وإلى نوح في حكمه، وإلى إبراهيم في حكمته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب))، أخرجه الكنجي عن ابن عباس؛ ورواه الحاكم أبو القاسم عن أبي الحمراء بلفظ: ((ونوح في فهمه)).
وقال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((من أراد أن ينظر إلى موسى في شدة بطشه، وإلى نوح في حلمه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب))، أخرجه الإمام المرشد بالله، بسنده إلى الحسين السبط، عن أبيه علي (ع) في أماليه.
قال السيد محمد بن إسماعيل الأمير في شرح قوله في التحفة:
وبعيسى صحّ فيه مثل .... فسعيداً عدّ منهم وشقيا
بعد أن ساق الأخبار في ذلك: إذا عرفت هذا، فهذه شرائف الصفات: العلم، والحلم، والفهم، والزهادة، والبطش، والحسن؛ ثم إنه حاز أكمل كل واحدة، فإن علم الرسل أكمل العلم، وحلمهم أكمل الحلم، وفهمهم أتم فهم، وزهادتهم أبلغ زهادة، وبطشهم أقوى بطش؛ فناهيك برجل كمله الله بهذه الصفات، وأخبر نبيه أنه حازها، وشابه أكمل من اتصف بها، وأن من أراد أن ينظر من كان متصفاً بها من أولئك الرسل ويشاهده كأنه حي، نظر إلى هذا المتصف بها؛ ولذلك قيل:
يدل بمعنىً واحد كلُّ فاخر .... وقد جمع الرحمن فيك المعاليا
...إلخ كلامه.
وقد أورد في هذا الباب، وغيره من ذلك الكتاب، مباحث حسنة.
هذا، ومما جاء في ذلك المعنى: قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((تفترق أمتي فيك، كما افترقت بنو إسرائيل في موسى))، أخرجه ابن عبد البر في /640

الاستيعاب، ذكره في التفريج.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي ـ صلوات الله عليه ـ: ((يدخل فيك النار فرقتان: أما واحدة فتعطيك فوق حقك كما فعلت النصارى بعيسى بن مريم، وفرقة تدفعك عما أوجب الله لك كما فعلت اليهود بعيسى ابن مريم))، رواه صاحب الجليس الممتع، والخوارزمي؛ أفاده في التخريج.
نعم، وهذا من أعلام النبوة، ومعجزات الرسالة؛ لأنها لم تكن قد حدثت مقالة الغالين، فهو كالأخبار النبوية عن الناكثين والقاسطين والمارقين؛ فهو كما قال الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في الشافي عقيب رواية: ((إن فيك مثلاً من عيسى بن مريم...الخبر)): وهذا علم غيب قد وقع.
[تفسير الغالين والقالين، والرد على من استشكل تحريق الوصي (ع) للغالين]
هذا، فقد غلت الفئة الغالية في وصي رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ علي بن أبي طالب ـ صلوات الله وسلامه عليهما ـ، فأشركت به وعبدته، وادعت له الإلهية، وصفات الربوبية؛ وقد نقلت علماء الأمة وأرباب السيرة ما صدر منهم، وما فعله الوصي ـ صلوات الله عليه ـ بهم، من استتابتهم، ودعائهم إلى توحيد الله؛ ثم تحريقهم، وإقامة حد الله، وذلك حكم الله فيهم، وفي أمثالهم. /641

وقد همّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بتحريق المتخلفين عن جماعة الصلاة، كما نقله الرواة؛ مع أن فعل الوصي ـ صلوات الله عليه ـ حجة، فهو مع الحق والقرآن، والحق والقرآن معه، الهادي لمن تبعه، المبين للأمة، باب مدينة العلم والحكمة، الذي أخذت عنه أحكام الله ورسوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - في قضاياه، ومنه علمت السيرة المحمدية في الغلاة والبغاة، ورجعت إليه الصحابة في كل ما أبهم عليهم من معالم دين الله؛ فلا وجه لما يستشكله بعض الأقوام، من تحريقهم بالنار؛ ولا صحة لما ينقله عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من الإنكار، فقد كان مقتدياً بابن عمه، الذي يدور معه الحق حيثما دار، كما تواترت به الأخبار، مهتدياً بنوره، متبعاً لأثره في جميع أموره، وهو القائل: (إذا بلغنا شيء عن علي من قضاء أو فتيا لم نجاوزه إلى غيره)، وقد تقدم؛ وقال أيضاً: (ما ثبت لنا عن علي من قضاء أو فتيا لم نعدل إلى غيره)، أخرجه في المحيط بسنده إلى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
وقال: (كنا إذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به) أخرجه ابن عبد البر، وابن سعد.
وأقواله فيه أكثر من أن تحصر، فحاشاه عن مخالفة حكمه؛ فهذا غلو الفرقة الغالية، كما غلت النصارى في رسول الله عيسى بن مريم ـ صلى الله عليهما ـ، فأشركت به وبأمه وعبدته، وادعت له الولدية الإلاهية، وصفات الربوبية؛ تعالى الله عما يقول الظالمون؛ سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وكما جحدت اليهود ـ لُعِنَتْ ـ رسالة المسيح، وعادته، وسبته وأمه ـ صلى /642

