وصححه مرفوعاً.
وأخرج نحوه المحاملي عن عبدالله بن أسعد.
وأخرج نحوه الكنجي عن أبي ذر، وعن ابن عباس.
ومحمد بن منصور عن ابن عباس.
وأخرجه الخوارزمي، وأبو نعيم في الحلية بلفظ: ((مرحباً بسيد المسلمين وإمام المتقين)). انتهى.
وقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ألا أدلكم على ماإن تساءلتم عليه، لم تهلكوا؛ إن وليكم اللَّه، وإن إمامكم علي بن أبي طالب؛ فناصحوه وصدقوه، فإن جبريل أخبرني بذلك)).
أخرجه الإمام الأعظم، صاحب الجيل والديلم، الناصر للحق (ع)، وابن المغازلي.
ورواه ابن دَيْزِيل، بسنده إلى زيد بن أرقم، قاله صاحب شرح النهج.
أفاده في التخريج.
[تسمية الرسول (ص) علياً بسيد العرب]
وأخرج نحوه أبو نعيم بلفظ: ((ادعوا لي سيد العرب علياً)) فقالت عائشة: ألست سيد العرب؟
قال: ((أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب)).
فلما جاء، أرسل إلى الأنصار فأتوه، فقال لهم: ((يا معشر الأنصار، ألا أدلكم على ماإن تمسكتم به لن تضلوا أبدا؟)).
قالوا: بلى، يا رسول اللَّه.
قال: ((هذا علي، فأحبوه بحبي، وأكرموه بكرامتي؛ فإن جبريل أمرني بالذي قلت لكم عن اللَّه عز وجل)).
وأخرجه الطبراني، عن الحسن السبط (ع) بلفظ: ((يا أنس، انطلق فادع لي سيد العرب)) الخبر بلفظه إلا أنه قال: فلما جاء قال: ((يامعشر الأنصار)) وليس فيه ذكر الإرسال.
أخرجه الإمام المرشد بالله، بسنده إلى زيد بن أرقم، عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال: ((ألا أخبركم بما إذا تبعتموه لم تهلكوا، ولم تضلوا؟)).
قالوا: بلى.
قال: ((علي بن أبي طالب))، وعلي إلى جانبه؛ فقال: ((وازروه وناصحوه وصدقوه)).
ثم قال: ((جبريل أمرني بالذي قلتُ لكم)).
ورواه عنه الإمام (ع) في الشافي.
وأخرج قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ألا أدلكم على ماإن تمسكتم به لن تضلوا؟)).
قالوا: بلى.
قال: ((هذا علي))..إلخ محمدُ بن سليما ن الكوف ي، عن الحسن السبط (ع)، من ثلاث طرق؛ والكنجي عنه أيضاً.
وأخرج محمد بن منصور المرادي ـ رضي الله عنه ـ، بسنده إلى الإمام الأعظم، زيد بن /136
علي، عن آبائه، عن علي (ع)، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يامعشر المسلمين، لاتخالفوا علياً فتضلوا، ولا تحسدوه فتكفروا)).
وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي، بسنده إلى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
وروى أيضاً بسنده إلى الإمام الأعظم، زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (ع) قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ياعلي، إنك الهادي لمن تبعك؛ ومن خالف طريقك ضلّ إلى يوم القيامة)).
وفي معناه قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((خذوا بحجزة هذا الأنزع، فإنه الصديق الأكبر، والهادي لمن اتبعه؛ من اعتصم به أخذ بحبل اللَّه، ومن تركه مرق من دين اللَّه، ومن تخلف عنه محقه اللَّه، ومن ترك ولايته أضله اللَّه، ومن أخذ بولايته هداه اللَّه)).
