وللسيد الإمام أبي العباس، أحمد بن إبراهيم الحسني، طريق أخرى رواها عن السيد الإمام علي بن العباس، عن الإمام الهادي إلى الحق، عن آبائه (ع)، كما تقدم.
وللإمام المؤيد بالله طريق أخرى، رواها عن الحافظ أبي الحسين، علي بن إسماعيل الفقيه قال: حدثنا أمير المؤمنين، الناصر لدين الله، الحسن بن علي الأطروش، قال: حدثنا الحافظ المشهور، بشر بن هارون، قال: حدثنا محدث بغداد، الحجة الفقيه، يوسف بن موسى القطان، قال: حدثنا الحافظ المشهور، جرير بن عبد الحميد، قال: حدثنا الحافظ الثقة، مغيرة بن مقسم الضبي، قال: حدثنا زيد بن علي؛ وذكر السند المتقدم.
وللمؤيد بالله طريق أخرى، رواها عن أبي العباس، أحمد بن إبراهيم (ع) قال: حدثني أبي قال: حدثني حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك، عن محمد بن منصور المرادي، عن محمد بن عمر المازني، عن يحيى بن راشد، عن نوح بن قيس، عن سلامة الكندي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وقد تضمنت هذه الطرقُ الطرقَ الموصلة إلى قدماء الأئمة من ولد الحسن والحسين، الإمام الأعظم زيد بن علي، عن آبائه؛ وباقر العلم، محمد بن علي، وولده الصادق جعفر بن محمد، عن آبائهما؛ والإمام محمد بن عبدالله النفس الزكية، وأخيه الإمام إبراهيم، عن آبائهما؛ وغيرهم من الأئمة، والسادة، ومشائخهم من المتقدمين والمتأخرين، من وقتنا إلى زمن سيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أجمعين. انتهى.
قلت: ولله الإمام الناصر الكبير، الحسن بن علي (ع)، حيث يقول:
وعلمهم مسند عن قول جدهمُ .... عن جبرئيل عن الباري إذا قالوا
قال الإمام المنصور بالله، القاسم بن محمد (ع): قال القاضي /293
جعفر: أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي الحسن الكني، عن الإمام العالم، توران شاه بن خسرو شاه بن بابويه الجيلي، عن الفقيه أبي علي بن آموج الجيلي، عن القاضي الأجل العالم زيد بن محمد الكلاري الزيدي، عن الشيخ علي خليل، عن القاضي الأجل يوسف الخطيب للمؤيد بالله (ع)، عن السادة الفضلاء أبي العباس، أحمد بن إبراهيم، وأبي الحسين المؤيد بالله، أحمد بن الحسين بن هارون، وأخيه الإمام الناطق بالحق الظافر بتأييد الله، يحيى بن الحسين (ع)، بجميع مافي المنتخب والأحكام، وأمالي أحمد بن عيسى (ع).
فهذا إسناد الأئمة السادة، والأخوين والرسي (ع)، المذكور أولاً.
وروى عن عمه الناصر أحمد بن يحيى قال: حدثني أبي الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، قال: حدثني أبي، عن أبيه القاسم بن إبراهيم، قال القاسم: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: حدثني أبي الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جده، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ..إلخ كلامه.
قال الإمام القاسم بن محمد (ع): وهذا إسناد ثابت عندنا، غير أن في هذا فائدة أخرى، وهو اتصال السند بالسادة الهارونيين جميعاً، وبإسناد المنتخب مع الأحكام، يعلم ذلك الواقف عليه. انتهى.
نقلت هذا ـ أعني من قوله: قال القاضي جعفر: أخبرني.. إلخ ـ من كتاب القاضي العلامة أحمد بن سعد الدين المسوري ـ رضي الله عنه ـ، قال فيه: انتهى بحروفه من خطه (ع).
قلت: وهذا السند أحد الطرق إلى مؤلفات الأئمة الثلاثة: الأخوين، وأبي العباس(ع)، ومروياتهم.
