وابن ماجه، وابن قانع، والترمذي، والنسائي، والمقدسي، وابن أبي عاصم، والشيرازي، وابن عقدة، وأبي نعيم، وابن حبان، والخطيب، كل منهم من رواية صحابي فصاعداً؛ ذلك من حديث ابن عباس، وبريدة بن الحصيب، والبراء بن عازب، وعمر بن الخطاب، وحبشي بن جنادة، وأبي الطفيل، وزيد بن أرقم، وجرير بن عبدالله البجلي، وجندب الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وحذيفة بن أسيد الغفاري، وأبي أيوب الأنصاري، ومالك بن الحويرث، وحبيب بن بديل بن ورقاء، وقيس بن ثابت بن شراحيل الأنصاري، وعلي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبي هريرة، وطلحة، وأنس بن مالك، وعمرو بن مرة.
وفي بعض روايات أحمد: عن علي، وثلاثة عشر رجلاً.
وفي رواية له، وللطبراني وللضياء المقدسي: عن أبي أيوب وجمع من الصحابة.
وفي رواية لابن أبي شيبة: عن أبي هريرة، واثني عشر من الصحابة، وفيها: ((اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه...إلخ)).
وفي رواية لأحمد، والطبراني، والمقدسي، عن علي، وزيد بن أرقم، وثلاثين رجلاً من الصحابة، ولفظه كما مَرّ: ((من كنت مولاه فعلي مولاه))، بعد ذكر المقدمة المذكورة.
وفي كثير من الروايات: ((اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه)).
وفي بعضها: ((وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
ثم قال: لا أوضح من هذا الدليل رواية ودلالة على أن علياً (ع) أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
..إلى قوله: وإذا ثبت أن علياً أولى بالمؤمنين من أنفسهم؛ فلم آثروا غيره بالإمارة، والأمير يصير أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ورضي بذلك سادات الصحابة، وخير القرون، ووافقهم علي ووازرهم؟
وساق؛ ثم رجع في الجواب إلى الدعاوى المجردة عن البرهان، المردودة بنصوص السنة والقرآن، ومتواتر النقل الذي أجمع عليه /557

الفريقان، منها: قوله: تحلى علي بالأولوية بالنص النبوي، وبقية الخلفاء بالرضى من علي، ونصحاء الإسلام كعمر وأبي عبيدة، والمهاجرين والأنصار، وأطلق لهم علي التصرف، وهو بمحل القطب من الرحا...إلخ كلامه؛ وقد تقدم ما فيه بلاغ لقوم عابدين.
قال الإمام (ع) : أقول: فلم لم يبين لنا من هؤلاء السادة، الذين رضوا؟
ألا يعلم ما وقع من النزاع والجدال يوم السقيفة، وما قالت قريش، وما قالت الأنصار؟
ثم ما يقول في بني هاشم، وسائر من تبعهم ذلك الوقت؟ أهم سادات الصحابة؟ أو من ساداتهم؟! لا سبيل إلى الإنكار.
فأين كانوا حال العقد؟!
أليس إنما حضر أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، وبشير بن سعد، والنعمان؛ ومنهم: أسيد بن حضير؟!
هؤلاء الذين عقدوا لأبي بكر، ثم ضربوا الناس طوعاً وكرهاً للبيعة، وأهل البيت مشغولون عند نبيهم ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
وقد ألم بما ذكرناه ما رواه عمر عن نفسه، أخرجه البخاري وغيره، حيث قال: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه.
ألا يعلم الفقيه أن علياً وبني هاشم تخلفوا ستة أشهر حسبما أخرجه البخاري؟
ألم يعلم أن علياً (ع) اعتزلهم، ولم يغز معهم؟
وقد ألظّ عليه عمر وورم أنفه، فأين المؤازرة؟
ثم لم يخرج برايات رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم - ولا سيوفه وأمثالها لهم؛ وإنما أخرجها يوم الجمل.
ولا يقال: إنه (ع) خرج في حرب أهل الردة، وقام وثار؛ فلا شك، لكنا نقول: إن مثل ذلك يجب مع إمام، ومع غيره، على كل فرد؛ على أنه (ع) أحق من حفظ دين أخيه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ؛ لأنه وصيه وخليفته، ولأجل حفظ الدين أغضى وجامل، وشرب على الشجى، وغمض على القذى.
وقد اشتهر وظهر عند /558

