مال، وأعزه بلا عشيرة، وأَنّسَه بلا أنيس؛ ومن خاف الله أخاف الله كل شيء منه، ومن رضي من الله باليسير من الرزق، رضي الله منه باليسير من العمل؛ ومن لم يستحْيِ من طلب المعيشة، خفت عليه مؤنته، ونعم عياله، ومن زهد في الدنيا أنبت الله ـ عز وجل ـ الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، ويذكره داءها ودواءها وعيوبها، فأخرجه من الدنيا سالماً إلى دار القرار.
[حديث من الاعتبار والسلوة في ثلاثين حقاً للمسلم على أخيه]
وفيه بهذا السند إلى القاسم بن محمد المتقدم، بسند آبائه، عن عمر بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً، لابراءة له منها إلا بالأداء، أو العفو له: يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضته، ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافي صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويشمت عطسته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويبرّ إنعامه، ويصدق إقسامه، يواليه ولايعاديه، وينصره ظالماً أو مظلوماً، أما نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه؛ ولايسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير مايحب لنفسه، ويكره له من الشر مايكره لنفسه)).
ثم قال: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: ((إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه، فيطالب به يوم القيامة، فيقضى له عليه)).
وفيه: (باب كلمات النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - لأمير المؤمنين علي(ع)).
قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يا علي، لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولاعقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا عبادة مثل التفكر)).
إلى قوله: ((ياعلي، سيد الأعمال ثلاث خصال: إنصافك الناس من نفسك، ومواساة الأخ في الله، وذكر الله على كل حال؛ ياعلي، إن من أبواب البر سخاء النفس، /415

وطيب الكلام، والصبر على الأذى)).
إلى قوله: ((ياعلي، ثلاث من حقائق الإيمان: الإنفاق في الإقتار، وإنصافك الناس من نفسك، وبذل العلم للمتعلم)).
إلى قوله: ((أربعة لاترد لهم دعوة: الإمام العادل، والوالد لولده، والرجل لأخيه بظهر الغيب، يوكل الله به ملكاً يقول: ولك مثله، والمظلوم يقول الله ـ عز وجل ـ: لأنتصرنّ لك، ولو بعد حين)).
إلى آخر الكتاب؛ والحمد لله الكريم الوهاب.
[السند إلى أمالي الإمام المرشد بالله الخميسية]
أمالي الإمام المرشد بالله يحيى بن الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل (ع) الخميسية؛ لأن له (ع) أماليين كما ذكر الإمام الحجة (ع) في الشافي: الخميسية هذه أملاها يوم الخميس، والأنوار أملاها يوم الاثنين، وسيأتي سندهما ـ إن شاء الله تعالى ـ.
هذا، فأروي كتاب الأمالي المذكور بالسند السابق في إسناد المجموع إلى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع).
قال في الشافي: ونحن نروي هذا الكتاب بطريقين:
أحدهما: من جهة الأمير بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الهادي إلى الحق (ع).
والثاني: من جهة القاضي شمس الدين جعفر بن أحمد بن أبي يحيى ـ رضوان الله عليه ـ.
فنقول: أخبرنا الشريف، الأمير الأجل، السيد الفاضل بدر الدين، فخر العترة تاج الشرف، الداعي إلى الله أبو عبدالله، محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الهادي إلى الحق (ع)، مناولة في شهر رمضان المعظم، من سنة سبع وتسعين وخمسمائة بمدينة صعدة؛ قال: وأنا /416

