روايته أصح الروايات، وقدحو في رواية أبي خالد بالتفرد، ولم يقبلوا عذره، مع أنه أوضح من براح، فإن الإمام الأعظم، وأصحابه ـ قدس الله أرواحهم ـ استشهدوا في سبيل الله في معركة معلومة لجميع الأمة، والبخاري وأصحابه لم يكونوا من أهل هذا الشأن، ولا من فرسان ذلك الميدان، ولم ينزل بهم شيء من الطوام، حتى ينقطع العدد الذي لم تجر العادة بانقطاع ماهو دونه في أقرب الأعوام.
قاتل الله الهوى كيف يصنع بأهله! هذا مع أن كتبهم مشحونة بالرواية عن المتفردين.
قال الإمام القاسم بن محمد (ع): والذي قدح عليه النواصب بأمور، منها: تفرده بالرواية.
إلى قوله: ولم يروا ذلك قادحاً؛ هذا البخاري قد أخذ عمن تفرد بالرواية.
ثم سرد أسماءهم وذلك واضح.
[ترجمة أبي خالد الواسطي]
قال: حدثني عمرو بن خالد الواسطي.
قلت: هو أبو خالد، من أعلام أشياع عترة سيد الأنام، احتج بروايته سادات الأئمة، وهداة الأمة، كالإمام أحمد بن عيسى بن الإمام الأعظم (ع)، من طريق حسين بن علوان، والإمام الهادي إلى الحق في الأحكام، والإمام الناصر للحق الحسن بن علي، والإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين، وأخيه الناطق بالحق يحيى بن الحسين (ع).
قال والدنا الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن: والمجموع ملتقى بالقبول عند أهل البيت (ع)، وهو أول كتاب جُمع في الفقه /325
قال السيد الحافظ أحمد بن يوسف، أحد شراح المجموع، المخرجين له، الذي أكثر صاحب الروض من تخريجه واعتمده: هذا مستلزم، ومتضمن لتعديل أبي خالد ـ رحمه الله ـ؛ ولاريب أنه إذا ثبت إجماع أهل البيت على عدالته، لم يؤثر فيه قدح من سواهم، كائناً من كان. انتهى.
[الكلام على تعديل أبي خالد، وصحة مارواه]
وقال السيد صارم الدين في علوم الحديث: ولا يمتري أئمتنا في عدالة أبي خالد، وصدقه وثقته، وأحاديثه في جميع كتبهم؛ وقد روى عنه الهادي (ع) بضعاً وعشرين حديثاً.
إلى أن قال: وهو مسلسل الأحاديث النبوية، بسند السلسلة الذهبية. انتهى.
هذا، ووفاة أبي خالد ـ رضي الله عنه ـ في عشر الخمسين والمائة؛ وقد نال منه بعض أهل الجرح كما نالوا من أمثاله؛ وليس لهم ذنب، إلا التمسك بمن أمر الله تعالى بالتمسك بهم، والكون معهم، وقد أوضح علماء الآل (ع)، وأشياعهم ـ رضي الله عنهم ـ بطلان هذيانهم بما لايسعه المقام؛ وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد.
[شيء من أحاديث مجموع الإمام زيد بن علي(ع)]
قال: حدثني زيد بن علي، وهو المصنف، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (ع) قال: لما ثقل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في مرضه، والبيت غاص بمن فيه، قال: ((ادعوا لي الحسن والحسين)) فدعوتهما؛ فجعل يَلْثَمُهُما حتى أغمي عليه.
قال: وجعل علي (ع) يرفعهما عن /326
وجه رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ففتح عينيه، وقال: ((دعهما يتمتعان مني، وأتمتع منهما؛ فإنه سيصيبهما بعدي أثرة)) ثم قال: ((أيها الناس، إني خلّفت فيكم كتاب الله وسنتي، وعترتي أهل بيتي، فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي؛ أما إن ذلك لن يفترق حتى ألقاه على الحوض)).
قلت: هكذا ساق هذا الحديث في الشافي، عند تمام السند.