الموالف والمخالف تجرمه وتشكيه منهم، إلى أن قتل (ع)؛ ثم زوجته وأولاده إلى الآن.
قال: وفي أبحاثه المسددة: ((أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم))، قاله لعلي(ع)، وفاطمة، والحسن، والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ؛ أخرجه أحمد، والطبراني، والحاكم.
وفي معناه عدة أحاديث بعضها تعمهم، وبعضها تخص الحسن والحسين حين يخاطبهما؛ وفي بعضها يعم أهل البيت في الجملة، وفي بعضها يخص أمير المؤمنين(ع).
ثم قال: مجموعها يفيد التواتر المعنوي؛ وشواهده لا تحصى، مثل: أحاديث قتل الحسين، وأحاديث ما يلقاه فراخ آل محمد وذريته، بألفاظ وسياقات يحتمل مجموعها مجلداً ضخماً؛ فمن كان قلبه قابلاً، فهو من أوضح الواضحات في كل كتاب، ومن يَنْبُو عنها فلا معنى لمعاناته بالتطويل.
ثم ذكر حديث الغدير فقرر تواتره، كما قرر في الإتحاف؛ وساقه بمخرجيه ورجاله، كما هناك سواء.
ثم قال: نعم، فإن كان هذا معلوماً، وإلا فما في الدنيا معلوم؛ إذا حققت هذا فهاهنا أناس يقولون نوالي علياً، ومن حاربه؛ وقد علمت أن من حارب علياً فقد حارب أهل البيت، وحارب الحسن والحسين وفاطمة، ومن حاربهم فقد حارب رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، ومن حارب رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فقد حارب الله، فهو حرب لله، وعدوّ لله؛ فمن سالم العدوّ، فقد حارب من عاداه؛ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوّي وعدوكم أولياء؛ ومن يتولهم منكم فإنه منهم.
وبالجملة، فمعلوم بالآيات والأحاديث، ومعالم دين الإسلام، التنافي بين /559

موالاة العدو وموالاة عدوّه؛ وقد أحسن القائل:
إذا صافى صديقك من تعادي .... فقد عاداك وانصرم الكلامُ
انتهى المأخوذ من كلامه.
قال الإمام (ع) في الفرائد: انظر وتأمل ما حققه المقبلي، الحقيق بالإنصاف، وقول الحق؛ وما كان أحسنه لو استقام! ومعلوم أن الفساق من أهل الجحيم.
وأيضاً فقوله تعالى في قصة إبراهيم (ع): {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ } [التوبة:114]، فنص على العلة، وهي العدواة؛ فكل عدوّ لله مندرج تحت العلة؛ وقد قرر كما سمعت في حديث: ((أنا حرب... إلخ)).
قال: وأيضاً، فإن وجوب الموالاة والمعاداة من أعظم واجبات الشرع الشريف؛ فالدعاء لأعداء الله ورسوله، ومن هو حرب لله ورسوله، اعتداء في الدعاء؛ ولا تغترّ بشبههم.
وقد أخرج جماعة حديث: ((لا يحبك إلا مؤمن، ولايبغضك إلا منافق))، ومنهم: مسلم، وأحمد، والحميدي، وابن أبي شيبة، والترمذي، والنسائي، وابن عدي، وابن حبان، وأبو نعيم، وابن أبي عاصم، عن علي (ع)، قال: والذي فلق الحبة وبرأَ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.
فهل كان يحبه معاوية وشيعته الذين يلعنونه على المنابر كلها، وبلغوا كل مبلغ؟
فقد ذهبت عقول هؤلاء المذبذبين، وقلّ حياؤهم، وإبقاؤهم على أنفسهم.
ما يفعل الأعداء في الأحمق .... ما يفعل الأحمق في نفسه
/560

أخرج ابن عساكر عن علي ـ رضي الله عنه ـ: نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله، والفئة الباغية حزب الشيطان؛ ومن سوّى بيننا وبين عدوّنا فليس منا.
[استغراق خبر المنزلة لجميع المنازل، والرد على ابن حجر والمقبلي في كلامهما على خبر المنزلة]
قال (ع): وأما حديث المنزلة فلا نزاع فيه لموالف ولا مخالف، وقد أثبت لعلي جميع منازل هارون من موسى؛ لأنه اسم جنس أضيف، فيفيد الاستغراق، بدليل صحة الاستثناء.
..إلى قوله: بلا نزاع أن علياً أخوه في الدنيا والآخرة؛ فلما استثنى النبوة دلّ على ثبوت سائر المنازل لعلي، ومن جملتها الخلافة، وزاده توكيداً وتوضيحاً قوله (ع): ((بعدي)).
وقد اعترف ابن حجر المكي في شرح الهمزية، وتكلم بكلام شاف في شرح قول الناظم:
ووزير ابن عمه في المعالي .... ومن الأهل تسعد الوزراءُ
وساق ابن حجر...إلى قوله: قد وردت فيه بمعناها على وجه أبلغ من لفظها، وهو قوله (ع): ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)) فإن هذه الوزارة المستفادة من هذا، التي هي كوزراة هارون، أخص من مطلق الوزارة فيهما ـ يعني أبا بكر وعمر ـ. /561

