وحديث: ((يلي الأمة ـ أو أمتي ـ واسع البلعوم)) الخبر، رواه الإمام الحجة المنصور بالله (ع) في الشافي، عن سفيان بن الليل، عن الحسن السبط (ع)، قال: إني سمعت أبي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: الخبر.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: رواه محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى الشعبي، عن سفيان بن الليل، عن الحسن بن علي، عن علي، موقوفاً.
ورواه المدايني عن سفيان بن الليل النهدي، عن الحسن بن علي، عن علي، موقوفاً.
ورواه أبو الفرج الأصفهاني، عن سفيان بن الليل، من طريقين كما في الأصل، وفيه زيادة من شرح النهج لابن أبي الحديد.
وروى الحافظ نحوه عن أبي ذر، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
[ترجمة ابن ديزيل، والثمالي]
قال ـ أيده الله ـ في بحث قبل هذا: وروى إبراهيم بن الحسن بن ديزيل.
قلت: ترجم له السيد الإمام ـ رضي الله عنه ـ في الطبقات، وأفاد أنه إبراهيم بن الحسين، أبو إسحاق الكسائي الهمداني ابن ديزيل (بفتح الدال مهملة، وسكون التحتية، وكسر الزاي، وسكون تحتية أخرى، ولام).
قال الحاكم: ثقة مأمون، يضرب بضبط كتابه المثل، وحكى ثناء غيره عليه بصحة إسناده؛ وفاته بشعبان سنة إحدى وثمانين ومائتين؛ لم يخرج له في الستة.
وخرج له السيدان المؤيد بالله، والمرشد بالله. انتهى بتصرف.
قلت: وخرج له العلامة، شارح نهج البلاغة.
(رجع) بإسناده إلى الحكم بن عمير الثمالي، وكانت أمه أخت معاوية.
قلت: ترجم للحكم السيد الإمام في الطبقات في الصحابة، ولم يذكر وفاته، وحكى قول محمد بن منصور فيه: وكان بدرياً. إلخ.
وسيأتي ـ إن شاء اللَّه تعالى ـ في سند أمالي الإمام أحمد بن عيسى (ع)، في خبر البسملة.
خرج له الإمام المؤيد بالله، ومحمد بن منصور، وغيرهما.
قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يامعاوية، كيف بك إذا وليت؟)).
قال: اللَّه ورسوله أعلم.
فقال: ((أنت رأس الحطم، ومفتاح الظلم، حصباً وحقباً، تتخذ الحسن قبيحاً، والسيئة حسنة، يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، أجلك يسير، وظلمك /199
عظيم)).
على أن الأدلة المفيدة للعلم بنفاق من أبغض علياً، تقضي بنفاق معاوية وحزبه؛ لأن بغضه لعلي معلوم ضرورة، لأهل البحث عن الأخبار، ولا يشك فيه إلا من خذل.
قال نصر بن مزاحم: وحدثنا يحيى بن يعلى، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء رجل إلى علي (ع)، فقال: ياأمير المؤمنين، هؤلاء القوم الذين نقاتلهم.
إلى قوله: فماذا نسميهم؟
قال: سمهم بما سماهم اللَّه في كتابه.
قال: مافي الكتاب أعلمه.
قال: ماسمعت اللَّه يقول: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } إلى قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ ءَامَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ }؟ [البقرة: 253]؛ فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله، وبالكتاب وبالنبي وبالحق؛ فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا. انتهى.
قلت: ولايشكل على ذلك اختلاف الأحكام؛ فإن معاملة الكفار تختلف، فلأهل الذمة معاملة، ولأهل الحرب معاملة، وللمنافقين معاملة، مع أن اسم الكفر يشملهم؛ فمعاملة الوصي ـ صلوات الله عليه ـ للمحاربين له، تقتضي أن تلك معاملة من يقاتله، ممن يظهر الشهادة والصلاة إلى القبلة، وإن كان منافقاً كافراً، وذلك معلوم.
فهذا الباغي، هو الذي يتولاه ويحامي عنه أهل السنة بزعمهم، وهو الذي بَوّب لذكره البخاري في صحيحه؛ وقد اغترّ بتسمية كتبهم صحاحاً كثير من المقلدين لهم، حتى جعلوا ذلك دليلاً على صحتها، لما سمعوا تداول هذه الأسماء لها؛ ولم يدروا أن ذلك مجرد تسمية، كسائر الأسماء العَلَمِية، وقد أريناك سابقاً جرح حفاظهم لكبار معتمديهم.