ولنُشِرْ على سبيل الاختصار، إلى يسير من أحوال الرواة هؤلاء، في سند كتب العراق؛ وقد جرى ذكرهم جميعاً في التحف الفاطمية، وفي هذا مزيد تحقيق.
[من ترجمة الكني، توران شاه، علي بن آموج، القاضي زيد بن محمد الكلاري]
فأقول وبالله التوفيق: أما شيخ القاضي شمس الدين، جعفر بن أحمد /294
ـ رضي الله عنه ـ فهو الشيخ الإمام الحافظ، قطب الدين، أبو العباس ـ ويقال: أبو الحسن ـ، أحمد بن أبي الحسن الكني؛ هكذا صححه الإمام القاسم بن محمد (ع).
قال السيد الإمام، صارم الإسلام، إبراهيم بن القاسم في طبقات الزيدية: كان من أساطين الملة، وسلاطين الأدلة، وهو الغاية في حفظ المذهب؛ لقيه بعض شيوخ اليمن بمكة، وأجاز لجميع من في اليمن..إلخ.
وشيخه أبو الفوارس، توران شاه (بضم المثناة من فوق، وسكون الواو، فراء، فألف، فنون، فشين معجمة، فألف، فهاء) بن خسرو شاه (بخاء معجمة، فسين، فراء مهملتين، فواو، فشين معجمة) ابن بابويه (بموحدتين من تحت، بينهما ألف، فواو، فمثناة من تحت، فهاء).
قال في الطبقات: الإمام أبو الفوارس، شيخ الزيدية، وحافظ علوم الأئمة، ومرجع الإسناد؛ بل قطبه للمذهب الشريف؛ وإليه يرجع أهل المذهب، كان إماماً عالماً. وهو شيخ الكني.. إلخ.
وشيخه أبو علي ـ ويقال: علي بن آموج ـ كطالوت ـ.
قال في الطبقات: قال السيد أحمد بن الأمير: هو الفقيه العلامة الأفضل، صاحب تعليق الإبانة.
وقال القاضي: هو واسطة عقد الإسناد للمذهب، مفخر العراقين، ملحق الأصاغر بالأكابر.
إلى أن قال: وكان يكنى بعدل أهل الأرض. انتهى.
قلت: يعني بالقاضي: العلامة، أحمد بن صالح بن أبي الرجال، صاحب مطلع البدور.
وقال الملا يوسف: كان معاصراً للإمام أبي طالب الأخير، وله حاشية على الإبانة، وتعليق الفقه. انتهى.
وشيخه القاضي زيد بن محمد الكلاري (بفتح الكاف).
قال في طبقات الزيدية: قال القاضي: هو القاضي الإمام، حجة المذهب، شيخ الشيوخ، وحيد أهل الرسوخ، حافظ المذهب وعالمه الذي لايبارى، ولا يمارى ولايجارى.
إلى قوله: وليس لشرحه بعد ذهاب الشرحين: شرحي /295
التحرير، والتجريد للأخوين، نظيرٌ أقرّ له الموالف والمخالف؛ وجميع مشائخ الزيدية يغترفون من رحيقه، ويعترفون بتحقيقه.
ذكره الملا يوسف الجيلاني، في جماعة المؤيد بالله. انتهى.
[ترجمة علي خليل، والقاضي يوسف، وابن ثال]
وشيخه العلامة الجليل، علي بن محمد خليل.
قال في الطبقات: الشيخ الجليل الجيلي، صاحب المجموع، الذي يقال له: مجموع علي خليل، يروي كتب الزيدية، وأئمتهم، وشيعتهم، بالسند المعروف، عن القاضي يوسف الجيلي بسنده.
وأخذ عنه القاضي زيد بن محمد الكلاري. انتهى.
وشيخه، القاضي، العلامة يوسف بن الحسن الجيلي الكلاري، خطيب المؤيد بالله.
