شرح النهج وغيره.
رجعنا إلى تمام الخبر.
قال: واختلف أهل البيت، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -؛ ومنهم من يقول ماقال عمر.
انظر كيف رجعت مسألة خلاف، بين رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وعمر بن الخطاب؛ إنا لله وإنا إليه راجعون.
قال: وفي رواية: ومنهم من يقول غير ذلك؛ فلما أكثروا اللغط والاختلاف، قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((قوموا عني)).
قال: وكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية، ماحال بين رسول اللَّه صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب.
وساق رواية أخرى قال فيها: ثم بكى ـ أي ابن عباس ـ حتى بل دمعه الحصى.
وأَمْرُ هذه الواقعة معلوم، وإنما آثرت رواية الصحاح لتسليم الخصوم.
فبالله عليك، أترى هذا خلافاً لرسول اللَّه صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم أم لا؟ وهل هذا يبطل حجية قوله صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ؟.
بل نقول: لااعتبار بمن خالف الحجة، وإن خالف من خالف، وإن اختلفت أحكام المخالفة، وعند الله تجتمع الخصوم؛ وأما عدم إنكار الوصي صلوات الله عليه المخالفة فخلاف المعلوم، من أقواله وأفعاله، وخطبه منادية بالإنكار على الاستمرار، منها قوله: أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم؟.
وقوله: أين يتاه بكم عن علم تنوسخ عن أصلاب أصحاب السفينة؟.
وقوله: نحن الشعار والأصحاب، والخزنة والأبواب؛ ولا تؤتى البيوت إلا من أبوابها، فمن أتاها من غير أبوابها سمي سارقاً.
وقال في ذم المخالفين له: لايقتصون أثر نبي، ولايقتدون بعمل وصي.
إلى غير ذلك مما يفوت الحصر.
وأورد ابن تيمية في فتاواه ص24 في الجزء (20) ـ الطبعة الأولى ـ: وقال عليٌ في قصة التي أرسل إليها عمر فأسقطت لما قال له عثمان وعبد الرحمن بن عوف: أنت مؤدب ولا شيء عليك: إن اجتهدا فقد أخطآ، وإن لم يكونا اجتهدا فقد غشّاك.
ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى .... ولكنّها الأهواءُ عمّت فأَعْمتِ
وهذا هو القول المعمول به، عند قدماء العترة ـ صلوات الله عليهم ـ؛ كما قرره إمام /146

الأئمة الهادي إلى الحق في الأحكام، وغيره من مذهبه ومذهب آبائه (ع).
وكرره الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد.
وقال الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)، في الشافي: وكلام علي(ع) حجة..إلخ.
[أدلة لزوم علي للحق ـ مخرجوها]
قال المولى الحسن ـ أيده الله ـ في التخريج: قال علي بن الحسين في المحيط: ومن خصائص علي (ع) أن قوله حجة يجب المصير إليه؛ وذلك إجماع أهل البيت، لايختلفون فيه.
ثم استدل بأخبار فقال:
روى الناصر للحق.
إلى قوله: بسنده إلى أم سلمة قالت: سمعتُ النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: ((علي مع القرآن، والقرآن مع علي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
ثم قال: وحدثني السيد يحيى بن الحسين الحسني؛ وساق سنده إلى زيد بن علي قال: كان علي بعد النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ علماً في الحق والباطل؛ لو أخذ الناس جانباً، أخذنا مع علي.
وروى بإسناده إلى زيد بن علي قال: نحن أهل البيت، لم نستوحش إلى أحد من هذه الأمة، إذا ثبت لنا الأمر عن أمير المؤمنين، لم نَعْدُهُ إلى غيره.
وقال: حدثني القاضي أبو علي الحسن بن علي الصفار؛ وساق إلى ابن عباس قال: إذا بلغنا شيء عن علي (ع)، من قضاء، أو فتيا؛ وثبت، لم نجاوزه إلى غيره.
قلت: وفي الجزء السابع من فتح الباري شرح البخاري ص 73: فقد روى ابن سعد بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: إذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا، لم نتجاوزها.،انتهى.
وفي الاستيعاب، بالسند إلى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كنا إذا أتانا الثبت عن علي، لم نعدل به. انتهى.
قال: وحدثني والدي؛ وساق إلى عبدالله بن الحسن قال: كان رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يذكر الفتن، وما يكون في أمته؛ فمرّ علي بن أبي طالب فقال: ((ياحذيفة، هذا وحزبه الهداة إلى يوم القيامة، لو أخذت الأمة جانباً، وأخذ علي جانباً كان الحق مع علي، وعلي مع الحق)). من المحيط /147

