أبا نعيم الفضل بن دكين، وقد تقدم، وعبد الحميد بن عبد الرحمن الكوفي الحِماني، (بكسر المهملة) المتوفى سنة اثنتين ومائتين، المعدود من ثقات الشيعة.
خرج له محمد بن منصور ـ رضي الله عنه ـ، والبخاري، وغيرهما.
وساق إلى قوله: قال في الكاشف: ثقة حافظ، توفي سنة إحدى وستين ومائتين.
خرج له الأربعة، وأئمتنا الخمسة، إلا محمداً، والجرجاني، انتهى.
(رجع) قال: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى. قال: حدثنا أبي عن أبي ليلى، وأخيه عبدالرحمن.
قلت: لم أقف لمحمد، ولا لأبيه عمران، لا في الطبقات، ولا في غيرها، على تاريخ وفاة، وقد احتج بهما الإمام (ع) مصدّراً لخبرهما، ولم يخرج لهما من القوم إلا الترمذي، وابن ماجه لعمران، ووثقهما ابن حبان، ولم يظهر أنهما من رجال العامة، فيترجح والله الموفق أنهما ممن وثقه الإمام (ع)، مع أن أبا ليلى، وولده وولد ولده من الخواص، أولياء آل محمد (ع)، وقد سبق ذكرهم، في الآخذين عن جعفر بن محمد الصادق (ع)، وأخرت تفصيل بعض أحوالهما إلى هذا المحل؛ فأبو ليلى من الصحابة السابقين، وأولياء الوصي ـ صلوات الله عليه ـ الصادقين، والشهداء بين يديه المرزوقين، ـ رضوان الله عليهم ـ.
قال السيد الإمام: أبو ليلى الأنصاري بلال أو داود بن بلال بن أحيحة بن الجلاح، أبو عبد الرحمن، صحابي، شهد أحداً وما بعدها، ونزل الكوفة وحضر مع علي (ع) مشاهده جميعها، وقتل بصفين سنة سبع وثلاثين.
روى عنه ابنه عبد الرحمن، خرج له الأربعة إلا النسائي، وخرج له المرشد بالله، انتهى.
وولده عبد الرحمن بن أبي ليلى، أبو عيسى، المتوفى سنة ثلاث وثمانين، معدود في ثقات الشيعة الأكرمين، روى عن الوصي ـ رضوان الله عليه ـ وأم هاني ـ رضي الله عنها ـ، ونَاْصَرَ الإمام الرضى الحسن بن الحسن السبط (ع)، وضربه الحجاج ليسب سيد الوصيين ـ صلوات الله عليه ـ فلم يفعل، وخرج عليه مع الإمام الحسن بن الحسن بن علي (ع).
خرج له الإمام الناصر للحق، وأئمتنا الأربعة /385
(ع) والجماعة.
وولده محمد بن عبد الرحمن المتوفى سنة ثمان وأربعين ومائة، أحد الأعلام المبايعين للإمام الأعظم (ع)، وصاحب رسالته، معدود في ثقات محدثي الشيعة ـ رضي الله عنهم ـ قالوا: إذا قال المحدثون: ابن أبي ليلى فمرادهم عبد الرحمن، وإذا قال الفقهاء: ابن أبي ليلى فمرادهم ولده محمد، خرج له من خرج لأبيه، وأربعة العامة.
(رجع) عن ثابت بن قيس.
قلت: قال السيد الإمام (ع): ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، الخزرجي، خطيب الأنصار، شهد أحْداً، وما بعدها؛ استشهد باليمامة في قتال أهل الردة، سنة إحدى عشرة، روى عنه ابنه عدي، وغيره. انتهى.
قلت: وقد تقدم ولده، وأنه من ثقات الشيعة.
أخرج لثابت الإمام أبو طالب، ومحمد؛ أفاده في الطبقات.
قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((تسمعون، ويسمع منكم، ويسمع من الذين يسمعون منكم، ويسمع من الذين يسمعون من الذين يسمعون منكم، ثم يأتي من بعد ذلك قوم سمان يحبون السمن، ويشهدون قبل أن يستشهدوا)).
[تراجم حمزة بن القاسم العلوي وشيخه جعفر ومحمد المازني]
وقال (ع): حدثني أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله، قال حدثني أبي رحمه الله، قال: أخبرني حمزة بن القاسم العلوي العباسي.
