أدركها فعليه بخصلة من كتاب الله، وعلي بن أبي طالب؛ فإني سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وهو آخذ بيد علي ـ رضي الله عنه ـ، وهو يقول: ((هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي)).
ثم قال: أخرجه محدث الشام في فضائل علي ـ رضي الله عنه ـ بطرق شتى.
[تخريج أحاديث: ذمِّ الخوارج ومدح قاتلهم]
وأخرج الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي، بسنده إلى صاحب كتاب المحيط بالإمامة، بسنده إلى أبي اليسر، قال: كنت عند عائشة أم المؤمنين، فدخل مسروق، فقالت: من قتل الخوارج؟
قال: علي.
فقالت: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((يقتلهم خير أمتي من بعدي، وهو يتبع الحق والحق يتبعه)).
قال: وهذا خبر معروف من أصحاب الحديث لم يدفعه أحد منهم.
قلت: وفي مسند أحمد بن حنبل: عن مسروق، قال: قالت لي عائشة: إنك من ولدي، ومن أحبهم إليَّ، فهل عندك علم من المخَدَّج؟
فقلت: نعم قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه ثامراً، ولأسفله النهروان.
..إلى قوله: فقالت: هل لك على ذلك بَيّنَةٌ؟
فأقمت رجالاً شهدوا عندها بذلك.
قال: فقلت: سألتكِ بصاحب هذا القبر، ما الذي سمعت من رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ فيهم؟
فقالت: نعم، سمعته ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((إنهم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم عند الله وسيلة)).
أفاده في شرح النهج.
وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي، وابن المغازلي، عن عائشة بلفظ: ((هم...الخبر بتمامه))، ونقله الإمام محمد بن عبدالله الوزير.
قال: وفي كتاب صفين للمدائني: عن مسروق، أن عائشة لما عرفت أن علياً قتل ذا الثدية، قالت: لعن الله عمرو بن العاص، كتب عليَّ أنه قتله بالإسكندرية؛ ألا إنه لا يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعت من رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم، /507

سمعته يقول: ((يقتله خير أمتي من بعدي)).
[تخريج حديث: خير رجالكم علي، ونحوه]
ويضاف إلى ما سبق من أخبار خير البرية، وخير البشر، وخير أمتي، وما في معناها نحو قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((خير إخواني علي، وخير أعمامي حمزة))، أخرجه الديلمي عن عابس بن ربيعة.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((خير رجالكم علي، وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة))؛ أخرجه أبو داود، وابن ماجه، والبيهقي، والحاكم في المستدرك، والطبراني، والروياني، عن عبادة بن الصامت؛ والخطيب، وابن عساكر عن ابن مسعود.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((خير البرية علي))، رواه الخوارزمي عن أبي سعيد مرفوعاً.
انتهى من التفريج.
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ مخاطباً لفاطمة (ع): ((لقد زوجتك خير من أعلم)) رواه الكنجي عن حبيب بن أبي ثابت، وقال: رواه البخاري في أماليه.
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((علي خير من طلعت عليه الشمس بعدي ومن غربت، وأعلمهم)).
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أحب الخلق إلى الله بعد النبيين والمرسلين علي بن أبي طالب))، أخرجهما أبو القاسم الجابري في كتاب إقرار الصحابة عن أبي بكر، قال ابن عمر لنافع، وقد سأله مَن خير الناس بعد رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: خيرهم من كان يحلّ له ما كان يحلّ له، ويحرم عليه ما كان يحرم عليه.
...إلى قوله: علي؛ سد أبواب المسجد، وترك باب علي، وقال له: ((لك في هذا المسجد مالي، وعليك فيه ما علي، وأنت وارثي ووصيي، تقضي ديني، وتنجز عداتي، وتقتل على سنتي؛ كذب من زعم أنه يبغضك ويحبني))، أخرجه ابن المغازلي عن جعفر بن محمد، عن أبيه.
وقد مَرّ، وشواهد الجميع لا تحصر.
وفي كل هذه المعاني الشريفة ما لايبلغ أقصاه، ولا يدرك منتهاه، كقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أنت أخي ووزيري، وخير من أخلّفه بعدي؛ بحبك يعرف المؤمنون، وببغضك يعرف المنافقون؛ من أحبك من أمتي فقد برئ من النفاق، ومن أبغضك لقي الله /508

