة العترة، وأشياعهم الكرام./72
[ترجمة الإمام يحيى بن حمزة، وذكر مؤلفاته]
وقال السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في سياق ترجمته: قال في مآثر الأبرار: هو الإمام الصوام القوام، علم الأعلام، وقِمَطْر علوم العترة الكرام، حجة الله على الأنام؛ كان في غزارة علمه، وانتشار فضله وحلمه، بحيث لايفتقر إلى بيان؛ ولم يبلغ أحد من الأمة مبلغه في كثرة التصانيف، فهو من مفاخر أهل البيت، وعلومه الدرية، من مناقب الزيدية، وكان مع الإمام المطهر بن يحيى في أول شبابه، يوم قصة تنعم، فقال: في هذا الولد ثلاث آيات: علمه، وخطه، وخَلْقه.
إلى قوله: فصنف في أصول الدين: المعالم الدينية، والتمهيد، والنهاية، والشامل، ومشكاة الأنوار في الرد على الباطنية، والإفحام للباطنية الطغام، والتحقيق في التكفير والتفسيق، وصنف في أصول الفقه: المعيار، والقسطاس، والحاوي، وصنف في الفقه: العمدة، والانتصار ثمانية عشر جزءاً، وصنف في النحو: الاقتصاد، والمنهاج، والأزهار، والمحصل، وصنف في المعاني والبيان: الطراز، وله الأنوار المضيئة شرح السيلقية، والديباج الوضي شرح نهج البلاغة، والإيضاح في الفرائض، وصنف التصفية في الزهد، وله رسائل، ووصايا، وحكم، وآداب، وغير ذلك.
قال: وكان (ع) كثير التواضع، وعديم التبجح بمصنفاته، حتى كان لايسميها إلا الحواشي؛ وأفاد أنه قرأ على الإمام المطهر بن يحيى، وولده الإمام محمد بن المطهر (ع)، وعلى شيخيه العالمين: محمد بن خليفة، وعلي بن سليمان البصير، وعلى محمد الأصبهاني.
قال: وأخذ عنه علماء أعلام، منهم: الفقيه حسن بن محمد النحوي، سمع عليه مؤلفه الانتصار جميعه، ولم يسمعه عليه غيره، وأجازه في جميع مسموعاته، ومستجازاته، وأجازه لولده عبدالله/73
بن يحيى، وللفقيه أحمد بن سليمان الأوزري، وعلي، وإسماعيل، ابني عطية.
وممن أخذ عنه: محمد بن المرتضى بن المفضل، وأحمد بن حميد بن سعيد الحارثي، وأحمد بن محمد الشغدري، وأجاز له ما ذكرناه عنه...إلخ.
هذا، وأروي جميع مؤلفات الإمام يحيى، ومروياته، بالأسانيد السابقة المذكورة إلى الإمام يحيى شرف الدين، عن السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى، بسنده المار آنفاً، إلى الإمام المؤيد برب العزة، يحيى بن حمزة (ع).
وأروي بهذا السند إلى الإمام يحيى بن حمزة، عن السيد الإمام محمد بن إدريس الحمزي (ع) جميع مؤلفاته، التي منها: شفاء غلة الصادي، وشرح اللمع، وغيرهما، وقد تقدم السند إلى مؤلفاته، وتعدادها في طرق الجامع الكافي، وسيأتي أيضاً قريباً سند آخر إليه، وتمام الكلام عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ.
[توجيه ما عسى أن يُوهم من أنظار الإمام يحيى بن حمزة خلاف أهله ـ أهل البيت (ع) ـ]
هذا، واعلم أنه كثر التمسك من المائلين بما يجدون في بعض كتب الإمام يحيى(ع)، من التليين لميل الإمام إلى المجاملة، ومحبته للملاءمة، وقد صرّح بخلاف ما روي عنه من المخالفة، كما يتضح لك، وهو على منهاج أهل بيته في الأصول المهمة من الدين، كمسائل التوحيد، والعدل، والنبوة، وإمامة الوصي بعد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وبعده الحسنين، وأهل البيت (ع) بعدهم، ولزوم ولايتهم، وحجية إجماعهم، وأبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وحاشاه عن خلافهم، كما هو معلوم.
وإنما وقعت فلتات، في أثناء بعض المؤلفات، من وراء تلك المهمات، والمعتمد الدليل والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
فرأيت أن أسوق هنا ما ذكره الإمام الشهير، محمد بن عبدالله /74
الوزير (ع) في فرائد اللآلي.
قال (ع): فاسمع إلى كلام الإمام يحيى بن حمزة في هذين المهمين، رجوعاً منه إلى مقالة أهله، مع شائبة مجاملة.