أرويه مناولة، وإجازة عن السيد الشريف الأجل عماد الدين الحسن بن عبدالله ـ رحمه الله ـ قال: أخبرنا القاضي الإمام العالم، الأوحد الزاهد، قطب الدين، شرف الإسلام، عماد الشريعة، أحمد بن أبي الحسن بن علي القاضي الكني، أدام الله تأييده، بقراءته علينا في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة؛ قال: أخبرنا القاضي الإمام المرشد بالله أبو منصور عبد الرحيم بن المظفر بن عبد الرحيم الحمدوني ـ رحمه الله ـ في رمضان، سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة قراءة عليه؛ قال: أخبرني والدي الشيخ أبو سعد المظفر بن عبدالرحيم بن علي الحمدوني.
قلت: قال السيد الإمام في ترجمة عبدالرحيم: القاضي الشيخ أبو منصور الزيدي، سمع على أبيه.
وساق ما في السند.
وقال في ترجمة والده المظفر بعد ذكر روايته: قال القاضي: هو الإمام الأجل الأديب، ولعل وفاته في عشر الثمانين وأربعمائة.
قال: حدثنا السيد الإمام المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن الحسين.
فهذه الطريق الأولة.
وأما الطريق التي من جهة القاضي شمس الدين، جعفر بن أحمد، فأخبرنا الشيخ الأجل الفاضل محيي الدين، عمدة المتكلمين، محمد بن أحمد بن الوليد القرشي، قال: أخبرنا القاضي الأجل، الإمام شمس الدين، جمال المسلمين، جعفر بن أحمد بن عبدالسلام بن أبي يحيى ـ رضوان الله عليه ـ، قال: أخبرنا القاضي الإمام، العدل الزاهد الأوحد، قطب الدين، شرف الإسلام أحمد بن أبي الحسن الكني ـ أدام الله مجد تأييده ـ؛ قال: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد، أبوالعباس أحمد بن الحسن بن أبي القاسم بابا الآذوني ـ رحمه الله ـ قراءة عليه، سنة ست وثلاثين وخمسمائة.
قلت: قال السيد الإمام بعد سياق سنده: وكان أحمد شيخاً محققاً، مسنداً، ولعل وفاته في عشر الأربعين وخمسمائة تقريباً، وذكر في نسبه بابا (بموحدتين) الآذوني (بمعجمة) من تلامذة الإمام المرشد بالله./417

قال: حدثنا المرشد بالله.
واتفق الإسنادان، إلى السيد الإمام المرشد بالله، أبي الحسين.
ثم أتمّ النسب؛ وقد سبق أنا أحلنا ذلك على مؤلفنا التحف الفاطمية، فأنسابهم جميعاً فيه ـ بحمد الله تعالى ـ.
(رجع) إلى إتمام ما في الشافي.
قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الذكواني بقراءتي عليه في جامع أصفهان؛ قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسحاق بن زيد المعدل.
قلت: ترجم لعبد الرحمن، والحسن، السيدُ الإمام، وأفاد بما في السند وزيادة من رويا عنه، وروى عنهما، لاغير، وهما موصوفان في كتب أئمتنا (ع) بالمعدل.
قال: أخبرنا أبو بكر بن ماهان، قال: حدثنا عمران بن عبد الرحيم، قال: حدثنا عبدالله بن إبراهيم الغفاري.
قلت: هؤلاء الثلاثة الرواة: أبو بكر واسمه محمد بن ماهان، وعمران، وعبدالله، ترجم لهم السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ وأفاد ما تقدم، في الذين قبلهم، من ذكر الرواية لاغير؛ وبحثتُ في غير الطبقات فلم أقف على تصريح في شأنهم بشيء، وقد صدر خبرهم هذا، وكرره الإمام في الشافي، محتجاً به، وكذلك غيره من أئمتنا، وقد صرح في الشافي أنه لاينقل إلا ما صح له بالنقل الصحيح أو كان من رواية الضد، فيورده للاحتجاج، ومعه من البرهان ما يكفي، كما سيأتي، وهذا ليس من رواية الضد، بل هو من رواية العترة في كتبهم.
(رجع) قال: حدثنا الحسن بن زيد.
[ترجمة الحسن بن زيد بن الحسن السبط]
قلت: هو أبو محمد الحسن بن زيد بن الحسن السبط، ليس لزيد بن الحسن عقب إلا منه؛ ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ، وحكى ما ذكره الإمام أبو طالب (ع) وغيره من توليه للجبار المنصور العباسي، وهذه الواقعة زلّة قبيحة من الحسن، لم يتقدمه ولاتعقبه فيها أحد من آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في العصر الأقدم، بل خرج بها عن منهاج أهل بيته في ذلك/418

