عطية بن زيد الباهلي، ورواه الأكوع بسنده إلى عطية في الأربعين، ورواه الفقيه حميد الشهيد بطريقه إلى ابن المغازلي بسنده إلى زيد الباهلي، ورواه أحمد في مسنده، وفي كتاب فضائل علي، انتهى بتصرف.
قلت: وقد تقدم له ـ رضي الله تعالى عنه ـ ما لفظه: وروى ـ أي محمد بن سليمان الكوفي ـ رضي الله عنه ـ بإسناده إلى عبدالله بن أبي أوفى، قال: دعا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أصحابه.
إلى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي: ((إنما ادخرتك لنفسي، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى، وأنت أخي ووصيي، ووارثي)) إلخ.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لعلي: ((فأنت مني بمنزلة هارون من موسى، وأنت أخي ووارثي)).
أخرجه أحمد بن حنبل، عن زيد بن أبي أوفى. من التفريج، انتهى.
وأخرج الإمام في الشافي، بسنده إلى أنس، من خبر طويل في المؤاخاة، قال فيه: فأخذ بيده فأرقاه المنبر وقال: ((اللهم إن هذا مني وأنا منه؛ ألا إنه مني بمنزلة هارون من موسى؛ ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه)).
قال: فانصرف علي (ع)، قرير العين، فاتبعه عمر بن الخطاب فقال: بخ بخ ياأبا الحسن، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن.
وقال حذيفة في حديثه: فرسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - سيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، الذي ليس له شيبه ولا نظير، وعلي أخوه. انتهى.
وقد جمع هذا الخبرُ الشريف خبرَ الموالاة والمنزلة والمؤاخاة، والحمد لله.
[حديث: سد الأبواب إلا باب علي ـ مخرجوه]
التاسع:
في خبر الأبواب.
ومن ألفاظه النبوية، مارواه الإمام الناطق بالحق أبو طالب (ع)، عن جندب بن عبدالله الأزدي قال: شهدت أبا ذر، وهو /116
آخذ بحلقة باب الكعبة يقول: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ يقول لسلمان حين سأله: من وصيّك؟
فقال: ((وصيي، وأعلم من أخلف بعدي: علي بن أبي طالب)).
وسمعته يقول، حين أخرج الناس من المسجد وأسكن علياً: ((إن عليا مني بمنزلة هارون من موسى))، ثم قال: ((ألا إن رجالاً وجدوا من إسكاني علياً وإخراجهم؛ بل الله أسكنه وأخرجهم)) انتهى.
وروى الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشافي، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، لعلي (ع): ((أنت وارثي)).
وقال: ((إن موسى سأل الله أن يطهر مسجده لهارون وذريته، وسألت الله أن يطهر مسجدي لك ولذريتك)).
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: ورواه ابن ميمون، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي، قال: أخذ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بيدي، وقال: ((إن موسى سأل ربه أن يطهر مسجده لهارون وذريته))، وكذا في رواية أبي نعيم له.
وروى في المحيط علي بن الحسين، قال: حدثني أبي قال: حدثني قاضي القضاة؛ وساق سنده إلى شعبة قال: سمعت سيد الهاشميين زيد بن علي بن الحسين بن علي بالمدينة، في الروضة، يقول: حدثني أخي محمد بن علي أنه سمع جابر بن عبدالله يقول: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((سدوا الأبواب كلها إلا باب علي)).
وأومأ زيد إلى بابه. انتهى.
وأخرجه بسنده إلى سعيد، إلى آخر مافي المحيط.
قال: وروى في المحيط بسنده إلى جابر بن عبدالله، قال: كنا نصلي في المسجد، ومعنا علي بن أبي طالب؛ قال: فخرج علينا رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم، ومعه عسيب من رطب، فضربنا به فانجفلنا، وانجفل علي بن أبي طالب معنا، وأدركه النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، فقال: ((إنك لست كهيئتهم؛ إنه يحل لك في المسجد مايحل لي؛ أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لانبي بعدي؛ كأني بك على حوضي)).