وقال السيد الإمام في الطبقات: ونقلت من خط الإمام القاسم بن محمد (ع)، وصح لي عنه سماعاً بواسطة مشائخي إليه، وإجازة أيضاً، من غير واحد؛ في ذكر سند القاضي جعفر مالفظه: حدثنا الكني، عن الإمام توران شاه الجيلي، عن الفقيه علي بن آموج، عن القاضي زيد، عن القاضي يوسف الخطيب للمؤيد بالله، عن السادة الفضلاء: أبي العباس أحمد بن إبراهيم، وأبي الحسين المؤيد بالله أحمد بن الحسين، وأخيه الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين (ع)؛ بجميع مافي المنتخب والأحكام، وأمالي أحمد بن عيسى، وغير ما في هذه الكتب؛ عن الناصر وغيره.. إلخ الكلام الذي مرّ قريباً.
وهذا بعد أن قال: يروي سند الفقه، عن المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني، عن السيد أبي العباس الحسني.
وله طريق أخرى، عن الأستاذ أبي القاسم ابن ثال الهوسمي، عن المؤيد بالله، عن السيد أبي العباس.
ويروي أيضاً، عن السيد أبي طالب يحيى بن الحسين.
قال: وكان القاضي يوسف فاضلاً، ممن عاصر المؤيد بالله، وله شرح على الزيادات، وحكى شيئاً من سيرة المؤيد بالله، ومعدود من أصحابه، وتلامذته. انتهى.
وأروي مذاهب آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ، بالطرق السابقة، إلى الإمام الأعظم، المنصور بالله القاسم بن محمد (ع)، /296
وهذه الطريق تتضمن سند الأحكام، والمنتخب، والمجموع للإمام الهادي إلى الحق، وأصول الأحكام للإمام المتوكل على الله (ع)، تفصيلاً.
ولا بأس بإيراد طريقةٍ من مختار طرقنا، إلى الإمام القاسم بن محمد؛ وإن كانت قد سبقت الطرق مستوفاة إليه (ع).
وهي أني أروي جميع ماتقدم، عن والدي ـ رضوان الله عليه ـ قراءة وإجازة، عن الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني الحوثي ـ قدس الله روحه ـ قراءة وإجازة؛ عن السيد الإمام محمد بن محمد الكبسي، - رضي الله عنهما - قراءة وإجازة؛ عن السيد الإمام محمد بن عبد الرب بن الإمام، قراءة وإجازة؛ وهو يروي ذلك، عن عمّه السيد العلامة إسماعيل بن محمد، عن والده العلامة محمد بن زيد، عن والده العلامة زيد بن الإمام، عن والده الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، عن والده الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع).
قال (ع): أروي مذهبي، عن السيد العلامة صارم الدين إبراهيم بن المهدي الجحافي القاسمي.
قلت: هو من ذرية الإمام القاسم بن علي العياني (ع)، وفاته عام أحد عشر وألف.
قراءة؛ وعن السيد العلامة، أمير الدين بن عبدالله، من آل الإمام المطهر بن يحيى، إجازة؛ وعن غيرهما، إجازة وقراءة، عن السيد العلامة، أحمد بن عبدالله، المعروف بابن الوزير؛.
قلت: توفي عام خمسة وثمانين وتسعمائة وهو السيد الإمام، شمس الدين، أحمد بن عبدالله بن أحمد بن السيد الإمام صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير (ع).
عن الإمام المتوكل على الله، يحيى شرف الدين؛ عن السيد إبراهيم بن محمد الوزير؛.
قلت: يعني صارم الدين صاحب الهداية، والفصول، والبسامة.
عن السيد صلاح الدين، عبدالله بن يحيى الزيدي نسباً ومذهباً؛ عن والده يحيى بن المهدي، عن الإمام المهدي لدين الله، محمد بن المطهر.
قلت: قال في الهامش: في هذا فائدة، أن السيد يحيى بن المهدي يروي /297
عن الإمام محمد من غير واسطة؛ لأن المعروف أنه يروي عنه بواسطة ولده الواثق. انتهى.