رواه العلامة إبراهيم بن محمد الصنعاني، في كتاب إشراق الإصباح، عن محمد الباقر، عن آبائه (ع)، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
والأخبار في هذا الباب كثيرة، ستأتي إن شاء الله تعالى منها غُرر منيرة.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن اللَّه عهد إلي في علي عهداً، فقلت: يا رب، بيّنه لي؛ قال: اسمع، إن علياً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين؛ من أحبه فقد أحبني، ومن أطاعه فقد أطاعني؛ فَبَشِّرْهُ بذلك؛ فقلتُ: قد بشرته يارب؛ فقال: أنا عبدالله، وفي قبضته، فإنْ يعذبني فبذنوبي، لم يظلم شيئاً، وإن يتم لي ماوعدني فهو أولى؛ وقد دعوت له، فقلت: اللهم اجْلِ قلبه، واجعل ربيعه الإيمان بك؛ قال: قد فعلت، غير أني مختصه بشيء من البلاء، لم أختص به أحداً من أوليائي؛ فقلت: يا رب أخي وصاحبي؛ قال: إنه سبق في علمي أنه مبتلى ومبتلى به)) أخرجه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء، عن أبي برزة الأسلمي.
ذكره ابن الإمام (ع) في شرح الغاية مختصراً، وابن أبي الحديد في شرح النهج، تاماً؛ وغيرهما.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: وأخرجه ابن المغازلي عن أبي برزة؛ وأخرجه بهاء الدين الأكوع، بالسند إلى أبي جعفر، عن أبي برزة. انتهى.
قال شارح النهج: ثم رواه ـ أي أبو نعيم ـ بإسناد آخر، بلفظ آخر، عن أنس بن /137
مالك: ((إن رب العالمين عهد إليّ في علي عهداً، أنه راية الهدى، ومنار الإيمان، وإمام أوليائي، ونور جميع من أطاعني؛ إن علياً أميني غداً في القيامة، وصاحب رايتي؛ بيد علي مفاتيح خزائن رحمة ربي)) انتهى.
ورواه ابن الإمام (ع) مختصراً عن محدث الشام الكنجي الشافعي، عن أبي نعيم.
وروى الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشافي، أن عماراً ـ رضي الله عنه ـ، خرج في بعض أيام صفين، والقراء محدقون به، حتى دنا من مقام علي في الصف، فقال: ألا أحدثكم بحديث، سمعتُه من رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في هذا الواقف ـ يعني علياً (ع) ـ؟.
قلنا: هات يا أبا اليقظان.
قال: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول لهذا: ((ياعلي، إن اللَّه زينك بزينة، لم يزين أهل الدنيا بزينة هي أحب إلى اللَّه منها، وهي زينة الأبرار عند اللَّه: الزهد في الدنيا؛ فجعلك لا تميل إليها ولا تميل إليك، ووهب لك مع ذلك حب المساكين، فجعلهم يرضون بك إماماً، وترضى بهم أتباعاً؛ فطوبى لمن صدق عليك، وويل لمن كذب عليك؛ فإني أقسم بالله، ليوقفنهم اللَّه موقف الكذابين)).
ثم قال: قاتلوا هذه الراية ـ يعني راية معاوية ـ فوالله، لقد قاتلتها مع رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ثلاث عشرة مرة بهذه المرة؛ والله، ما هي في هذه المرة بأبرئها من الشرك.
ثم نظر إلى راية علي (ع)، ثم قال: قاتلوا مع هذه الراية؛ فوالله، لقد قاتلت معها اثنتي عشرة مرة، والله، ماهي في هذه المرة بأقلهن براً.
ثم قال الإمام (ع): فهذا كلام عمار، الذي يدور مع الحق أينما دار، بشهادة الرواة للأخبار، عن النبي المختار ـ صلى الله عليه وآله الأخيار ـ. انتهى.
[أحاديث متنوعة في فضائل علي ـ ومخرجوها]
قال شارح النهج، في سياق أخبار في أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ: الخبر الأول ((ياعلي، إن اللَّه قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إليه منها، هي زينة الأبرار، الزهد في الدنيا، جعلك لاترزأ من الدنيا شيئاً، ولا ترزأ الدنيا منك شيئاً، ووهب لك حب المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعاً، ويرضون بك إماماً)).
رواه أبو نعيم الحافظ في كتابه المعروف بحلية الأولياء، وزاد فيه أبو /138
عبدالله أحمد بن حنبل في المسند : ((فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك)) انتهى.
وأخرج الإمام المرشد بالله (ع)، بسنده إلى أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي (ع): ((إن اللَّه تعالى جعلك تحب المساكين، وترضى بهم أتباعاً، ويرضون بك إماما؛ فطوبى لمن اتبعك وصدق فيك، وويل لمن ابغضك وكذب فيك)).