إلى قوله: ((تذود عنه رجالاً؛ كما يذاد البعير الصادي عن الماء؛ يقتلك أشقى /117
هذه الأمة، كما قتل ناقة الله أشقى بني فلان من ثمود)). انتهى.
ورواه محمد بن سليمان، عن جابر بلفظ: ((كأني بك عن حوضي تذودهم))؛ ولم يذكر فيه: ((أما ترضى)) إلخ.
والحديث المروي في المحيط، عن زيد بن علي، رواه أبو علي الصفار، بإسناده إلى زيد بن علي قال: حدثني أخي محمد..إلخ.
قال في الإقبال، في ترجمة حرام بن عثمان الأنصاري: وهو الراوي بسنده عن جابر: جاء رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، ونحن مضطجعون.
وساق الحديث وفيه: ((تعال يا علي، فإنه يحل لك من المسجد مايحل لي، والذي نفسي بيده، إنك لذوَّاد عن حوضي يوم القيامة)). انتهى.
وقال الكنجي، بعد أن أخرج حديث جابر: وهكذا رواه ابن عساكر في تاريخه.
ورواه محمد بن سليمان، عن جابر من طريقة حرام بن عثمان.
وعن أبي جابر من طريقته أيضاً.
قال: وأخرج الكنجي عن أبي رافع، أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ خطب الناس، فقال: ((ياأيها الناس، إن الله أمر موسى وهارون أن يتبوءا لقومهما بيوتاً، وأمرهما أن لايبيت في مسجدهما جنب، ولايقرب فيه النساء، إلا هارون وذريته، ولايحل لأحد أن يُعَرِّس النساء في مسجدي هذا، ولا يبيت فيه جنب، إلا علي وذريته)).
وقال: ذكره الحافظ الدمشقي، في مناقب علي (ع).
انتهى المراد من التخريج.
قال الإمام (ع) في الشافي: وروينا عن الفقيه بهاء الدين هذا، يبلغ به الحسن بن علي الشافعي، بسنده إلى عدي بن ثابت، قال: خرج رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ المسجد، فقال: ((إن الله أوحى إلى نبيه موسى: أن ابن لي مسجداً طاهراً، لايسكنه إلا موسى وهارون، وأبناء هارون؛ وإن الله أوحى إليّ: أن أبنيَ مسجداً طاهراً، لايسكنه إلا أنا وعلي، وأبناء علي)).
وبهذا الإسناد يبلغ به حذيفة، قال: لما قدم أصحاب النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ المدينة، لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها، فكانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لاتبيتوا في المسجد فتحتلموا))، ثم إن القوم بنوا بيوتاً حول /118
المسجد، وجعلوا أبوابها إلى المسجد؛ وإن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بعث إليهم معاذ بن جبل، فنادى أبا بكر، فقال: إن الله يأمرك أن تخرج من المسجد، وتسد بابك الذي فيه.
وساق الخبر في سد أبواب الصحابة.
إلى قوله بعد ذكر علي (ع): وكان رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قد بنى له بيتاً في المسجد، بين أبياته؛ فقال له النبي صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم: ((أسكن طاهراً مطهراً)).
إلى قوله في مخاطبة الرسول لحمزة، وبيان تخصيص علي (ع): ((والله ماأعطاه إياه إلا الله، وإنك لعلى خير من الله ورسوله؛ أبشر)) وبشره النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، فقتل يوم أحد شهيداً.
ونَفِسَ ذلك رجال على علي (ع)، فوجدوا في أنفسهم، فبيّن فضله عليهم، وعلى غيرهم من أصحاب النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، فبلغ ذلك النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، فقام خطيباً فقال: ((إن رجالاً يجدون في أنفسهم في أن أُسكن علياً في المسجد؛ والله، ما أخرجتهم ولاأسكنته؛ إن الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه: {أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } [يونس:87]، وأمر موسى (ع)، أن لايسكن مسجده، ولاينكح فيه ولايدخله إلا هارون وذريته؛ وإن علياً بمنزلة هارون من موسى، وهو أخي، فمن ساءه فهاهنا))، وأومأ بيده نحو الشام.