[كلام الإمام يحيى في عدم بيعة علي لأبي بكر، وعدم ثبوت دليل على إمامة الثلاثة]
قال في كتابه مشكاة الأنوار، في جوابه على الفقيه أحمد بن علي بن شائع التهامي ما نصه:
قلتَ: هل علمنا أن علياً (ع) بايع أبا بكر بعد وقوفه عن البيعة أم لا؟
اعلم أن أمير المؤمنين (ع) ما اعتراه الريب ولا خالطه الشك.
إلى قوله: فلما توفي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وبكر الناس إلى سقيفة بني ساعدة للاشتوار، فتحقق أن الناس ليسوا في شيء من ذلك، وأنهم عازمون على العدول عنه (ع).
إلى قوله: وصبر كما قال (ع): وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهباً.
فتأخر عن مخالطة القوم؛ وكان بينهم ما كان من غير مشورة منه ولا بيعة، ولم يبلغنا أنه (ع) بايع أبا بكر في الأولة، ولا في الثانية، ولو وقع لنقل، وقد نُقِل ما هو أسهل منه؛ فلما لم يُنْقَلْ، عُلِمَ أنه غير واقع، بل الظاهر من حاله التوجّع، وهو ظاهر في كلامه.
إلى قوله: ولو كان للهوى ـ أي دخوله فيها بعد انقراض الثلاثة ـ لَتَرَكَهَا كما قال: ولولا حضور الحاضر، ووجوب الحجة لوجود الناصر، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها.
والأمر ظاهر.
هذا العباس ـ رضي الله عنه ـ عمّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، قال: /75
ما كنتُ أحسب أن الأمر منتقل .... عن هاشم ثم منها عن أبي حسنِ
أليس أول مَنْ صلى لقبلتكم .... وأعرف الناس بالمفروض والسننِ
فما الذي صدكم عنه لنعرفه .... ها إن بيعتكم من أول الفتنِ
وصدق ـ رضي الله عنه ـ فإنها الفتنة كل الفتنة، فاتحة الشرور إلى يوم القيامة.
[توجيه بعض أنظار الإمام يحيى بن حمزة(ع)]
[الفرق بين الخلافة والإمامة]
ثم قال الإمام يحيى (ع): وعلى الجملة، إن لنا به أسوة، ما نقول فيهم إلا كمقالته، لكنا نقول قولاً واضحاً: هم قد استبدوا بالخلافة، وقد قام البرهان على صحة إمامته (ع)، والخلافة عندنا غير الإمامة، ولم تقم دلالة على صحة إمامتهم، فهم خلفاء، وهو الإمام؛ وهذا قول بالغ يكفي في الإنصاف.
قال الإمام محمد بن عبدالله: ونعم ما قال الإمام من الفرق بين الإمامة والخلافة؛ لأن الإمامة مدارها على الدليل الشرعي ـ قلت: أي إمامة الحق، قال: ـ بخلاف الخلافة ـ قلت: أي التي لم تكن عن استخلاف صحيح، قال:ـ فإنها أعمّ، والأصل كل ما خلف الشيء سمي خليفة.
إلى قول الإمام محمد بن عبدالله (ع): فالمشائخ قد خلفوا النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ متعاقبين في مقامه بهذا الاعتبار، لا أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ استخلفهم.
[أبو بكر الخالفة]
قال في النهاية، في مادة خلف: وفي حديث أبي بكر، أنه جاء أعرابي، فقال له: أنت خليفة رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ؟
قال: لا.
قال: فما أنت؟
قال: الخالفة بعده.
فقد أعرب أبو بكر عن نفسه بأنه غير خليفة ـ يعني مُسْتَخْلَفاً ـ بل أنه خالفة، بمعنى خلفه؛ وحينئذ قد يكون ذلك بحق وغير حق، بمجرد تَسَمِّيهِ خليفة.
وفي النهاية أيضاً: الخليفة من يقوم مقام الذاهب، ويسد مسده؛ والخالفة الذي لا غنى عنده، ولا خير فيه. /76
قال: وإنما قال ذلك تواضعاً، وهضماً لنفسه، حين قال له: ياخليفة رسول الله، انتهى.
قال الإمام محمد: إن عنى ـ أي صاحب النهاية ـ أنه خلف رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - فلا شك أنه تَسَنَّم ذلك المقام، على تلك الحوادث العظام، والداء العُقام.
وإن عنى أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ استخلفه، فالخصوم مقرّون بعدم الاستخلاف من النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لأحد، ومن يدعي إيماءً أو أي دلالة على استخلافه لأبي بكر، فلم يمكن تصحيحه.
قلت: وشاهد حال أهل السقيفة، وصريح كلامهم المعلوم، في ذلك اليوم وغيره، يكذبه؛ فهي دعوى لغير مدع، بل لمنكر ما يدعيه؛ واحتجاج أبي بكر، ومن معه على الأنصار بالقرب من رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - وأنهم شجرته، معلومٌ عند مَنْ له أدنى مُسكة في الأخبار؛ ولهذا قال الوصي ـ صلوات الله عليه ـ: احتجوا بالشجرة، وأضاعوا الثمرة.