وأخرج خبر الشافي، صاحب درر السمطين، محمد بن يوسف المحدث الشافعي، عن عمار بن ياسر ـ رضوان الله عليه ـ باختلاف يسير، وفيه: ((ترضى بهم أتباعاً، ويرضون بك إماماً)) أفاده الإمام القاسم بن محمد (ع).
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج، بعد ذكر خبر الشافي: وروى هذا الخبر ابن المغازلي عن أبي أيوب؛ اسم أبي أيوب خالد بن زيد.
وأخرجه أحمد، وأخرجه أبو نعيم، إلى: ((فطوبى له)) قاله ابن أبي الحديد.
وأخرجه الكنجي، عن أبي مريم السلولي، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ. انتهى.
وقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لأبي بن كعب: ((عليك بعلي فإنه الهادي المهتدي، الناصح لأمتي، المخبر بسنتي؛ وهو إمامكم بعدي؛ فمن رضي بذلك، لقيني على مافارقته عليه، ومن غير وبدل، لقيني ناكثاً بيعتي، عاصياً لأمري، جاحداً لنبوتي، لاأشفع له عند ربي، ولا أسقيه من حوضي)).
أخرجه محمد بن سليمان الكوفي ـ رضي الله عنه ـ بسنده إلى الإمام النفس الزكية، أوسط المهديين في الأمة، المبشر به جده رسول الرحمة، محمد بن عبدالله، وأخيه الإمام البايع نفسه من اللَّه، المستشهد في سبيل اللَّه، يحيى بن عبدالله، عن أبيهما كامل أهل البيت، عن أبيه الإمام الحسن الرضى بن الحسن السبط، عن جده سيد الوصيين، وأخي سيد المرسلين ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ أجمعين.
وقال جبريل - صلوات الله عليه - للنبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((قرت عيني بما أكرم اللَّه به أخاك، ووصيك وإمام أمتك، علي بن أبي طالب.
قلت: /139
وبما أكرم اللَّه به أخي وإمام أمتي؟.
قال: باهى بعبادته البارحة ملائكتة وحملة عرشه؛ وقال: ملائكتي انظروا إلى حجتي في أرضي، بعد نبيي، فقد عفر خده في التراب، تواضعاً لعظمتي؛ أشهدكم أنه إمام خلقي، وإمام بريتي)).
رواه الخوارزمي، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (ع). انتهى من التفريج.
وفي معناه روى صاحب المحيط ـ رضي الله عنه ـ، بسنده إلى ثوبان قال: شهدت علي بن أبي طالب وقد أقبل إلى النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، وجبريل عن يمينه، فقال جبريل (ع): ((يا محمد هذا قد جاء يمشي الهوينا، هو إمام الهدى، وقائد البررة، وقاتل الفجرة، والمتكلم بالعدل والتوحيد، والنافي عن اللَّه الجور؛ يا محمد، إن ملائكة علي ليفتخرون على سائر الملائكة، أنهم ماكتبوا على علي كذباً)).
إلى قوله: ((قال جبريل: قد آلى ربنا ألا يعذب علياً بالنار، ولا شيعته ولا أحباءه))، انتهى من المحيط، ذكره ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب)).
قال علي (ع): من هم يارسول اللَّه؟.
قال: ((هم شيعتك، وأنت إمامهم)).
رواه الإمام الناصر الأطروش (ع)، بإسناده عن النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم-.
رواه حسام الدين الشهيد في الحدائق.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: رواه الناصر للحق، بإسناده عن داود بن شريك السلمي، من محيط علي بن الحسين ـ رحمه اللَّه ـ.
ورواه ابن المغازلي، بإسناده إلى أنس بن مالك، عنه صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم، انتهى.
قلت: وأخرجه الحافظ الكنجي، عن أنس بلفظ: ثم التفت إلى علي، وقال: ((إنهم من شيعتك، وأنت إمامهم))؛ أفاده في الدلائل.
وروى الباقر (ع): أن نبي اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال: ((إن عن يمين العرش رجالاً، وجوههم من نور، عليهم ثياب من نور، ما هم بنبيين ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء)).