الله عليهما ـ وحاربته، جحدت الفرقة القالية، كالناكثين والقاسطين والمارقين، ومن شابههم من الناصبية، ولاية وصي رسول الله علي بن أبي طالب ـ عليهما وآلهما الصلاة والسلام ـ ومقامه ووصايته، وما خصّه الله - تعالى - به وأهل بيته، وحاربتهم، وأنكرت فضلهم، ووالت أعداءهم، وعادت أولياءهم، ورموهم بالابتداع، ومخالفة السنة والاتباع؛ ومن تأخرت بهم الأعوام، أو ألجمتهم سيوف الإسلام، عن المصارحة بجميع الأنواع، فعلوا منها بقدر المستطاع، كما هو معلوم لأرباب الاطلاع.
ولعمر الله، إن من نظر بعين البصيرة، إلى ما تضمنته أعطاف مؤلفاتهم المنشورة، واشتملت عليه غضون مصنفاتهم المشهورة، علم بالضرورة أنهم استدركوا بأقلامهم، ما فاتهم من المشاركة بسيوفهم، لإخوانهم المضلين البغاة بصفين مع إمامهم؛ فقد قرروا صحة إمامة معاوية، إمام الفئة الباغية، الداعية إلى النار، بالنص النبوي المتواتر عن المختار، وصرحوا باجتهاده، في بغيه وعناده، وغيه وفساده، وحربه لأهل بيت نبيهم حجة الله على عباده، وقتله للسابقين، المشهود لهم بالجنة من صحابة سيد المرسلين، ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، والألوف المؤلفة من طوائف المؤمنين ـ رضي الله عنهم ـ وتولوه وصحبه، وتبرموا على من لعنه وسبه، وعدلوه وحزبه، كمروان وعمرو بن العاص، وعمر بن سعد بن أبي وقاص، أمير الجند القاتل لابن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وسبطه وريحانته، وعمران بن حطان المادح لأشقى الآخرين، القاتل لسيد الوصيين، وأخي سيد النبيين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ حتى قال ابن العربي: إن ابن ملجم قتل علياً باجتهاده، ويكون مأجوراً بالإجماع.
فكان أبلغ ردهم عليه ما قاله ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني، صاحب فتح الباري على البخاري ما لفظه: هذا باطل /643

بالإجماع.
فهذه نبذة مما قد تكررت، وهي معلومة، لا تناكر فيها بينهم؛ بل هي معدودة من أصول هذه السنة؛ وهذا جزاؤهم لرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في قرابته، وأهل بيته وعترته (ع).
وأما في جانب غيرهم، فالأمر كما قال الإمام شرف الدين (ع) ما نصه: وهم يذكرون عن أكثر المحدثين التصريح، بأن من سب أبا بكر وعمر أدنى سب كفر، ووجب ضرب عنقه البتة؛ فيالله وللمسلمين، ما شأن أمير المؤمنين!!...إلخ كلامه.
قلت: والمعلوم أنهم معاندون لعترة سيد المرسلين، مضادون لهم في معالم الدين.
[الإشارة إلى بعض رؤوس الناصبية، وكلامهم في الوصي (ع)]
وأما طائفة منهم، فقد انتصبوا للنصب، وتجردوا للمنابذة لهم والحرب، كابن تيمية، صاحب منهاج السنة ـ على زعمه ـ وتلميذه الذهبي، صاحب الميزان والتواريخ، ومن شاكلهما؛ وقد سبق من أحوالهم ما يكفي، وكتبهم على ذلك أعظم بيان، وأكبر برهان.
قال ابن تيمية في الجزء الثاني من منهاجه ص230: وعلي يقاتل ليطاع، ويتصرف في النفوس والأموال، فكيف يجعل هذا قتالاً على الدين؟ وأبو بكر يقاتل من ارتد عن الإسلام، ومن ترك ما فرض الله ليطيع الله ورسوله فقط...إلى آخر كلامه.
أقول: بالله عليك، انظر ـ أيها المطلع ـ كيف جعل جهاد علي (ع) للكفار، وهو وعمه أسد الله الحمزة، وابن عمهما عبيدة بن الحارث (ع)، أول من بارز للجهاد في سبيل الله في بدر، وجهاده في بدر وأحد والخندق وخيبر وحنين، وقتاله للناكثين والقاسطين، الفئة الباغية، الداعية إلى النار، القاتلة لعمار، /644