وقال مجيباً على أبي بكر:
فإن كنتَ بالقربى حججت خصيمَهم .... فغيرك أولى بالنبي وأقربُ
وإن كنتَ بالشورى ملكتَ أمورهم .... فكيف تليها والمشيرون غيّبُ؟
ولهذا لم يذهب إلى هذه الدعوى أحد، من أهل النظر والتحصيل.
قال الإمام محمد (ع): فلم يبقَ إلا أن أبا بكر الخالفة، كما أعرب عن نفسه.
وقول ابن الأثير: إنه قال ذلك هضماً وتواضعاً لاوجه له، وإذا حققت النظر فهو خَالِفة.
قلت: ولأن مثل هذا المقام مقام بيان، ولايجوز الهضم بخلاف الحق، /77
وإنما يكون بالتعريض، وما لاصراحة فيه بغير الواقع؛ إذْ يكون من الكذب والكتمان.
قال الإمام: ثم قال الإمام يحيى: (دقيقة): اعلم أنا قد رمزنا قبل أن الخلافة غير الإمامة، وأن أمير المؤمنين (ع) إمام، وغيره خليفة، ووجه التفرقة بينهما: أن الإمامة شرعية قطعية، وهي إنما تثبت بملك شرعي، ووقوف على شرائط؛ فمتى ثبت ذلك صحت الإمامة قطعاً.
وأما الخلافة فثبوتها على جهة الاستيلاء والغلبة والقهر؛ ولهذا فإن معاوية ـ لعنه الله ـ صرّح باسم الخلافة، وليس بإمام، وهكذا خلفاء الدولتين، هم ملوك وخلفاء، وليسوا أئمة.
قلت: أي أئمة هدى.
قال الإمام يحيى: فلا جرم، صحّ منا إطلاق القول بأن أمير المؤمنين (ع) إمام وغيره خليفة، وصلى الله على محمد وآله، انتهى.
[كلام الإمام يحيى بن حمزة (ع) على عدم صحة حكم أبي بكر في فدك]
قال الإمام محمد بن عبدالله (ع): وحكى الإمام عز الدين، عن الإمام يحيى (ع)، نقلاً من كتابه المسمى التحقيق في الإكفار والتفسيق، ما نصه: والمختار عندنا أمران:
الأول: أن الذي ادعت فاطمة ـ عليها السلام ـ كان حقاً.
ثم قال ما حاصله: إنه شَهد لها أمير المؤمنين (ع)، وأم أيمن، فقال أبو بكر: رجل مع رجل، أو امرأة مع امرأة.
ثم قال أبو بكر: إن الله إذا أطعم نبيه طعمة فهي للخليفة من بعده.
فلما أقر بالملك لرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وإقراره مقبول، قالت: ويحك يا ابن أبي قحافة! ترث أباك ولا أرث أبي.
فاحتجّ بالخبر.
ثم /78
ذكر إعراضها عنه، ورجوعها إلى قبر أبيها ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وتمثلها بالأبيات المشهورة:
قد كان بعدك أنباء وهينمة .... لو كنتَ حاضرها لم تَكْثُرِ الخُطَبُ
...إلخ.
وهذه المناظرة ظاهرة لايمكن إنكارها.
ثم قال: الأمر الثاني: أنها صادقة فيما ادعته؛ لأن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بشرها بالجنة، وأن منزلها ومنزل أمير المؤمنين حذاء منزله.
وساق أحاديث في شأنها وكمالها، وأحاديث ((فاطمة مني، يريبني ما يريبها، ويؤذيني ما يؤذيها))، فكيف لاتكون صادقة في تلك الدعوى، وقد شهد بصدقها أمير المؤمنين، ولا يشهد إلا بالحق، ولا يقول إلا الحق؟!
انتهى باختصار.
قلت: وهذا تصريح بعصمة الوصي، وحجية قوله ـ صلوات الله عليه ـ كما قضت به النصوص النبوية، والحمد لله.
قال الإمام محمد بن عبدالله (ع): وقد روي عن الإمام زيد بن علي، وقد سأله سائل عن فاطمة بعد أبيها ـ صلوات الله عليهم ـ وكيف كان حالها مع القوم؟
فأجاب (ع): أما سمعت قول الذي عبر عمّا في نفسها بقوله:
غداة تنادي يابتا ما تمزقت .... ثيابك حتى أزمع القوم بالغدرِ
وحتى ارتُكِبْنا بالمذلّة والأذى .... وليس لأحرار على الذلّ من صبرِ
ولقد أجاد الشاعر، وصدق.
فهو رجوع منه عما في الشامل.
قلت: يعني من تصويب الحكم.
قال: فهذا رجوع إلى قول أسلافه الطاهرين.
قلت: وهذا يدل على اطلاع الإمام على تأخر كلام الإمام يحيى (ع) هذا.
وقال الإمام محمد بن عبدالله (ع): وذلك ـ أي تصحيح حكم /79