الرابع، وبالسند المتقدم في المجموع وغيره إلى الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، عن أخيه سيد المحققين الحسين بن أمير المؤمنين (ع).
قال فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول العبد الفقير إلى الله عز وجل، الغني بإعانته على ما عقد وحل...إلى آخر الهداية شرح الغاية.
ـــــــــــــــ
والله أسأل، وبجلاله أتوسل، أن يصلي ويسلم على من أرسله رحمة للعالمين، وعلى آله الهادين إلى يوم الدين، وأن يتقبّل العمل، ويحقق الأمل، ويحسن الختام، ويصلح أمر الإسلام، إنه قريب مجيب، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
حرر غرة شوال سنة سبع وسبعين وثلاثمائة وألف، بمدينة صعدة حرسها الله بالصالحين، وعمرها بالعلماء العاملين، بجوار الجامع المقدس النبوي اليحيوي، جامع والدنا إمام الأئمة، الهادي إلى الحق المبين، يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم، عليهم وعلى سلفهم وخلفهم أفضل الصلاة والتسليم؛ وسبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
ـــــــــــــــ
---
- قال في المخطوطة التي قابلنا هذه عليها ما لفظه: حمداً لله وصلاة وسلاماً على رسول الله وعلى آله صفوة الله؛ وإنه كان الفراغ من النساخة لهذا الجزء الأخير في حوالي 20/12/1388هـ، كاتبها حسن بن محمد الفيشي غفر الله لهما آمين.
انتهى نقلاً من نسخة المؤلّف أيده الله، وبارك في أيامه، ونفع بعلومه الإسلام والمسلمين، آمين آمين.
قال في ورقة الأصل: كتب الفقير إلى الله تعالى قاسم بن أحمد بن المهدي محمد بن القاسم بن محمد بن إسماعيل بن الحسن الحوثي الحسيني غفر الله له وللمؤمنين والمؤمنات، آمين آمين في 20/ صفر / 1392هـ.
لوامع الأنوار
الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
(الفصل الحادي عشر اللاحق بلوامع الأنوار)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله الأكرمين، وبعد:
فهذا الفصل، الذي سبق به الوعد في لوامع الأنوار، قد أفردته؛ ليتمكن المطلع من وصله بالماضي أو فصله عنه، فإليه الاختيار.
والمقصد الأهم منه ذكر أعلام العترة الأطهار، وكرام العصابة الأبرار، الذين عليهم في باب الرواية معظم المدار، على ضرب وجيز من الاختصار، والمبحوث عنه أولاً وبالذات، الرواة الثقات، في أصل أسانيد أئمتنا السابقين عليهم السلام، ومَنْ بيننا وبين المؤلفين.
فإن ذُكِرَ غيرهم لغرض فبالعرض؛ وقد سبق في التحف الفاطمية وفي لوامع الأنوار ذكر الكثير، فمن أعيد الكلام عليه فهو لتقريب المنال، وتيسير الانتوال، ويكون إن شاء الله تعالى بما فيه زيادة إفادة بلا تكرار، ومن لم يكن قد اتصلت به فيما مَرّ الطريق، فسأوصل السند إليه وإلى مؤلفاته، عند المرور عليه، وذلك النزر اليسير، والله ولي التوفيق والتيسير.
وأما المؤلفات الجامعة، فقد تقدمت إليها الطرق النافعة، بحمد الله تعالى.
هذا ومن سنذكر في هذا الفصل المبارك إن شاء الله فلا يخلو، إما أن يكون معلوم الحال، لدى الخاص والعام، فلا كلام.
وإن ذكر بما يفيد، فمن باب التأكيد.
وإما أن لا يكون كذلك، فإن وقع التصريح، بتعديل أو تجريح، فمتضح؛ وإن لا يذكر بشيء فعهدة المطلع أن يعتمد على ما يصح.
ولا يخفى موجب الإحالة في مثل ذلك على أرباب الفهوم، /15
لعل لها عذر وأنت تلوم.
ولا يكون التصريح بالتعديل، إلا لمن صحت عدالته المحققة، ولا الجرح إلا لمن صحّ مقتضاه، بطريق الشرع المرتضاة، لموجب القيام بالقسط، والشهادة لله تعالى بالحق ـ كما أخذ الله تعالى ـ بعد كثرة البحث، وشدة التحري والفحص؛ للوقوف على الحقائق، وتجنب مختلف الطرائق.