قلت: وقد سبق للإمام رواية خبر عمار، بسنده إلى علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري، فقلنا له: إن اللَّه تعالى أكرمك بمحمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك.
إلى قول أبي أيوب: إني أقسم لكما بالله، لقد كان رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في هذا البيت الذي أنتما فيه، ومافي البيت غير رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وعلي جالس عن يمينه، وأنا قائم بين يديه، إذ حرّك الباب، فقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يا أنس انظر من بالباب)).
فنظر فرجع، فقال: هذا عمار بن ياسر.
قال أبو أيوب: فسمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، يقول: ((يا أنس افتح لعمار، الطيِّب المُطيَّب)).
ففتح أنس الباب.
إلى قول رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعمار: ((فعليك بهذا الذي عن يميني ـ يعني علياً (ع) ـ وإن سلك الناس كلهم وادياً، وسلك علي وادياً، فاسلك وادي علي، وخل الناس طراً؛ يا عمار، إن علياً لايضل عن هدى؛ ياعمار، إن طاعة علي من طاعتي، وطاعتي من طاعة اللَّه عز وجل)).
قال ـ أيده الله ـ: ورواه الإمام أبو طالب (ع)، بإسناده إلى أبي أيوب الأنصاري.
وأخرجه ابن البطريق في العمدة؛ ذكره علي بن عبدالله بن القاسم بن محمد (ع) في الدلائل.
وأخرجه الديلمي وهو معنى ماذكر.
قال: وقال أبو جعفر الهوسمي: إن خبر ((علي مع الحق)) صحيح بالإجماع.
قال في المحيط: حديث ((علي مع الحق، والحق مع علي))؛ روي ذلك رواية عامة، لم يدفعه أحد.
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أنه قال لعلي: ((أنت باب علمي، والحق معك، وعلى لسانك)) أخرجه الكنجي، عن علي (ع).
وروى محمد بن سليمان الكوفي، بإسناده إلى سعد، وأم سلمة، أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال: ((علي مع الحق، والحق معه)).
إلى قوله: وروى بإسناده، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: ((من أحبني فليحب علياً؛ ألا إنه مني، وأنا منه)) /148

وساق إلى قوله: ((فالحق معه وهو حيث الحق))؛ ثم التفت إلى علي، وقال: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؛ إلا أنه لانبي بعدي)).
وروى ـ أي محمد بن سليمان ـ بإسناده إلى أم سلمة قالت: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، يقول لعلي: ((أنت مع الحق، والحق معك)).
وروى بسنده إلى زيد بن علي، عن آبائه، عن علي قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يا علي، إنك الهادي لمن اتبعك؛ ومن خالفك ضلّ إلى يوم القيامة)).
وروى بسنده إلى محمد بن ثابت الأنصاري، عن أم سلمة، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال: ((لايزال الدين مع علي، وعلي معه، حتى يردا عليّ الحوض)).
وروى بسنده إلى ابن عباس، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أنه قال: ((يامعشر المسلمين، لاتخالفوا علياً فتضلوا، ولاتحسدوه فتكفروا)).
قلت: ورواه محمد بن منصور، بسنده إلى زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (ع).
قال: وقد مرّ حديث بريدة، الذي أخرجه الكنجي، عن عمران بن الحصين، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في علي (ع)؛ وفيه: ((فلا تخالفوه في حكمه)).
قال: ورواه أبو عيسى الحافظ ـ يعني الترمذي ـ.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مخاطباً لعائشة.
إلى قوله: ((وأنه مع الحق، والحق معه)) من حديث طويل، أورده أبو جعفر الإسكافي، عن أم سلمة.
ومن حديث أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم، قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أطيعوا علياً، فمن أطاعه فقد أطاعني، ومن خالفه فقد خالفني؛ ألا لعن اللَّه من خالف علياً)) رواه في الكامل المنير.
وقال: ((ألا إن التاركين ولاية علي، هم الخارجون من ديني، فلا أعرفنّ خلافكم على الأخيار من بعدي)) رواه أبو العباس الحسني، عن حذيفة.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به، لن تضلوا؟)).
قالوا: بلى.
قال: ((هذا علي))..الخ من حديث رواه أبو نعيم، ومحمد بن سليمان الكوفي، عن الحسن بن علي من ثلاث طرق، والطبراني والكنجي، عن الحسن السبط أيضاً؛ وأخرجه ابن المغازلي، عن زيد بن أرقم.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي: ((وإن /149