عز وجل منافقاً))، أخرجه الإمام الأعظم في مجموعه بسند آبائه صلوات الله وسلامه عليهم.
وقال الله مخاطباً لرسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في الخبر القدسي: ((فأنت نبيي، وخيرتي من خلقي، ثم الصديق الأكبر، الطاهر المطهر، الذي خلقته من طينتك، وجعلته وزيرك، وأبا سبطيك، السيدين الشهيدين، سيدي شباب أهل الجنة، وزوجته خير نساء العالمين))، الخبر من طريقه (ع)، وقد مَرّ.
وأخرج الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي بسنده إلى زيد بن الحسن البيهقي، رفعه إلى أنس بن مالك، قال: دخل علي بن أبي طالب على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، فقال: ((أنت أخي ووزيري، وخليفتي في أهلي، وخير من أخلفه من بعدي)).
وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي، بطريقه عن سلمان، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بلفظ: ((إن وصيي وموضع سري، وخليفتي في أهلي، وخير من أترك بعدي، علي بن أبي طالب)) أفاده أيده الله في التخريج.
قلت: وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((في أهلي)) ليس للتخصيص؛ إذ ليس الخليفة إلا واحداً على العموم، كما هو معلوم، فخليفته الكائن في أهله، خليفته على جميع أمته؛ وأيضاً الخليفة على الأفضل، خليفة على من دونه بالأولى.
ثم لو سلم فهو في هذا الخبر من باب التنصيص على البعض؛ فقد ورد التصريح بكونه خليفته في أمته، وقد سبق قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((والخليفة في الأهل والمال، وفي المسلمين، وفي كل غيبة)) من رواية الإمام أبي طالب، والإمام المرشد بالله، عن الإمام الأعظم (ع).
وفي خبر أم سلمة من أخبار المنزلة المتقدمة: ((علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيْبَة علمي، وبابي الذي أوتى منه، والوصي على الأموات من أهل بيتي، والخليفة في الأحياء من أمتي)).
وسبق قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أول من يدخل علينا أمير المؤمنين، وسيّد المسلمين، وقائد الغر المحجلين))...إلى قوله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((وأنت وصيي وخليفتي، والذي يبين لهم الذي يختلفون /509

فيه من بعدي، وتسمعهم صوتي)) وهو مما أخرجه الإمام (ع) في الشافي.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في خبر ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ من حديث التسعة الذين جاءوا إليه: ((إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي))، وقد مرّ تخريجه أول البحث.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في خبر موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن، عن أبيه، عن جده (ع)، لعلي (ع): ((وأنت وصيي من أهلي، وخليفتي في أمتي؛ من والاك فقد والاني، ومن عصاك فقد عصاني)).
وفي خبر الأنوار الآتي ـ إن شاء الله تعالى ـ قوله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم: ((ففيَّ النبوة، وفي علي الخلافة))، أخرجه الإمام المنصور بالله (ع) من طريق ابن المغازلي، وابن شيرويه الديلمي، عن سلمان ـ رضي الله عنه ـ.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني، وهو فاروق هذه الأمة، يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة، وهو الصديق الأكبر، وهو بابي الذي أوتى منه، وهو خليفتي من بعدي))، أخرجه الكنجي الشافعي بالإسناد إلى ابن عباس، قال: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وهو آخذ بيد علي - رضي الله عنه - يقول...الخبر؛ أفاده في شرح الغاية؛ وسيأتي تمام طرق هذا الخبر الشريف ـ إن شاء الله تعالى ـ.
والأخبار في هذا المعنى متواترة، كما حقق ذلك أعلام العترة الطاهرة (ع) وغيرهم، وقد سبق ويأتي ما يكفي ويشفي.
[دلالة الكتاب والسنة على خلافة علي (ع) وشركته في الأمر]
وقد دلّ على خلافة سيد الوصيين، لأخيه سيد النبيين ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ، وشركته في أمره الكتاب المبين، بصريح قوله ـ عز وجل ـ عن موسى لهارون (ع): {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي } [الأعراف:142]، وقوله: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)} [طه]، وقد علم بأخبار المنزلة استحقاقه لجميع ما كان له منه إلا /510

