وكذا قال ابن مسعود لما أُخْرِجَ من المسجد: أنشدكم الله، أن تخرجوني من مسجد خليلي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
روى ذلك الواقدي. انتهى شرح نهج.
وقال أبو ذر: قال خليلي رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((إذا غضبتَ فاقعد)).
أخرجه أبو طالب.
فكيف يقول: لو كنت متخذاً خليلاً...إلخ؟!.
قلت: والأخبار في هذا كثيرة واسعة.
ولا يقال: إن هذه الأخبار تفيد أنهم اتخذوه، وخبره يفيد أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لايتخذهم؛ لأنا نقول: لو كان رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لايتخذ خليلاً منهم، ماجاز أن يتخذوه؛ لأنه لايكون خليلاً إلا من الطرفين، كالصاحب ونحوه، كما هو معلوم.
وأيضاً فقد ورد بلفظ الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، كما في خبر: ((إن خليلي ووزيري وخليفتي وخير من أترك بعدي علي بن أبي طالب)).
أخرجه محمد بن سليمان الكوفي بطريقه عن سلمان، وأخرجه الحاكم أبو القاسم بطريقه عن أنس.
[الكلام في الصحاح وفي الزهري]
قال ـ أيده الله ـ: وبهذا يتبين لك أن تسميتهم لكتبهم بالصحاح، إنما هو اصطلاح؛ ولقد أحسن أبو زرعة حيث قال لمسلم: تُسميه صحيحاً، وتجعله سلماً لأهل البدع.
وكذا ترى القوم لايلتفتون إلى ماخالف الصحاح ولم يكن فيها وإن تواتر؛ بل لو خالف مافيها القرآن وقضية العقل، خذلاناً صُبّ عليهم؛ لما مالوا عن الثقل الأصغر، دعوةٌ قد أُجيبت ((واخذل من خذله)).
ولاشك أن من عمد إلى الغض من علي، وإبطال مناقبه، تارة بنسبة رواتها إلى الوضع والقدح فيهم، وتارة بمعارضتها بروايات أعدائه المنافقين، بالنص المعلوم، فقد خذله، ونرجوا الله أنا ممن شملته دعوة محمد - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((وانصر من نصره)).
وأما رواية الطبري في التاريخ أنه قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((انظروا هذه الأبواب الشارعة اللافظة إلى المسجد فسدوها إلا ماكان من بيت أبي بكر)) /126

إلخ، فهي من طريقة الزهري، ويأتي بعض مافيه من المطاعن.
قلت: أما كونه من أعوان الظلمة فمما لاخلاف فيه، وكتاب أبي حازم الأعرج إليه، الذي ذكره في الكشاف مشهور، وقد قدح فيه نجم آل الرسول ـ صلوات الله عليهم ـ القاسم بن إبراهيم.
قال (ع) في تفسير قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } [المائدة:33]..الآية مانصه: وليس ما في أيدي هذه العامة، في تفسير هذه الآية المحكمة عن ابن شهاب الزهري وأضرابه، ولا من كان من لفيفه وأصحابه، الذين كانوا لايعدلون بطاعة بني أمية، وما أشركوهم فيه من دنياهم الدنية، فلم ينالوا مع ماسلم لهم منها، ما حاطوا به ودفعوا به عنها، من تلبيس لتنزيل، أو تحريف لتأويل؛ وابن شهاب لمكان كثرة وفادته إليهم معروف..إلى آخر كلامه.
انتهى من تفسير آل محمد (ع).
[الكلام في رواة صلاة أبي بكر بالناس]
[الكلام على: الزهري ـ أبي موسى ـ سالم ـ ابن زمعة]
وقال الإمام (ع) في الشافي، رداً على فقيه الخارقة: فكيف تجعل سالم بن عبيد، وابن شهاب وهو لسان بني أمية، والخاصة لهشام بن عبدالملك، الجبار العنيد، وأبا بردة بن أبي موسى، أتعجب من الولد أو الوالد؟!.