الحق معك، وعلى لسانك، وفي قلبك)) من حديث جابر؛ رواه القاسم بن إبراهيم (ع)، وابن المغازلي؛ ورواه عنه محمد بن سليمان الكوفي، من طريقين؛ ورواه بهاء الدين علي بن أحمد الأكوع، بسنده عن جابر؛ ورواه الإمام المنصور بالله، بطريقه إلى الناصر للحق (ع)، يبلغ به جابراً؛ وقد مرّت روايته (ع)؛ ورواه الكنجي، بسنده إلى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((فإنه ـ يعني علياً ـ لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة)) من حديث زيد بن أرقم؛ أخرجه الحاكم في المستدرك، والطبراني، والكنجي، ومحمد بن سليمان، وأبو نعيم؛ ورواه فقيه الخارقة، بسنده إلى أبي إسحاق، عن زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم.
قلت: وإنما رواه لقصد التصويب على رواية الشيخ محيي الدين للخبر؛ وهو من إخراج الإقرار بالحق على ألسنة المبطلين.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أنا المنذر وأنت الهادي؛ بك ياعلي، يهتدي المهتدون))؛ أخرجه في المحيط، عن ابن عباس؛ وأخرجه ابن عساكر، عن علي(ع)؛ والديلمي، والكنجي؛ وأخرج في المحيط أيضاً نحوه، عن زين العابدين (ع)؛ وأخرج نحوه الناصر للحق، عن أبي برزة الأسلمي، من دون زيادة ((بك يهتدي)) إلخ؛ أخرجه ابن مردويه؛ والضياء في المختارة، عن ابن عباس، وابن مردويه أخرجه أيضاً عن أبي برزة؛ وأخرجه في زوائد المسند، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وابن عساكر، عن علي (ع)؛ وأخرجه ابن جرير، وأبو نعيم، والديلمي، وابن عساكر، وابن النجار، والثعلبي، والنقاش؛ وأخرجه الحاكم الحسكاني، عن علي (ع)، وعن ابن عباس من ست طرق، وعن أبي برزة من ثلاث، وعن أبي هريرة، وعن يعلى بن مرة، وعن مجاهد، وعن زرقاء الكوفية.
وخبر: ((علي مع الحق، والحق مع علي))، رواه في المحيط، بإسناده إلى أبي اليسر، عن عائشة.
ورواه ابن المغازلي، بسنده إلى أبي سعيد؛ ورواه أيضاً عن علي من حديث المناشدة؛ ورواه الإمام أبو طالب ـ عليه /150

السلام ـ بلفظ: ((علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي)).
عن أم سلمة: ((وعلي مع القرآن، والقرآن مع علي))؛ أخرجه الحاكم، والطبراني، والكنجي، ومالك؛ عن أم سلمة أخرجه في الموطأ.
وأخرج البخاري في صحيحه، عن علي (ع)، قال: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: ((رحم اللَّه علياً، اللهم أدر الحق معه حيثما دار)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((من فارق علياً، فقد فارقني))؛ أخرجه الحاكم، عن أبي ذر؛ وابن المغازلي، عن ابن عمر وأبي ذر.
قلت: وفي شرح الغاية: وأخرج أحمد في المناقب، والحاكم عن أبي ذر، قال: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول: ((ياعلي من فارقني فارق اللَّه، ومن فارقك فقد فارقني)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ستقاتلك الفئة الباغية، وأنت على الحق))؛ أخرجه ابن عساكر، عن عمار.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((الحقُّ مع ذا، الحقُّ مع ذا)) ـ يعني علياً ـ؛ أخرجه أبو يعلى، وسعيد بن منصور، عن أبي سعيد الخدري؛ وابن المغازلي، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((علي على الحق، ومن تبعه فهو على الحق، ومن تركه ترك الحق))؛ رواه موسى بن قيس، الملقب عصفور الجنة.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن الحق معك، وعلى لسانك، وفي قلبك، وبين عينيك)) من حديث الناصر للحق، بسنده إلى جابر عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ وقد مرّ مثله؛ وهو طويل جامع لفضائل عظيمة.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة)) ـ يعني علياً (ع) ـ؛ أخرجه الخطيب، عن أنس؛ وأخرجه ابن المغازلي عنه بدون ((يوم القيامة)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي: ((وأنت الفاروق، الذي يفرق بين الحق والباطل))؛ أخرجه المرشد بالله (ع)، وأبو علي الصفار، والطبراني عن أبي ذر، ومحمد بن سليمان عن أبي ذر من طريقين، وعن سلمان وأبي ذر معاً من طريق؛ وأخرجه ابن عدي، والعقيلي، والبيهقي، والكنجي عن ابن عباس؛ والبيهقي وابن عدي، عن حذيفة، عنه صلى /151