وقد استلزم العمل تكرير النظر في جميع ما تحصل من مؤلفات أولي الألباب، والله الموفق للصواب، وسلوك منهج السنة والكتاب.
وقد وقعت العناية بإعانة الله تعالى في الإحاطة؛ ليكون هذا المؤلَّف جامعاً للمقصود، بإعانة الملك المعبود.
وسيكون البحث فيمن عدهم الشيخ العالم الزاهد، ولي آل محمد، القاسم بن عبد العزيز بن إسحاق البغدادي الزيدي ، في رسالته المشهورة، في أصحاب الإمام الأعظم زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، ومن ثبتت عدالتهم بصحيح النقل في مؤلفات سائر أئمتنا الهداة، كأصحاب الأئمة، القائمين بما افترضه الله تعالى على الأمة، الذين ذكرهم الإمام المنصور بالله عليه السلام في الشافي ، والفقيه حميد الشهيد في الحدائق، وأبو الفرج في مقاتل الطالبيين ، وغيرهم؛ وجميع من ذكرهم السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير، في علوم الحديث المسمى بالفلك الدوار ، ومن تبعه كالسيد العالم المهدي بن الهادي اليوسفي، المعروف بالنوعة، في الإقبال ؛ والقاضي العلامة شمس الشريعة أحمد بن يحيى حابس ، في المقصد الحسن ؛ والقاضي عماد الدين يحيى بن محمد حميد المقرائي، في النزهة ، وجميع من عدهم في ثقات محدثي الشيعة السيد الإمام الصارم إبراهيم بن القاسم بن المؤيد بالله محمد بن القاسم عليهم السلام، في طبقات الزيدية ، ومن أوردهم منهم في المختصر من الطبقات ، المسمى /16
بالجداول، شيخُنا المولى العلامة، فخر أعلام العصر، عبد الله بن الإمام الهادي ـ رضي الله تعالى عنهما ـ.
وأنا أرويه عنه وجميع مروياته، كما سبق في التحف الفاطمية .
على أن السيد صارم الدين عليه السلام، والتابعين له المذكورين، أدخلوا في الشيعة بعض من ليس منهم على الحقيقة؛ وإنما هو باعتبار قربهم من جانب العترة، بالنظر إلى أولى النصب والبِغضة، ولأخذهم بطرف من الإنصاف، رَمَاهم بالتشيع؛ لقصد القدح، أربابُ الزيغ والانحراف، أرادوا أن يذموا فمدحوا، كما قيل: بعض الجرح تعديل.
وسأبين ـ إن شاء الله تعالى ـ عند المرور عليهم، مَنْ كان من ذلك القبيل، ويتضمّن البحث عمن جمعهم، منهم: القاضي العلامة المفضال، ولي الآل، أحمد بن صالح بن أبي الرجال ، في مطلع البدور ، ومجمع البحور.
وعلى الجملة، أبلغ الجهد ـ إن شاء الله تعالى ـ في هذا المنهج؛ ليكون على أكمل منوال، بإعانة ذي الجلال.
وقد جعلت طبقات الزيدية الكبرى مصدر النقل، وقنطرة العبور، مع مراجعة الأصول، لمحلها من الجمع والاشتهار، وتطلع الأفكار إليها والأنظار، وقد يقع في ذلك تصحيح أو ترجيح، أو تقديم أو تأخير، أو زيادة أو نقص.
ولفظ (قلت) دال على أن الكلام مضاف إليَّ، حتى أنها إن كانت في كلام الغير، أعبّر عنها بلفظ (قال) أو نحو ذلك، تجنباً للبس.
وبالجملة فسيتضح ما استمد منها، أو من أي كتاب، بلا ارتياب.
[المراد بأئمتنا الخمسة أو الجماعة أو الستة]
ومتى أطلق أئمتنا الخمسة، فهم: المؤيد بالله ، وأخوه أبو طالب ، والموفق بالله ، وولده المرشد بالله، ومحمد بن منصور المرادي .
أو الجماعة، أو الستة: فالبخاري، ومسلم، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وابن ماجه .