عن والده الإمام المطهر بن يحيى، عن شيخ الشيعة العلامة، محمد بن أبي الرجال.
قلت: هو محمد بن أحمد بن أبي الرجال، وفاته عام ثلاثين وسبع مائة، وكان يقول: أنا تلميذ إمام، وشيخ إمام.
عن الإمام الشهيد، أحمد بن الحسين؛ عن الشيخ أحمد بن محمد بن القاسم الأكوع، المعروف بشعلة.
قلت: وهذا من مشائخ الشيعة الأعلام، وهو تلميذ الإمام الأعظم المنصور بالله عبدالله بن حمزة، كما يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ، وفاته في عشر الأربعين وستمائة تقريباً، كذا في الطبقات.
[ترجمة الشيخ محيي الدين القرشي]
عن الشيخ محمد بن أحمد بن الوليد القرشي.
قلت: هو إمام الشيعة، وحافظ الشريعة، محيي الدين، الذي يروي عنه الإمام الأعظم المنصور بالله (ع)، وعلماء عصره، ويقال له أيضاً: حميد؛ فله اسمان لمسمى؛ وقد أشرتُ إلى ذلك عند ذكره في التحف الفاطمية ، وينبغي التنبه لذلك؛ فقد وقع في الغلط بسببه بعض العلماء الأثبات، وتوهموا أنهما أخوان، وما الاسمان إلاّ له، كما حقق ذلك الأمير الناصر، محمد بن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في ترثيته، وأفاده علماء عصره؛ وأشار إليه في مطلع البدور وغيره، وهو معلوم لاريب فيه.
عن الإمام المتوكل على الله، أحمد بن سليمان، عن الشيخ الأجل إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث، عن عبد الرزاق بن أحمد.
قلت: أما القاضي إسحاق فهو من أعلام العصابة، وشهرته تكفي عن شرح حاله، وقد ترجمنا له ولأمثاله في التحف الفاطمية ، كما سبق ذكره.
وأما الشيخ عبد الرزاق بن أحمد، فقال بعض علمائنا الكرام في ترجمته: كان من فضلاء أشياع العترة وكبراء علمائهم، وعظماء أتباعهم. انتهى /298
عن الشريف علي بن الحارث، وأبي الهيثم يوسف بن أبي العشيرة.
قلت: وابن أبي العشيرة من أعلام الشيعة الكرام، وكان إذا حج تلقاه أمير مكة، تعظيماً للزيدية؛ قيل في حقه: كان يرد على اثنتين وسبعين فرقة.
عن الحسن بن أحمد بن محمد الضهري، إمام مسجد الهادي (ع)، عن محمد بن أبي الفتح، عن الإمام المرتضى لدين الله محمد بن يحيى، عن أبيه الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين، عن أبيه الحسين الحافظ، وعميه: محمد، والحسن؛ عن أبيهم ترجمان الدين القاسم بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم الغمر، عن أبيه إسماعيل الديباج، عن أبيه إبراهيم الشبه، عن أبيه الحسن المثنى، عن أبيه الحسن السبط، وعمه الحسين السبط؛ عن أبيهما علي بن أبي طالب، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
فهذا مذهبنا.
انتهى كلام الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع).
قلت: وما أحق المقام، بقول السيد الإمام، جمال الإسلام، الهادي بن إبراهيم الوزير (ع):
سندٌ عن الهادي وعن آبائه .... لا عن حديث مسدد بن مسرهدِ
القصيدة.
قلت: مسدد عدّه في الشافي من العدلية، وإنما أراد التمثيل، وللقافية.
قال في كتاب شيخ الإسلام، حواري آل محمد الكرام (ع)، أحمد بن سعد الدين ـ رضوان الله عليه ـ، عند ذكره لطريق الأحكام وأصول الأحكام المذكورة؛ وقد نقل كلامه هذا شيخ الإسلام الأخير، حافظ عصره الكبير، فخر أشياع العترة، عبدالله بن علي الغالبي ـ رضي الله عنه ـ، مالفظه: وهذه الطريق، من نظر إليها بعين الإنصاف، وسَلِمَ عن داء الميل عن أهل البيت النبوي والانحراف، علم قطعاً ويقيناً، أن إجراء من ذكر فيها على لسانه، يستدفع به البلاء، ويكون سبباً لصلاح حاله وشأنه.
