عن جماعة أنها نزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } [المائدة:67]، فقام رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ خطيباً بغدير خم، وأخذ بيد علي ورفعها، حتى رأى بعضهم بياض إبطه؛ ثم قال: ((ألست أولى بكم من أنفسكم؟)).
قالوا: اللهم نعم.
فقال: ((من كنت مولاه، فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
فقام عمر بن الخطاب، وقال: بخ بخ يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وأنشأ حسان أبياتاً بعد أن استأذن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ في إنشائها، وهي:
يناديهم يوم الغدير نبيهم .... بخمٍّ فأسمع بالرسول مناديا
وقال: فمن مولاكم ونبيكم؟ .... فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
...إلى قوله:
فقال له: قمْ ياعلي فإنني .... رضيتُك من بعدي إماماً وهاديا
قال ـ رحمه الله ـ: وحديث الموالاة وغدير خم، قد رواه جماعة من الصحابة، وتواتر النقل به حتى دخل في حدّ التواتر، فرواه زيد بن أرقم، وأبو سعيد الخدري، وأبو أيوب الأنصاري، وجابر بن عبدالله، واختلف ألفاظهم.
قال: ففي حديث جابر وغيره: أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لما انصرف من حجة الوداع، ووافى الجحفة.
إلى قوله: ثم قال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)).
فقام عمر، وقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
قال جابر: كنا اثني عشر ألف رجل، انتهى. /475
وقيل لعمر: إنا نراك تصنع بعلي شيئاً لا نراك تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ.
فقال: إنه مولاي ومولى كل مؤمن.
أخرجه الإمام المرشد بالله (ع) عن أبي فاختة.
وأخرجه الخوارزمي عن شيخه الزمخشري، عن سالم مسنداً...إلى قوله: إنه مولاي.
وأخرجه صاحب جواهر العقدين عن سالم بن أبي الجعد، وأخرجه الدارقطني.
وسأل قوم من الشام عمر، فسار إلى أمير المؤمنين (ع) فأفتاه، فالتفت إليهم عمر، فقال: أتدرون من الرجل؟ ذاك علي بن أبي طالب مولاي ومولاكم، ومولى كل مسلم.
أخرجه محمد بن سليمان الكوفي.
ونازعَ رجل عمر في مسألة، فقال: بيني وبينك هذا ـ وأومأ إلى علي ـ.
..إلى قول عمر: مولاي ومولى كل مسلم.
أخرجه الخوارزمي عن الزمخشري، بإسناده عن أبي سعيد السمان، بسنده إلى يعقوب بن إسحاق بن إسرائيل؛ أفاده في التفريج.
ورواه محمد بن سليمان الكوفي عن أبي جعفر، وأخرجه السمان في الموافقة بلفظ: ومولى كل مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن؛ ذكره الأمير.
وأخرجه الحاكم بسنده إلى أبي جعفر، كما رواه السمان.
أفاده ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج.
قلت: وأخرج في جواهر العقدين عن السمان عن عمر، وقد جاء أعرابيان يختصمان، فقال لعلي: اقض بينهما يا أبا الحسن.
فقضى علي بينهما؛ فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا؟
فوثب إليه عمر، وأخذ بتلابيبه، وقال: ويحك، ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن، ومن لا يكن مولاه فليس بمؤمن.
وروى الطبري في تاريخه، عن شهر بن حوشب قول عمر لابنه عبدالله، وقد استنكر عليه تقديمه للحسن والحسين (ع)، فقال له عمر: أسكت لا أم لك؛ أبوهما خير من أبيك، وأمهما خير من أمك.
والروايات في ذلك كثيرة.
والأمر كما قال الإمام في الفرائد: أما خبر الغدير، فقد جمع رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ له الألوف المؤلفة، وخطبهم في يوم شديد الحر، وعرّس بهم في غير وقت التعريس، ونعى إليهم نفسه، وأشهدهم على /476
أنفسهم بالبلاغ؛ ثم قال: ((ألست أولى بكم من أنفسكم؟))، قالوا: بلى...الحديث.
وفيه: أنه رفع علياً، حتى شوهد بياض إبطيهما؛ وفيه: ذكر الثقلين، والخليفتين، والتوصية بهما، وفيه: أن أبا بكر وعمر هنياه بالإمارة، وأن عمر ما تمنى الإمارة إلا يومئذ، وكذا روي عنه في حديث خيبر؛ أما تهنئة عمر لعلي فمشهورة عند المخالف والموالف.
وأما تهنئة أبي بكر له، فرواها الدارقطني، والكنجي وغيرهما.
وحديث الغدير معلوم بالتواتر اللفظي قطعاً...إلى آخر كلامه.
[خبر ((لأبعثن عليكم رجلاً مني)) وتخريجه]
وقد أقرّ عمر بتمنيه للإمارة في غير المقامين المذكورين، لما قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لوفد ثقيف: ((لتسلمن أو لأبعثن إليكم رجلاً مني ـ أو قال: عديل نفسي ـ فليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم)).
قال عمر: فما تمنيت الإمارة إلا يومئذ، وجعلت أنصب صدري، رجاء أن يقول: هو هذا.
فالتفت فأخذ بيد علي، وقال: ((هو هذا)) مرتين.
رواه أحمد في المسند، ورواه في كتاب فضائل علي (ع) أنه قال: ((لتنتهن يا بني وليعة، أو لأبعثن عليكم رجلاً كنفسي، يمضي فيكم أمري، يقتل المقاتلة، ويسبي الذرية)).
قال أبو ذر: فما راعني إلا برد كف عمر في حجزتي من خلفي، يقول: من تراه يعني؟
قلت: إنه لا يعنيك؛ وإنما يعني خاصف النعل بالبيت؛ وأنه قال: ((هو هذا)).
ومن مقامات هذا الخبر الشريف: أنه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لما فتح مكة انصرف إلى الطائف، فحصرها سبع عشرة أو تسع عشرة؛ ثم قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أوصيكم بعترتي خيراً، وأن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده، لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن عليكم رجلاً مني ـ أو كنفسي ـ يضرب أعناقكم)).
ثم أخذ بيد علي، ثم /477
قال: ((هو هذا)).
أخرجه ابن أبي شيبة، عن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه الحاكم عنه بلفظ: أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ هجَّر؛ ثم قال: ((أيها الناس، إني لكم فرط، وإني أوصيكم بعترتي خيراً، موعدكم الحوض))...الخبر، إلا أن فيه: ((فليضربن أعناق مقاتليهم، وليسبين ذراريهم)).
قال الإمام محمد بن عبدالله (ع): يعني أهل الطائف، كما فيما أخرجه النسائي وغيره، وفيه: ((كنفسي)) أو ((عديل نفسي))...إلخ، انتهى.
وأخرجه أبو علي الصفار بلفظ: انصرف رسول الله صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم إلى الطائف، ثم قال: ((يا أيها الناس إني فرط لكم فأوصيكم بعترتي خيراً، وإن موعدكم الحوض؛ والذي نفسي بيده، لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن عليكم رجلاً مني ـ أو كنفسي ـ)).
فقال أبو بكر: أنا هو؟
فقال: لا.
فقال عمر: أنا هو؟
فقال: لا.
فأخذ بيد علي، فقال: ((هذا)).
وأخرجه الكنجي عن أبي ذر، وصدره الحاكم عن عبد الرحمن، وروى نحوه عبد الوهاب الكلابي في وفد ثقيف، عن المطلب بن عبدالله، وروى نحوه عن علي في قريش: ((والله لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم...إلخ)).
وأخرج نحوه أحمد بن حنبل في وفد ثقيف: ((لتسلمن))...إلخ، قاله ابن أبي الحديد؛ أفاده في التخريج.
قال أيده الله: وأخرج نحوه في قريش: ((لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم رجلاً قد امتحن الله قلبه على الإيمان ـ يعني علياً ـ))...إلخ.
قلت: قال الطبري في ذخائر العقبى: ذكر أن النبي صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم هدّد قريشاً يوم الحديبية ببعثه عليهم عن علي (ع).
..إلى قوله: فقال النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((يا معشر قريش، لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف، فقد امتحن الله قلبه على الإيمان)).
فقالوا: من هو، يا رسول الله؟
وقال أبو بكر: من هو، يا رسول الله؟
وقال عمر: من هو، يا رسول الله؟
قال: ((هو خاصف النعل))، وكان أعطى علياً نعله يخصفها.
ثم التفت علي إلى من عنده، وقال: إن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ /478
قال: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))؛ أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح، انتهى.
وعن زيد بن يثيغ، قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم -: ((لينتهن بنو وليعة، أو لأبعثن إليهم رجلاً يمضي فيهم أمري، يقاتل المقاتلة، ويسبي الذرية)).
قال: فقال أبو ذر: فما راعني إلا برد كف عمر في حجزتي من خلفي، قال: من تراه يعني؟
قلت: ما يعنيك، ولكنه يعني خاصف النعل ـ يعني علياً (ع) ـ؛ أخرجه أحمد في المسند.
وأخرج أيضاً عن أبي سعيد، قال: كنا جلوساً في المسجد، فخرج علينا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وعلي في بيت فاطمة، فانقطع شسع نعل رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ، فأعطاه علياً يصلحها؛ ثم جاء، وقام علينا، ثم قال: ((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)).
قال أبو بكر: أنا هو، يا رسول الله؟
فقال: لا.
فقال عمر: أنا هو، يا رسول الله؟
قال: لا؛ ولكن خاصف النعل.
وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ يقول: ((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)).
قال أبو بكر: أنا هو، يا رسول الله؟
قال: لا؛ ولكن خاصف النعل في الحجرة.
أفاده الطبري في الذخائر.
قلت: وفي مسند أحمد، عن عبدالله بن حنطب، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ لوفد ثقيف: ((لتسلمن أو لأبعثن عليكم رجلاً مني ـ أو قال: مثل نفسي ـ فليضربن أعناقكم، وليسبين ذراريكم، وليأخذن أموالكم)).
فقال عمر: والله ما اشتهيت الإمارة إلا يومئذ، فجعلت أنصب صدري، رجاء أن يقول: هذا.
فالتفت إلى علي، فأخذ بيده، فقال: ((هو هذا، هو هذا)) مرتين.
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: وروى إبراهيم بن الحسن بن ديزيل، والنسائي، ومحمد بن سليمان الكوفي، وأبو حاتم، وأبو علي الحسن بن علي الصفار، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي قال لأصحابه: /479
((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله)).
فقال أبو بكر: أنا هو، يارسول الله؟
قال: ((لا)).
قال عمر: أنا هو؟
قال: ((لا، ولكن خاصف النعل ـ يعني علياً (ع) ـ)).
وروى ابن المغازلي نحوه من حديث المناشدة عن علي (ع)، وروى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن... إلخ)) من طريق أخرى عن علي (ع)، ورواه عبد الوهاب الكلابي بسنده إلى أبي سعيد، وأحمد، وأبو يعلى، وابن حبان، والحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في الحلية، والضياء المقدسي في المختارة، وابن أبي شيبة.
وأخرج صدره الخوارزمي، وأبو العلا الهمداني، والكنجي عن أبي ذر.
وكذا رواه في كتاب إقرار الصحابة أبو القاسم بسنده إلى محمد بن جرير الطبري، بسنده إلى أبي بكر. /480
الفصل التاسع [في معاني الأخبار الواردة في علي وذريته]
في جوامع من معاني هذه الأخبار الشريفة، التي هي من أعلام النبوة؛ وهي معلومة قد روتها طوائف الأمة، بألفاظ وروايات مترادفة ومختلفة، مطولة ومختصرة، كأخبار الناكثين والقاسطين والمارقين المتواترة.
[سند خبر الوفاة وتخريجه]
ومنها: قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أيها الناس احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي، وافهموا عني تنتعشوا؛ لئلا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض؛ فإن أنتم فعلتم ذلك ـ ولتفعلنّ ـ لتجدن من يضرب وجوهكم بالسيف)).
ثم التفت عن يمينه، ثم قال: ((علي بن أبي طالب؛ ألا وإني قد تركته فيكم؛ ألا هل بلغت؟ ألا هل بلغت؟)).
وهو من خبر الوفاة؛ رواه بطوله الإمام موسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جده(ع)؛ وقد سبقت الإشارة إليه في أسانيد أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد (ع)، وسيأتي بأبسط من هذا ـ إن شاء الله ـ.
وقد أخرجه السيد الإمام أبو العباس الحسني (ع) في /483
المصابيح، وصاحب المحيط بالإمامة ـ رضي الله عنهم ـ والإمام المنصور بالله (ع) بسنده إلى شيخ الإسلام زيد بن الحسن البيهقي.
قال في الشافي: والفقيه زيد بن الحسن بن علي يرويه عن مصنف كتاب المحيط بأصول الإمامة على مذاهب الزيدية.
وقال فيه: حدثنا السيد أبو الحسين علي بن أبي طالب الحسني ـ رضي الله عنه ـ قال: أخبرنا الشريف أبو الحسين زيد بن إسماعيل الحسني ـ رضي الله عنهم ـ، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني ـ رضي الله عنه ـ، قال: حدثنا عبدالله بن الحسن الإيوازي ـ رحمه الله ـ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شعبة النيروسي، قال: حدثنا موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن حسن بن حسن، عن أبيه، عن جده، عن أبيه عبدالله بن الحسن (ع) في خبر الوفاة بطوله.
ولم يبقَ إلا الحسن بن الحسن، وأبوه الحسن بن علي بن أبي طالب ـ سلام الله عليهم ـ، ويجوز أن يروي الإنسان عن شيخ شيخه، ويجوز أن يقول: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ بعدما يصح له سند المتن.
انتهى المراد من كلامه (ع).
فهذه طريق خبر الوفاة، وهو خبر جامع عظيم، قد استوفاه أبو العباس الحسني في المصابيح؛ وأورد الإمام المنصور بالله منه فصولاً.
وذكره في تراجم رجاله الثقات الأثبات، صاحب الطبقات؛ ولم تزل الإحالة عليه في مؤلفات علماء العترة (ع)، فمتى ذكر خبر الوفاة، فهو المراد، وهذا السند الصحيح النبوي سنده.
