السلام.
وساق من كراماته (ع) ما سبق هنالك، بزيادة في تفصيل الرواة.
قال: ونحو: كرامات الإمام العالم ترجمان الدين، أبي محمد، القاسم بن إبراهيم (ع)؛ فإنه دعا إلى اللَّه تعالى في مخمصة، فقال: اللهم إني أسألك بالاسم الذي دعاك به سليمان بن داوود، فجاءه العرش قبل ارتداد الطرف.
فتهدل البيت رطباً.
قال: ونحو: كرامات الهادي إلى الحق.
إلى قوله: ويكفي في ذلك طيب رائحته عند الموت، وكان يقول لولده الإمام المرتضى لدين الله، محمد بن الهادي (ع): يابني، هذا يوم ألقى الله فيه، ولقد رجوت أن يبلغني الله الأمل في جهاد الظالمين، ومنابذة الفاسقين؛ والله غالب على أمره.
قال المرتضى لدين الله: وهو مع ذلك جالس، لم تتغير جلسته، غير أن الصفرة تعتريه قليلاً قليلاً، وهو يذكر الله ويحمده، ثم أدنى برأسه، وخفي صوته.
قال المرتضى لدين الله: فأضجعته، فإذا هو قد فارق الدنيا.
ونحو: كرامات الإمام الناصر للحق (ع)؛ فإن رجلاً كان في بلاد الديلم، ومعه كلب قد ضراه، يأكل الناس، فكان يعمد من الرجل إلى مذاكيره فيقطعها، فمرّ به الناصر، فأغرى الرجل به الكلب.
إلى قوله: فلما قرب من الناصر، أغراه الناصر بمالكه، وقال له: ياكلب، كُلْه.
فافترس الكلب حينئذ مولاه، وقتله، وبقي بعد ذلك مع الناصر للحق (ع).
ثم ذكر النور الذي أضاء عند موته، وقد ذكرناه.
وذكر مااشتهر من دعوته للضفدع، لما استجارت بقربه، أن تسلّط على الحنش فأكلته.
وقد حكى العلماء أنه استمر بذلك المكان.
ثم ذكر السم الذي أُلْقي في الطعام للإمام فقدم الكلب السابق، وأكل منه قبله فمات.
قال: ونحو: كرامات الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان.
فذكر ما أشرت إليه في التحف الفاطمية، وزاد خبر المطرفي الذي سبه (ع) في مسجد حوث، فنزل ثعبان من السقف، فالتوى بحلقه حتى كاد يهلكه، ثم أفلته فتاب، وأناب.
قال: ومن كراماته: مارواه الإمام المنصور بالله (ع)، وهي أمور /535
منها: أنه أتاه شيخ كبير، وشكا عليه الصمم، فنفث في أذنيه، ودعا له، فبرئ من الصمم بلطف الله تعالى.
إلى قوله: ومنها أنه في بعض مخارجه لحق أصحابه وعسكره العطش الكبير، حتى أشفقوا على الهلاك، وهم في موضع لا ماء فيه؛ فقام ـ (ع) ـ فعلم لهم فيه ثلاثة أمكنة، وقال: احفروا.
فحفروا موضعين، فلحقوا الماء على قامة وبسطة، فشرب الناس كلهم، وسقوا دوابهم، وملأوا مزاودهم وطهروا، واستقوا؛ وأَمْسوا إلى الصبح، ثم طهروا وصلّوا صلاة الفجر، وارتحلوا؛ فلما فصلوا من الماء رجع منهم قوم لشيء نسوا من أدواتهم، فأتوا وليس للماء أثر، ولا بقي فيه شيء، فلحقوا بالناس وأعلموهم، وكانوا من أهل الصدق، والثقة والدين، فعجب الناس، وزادهم ذلك يقيناً.
وقال بعض شعرائهم، في المتوكل على الله (ع) من جملة أبيات.