فأما أئمتنا (ع) وشيعتهم، فكلامهم فيهم أظهر، وطرحهم لكثير من رجالهم؛ وردهم لأكثر مروياتهم أكثر وأشهر، /200
وإجماع آل محمد (ع)، ومن معهم من أهل التوحيد والعدل، على بطلان مايروونه ويدينون بصحته، مما يقتضي بصريحه الذي لايحتمل التأويل من التشبيه والجبر، الذي صنفوا فيه كتاب خلق الأفعال، ويسمون من دان بخلافه ـ الذي هو العدل من العدلية ـ قدريةً، والإرجاء والإمامة لغير من حكم اللَّه بها له ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ معلوم، وعند أرباب البحث والاطلاع مرسوم؛ وكفى بإجماع آل محمد، الذين سادتهم الأربعة علي، وفاطمة، والحسنان، ثم من بعدهم إلى هذه الغاية على عدم اعتماد الرواية الثابتة عندهم: ((إنا معاشر الأنبياء لانُورَث)) الحديث.
[اتفاق الأمة على أن فاطمة ماتت غضبانة]
وقد اتفقت الأمة أن فاطمة ـ صلوات الله عليها ـ ماتت غاضبة على أبي بكر، هاجرة له، ودفنها سيد الوصيين، وعمه العباس عمّ سيد النبيين ـ صلوات الله عليهم ـ ومن معهما من أهل بيتهم وشيعتهم، ليلاً، بوصية منها، مع روايتهم: ((إن اللَّه يغضب لغضبها)) وروايتهم أن علياً ـ صلوات الله عليه ـ لم يصالح القوم، إلا بعد وفاتها، وأنه كان معتزلاً عنهم، غير داخل فيما عقدوه من بيعتهم، في سقيفتهم، ستة أشهر؛ وكل ذلك ثابت في صحاحهم من رواية البخاري، ومسلم، وغيرهما.
ومن لفظهما: فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلّمه، حتى توفيت؛ وعاشت بعد النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي ـ رضي الله عنه ـ.
أخرجه الشيخان.
قال إمام الأئمة، وهادي الأمة، أمير المؤمنين، يحيى بن الحسين بن القاسم (ع) في حديث: ((إنا لانورث ماتركناه صدقه)) في سياق كلام: ثم جاءت أسانيد قد جمعها الجهال؛ لحب التكثير بما لاينفع، عن عائشة، وعن عمر، فنظرنا عند ذلك إلى أصل هذه الأحاديث، فإذا عائشة تقول: سمعت أبا بكر، وإذا عمر يقول: سمعت أبا بكر، وإذا هذه الأسانيد المختلفة، ترجع إلى أصل واحد /201
وقال (ع): في كلام فاطمة (ع) لأبي بكر بيان لمن خاف اللَّه سبحانه: (أنتَ ترث أباك، ولا أرث أبي).
[إجماع العترة على أن الأنبياء يورثون]
قال الإمام الأجل، المنصور بالله ـ عز وجل ـ، القاسم بن محمد (ع): وأجمع آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أن الأنبياء يُورَثُون. انتهى.
فمن ترى إمام اليمن (ع) عنى بالجهال، الذين جمعوا الأسانيد، وقد كرر وحذر ـ صلوات الله عليه ـ في الأحكام عن الأخذ عنهم، والاعتماد عليهم، والركون إليهم؛ وذلك واضح.
قال في طبقات الزيدية، نقلاً عن الإمام الأواه، المنصور بالله، القاسم بن علي العياني (ع): وهذا الهادي (ع) يبطل كثيراً من الأخبار، التي رويت عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وعن أمير المؤمنين (ع)، حيث لم يقم بتلك الأخبار براهين يُعْمل بها.
ويقول في مواضع: يتقى بعض أخبار العامة.
إلى قوله: فالهادي (ع) يعلّ الأخبار المضعفة.
إلى قول صاحب الطبقات: قلت: وكما يقول في الأحكام في بعض المواضع: هذا لا يصح عن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، هذا لا يصح عن أمير المؤمنين؛ لا تقبل رواية الجهال أهل الضلال؛ ونحو ذلك.
وقال الإمام المهدي لدين اللَّه أحمد بن يحيى المرتضى (ع) في المنهاج في سياق كلام: لأن لعلمائهم (ع) كالقاسم، والهادي، وغيرهما، من الورع الشحيح، والتحرز عن المآثم، مكاناً لايجهله إلا متجاهل.