قلت: من أولاد الشهيد، العباس بن علي بن أبي طالب، وهو من السلالة العلوية، مسلسلي سند العترة الزكية (ع)، توفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وروى عنه الحسين بن هارون، والد الإمامين؛ خرج له الإمامان.
قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك.
قلت:لم يذكر السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ وفاته، ولم يزد على ذكر سنده، وهو من أعيان الزيدية، أتباع العترة النبوية (ع).
(رجع) عن محمد بن منصور المرادي، عن محمد بن عمر المازني.
قلت: لم يترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ وترجم له غيره، ولم يذكر وفاته، /386
وهو كالأول من عيون العصابة المرضية، ومسلسلي مذهب السلالة المحمدية العلوية (ع).
[تراجم يحيى بن راشد، ونوح بن قيس، وسلامة الكندي، وعلي بن إسماعيل الفقيه، وبشر بن هارون، ويوسف القطان، وجرير بن عبد الحميد]
(رجع) عن يحيى بن راشد.
قلت: هو كالسابقين من الأخيار الصادقين، وذكروا أنه روى عن حميد الطويل المتوفى سنة (142) اثنتين وأربعين ومائة، خرج له أئمتنا الأربعة، والجماعة، ووصفه في الطبقات بالحفظ، والثقة، روى يحيى، عن خالد الحذاء.
والمترجم له عند السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في بابه خالد بن مهران الحذاء، (بتشديد الذال المعجمة، وبالمد) أبو المنازل، المتوفى سنة اثنتين وأربعين ومائة، خرج له جميع أئمتنا (ع)، والجماعة، ووصفه في الطبقات بالحفظ، والإمامة، وخالد الحذاء آخر مطلقاً، أخذ عن خالد بن مهران هذا.
(رجع) عن نوح بن قيس.
قلت: هو أبو روح الجذامي المتوفى سنة ثلاث وثمانين ومائة، خرج له الإمامان المؤيد بالله، وأبو طالب (ع). أفاده السيد الإمام.
وهو على منهج السابقين ـ رضي الله عنهم ـ.
(رجع) عن سلامة الكندي.
قلت: قال السيد الإمام: عدّه المؤيد بالله من مسلسلي رواية أهل البيت (ع)؛ ذكره في ديباجة شرح التجريد، ثم ساق السند.
(رجع) عن أمير المؤمنين علي (ع)، عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ جميع هذه الأخبار في كتابنا هذا.
حدثني شيخنا علي بن إسماعيل الفقيه ـ رحمه الله ـ.
قلت: هو أحد أعلام الزيدية، وأعيان العصابة المرضية، الحافظ المجتهد، أبو الحسين، المتوفى سنة خمسين وثلاثمائة تقريباً، أخرج له الإمامان /387
عن الناصر للحق الحسن بن علي، عن بشر بن هارون.
قلت: قال السيد الإمام فيه: الحافظ المشهور.
قال السيد المؤيد بالله ما لفظه: ثم ساق السند هذا.
إلى قوله: هكذا في ديباجة شرح التجريد، وحمل على أنه كان من هذه الطريق ـ أعني: عن زيد بن علي عن آبائه ـ كما حققه غير واحد؛ وذكره السيد أبو طالب في الأمالي، في ذكر زيد بن علي (ع). انتهى.
وهذا الحافظ من عيون الشيعة، ووجوه حملة الشريعة.
عن يوسف بن موسى القطان.
قلت: توفي سنة ثلاث وخمسين ومائتين، والكلام عليه كالكلام على السابِقين، خرج له الإمام الناصر للحق، وأئمتنا الأربعة، والبخاري، وغيرهم.
قال:سمعت جرير بن عبد الحميد.
قلت: قد سبق ذكره عارضاً، وهو من علماء الزيدية الأبرار، وفضلاء الشيعة الأخيار، توفي سنة ثمان وثمانين ومائة، خرج له أئمتنا (ع) والجماعة؛ أفاده في الطبقات.
قال المولى العلامة فخر الإسلام عبدالله بن الإمام الهادي ـ أيده الله ـ، في الجداول المختصرة منها: وكلما ورد جرير مطلقاً، غالباً فهو ابن عبد الحميد. انتهى.
يقول: عن مغيرة الضبي.
قلت: هو المغيرة بن مقسم تقدم في الأمالي.