أو حافظ اليمن: فصاحب الفلك الدوار، الوزير.
أو السيد الإمام أو المولى، فمؤلف الطبقات .
[سند الطبقات ]
وهذه الطريق إلى طبقات الزيدية ، وإن /17
كانت قد سبقت في الجامعة المهمة، ولوامع الأنوار.
فيقول المفتقر إلى الله سبحانه مجد الدين بن محمد بن منصور بن أحمد بن عبد الله بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن عبد الله بن علي بن صلاح بن علي بن الحسين بن الإمام عز الدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد الحسني المؤيدي، أفرغ الله عليهم شآبيب عفوه وغفرانه، وأسبغ عليهم سرابيل لطفه ورضوانه:
أروي كتاب طبقات الزيدية بطرق كثيرة، وقد أوضحت مختارها فيما تقدم من لوامع الأنوار، والجامعة المهمة، في أسانيد كتب الأئمة؛ أعلاها عن شيخي ووالدي عالم آل محمد وعابدهم، الولي بن الولي، محمد بن منصور المؤيدي - رضي الله عنهما-، عن شيخه والدنا الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني الحوثي ـ قدس الله روحه في عليين ـ، عن شيخه نجم أعلام اليمن محمد بن محمد بن عبد الله الكبسي ، عن شيخه العلامة بدر الآل الأكرمين إسماعيل بن أحمد الكبسي - رضي الله عنهم -، عن شيخه الفقيه العلامة جمال الدين علي بن حسن جميل، المعروف بالداعي، عن القاضي العلامة الأوحد محمد بن أحمد مشحم ، عن شيخه المؤلف السيد الإمام الصارم إبراهيم بن القاسم بن المؤيد بالله محمد بن القاسم عليهم السلام.
[نبذه من أول الطبقات ]
قال في الطبقات :
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إلاه إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فهذا كتاب جمعتُ فيه أسماء الرواة، التي في كتب أئمتنا أئمة الزيدية الهداة، ولم أذكر إلا من له سند متصل، غالباً، وجعلته ثلاث /18
طبقات: الأولى: في أسماء الصحابة، والثانية: في أسماء التابعين وتابعيهم إلى رأس الخمس المائة، والثالثة: من روى كتبهم عليهم السلام وكتب شيعتهم متصل السند إلى يومنا هذا، وأسماء الكتب التي جمعت رجالها.
قلت: ذكرها بعبارة فيها بسط، وأنا أسوقها على وجه أخصر وأكمل؛ فإنه لم يورد جميع المبحوث عن رجالها، في هذا المحل، فهي: المجموعان: الفقهي، والحديثي ، وأماليات أئمتنا الخمس، والأحكام ، والمنتخب ، والبساط ، وشرح التجريد ، وشرح الأحكام لأبي العباس، والمصابيح له، وصحيفة الرضا، والاعتبار للجرجاني، والشافي، والجامع الكافي ، والتأذين بحي على خير العمل، وقليل من الشفاء، والذكر للمرادي، وشرح القاضي زيد، والمحيط بالإمامة ، وأمالي السمان ، وجلاء الأبصار .
وهذه وغيرها قد مضت بطرقها مستوفاة بحمد الله في لوامع الأنوار.
ومنها: الأربعون لأبي الغنائم، والبراهين الصريحة لمحمد بن سليمان الكوفي وهي المناقب ، ونظام الفوائد أمالي قاضي القضاة، جمعها القاضي جعفر، والمسائل المرتضاة ، وشواهد التنزيل ، ومناقب ابن المغازلي، ومناقب الكنجي ، والحلية لأبي نُعيم، وابن أبي شيبة .
ويذكر من كتب العامة: الستة، وأحمد، ومستدرك الحاكم، والمسندات للشافعي، ولأبي يعلى، ولابن عدي ، وكتب الطبراني ، وسنن البيهقي ، وشعبة، وابن عساكر ، وأبي حاتم، وأدب البخاري، وتفسير الترمذي ، والفردوس للديلمي، والبزار ، وغيرها.