وكذلك لهم من الاطلاع على أحوال الرواة، ماليس لغيرهم، ولقد وقفت على كتاب القياس للهادي (ع) فذكر فيه من تقبل روايته، ومن لاتقبل، في كلام طويل، من جملته أنه ذكر أهل الحديث، فضعف رواياتهم، حتى قال: فلهم كتابان يعبرون عنهما بالصحيحين ـ يعني: صحيحي البخاري ومسلم ـ.
ثم قال: وإن بينهما وبين الصحة لمسافات ومراحل؛ هذا معنى كلامه.
ولعمري، إنه على ورعه، لايقول ذلك عن وهم وتخمين، بل عن علم يقين..إلى آخر كلامه.
وهذا قدح من الإمامين الهادي، والمهدي (ع) في الكتابين.
ونقل ذلك عن الهادي إلى الحق الشيخ العالم الشهيد، محمد بن صالح بن حريوه.
وتكلم في كتابي البخاري ومسلم، الإمام الناطق بالحق أبو طالب، في /202
شرح البالغ المُدْرِك.
وقد نقلت لفظه في التحف الفاطمية والله ولي التوفيق.
وقال الإمام المرتضى لدين اللَّه، محمد بن يحيى بن الحسين (ع): وقلتَ: لأي معنى لم نُدْخل الأحاديث في أقوالنا؟ ولسنا ندخل من الحديث ماكان باطلاً عندنا؛ وإنما كثير من الحديث مخالف لكتاب اللَّه سبحانه، ومضاد له، فلم نلتفت إليها، ولم نحتج بما كان كذلك منها.
إلى قوله: وفي الحديث الذي ترويه العامة مالاتقوم به حجة، ولاتصح به بينة، ولا يشهد له كتاب ولاسنة.
انتهى المراد منه.
وقال الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع): وأما الحشوية النابتة، هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بأنهم أصحاب الحديث، وأنهم أهل السنة والجماعة، فهم بمعزل عن ذلك.
إلى قوله: إلا أنهم مجمعون على الجبر والتشبيه، ويدعون أن أكثر السلف منهم، وهم بَراء من ذلك، وينكرون الخوض في الكلام والجدل، ويعوّلون على التقليد، وظواهر الروايات.
وقال (ع): إن الحشوية يروون في كتبهم الحديث وضده؛ كما قال بشر بن المعتمر:
يروي أحاديث ويروي نقضَها .... مخالفاً بعضُ الحديث بعضَها
وأقوالهم المنهارة: إن سنّتهم هي السنة، لقول إمامهم معاوية: حتى إذا قُطع قيل: قُطِعَت السنة، قال (ع): وأكبر دليل على ماقلناه، لذوي العقول السليمة، تشدد المتسمين بالسنة والجماعة، على محبة معاوية وولده، وتحاملهم على علي بتقديم غيره عليه.
قال (ع): وإن الإمامة تنعقد عندهم بالقهر والغلبة، وإنه تجوز إمامة الفاسق والجاهل، إذا كان من قريش، وقهر وغلب، وإن معاوية كان مجتهداً، وإنه لايجوز سبه؛ وعندهم أن الحق ماوافق مذاهبهم، وأصول شيوخهم، والباطلَ عندهم ماخالف مذاهبهم.
وأهل الحق عندهم من كان ماشياً في سبيل باطلهم، وأهل الباطل عندهم من مشى في /203
سبيل التوحيد لله، والتعديل له، والتبري من أعداء اللَّه.
قال: وأما تسميتهم بالجماعة فإنه لما اضطر الحسن بن علي (ع) إلى صلح معاوية، وسلم وتمّ الأمر له، سموا العام عام الجماعة.
إلى قوله (ع): فقالوا: إنهم أهل السنة والجماعة.
وقال (ع): وذلك قاعدة دينهم، وعنوان يقينهم، لايكون السني سنياً على الحقيقة، مالم يكن منقطع القرين في حب معاوية، وآل معاوية، سمج الحال في علي وآل علي.
انتهى المراد.
وكلام نجوم آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ، وعيون أشياعهم ـ رضي الله عنهم ـ، على هذا المنهج، على غير مخالفة لما سبق عن أعلامهم ولاعوج.
هذا، وقد روى إجماع آل محمد على أن الأنبياء - صلوات الله عليهم - يتوارثون، صاحب كتاب المحيط، والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة، والإمام المنصور بالله القاسم بن محمد، والإمام المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير (ع)، وهو الثابت بلا ارتياب، نطقت به السنة ومحكم الكتاب.