وللمارقين عن الدين؛ جعل كل ذلك ليطاع ويتصرف؛ هل يقول هذا من يؤمن بالله ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ واليوم الآخر؟
وصدق الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق))، ولقد أصاب ابن حجر الهيثمي، حيث قال في فتاواه: ابن تيمية عبد خذله الله وأضله، وأعماه وأصمه وأذلّه، بذلك صرح الأئمة، الذين بينوا فساد أحواله، وكذب أقواله.
انتهى من كتاب جلاء العينين من الصفحة الرابعة.
وكابن حجر المكي أحمد بن محمد الهيثمي صاحب الصواعق، الشاهدة عليه أنه للحق مفارق، وكفى في الدلالة على امتلائه من الشنآن، ومجانبته للإيمان، ومناصبته لقرناء القرآن، قوله فيها في معاوية بن أبي سفيان ما لفظه:
وأما ما يستبيحه بعض المبتدعة من سبه ولعنه ـ أي معاوية ـ فله فيه أسوة بالشيخين وعثمان، وأكثر الصحابة، فلا يلتفت لذلك، ولا يعول عليه؛ فإنه لم يصدر إلا من قوم حمقى جهلاء أغبياء، طغاة، لا يبالي الله في أي واد هلكوا، فلعنهم الله وخذلهم أقبح اللعنة والخذلان، انتهى.
وفي إيراد كلامه هذا، الذي تكاد السماوات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخرّ الجبال هداً، ما يغني عن الرد عليه؛ فحسبه الله ما أجرأه!.
ولقد علم الثقلان أن هؤلاء الذين سماهم المبتدعة، السابين، هم أئمة أهل الإيمان، قرناء القرآن، وأمناء الرحمن، عليهم صلوات الملك الديان، فسيعلمون من هو شر مكاناً وأضعف جنداً.
قال العلامة الجليل، محمد بن عقيل، صاحب العتب الجميل، الحسيني الحضرمي، في تقوية الإيمان: لقد أظهر ابن حجر في هذه المقالة المشؤمة ضبّ صدره، وفَاهَ بما يتحاشى المسلم العاقل عن التفوه به؛ أسكرته خمرة عصبية /645

الجاهلية، فانفجر بركان نصبه، فتدفق بالحمم، ورمى بنفسه في هوة عميقة؛ عافانا الله مما ابتلاه به آمين.
إن ابن حجر ممن عرف صحة الحديث، في لعن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ معاوية بعد إسلامه المزعوم، وعلم تواتر لعن علي صنو النبي لطاغيته، واتباع العترة له في ذلك، ومعهم خيار الصحابة، وأهل الحق...إلخ كلامه.
ولقد أحسن النصح للمسلمين، حيث يقول فيه: ولقد أضرت تحريفات هذا الشيخ وتمويهاته، بعقائد كثير من المسلمين في عدة أقطار، وهو والذهبي وابن تيمية من كبار نواصب أهل السنة، ومن أكثرهم تغريراً وزوراً، وإن تفاوتت مراتبهم في ذلك؛ وقد شاركهم في كثير من ذلك بعض علماء تلك الطائفة المجترمة، فتجد في طيات أقاويل بعضهم من دقائق النصب وخبثه، ما هو قرة عين إبليس، مما يدل على أنهم قد مردوا على النصب، وغمر قلوبهم بغض علي وأهل البيت، فأعماها رانها؛ عاملهم الله بقسط عدله آمين.
فكُنْ من زبَدهم وسموم نصبهم على حذر؛ ورضي الله عن شيخنا العلامة ابن شهاب الدين، إذْ كتب على ظهر الكتاب، المسمى تطهير الجنان، تصنيف ابن حجر المكي، شعراً:
لا تشكروا جمع تطهير الجنان ولا .... مدحاً به كذباً فيمن بغى وفجرْ
فإنما طينة الشيخين واحدة .... ذاك ابن صخر وهذا المادح ابن حجرْ
انتهى. /646