قيل: من هم؟.
قال: ((أولئك أشياعنا، وأنت إمامهم ياعلي)) أخرجه حسام الدين في الحدائق، ورواه غيره /140
وقال جابر بن عبدالله: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول يوم الحديبية، وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب: ((هذا إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله)) أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا صحيح الإسناد؛ ولم يخرجاه؛ أفاده في دلائل السبل، وتفريج الكروب.
[قصة مبارزة علي لفاتك العرب يوم الصوح وما تضمنت]
ولما أقبل فاتك العرب، أسد بن غويلم، يوم الصوح، يرتجز؛ ثم سأل البراز فأحجم الناس؛ قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((من خرج إلى هذا المشرك فقتله، فله على اللَّه ـ عز وجل ـ الجنة، وله الإمامة بعدي)).
فلم يبرز له أحد، فقام علي بن أبي طالب، فقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((نحن بنو هاشم، جود مجد، لا نجبن ولا نغدر، وأنا وعلي من شجرة، لاتختلف ورقها؛ أخرج إليه ولك الإمامة بعدي)).
فخرج علي بن أبي طالب نحوه، وأتبعه الناس أبصارهم، فضربه ضربة قسمته نصفين بالسوية، ووصل السيف إلى السرج، وهز علي سيفه، وحمل على المشركين، فانهزموا، وآب راجعاً وهو يقول:
ضربته بالسيف وسط الهامه
إلى قوله:
أنا عليّ صاحب الصمصامهْ .... وصاحب الحوض لدى القيامهْ
أخو نبي اللَّه ذي العلامهْ .... قد قال إذ عممني العمامهْ
أنتَ أخي ومعدن الكرامهْ .... ومن له من بعدي الإمامهْ
روى هذا الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)، في الشافي، قال: مشهور عند أصحاب الحديث.
ورواه الناصر للحق (ع) وساقه بسند اختصرت منه المذكور.
ورواه حسام الدين حميد الشهيد ـ رضي الله عنه ـ، بإسناده عن عبدالله بن أبي أنيس.
ورواه الحاكم من كتاب الناصر للحق (ع)، بإسناده عن عبدالله بن أبي أنيس.
ورواه الحاكم أيضاً، عن أبي رافع.
أفاده السيد الإمام، أحمد بن محمد الشرفي (ع)، في شرح الأساس؛ وهو مروي في كثير من مؤلفات علمائنا /141
ـ رضي الله عنهم ـ.
نعم، في نسخة الشافي، الحاضرة حال التحرير: ((نحن بنو هاشم جود)) إلخ برفع بنو؛ والوارد في مثل هذا النصب، على الاختصاص، كما لايخفى؛ والخبر مابعده، ولكن مع ثبوت الرواية، يكون خبراً على جهة التوطئة لما بعده، الذي هو محط الفائدة.
وكذا في المنقول عنه، ثبوت ألف ما الاستفهامية المجرورة، في قوله: ((وبما أكرم اللَّه به أخي، وإمام أمتي)) وهو وارد، وإن كان الأكثر حذفها.
وكذا في الذي قبله: ((لقد سماه اللَّه باسمٍ ما سمى به أحد قبله)) بحذف الألف من أحد المنصوب؛ وهو لغة ربيعة، ويحتمل أن يكون الفعل مغير الصيغة، فيرتفع أحد بالنيابة، والأمر في مثل هذا واضح.
وإنما نبهت؛ لئلا يسارع المطلع بالتصحيح، على غير بصيرة.
هذا، وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((من أحب أن يركب سفينة النجاة، ويتمسك بالعروة الوثقى، ويعتصم بحبل اللَّه المتين، فليأتم علياً وليأتم الهداة من ولده)) أخرجه الحاكم الحسكاني، بإسناده عن علي ـ صلوات الله عليه ـ.
وقال سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ: أشهد أني سمعت رسول اللَّه، وهو يقول: ((علي إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، والأمير من بعدي)) رواه الإمام المتوكل على الرحمن، أحمد بن سليمان (ع).