الله عليه وآله وسلم؛ وأخرجه ابن عساكر عن ابن عباس، ورواه عن أبي ليلى في ظاهر قول الكنجي؛ وأخرجه أبو عمر بن عبد البر، عن أبي ليلى الغفاري؛ والكنجي، عن أبي ليلى أيضاً؛ ورواه أبو جعفر الإسكافي، عن أبي رافع؛ ورواه في المحيط علي بن الحسين.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه))؛ أخرجه الحاكم وصححه؛ والديلمي، عن ابن عباس؛ ومحمد بن سليمان، عن أنس من أربع طرق؛ وابن مردويه، عن أنس، والحارث بن محمد الأسدي؛ وأخرجه أبو نعيم، والكنجي، وصاحب المحيط؛ ورواه أبو القاسم الجابري، بسنده إلى ابن عباس وابن مسعود وجابر؛ وصدره: ((ليهنك ياأبا الحسن العلم والحكمة؛ أنت وارث علمي؛ من أحبك لدينك وأخذ بسنتك، فقد هُدي إلى صراط مستقيم؛ ومن رغب عن هداك وأبغضك، لقي اللَّه ولا خلاق له)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((علي باب علمي، ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي؛ حبه إيمان، وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة))؛ أخرجه الديلمي عن أبي ذر.
وروى محدث الشام، محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، بالإسناد إلى ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ، يقول: ((هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي بعدي)).
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي: ((أنت تؤدي دِيني، وتقاتل على سنتي، وأنت باب علمي، وإن الحق معك، والحق على لسانك))؛ رواه الإمام الأعظم زيد بن علي (ع). أفاده في شرح الغاية.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((خذوا بحجزة هذا الأنزع؛ فإنه الصديق الأكبر، والهادي لمن اتبعه؛ من اعتصم به أخذ بحبل اللَّه، ومن تركه مرق من /152

دين اللَّه، ومن تخلف عنه محقه اللَّه، ومن ترك ولايته أضله اللَّه، ومن أخذ بولايته هداه الله))؛ رواه العلامة إبراهيم بن محمد الصنعاني، في كتاب إشراق الإصباح، عن محمد بن علي الباقر، عن آبائه، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
انتهى المأخوذ من الشافي وشرح الغاية ودلائل السبل، والتفريج، والتخريج، بتصرف.
ولقد اعترف بالحق علماء المخالفين؛ لما بهرتهم البراهين.
قال البيهقي: ومن اقتدى في دينه بمتابعة علي بن أبي طالب، كان على الحق؛ والدليل عليه قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((اللهم أدر الحق مع علي أينما دار)).
وقال أيضاً هو والرازي: ومن اتخذ علياً إماماً لدينه، فقد تمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه.
والحق أبلج ماتخيل سبيله .... والحق يعرفه أولوا الألبابِ
[جمع نفيس لنصوص نبوية، في أخي الرسول ووصيه]
هذا، واعلم أنه قد وقع الجمع لزبدة شافية، من نصوص سيد المرسلين، في أخيه سيد الوصيين ـ عليهم صلوات رب العالمين ـ في خاتمة بحث من التحف الفاطمية ، نفع اللَّه بها؛ ووقفت على مثله في التخريج العظيم، الذي وَشّح به الشافي، المولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي ـ أيده الله تعالى ـ؛ ولم يكن قد وقع اطلاع على هذا البحث، ولا على سائره على سبيل التفصيل؛ وإنما كان قد ناولني الكتاب، وأمليت عليه بعض مباحثه، وهو باق ـ حال تأليف التحف ـ لديه، ولو كان قد وقع الاطلاع عليه، لجمعت البحثين هناك.
وكذا وقع التوافق، على رسم مخرجي أخبار الكساء، وأسماء الرواة، على تلك الصفة، وحصل ـ بحمد اللَّه ـ في كل واحد من الأبحاث، مالم يكن في الآخر؛ وقد ترجح إيراد ماحرره هنا، وجَعْلُه خاتمة لهذا المقام؛ ليكون من وقف على الجميع وقف على منتهى المرام على التمام، والله تعالى ولي التوفيق إلى أحسن ختام. /153