وبالسند المتقدم، حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع) قال: عالم أفضل من ألف عابد؛ العالم يستنقذ عباد الله من الضلال إلى الهدى، والعابد يوشك أن يقدح الشك في قلبه فإذا هو في وادي الهلكات.
وبإسناده عن علي (ع) قال: العلماء ورثة الأنبياء، فإن الأنبياء لم يخلّفوا ديناراً، ولادرهماً، إنما تركوا العلم ميراثاً بين العلماء.
وبه عن علي (ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)).
وبه عن علي (ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله به طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، وإنه يستغفر لطالب العلم مَنْ في السماوات ومن في الأرض، حتى حيتان البحر، وهوام البر؛ وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب)).
وبه عن علي (ع) قال: من أخلص لله أربعين صباحاً، يأكل الحلال، صائماً نهاره، قائماً ليله، أجرى الله ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه.
وبه عن علي (ع): تعلموا العلم قبل أن يُرفع؛ أما إني لاأقول لكم هكذا ـ وأرانا بيده ـ ولكن يكون العالم في القبيلة فيموت فيذهب بعلمه، فيتخذ الناس رؤساء جهالاً، فيسألون فيقولون بالرأي، ويتركون الآثار والسنن، فيضلون ويُضلون.
قلت: الأول مفتوحُ الأول لازم، والثاني مضموم متعدّ، أي: /327
يضلون في أنفسهم، ويُضلون غيرهم.
(رجع).
فعند ذلك هلكت هذه الأمة.
قلت: وقد تكلم علماء الأصول على عدم جواز خلوّ الزمان عن مجتهد، وتأولوا نحو هذا بأن المراد برفعه وقبضه قِلّة حملته، وعدم تمكنهم، وظهور الجهلة، وغلبة سلطانهم، مع بقاء الطائفة المتمسك بها، التي لاتفارق الكتاب، وهي ظاهرة بالحجة والبيان، وذلك لما وعد الله تعالى ببقائها على لسان رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وبه عن علي (ع) قال: من قرأ فاتحة الكتاب فقال: الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه؛ صرف الله عنه سبعين نوعاً من البلاء، أهونها الهم.
وبه عن علي (ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لاتدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟)).
قالوا: بلى يارسول الله.
قال: ((أفشوا السلام بينكم، وتواصلوا، وتباذلوا)).
قلت: والرواية بحذف النون مِنْ: لاتدخلوا، ولاتؤمنوا، ولا النافية لاتعمل، وقد ذكر أهل العربية أنه قد ورد حذفها لغير ناصب، ولا جازم، وله شواهد ليس هذا محلها.
وبه عن علي (ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن أقربكم مني غداً، وأوجبكم علي شفاعة، أصدقكم لساناً، وأداكم لأمانته، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس)).
وبه عن علي (ع) قال: يكاد الناس أن ينقصوا، حتى لايكون شيء أحب إلى امرئ مسلم من أخ مؤمن، أو درهم من حلال؛ وأنى له به؟!.
وبه عن علي (ع): من تَكْرِمة الرجل لأخيه أن يقبل بِرّه، وتحفته، وأن يتحفه بما عنده، ولا يتكلف له.
قال: وقال علي (ع): سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ /328
يقول: ((لاأحب المتكلفين)).
وبه عن علي (ع) قال: للمسلم على أخيه ست خصال: يعرف اسمه واسم أبيه، ومنزله، ويسأل عنه إذا غاب، ويعوده إذا مرض، ويجيبه إذا دعاه، ويشمته إذا عطس.
وبه عن علي (ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن المتحابين في الله تعالى لعلى عمود من ياقوتة حمراء، على رأس العمود سبعون غرفة، يضيء حسنهن لأهل الجنة، كما تضيء الشمس لأهل الدنيا؛ فيقول أهل الجنة: انطلقوا بنا ننظر إلى المتحابين في الله؛ فإذا أشرفوا عليهم أضاء حسنهم لأهل الجنة، كما تضيء الشمس لأهل الدنيا، عليهم ثياب خضر من سندس، بين أعينهم مكتوب على جباههم (هؤلاء المتحابون في الله عز وجل))).