(رجع) عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع)، جميع هذه الأخبار.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، قال: حدثنا أبو زيد عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن الحسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي؛ جميع هذه الأخبار.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله، قال: حدثنا أبو الحسين الهادي، يحيى بن محمد المرتضى، قال حدثني الناصر أحمد بن /388
يحيى، قال: حدثني أبي الهادي إلى الحق، يحيى بن الحسين (ع)، قال: حدثني أبي عن أبيه القاسم بن إبراهيم (ع)، قال القاسم بن إبراهيم (ع): حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: حدثني أبي، الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ جميع هذه الأخبار، المحتج بها في كتابنا، هذا سماعاً وقراءة.
[الرد على من شكك في خطبة شرح التجريد]
قلت: وقع التشكيك من بعض الناظرين في الخطبة بما معناه أنه (ع) روى في شرحه هذا، عن غير هذه الطرق.
والجواب، والله الموفق للصواب من أوجه:
منها: أنه أراد (ع) أن ما أورده للاحتجاج من هذه الطرق، فهذا سنده.
ومنها: أن الذي يرويه عن أمير المؤمنين ـ رضوان الله عليه ـ، قد ثبت له من هذه الطرق.
ومنها:أنه لعله (ع) أراد أن يسوق الأخبار المحتج بها، من هذه الطرق، ثم منع من ذلك مانع؛ كما أنه قد ذكر فيما سبق أنه سيفرد لها ـ إن يسر الله ـ كتاباً، والمقصود التي احتج بها (ع) كما أشار إليه بقوله: المحتج بها في كتابنا هذا؛ ليخرج ماضعفه أو رواه غير معتمد عليه، وإنما هو شاهد، أو إلزام للمنازع؛ وإن استبعد هذا فلا قطع بعدمه، فهو ممكن الوقوع قطعاً، لامانع منه، ولااستحالة فيه لالذاته ولالغيره، لاعقلاً ولاشرعاً.
وأيضاً فقد دلّ عليه كلام الإمام (ع) حيث قال: فلو روينا الخبر المتصل عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، من جميع الجهات، على ألسن الرواة، الذين اتسق سندهم إلينا، ولم يضطرب عندنا، ولدينا.
إلى قوله (ع): لخرجنا عن طريقة ما أوردناه.
ثم أفاد أنه لايروي الخبر حتى يعلمه صحيحاً، عن جماعة من الرواة، ويتحققه مسنداً عن الثقات؛ فهذا تصريحه في الخطبة نفسها، كما ترى.
وعلى الجملة فهذه الخطبة الكريمة، قد ثبتت برواية الثقات، من أعلام آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وعلماء شيعتهم - رضي /389
الله عنهم -، كالإمام المتوكل على الله ـ وقد سبق كلامه ـ والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، والسيد الإمام إبراهيم بن القاسم، صاحب طبقات الزيدية؛ والقاضي العلامة الحواري، أحمد بن سعد الدين المسوري.
ولم يزل أئمتنا وأشياعهم ـ رضي الله عنهم ـ يتلقونها، خلفاً عن سلف، ويتداولون أسانيدها العلية، ويسمونها بمسلسل مذهب العترة النبوية، وهذا واضح البيان لناظريه، لائح البرهان لمقتفيه، فأما العناد فلا حيلة فيه؛ والله الموفق للسداد، والهادي إلى سبيل الرشاد، وبه الاستعانة في كل إصدار وإيراد.
قال (ع): قال أبو العباس ـ رحمه اللَّه تعالى ـ: لكل دين فرسان، وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد.
وقال الناصر الحسن بن علي ـ رضي الله عنه ـ: الأسانيد سلاح المؤمن، وكل حديث لاسند فيه فهو خلّ وبَقْل.
قال ـ قدس الله روحه ـ: من فقه الرجل، بصره بالأسانيد.
قال: قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن سوادة بن أبي الجعد، عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من طلب العلم بلا إسناد، فهو كحاطب ليل.
وقال في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ } [الزخرف:44]، هو: حدثني أبي عن أبيه عن جده.
قلت:عثمان تقدم هو وأخواه ابنا أبي شيبة، وعدادهم في ثقات الشيعة، وعثمان ممن أخذ عنهم السيد الإمام أبو العباس، ومحمد بن منصور، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه؛ خرج له أئمتنا الخمسة (ع).