إلى قوله (ع): وكذلك سائر من أضاف إليه أخبار صلاة أبي بكر، من الزهري، وأبي موسى، وسالم، وعبدالله بن زمعة بن الأسود.
أما أبو موسى فكان علي (ع) يقنت بلعنه فيمن يلعن؛ ولعنته من لعنة رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ وابن شهاب مائل إلى الدنيا، أعان الظلمة من بني أمية على ملكهم بعلمه، وأصاب من دنياهم نصيباً وافراً.
وأما ابن زمعة وابن عبيد، فلا يساويان عبدالله بن الحسن، وزيد بن علي (ع).
وكلامه (ع) في شأن الأمر لأبي بكر بالصلاة؛ فإنه روى الإمام عن الإمام الأعظم زيد بن علي (ع)، أنه سئل عن صلاة أبي بكر في مرض النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، فقال: ما أمر النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أبا بكر أن يصلي بالناس.
وروى /127

عن الكامل عبدالله بن الحسن بن الحسن (ع)، أن الآمر لأبي بكر عائشة، وأن جبريل (ع) أمره بالخروج ليصلي بهم، ونبه على مايقع من الفتنة إن صلى أبو بكر؛ وخرج رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يمشي بين علي والفضل...إلخ كلامه (ع).
فانظر إلى جرح الأئمة الهداة، سفن النجاة، للزهري، وعليه المدار الأكبر، في روايات صحاح القوم.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: وقد عدّ الزهري، وعروة، ابنُ أبي الحديد في رواية أبي جعفر الإسكافي من المنحرفين.
وروي أن علي بن الحسين (ع) دخل عليهما، وقد نالا من علي فجبههما وأغلظ لهما؛ فراجعه في شرح النهج.
قال في الإقبال: روي عن أبي جعفر أن الزهري قال لعلي بن الحسين (ع): كان معاوية يسكته الحلم، وينطقه العلم.
فقال: كذبت يازهري، بل كان يسكته الحصر، وينطقه البطر، وأي حلم مع من سفه الحق، ورد الشرع، وحمل الأدعياء على بناته، وأظهرهم على أخواته.
وكذلك صرح القاسم بن إبراهيم (ع)، بجرحه.
وحكى الذهبي أنه قال: نشأت وأنا غلام، فاتصلت بعبد الملك بن مروان، ثم توفي عبد الملك، فلزمت ولده الوليد، ثم سليمان، ثم عبدالعزيز، ثم لزمت هشام بن عبدالملك.
إلى قوله: وحكى الذهبي في ترجمة خارجة قال: قدمت على الزهري وهو صاحب شرطة بني أمية؛ وذكر أن بين يديه آلات اللهو.
إلى قوله: فقلت: قبح الله ذا من عالم؛ فلم أسمع منه.
وفي علوم الحديث للحاكم، أنه قيل ليحيى بن معين: الأعمش خير أم الزهري؟
فقال: برئت منه إن كان مثل الزهري؛ إنه كان يعمل لبني أمية. انتهى.
قال: ومثل مافي الإقبال في المقصد الحسن لابن حابس ـ رحمه الله تعالى ـ.
انتهى المراد.
وهذا جرح حفاظ أهل الخلاف، فأي شبهة تبقى لذي لب وإنصاف، /128

وبمثل هذا تعلم صحة أن بين صحاحهم والصحة مراحل، إن لم تكن من ذوي الزيغ والانحراف.
ونعود إلى تمام الكلام في سد الأبواب، وإلى الله تعالى المرجع والمآب.
قال أيده الله : وأما روايته -أي الطبري- بسنده إلى بعض آل أبي سعيد بن المعلا أن رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم قال يومئذ في كلامه هذا: ((فإني لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً؛ ولكن صحبة وإخاء إيمان إلخ)) فالبعض مجهول والظاهر إرساله.