قلت: صدرها في الشافي:
يابن بنت النبي كل لسان .... مادح مايكون مدح لساني
ومن هنا في الشافي والينابيع:
ظهرت فيك معجزات كبار .... لم نخلها تكون في إنسان
لم نخبر عنها سماعاً ولـ .... ـكنا رأينا يقينها بالعيان
تبرئ الأكمه العليل وتشفي .... بشفا الله أعين العميان
وتسوق الحيا إلى حيث ماكنـ .... ـت وتجري الأنهار في الغيضان
قلت: وفي الشافي:
هبك تشفي عمى القلوب بعلم .... فبماذا تشفي عمى العميان
غير أن الولي لله لا تنـ .... ـكر فيه خصائص الرحمن
وساق الأمير (ع) في كرامات الإمام، وفيها: أن صبيّة بنت ثلاث سنين رضخت؛ فبينما هي تجود بنفسها، إذْ قالت: لاتقبروني مع الكبار أهل النار، /536
واقبروني مع الصغار أهل الجنة، وإن دهمش اً من أهل الجنة، وعليه صيام شهر رمضان، وهي لاتعرف دهمشاً، ولا ماعليه، وهو من الشهداء مع الإمام المتوكل على الله ـ رضي الله عنهم ـ.
قال الإمام (ع): ونحو ذلك من كراماته: كقصة تراب التيمم، وقصة السيل يوم صعدة، وقصة ورقة الذرة، المكتوب فيها، خِلْقَةً من الله تعالى "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أحمد بن سليمان المتوكل على الله حجة الله".
فما تقدم رواه الإمام المنصور بالله (ع)، إلا قصة ورقة الذرة، فأنا أرويها عن بعض العلماء.
هذا كلام الأمير الناصر للحق (ع).
قلت: قال الإمام في الشافي، بعد أن حكى اجتماع العلماء إليه من العراق، واليمن، وسائر الأقطار، قال: فناظروه في دقائق العلم وغوامضه، فصادفوا منه بحراً لا ينزف، وزاخراً لا يغرف، فاعترفوا بحقه، وشهدوا بسبقه.
إلى قول الإمام (ع): وانتشروا في أقطار اليمن دعاة إليه.
إلى قوله: لابد لنا أن نذكر طرفاً من حاله، مما نقله الثقات، وتواترت به الروايات؛ لاتصال مدته بمدتنا.
وروى الإمام (ع)، عن الشيخ محيي الدين ـ رضي الله عنه ـ، أنه سمع الإمام المتوكل على الله ابتدأ حكاية ماأنعم الله عليه بقوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} [الضحى:11].
إلى قوله: من نعم الله علينا كذا وكذا ـ وذكر حكاية السيل، وغيره ـ.
إلى قوله: فظهرت لنا دلائل إمامته، ونطقت شواهد فضله وبركته.
قال الإمام: ولو رُمْنا استقصاء ما ورد في هذا الباب، لأفضينا إلى الإطناب.
انتهى كلام الإمام في الشافي.
فانظر إلى كرامات هذا الإمام، الدالة على ماله عند الله تعالى من عظيم الشأن، وعلوّ المكان، المؤيدة لمعجزات جده سيد ولد عدنان، عليه وآله الصلاة والسلام.
وانظر إلى الرواة لها، فإنهم الإمام الأعظم حجة الرحمن، المنصور بالله عبدالله بن /537
حمزة بن سليمان، في شافيه، والإمام الأوحد، الحسن بن محمد، في أنواره، والأمير الناصر للحق، حافظ العترة (ع)، في ينابيعه؛ مع قرب عهدهم من عهده، واتصال عصرهم بعصره؛ فكل واحد منهم يروي عن الإمام المتوكل على الله بواسطة أشياخه الكرام الأعلام، المشافهين للإمام.
فالإمام الحجة عبدالله بن حمزة عن الشيخ الحسن، ومحيي الدين، وغيرهما، عن الإمام.
والإمام الحسن، وأخوه الأمير الناصر للحق، عن والدهما الداعي إلى الله، عن الإمام (ع)، أعاد الله من بركاتهم، وأفاض علينا من نفحات كراماتهم، بفضله وكرمه.