وسوادة أهمله السيد الإمام، وصاحب الجداول، ولم أقف على ترجمة له /390
في شيء من كتب علمائنا ـ رضي الله عنهم ـ، وترجم له بعض العامة فقالوا: سوادة بن أبي الجعد الجعفي، عن أبي جعفر.
إلى قوله: وثقه ابن حبان. انتهى.
فاختصاصه بالرواية عن الباقر (ع)، ورواية الإمام المؤيد بالله (ع) عنه، وليس من رجال المخالفين، يرجح كونه موثوقاً به، والله ولي التوفيق.
[افتتاح شرح التجريد بعد تمام الخطبة]
قال (ع) بعد تمام المقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، أولى من حُمد، وأحق من عُبد، الذي شرع لنا الإسلام، وبيّن الحلال والحرام، فأقام عليهما الأدلة والأعلام؛ حمداً يفضي بنا إلى رضاه، ويوفقنا لسبيل هداه؛ وصلى الله على نبيه، وأمينه على وحيه، محمد وآله أجمعين.
كنتُ وعدتك ـ حين سهّل الله الفراغ من كتابي، الموسوم بالتجريد، لفتاوي القاسم، ويحيى بن الحسين (ع) ـ أن أفرغ لشرح ما أودعته من المسائل، بما يحضر من الحجاج والدلائل، وهذا أوان الشروع فيه، والله الموفق لما أضمره وأنويه، وإياه ـ عز اسمه ـ أسأل، أن يعيننا على ما يقربنا منه ويزلفنا لديه، ويعصمنا فيما نكدح له، ونسعى فيه، من أن نقصد غير وجهه، إنه سميع مجيب.
«كتاب الطهارة»
باب القول في المياه.
ثم ساق الكتاب متناً وشرحاً، يأتي بالتجريد مصدراً بـ(قال)، وهو نوع من التجريد البديعي المعروف، ثم يبسط الشرح عليه من الكتاب والسنة، والإجماع والقياس، بعد تقرير قول الإمامين القاسم والهادي إلى الحق (ع) /391
، موضحاً للنصوص، مميزاً لها عن التخاريج، مبيناً للمآخذ كلها على الخصوص؛ وهكذا طريقة أخيه الإمام الناطق بالحق، والسيد الإمام أبي العباس (ع) ومن حذا حذوهم؛ لا كما فعله بعض المتأخرين، من خلط النصوص المعلومة، بالتخاريج المفهومة، وفيه من الخبط ما لايخفى على ذي بصيرة.
[ما قد يحصل من الاستبعاد في توجيه الرد والاستدلال في شرح التجريد]
هذا، وقد يحصل في بعض المقامات نوع استبعاد، في توجيه الرد والاستدلال، فيشكل ذلك على من لاتحقيق عنده للمقاصد، ولا نظر سديد في المصادر والموارد.
أوْرَدها سَعْد وسعد مشتمل .... ما هكذا تُورد يا سعد الإبل
ولو تدبر لعلم أولاً أن القول المستدل عليه قد قرره وفرغ من الاجتهاد فيه مثلاً، إمامُ الأئمة، وهادي هداة الأمة ـ رضوان الله عليهم ـ، الذي بشّر به جده سيد الأنام، ووقفت ركائب الأعلام، بباب الخدمة لما أوضحه من الأحكام، وهدى به الأنام، إلى سبل السلام؛ وليس مقصد الإمام المؤيد بالله ومن سلك مسلكه من الأئمة الكرام (ع)، إلا الاستدلال لذلك المقرر المفروغ منه، بما أمكن من الدلائل؛ لمعرفة الوجه للناظر في المسائل، وقد صحّت بأدلتها لإمام اليمن، الهادي إلى أقوم سنن، العالم بمكنون الكتاب والسنن، المحيي لرسوم العلوم، المفجر لينبوع المنطوق والمفهوم، ـ رضوان الله عليه ـ؛ وما أحسن قول بعض العترة الكرام:
إذا كان فضل المرء للناس ظاهراً .... فليس بمحتاج إلى كثرة الوصفِ
ألم ترَ نور الشمس في الأفق بادياً .... غنياً عن الوصف المرصّع بالرصفِ
نعم، فتلك طريقة غير طريقة المستدل لقوله، والمقرر لاختيار نفسه؛ ولهم في الاجتهاد لأنفسهم مجال، غير ذلك المجال، ومقال سوى ذلك المقال /392
؛ وكل مجتهد مكلف بما صح له، وقد يورد ذلك بعض المعاندين، ويقصد التشكيك على من يستهويه من المقلدين، فيبرز مثلاً في مقابلة قول إمام اليمن ـ رضوان الله عليه ـ خبراً، أو يروي أثراً، يروم بذلك تضعيف أقوال الهداة، من سفن النجاة؛ ولو وفق للحق لعلم أن ذلك لا يلزم، ولا يرد على من لم يصح عنده، فأما الاعتراض بهذا على أعلام الإسلام، ونجوم الأنام، فلا سبيل إليه عند كل ذي علم وإنصاف؛ وما أحق المقام بقوله:
أقول لمحرز لما التقينا .... تنكّب لا يقطرك الزحام
والله ولي التوفيق، إلى أقوم طريق.