وساق الإمام (ع) الروايات في سد الأبواب إلا باب علي (ع)، عن سعد بن أبي وقاص، والبراء بن عازب.
إلى قوله: وبه عن نافع، مولى ابن عمر، قال: قلت لابن عمر: من خير الناس بعد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؟
قال: ما أنت وذاك، لا أم لك.
ثم قال بعد ذلك: أستغفر الله؛ خيرهم بعده من كان يحل له مايحل له، ويحرم عليه مايحرم عليه.
قلت: من هو؟
قال: علي، سد أبواب المسجد وترك باب علي وقال له: ((لك في هذا المسجد مالي، وعليك ماعلي؛ أنت وارثي ووصيي، تقضي ديني، وتنجز عداتي، وتُقتل /119
على سنتي، كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني)).
قال (ع): فهذه الأخبار، مما صحت لنا روايته في سد الأبواب، جمعناها ليقف عليها الفقيه، وليميز بينها وبين مايرويه، من هذا الجنس وغيره.
إلى قوله: فإن كان من أهله علمه، وإلا فسواه يعلمه، ولايضر العناد إلا المعاند.
انتهى المراد، وساق في التخريج ـ أيده الله ـ طرق أخبار سد الأبواب، وهي متواترة معلومة لأولي الألباب.
[رد لما أورده البخاري في شأن خوخة أبي بكر]
وأما مارواه البخاري في أبي بكر فقد كفى المؤونة في الرد على البخاري وغيره، حفاظُ القوم من المحدثين، فكيف بالعترة الطاهرين؟
قال ابن حجر في فتح الباري، شرح البخاري: جاء في سد الأبواب أحاديث، منها حديث سعد بن أبي وقاص: أمر رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد، وترك باب علي.
أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي، وفي رواية الطبراني: ورجاله ثقات.
إلى قوله: وعن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة إلى المسجد؛ فقال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((سدوا هذه الأبواب إلا باب علي)) فتكلم ناس، فقال: ((إني والله ماسددت شيئاً ولا فتحته، ولكني أُمرت بشيء فاتبعته)).
أخرجه أحمد، والنسائي والحاكم، ورجاله ثقات.
وعن ابن عباس: أمر رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بأبواب المسجد، فسدت إلا باب علي.
وفي رواية: فكان علي يدخل المسجد وهو جنب، ليس له طريق غيره.
أخرجهما أحمد، والنسائي، ورجالهما ثقات.
وعن جابر مثل هذه أخرجه الطبراني.
وعن ابن عمر.
إلى قوله: سد الأبواب إلا بابه.
أخرجه أحمد وإسناده حسن.
وأخرج النسائي من طريق العلا بن عرار، قال: قلت لابن عمر: أخبرني عن علي.
إلى قوله: انظر إلى منزلته من رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، قد سدّ أبوابنا في المسجد، وأقرّ بابه.
ورجاله رجال الصحيح إلا العلا، وقد وثقه يحيى بن معين.
أفاد هذا في التخريج.
قال ـ أيده الله ـ: تمت من كتاب /120
الإمام محمد بن عبدالله الوزير، والحمد لله تعالى.
قلت: وكلام ابن حجر قد وقفت عليه في فتحه، والله الموفق.
قال في تفريج الكروب: وقال الحافظ ابن حجر: قصة علي في سد الأبواب: وأما سد الخُوَخ فالمراد به طاقات كانت في المسجد، يستقربون منها؛ فأمر النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في مرض موته بسدها، إلا خوخة أبي بكر.