[كرامة للإمام أحمد بن سليمان في العصر الأخير]
وقد وقعت للإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع)، في العصر الأخير كرامة من الكرامات البالغة.
فيقول المفتقر إلى اللَّه تعالى، مجد الدين بن محمد ـ عفا الله عنهما ـ: أخبرني المولى العلامة فخر الإسلام، وبدر الأعلام، عبدالله بن الإمام الهادي الحسن بن يحيى المؤيدي ـ رضي الله عنهم ـ، قال: حدثني والدي أمير المؤمنين، عن القاضي العلامة الرحلة محمد بن عبدالله الغالبي، عن السيد صلاح الهاشمي، أنه لما حُفِر للإمام الحسين المؤيدي بجانب قبره، انثقب ثقب إلى قبر الإمام أحمد، فأدخل بعض الحاضرين يده فإذا هو لم يتغير منه شيء، وشاهده الحاضرون، ثم أنه لمس لحيته الشريفة فانخزل منها شعرات قد علاها نور الإسلام فيها بعض الطول.
وهذه كرامة له (ع) عظيمة، وآية لجده ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ انتهى.
وقد اشتهرت هذه الكرامة، وسمعتها من غير هذا الطريق، ولكن هذا سند روايتها المتصل بالحاضرين.
[(رجع) إلى ما رواه في الينابيع من كرامات العترة]
قال (ع): ونحو: كرامات الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع).
فإنا روينا أنه كتب كتاباً، بركة لصبي، قد ابيضت عيناه؛ فما كان إلا أن تعلق الكتاب، وأبصر في الحال وعوفي.
وذكر النور، والراية الخضراء، وقد ذكرتهما في التحف.
قال: ومنها: فتحه باب غمدان بشصة من نشابة من غير تعب، وكان لاينفتح بمفتاحه إلا بعد علاج شديد /538
.
ومنها: الطيور البيض، التي رواها الشيخ أحمد بن الحسن الرصاص ـ رحمه الله ـ.
قلت: وهو العلامة الأصولي بهاء الدين، صاحب الخلاصة، (وهي الثلاثون المسألة) المتوفى سنة (621) إحدى وعشرين وستمائة، وهو ولد الشيخ الحسن - رضي الله عنهما -؛ وليس هو الباغي على الإمام الشهيد أحمد بن الحسين (ع)، فهو الحفيد، أحمد بن محمد بن الحسن، كافاه الله تعالى بعمله؛ وقد رويت توبته والله أعلم.
نعم، قال: وهي قدر ثمانية، مظللة على رأس المنصور بالله، عند دخوله مدينة صنعاء.
إلى غير ذلك من كراماته (ع)، فإنها كثيرة.
قلت: والإمام الحسن، وأخوه الأمير الناصر الحسين، معاصران للإمام الحجة عبدالله بن حمزة (ع)، وكذلك غيرهما من المعاصرين للإمام، كإمام الشيعة، حميد الشهيد ـ رضي الله عنه ـ، قد شاهدوا ونقلوا عنه من الأخبار والأنوار، مافيه بلاغ لأولي الأبصار.
وذكر (ع) بحثاً من كرامات آبائه الهداة، الدعاة إلى الله، نجوم آل رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -.
وسنورد عند ذكر كل واحد منهم يسيراً من فضائله المذكورة في ترجمته، حسبما يقتضيه المقام، وإن كنتُ قد ذكرتهم جميعاً في التحف الفاطمية، ورسمتُ بعض فضائلهم، ومقاماتهم، ولكن تبركاً بذكرهم (ع)، وتأكيداً لمن يعلم، وتأسيساً لمن لم يعلم، من الإخوان الكرام؛ وإنْ كان محلهم في الإسلام، وفضلهم في عترة سيد الأنام، عليهم أفضل الصلاة والسلام، أشهر من أن يذكر، وأنور من ضياء الشمس والقمر، أعاد الله من بركاتهم.