وبه عن علي (ع) قال: أول ما تُغْلَبون عليه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم؛ فإذا لم ينكر القلب المنكر، ويعرف المعروف، نكس فجعل أعلاه أسفله.
وبه عن علي (ع) قال: لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لهم.
وبه عن علي (ع) قال: أمرني رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين، فما كنتُ لأترك شيئاً مما أمرني به حبيبي، رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وبه عن علي (ع) قال: بايعنا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وكنا نبايعه على السمع والطاعة في المكره والمنشط، في اليسر والعسر، وفي الأثرة علينا، وأن نقيم ألسنتنا بالعدل، ولا تأخذنا في الله لومة لائم؛ فلما كثر الإسلام قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي (ع): ((ألحق فيها: وأن تمنعوا رسول الله، وذريته، مما تمنعون منه أنفسكم، وذراريكم)).
قال: فوضعتها والله على رقاب القوم، فوفى بها من وفى، وهلك بها من هلك. /329
وبه عن علي (ع) قال: من قال في موطن قبل وفاته: رضيتُ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ نبياً، وبعلي وأهل بيته أولياء، كان له ستراً من النار، وكان معنا غداً هكذا ـ وجمع بين إصبعيه ـ.
وبه عن علي (ع) قال: قال لي رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((أنت أخي، ووزيري، وخير من أخلفه بعدي، بحبك يعرف المؤمنون، وببغضك يعرف المنافقون، من أحبك من أمتي فقد برئ من النفاق، ومن أبغضك لقي الله - عز وجلّ - منافقاً)).
[صفة الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ]
وبه قال: بينا علي (ع) بين أظهركم بالكوفة، وهو يحارب معاوية بن أبي سفيان، في صحن مسجدكم هذا، محتبياً بحمائل سيفه، وحوله الناس محدقون به، أقرب الناس منه أصحاب رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، والتابعون يلونهم؛ إذْ قال رجل من أصحابه: ياأمير المؤمنين صف لنا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ كأنا ننظر إليه، فإنك أحفظ لذلك منا.
فصوَّب رأسه ورقّ لذكر رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، واغرورقت عيناه.
قال: ثم رفع رأسه ثم قال: نعم، كان رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أبيض اللون، مشرباً بحمرة، أدعج العينين، سبط الشعر، دقيق العرنين، سهل الخدين، دقيق المسربة، كث اللحية؛ كان شعره مع شحمة أذنيه إذا طال، كأنما عنقه إبريق فضة، له شعر من لبته إلى سرته، يجري كالقضيب؛ لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره، إلا نبذات في صدره، شثن الكف والقدم؛ إذا مشى كأنما يتقلع من صخر أوينحدر من صبب، إذا التفت التفت جميعاً؛ لم يكن بالطويل ولا بالقصير، ولا العاجز اللئيم؛ كأنما عرقه اللؤلؤ، ريح /330
عرقه أطيب من المسك؛ لم أرَ قبله ولا بعده مثله، ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
[الحديث المسلسل بـ(عدَّهُنَّ في يدي) من المجموع]
وبالإسناد المتقدم إلى أبي القاسم علي بن محمد النخعي، قال: حدثني سليمان بن إبراهيم المحاربي، جدي أبو أمي، قال: عدهن في يدي نصر بن مزاحم، قال نصر بن مزاحم: عدّهن في يدي أبو خالد، قال أبو خالد: عدّهن في يدي زيد بن علي (ع)، قال زيد بن علي: عدّهن في يدي علي بن الحسين (ع)، قال علي بن الحسين: عدّهن في يدي الحسين بن علي (ع)، قال الحسين بن علي: عدّهن في يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وقال علي بن أبي طالب: عدّهن في يدي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وقال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((عدّهن في يدي جبريل (ع)، وقال جبريل: هكذا نزلتُ بهنّ من عند رب العزة:
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وترحّم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وتحنن على محمد وعلى آل محمد، كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.