الصدر الأعظم، ولم يستقم التأويل لظهور المظاهرة منه، والمؤازرة، كما لايخفى على ذوي الاطلاع؛ والله سبحانه يقول: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } [فاطر:32].
وقد سلك به أبو الدوانيق بعد ذلك سبيل أهله وصادره، وحبسه، ولم يخرج من السجن إلا في زمن ولده المهدي بن المنصور؛ فعسى أن يكون ذلك مكفراً، داعياً للإنابة، وماحياً بالتوبة؛ ولعله رواه قبل توليته، أو بعد توبته، لِمَا ذكرته لك من الاحتجاج بروايته، والله أعلم.
(رجع) عن جعفر بن محمد عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إذا كان يوم القيامة نادى مناد من قبل العرش: يامعشر الخلائق، إن الله ـ عز وجل ـ يقول: أنصتوا فطالما أنصتُّ لكم)).
قلت: هو في المنقول منه (بضم التاء) وهو تشبيه لإملائه ـ جل وعلا ـ لخلقه ـ تبارك وتعالى ـ، بإنصات السامعين؛ ففيه استعارة مصرحة تبعية، أو يكون من المشاكلة؛ لتقدم قوله: ((أنصتوا)) والله أعلم.
(رجع) ((أما وعزتي وجلالي وارتفاعي على عرشي)).
قلت: وهذا تمثيل لعظم شأنه، وارتفاع سلطانه، وهو مما يحقق أن المراد بالعرش الملك، كما هو معلوم في اللسان، الذي نزل به القرآن، كما قال ـ عز وعلا ـ: {قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } [الزمر:28]،وإن كان لامانع من ثبوت الخلق العظيم مع ذلك، كما ورد في كثير من الأخبار، والله الموفق إلى واضح المنهج.
(رجع) إلى تمام الخبر.
قال: ((لايجاوز أحد منكم إلا بجواز مني، والجواز مني محبة أهل البيت، المستضعفين فيكم، المقهورين على حقهم المظلومين، والذين صبروا على الأذى، واستخفوا بحق رسولي فيهم، فمن /419

أتاني بحبهم، أسكنته جنتي، ومن أتاني ببغضهم أنزلته مع أهل النفاق)). انتهى.
هذا الخبر ساقه الإمام (ع) في الشافي، والأخبار المضمنة هذا الكتاب من الأمالي وغيرها، فيما سبق ويأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ كثيرة، ففيها كفاية وافية؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
[الكلام على حكم محيي الدين محمد بن أحمد القرشي بصحة الأمالي الخميسية]
هذا، واعلم أنه قد حكم بصحة الأمالي الخميسية العلامة عمدة المتكلمين، محيي الدين محمد بن أحمد القرشي ـ رضي الله عنه ـ حيث قال ما لفظه: ولقد جمع الإمام في هذه الأمالي، محاسن أخبار رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، وعيونها، ورواها بأسانيد صحيحة عند علماء هذا الشأن، وقال في صدرها: هي من محاسن الأخبار، وأجمعها للفوائد، وأصحها أسانيد عند علماء هذا الشأن؛ وزينها بالغرر والدرر، من الأحاديث المروية، عن أولاد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وقد استشهد بتصحيحه، الإمام المنصور بالله رب العالمين، أحمد بن هاشم ـ رضي الله عنه ـ.
وقال المولى فخر الإسلام عبدالله بن الإمام، في مختصره، بعد حكاية تصحيح الشيخ: ولعمري إن مثل هذا الإمام الرباني، يكفي تصحيحه لرواية تلك الأخبار، وليت كل سند يكون له مصحح مثل هذا الإمام.
قلت والله الموفق للصواب: وينبغي ألايحمل هذا على عمومه، وإنما المقصود الأعم الأغلب، ويخص من ذلك الحكم، ما عارض المعلوم ولم يمكن تأويله، أو علم الجرح بالطريق المعلومة أو الصحيحة الراجحة لناقله؛ فإن المعلوم أن ليس قصد الإمام المرشد بالله (ع) إلا الرواية لما بلغه، الصحيح وغيره، من دون التزام للتصحيح، بل العهدة على المطلع؛ كيف وقد صرح بجرح بعض الرواة ثم روى عنهم، وضعّف بعض الأخبار، وردّ بعضها، وروى الرد على بعض ما أخرج؟ وهذا الحمل هو الذي لاريب فيه، عند من له نظر يهديه، وعلم يقتفيه؛ فيكون هذا التصحيح من ذلك الشيخ العالم /420