[ترجمة الأميرين: شمس الدين وبدره]
قال (ع) في الينابيع: ونحو: كرامات الأمير، شمس الدين يحيى بن أحمد.
قلت: وساق نسبه إلى الهادي إلى الحق (ع)، وقد ذكرته في التحف الفاطمية.
أخذ عن الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان، وعن الشريف العالم تاج العترة، الحسن بن عبدالله بن محمد، وعن القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد ـ رضوان الله عليهم ـ.
ومن الكلام في طبقات الزيدية، ومطلع البدور في شأنه: هو الأمير الكبير، شمس الدين، الأمير الأعظم، والخطير الأعلم، الداعي إلى الله، شيبة /539
الحمد، شيخ آل الرسول، وإمام فروعهم والأصول، وشمس فضلهم التي ليس لها قفول ولا أفول، يحيى بن أحمد، علمه أشهر من الشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها؛ وما أحقه بقول القائل:
يحيى بن أحمد لولا أن والده
محمد ختم الأنباء كان نبي
وقال في البسامة فيه وفي أخيه:
وشيبتا الحمد شيخانا له نصرا .... وفرقا همماً للضم للبشرِ
وفي الرواية، أن الإمام أحمد بن سليمان، سُئل عمن يصلح للإمامة، فقال: إمامكم الحبر الأبر هذا؛ وأشار إلى شمس الدين.
وكان المنصور بالله قبل قيامه محباً لأن يلي الخلافة أحدهما، وكفى بقول الإمام المنصور بالله في شمس الدين (ع):
يابن علي بن أبي طالب .... قمْ فانصر الحق على الباطلِ
وقوله أيضاً:
يايحيى يابن إمام الناس كلهم .... أنت الذي نوره تجلى به الظلم
ومن شعره فيهما:
شيخان من آل الرسول تشافقا .... وبنوهما سلكوا على الآثار
ومن ترثية الإمام المنصور بالله، في الأمير شمس الدين (ع):
فلو كان يُفْدى بالنفوس فديته .... بنفسي وما أحوي من المال والوفر
وحسبك بهذا. وفي وفاته (ع)، يقول القائل:
ألا إن شمس الدين يحيى بن أحمد .... تقضّت لياليه بشهر المحرم
لست مئين حجة قد عددتها .... وست سنين بعد ذلك فاعلمِ
وعاش من الدنيا ثمانين حجة .... سوا حجة والمرء غير مسلمِ
/540
وأخذ عليه جماعة، منهم: عطية بن محمد النجراني، ووالده محمد بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن الوليد، وعمران بن الحسن ـ رضي الله عنهم ـ.
فهذه مجة من لجة، من أحواله (ع)، وقد استوفاها أرباب السير، وفي التحف الفاطمية زبدة شافية.
قال ابن أخيه الناصر للحق (ع) في الينابيع: فإنه (ع) مضى في طريق بلاد خولان، وفيها شجرة عظيمة، فأصابته فدعا عليها، فاقتلعها الله من أصلها في الحال.
ونحو: كرامات أخيه الأمير بدر الدين، شيخ العترة الطاهرين، والدي، محمد بن أحمد ـ قدس الله روحه ـ.
قلت: وهو كذلك، قد ذكرتُه في التحف الفاطمية مع أخيه في سيرة الإمام المنصور بالله (ع).
ومن كلام السيد الإمام في الطبقات، والقاضي أحمد في المطلع، في أوصافه: هو الأمير الخطير الحجة، شيخ العترة، شيبة الحمد، بقية علماء بني الزهراء، وسيدهم في عصره، الداعي إلى الله أبو عبدالله، محمد بن أحمد، خضعت له العلوم، ونشرت على رأسه ألوية المظنون منها والمعلوم، وعكفت العلماء على بابه، وتشرفت بلثم أعتابه، ومضت به كلمة الشريعة في البلاد، وانخرطت الأمة فيما يقود سلسلة العباد، ورجع إليه الناس مراراً، لأمر الإمامة العظمى، فامتنع؛ لوجود الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع).