[حديث: تسمية الله لعلي بالصديق ـ وفضل الشيعة]
وقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((قال لي ربي ليلة أُسري بي: من خلّفت على أمتك يامحمد؟
قال: قلت: أنت أعلم يارب.
قال: يامحمد إني انتجبتك برسالتي، واصطفيتك لنفسي، فأنت نبيي، وخيرتي من خلقي؛ ثم الصديق الأكبر، الطاهر المطهر، الذي خلقته من طينتك، وجعلته وزيرك، وأبا سبطيك، السيدين الشهيدين، الطاهرين المطهرين، سيدي شباب أهل الجنة، وزوجته خير نساء العالمين؛ أنت شجرة وعلي أغصانها، وفاطمة ورقها، والحسن والحسين ثمارها؛ خلقتكم من طينة عليين)) بضمير الجمع في المجموع.
وفي الشافي، والمنهاج للإمام محمد بن المطهر (ع): ((خلقتهما)) فالضمير للحسن والحسين.
وفي بعضها: ((خلقتها)) فهو لفاطمة أو للشجرة.
تمام الخبر: ((وخلقت شيعتكم منكم؛ إنهم لو ضربوا على أعناقهم بالسيوف، لم يزدادوا لكم إلا حباً.
فقلت: يارب، ومن الصديق الأكبر؟. /142
قال: أخوك علي بن أبي طالب)).
قال: بشرني بها رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وابناي الحسن والحسين منها؛ وذلك قبل الهجرة بثلاثة أحوال.
قلت: والرواية وابناي بالألف فيكون مبتدأ، والحسن والحسين، عطف بيان، ومنها، الخبر، والجملة حالية، أو الخبر محذوف، أي: بشرني بهما، أو نحو ذلك؛ ويحتمل غير هذا، إلا أنه أقرب.
نعم؛ روى هذا الخبرَ الشريفَ الإمامُ الأعظم، زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن آبائه ـ صلوات الله عليهم ـ في مجموعه.
ورواه من طريقه أعلام الأئمة، وعلماء الأمة، منهم: الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في شافيه.
ورواه محمد بن سليمان الكوفي في المناقب، بسنده إلى الحارث؛ وعلى فصوله شواهد لاتحصى، ونظائر لاتستقصى.
نعم؛ واعلم أن النص بلفظ ((الخليفة)) و((الوصي)) و((الوزير)) و((الحق معه)) ونحوها لا يسعها المقام، وقد بسط فيها الإمام الحجة المنصور بالله في الشافي؛ والإمام الأوحد، المنصور بالله الحسن بن محمد؛ والإمام الشهير، المنصور بالله محمد بن عبدالله الوزير؛ والسيد الإمام، الحسين بن القاسم (ع) في شرح الغاية؛ والمولى العلامة الحسن بن الحسين ـ أيده الله ـ في التخريج، وصاحب التفريج، وصاحب دلائل السبل المتقدم ذكرهما؛ وغيرهم، مافيه بغية الرائد، وضالة الناشد.
وقد اجتمع هنا ـ بحمد اللَّه ومنّه ـ في المقامات الجامعة المهمة، على وجه الاستكمال والاختصار، ماتفرق في الأسفار، ولا يوقف عليه مجموعاً في شيء من المؤلفات الكبار؛ فأما الانتهاء إلى غاية في هذا الباب، أو الوقوف على نهاية من ذلك الخطاب، فمما لا يدخل في حساب، ودونه نزح العباب.
يفنى الكلام ولايحيط بوصفه .... أيحيط مايفنى بما لاينفد؟!
واعلم أنا ندين اللَّه تعالى بما دانت به جماعة العترة الأحمدية، والصفوة /143
العلوية، ومن اهتدى بهداهم من علماء الأمة المحمدية، أن إمام المتقين، وسيد الوصيين، وأخا سيد المرسلين ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ الإمام، وخليفة رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ على الخاص والعام، وحجة اللَّه بعد نبيه على جميع الأنام، وأنه منزل منزلته إلا النبوة، كما نطق به ـ صلوات الله عليه وآله ـ عن اللَّه تعالى في جميع الأحكام؛ فقوله ـ صلوات الله عليه ـ حجة، ومنهجه في كل شيء أعظم محجة.