ومع أنه يعارض حديث البخاري عن ابن عباس من قوله: ((ولكن خلة الإسلام أفضل))، ولعل الراوي لما لاح له أنه لامعنى لتفضيل خلة الإسلام، على خلة الله سبحانه، في حديث البخاري، ولا وجه يصحح ذلك، عدل عنها إلى أنه قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ولكن صحبة وإخاء إيمان))، مع أن هذه الصفة قد شارك أبا بكر فيها بقية الصحابة؛ وأين يقع ممن هو أخوه في الدنيا والآخرة، ومنه، وعديل نفسه، بل نظيره؟
ومن رواية أبي بكر: منزلة علي منه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ كمنزلته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من ربه.
أخرجه ابن السمان عن أبي بكر، وابن المغازلي عن جابر بن عبدالله.
إلى قوله: نعم، في رجال سند الطبري أحمد بن عبد الرحمن؛ قال ابن عدي: رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه.
إلى قوله: وقال ابن يونس لا تقوم به حجة.
انتهى المراد من التخريج.
[تمام مقامات حديث المنزلة]
العاشر:
حال ولادة الحسنين (ع).
قال جبريل (ع)، للنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((يامحمد، العلي الأعلى يُقرئك السلام، ويقول لك: علي منك بمنزلة هارون من موسى، ولانبي بعدك، فسم ابنك هذا ـ يعني الحسن السبط ـ باسم ابن هارون)) الخبر.
ومثله في الحسين (ع)، إلا أنه لما وضعه في حجره بكى وقال: ((تقتله الفئة الباغية من بعدي، لاأنالهم الله شفاعتي)).
أخرجه الإمام علي بن موسى الرضا بسند آبائه، عن علي بن الحسين سيد العابدين (ع)، عن أسماء بنت عميس ـ رضي الله عنها ـ.
وقال صلى الله عليه /129

وآله وسلم: ((إني سميتهما ـ يعني الحسن، والحسين ـ باسم ولدي هارون))، أخرجه الإمام أبو طالب عن علي (ع).
وأخرج ابن المغازلي نحوه عن سلمان ـ رضي الله عنه ـ.
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إني سميت بني هؤلاء تسمية هارون بنيه شَبِير وشُبَّر ومشَبِّر)).
أخرجه أحمد بن حنبل والدارقطني في الأفراد، والطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك، والبيهقي، وابن عساكر عن علي (ع)، والبغوي، والطبراني أيضاً في الكبير عن سلمان. انتهى من تفريج الكروب.
وزاد في التخريج، الطيالسي، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن حبان، والدولابي عن علي (ع).
قال ـ أيده الله ـ: وهذا فرع كون علي بمنزلة هارون من موسى في جميع منازله، إلا النبوة؛ فتأمل. انتهى.
الحادي عشر:
لما تحوّل الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ إلى بيت أم سلمة عقيب تزوجه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بزينب ـ رضي الله عنهما ـ.
روى الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشافي بسنده إلى صاحب المحيط بالإمامة، يبلغ به ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أن رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ تزوج زينب بنت جحش؛ ثم تحوّل إلى بيت أم سلمة، فلما تعالى النهار انتهى علي إلى الباب، فدقه دقاً خفيفاً، عرف رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - دقه؛ فقال: ((يا أم سلمة، قومي فافتحي له الباب؛ فإن بالباب رجلاً ليس بالخرق ولا بالنزق، ولا بالعجل في أمره، يحب اللَّه ورسوله، ويحبه اللَّه ورسوله)).
فقامت ففتحت؛ فدخل علي (ع)؛ فقال: ((يا أم سلمة، هو علي بن أبي طالب، لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لانبي بعدي؛ يا أم سلمة، اسمعي واشهدي؛ علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي، وباب الدين، والوصي على الأموات من أهل بيتي، والخليفة في الأحياء من أمتي، أخي في الدنيا، وقريني في الآخرة، ومعي في السنام الأعلى؛ اشهدي يا أم سلمة، أنه قاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين)) انتهى. /130

ورواه الإمام أبو طالب، وأبو العباس الحسني، عن ابن عباس رضي الله عنهم، وحميد الشهيد عنه بلفظ: ((وبابي الذي أوتى منه)).