النبوة.
قال أيده الله تعالى في التخريج في الخبر المروي في الشافي: رواه الناصر للحق(ع)، وعلي بن بلال، وأبو القاسم الحاكم بلفظ: ((إن أخي ووزيري، وخليفتي وخير من أتركه بعدي علي بن أبي طالب...إلخ)).
وأبو علي الصفار بأسانيدهم إلى أنس، ورواه الخوارزمي بدون ((وخليفتي))، عن سلمان.
وروى محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى أنس بن مالك، عن سلمان الفارسي: ((إن أخي ووارثي وخليفتي، وخير من أترك بعدي، علي بن أبي طالب، يقضي ديني، وينجز موعدي)).
وروى بطريق أخرى عن أنس، عن سلمان: ((إن خليلي ووزيري وخليفتي، وخير من أترك بعدي، علي بن أبي طالب...إلخ الخبر)).
وروي أيضاً عن سلمان بطريق أخرى عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال: ((إن وصيي وأعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب)).
وروي أيضاً بطريق أخرى عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال: ((وصيي علي بن أبي طالب، هو خير أمتي بعدي)).
وروي عن أبي سعيد، عن سلمان عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ أنه قال: ((إن علياً هو خيرهم، وأفضلهم، وأعلمهم، فهو وليي ووصيي ووارثي)).
وروى عن سلمان بطريق آخر عنه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((إني أوصيتُ إلى علي، وهو أفضل من أترك بعدي)) انتهى.
[تخريج أحاديث: الوصاية والخلافة ونحوها لعلي]
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن وصيي، وموضع سري، وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي، ويقضي ديني، علي بن أبي طالب)) رواه الطبراني عن أبي سعيد عن سلمان، والكنجي عن سلمان، والحاكم أبو القاسم بلفظ: ((إن وصيي، وخليفتي، وخير من أترك بعدي... إلخ))، عن سلمان أيضاً.
وروى الحاكم خبر: ((إن خليلي)) المارّ عن أنس.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لسلمان: ((يا أبا عبدالله إن أخي ووارثي وخليفتي وخير من أترك بعدي علي بن أبي طالب، يقضي ديني، وينجز موعدي)) أخرجه محمد بن منصور، عن سلمان الفارسي.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا علي، حربك حربي، وحزبك حزبي، من أحبك أحبني، ومن أحبني فقد أحبّ الله، ومن أبغضك أبغضني /511

ومن أبغضني فقد أبغض الله؛ أنت وزيري في حياتي، وخليفتي بعد وفاتي))، رواه العالم الولي، إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث ـ رضي الله عنه ـ في كتاب الحياة.
وفي محاورة النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لفاطمة (ع): ((يا فاطمة؛ أنتِ بضعة مني، وعلي مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي؛ يا فاطمة، إني سألت الله أن يجعل لي علياً وزيراً وخليفة من بعدي...الخبر))، رواه في كتاب إقرار الصحابة لأبي القاسم الجابري.
وفيه: روى تميم بن بهلول ـ وذكر سنده إلى عائشة ـ قالت: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أنا سيد الأولين والآخرين، وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وأخي ووارثي، وخليفتي في أمتي))...إلى قوله: ((وهو إمام المسلمين، وولي المؤمنين، وأميرهم بعدي)).
[خطبة سلمان في فضل أمير المؤمنين وخلافته]
وروى أبو إسماعيل الكوفي، عن زاذان، عن سلمان الفارسي، أنه قال في خطبته بعد أن حمد الله، وأثنى عليه:
أما بعد:
أيها الناس؛ فإني قد أوتيت علماً، ولو أخبركم بكل ما أعلم لقالت طائفة: مجنون، وقالت طائفة: رحم الله قاتل سلمان.
..إلى قوله: ألا وإن لكم منايا، تتبعها بلايا؛ ألا وإن عند علي بن أبي طالب علم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب، وهو على سنة هارون بن عمران، حين قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أنت خليفتي ووصيي في أهلي، أنت مني كهارون من موسى))، أمَا والله لو ولّيتم علياً لأكلتم من فوقكم، ومن تحت أرجلكم...الخبر.
انتهى من الكامل المنير.
وروى هذه الخطبة محمد بن سليمان الكوفي بإسناده إلى ابن عباس.
..إلى قوله: فقال ـ أي سلمان ـ بعد حمد الله ـ: أيها الناس فإني قد أوتيت علماً...إلخ، باختلاف يسير؛ من مناقبه.
قلت: وقد أشار إليها الإمام المنصور بالله (ع) في الشافي، وذكر منها قوله: أنسيتم أو تناسيتم.
وقوله: والله لو أعلم أني أعزّ لله ديناً، أو أمنع لله ضيماً لضربت بسيفي قدماً قدماً. /512

[الخلافة في الأرض في القرآن لثلاثة: آدم وداود وعلي]
قال أيده الله في التخريج: وروى الحاكم أبو القاسم بإسناده إلى عبدالله بن مسعود، قال: وقعت الخلافة من الله في القرآن لثلاثة نفر: لآدم (ع)، لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } [البقرة:30]، يعني آدم؛ والخليفة الثاني: داود لقوله تعالى: {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ } [ص:26]، يعني أرض بيت المقدس؛ والخليفة الثالث: علي بن أبي طالب (ع) لقوله تعالى: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } [النور:55]، يعني آدم، وداود (ع)، انتهى.
قال أيده الله: وهذا تفسير صحابي من العظماء، ولا مساغ للاجتهاد فيه، فيكون توقيفاً ـ نسأل الله توفيقاً ـ.
وقال في البرهان ـ أي الإمام الناصر الديلمي (ع) ـ: إنها نزلت الآية في رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، وعلي، وخيار أهل بيتهما، ومن سار بسيرتهما إلى يوم القيامة؛ لأنهم ورثة الكتاب...إلخ.
ومثل هذا ذكره محمد بن القاسم، والحسين بن القاسم.
ويؤيده ما رواه الحاكم بإسناده إلى ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية في آل محمد ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ؛ وما ذكره الشرفي في المصابيح.
[إتمام تخريج أحاديث الوصاية والخلافة]
وقال الحسن السبط (ع): إن الله اختار محمداً، وأمره أن ينتخب من أهله رجلاً يؤازره ويعينه على أداء رسالته، فعرض ذلك رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ على عمومته، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم، فأوحى الله إليه: (أن اتخذ علياً وزيراً، وناصراً ووصياً)، فضمّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ علياً إلى صدره، وقال: ((هذا منكم صفوتي، وهذا دونكم المختار عندي، وهذا يعينني على أمري، شدّ الله به ظهري، كما شدّ ظهر موسى بهارون؛ اللهم /513

أيده بالإيمان، وجنّبْه عبادة الأوثان)).
ذكر هذا الإمام أحمد بن سليمان (ع).
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((وصيي، وأعلم من أخلف بعدي، علي بن أبي طالب)) أخرجه الإمام أبو طالب (ع) عن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ.
وأخرج عن جابر أنه قال، وقد زار الحسين السبط (ع): فأشهد أنك ابن خير النبيين، وابن سيد الوصيين...إلخ.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي (ع): ((أنت وصيي))، رواه محمد بن سليمان الكوفي عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع)؛ ورواه عن زيد بن أرقم، من طريقين.
وروى أيضاً عن الباقر (ع) قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا علي، أنت أخي ووصيي، وأنت أمين النبيين، وخاتم الوصيين)).
وروى أيضاً بسنده عن الباقر (ع) من حديث الإسراء: ((فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟
قال: هؤلاء ملائكة يقال لهم: الأوابون؛ فسمعتهم يقولون: محمد خير الأنبياء، وعلي خير الأوصياء...إلخ)).
وروى بإسناده إلى أبي رافع، عنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال: ((أما ترضى يا علي أنك أخي في الدنيا والآخرة، وأنك خير أمتي في الدنيا والآخرة، وأن امرأتك خير نساء أمتي في الدنيا والآخرة، وأن ولديك سيدا شباب أمتي في الدنيا والآخرة، وأنك أخي ووزيري ووارثي؟)).
وخطب علي (ع) فقال: أنا عبدالله وأخو رسوله، لا يقولها أحد قبلي ولا بعدي إلا كذاب؛ ورثت نبي الرحمة، ونكحت سيدة نساء هذه الأمة، وأنا خاتم الوصيين.
أخرجه محمد بن سليمان بسنده إلى أبي البحتري الأنصاري، والأصبغ بن نباتة؛ وهو في شرح النهج عن حكيم بن جبير.
وفي الخبر: ((أوحى الله إلى الجنة لأزيننك بأربعة أركان يوم القيامة: بمحمد سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء، والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة)) أخرجه الإمام (ع) في الشافي بسنده إلى الحاكم الجشمي، وبسنده إلى /514