كافياً فيما سوى ماذكرنا من الروايات والرواة، والله الموفق إلى سبيل النجاة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[السند إلى كتاب الأنوار]
كتاب الأنوار وهو الأمالي الاثنينية، للإمام المرشد بالله (ع)، أرويها بالسند المذكور في أماليه الخميسية، إلى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع).
قال في الشافي: وأما إسناد أماليه التي أملاها (ع) يوم الاثنين، فنقول: أخبرنا الشيخ الأجل الفاضل الكامل، محيي الدين، عمدة الموحدين، محمد بن أحمد بن الوليد القرشي العبشمي ـ طول الله مدته ـ، قال: أخبرنا القاضي الأجل، الفاضل شمس الدين، جمال المسلمين، جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى ـ رضوان الله عليه ـ، مناولة، ثم بعضه قراءة، قال: أخبرنا القاضي الأجل، الإمام أحمد بن أبي الحسن الكني ـ أسعده الله ـ قراءة عليه، وهو ينظر في نسخة الأصل؛ قال: أخبرنا السيد العالم، أبو طالب عبدالعظيم بن مهدي بن نصر بن مهدي الحسيني الوتكي ـ رحمه الله ـ، قراءة عليه.
قلت: تمام نسبه: بن محمد بن علي بن موسى بن أحمد بن الأمير عيسى بن علي بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، ترجم له السيد الإمام (ع) وأفاد ما ذكره في السند، ولم يذكر وفاته.
قال: حدثنا الشيخ الإمام، إسماعيل بن علي بن إسماعيل الفرزاذي، بقراءته علينا.
قلت: أفاد السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ ما في السند، وقال: كان شيخاً إماماً جليلاً.
قال: حدثنا السيد الأجل، الإمام المرشد بالله، أبو الحسين، يحيى بن الموفق بالله /421

أبي عبدالله الحسني ـ رضي الله عنه ـ وهو المصنف؛ قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي، بقراءتي عليه.
قلت: هو من أعلام العصابة الزيدية، وحفاظ الطائفية الزكية، توفي سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ.
قال: أخبرنا أبو القاسم، عمر بن محمد بن سَبَنْك البجلي.
قلت: هو القاضي، ابن سبنك (بالسين المهملة، فموحدة، فنون، فكاف) المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين، ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ، وأفاد أنه وثقه الخطيب.
قال: أخبرنا أبو الحسن، عمر بن أحمد بن علي بن مالك الأشناني.
قلت: ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ، وأفاد ما في السند.
قال: حدثنا أبو بكر بن زكريا المْروَرُّوذِي.
قلت: هو محمد بن زكريا، ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ، كالذي قبله.
قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي الأعور.
قلت: هو أبو عمران، ترجم له السيد الإمام، كالذي قبله.
قال: حدثني موسى بن جعفر بن محمد؛ قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي (ع)، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أهل بيتي أمان لأهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء، فويل لمن خذلهم، وعاندهم)).
هذا سياق ما في الشافي.
وهذا الخبر الشريف قد تقدم تخريجه، وغيره من الأخبار النبوية في الفصل الأول.
وهذا الإسناد من مسلسلات الكاظم، وقد سبق ذكره مع غيره من أئمة العترة (ع)، في التحف الفاطمية، وفي هذا الكتاب، ولا بأس بالإشارة إلى مالم يذكر هنالك من حاله، ليكون للأماليات كالختام. /422