هذا، وقال نجم العترة الحسن بن الحسين الحوثي ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي بعد كلام على حديث من صحاحهم: وكيف يسوغ لمسلم له مسكة من دين أن يقبل مثله؟! ولذا صار دعوى الصحة لكتب القوم من الدعاوي الساذجة، وتسميتها بذلك من الأسماء التي ماأنزل اللَّه بها من سلطان؛ فتأمل، وعليك بالنصفة، وباب حطة.
[الحديث الذي وضعه عمرو في آل أبي طالب، والرد عليه]
وكذا روى البخاري، ومسلم، بسند متصل بعمرو بن العاص، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أنه قال: ((إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء؛ إنما وليي اللَّه وصالح المؤمنين))؛ فرواية مثل هذا الحديث المعلوم بطلانه في صحيحيهما، مما يفيد أنهما عن الصحة بمراحل، وأنه لامعنى لقول من حكم بصحتهما من متعصبي العامة.
واستناده إلى أن البخاري مثلاً قد صحح كتابه، فالعهدة عليه.
أيكون البخاري قد صحح هذا الحديث، وكذا مسلم، فيكون قدحاً فيهما؟ /204
أم لاعهدة عليهما في تصحيح ولاغيره، بل الواجب على الناظر التثبت؟!.
ثم حكى ماقدمنا سابقاً من قول المقبلي إن أحاديث رواها البخاري لاتمسها الصحة.
قلت: الحديث الذي رواه عمرو في النسخ الموجودة الآن بلفظ ((آل أبي فلان)).
قال في تفريج الكروب، للسيد العلامة الحافظ إسحاق بن يوسف بن الإمام المتوكل على اللَّه إسماعيل بن القاسم (ع) بعد روايته قوله: ((آل أبي فلان)): قد فسره الشراح بآل أبي العاص، منهم الحَكم طريد رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ممن فسره بذلك القاضي عياض في شرح مسلم، وكذلك النووي في شرح مسلم أيضاً، وكذلك ابن حجر في مقدمة شرح البخاري. انتهى.
قال مؤلف التخريج ـ أيده الله تعالى ـ، في حاشيته على ذلك الكتاب: المروي عند ابن أبي الحديد ((إن آل أبي طالب)) ولعل الشراح كنوا ثم فسروه بما فسروه، محاذرة من افتضاح عمرو. انتهى.
قلت: فإن هذا من المصارحة بالرد لكتاب اللَّه، وسنة رسوله، ودين نبيه.
[تفسير: صالح المؤمنين]
قال ـ أيده الله تعالى ـ: وقد قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في قوله /205
تعالى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ } [التحريم:4] قال: ((هو علي بن أبي طالب)) رواه الحاكم بأسانيده؛ فعن علي من أربع طرق، وعن أسماء بنت عميس من أربع طرق، وعن حذيفة، وعن أبي جعفر، وعن ابن عباس، وفي واحدة عن علي: ((والمؤمنون من بني أبيك الصالحون)).
وروى عن ابن عباس مسنداً قال: نزل {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } [التحريم: 3] في عائشة وحفصة {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ } [التحريم: 4] علي.
وروى عنه أيضاً من طريقين، ورواه عن أبي جعفر أنه قال: صالح المؤمنين علي.
وكذا رواه عن زين العابدين مرفوعاً مرسلاً؛ من الشواهد.
وأخرجه الثعلبي عن ابن عباس، وابن مردويه، وابن عساكر عن ابن عباس، وابن أبي حاتم عن علي.
وروى ابن المغازلي في قوله تعالى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ } [التحريم: 4] عن مجاهد قال: ((هو علي بن أبي طالب)).
وروى الكنجي عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في قوله تعالى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ } [التحريم: 4] قال: ((هو علي بن أبي طالب)) أخرجه عن علي (ع)، وعن أسماء بنت عميس، وقال: هكذا رواه أئمة التفسير عن آخرهم. انتهى.
فإذا حديث عمرو ينقض آخره أولَه، ولذا قال الهادي إلى الحق في صحيحي البخاري، ومسلم: بينهما وبين الصحة مراحل، من رواية الإمام المهدي، ومحمد بن صالح.
[القدح في حريز بن عثمان]
وقال ابن الصلاح: إن في كتاب البخاري ماليس بصحيح.
إلى قوله: ومما يدلك إن كنت غير مخذول، أن حريز بن عثمان المشهور ببغض من بُغضه نفاق، قال إسماعيل بن عياش: سمعته يقول في حديث: ((إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى)) إلخ: إنما قال رسول اللَّه ـ صلى /206
الله عليه وآله وسلم ـ: ((إنما أنت مني بمنزلة قارون من موسى)) فأخطأ السامع؛ ثم نقل المروي عن هذا المارق المنافق، الدال على عداوته لسيد الخلائق.