وسلّم على محمد وعلى آل محمد، كما سلّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد)).
قال أبو خالد رحمه الله: عدّهن في يدي بأصابع الكف، مضمومة، واحدة واحدة، مع الإبهام.
وهذا ختم المجموع الشريف المرتب، والحمد لله كثيراً.
نعم، وإمام الجهاد والاجتهاد، الإمام الأعظم الزكي، الهادي المهدي، زيد بن علي بن الحسين بن علي ـ صلوات الله عليهم ـ، لا يحتمل المقام اليسير من فضائله، ولا يتسع البحث عشر العشير من مكارمه وشمائله؛ وكفى بما ورد فيه عن جده الرسول الأمين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، من الأخبار النبوية، وعن أبيه سيد الوصيين ـ سلام الله عليهم ـ من البشائر العلوية؛ وجميعها من الأعلام /331
النبوية؛ وكذا عن أبويه ريحانة الرسول الحسين السبط، وسيد العابدين، وأخيه باقر علم الأنبياء، وابنه جعفر الصادق؛ وعن سادات آل محمد ـ صلوات الله عليه وعليهم وسلامه ـ، خلفاً عن سلف؛ وقد علم إطباق علماء الأمة المحمدية، وإجماع فضلاء الملة الحنفية، من جميع الفرق، على إجلاله وتعظيم شأنه، واحترام مكانه، والقيام بحقه، والإقرار بسبقه، وتضمين مؤلفات الموالفين والمخالفين، لما أولاه الله تعالى من الفضل، وأكرمه به من الكرامات، الدالة على علوّ محله عند الله، وبلوغه غاية النبل.
وقد تضمنت شيئاً مما ورد فيه، وفي الأئمة السابقين، عن جدهم سيد المرسلين، وأبيهم سيد الوصيين ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ، التحفُ الفاطمية شرح الزلف الإمامية؛ وكل ذلك قد شحنت به الأسفار، ونقله الأئمة الكبار.
وسار مسير الشمس في كل بلدة .... وهبّ هبوب الريح في البر والبحرِ
وعند عروض مايقتضي ذلك، نتبرك بذكره في محله ـ إن شاء الله تعالى ـ، على أن الأمر في ذلك كما قال أبو الطيب المتنبي، في والدهم الوصي (ع):
وتركتُ مدحي للوصي تعمداً .... إذْ كان نوراً مستطيلاً كاملاً
وإذا استقامَ الشيءُ قامَ بنفسه .... وصفاتُ ضوء الشمس تذهبُ باطلاً
وحين نذكر شيئاً من ذلك، فإنما هو من باب قوله:
أسامي لم يزدن معرفةً .... وإنما لذةً ذكرناها
والمرء مع من أحب.
هذا، وقد تضمن كثيراً من أصحاب الإمام الأعظم (ع)، تأليفُ الشيخ العالم الزاهد، ولي آل محمد (ع)، القاسم بن عبد العزيز بن إسحاق البغدادي، المتقدم - رضي الله عنهم -.
وسنفرد ـ إن شاء الله تعالى ـ فصلاً جامعاً يشتمل على ثقات الرواة، في كتب الأئمة الهداة (ع)، ومن عرض ذكره قبل /332
ذلك وقع الكلام عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ كما قد سبق، ويأتي في غضون الأبحاث في كل محل بما يقتضيه السياق، مع كثرة المقاصد واتساع النطاق؛ وسيكون العمل إن شاء الله على هذا المنوال، بعون الملك المتعال، والحمد لله على كل حال.
[أمالي الإمام أحمد بن عيسى (ع) والرد على من زعم أن محمد بن منصور يقبل رواية المجهول]
(أمالي حفيد الإمام الأعظم، عالم آل محمد أبي عبدالله، أحمد بن عيسى بن الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليهم ـ) وهي المسماة علوم آل محمد، وجامع محمد بن منصور.
وسماها الإمام المنصور بالله (ع) بدائع الأنوار في محاسن الآثار.