وقال فيما تقدم: قد ألّف الأسيوطي كتاباً فيما ورد من سد الأبواب إلا باب علي، وما ورد في الخوخة لأبي بكر، وسماه (سدُّ الأبواب في سدِّ الأبواب).
إلى قول الأسيوطي: كذا جمع القاضي إسماعيل المالكي في أحكامه، والكلاباذي في معانيه، والطحاوي في مشكله.
وعبارة الكلاباذي: لاتَعارُضَ بين قصة علي، وقصة أبي بكر.
إلى قوله: وأبقيت خوخة أبي بكر فقط.
وأما باب علي، فكان داخل المسجد، يخرج منه ويدخل منه.
إلى قول صاحب التفريج: ثم قال ـ أي السيوطي ـ: قد ثبت بهذه الأحاديث الصحيحة؛ بل المتواترة، أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ منع من فتح باب شارع إلى المسجد، ولم يأذن في ذلك لأحد، ولا لعمه العباس، ولا لأبي بكر، إلا لعلي (ع)؛ لمكان ابنته، ومن فتح خوخة صغيرة، أوطاقة أو كوة، ولم يأذن في ذلك لأحد ولا لعمر، إلا لأبي بكر.
قال في تفريج الكروب: هذا تعليل السيوطي، في أمر لا علة له، إلا أمر الله بنص الحديث، وفي ذلك الحديث المصدَّر من قول الراوي في عثمان وعنده رقية ما يفيد أنه لم يعتبر ذلك. انتهى.
قلت: وقد صرح الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بأن ذلك لكونه منه بمنزلة هارون من موسى (ع)، ولكنهم يأبون إلا مدافعة البراهين بكل وسيلة.
وقد أيد الله الحق، وأخرج الصدق، على ألسنتهم، والحمد لله رب العالمين.
وقال في تفريج الكروب: قال السيوطي: فأقول: قد ثبت في الأحاديث السابقة، وقرر العلماء، أن أبا بكر لم يؤذن له في فتح الباب؛ بل أمر بسد بابه؛ /121
وإنما أذن له في خوخة صغيرة وهي المراد في حديث البخاري.
انتهى المراد.
قال المولى العلامة الحسن بن الحسين الحوثي ـ أيده الله ـ في التخريج: وروى حديث سد الأبواب إلا باب علي، ابن المغازلي عن حذيفة بن أسيد، وعن سعد من طريقين، وعن البراء بن عازب، وعن ابن عباس من طريقين، وعن ابن عمر.
وقد مرّ إخراج أبي طالب له عن أبي ذر، وكذا رواية الصفار، عن جابر وعن ابن عمر، وكذا عن أسماء بنت أبي عميس: ((إن مسجدي حرام)) إلخ.
وأخرجه البيهقي عنها، وأخرج عنها، وابن عساكر: ((لايحل مسجدي)) إلخ.
وأخرج ابن المغازلي خبر سد الأبواب إلا باب علي، عن جعفر بن محمد؛ مع أن الإمام قد ذكر هنا في الكتاب ((لكن)) تأكيداً، كذا رواه ابن المغازلي والخوارزمي من حديث المناشدة، بإسنادهما إلى أبي الطفيل عامر بن واثلة عن علي.
وكذا رواه المؤيد بالله (ع) من حديث المناشدة.
إلى قوله: ورواه ابن المغازلي عن ابن عباس عن علي، في مجادلته للصحابة.
قال ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف: حديث أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ لم يأذن لأحد أن يلمس في المسجد أو يمر فيه جنباً إلا لعلي؛ لأن بيته كان في المسجد.
ثم ساق الروايات.
إلى قوله: انتهى كلام ابن حجر.
قال ـ أيده الله ـ: نعم، وقوله: لأن بيت علي كان في المسجد، تعليل من ابن حجر.
إلى قوله: فإنه قد صحّ أن العباس والحمزة وغيرهما تكلموا في إسكان علي وإخراجهم؛ فأجاب النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بأن الله هو الذي أسكنه وأخرجهم.