أخذ على مشائخ أخيه شمس الدين السابقين، وتتلمذ له الفضلاء كالإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، وابن عمه الأمير علي بن الحسين، وولده الأمير الحسين بن محمد، والشيخ محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد، والشيخ محيي الدين محمد بن أحمد النجراني، وولده الشيخ عطية، وعمران بن الحسن ـ رضي الله عنهم ـ.
وكان سماع الإمام المنصور بالله، والشيخ محيي الدين بن الوليد، سنة/541
سبع وتسعين وخمسمائة، بصعدة.
قال الإمام (ع): أخبرنا الشريف الأمير الأجل، السيد الفاضل، بدر الدين، فخر العترة، تاج الشرف، الداعي إلى الله، أبو عبدالله..إلخ.
ومشهدهما بهجرة قطابر، بنيد الصباح، على باب المسجد، عن يمين الخارج منه، الشامي قبر الأمير شمس الدين، ويليه قبر أخيه بدر الدين، ويليه قبر الأمير علي بن الحسين (ع).
قال الإمام في الشافي، في ذكر ولاته (ع)، على مدينة صعدة: ثم الولاة اليوم، شيخ آل الرسول، الداعي إلى الله، بدر الدين وولده تاج الدين؛ فشرفهم وورعهم أشهر من أن تُنْصَبَ عليه البراهين.
وقال قبل ذلك: ولينا مجد الدين قدس الله روحه الطاهرة، من السلالة الطاهرة، من عُرف بالصلاح طفلاً وناشئاً، وكان في أمر الله ماضياً.
وهو في سياق ذكر ولاته في أواخر الجزء الرابع من الشافي.
قلت: وهو الأمير الخطير، بدر العترة المنير، الشهيد الحميد، مجد الدين ـ ويقال له: يحيى بن الأمير بدر الدين (ع) ـ وكان على صغر سنه في منزلة الإمامة، ويكفيك أن الإمام الحجة عبدالله بن حمزة أشار ـ إنْ حدث به أمر ـ عليه، وأهَّله لمقامه؛ استشهد في سبيل رب العالمين، مع الإمام المنصور بالله أمير المؤمنين (ع).
قال الإمام (ع) في ترثيته:
أمرّ الوجد ماأجرى الدموعا
مصاب الطالبي أبي حسين
فقدناه حساماً مشرفياً
إمام أئمة وشحاك ضدّ
نودّعه ونأمل أن يوافي
وفي المعلوم أن الحشر وعد
مضى قدماً كأن الموت غُنْم
يُهَوِّنُ ما ألاقيه بأن الـ
وأن أخي سخا بالنفس فيه
وأن بني أبي وسراة قومي
فردّوا السيف مثلوماً خضيباً
أيحيى ليت عينك أبصرتنا
فَقدْنَا مِنْكَ بحر جدى وعلماً
سررت بما غممنا منه جداً
تراجعك الملائك كل يوم
ليهنك عيشك الراضي إذا ما
وقد ثأرت بك الإخوان منهم
سلام الله زارك كل يوم
وأضلع من مضاضته الضليعا
حمى أجفان أعيننا الهجوعا
وبحراً زاخراً وحَياً مريعاً
وليثاً خادراً وحماً منيعاً
إلينا في عساكره سريعاً
متى شمنا لغرته طلوعاً
ولم يقصد إلى الدنيا رجوعاً
ـذين سطوا به قُتِلوا جميعاً
مواساة فصار له ضجيعاً
وغرّ صحابتي خاضوا النجيعا
وردّوا الرمح مقصوداً صديعا
لفقدك ليس عن ذلّ خضوعا
وليث شجاعة وندى ربيعا
وجاور شخصك الملأ الرفيعا
كلاماً يشبه الشهد النصيعا
عداتك كان عيشهم الضريعا
فكن لهم إلى الباري شفيعا
ورحمته التي حسنت وقوعا
وغيرها من فرائد قصائد الإمام فيهم جميعاً (ع).