انظر إلى طريق أصول الأحكام، فإن ابتداءها من الإمام المتوكل على الله /299
شرف الدين، وتنتهي إلى الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان؛ وبين الإمامين عشرة: سبعة من نجوم العترة النبوية، وثلاثة من أعيان شيعتهم، المهتدين بهديهم، والمستمسكين بعروتهم، المتينة القوية؛ كل واحد من الثلاثة شيخ إمام، تلميذ إمام، أو تلميذ تلميذ إمام.
قلت: يعني بتلميذ التلميذ، العلامة الأكوع المعروف بشعلة، ولكنه تلميذ الإمام الأعظم الحجة عبدالله بن حمزة (ع)، وإن كان لم يذكر في هذا السند إلا الشيخ محمد بن أحمد، كما يأتي في الأسانيد.
رجع إلى تمام مافي الكتاب المذكور.
قال: هذا فيما بين الإمامين: المتوكل على الله شرف الدين، والمتوكل على الله أحمد بن سليمان (ع).
ثم إن بين الإمام أحمد بن سليمان، والإمام الهادي إلى الحق ستة، آخرهم الإمام المرتضى لدين الله محمد بن يحيى الهادي (ع)، وأولهم الشيخ العلامة، المشهور بالعلم والفضل، إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث ـ رحمه الله ـ وهو من أكابر علماء الزيدية، وعظماء أنصار العترة الطاهرة النبوية، وهو أخو القاضي جعفر في العلم والبراعة، وله مصنفات ورسائل، أكثرها في الإمامات؛ ولقي الحاكم أبا سعيد ـ رحمه الله ـ في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.
وفي البين الشريف: علي بن الحارث.
فإذا نظرت إلى ذلك، وجدت هذه السلسلة المباركة، من الإمام المتوكل على الله شرف الدين، إلى سيد المرسلين، وخاتم النبيين ـ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ـ؛ كلها نبوية ليس فيها إلا سبعة من فضلاء أشياع العترة، وكبراء علمائهم، وعظماء أتباعهم، أعاد الله من بركاتهم، وأماتنا على مودتهم، وحشرنا في زمرتهم، وعافانا من داء مبغضيهم، ومحبي أعدائهم، ومبغضي محبيهم، ومن تأول لمحاربيهم؛ فو الله، لا يدخل الإيمان قلب رجل هذه صفته.
انتهى كلامه، رضوان الله عليه وسلامه.
قلت: وقد اتصل سندنا ـ بفضل الله تعالى ـ كما ترى، ليس بيني وبين الإمام المتوكل على الله شرف الدين (ع) في هذه الطريق إلا أحد عشر من كرام /300
أئمة آل محمد، وأعلام مقتصديهم ـ صلوات الله عليهم وسلامه ـ أولهم والدي، وآخرهم السيد الإمام أحمد بن عبدالله الوزير ـ رضوان الله عليهم ـ.
نعم، وهذه إحدى الطرق إلى إمام اليمن، محيي الفرائض والسنن، الهادي إلى الحق القويم، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم ـ عليهم أفضل الصلاة والتسليم ـ وقد تقدمت طريقان:
إحداهما: عن السيد الإمام، عماد الإسلام، يحيى بن المرتضى، عن عمه الناصر للحق، عن أبيه الهادي إلى الحق؛ يرويها الإمامان الأخوان: المؤيد بالله وأبو طالب؛ والسيد الإمام أبو العباس (ع).
والثانية: يرويها أبو العباس الحسني، عن السيد الإمام علي بن العباس الحسني، عن إمام الأئمة، وهادي الأمة، يحيى بن الحسين (ع).