[الكلام في: حجية قول أمير المؤمنين (ع) في الأصول، والفروع]
أما في الأصول، فلا خلاف بين آل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ وأتباعهم في ذلك؛ لمكان ماجعل اللَّه تعالى له من العصمة، وكون الحق فيها واحداً، كما قضت به الأدلة السابقة المعلومة.
وأما في فروع الأحكام، فكذلك عند جمهور أهل البيت وأتباعهم؛ لما سبق من الحجج المنيرة، المتواترة الشهيرة، وغيرها من الكتاب والسنة.
وقد جمع في ذلك المقام، السيد الإمام، الحسين بن القاسم (ع)، ماكثر وطاب، وأفعم الوطاب، وفيه كفاية لأولي الألباب؛ ولم تفصل البراهين القاضية بكون الحق معه وكونه على الحق، وما شاكلها، بين أصول وفروع، ولا بين معقول ومسموع.
فإن قيل: إن الحق في الاجتهادات متعدد، كما قد احتج بذلك بعضهم.
قيل: هذا على فرض صحته؛ إنما هو فيما لم تبلغ المجتهد فيه الحجة؛ ومع قيام الأدلة على حجية قوله، تجب متابعته، ولاتسوغ مخالفته، كقول أخيه الرسول الأمين، وقول جماعة العترة الهادين، ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ.
فإن قيل: فيلزم أن يكون أعظم حالاً من الرسول صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم؛ لتجويز الخطأ عليه دونه.
قيل: عن هذا جوابان، إلزامي وتحقيقي:
أما الأول: فهو لازم لكم في قول جماعة العترة والأمة، فإن الجميع لايجيزون عليهم الخطأ، فما أجبتم به فهو الجواب.
وأما الثاني: وهو الحل، فهو أن الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، وإن جاز عليه ذلك فلا يُقَرّ عليه، فهو مُؤَيّد بالوحي، مُسَدّد بالعصمة، /144
لايمضمي على شيء من الخطأ، إن وقع، فعند التحقيق لايجوز عليه الخطأ على الإطلاق؛ لأن مالا يستقر ـ وإنما يصدر لحكمة البيان ولايثبت ـ لا اعتبار به.
وأما غيره ممن قامت الحجة على أنه حجة، فلو فرض الخطأ، لدام، ولا يجوز على الحكيم أن يأمر باتباع الخطأ من الأحكام، وفي هذا أوضح بيان لذوي الأفهام.
فإن قيل: إنها تروى عنه ـ صلوات الله عليه ـ الروايات المتعارضة، وفي بعضها التصريح برجوعه عن القول الأول.
قيل: على فرض صحة ذلك، نقول: كان الحكم مؤقتاً لديه، بإعلام من الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ إلى أمد معلوم، وليس هذا من النسخ؛ وأيضاً لامانع منه، بل يكون هذا مع صحته دليلاً عليه، وهو أقوى برهان.
فإن قيل: لو كان كذلك، لما خالفه الصحابة، ولأنكر عليهم المخالفة.
قيل له: أما المخالفة فلا تنكر، وليست بدليل، مالم يكن إجماعاً.
[مخالفة بعض الصحابة للرسول (ص) حينما أراد أن يكتب لهم العهد الأخير]
كيف وقد خولف الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مراراً؟ أشهرها ماجرى من خلاف يوم الخميس، الذي أشار إليه الإمام يحيى شرف الدين (ع)، في قوله:
وفي الخميس وما يوم الخميس به .... كل الرزية قال البحر هي هي هي
عنى بالبحر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
قال الشارح: هذا إشارة إلى الحديث، الذي أخرجه البخاري، ومسلم، عن ابن عباس قال: لما حُضِرَ رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وفي البيت رجال، فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((هلموا أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده)).
قال عمر ـ وفي رواية: قال بعضهم ـ: رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبكم كتاب الله.
قلت: سبحان اللَّه، ومن جآءهم بكتاب اللَّه؟! وأي وثوق به، إن لم يكن معصوماً فيما طريقه التبليغ على كل حال؟!.
كلا، ولكن فَهِمَ عمرُ مراد الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من التأكيد في خلافة أخيه؛ كما صرح به عمر في رواية ذكرها في /145