هذا، ومنها: ما أخرجه الخطيب ابن المغازلي في المناقب، بسنده إلى الإمام علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ وإني لأدناهم في حجة الوداع بمنى: ((لا ألفينكم بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض؛ وأيم الله، لئن فعلتموها لتعرفنني في الكتيبة التي تضاربكم))، ثم التفت إلى خلفه، فقال: ((أو علي، أو علي، أو علي)) ثلاثاً.
قال: وأكثر متن هذا الحديث هو من جملة الحديث الذي أخرجه مسلم في /484
صحيحه، عن جابر بن عبدالله في خطبة حجة الوداع، ولم يغادر منه شيئاً إلا ذكر علي بن أبي طالب (ع)، لعله المسقط لذلك؛ لعذر، كما هي عادتهم في فصل فضائل أهل بيت نبيهم في الأغلب، عن كتب حديثهم، إلى كتب يعرفونها بكتب المناقب، انتهى.
وفي الجامع الصغير للسيوطي: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض))، أخرجه أحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، عن جرير؛ وأحمد، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، عن ابن عمر؛ والبخاري، والنسائي عن أبي بكرة؛ والبخاري، والترمذي، عن ابن عباس، انتهى.
قلت: وأخرجه الإمام الناصر للحق (ع) في البساط بلفظ: ((لا ترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم بعضاً))، من خطبة حجة الوداع.
قال ـ أيده الله تعالى ـ في التخريج عقيب سياقه لخبر ابن المغازلي، عن جابر...إلى قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((ولئن فعلتموها لتجدني في الكتيبة أضاربكم، أو علي)): ورواه الحاكم عن ابن عباس؛ وعن جابر من أربع طرق، ثم أورد ما سبق من رواية مسلم عن جابر، وما في الجامع.
قلت: والخبر الذي رواه الباقر (ع) عن جابر ـ رضي الله عنه ـ وما في معناه، شواهدُ فصوله كثيرة، معلومة منيرة؛ وقد سبق ويأتي - إن شاء الله تعالى - ما يكفي من له أدنى بصيرة.
[تخريج خبر ((من تولاه فقد تولاني))...إلخ]
فمن ذلك قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب؛ فمن تولاه، فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله؛ ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحبّ الله؛ ومن أبغضه، فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل)) هذا الخبر الشريف /485
من مرويات الشافي، وشرح الغاية وغيرهما.
أخرجه الإمام المنصور بالله، بسنده إلى الإمام المرشد بالله، بسنده إلى أبي عبيدة بن محمد بن عمّار بن ياسر، عن أبيه، عن جده ـ رضي الله عنهم ـ قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ:...الخبر.
وأخرجه أبو العباس الحسني (ع)، ومحدث الشام الكنجي الشافعي، وأبو علي الصفار، عن عمار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ وابن المغازلي من ثلاث طرق، ومحمد بن سليمان الكوفي من طريقين.
وأخرجه أيضاً عن أبي جعفر محمد بن علي، عن آبائه، عن علي (ع) بلفظ: ((فإن ولاءه ولائي، وولائي ولاء الله؛ وإن منكم من يسفهه حقه)).
فقالوا: سمهم يا رسول الله.
قال: ((قد أُمِرْتُ بالإعراض عنهم)).
وليس فيه: ((ومن أحبه...إلخ)).
ورواه أيضاً بسنده إلى الباقر (ع) من طريق أخرى، ورواه عن جابر.
ورواه أبو القاسم في كتاب إقرار الصحابة، بسنده عن ابن عمر، بنحو رواية محمد بن سليمان، وفيه: ((أُمِرْتُ بالإعراض عنهم)).
وبلفظ رواية الشافي أخرجه الطبراني، وابن عساكر، عن أبي عبيدة ابن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه، عن جده ـ رضي الله عنهم ـ.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((أتاني ملك، فقال: يامحمد، سل من أرسلنا قبلك علام بعثوا عليه؟ قال: على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب))؛ أخرجه الحاكم عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ من أربع طرق، وأخرجه الكنجي عنه.
وذكر أبو نعيم ـ وهو من أكبر أصحاب الحديث ـ في كتابه الذي استخرجه من كتاب لابن عبد البر المغربي الأندلسي المحدث في تفسير قوله تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا } [الزخرف:45]، أن النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ ليلة أسري به جمع الله بينه، وبين الأنبياء، ثم قال لهم: سلهم يا محمد علام بعثتم عليه؟
فقالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله، وعلى الإقرار بنبوتك، والولاية لعلي بن أبي طالب.
أفاده في شرح الأبيات الفخرية.
وأخرج الكنجي، بسنده إلى الإمام يحيى بن عبدالله بن الحسن، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسلَّم ـ: ((إن في الفردوس لعيناً /486