ومن ثمة أخذ منها الشيعة أنها تفيد النص أنه الخليفة بعده؛ وهو كذلك، لولا ما يأتي قريباً.
ثم ذكر ما يؤيد معنى هذه الموازرة الخاصة من أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ آخاه دون غيره، وأرسله مؤدياً لبراءة، وأنه استخلفه بمكة عند الهجرة، حتى أتاه بأهله بعد أداء ودائعه، وقضاء ما عليه؛ فهذه كلها مؤدية موازرة خاصة لم توجد في غيره.
ثم ذكر ما زعمه مبطلاً؛ فذكر أن علياً شهد المشاهد كلها إلا تبوك؛ لأنه استخلفه على المدينة، وقال له: أتخلفني على النساء والصبيان؟ قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)).
فيكون إنما قال له ذلك حينئذ، مبطلاً لمتمسك الشيعة، على أنه الخليفة المقدم على الكل، على أن هارون مات في حياة موسى؛ فلا دليل فيه على الخلافة بعد الموت.
انتهى كلامه.
واعترف بهذا العلامة الطيبي وغيره. /562

قال ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري: واستدل بحديث المنزلة على استحقاق علي ـ رضي الله عنه ـ للخلافة دون غيره من الصحابة.
وقال الطيبي: معنى الحديث: يتصل بي، نازل مني منزلة هارون من موسى، وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله: ((إلا أنه لا نبي بعدي))، فعرف أن الاتصال المذكور بينهما ليس من جهة النبوة، بل من جهة ما دونها، وهو الخلافة.
ولما كان هارون، وهو المشبه به، إنما كان خليفة في حياة موسى دلّ ذلك على تخصيص خلافة علي (ع) للنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بحياته، انتهى.
فتأمّل هؤلاء العلماء، لما قهرهم البرهان، لم يجدوا بداً من القول به، لكن مع دغل في النفوس، بما زعموا من التخصيص؛ لأن النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -، قال: ((بعدي)) وذلك يفيد بعد موته، ولأن طروء أمر على المشبه لم يطرأ على المشبه به مثله لا يضر.
وقد حرر الرد عليهم المنصور بالله (ع) في الشافي بما لا مزيد عليه.
قال (ع): ونقول: إنهم قد اعترفوا بما تمسك به الشيعة وقرروه؛ أما دعوى ابن حجر أنه لم يقع منه هذا اللفظ إلا في غزوة تبوك، فلا نسلم له؛ بل قاله في مواطن تسعة.
قلت: بل في أكثر من ذلك، وقد سبق ما فيه الكفاية.
قال (ع): على أنا لو سلمنا عدم وقوعه إلا بهذا السبب، فإنه لا يقصر على سببه، كما ذلك مقرر في علم الأصول؛ لأن الحجة هو الخطاب لا السبب، ولأن ذلك يصح منه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ابتداء من دون سبب.
...إلى قوله: /563

المعلوم أنه لو عاش هارون، لكان خليفة موسى بلا نزاع؛ لأنه لم يعزله؛ على أنا نقول: إن قوله: ((بعدي))، يفيد تحقيق البعدية أن علياً (ع) سيعيش بعده، خليفة له، قائماً مقامه، إلا أنه غير نبي؛ فلما لم يستثن إلا النبوة، ثبت ما سواها من المنازل.
قال (ع) رداً على ما ذكره الشيخ صالح: وكل من له أدنى مسكة من عقل وإنصاف يعلم أن هذا دفع في وجه النص، وتمحل في تمشية ما فعل الصحابة من مخالفة هذا النص، الذي هنؤوا علياً به يوم ذاك، وهم من صميم العرب؛ فلا يتصوّر عدم معرفة المراد منه، ولهذا لم يعتذروا بتمحلات الفقيه وأسلافه، بل ورد عن أبي بكر وعمر وغيرهما ما ورد من اعترافهم بالنص، خصوصاً عمر، فإنه قد أكثر من ذلك.
فنقول: إذا قد تحلى علي بالنص فما بقي، فهلا وقف عنده، ورضي بخيرة الله ورسوله؟
نعم، الله ـ تعالى ـ ورسوله قد قضى ـ بمعنى أَمَرَ ـ بإقامة علي (ع) مقام الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بالدليل الذي قرره الفقيه، وأقر به بقوله: وتحلى علي بالنص، وذلك خيرة الله ورسوله، وعملوا بخيرتهم.
وأما قوله: وبقية الخلفاء بالرضى من علي، فموضع النزاع؛ فهلم الدلالة عليه، وصحح لنا رضى علي، من غير رواية الداعية إلى مذهبك ممن يقول بمقالتك هذه؛ ولن تجد أبداً.
وأما جمعه للمهاجرين والأنصار، فلا يخلو إما أن يدعي إجماعهم، أولا؛ لا يصح له أن يدعيه، إذ هو ينكره في كتبه، ويبدع من ادعاه، فكفانا المؤنة؛ على أنه وإن ادعاه، فقد عجز عن تصحيحه من هو أشد منه شكيمة.
وأما قوله: وأطلق علي (ع) لهم التصرف، فمحل النزاع أيضاً، فهلم الدلالة عليه؛ بل صبر وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، يرى تراثه نهباً؛ وقد /564