ـــــــــــــــ
[إمام المرسلين وخاتم النبيئين - صلى الله عَلَيْه وآله وسلم -]
هذا، وقد افتتح السيد الإمام بمن اسمه إبراهيم، كما يأتي، وإذا كان القصد التبرك فالأولى ما اختاره بعض نجوم العترة، كالإمام المرشد /19
بالله في الأنوار، والسيد أبي العباس في المصابيح عليهما السلام، ومن العامة صاحب جامع الأصول وغيرهم، من الابتداء بذكر مَنْ قَرَنَ الله تعالى ذِكْرَه بذكره، فاشتق نوره من نوره، إمام المرسلين، وخاتم النبيئين ـ صلى الله وسلم عليه وعليهم وعلى آله الطاهرين ـ رسول الله وأمينه، وحبيبه وخليله، ومختاره ومصطفاه، ومجتباه ومرتضاه، الذي أرسله رحمة للعالمين، وجعله حجة على خلقه أجمعين، المأخوذ ميثاقه على رسله، والمبشر به في مُنْزَلات كتبه، المؤيد بالمعجزات النيرات، وبالآيات البينات الباهرات، التي لا يحصى لها عدد، ولا ينتهي لها مدد، من اسمه أحمد، أبو الطيب والطاهر والقاسم، إمام المرسلين، وخاتم النبيئين - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، محمد رسول الله بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ـ صلى الله عليه وعلى آله وبارك وترحم وتحنن وسلم ـ ومن مدحه الله المليك الأكبر، فماذا يبلغ من مدحه مدح البشر؟ وما يأتي القائل في حقه أو يذر؟
فالحمد لله تحدثاً بنعمته، على ما اختصنا به من رحمته، حيث شرفنا منه بأقوى سبب، و أزلفنا إليه بأقرب نسب، اجتبى أهل بيته، من زيتونة شجرته، وأفاض عليهم أنوار نبوته وحكمته، فصيرهم بحكمه أهله وذريته، وورثته وعترته، أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومهبط الوحي؛ وخلَّفهم في أمته، وقرنهم بكتابه وسنته، وجعلهم النجوم والأمان لأهل الأرض، وأمر الخلق بمودتهم وركوب سفينتهم، والتمسك بولايتهم إلى يوم العرض، والله يحكم لا معقب لحكمه، ولا راد لفضله، يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة، وإن الله لسميع عليم.
قال الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام: /20
لنحن على الحوض روّاده .... نذود ويُسعد ورّادهُ
فما فاز من فاز إلا بنا .... وما خاب من حبنا زادهُ
فمن سرّنا نال منا السرور .... ومَنْ ساءنا ساء ميلادهُ
ومن كان غاصبنا حقّنا .... فيوم القيامة ميعادهُ
فقد أعطاه الله جلّ جلاله الكوثر، وجعله نسله الأطيب الأكثر؛ فقال سبحانه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ } [الكوثر:1].
نعم، والتعرّض لليسير من الخصائص النبوية، يخرج بنا عن الاختصار، ويستوعب حوافل الأسفار، وقد مضى في التحف الفاطمية ولوامع الأنوار، ما لا غنى عنه من أخبار المختار، وعترته الأطهار، عليهم الصلاة والسلام.
قال السيد الإمام عليه السلام في طبقات الزيدية : وهذا أوان الشروع ومن الله أستمدّ التوفيق.
[إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عَلَيْه وآله وسلم -]
إبراهيم بن رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أمه: مارية القبطية، ولد في ذي الحجة سنة ثمان؛ وكانت قابِلَته سلمى مولاة النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - امرأة أبي رافع ؛ وحلق شعره يوم سابعه، وتصدق بزنة شعره فضة.
وتوفي وله ستة عشر شهراً.
رواه السيد المؤيد بالله .
قلت: والإمام المرشد بالله، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب، وابن الأثير في جامع الأصول .
قال: وقيل: سبعة عشر شهراً.
قلت: وفي الاستيعاب: القول الآخر: إنه ابن ثمانية عشر شهراً، وكذا في جامع الأصول .
وغسّله علي بن أبي طالب ؛ رواه محمد ـ أي ابن منصور المرادي - ضي الله عنه-.
وقيل: الفضل بن العباس، وصلى عليه النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، ونزل في قبره، ورش على قبره ماء.