وكذا أخرجه الكنجي عن سعيد بن زيد بزيادة ونقص، ونحوه عن ابن عباس، عنه صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم: ((يا أم سلمة هذا لحمه من لحمي)).
وأخرجه العقيلي عن ابن عباس بلفظ: ((يا أم سلمة؛ إن علياً لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى)).
ورواه عبد الرزاق بن همام، عن ابن عباس؛ ورواه صاحب المشكاة عن القرشي، بإسناده إلى ابن عباس.
قال صاحب تفريج الكروب: وعلى فصوله شواهد.
وقد روى نحوه محمد بن سليمان الكوفي، عن ابن عباس، عن أم سلمة؛ قالت: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول في علي، قبل أن يموت بجمعة، وإن زاد فلا يزيد على عشرة أيام: ((يا علي، أنت أخي في الدنيا والآخرة)) ومنه: ((وهو مني بمنزلة هارون من موسى)) إلخ.
أفاده في التخريج.
وهذا موطن قبل وفاة رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -، يصلح أن يكون ثاني عشر.
فهذا ماحضر، ولو حصلت المبالغة والتتبع، لوقف على ماهو أكثر؛ فإن في الذهن غير ذلك؛ وقد حكى الإمام (ع) عن الصاحب أنه ذكر في تسعة ولم يعينها؛ ولما وقع البحث زادت كما ترى.
قال المولى الحسن بن الحسين الحوثي ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: ويؤيد ما قال الإمام، من أنه قاله في مواطن كثيرة، سؤال سعيد بن المسيب، لسعد بن مالك؛ لما روى له قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في علي: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)) إلخ.
إلى قوله: فقال: نعم لامرة ولا مرتين.
من رواية ابن المغازلي؛ وقد مرّ ذكر الإمام له وسنده في الجزء الأول انتهى.
وفي هذا الخبر التصريح بأمير المؤمنين، وسيد المسلمين، على لسان سيد المرسلين ـ صلوات الله عليهم ـ وسنورد في هذا البحث ـ بإعانة اللَّه وتسديده ـ ماتيسر من النصوص النبوية، المصرحة بإمرة المؤمنين، وبالإمامة والخلافة، /131

وولاية الأمة، ونحوها؛ مع ماسبق من الحجج القاطعة، المعلومة على الإمامة، والعصمة، والحجية؛ كل ذلك نسوقه على طريقة الجمع مع الاختصار، فإن هذا خوض للجج البحار، وتعرض لما تنقطع عن الحوم حول مداه أفكار أولي الأفكار، وترتدع عن إدراك أدناه أبصار ذوي الأبصار.
[حديث لا يتقدمك بعدي]
فأقول، مستعيناً بمن ملكه لايزول: قال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي (ع): ((لايتقدمك بعدي إلا كافر، ولايتخلفك بعدي إلا كافر؛ وإن أهل السماوات يسمونك أمير المؤمنين)).
رواه الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع)، بسنده إلى الشيخ الإمام صاحب كتاب المحيط بالإمامة أبي الحسن علي بن الحسين الزيدي ـ رضي الله عنه ـ يبلغ به الحارث بن الخزرج الأنصاري، قال: سمعت رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول لعلي (ع): الخبر.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: ورواه أبو العباس الحسني (ع)، يبلغ به الحارث بن الخزرج؛ وقد مرّ ماشهد له من حديث أبي ذر: ((من ناصب علياً الخلافة بعدي فهو كافر)).
قلت: وتمامه: ((وقد حارب اللَّه ورسوله؛ ومن شكّ في علي فهو كافر)).
أخرجه الإمام في الشافي من طريق الخطيب ابن المغازلي، بسنده إلى أبي ذر - رضي الله عنه - وأخرجه الكنجي.