ومؤلفها عالم العراق، وإمام الشيعة بالاتفاق، أبو جعفر، محمد بن منصور المقري المرادي ـ رضوان الله عليه ـ؛ وهو يروي عن أعلام آل محمد (ع).
وهذا الكتاب من أقدم كتب الإسلام؛ فإنه سُمع على مؤلفه عام ستةٍ وخمسين ومائتين، وهو العام الذي مات فيه البخاري، محمد بن إسماعيل الجُعْفي، وتوفي مسلم بعده بست سنين، وبقي شيخ الإسلام محمد بن منصور ـ رضوان الله عليه ـ، إلى نيف وتسعين؛ فقد بارك الله في عمره، وانتفع به المسلمون ببركة ملازمته لآل محمد(ع).
وما يحكى عنه من قبول المجهول، لم يثبت؛ هكذا قرر بعض علمائنا.
قلت: والذي يظهر لي أن مستند الرواية عنه في قبول المجهول، ما في بعض أسانيده عن رجل أو نحوه؛ وهو مأخذ غير صحيح؛ فإن ذلك لايستلزم أن يكون مجهولاً لديه، ولعله لم يسمِّه لمقصد صالح.
ثم لو فرض أنه مجهول له فلم يُصَرح بقبوله، ولم يلتزم التصحيح في جميع مارواه في الكتاب، وإنما قصده الجمع؛ وإن كان المقصود والأغلب روايات آل محمد (ع)، وأتباعهم ـ رضي الله عنهم ـ.
وما كان عن غيرهم فعلى سبيل المتابعة /333
والاستشهاد؛ فالعهدة على الناظر في أخذ ماصحّ، وطرح مالم يترجح.
هذا وقد صرح السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير، في تنقيح الأنظار، أن محمد بن منصور نصّ على قبول المجهول في كتابه، بهذا أو معناه، ولم نجد ذلك في كتابه أصلاً؛ والله ولي التوفيق.
[الطريق إلى أمالي أحمد بن عيسى]
نعم، أروي أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي (ع)، بالأسانيد السابقة في المجموع، إلى الإمام المتوكل على الله يحيى شرف الدين (ع)؛ عن السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، عن السيد الإمام أبي العطايا عبدالله بن يحيى (ع)، عن الفقيه يوسف بن أحمد، عن إمام الشيعة الحسن بن محمد النحوي، عن العلامة عماد الدين يحيى بن حسن البحيبح - رضي الله عنهم -، عن الأمير المؤيد بن أحمد، عن الأمير الحسين بن محمد، عن الأمير علي بن الحسين، عن الشيخ عطية بن محمد النجراني، عن الأميرين الداعيين إلى الله شمس الدين، وبدره، يحيى ومحمد، ابني أحمد بن يحيى بن يحيى (ع)؛ عن القاضي جعفر بن أحمد، عن الكني، عن أبي علي بن آموج، عن القاضي زيد بن محمد، عن علي خليل، عن القاضي يوسف الخطيب ـ رضي الله عنهم ـ، عن الثلاثة الأئمة: المؤيد بالله، وأبي طالب، وأبي العباس؛ عن السيد الإمام، القدوة، عالم آل محمد(ع)، بالري، أبي زيد، عيسى بن محمد بن أحمد بن عيسى بن يحيى بن الحسين بن الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي (ع)، المتوفى سنة ست وعشرين وثلاثمائة بالري؛ عن شيخ الإسلام محمد بن منصور المرادي ـ رضوان الله عليه ـ.
(ح)، وأرويها أيضاً بالسند المتقدم في المجموع، إلى الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)، عن الشيخ محيي الدين محمد بن أحمد بن الوليد القرشي ـ رضي الله عنهما ـ، عن الأمير الداعي إلى الله، شيبة الحمد، بدر الدين محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى؛ عن الشريف العالم، تاج العترة المطهرة، عماد الدين، الحسن بن عبدالله بن محمد بن يحيى، من ولد /334