[ترجمة موسى الكاظم (ع)]
فأقول، والله ولي التوفيق: موسى الكاظم، هو الإمام الحجة، علم أعلام المحجة، أبو الحسن المدني، المتوفى سنة ثمان وثمانين ومائة، وأَمْره في آل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أوضح من أن يشرح، وله في أيام المهدي، والهادي، والرشيد، ظلمة بني العباس، لما اعتدوا عليه، كرامات تشبه ما وقع لوالده الإمام أبي عبدالله الصادق، في أيام الطاغية المنصور؛ وقد أخرج ذلك الإمامان أبو طالب، والمرشد بالله (ع)، وقد حكى ما وقع لموسى الكاظم (ع) صاحب جواهر العقدين وغيره.
من ذلك أن موسى الهادي رأى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضوان الله عليه ـ يقول له: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)} [محمد]، فأمر بإطلاقه.
قال في الشافي: ولما زار ـ أي الرشيد ـ، النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، قام عند رأسه وقال: يارسول الله، إني أعتذر إليك، أريد أخذ موسى بن جعفر..إلخ.
وروى الخطيب بإسناده، أن الرشيد حج، فأتى قبر النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ومعه موسى بن جعفر (ع)، فقال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عم ـ افتخاراً على من حوله ـ فدنا موسى فقال: السلام عليك يا أبت.
فتغير وجه الرشيد، وقال: هذا هو الفخر يا أبا الحسن، انتهى.
روى ذلك في جواهر العقدين.
قلت: ولما مَنّ الله ـ وله المن والإنعام ـ علينا بزيارة أبينا سيد الأنام ـ عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ـ، عام ثمانية وستين وثلاثمائة وألف، وقع ما يشاكل هذه القضية، والمسؤول منه ـ عز وجل ـ، أن يتم علينا نعمته وفضله، ويكون ذلك القرب مزلفاً لديه في أكرم مقام، وأحسن مآب، إنه هو المنعم الوهاب./423

[الكلام على الجامع الكافي، ترجيح أحكام الهادي (ع)]
الجامع الكافي، في جامع آل محمد، للسيد الإمام أبي عبدالله، محمد بن علي الحسني الكوفي، وقد ذكرت تمام نسبه، والذي أخرج نسخة الجامع إلى اليمن، الشريف العالم الإمام أحمد الحسني، كلّذلك في التحف الفاطمية، في سيرة الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة (ع)، وحققت الصحيح في اسم والد الشريف أحمد، وإن كان الأكثر يقولون: أحمد بن الأمير.
هذا والجامع الكافي ستة مجلدات، اعتمد فيه صاحبه على ذكر مذهب الإمام نجم آل الرسول، القاسم بن إبراهيم، والإمام فقيه آل محمد، أحمد بن عيسى، والإمام الحسن بن يحيى بن الحسين بن الإمام الأعظم زيد بن علي، وعلامة العراق، محمد بن منصور المرادي ـ رضوان الله عليهم ـ.
قال: لأنه رأى زيدية العراق، يعولون على مذاهبهم، وذكر أنه جمعه من نيف على ثلاثين مصنفاً، من مصنفات محمد بن منصور، وأنه اختصر أسانيد الأحاديث، مع ذكر الحجج، فيما وافق وخالف.
قلت: واعلم ـ أيدنا الله تعالى وإياك بالتوفيق، وبصرنا لسلوك منهج التحقيق ـ أن الروايات فيما لم يكن معلوماً عن الرسول الأمين، وعن وصيه إمام المتقين، وعن عترته الأئمة الهادين، عليهم صلوات رب العالمين، كثيرة الاختلاف، متسعة الأطراف؛ وذلك من أعظم مهمات التكليف، وأجل واجبات الابتلاء في الدين الحنيف؛ لما اقتضته حكمة العليم اللطيف.
وقد خفف اللَّه ـ تعالى وله الحمد ـ فلم يكلفنا إلا دون الطاقة، ولم يوجب علينا غير ما يدخل تحت الاستطاعة، فما لم يثبت لنا فيه طرق الصحة، فلا كلام في تركه واطراحه؛ ولكن الكلام فيما له بحسب الظاهر حكم الصحيح، فإنه مع/424

43 / 143
ع
En
A+
A-