قال ـ أيده الله ـ: وكذا الحديث الذي رواه الحاكم وفيه: ((كمن جحد نبوتي)). انتهى.
قلت: ويشهد له قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((علي خير البشر فمن أبى فقد كفر)).
قال الإمام (ع) في الشافي: والأخبار المتواترة المروية عن جابر أنه قال: ((علي خير البشر لايشك فيه إلا كافر)).
قال ـ أيده الله ـ: أخرجه أبو يعلى، وابن عساكر، وقال: روي عن عائشة.
وأبو القاسم الجابري عن عائشة مرفوعاً. انتهى.
وسيأتي الكلام عليه ـ إن شاء اللَّه تعالى ـ.
ويشهد له أيضاً قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((علي باب حطة، من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً)).
أخرجه الدار قطني في الأفراد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أول من /132

يدخل علينا أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين)).
إلى قوله: وإذا علي بن أبي طالب (ع)، فدخل يتمشى؛ فرأيت رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - وثب على قدميه مستبشراً، فلم يزل قائماً وعلي يتمشى حتى دخل عليه البيت، فرأيت رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - يمسح عرق وجهه بكفه، ويمسح به علياً؛ ويمسح وجه علي (ع) بكفه فيمسح به وجه نفسه.
إلى قوله: فقال له رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ما يمنعني وأنت وصيي وخليفتي، والذي يبين لهم الذي يختلفون فيه من بعدي، ويسمعهم صوتي)).
أخرجه الإمام (ع) في الشافي بسنده إلى صاحب المحيط، يبلغ به أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((يا أنس اسكب لي وضوءاً))، فسكبتُ للنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ثم عدتُ إلى البيت فأعلمتُه، فخرج وتوضأ ثم عاد إلى البيت إلى مجلسه، ثم رفع رأسه إليّ فقال: ((يا أنس أول من يدخل))... الخبر.
ورواه محمد بن سليمان الكوفي من أربع طرق عن أنس، وذكره في الكامل المنير، والخوارزمي.
وأخرجه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء بلفظ: ((أول من يدخل عليك من هذا الباب، إمام المتقين، وسيد المسلمين، ويعسوب الدين، وخاتم الوصيين، وقائد الغر المحجلين)).
إلى قوله: فجاء علي (ع) فقام إليه مستبشراً، فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه، فقال علي: يارسول اللَّه ـ صلى اللَّه عليك وآلك ـ لقد رأيتك اليوم تصنع بي شيئاً ماصنعته بي قبل.
قال: ((وما يمنعني وأنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه بعدي)) بهذا اللفظ رواه عن أبي نعيم في شرح النهج.
ورواه عنه بلفظ: ((إمام المتقين)) بنقص يسير في دلائل السبل.
ورواه ابن الإمام (ع) بلفظ: ((أول من يدخل عليك من هذا الباب، أمير المؤمنين)) إلى تمام رواية شرح النهج؛ إلا أنه لم يذكر ((يعسوب الدين)) عن الكنجي الشافعي، وقال ـ أي الكنجي ـ: أخرجه أبو نعيم في الحلية. انتهى.
[أحاديث: تسمية علي أمير المؤمنين ـ إمام المتقين ـ مخرجوها]
وروى الإمام المرشد بالله (ع) في أماليه، بسنده إلى بريدة قال: /133

أمرنا رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، أن نسلم على علي بن أبي طالب، بياأمير المؤمنين.
ورواه عنه الإمام (ع) مسنداً في الشافي.
وقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ينادي مناد ـ يعني يوم القيامة ـ هذا علي بن أبي طالب، وصي رسول رب العالمين، وأمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم)) من حديث أخرجه الكنجي عن ابن عباس، وأخرجه الخوارزمي؛ ذكره ـ أيده الله ـ في التخريج.
قلت: هو من حديث طويل، أوله: ((يأتي على الناس يوم القيامة)) إلخ.
