المسطور. إلخ كلامه (ع).
وهذا توثيق لهذه الجماعة؛ فإن عرض ذكرهم بعد، فسيكون فيه بسط إن شاء اللَّه تعالى.
وعلى الجملة؛ فقد رشقت سهام جرحهم، وطرقت أقلام قدحهم، علماء الأمة، وفضلاء الملة، حتى من يدعي أكثر المنتحلين للسنة الاقتداء بهم، والانتماء إليهم.
قال الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد (ع): فائدة يعرف بها أهل الأهواء من المحدثين؛ إن من خالف مايهوونه، ويذهبون إليه من الأباطيل يجرحونه؛ فإن أجملوا تركوه.
فمن ذلك ماروى السبكي في طبقاته، عن يحيى بن معين، أنه قال: الشافعي ليس بثقة؛ لمّا كان يتشيع.
[جرحهم للفقهاء الأربعة]
قال (ع): وطعن المحدثون على الفقهاء الأربعة، فقالوا: إن أبا حنيفة، فقيه العراق، يروي عن الضعفاء والمجاهيل؛ وضعفه في نفسه النسائي، وابن عدي، وجماعة.
إلى قوله: وحكوا عنه أنه كان يعتمد القياس، وإن خالف النص.
قال بعضهم: ردّ بقياسه أربع مائة وثلاثين حديثاً.
إلى أن قال: وإن مالكاً، فقيه دار الهجرة يروي عن جماعة متكلم فيهم.
إلى قوله: قالوا: وإن إمام المحدثين، أحمد بن حنبل يروي عن جماعة كذلك.
إلى قوله: وقال ابن معين: جُنَّ أحمد، يروي عن عامر.
وكذلك طعنوا على أبي خالد، وقد عدله أئمة الهدى (ع).
قال (ع): قال الفقيه يحيى بن حميد المقري في كتاب توضيح المسالك: روى الحموي الشافعي في تاريخه، أن الشافعي أسرَّ إلى الربيع، أنه لايقبل شهادة أربعة /189

من الصحابة: معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة، وزياد.
فلم يكن ذلك بقليل عند النواصب.
ثم ذكر ماقاله السبكي في طبقاته، عن يحيى بن معين: إن الشافعي ليس بثقة. انتهى.
[كل واحد من صاحبي الصحيحين يستضعف كثيراً من رجال الآخر]
وبحمد اللَّه تعالى، قد جرح بعضهم بعضاً، فيكفينا في الرد عليهم، وهو لازم لهم؛ وإن كنا لانعرج على كلامهم، ولسنا به نرضى.
فهذا محدثهم الأكبر، محمد بن إسماعيل البخاري، تكلم فيه شيخه، وشيخ مشائخهم، الذي هو مقبول عندهم لاينكر، محمد بن يحيى الذهلي.
فمن كلامه فيه: من ذهب بعد هذا إلى محمد بن إسماعيل البخاري، فاتهموه؛ فإنه لايحضر مجلسه إلا من كان على مثل مذهبه.
وقوله: من يقربه فلا يقربنا.
وترك محمد بن إدريس الرازي، وأبو زرعة، حَدِيْثَه، لما كتب إليهما محمد بن يحيى بذلك.
والبخاري رمى محمد بن يحيى الذهلي بالكذب، ثم اعتمده في صحيحه ودلسه، فكان يقول: محمد بن عبدالله، نِسْبَةً إلى جده.
وهذا عندهم مشهور، واضح غير منكور؛ ذكره الذهبي وغيره.
وقد ذكر تدليسه في نسبته إلى جده كثير من الحفاظ، كابن حجر في مقدمة الفتح، وذكر أن الحاكم وغيره جزموا بذلك في مواضع عدة؛ وهذا تدليس عجيب.
وقال السيد العلامة، يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد (ع)، في سياق كلام:بل في البخاري، تكلم فيه أبو زرعة، ومسلم تكلم في البخاري أيضاً، كما أشار إليه أول خطبته ـ أعني مقدمة كتاب مسلم ـ. انتهى.
قال ابن حجر في مقدمة الفتح، بعد أن حكى ماجرى بين الذهلي والبخاري: قلت: وقد أنصف مسلم فلم يحدث في كتابه لاعن هذا ولا عن هذا. انتهى /190

[عدد المتكلم فيهم من رجال البخاري]
قالوا: وإن البخاري نظر في كتاب مسلم بمحضر منه، فعلّم على جماعة عدهم مسلم في الصحابة، وهم من التابعين، وجماعة عدهم من التابعين، وهم من الصحابة، ورغب مسلم عن جماعة، لم يرغب عنهم البخاري، كما قالوا في عكرمة وعاصم بن علي وغيرهما.
وحكوا أن مسلماً لما وضع كتابه الصحيح، عرضه على أبي زرعة الرازي، فأنكر عليه وتغيّض، وقال: سميته الصحيح، فجعلته سلماً لأهل البدع وغيرهم.
وقالوا: اعتمد البخاري على كثير من أهل الإرجاء، وغيرهم من أهل التدليس، ومجاهيل، ومتكلم فيهم.
فالذين تكلم فيهم بالجرح بحق وباطل، ممن اعتمدهم، ثلاثمائة وخمسة وخمسون رجلاً؛ والذين علق لهم من المتكلم فيهم خمسة وسبعون رجلاً؛ والمجاهيل المختلف فيهم وفي تعيينهم مائة وثمانية وأربعون رجلاً.
ذكر هذا حواري الآل، أحمد بن سعد الدين المسوري ـ رضي الله عنه ـ.
قال السيد العلامة، جمال آل محمد، علي بن عبدالله بن القاسم بن محمد (ع)، في دلائل السبل في سياق كلام: ومع هذا، فإن ابن حجر ذكر ـ ومثل حكايته حكى ابن البيع، وكذا حكى النووي في شرح مسلم، والحاكم في كتاب المدخل إلى معرفة المستدرك ـ أن عدد من أخرج له البخاري في صحيحه، ولم يخرج له مسلم، إلى أربعمائة شيخ وأربعة وثلاثين شيخاً، استضعفهم مسلم، والاستضعاف بمعنى الجرح.
قالوا: وعدد من أخرج له مسلم، ولم يخرج له البخاري: ستمائة وخمسة وثلاثون شيخاً استضعفهم البخاري.
وقالوا أيضاً: وصحيح أن البخاري رمى الذهلي بالكذب واعتمده. انتهى /191

قلت: ومن العجب تعصب من يتعصب، ممن يتسنن وينتمي في الصورة إلى أهل هذا المذهب، كيف يدعي على صحة الصحيحين بزعمهم الإجماع، ولايبالي بما يفضحه عند أرباب الاطلاع؟!.
مع أن من أعظم من ارتكب الغلوّ والمجازفة، والإغراق والمخالفة، أبا عمر، عثمان بن الصلاح، لما ادعى الإجماع على تلقي البخاري بالقبول، استثنى من ذلك ما انتقده عليه الدار قطني وغيره؛ كما ذكر ذلك في مقدمة الفتح.
قال ابن حجر فيها، وقال في مقدمة شرح مسلم له: ما أخذ عليهما ـ يعني على البخاري ومسلم ـ، وقدحه فيه معتمد من الحفاظ، فهو مستثنى مما ذكرناه؛ لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول. انتهى.
ومع هذا فقد ردّ عليه قوله، ولم يسلم له منقوله، وقد حرر الرد على دعوى التلقي، صاحب توضيح الأفكار، وهو في البطلان، أوضح من أن يحتاج إلى بيان؛ فإن النزاع في التصحيح فيهما، فضلاً عن الإجماع عليهما من عصرهما إلى الآن.
قال في الميزان: وفي رواة الصحيحين عدد كثير ماعلمنا أن أحداً نص على توثيقهم.
وقال أيضاً: وفي رجال الصحيحين خلق كثير، مستورون، ما ضعفهم أحد، ولاهم مجاهيل.
قال صاحب الأرواح: والعجب من مجاملة الذهبي بقوله: ولاهم مجاهيل.
ثم قال بعد كلام طويل: فعلمت أن مداهنة الذهبي هيبة؛ لخرق عادة الأصحاب في احترام الصحيحين.
إلى قوله: فما بقي إلا أن يجعل سيئاتهما حسنات. انتهى.
وقد قال ابن الصلاح: إن في كتاب البخاري ماليس بصحيح. انتهى.
[قول الذهبي: في رجال البخاري من لايعرف إسلامه]
وقال الذهبي: إن في رجال البخاري من لم يعرف إسلامه فضلاً عن عدالته.
وقال المقبلي: إن أحاديث رواها البخاري لاتمسها الصحة /192

فهذا كلام حفاظهم المحققين، الذين هم أطول باعاً، وأوسع اطلاعاً، وأشد من هؤلاء المقلدين عنهم دفاعاً، فقد صاروا كما قيل في المثل العامي (زاد على معلمه).
ومن البلية عذل من لايرعوي
عن غيه وخطاب من لايفهم
[حقيقة التشيع المقدوح به عند أهل السنة]
هذا، ومن أعظم البراهين على ميلهم وانحرافهم عن قرناء القرآن، جعلهم الشيعة على الإطلاق من المجروحين، ولم يقصدوا الغالين؛ بل المتولين لعترة خاتم النبيين؛ يعلم ذلك المطلع على مصطلحاتهم، المتصفح لصرائح منصوصاتهم.
قال ابن حجر في مقدمة الفتح: والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة؛ فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه، ويطلق عليه رافضي، وإلا فشيعي.
وقد صرح قبله الذهبي، وشيخه ابن تيمية، أن من يتولى علياً (ع) ويحبه وأهل بيته فهو شيعي.
قال في طبقات الزيدية: وحقيقة الشيعي من قال بتقديم أمير المؤمنين علي (ع) على الشيخين؛ ومن المهم معرفة هذا الشأن، ويسمون عند العامة بالرافضة.
قال السيد صارم الدين: وقالوا: تفضيل علي على عثمان أول عقدة من الرفض؛ وأما تفضيله على الشيخين فرفض كامل.
وأعانهم على ذلك خلفاء الدولتين؛ ومن طالع الأخبار، وعرف علوم الرجال، عرف ذلك ضرورة. انتهى.
وجعلوا مجرد توليهم ومحبتهم بدعة، مع اتفاق الأمة على وجوب موالاة كل مؤمن /193

قال السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير ـ ومقامه شهير ـ معترضاً على تحديد ابن حجر للشيعي مالفظه: فعلى هذا كل زيدي رافضي، وكل مؤمن شيعي؛ فإنه يحبه ـ يعني علياً ـ كل مؤمن.
إلى قوله: وصح أنه لايخرج عن اسم الشيعي، إلا من تجرد عن محبته، فحينئذ يخرج عندهم عن هذه الوصمة؛ وهذا عجيب. انتهى.
قال بعض أئمة العترة (ع) مالفظه: فهؤلاء القوم قد جعلوا مجرد التشيع وصمة في اصطلاحهم، ينزهون كبارهم عنه؛ لكن يرد عليهم سؤال: مايقول أهل السنة؛ هل كان النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يحب علياً وأهل بيته أولا؟.
إن قلتم بالثاني، خالفتم ماورد في كتبكم، وكتب أهل الإسلام، الناصة على أنه كان يحبهم؛ بل خالفتم الضرورة.
وإن قلتم بالأول، فلا يخلو إما أن يحبهم، ولايقدم علياً على المشائخ، أو يقدمه عليهم.
إن كان الأول، لزمكم على اصطلاحكم أنه شيعي، والشيعي عندكم فيه وصمة.
وإن كان الثاني، لزمكم على اصطلاحكم أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ شيعي، غال رافضي، إلخ، لاتقبل روايته في أهل البيت؛ مع أنه قد روي بالتواتر أنه قدمه؛ لأنه في آية المباهلة جعله نفسه، ونفس النبي أقدم.
قلت: وقد تقدم الكلام في ذلك بما فيه كفاية.
قال: وكذا في خبر المنزلة؛ لأن هارون أقدم من سائر بني إسرائيل.
وفي خبر الغدير؛ لأنه قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
والمعلوم أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مولى الصحابة.
وخبر براءة فإنه قدمه على أبي بكر.
قلت: وكلها من الأخبار المتواترة، وقد سبق البحث فيها، وفي غيرها.
قال: وخبر جمع بني هاشم بعد نزول آية إنذار الأقربين، فإنه قدمه على الكل.
هذا لايمكنهم /194

دفعه إلا بالبهت.
وكذا خبر الثقلين، فإنه مقدم لأهل البيت على كافة الأمة، وخبري السفينة فإنه حكم فيهما بوجوب اتباعهم، والمتبوع أقدم وأفضل من التابع.
والخبران هذان لايمكن دفعهما إلا بالمكابرة.
هذا من غير مارووه من الأخبار القاضية بتقديمه؛ فعلى هذا إن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وأهل بيته على مصطلح أهل السنة روافض غلاة مبتدعون؛ صانهم اللَّه عن ذلك، وأعلا درجتهم في الدارين.
ثم إنهم رووا مع الشيعة أن اسم الرفض لمن سماهم به الإمام زيد بن علي.
قلت: وممن رواه منهم النووي في شرح مسلم، وكذا غيره، وهو إجماع الأمة؛ وسيأتي لهذا مزيد بحث إن شاء اللَّه.
قال: فنقلوا هذا الاسم فجعلوه فيمن فضل علياً، أو قدح فيمن حاربه من أعدائه، فإنه ضال مضل؛ مع أنهم قد رووا قوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - في أهل بيته: ((أنا حرب لمن حاربتم))، ونحوه مما يؤدي معناه.
فقد قدح النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ فيمن عادى أهل البيت، أو حاربهم؛ فلزمهم أنه رافضي، وهذا بيّن.
إلى قوله: فلا يخلو أهل السنة من أحد أمرين:
إما أن يقتدوا بالنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وأهل بيته (ع)، ولزمهم التشيع، ولزمهم من الوصمة مالزم الشيعة.
أو لايقولوا بالمحبة لهم، لزمهم العداوة للنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وأهل بيته (ع)؛ لأن القرآن قابل التشيع بالعداوة في قصة موسى {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } [القصص: 15] فليتبوؤا أي الأمرين.
ولله من قال:
وأُقْسِمُ ماجَاْزَوْهُ في أهل بيته .... وفي نفسه إلا جزا أمّ عامر
/195

ثم إنه قد اشتهر عن أمير المؤمنين أنه نال من معاوية وأضرابه، وتجرم من أهل السقيفة؛ ومن فعل هذا فهو عندهم ضال مضل، رافضي غال؛ إلى آخر عباراتهم الشنيعة.
فيلزمهم أن علياً ـ كرم اللَّه وجهه ـ كذلك.
وكذلك النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قد سمى أعداء أمير المؤمنين بالناكثين، والقاسطين، والمارقين الباغين.
فيلزمهم في النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ لأن هذه السمات من أبلغ السب.
[قدحهم في الحاكم والكلام على النسائي]
ولذا قال بعضهم: لايُقبل من الحاكم؛ لأنه كان ينال من معاوية.
حتى قال السبكي: لايليق بالحاكم ذلك.
ورموا النسائي بالتشيع؛ لإمتناعه من التأليف في فضل معاوية.
قلت: النسائي هو أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب الخراساني، صنف كتاب الخصائص في فضائل الوصي ـ صلوات الله عليه ـ.
قال السيد صارم الدين (ع): خرج من مصر إلى دمشق، فسئل بها عن فضائل معاوية، فقال: لايرضى رأساً برأس حتى يتفضل؟!؛ لا أعرف إلا حديث: ((لاأشبع اللَّه بطنه)).
فداسوه بأرجلهم، فتوفي بعد ذلك شهيداً.
وذكر مثل هذا في طبقات الزيدية، قال فيها: قال الإمام أبو علي النيسابوري: حدثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة، أبو عبد الرحمن النسائي، وكان له في الرجال شرط أشد من شرط البخاري ومسلم.
وذكر فيها أنه لما سُئل عن معاوية أي شيء؟ أخرج حديث: ((اللهم لاتشبع بطنه)) /196

فسكت السائل.
وفيها: وحُمل إلى مكة وتوفي بها، كذا قيل، والصواب إلى الرملة.
وقال الدارقطني: خرج حاجاً فامتحن بدمشق، وأدرك الشهادة، فقال: احملوني إلى مكة.
فحُمل فتوفي بها.
وهو مدفون بين الصفا والمروة.
وكان وفاته في شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة. انتهى.
وفي الخلاصة: سنة أربع وثلاثمائة شهيداً..إلخ.
خرج له الإمام المرشد بالله (ع)، وعده السيد صارم الدين، وابن حميد، وابن حابس: في ثقات محدثي الشيعة.
[إقرار حفاظهم أنها لم تصح لمعاوية فضيلة]
قلت: وقد أقرّ حفاظهم أنه لم يصح لمعاوية بن أبي سفيان فضيلة.
وكيف يصح لرأس الدعاة إلى النار، ومحارب إمام الأبرار، وقاتل عمار، والألوف من المسلمين، والراد لقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) فضيلةٌ؟!.
قال ابن حجر في فتح الباري شرح البخاري: وقع الإجماع على أن معاوية لم تصح له فضيلة، وتواتر عن إسحاق بن راهويه، أن كل فضيلة تروى لمعاوية فإنها كذب على النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وإنما ذكر البخاري معاوية ـ وإن لم يكن له فضيلة ـ دمغاً لرؤوس الروافض. انتهى.
قال ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي: فسبحان اللَّه! كيف يدمغ رؤوس الروافض بذكر فرعون هذه الأمة؟!.
إلى قوله: وقد صحّ وقطع بأنه منافق؛ لبغضه علياً، وقد تواتر أن بغضه نفاق، وثبت أنه حرب لرسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ وقد صح أنه قال في علي: ((حربك حربي)).
فمن أحق بالدمغ، الروافض، أم النواصب؟.
هذا إن أريد بالروافض من رفض الجهاد مع الأئمة من آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، /197

كزيد بن علي (ع)، فأما إن أريد من قدم وفضل علياً، فأطمّ وأطمّ أن يدمغ رؤوس العترة وأنصارهم، بذكر عدوّهم وعدوّ محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
إن هذا ليوجب كفر الدامغ، فكيف بتصحيح سنده؟
إلى قوله: والحديث الذي فيه: ((لاأشبع اللَّه بطنه)) أخرجه مسلم عن ابن عباس؛ وهو الذي أشار إليه النسائي.
وروى في الإقبال للسيد الإمام المهدي بن الهادي النوعة ـ رضي الله عنه ـ، عن أبي برزة قال: تغنّى معاوية، وعمرو بن العاص؛ فقال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((اللهم اركسهما في الفتنة ركساً، ودعّهما في النار دعّاً)).
قال ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي: أخرجه أحمد في المسند، وأخرجه أحمد، وأبو يعلى عن أبي برزة، وقَبِلَه الطبراني.
ورواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى أبي برزة الأسلمي.
وذكره ابن الأثير في النهاية. انتهى.
قلت: وأخرجه الطبراني في الكبير، عن ابن عباس؛ أفاده في النصائح لابن عقيل.
وروى الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي، عن الحاكم، رافعاً له إلى النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، أنه قال: ((إذا رأيتم معاوية على منبري فاضربوا عنقه)).
وقال (ع): رواه جماعة، منهم أبو سعيد الخدري، وجابر بن عبدالله الأنصاري، وحذيفة بن اليمان، وعبدالله بن مسعود.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: ورواه نصر بن مزاحم، بسنده إلى ابن مسعود؛ قاله ابن أبي الحديد.
وروى الذهبي في الميزان: ((إذا ارتقى معاوية على منبري فاقتلوه)).
وفي رواية: ((فابقروا بطنه)).
وأورد أيضاً: ((إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه)) بثلاثة أسانيد، عن أبي سعيد. انتهى من التفريج.
قال ابن بهران: وقواه الذهبي، وأخرجه ابن عدي، عن أبي سعيد مرفوعاً.
وأخرجه العقيلي عن الحسن بلفظ: ((إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه)).
ورواه سفيان بن محمد بسنده إلى الباقر، عن جابر مرفوعاً. انتهى من النصائح لابن عقيل.
ورواه محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى أبي سعيد في مناقبه.
ورواه عن الحسن البصري، من طريقين. انتهى. /198

21 / 143
ع
En
A+
A-