قال ـ أيده الله ـ: ويعلم اللَّه، أن من تأمل ما اشتمل عليه هذا الكتاب أصلاً وتعليقاً.
قلت: يعني الشافي وما علق عليه، أي: وحدهما، دع ما سواهما، فكيف بمن تأملهما، وتأمل غيرهما؟.
قال: لا يبقى معه شك في إمامة علي (ع)، وكونه حجة يجب اتباعه، ويحرم خلافه؛ فإنه باب العلم، وباب الحكمة، وباب حطة، والمبين للأمة، والهادي، وعيبة علم محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وأعلم الأمة، وأفقهها، وإمام أولياء اللَّه، ونور من أطاعه، وخير الأمة، والصديق الأكبر، والفاروق، عديل نفس رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ولي كل مؤمن، ومولى كل مؤمن، سيد العرب، وسيد المسلمين، وإمام المتقين، والكلمة التي ألزمها اللَّه المتقين، الطاهر المطهر، أحب الخلق إلى اللَّه، وإلى رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، يحبه اللَّه ورسوله؛ مِن محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بمنزلة هارون من موسى، وبمنزلة رأسه من بدنه، من محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ومحمد منه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وجبريل منهما؛ أفضل السابقين والصديقين، وارث أخيه محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وخليفته من بعده، ووصيه، ووزيره، وخليله، والأحق به، المنتجى لله، والمختار بعد أخيه، سيد في الدنيا والآخرة، سيد ولد آدم ماخلا الأنبياء، ذو اللواء في الدنيا والآخرة، أول الناس وروداً على الحوض، والساقي من أحبه، قسيم النار والجنة، المتولي لمفاتيح خزائن رحمة اللَّه؛ الأبصر بالقضية، والأعدل في الرعية، والأقسم بالسوية، والأعظم في المزية؛ خير الخلق والخليقة، وأقربهم إلى اللَّه وسيلة؛ منصور من نصره، مخذول من خذله؛ هو مع الحق والقرآن، وهما معه؛ من فارقه فارق اللَّه، ومن لم ينصره فليس من محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ عَلَم الهدى، وحتف الأعداء، سيف اللَّه الذي لاينبو؛ حبه إيمان، وبغضه نفاق؛ من تمسك به لن يضل، ذو الجواز، خير البرية؛ وهو الطريق الواضح، والصراط المستقيم؛ وهو باب اللَّه الذي لايؤتى إلا منه، باب الجنة، والمقتول على السنة؛ أمير المؤمنين، ويعسوب الدين، /154

وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم، وصالح المؤمنين؛ حجة اللَّه على الأمة، خاتم الأوصياء؛ لم يسبقه الأولون، ولا يدركه الآخرون؛ قرين محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في درجته، في السنام الأعلى، أبو ولده، واسطة بينه وبين خليل الرحمن.
فمن ذا يشك في أمره إلا مصاب بدعوة أخيه؟! وحقه على كل مسلم كحق الوالد على بنيه، المردود عليه الغزالة صلى اللَّه على محمد وآله وسلم.
انتهى المراد.
فإذا أحطتَ علماً بما قضت به هذه البراهين الناطقة، وفهمتَ ما صرحت به تلك الحجج من كتاب رب العالمين، وسنة الرسول الأمين صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم المتطابقة، لاالدواعي الماحلة، والأماني الماحقة؛ علمتَ علماً لاريب فيه، أن جماعة إمام الأبرار، وقسيم الجنة والنار، وأتباع سائر العترة الأطهار، الذين تركهم الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ خلفاء مقامه، وقرناء كتاب ربه، وأمر أمته بالتمسك بهم في جميع الأعصار ـ هي الجماعة الصادقة؛ وأن سنتهم هي السنة الجامعة لا المفارقة، وأن فرقتهم هي الفرقة الناجية، والعصابة الهادية، وكلمتهم هي الكلمة الباقية ـ؛ ومن يتول اللَّه ورسوله والذين آمنوا فإن حزب اللَّه هم الغالبون؛ وأن من اتبع غير سبيلهم، أو لم يتمسك بحبلهم، وزاغ عن سفينتهم، ولم يدخل في قبيلهم، أو ركن إلى أعدائهم، ولم يعتصم بهداهم؛ فهو النابذ للكتاب ظهرياً، والمرتكب من الضلال والمحال شيئاً فرياً، وهو الخارج عن الطاعة، والمفارق للجماعة، والرافض للكتاب وللسنة والعترة، والمتبع للضلالة والفرقة والبدعة، فسوف يلقون غياً؛ وهو السالك سبيل المخافة، والخالف لنبيه في أهل بيته شر الخلافة /155

17 / 143
ع
En
A+
A-