اشتهر شهرة الشمس والقمر تَظَلّمه وتشكِّيه، وتجرمه منهم، هو وزوجته وأولاده وأشياعهم إلى الآن.
وإذا حققت النظر، وجمعت ما ورد في علي (ع) من كل لفظ يدل على الخلافة له، عرفت أنها تواردت على معنى واحد، وتضافرت على ذلك، وعلمت أن ذلك مقطوع به؛ ولم يبقَ إلا ما قاله أبو فراس ـ رحمه الله ـ:
تالله ما جهل الأقوام موضعها .... لكنّهم ستروا وجه الذي علموا
[اعتراف الصحابة بوجه النص في علي (ع) واعتذارهم بالمصلحة في عدولهم عنه]
ولقد أفصح عمر في اعتذاراته بأن تسنمهم لمقام رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ليس إلا ما رأوه من المصلحة بزعمهم؛ فتداركوا الإسلام بمصلحتهم، وتناسوا ما ملأ أسماعهم وأبصارهم، من النصوص لعلي بمقام النبوة.
وجوابنا عليهم: قل أأنتم أعلم أم الله؟
ثم تعقب القول من عمر بإبطال إمامة صاحبه، بأن بيعته كانت فلتة، وأمر بقتل من عاد إلى مثلها، وببطلان إمامة أبي بكر تبطل إمامة عمر؛ لأنه أصلها.
قال (ع): ولقد صار سنة جارية عند الخصوم، ومن بهم تذبذب، أو لهم تعصب، يردون ما خالف أهويتهم في الصحابة؛ لئلا يلزم كفرهم بزعمهم، كما قال يحيى بن معين في رده لحديث مينا بن مينا، عن ابن مسعود في الاستخلاف، فقال: كيف يروي ما فيه تكفير الصحابة؟
أقول: بحثنا في تقرير المسألة لا في تكفير الناس، فمن كفر فإنما يكفر على نفسه، ومن ضلّ فإنما يضل عليها؛ ولو تركت أدلة الشرع الشريف، لأجل لا يكفر المخالف، لبطل ما جاء به الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
قال: غير أنا نقول: معاذ الله من اعتقاد تكفير مزيل للملة، كما قال الكميت ـ رحمه الله ـ بين يدي جعفر بن محمد، أو أبيه، أو جده (ع):/565

ويوم الدوح دوح غدير خمّ .... أبان له الولاية لو أطيعا
ولكن الرجال تبايعوها .... ولم أرَ مثلها عرضاً مبيعا
ولم أبلغ بهم لعناً وذماً .... ولكن ساء أوّلهم صنيعا
إن ربك يحكم بينهم فيما كانوا فيه يختلفون.
قال: ولنعد إلى ما أشرنا إليه من اعتراف الصحابة بوجه النص؛ وإنما عدلوا عنه لأمور مصلحية بزعمهم؛ هذا أجمل ما يقال فيهم.
فمن ذلك ما روي من حديث عبد الرحمن بن عوف، أن أبا بكر قال له في مرض موته: إني لا آسى على شيء، إلا على ثلاث وددت أني لم أفعلها: وددت أني لم أكشف بيت فاطمة، وإن أغلق على الحرب.
والحديث طويل...إلى أن قال: أخرجه أبو عبيدة في كتاب الأموال، والعقيلي في الضعفاء، والطبراني في الكبير، وابن عساكر في تاريخه، وسعيد بن منصور، وقال: إنه حديث حسن.
قلت: ليته لم يفعل، ونحن، وكل مؤمن، والله نود ذلك؛ وكيف وفي البيت العصابة المطهرة النبوية، المفترضة مودتهم على كافة البرية، ومن الحق والقرآن معهم، ومن خلفهم الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فيهم، وهو سائلهم عنهم، وفيهم بضعة رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ الزكية، التي يؤذيه ما يؤذيها، ويريبه ما يريبها، ويغضب الله ـ تعالى ـ لغضبها؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
قال (ع): وليت شعري! ماذا يقال بكشف بيت بضعة الرسول، وسيدة النساء ـ سلام الله عليها ـ أهي رضيت أم غضبت؟
وقد أقر الذهبي ـ على /566

111 / 143
ع
En
A+
A-