إلى قوله: ومع هذا أخرج له البخاري.
قلت: قال ابن حجر في ترجمة هذا الخبيث، في تعداد من انتقدوا عليهم من رجال البخاري: قال الفَلاَّس وغيره: إنه كان ينتقص علياً.
إلى قوله: وقال ابن عدي: كان من ثقات الشاميين، وإنما وَضَع منه بغضه لعلي، وقال ابن حبان: كان داعية إلى مذهبه، يُجتنب حديثه.
إلى قوله: وروى له أهل السنن.
قال ـ أيده الله ـ: فأين يتاه بأصحابنا ممن مال إلى العامة، ويعوّل على زخارفها، ثم يزعم أنه على دين آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، كيف ومن سود فقد شرك؟! الخ كلامه ـ رضي الله عنه وبارك في أيامه ـ.
[الكلام على النصب والرفض]
هذا، ومن مباينتهم لآل رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ومجانبتهم لأوليائهم، ماعُلِمَ منهم من التبديع لهم والتضليل، وعدم التأول لهم بأي تأويل، ورميهم لأوليائهم ـ من العصابة الناجية، والطائفة الهادية ـ بدائهم، من الرفض والغلو؛ وقد علموا أن النصب والرفض مع ماتقدم من أسماء الذم، واردة في أعدائهم.
أما النصب فواضح، وليس بين الأمة اختلاف، في أنه لأعداء آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ.
قال ابن حجر في تحديده: والنصب بغض علي، وتقديم غيره عليه. انتهى.
قلت: وظاهر هذا العموم في تقديم غيره عليه.
وقد قدمه اللَّه ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بعد أخيه وابن عمه سيد المرسلين ـ صلوات الله عليهم ـ على الخلق، فهو الحق الذي نطقت به السنة والقرآن، ودلّت عليه صرائح /207
حجج اللَّه القاطعة البرهان، لابالدعاوي المختَلقة التي لم ينزل اللَّه بها من سلطان؛ فقد أخرج اللَّه تعالى الحق على لسانه، ولم يزل يخرج اللَّه الحق على ألسنتهم، وإن حاولوا كتمه وخالف مافي أجنتهم.
فانظر إلى هذا وإلى ماتقدم له في تحديد التشيع المذموم عندهم، الذي هو من أعظم الجرح، ففيه التصريح بأن تقديمه على الشيخين غلوّ ورفض، وأن مجرد محبته تشيع وهو عندهم ذم وغض؛ لتعلم إن كنت من ذوي العلم، وتنظر إن كنت من أولي النظر، وتعتبر إن كنت من أهل الفِكَر؛ فقد صارت محبة أمير المؤمنين، وسيد الوصيين ـ صلوات الله عليه ـ عندهم تشيعاً، وبغضه نصباً، وتقديمه على غيره رفضاً، وتقديم غيره عليه نصباً، وكل اسم من هذه الأسماء ذماً وجرحاً، وهضماً وقدحاً، فهل بقي على هذا للسالك من سبيل؟ وإلى أي جيل ينحاز طالب النجاة والحق عندهم، في شأن سيد الوصيين، وأخي سيد النبيين ـ صلوات الله عليهم؟ وفي أي قبيل؟ وليس هذا ببدع من تناقض أقوالهم، وتهافت أحوالهم.
ولئن رمتَ التأويل لهم في شأن التقديم، بأن المراد ـ بتقديم غيره ـ غيرُ المشائخ على بُعده وتعسفه؛ إذ ليس بين الأمة خلاف إلا في تقديمه عليهم، أو تقديمهم عليه، فلا يستقيم لك بوجه التأويل، في شأن المحبة والبغض؛ فليس بينهما واسطة في حقه عقلاً وشرعاً، إلا التوقف، وهو غير مراد إجماعاً وقطعاً.
وليس مرادهم بالمحبة إلا المحبة المطلقة؛ لأنهم جعلوا أول درجات الغلو فيها التقديم، كما صرح به الشيخ هذا وغيره، واعترضه كما تقدم السيد محمد بن إسماعيل الأمير.
وذلك واضح لمن لم يعم التعصب بصيرته، ولم يسلب الهوى فكرته، وما ذلك وغيره مما هو أعظم وأطم من مناقضتهم وتهافتهم، إلا مصداق الإصابة بالدعوة النبوية: ((واخذل من خذله)) وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى /208