وأهله، حتى الطير على رؤوس الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا)).
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ خرج وعليه مرط مرجل من شعر أسود؛ فجاء الحسن فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله، ثم فاطمة، ثم علي، ثم قال: (({إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } [الأحزاب:33])) انتهى كلامه.
فانظرإلى كلامه هنا في أهل الكساء وروايته لما في آية التطهير؛ ولمَّا وصل إلى موضع أخبار الكساء في تفسير آية التطهير: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } [الأحزاب:33]..الآية نسي أو تناسى مانقله، ونقلته جميع الطوائف، وعلمه الموافق والمخالف، فأتى بعبارة تفيد خلاف ذلك، فقال: وفي هذا دليل بين على أن نساء النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من أهل بيته.
وكلامه هذا يحتمل معنيين:
أحدهما: أن الآية نازلة في النساء على الخصوص، وقد حمل كلامه عليه بعضهم؛ وذلك مخالف لصريح المعلوم، من أخبار الكساء، ورد لما علم بإقراره وإجماع الخصوم.
والثاني: أنها نازلة في أهل البيت، وأنه يتناولهن على سبيل العموم، وذلك باطل؛ لمخالفة المعلوم أيضاً، من الأدلة الناطقة بالحصر والقصر على العترة المطهرة، كما سبق؛ ولو لم يكن من ذلك إلا رد أم سلمة - رضي الله عنها -؛ فيالله العجب! كيف يصنع الهوى بأهله؟! فهذه مهواة زلّت فيها قدمه، ولم ينفعه علمه وفهمه؛ وأجمل مايحمل عليه الرجوع عن التفسير هذا بما صرح في آل عمران؛ لأن مافي /86
الأحزاب سابق في الوضع؛ لكونه ابتدأ بالجزء الآخر، وإلا فقد تناقض القولان، مع مافي مخالف المعلوم منهما من البطلان، والله المستعان، والمستعاذ به من الخذلان.
[الكلام على آية المودة ـ رواة تفسيرها]
هذا، ومما خصهم الله ـ جل جلاله ـ به من الفضل المبين، جعلهم أولي قربى سيد المرسلين، المرادين بإيجاب مودتهم على التعيين، المستلزمة لعصمتهم ولزوم متابعتهم على الخلق أجمعين، والمبالغة في ذلك الإكرام والإعظام، بكونه أجراً لسيد الأنام، على تبليغ الرسالة، وإنقاذ الأمة من الضلالة، ودعائه العباد إلى الهداية التي هي أعظم الإنعام، وأبلغ المنن الجسام؛ فقال ـ جل وعلا ـ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا } [الشورى:23].
قال الإمام الأعظم، صاحب الجيل والديلم، الناصر للحق الأقوم (ع): لما نزلت آية المودة قيل للنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟
فقال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((هم علي، وفاطمة، وأبناؤهما)).
وفي أمالي الإمام المؤيد بالله (ع) بإسناده عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه في خبر المناشدة: هل فيكم من أحد أمر الله بمودته من السماء حيث يقول: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى:23] /87
غيري؟ قالوا: اللهم لا نعلمه...إلخ.
وقال الحسن السبط ـ صلوات الله عليه ـ في خطبته: ونحن الذين افترض الله مودتنا وولايتنا فقال: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى:23]، أخرجه الإمام أبو طالب (ع) في أماليه.
وقال أيضاً: وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم، فقال فيما أنزل على رسوله: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } [الشورى:23]، رواه أبو علي الصفار، والكنجي عن أبي الطفيل، ورواه الدولابي عن زيد بن الحسن، ورواه عنه البزار، والطبراني.
وفي شواهد التنزيل: بإسناده عن أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ قال: فينا آل محمد آية؛ لايحفظ مودتنا إلا كل مؤمن؛ ثم تلا: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى:23]، انتهى.
ورواه أبو الشيخ، إلا أن مكان آل محمد، آل حم.
وأخرج الطبراني عن زين العابدين (ع) مامعناه أنه قال للشامي: أما قرأتَ {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى:23]؟.
قال: وأنتم هم؟.
قال: نعم.
وروى الإمام المرشد بالله (ع) بسنده إلى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: لما نزلت {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى:23]، قالوا: يارسول الله، ومن قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟
قال: ((علي، /88
وفاطمة، وابناهما)).
ورواه في الكشاف، ورواه الحاكم الحسكاني في الشواهد، مسنداً إلى ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من نحو ثمان طرق.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: وأخرجه الكنجي، عن ابن عباس، وقال: هكذا أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، وكذا رواه الحاكم في مناقب الشافعي، وابن أبي حاتم، والطبراني عن ابن عباس، أفاده ابن حجر العسقلاني في التخريج. انتهى.
وفي شرح الهداية للسيد الإمام الأوحد، صلاح بن أحمد بن المهدي المؤيدي ـ رضي الله عنهم ـ: وأخرجه أحمد، والطبراني، وابن أبي حاتم، والحاكم، عن ابن عباس انتهى ـ يعني بلفظ: ((علي، وفاطمة، وأبناؤهما)) ـ.
ورواه إمام الشيعة، أبو جعفر محمد بن سليمان الكوفي، قاضي الإمام الهادي إلى الحق (ع) وتلميذ محمد بن منصور المرادي - رضي الله عنهم - في مناقبه، بإسناده عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ.
ورواه الثعلبي في تفسيره، وابن المغازلي الشافعي في مناقبه، وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، وهو في رواية الحاكم من ثلاث طرق؛ وروى البخاري، ومسلم عن سعيد بن جبير تفسير القربى في الآية بآل محمد ـ صلوات الله عليهم ـ.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج: وروى الكنجي بإسناده قال: جاء أعرابي إلى النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
وساق إلى أن قال بعد عرض الشهادة عليه: تسألني عليه أجراً؟
قال: ((لا إلا المودة في القربى)).
فقال: قرابتي أو قرابتك.
قال: ((قرابتي)).
قال: هات أبايعك؛ فعلى من لايحب قرابتك لعنة الله.
فقال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((آمين)).
وروى الحاكم ـ قلت: أي الحسكاني كما في الإعتصام ـ بإسناده عن أبي أمامة الباهلي؛ وروى ابن المغازلي نحوه عن جابر قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن الله خلق الدنيا من أشجار شتى، وخُلِقْتُ أنا وعلي من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمارها، /89
وأشياعنا أوراقها؛ فمن تعلّق بغصن من أغصانها نجا، ومن زاغ هوى؛ ولو أن عبداً عبدالله بين الصفا والمروة ألف عام، ثم ألف عام، ثم ألف عام؛ حتى يصير كالشن البالي، ثم لم يدرك محبتنا، لكبّه الله على منخريه في النار))، ثم تلا: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى:23].
[تفسير: ومن يقترف حسنة ـ تفسير خير البرية]
إلى قوله: وروى عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً } إلخ قال: هي المودة لآل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ رواه عنه من خمس طرق، ورواه عن السدي.
وروى عن علي (ع) أنه قال لأبي عبدالله الجدلي: الحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة حبنا، والسيئة التي من جاء بها أدخله الله النار بغضنا؛ رواه عنه من طريقين؛ ورواه الثعلبي عن أبي عبدالله الجدلي، ورواه الحاكم بإسناده عن علي.
وعن أبي برزة الأسلمي في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} [البينة]، قال النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((هم أنت ياعلي وشيعتك))، ورواه فرات الكوفي عن الباقر من ثلاث طرق، وفي واحدة بزيادة: ((راضين مرضيين))، ورواه عن ابن عباس بزيادة: ((وتأتي أنت وشيعتك راضين مرضيين ويأتي عدوّك غضاباً مقمحين)).
قال: ورواه الفضل بن شاذان المقري ـ أي بسند متصل برجال سند الحاكم ـ، ورواه عن أبي بريدة.
إلى قوله: وروي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم-: ((خير البرية علي)) ورواه فرات عن معاذ وعن ابن عباس.
قلت: وفي الاعتصام: قالا: علي بن أبي طالب (ع) مايختلف فيه أحد. انتهى.
قال ـ أيده الله ـ: وروى الحسن بن علي الصفار، بإسناده إلى جابر بن /90
عبدالله قال:كنا عند النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ فأقبل علي فقال: ((قد أتاكم أخي))، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده وقال: ((والذي نفسي بيده، إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة))، ثم قال: ((إنه أولكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عند الله مزية)) قال: ونزلت{إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} [البينة]، من الأربعين له ـ رحمه الله ـ.
إلى قوله: رواية الفقيه حميد الشهيد لهذا الحديث، عن جابر.
وأخرجه الحافظ ابن عقدة، والخوارزمي، عن جابر، وأخرجه محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي عن جابر وفيه زيادة: وكان أصحاب محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ إذا أقبل علي قالوا: قد جاء خير البرية.
وقال: رواه ابن عساكر بطرق؛ ورواه الحاكم الحسكاني، وأخرج الكنجي حديث أبي أمامة الباهلي الذي رواه الحاكم عنه كما رواه الحاكم وقال: رواه الطبراني في معجمه كما أخرجناه ورواه محدث الشام ـ قلت: يعني ابن عساكر ـ بطرق شتى. انتهى بتصرف.
قال ابن الإمام (ع) في شرح الغاية: وخرج ذلك ـ يعني نزول {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)} [البينة]، ـ في أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ وأتباعه ـ رضي الله عنهم ـ، عن علي وابن عباس وأبي بردة وبريدة الأسلمي ومحمد بن علي الباقر عن آبائه، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي سعيد الخدري، ومعاذ وغيرهم. ولن يكون خير البرية إلا والحق معه /91
[تواتر أحاديث حب علي (ع)]
وأما أحاديث حب علي فقد بلغت حد التواتر، وخُرّجت عن علي، وابن عباس، وعمر، وابن عمر، وأبي ذر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب الأنصاري، وأبي بردة، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وزيد بن أرقم، وسلمان الفارسي، وأبي رافع، وأم سلمة، وعائشة، وعمار بن ياسر، وجابر بن عبدالله، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين، وأبي ليلى الأنصاري، وجرير البجلي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والبراء بن عازب، وبريدة بن الحصيب، وسلمة بن الأكوع، وسهل بن سعد الساعدي، وعبدالله بن أحجم الخزاعي، وعامر بن سعد، وغيرهم.
ولن يكون حبه علامة الإيمان، وبغضه علامة النفاق إلا والحق معه. انتهى.
هذا، وقد علم مافي أخبار الثقلين، والمباهلة، ونحوها، من أعلام النبوة، ودلائل الرسالة، أما المباهلة فواضح، وأما أخبار التمسك، والثقلين، والنجوم؛ فلما فيها من الإعلام ببقاء أهل هذا البيت النبوي الشريف، وعدم انقطاعهم إلى انقطاع التكليف، وأنهم حملة حجته، وأمان أمته، وهداة أهل ملته، إلى الدين الحنيف، فالكتاب والعترة متلازمان، لن يفترقا إلى آخر الأزمان.
وقد علمت الأمم حق مخبراتها، وصدق مدلولاتها، ومافي أخبار الثقلين من الإعلام لأمته، باقتراب نقلته، وإجابته لداعي ربه، والإشارة إلى مايكون من كثير من صحابته وغيرهم، من التغيير والتبديل، كما في أخبار ورود الحوض، وهي على انفرادها متواترة معلومة، عند جميع فرق الأمة، تركناها خشية الإطالة.
وفيها، وفي أخبار الناكثين والقاسطين والمارقين، أقوى دلالة على /92
وقوع التبديل، وبطلان مايدعونه لكافة الصحابة من التعديل، وأن ماورد في الكتاب العزيز والسنة النبوية من الثناء عليهم والتعظيم لهم والتبجيل، ليس على العموم، كما هو معلوم، بل هو خاص بآل محمد - صلوات الله عليهم - وبمن قام بفرائض الله تعالى، وارتدع عن محارم الله، واستقام على ماأمر الله تعالى به من موجبات الصحابة، وأدى ماألزمه الله تعالى لرسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من حقوق القرابة، واستمسك بالكتاب المبين، وعترة الرسول الأمين، الذين هما خليفتاه في الأرض، إلى يوم العرض؛ وإلى هذا أشار الإمام يحيى شرف الدين (ع)، بقوله في القصص الحق:
وكلّهم عندنا عدل رضىً ثقة .... حتم محبته حتم تولّيهِ
إلا أناساً جرى من بعده لهمو .... أحداث سوء وماتوا في أثانيهِ
من ردّة ومروق والخروج عن الـ .... أمر الإلهي والقسط المنافيهِ
ماقلتُ إلا الذي قد قال خالقُنا .... في ذكره أو رسولُ الله حاكيهِ
فكلّ حادثة في الدين قد وردت .... وفتنة وامتحان من أعاديهِ
الأبيات.
[خبري السفينة]
هذا، وفي معنى ما تقدم إخباره ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بأن أهل بيته في أمته كسفينة نوح، وباب حطة، وباب السلم.
قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى)) رواه إمام اليمن الهادي إلى الحق (ع) في الأحكام؛ وهو خبر معلوم بالتواتر، لااختلاف فيه بين الأمة.
ورواه من أئمة العترة (ع) الإمام علي بن موسى الكاظم في الصحيفة، والإمام أبو طالب، والإمام المرشد بالله في أماليهما، والإمام أبو عبدالله الموفق بالله /93
الجرجاني، والإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي، وغيرهم (ع) كثير.
قال الإمام يحيى شرف الدين (ع): حديث: ((أهل بيتي كسفينة نوح)) أخرجه الحاكم من وجهين عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ، ولفظه: سمعت رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - يقول: ((مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، ومثل باب حطّة في بني إسرائيل)) وفي الوجه الآخر بدون ((ومثل باب حطة...إلخ)).
قلت: وأخرجه عنه الإمام المرشد بالله (ع) بلفظ: ((ومن تخلف عنها هلك))، والإمام أبو طالب (ع) كذلك بدون ((ومثل باب حطة)) إلخ.
قال الإمام شرف الدين: وأخرجه أبو يعلى في مسنده، والطبراني في الصغير والأوسط من غير طريق، والفقيمي وأبو نعيم كذلك، وأبو يعلى عن أبي ذر - رضي الله عنه - أيضاً، والبزار، وابن المغازلي أبو الحسن، وزاد: ((من قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال)) وأخرجه الطبراني، وأبو نعيم في الحلية، والبزار، وغيرهم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره.
وأخرجه ابن المغازلي عن سلمة بن الأكوع، وأخرجه البزار عنه، ورواه الطبراني في الصغير والأوسط أيضاً عن أبي سعيد الخدري. انتهى.
من الاعتصام: قال الإمام القاسم بن محمد (ع): وفي ذخائر العقبى عن علي(ع) قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تعلق بها فاز، ومن تخلف عنها زخ في النار)).
قال: أخرجه ابن السري.
وفيها أيضاً عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق)).
قال ـ أي صاحب الذخائر ـ: أخرجه الملا في سيرته.
قلت: وأخرج الروايتين بلفظهما عن أمير المؤمنين (ع) وابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في كتاب الجواهر للقاسم بن محمد اليمني الشقيفي.
قال الحسين /94
بن القاسم (ع): وقوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -: ((فأين يتاه بكم عن علم تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة حتى صار في عترة نبيكم)) رواه الإمام المهدي (ع) في الغيث مرفوعاً؛ ووَقْفُهُ على علي (ع) أشهر. انتهى.
[الكلام على حديث السفينة ـ مخرجوه]
وقال في دلائل السبل: وقد أخرجه ـ أي خبر السفينة ـ من المحدثين الحاكم في مستدركه، وابن الأثير في نهايته، والخطيب ابن المغازلي في مناقبه، والكنجي في مناقبه، وأبو يعلى المحدث في مسنده، والطبراني في الثلاثة، والسمهودي في جواهر العقدين، وأخرجه الأسيوطي في جامعيه، وأخرجه الملا، وأخرجه ابن أبي شيبة، ومسدد، وهو في كتاب الجواهر للقاسم بن محمد اليمني المعروف بالشقيفي، وهو في ذخائر المحب الطبري الشافعي.
وأخرجه غيرهم ممن يكثر تعدادهم؛ وأكثرهم أخرجه بطرق كثيرة عن عدة من الصحابة منهم: علي ـ كرم الله وجهه ـ وابن عباس، وأبو ذر الغفاري، وسلمة بن الأكوع.
قلت: وأبو سعيد الخدري، وابن الزبير.
وأخرجه عن عمار أحمد بن حنبل، وعن أنس أحمد والترمذي، وعن ابن عمر الطبراني؛ أفاده السيوطي.
هذا، وقد تحصل هنا ـ بحمدالله ـ من الطرق مافيه الكفاية، وإن وقع التكرير في بعض فلا يخلو عن الفائدة.
قال في الدلائل: ولم يكن قاله النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مرة؛ بل مرات، فلهذا في لفظ بعضه: ((ومن تأخر عنها هلك)) وفي بعضها: ((ومن تركها غرق)) وفي بعضها: ((ومن ركبها نجا، ومن تعلق بها فاز، ومن تخلف عنها زخ في النار)) وفي بعضها زيادة: ((ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال)) يعني: من قاتلنا في كل زمان. /95