وكذا علل ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ذلك بأن موسى أمر ببناء مسجد لايسكنه إلا هارون وذريته، وأمر ببناء مسجد لايسكنه إلا علي وذريته؛ وأن علياً مني بمنزلة هارون من موسى.
ولم يقل ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: إنما أسكنت علياً؛ لأن بيته كان في المسجد.
وقد مرّ من الأحاديث، ما يضطر كل منصف إلى أن تعليل ابن حجر وغيره من المائلين، لا أصل له، وأنها خصيصة ومزية من الله لعلي (ع)، على كل الصحابة؛ لكن العداوة لآل محمد، /122
ألجأت بعض الخصوم إلى القدح في المعلوم من هذه المزية، مثل: ابن الجوزي، والجوزجاني؛ وبعضهم إلى وضع الحديث في أبي بكر.
إلى قوله: كما قال ابن أبي الحديد، من وضع البكرية، وبعضهم وضع له حديثاً يثبت له خوخة، كل هذا كأنه امتثال لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى }، ولقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا } [الشورى:23]، وحَذَرٌ من قوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - في عترته: ((ولاتخالفوهم فتضلوا)) وقوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((لا نالت شفاعتي من لم يخلفني في عترتي)).
ثم ساق الأخبار والآثار.
إلى قوله: والعجب أن البخاري مرة بوّب للخوخة، ومرة بوّب للباب ثم قال في ترجمة الباب: قاله ابن عباس.
وليس عن ابن عباس إلا الخوخة، وهذا منه تدليس أو غفلة.
[الطعن في رجال ما أورده الخصم: في فليح المدني]
ثم تكلم على رواية البخاري، ناقلاً لذلك عن مناقب خير الأوصياء، للمولى العلامة، فخر العترة، عبدالله بن الإمام الهادي ـ رحمه الله تعالى ـ فقال ـ أيده الله تعالى ـ: ثم إن في سند حديث أبي سعيد الأول، فُلَيح بن سليمان المدني، ضعفه النسائي وأبو حاتم، وروي عن يحيى بن معين أنه ضعيف، وروي: ليس بثقة، وروي عنه: لايحتج به.
وروي عن مظفر بن مدرك أنه كان يحذر منه، ويأمر باتقائه.
وقال أبو داود: لا يحتج به.
ووهمه الساجي، وذكر الدارقطني الاختلاف عليه.
إلى قوله: ثم قد روي عن الإمام القاسم بن محمد (ع)، أن فليحاً أحد من اعتمد عليه البخاري، ممن يتجارى على الله بالكذب وعلى رسوله، ويعلن ببغاضة أمير المؤمنين.
[الطعن في وهب بن جرير]
وأما حديث ابن عباس، ففيه وهب بن جرير، حدث عن شعبة.
قال أحمد وابن مهدي: ماكنا نراه عند شعبة.
وهما إمامان عظيم شأنهما عند أهل الحديث فلا يقول مثلهما ذلك، إلا لعلمهما بعدم لقائه له.
إلى قوله: وقال يحيى: هو ضعيف /123
في قتادة؛ وكذا قال غيره.
وقال البخاري: ربما يهم وهب بن جرير في الشيء، ثم اختلط في آخر عمره.
قال: وحديث وهب هذا عن أبيه، فيكون قدحاً فيه.
قلت: وقد ذكره ابن حجر في مقدمة الفتح، في سياق من طعن فيه من رجال البخاري.
[الطعن في عكرمة، وإسماعيل بن عبدالله]
قال ـ أيده الله تعالى ـ: وفيه عكرمة، مولى ابن عباس، كذبه يحيى بن سعيد الأنصاري، وروى عبدالله بن الحارث، عن علي بن عبدالله، أنه قال: إن هذا الخبيث يكذب على أبي.
ويروى عن ابن المسيب أنه كذبه؛ وابن سيرين.
وعن أبي ذيب: ليس بثقة.