رواه الخوارزمي بإسناده عن ابن عباس؛ ذكره في تفريج الكروب.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((تَرِدُ عليّ الحوض راية علي، أمير المؤمنين، وإمام الغر المحجلين؛ فأقوم فآخذ بيده، فيبيض وجهه ووجوه أصحابه؛ فأقول: ما خلفتموني في الثقلين؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدقناه، ووازرنا الأصغر وتبعناه، وقاتلنا معه؛ فأقول: رِدُوا رِدوا مرتين؛ فيشربون شربة لايظمأون بعدها؛ وجه إمامهم كالشمس الطالعة، ووجوههم كالقمر ليلة البدر، وكأضوأ نجم في السماء)).
أخرجه الحافظ محدث الشام الكنجي في كفايته، بسنده إلى أبي ذر الغفاري؛ ويشهد له خبر الرايات الثلاث، الذي رواه الحاكم الجشمي في السفينة؛ وقد أوردناه في التحف الفاطمية .
[حديث علي: كان لي عشر من رسول الله (ص) ومخرجوه]
وقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، فيما أخرجه الإمام أبو طالب، عن الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي، بسند آبائه، عن علي ـ صلوات الله عليهم ـ قال: كان لي عشر من رسول اللَّه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - ماأحب أن لي بإحداهن ماطلعت عليه الشمس؛ قال لي: ((يا علي، أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأقرب الخلق مني في الموقف يوم القيامة، منزلي يواجه منزلك في الجنة كما يتواجه منزل الأخوين في اللَّه، وأنت الولي، والوزير، والوصي، والخليفة في الأهل والمال وفي المسلمين في كل غيبة، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة؛ وليك وليي ووليي ولي اللَّه، وعدوّك عدوي وعدوي عدو اللَّه)).
وأخرجه الإمام المؤيد بالله (ع)، في أماليه، /134

بسنده إلى الإمام الأعظم زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (ع)، بلفظ: كان لي عشر من رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لم يُعْطَهن أحد قبلي ولايعطاهن أحد بعدي، قال لي: ((ياعلي))...إلخ، باختلاف يسير.
وأخرجه الإمام المرشد بالله (ع)، قال: أخبرنا الشريف أبو طالب، يحيى بن الحسين بن هارون الحسني البطحاني قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني ـ رحمه الله ـ قال: حدثنا أبو زيد عيسى بن محمد العلوي، قال: حدثنا محمد بن منصور المرادي، قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن نصر بن مزاحم، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع)، وساقه كما في أمالي الإمام أبي طالب (ع)، إلا أن فيه: ((وأنت الوارث)) مكان: ((الولي))، وليس فيه: ((الوزير)) وطريقة الإمام أبي طالب (ع) في أماليه، غير طريقته التي رواها عنه الإمام المرشد بالله (ع)؛ يعلم ذلك.
وقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((ياعلي، أنا سيد المرسلين، وأنت يعسوب المؤمنين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين))؛ أخرجه الإمام الرضا، علي بن موسى الكاظم في الصحيفة، بسند آبائه، إلى أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليهم ـ.
وقال رسول اللَّه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لما كانت ليلة أُسْري بي، أوحى اللَّه ـ عز وجل ـ إليّ في علي، أنه سيد المسلمين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين)) أخرجه الإمام (ع) في الشافي، بطريقه إلى الإمام الناصر الحسن بن علي الأطروش (ع)، بسنده إلى عبدالله بن أسعد بن زرارة، عن أبيه.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: مع تصرف، رواه الناصر للحق، وعلي بن بلال، ومحمد بن سليمان الكوفي، عن أسعد بن زرارة.
ورواه في المحيط، بسنده إلى الناصر (ع)، عن أسعد بن زرارة، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وكذا أخرجه ابن المغازلي، والكنجي، عن عبدالله بن أسعد، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ورواه محمد بن سليمان الكوفي، بإسناده إلى عبدالله بن أسعد، عن جابر، وأخرجه في المستدرك الحاكم، عن أسعد بن زرارة، /135

15 / 143
ع
En
A+
A-