فهذه هي الطرق المتصلة به ـ صلوات الله عليه ـ، فيما وقفنا عليه عند علماء اليمن، وعليها المدار، في الإيراد والإصدار؛ وستتكرر هذه الأسانيد المباركة، ويكون التحويل عليها ـ إن شاء الله تعالى ـ؛ فلتكن على ذكر منك، والله ولي التوفيق.
ونتمم الإفادة في هذا البحث، بإيراد المقصود، مما رسمه المؤيد بالله، محمد بن القاسم بن محمد (ع)، وصحح السند إليه، من كتب أئمة آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ، وغيرهم.
فما نوصل السند إليه منها فيما يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ، فهذا مقدمة له.
ومالم نوصل إليه السند من كتب أئمتنا (ع)، ولا نترك ـ إن شاء الله تعالى ـ، إلا مالا يوقف عليه في شيء من كتب الأسانيد الموجودة المعتمدة؛ ففي تصحيح الإمام (ع) له كفاية، فهو (ع) أمين الرواية، متين الدراية، من أعلام أئمة الهداية (ع)؛ وقد صحت ـ بحمد الله ـ لنا رواية ماحرره (ع)، بالأسانيد الصحيحة، المتصلة به، فيما سبق وما يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ.
[إجازة الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم للسيد العلامة علي بن الحسن الحسيني المدني]
قال الإمام الأواه، المؤيد بالله، محمد بن القاسم (ع)، فيما كتبه (ع) إلى المدينة النبوية ـ على مشرفها وآله أفضل الصلاة والسلام ـ في عام /301
أربع وثلاثين وألف:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، الذي جعل العلم وسيلة إلى نيل أرفع الدرجات، وسهل لنا السبيل إلى حفظه بما ركب فينا من الأسماع والأبصار والآلات.
ثم ساق إلى ذكر المُجَاز له، وهو السيد العلامة الأجل، علي بن الحسن الحسيني المدني ـ رضي الله عنه ـ.
إلى قول الإمام (ع): فنقول وبالله التوفيق:
اعلم ـ رفع الله قدرك، وأعلا في منازل العلماء ذكرك ـ أن الإجازة نوع من الوكالة؛ إذْ هي خبر جملي، تتضمن الأذن بالإخبار عن الشيء؛ ولهذا أشترط على المجاز له شروطها المعروفة، التي منها: جودة الفهم، وإمعان النظر، والبحث عن النسخ الصحيحة، والتثبت؛ ليأمن التحريف والوهم، والقول على الله وعلى رسوله مالا يعلم.
إلى قوله (ع): وقد استخرتُ الله وأجزتُ لكم، أن ترووا عني بذلك الشرط جميع مسموعاتي، وجميع ماصحت لي روايته في الأصولين، والفروع، وأدلتها، من آيات الأحكام، وآحاديث الرسول (ع)؛ وآلتها من العربية، وتوابعها.
قلت: ومن هنا منقول عن الإمام في طبقات الزيدية، وقال مؤلفها (ع): إن الإمام (ع) ذكر فيها علماً جماً، وذكر كتب المذهب، مذهب الأئمة (ع).
وساقها إلى آخرها في موضعين من الجزء الثالث، وهي بتمامها في كتاب القاضي أحمد بن سعد الدين المسوري ـ رضي الله عنه ـ.
قال الإمام (ع): فمن كتب المذهب: مجموعا الإمام زيد بن علي (ع)، وأمالي حفيده أحمد بن عيسى (ع)، المسماة ببدائع الأنوار.
ومنها: السير، للإمام المهدي لدين الله، النفس الزكية، محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليهم ـ.
ومنها: الجامع الكافي، المعروف بجامع آل محمد، تأليف الإمام أبي عبدالله محمد بن علي.
قلت: رفع نسبه إلى جده عبد الرحمن، وقال بعده: ابن الحسين؛ وهو سبق قلم فليس ذلك في نسبه وقد نقلته /302