وقال محمد بن سعد: ليس يحتج بحديثه.
ثم إنهم رووا عنه أنه كان يرى رأي الخوارج.
وبسط الإمام القاسم بن محمد القول في تضعيفه.
إلى قوله: وأما الحديث الآخر عن أبي سعيد، ففيه إسماعيل بن عبدالله.
قال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح.
وقال أحمد بن يحيى: سمعت ابن معين يقول: هو وأبوه يسرقان الحديث.
وقال الدولابي في الضعفاء: سمعت النضر بن سلمة المروزي يقول: كذاب إلخ.
وعن ابن معين: أنه لا يساوي فلسين.
قال المولى الحسن ـ أيده الله ـ: إسماعيل ممن يقبله أصحابنا، ويعدونه في الشيعة.
وقد روى عنه الإمام القاسم بن إبراهيم (ع)، واحتج به الهادي (ع) في الأحكام، مع تحرّيه.
قلت: ويكفينا في القدح، مخالفة خبرهم هذا للمعلوم، وما علم من حال رواته؛ إلا أن هذا مجاراة للخصوم.
وقد أفاد ـ أيده الله تعالى ـ حيث قال: إلا أنه لما تواترت الأخبار، بالأمر بسد الأبواب إلا باب علي، ولم يذكر فيها وإلا باب أبي بكر، حتى أنه قال رجل: دع لي كُوَّة فأبى، في خبر أنس، عند العقيلي.
وكذا قول ابن عمر للعلا وقد سأله عن علي (ع): انظر إلى منزلته من رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، سد أبوابنا وترك بابه، من رواية النسائي، وأخرجه الكلاباذي بمعناه.
وقال (ع): إنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أخرج الناس من المسجد وتركني.
أخرجه ابن المغازلي عن ابن عباس.
إلى /124
قوله: وغير ذلك عن ابن عباس، وزيد بن أرقم، وجابر، وسعد، والبراء بن عازب، وأبي رافع، وعلي، وجابر بن سمرة، وأنس، وبريدة، وابن مسعود، وحذيفة بن أسيد، وعمر، وأبي ذر، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، على كثرة المخرجين وكثرة طرقهم لو لم يكن إلا قول ابن عمر.
إلى قوله: ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال.
إلى قوله: زوجه رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ابنته، فولدت له؛ وسد الأبواب إلا بابه في المسجد؛ من رواية أحمد بن حنبل وأبي علي الصفار، مما يعلم به وضع الأخبار في هذا لأبي بكر، فساغ أن يقدح في طرقهم بما يلتزمونه من هذا الوجه، لا من حيث قدحهم في إسماعيل. انتهى ماأردت نقله على نوع من تصرف واختصار.
أي نقله من مناقب خير الأوصياء.
[الرد على من أثبت المنة لأبي بكر على الرسول(ص)]
وقال المولى الحسن بن الحسين ـ أيده الله ـ: ولايخفى مافي أخبار البخاري ونحوه، كالطبري في تاريخه، من الركاكة في ألفاظها، وما فيها من المخالفة للمعلوم، من إثبات المنة لأبي بكر على الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ والثابت من ضروريات دينه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أن المنة لله ثم له ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ قال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا } [الحجرات:17]..إلخ.
إلى قوله: مع أن المعلوم أن أبا بكر وغيره لايبلغ ولايقارب علياً، فيما عدّ منه من المواساة، والنصرة، وتفريج كل شدة عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ قضت بذلك الآثار.
ثم قد مرّت الأحاديث المستفيضة من كون علي (ع) خليل رسول الله، ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وأنه وزيره.
قال علي (ع): إن خليلي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ قال: إلخ.
رواه الملا في الصواعق، وقد مرّ.
وقال عمار بن ياسر: صدق خليلي، إلخ.
رواه أبو القاسم الطبراني. انتهى من الكنجي.
ورواه نصر بن مزاحم. انتهى شرح نهج. /125