[اعتراف ابن حجر العسقلاني وابن حجر المكي بتواتر خبر الغدير، وبوزارة أمير المؤمنين (ع)]
قلت: وقد سبق أن ابن حجر الهيثمي هذا، من المعترفين بتواتر خبر الغدير.
قال في صواعقه: رواه ثلاثون من الصحابة، وفيه: ((اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله... إلخ)).
وأقرّ في منحه المكية، شرح الهمزية، بالوزارة الخاصة لأمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ التي لا يشاركه فيها أحد، لا أبو بكر وعمر، ولا غيرهما عند قول الناظم:
ووزير ابن عمه في المعالي .... ومن الأهل تسعد الوزراءُ
حيث قال ما لفظه: إنها قد وردت فيه على وجه أبلغ من لفظها، وهو قوله(ع): ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى))، فإن هذه الوزارة المستفادة من هذه، التي هي كوزارة هارون، أخص من مطلق الوزارة.
...إلى قوله: ومن ثمة أخذت الشيعة، أنها تفيد النص أنه الخليفة بعده؛ وهو كذلك، لولا ما يأتي قريباً...إلخ كلامه.
ولم يأت بما يبطله، وأنى له؛ وإنما هو من باب قوله ـ تعالى ـ: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ } [النمل:14].
وقد اعترف ابن حجر العسقلاني بمثل ما اعترف، فذكر خبر الغدير، عن سبعة وعشرين من الصحابة، ثم قال: وآخرون.
كلاً منهم يذكر أسماء أفرادهم، /647

غير الروايات المجملة، مثل اثني عشر، ثلاثة عشر، جمع من الصحابة، ثلاثين رجلاً، وقد تقدم.
وقد اخترتُ نقل كلامهم في خبر المنزلة؛ لبيان متمسكهم، المتهدم الأركان، في معارضة النصوص من السنة والقرآن، وهو الذي أشار إليه الهيثمي بقوله: لولا ما يأتي.
قال العسقلاني في شرح البخاري ما لفظه: واستدل بحديث المنزلة على استحقاق علي ـ رضي الله عنه ـ للخلافة، دون غيره من الصحابة.
وقال الطيبي: معنى الحديث: يتصل بي؛ نازل مني منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله: ((إلا أنه لا نبي بعدي))، فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة، بل من جهة ما دونها، وهو الخلافة؛ ولما كان هارون المشبه به إنما كان خليفة في حياة موسى، دلّ ذلك على تخصيص خلافة علي (ع) للنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بحياته، انتهى.
قال الإمام محمد بن عبدالله (ع): فتأمل هؤلاء العلماء، لما قهرهم البرهان، لم يجدوا بداً من القول به، لكن مع دغل في النفوس.
..إلى قوله: لأن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال: ((بعدي))، وذلك يفيد بعد موته؛ ولأن طروء أمر على المشبه به، ولم يطرؤ على المشبه مثله لا يضر، وقد جود الرد عليهم المنصور بالله (ع) في الشافي بما لا مزيد عليه.
قلت: وقد مضت مباحث شافية، وإنما أوردت هذا؛ لانسياق البحث إليه، ولئلا يتوهم المغرب أن عندهم شيئاً؛ وما هو إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً.
ثم ذكر ابن حجر الهيثمي ما يؤيد /648

هذه الوزارة الخاصة، من أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ آخاه دون غيره، وأرسله مؤدياً لبراءة، وأنه استخلفه بمكة عند الهجرة، حتى أتاه بأهله، بعد أداء ودائعه، وقضاء ما عليه؛ فهذه كلها مؤدية وزارة خاصة لم توجد في غيره، انتهى.
[مجرد التشيع لآل محمد بدعة عند القوم]
ومن أعجب مكابرة أحزاب المضلين، من أعداء آل الرسول الأمين ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، أنهم جعلوا مجرد التشيع لآل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بدعة، كما قدّمنا عنهم تحقيقه، وعدوا مسماه من موجبات الجرح، ومقتضيات القدح؛ وهو المحمود بخصوص لفظه في الكتاب الكريم، بمثل قوله - عز وجل - في خليله ـ صلوات الله عليه ـ: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83)} [الصافات]، وعلى لسان الرسول - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - في الأخبار الكثيرة، المتفق على روايتها بين فرق الأمة، والمأخوذ بمعناه، من إيجاب الله - تعالى - ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لهم الولاية والمودة والتمسك، وما في تلك الأبواب، على جميع ذوي الألباب.
وانظر إلى مباهتة هذا الشيخ، حيث قال في صواعقه، عند تفسير قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)} [طه]، ما لفظه: قال ثابت البناني: اهتدى إلى ولاية أهل بيته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
قلت: وروى الحاكم الحسكاني، بسنده إلى الحسين بن علي (ع) في قوله ـ تعالى ـ: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ }...إلى قوله: {ثُمَّ اهْتَدَى (82)}، فقال لعلي(ع): ((لولايتك)).
وعن أبي ذر: إلى حب آل محمد ـ صلى الله عليه /649

119 / 143
ع
En
A+
A-