قال في الينابيع، في سياق كرامات والده الداعي إلى الله، بدر الدين محمد بن أحمد (ع): فإنه عند ولادته ـ وكانت في الليل ـ ارتفعت سَبْلُ المصباح، وطالت حتى بلغت السقف.
ومنها: ما أخبرني به الأمير تاج الدين، أحمد بن بدر الدين ـ أدام الله تعالى سعادته ـ قال: حكى لي الثقة العدل المرضي، أنه كان مع الأمير بدر الدين شيخ آل رسول الله ـ صلوات الله عليهم ـ، في مخرجه إلى نجران، فبيناه يطهر - وكان بطيء الطهور جداً - إذا بالمطر قد أقبل، فأصابنا، فغرقنا جميعاً، إلا الأمير بدر الدين، فإن الله سبحانه جعل على مكانه حيث تطهر هالة صَحْو كهالة القمر، فما أصابه شيء أصلاً مع بطائه في الطهور، والمطر مستمر، حواليه لاعليه، وهو في العراء والضحاء، إلى أن فرغ من طهوره سالماً.
قال الأمير الفاضل، تاج الدين ـ طوّل الله مدته ـ: فعجبتُ من هذه الحكاية عجباً عظيماً.
ثم وقعت مع الأمير بدر الدين رحمة الله عليه، في مثل هذه الكرامة، /543
وذلك أني سلكت معه في طريق الفد حتى انتهينا إلى جبل يسمى عُرَّبَوْصَان، وأصابتنا مطارة عظيمة غزيرة، فالتجأتُ ـ أنا ـ ورجل معي، إلى أصل شجرة بقرب الطريق، فلم تكننا من المطر، بل غرقنا غرقاً عظيماً، إلى أن وقف معنا بجنبها الأمير الكبير، بدر الدين ـ رضوان الله عليه ـ.
قال الأمير تاج الدين ـ خلّد الله عُلُوّه ـ: فأنا أشهد أن المطر حوالينا قاب الرمح أو أكثر، كأفواه القرب، وما أصابنا بعد وقوفه معنا، حتى القطرة الواحدة؛ ببركته ـ رضوان الله عليه ـ.
ومن كرامات الأميرين الكبيرين شيخي آل رسول الله: شمس الدين وبدره، ورأس الإسلام وصدره، يحيى، ومحمد ـ رضوان الله عليهما ـ: ماأخبرني به الشريف الطاهر، الفاضل العالم، جمال الدين، كعبة الشرعيين، علي بن الحسين ـ أدام الله أيامه ـ، قال: خرجتُ ذات ليلة إلى قبريهما لزيارتهما، وهي في ليلة من ليالي رمضان، فإذا رائحة العود القافلي.
إلى قوله: فإذا بها في قبريهما، دون سائر القبور.
إلى قول الناصر للحق الحسين: وغير ذلك من كرامات أهل البيت (ع). انتهى.
قلت: وقد ذكرت الأمير جمال الدين ومؤلفاته في التحف الفاطمية، في سيرة الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين، عند تعداد آل يحيى بن يحيى (ع).
وفي طبقات الزيدية ومطلع البدور، في ترجمته: هو الأمير، السيد الفاضل، العالم، سيد المحققين، صاحب اللمع والدرر، إنسان العترة، وسيدهم وفاضلهم في وقته، حليف الآثار، وقرين العلوم؛ واتفق على فضله الزيدية، واعتمدت كتبه؛ وكتابه اللمع أجل كتب الزيدية ـ قلت: وقد تقدم سندها ـ جمال الدين، كعبة الشرعيين، علمه وزهده لايحتاج إلى ذكر، فذلك أشهر من الشمس السائر، في الفلك الدائر، علي بن الحسين بن يحيى بن يحيى (ع)، وقبره يلي قبر الأميرين شمس الدين وبدره من اليمن بلا فصل.
وبيّض لوفاته في الطبقات.
قال السيد الإمام فيها: يروي كتب /544