وقبره بالبقيع، مشهور مزور. /21
[أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام]
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، القرشي، المكي، الهاشمي، أبو الحسن ـ كرم الله وجهه في الجنة ـ.
وأمه فاطمة بنت أسد، أول هاشمية ولدت هاشمياً.
وُلِد في الكعبة، في شهر رجب، عام ثلاثين بعد الفيل، وهو اليوم السابع من أيلول، كما رواه السيد أبو طالب ، عن كافي الكفاة ، حيث قال:
يا مُغْفِل التاريخ من جَهْلهِ .... وليس معلوم كمجهولِ
إن علي بن أبي طالب .... مولده سابع أيلولِ
قلت: هو الصاحب إسماعيل بن عبّاد، أحد علماء العدل والتوحيد، وأولياء آل محمد ـ عليهم السلام ـ؛ وأقواله في الوصي وسائر العترة ـ عليهم السلام ـ مشهورة، وقد أتى في الشافي منها بنبذ شافية، وهو القائل:
علي حبه جُنّه .... قسيم النار والجَنه
وصي المصطفى حقاً .... إمام الإنس والجِنه
قال السيد الإمام: وهو أول من أسلم، كان في حجر رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - قبل الإسلام وبعده، وهاجر من مكة بعده بثلاثة أيام.
قلت: استخلفه رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -؛ ليفديه بنفسه، ليلة نام على فراشه، ويؤدي ديونه وأماناته وودائعه، كما هو معلوم.
وقد بسط الروايات في ذلك أئمتنا ـ عليهم السلام ـ، وعلماء العامة، وأخرجوا الأحاديث في نزول قوله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ } [البقرة:207]، فيه.
قال: وهو أول من صلى من المسلمين.
وشهد المشاهد كلها، إلا تبوك؛ فإنه استخلفه - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - على المدينة.
وكان حامل لواء النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - في حروبه، وإذا لم يغز بنفسه أعطاه سلاحه.
وشجاعته معروفة، وفضائله وخصائصه /22
كثيرة، يخرجنا ذكرها عن المقصود.
قلت: ولله القائل:
وتركتُ مدحي للوصي تعمّداً .... إذْ كان نوراً مستطيلاً كاملاً
وإذا استقام الشيء قامَ بنفسه .... وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً
قال: منها: ما روى الهادي - عليه السلام - في الأحكام ، في الحدود، قال: بلغنا عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه قال: (ثلاث ما فعلتهن قط ولا أفعلهنّ: ما عبدتُ وثناً قط، وذلك أني لم أكن لأعبد ما لا يضر ولا ينفع؛ ولا زنيت قط، وذلك لأني أكره في حرمة غيري ما أكره في حرمتي؛ ولا شربت خمراً قط، وذلك أني لما يزيد في عقلي أحوج مني لما ينقصه).
واختصّ بغَسل النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - وتكفينه، وإدخاله القبر.
ولم يَتَأَمَّرْ عليه في عهد النبي - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - أحد؛ وكان أمره ببراءة.
قلت: وأخذها من أبي بكر، لما نزل جبريل - عليه السلام - بأمر الله ـ عز وجل ـ، أنه لا يبلغ ويؤدي عنه ـ على حسب الروايات، وقد سبقت في الفصل الأول ـ إلا هو أو رجل منه، أو من أهل بيته، كما مَرَّ؛ وهو مما تواتر.
قال: ولما توفي رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم -، أقام بالمدينة في خلافة الثلاثة.
ولما قُتل عثمان بُويع له - عليه السلام -؛ ثم كان حرب الجمل، وبعده حرب صفين، وبعده حرب الخوارج، كما أمره رسول الله - صَلّى الله عَلَيْه وآله وسلّم - بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
ثم أقام بالكوفة حتى ضُرب ـ صلوات الله عليه ـ لصبح الجمعة، تاسع عشر شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، ولبث ثلاثة أيام، وكان وفاته ليلة الأحد، إحدى وعشرين، وهو في ثلاث وستين، وغسله ولده الحسن، وعبيد الله بن عباس، وصلى عليه الحسن، وكبر خمساً، ودُفن عند صلاة الصبح.
قال في الإفادة : دُفن أولاً في الرحبة، مما يلي باب كندة؛ ثم نقل ليلاً /23