قتادة.
وأخرج الإمام (ع) أيضاً من أمالي الإمام أبي طالب (ع) بسنده إلى مجاهد، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: بينا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يطوف بالكعبة، إذ بدت رمانة من الكعبة، فاخضر المسجد لحسن خضرتها؛ فمدّ رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يده فتناولها، ومضى رسول الله في طوافه، فلما انقضى طوافه صلى في المقام ركعتين؛ ثم فرق الرمانة قسمين، كأنها قدت بالسكين، وأكل النصف، وأطعم علياً (ع) النصف.
..إلى قوله: ثم التفت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ إلى أصحابه، فقال: ((إن هذا قطف من قطوف الجنة، ولا يأكله إلا نبي، أو وصي نبي، ولولا ذلك لأطعمناكم)).
قال الإمام (ع): وقد أكل طعام الجنة مراراً، وشافه جبريل (ع) مراراً، وأحصى عدد الملائكة (ع)، وهو أمارة الوصية والخلافة، انتهى.
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن الله اختار من كل أمة نبياً، واختار لكل نبي وصياً؛ فأنا نبي هذه الأمة، وعلي وصيي في عترتي، وأهل بيتي، وأمتي))، رواه الخوارزمي عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ.
[انتهى] من التفريج.
وأخرج الإمام (ع) في الشافي من مسند أحمد بن حنبل، وساق سنده، قال: قلنا لسلمان: سل النبي من وصيه؟
فقال سلمان: يا رسول الله، من وصيك؟
فقال: ((يا سلمان، من كان وصي موسى؟)).
فقال: يوشع بن نون.
قال: ((فإن وصيي ووارثي، يقضي ديني، وينجز موعدي، علي بن أبي طالب)).
قال ـ أيّده الله ـ في التخريج: وعنه - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((إن علياً وصيي ووارثي))، رواه البغوي، وابن المغازلي، والكنجي عن بريدة، ورواه الخوارزمي في فصوله، وأخرجه ابن عساكر، وصدره: ((لكل نبي وصي ووارث)).
وعنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن أخي ووزيري ووصيي علي بن أبي طالب))، رواه علي بن الحسين في المحيط، والحسن الصفار عن أنس.
وقال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لعلي (ع): ((أنت أخي ووصيي /515

ووارثي))، رواه محمد بن سليمان، عن عبدالله بن أبي أوفى، ورواه أحمد، والصفار بلفظ: ((أنت أخي، ووارثي)) عن زيد بن أبي أوفى.
قلت: وهذه الرواية عن عبدالله بن أبي أوفى ترد ما رواه عنه البخاري ومسلم من إنكاره للوصاية، وهي أصح وأرجح من تلك الرواية المخالفة للمتواتر المعلوم، بإجماع المسلمين وإقرار الخصوم؛ وقد أنكر عليه السائل له في تلك الرواية، حيث قال: فقلت: كيف كتب على الناس الوصية أو أمر بالوصية؟
فقال: أوصى بكتاب الله ـ هكذا أخرجاه عنه ـ.
قال الإمام الحجة المنصور بالله عبدالله بن حمزة (ع) في سياق الرد عليه ما لفظه: فلما أعيد عليه السؤال، قال: نعم أوصى بكتاب الله، وأفرد العترة من الكتاب، والنبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ قال ـ مجمعاً عليه كافة أهل الإسلام من الصحاح، وغيرها ـ: ((خلفت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، حبلان ممدودان لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض))، فذكر كونهما خليفتيه.
...إلى قوله: فكيف يقول ابن أبي أوفى: إن الوصية بأحدهما دون الآخر، مع ثبوت انحرافه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، ومخالفته الإجماع؛ ولم يرو بنفسه ذلك عن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، ولم يوافقه أحد من الصحابة على ذلك؛ وقوله في ذلك غير مقبول؛ لكونه مخالفاً للكتاب والسنة.
إلى آخر ما في الشافي.
نعم، وأخرج المرشد بالله بسنده إلى موسى الكاظم، عن آبائه، عن علي (ع)، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن فيك مثلاً من عيسى ابن مريم (ع))).
وساق إلى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ولكن أنت أخي، ووزيري، ووصيي، ووارثي، وعَيْبة علمي)). /516

106 / 143
ع
En
A+
A-