وهذا إنما هو للرد على من يروم التضعيف والتزييف، وإلا فلا حرج على من صح له خلاف ما اختاره الإمام الهادي؛ فإن الواجب على كل ناظر العمل بما صح عنده؛ وليس مقصد الهادي إلى الحق ولاغيره من أئمة الهدى (ع)، أن يتابعهم أحد، ويترك ما ثبت له، وحاشاهم، فهم الدعاة إلى اتباع الكتاب والسنة، والجهاد والاجتهاد؛ وإنما يحدث التعصب والتحجر ممن لا بصيرة لهم، وضررهم أكثر من نفعهم، والحق لله تعالى، أن في بعض التأويلات والاستدلالات في شرح التجريد وغيره بعداً لايحتمل؛ ولكن العذر ما سبق أنه يريد الاستدلال لما اختاره الإمام كيف ما أمكن، وإن كان خلاف ما يقرره وما يختاره لنفسه في أكثر المسائل، فتدبر.
هذا، وحال شرح التجريد، وعظم محله، وجلالة موقعه، من بين معتمدات العترة، وذخائر الآل، يغني عن الكلام في وصفه، والتعرض لشرحه، وما هو عند ذوي الحل والعقد من أرباب الاجتهاد، وأصحاب الإصدار والإيراد، إلا بمنزلة الدراري والأقمار، والشموس المسفرة، من سائر الكواكب والأنوار؛ وإنها لتقصر كثير من الأفهام، عن إدراك ما فيه، فضلاً عن استخراج ما يداني معانيه، أو استنباط ما يقارب مبانيه، ولا غرو، فهي /393
نتائج أفكار إمام النظار، من العترة الأطهار، وربك يخلق ما يشاء ويختار.
[السند إلى شرح التحرير للإمام أبي طالب]
شرح التحرير للإمام الأعظم، الناطق بالحق الأقوم، أبي طالب (ع)، أرويه بالطرق السابقة إلى الإمام (ع)، وأذكر هنا سنداً، فيه فوائد غير ما تقدم، وهو له ولشرح التجريد.
فأروي شرحي التجريد، والتحرير، بالطرق السابقة إلى الإمام يحيى شرف الدين، وهو يروي ذلك، وغيره، عن الإمام محمد بن علي السراجي، والسيد الإمام إبراهيم بن محمد، صارم الدين الوزير، والفقيه العلامة علي بن أحمد الشظبي -رضي الله عنهم -.
فأما الإمام محمد بن علي، فعن الإمام عزالدين بن الحسن، عن الإمام المطهر بن محمد، عن الإمام المهدي أحمد بن يحيى، عن أخيه الهادي بن يحيى، عن القاسم بن أحمد بن حميد، عن أبيه، عن جده، عن الإمام الحجة عبدالله بن حمزة (ع).
وأما السيد صارم الدين، فله طريقان:
الأولى، عن السيد الإمام أبي العطايا، عبدالله بن يحيى، عن أبيه، عن الإمام الواثق بالله المطهر، عن أبيه الإمام محمد بن المطهر، عن أبيه الإمام المطهر بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن أبي الرجال، عن الإمام الشهيد أحمد بن الحسين، عن الحافظ أحمد بن محمد شعلة، عن الإمام الحجة عبدالله بن حمزة (ع).
والأخرى، للسيد صارم الدين، إبراهيم بن محمد بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن السيد صلاح بن الجلال، عن السيد الهادي بن يحيى، صاحب الياقوتة، عن الإمام علي بن محمد، عن الفقيه العلامة /394