العباس فقال: يارسول الله، أخرجت أعمامك إلخ؛ فإنه يفيد أن الآل يختص بمن بقي في المسجد وليس إلا الأربعة، كما هو في خبر سد الأبواب.
قلت: وهو صريح في عدم إطلاق الآل على العباس ـ رضي الله عنه ـ وغيره من القرابة؛ إذ هو أقربهم، ماعدا أهل الكساء، ويعارض حديث ابن أرقم أيضاً.
قال: والحديث أخرجه الكنجي، والنسائي.
قلت: وفي أخبار الكساء عن عبدالله بن جعفر الطيّار - رضي الله عنهما - قال: لما نظر رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ إلى الرحمة هابطة قال: ((ادعوا لي آلي، ادعوا لي آلي)) قالت صفية: من يارسول الله؟ قال: ((أهل بيتي: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين)) فلما جاءوا إليه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ ألقى عليهم كساءه؛ ثم رفع يديه وقال: ((اللهم هؤلاء آلي فصل على محمد وعلى آل محمد)) وأنزل الله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33)} [الأحزاب].
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
قال ـ أيده الله ـ: وكذا قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن مسجدي حرام)) إلى قوله: ((إلا على محمد وأهل بيته: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين)). من حديث أخرجه البيهقي، عن أم سلمة؛ والصفار، عن أسماء بنت عميس.
وقد قالت عائشة: إن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ دعا لأخيها محمد بن أبي بكر بأن قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((وارزقه محبة أهل بيت نبيك)) قالت: فقاتلني بالبصرة؛ فذكرت الدعوة؛ روى معناه الهادي بن إبراهيم.
قلت: ورواه صاحب قواعد عقائد آل محمد (ع).
ومما ورد في هذا المعنى عن علي ـ صلوات الله عليه ـ قال: قلت: يارسول الله مم خلقت؟
وساق حديثاً طويلاً.
...إلى قوله: فقال: ((فَخُلِقْتَ وأهل بيتك في القسم الأول، وخَلَقْتُ أزواجك /76
وأصحابك من القسم الثاني، وخَلَقْتُ من أحبكم من القسم الثالث)) إلخ.
انتهى من شرح هداية ابن الوزير، للسيد الإمام صلاح بن أحمد المؤيدي (ع).
وقال رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((أول من يلحقني من أهلي أنتِ يافاطمة؛ وأول من يلحقني من أزواجي زينب)) أخرجه ابن عساكر عن واثلة.
[تواتر خبر تبليغ علي لسورة براءة]
قال ـ أيده الله ـ في التخريج: وبعث النبي ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ أبا بكر ببراءة، فدعاه وقال: ((لايبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي)) فبعث بها مع علي؛ رواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده إلى سماك عن أنس؛ وبلفظ ((من أهلي)) من طريق أخرى عنه عن أنس أيضاً؛ إلى أن قال: قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لايؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي وإن علياً من أهل بيتي)) وذلك عند أخذ براءة من أبي بكر؛ رواه محمد بن سليمان الكوفي بسنده عن جميع بن عمير عن ابن عمر.
إلى قوله: وأخرج ـ أي النسائي في الخصائص ـ حديث بعث أبي بكر ببراءة ثم أخذها منه إلى علي؛ ثم قال ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((لايؤدي عني إلا أنا أو رجل من أهلي)) أو ((من أهل بيتي)) أو ((مني)) عن علي، وعن أنس، وعن سعد، وعن جابر، على اختلاف الروايات.
قال ـ أيده الله ـ: وقد أخرج الكنجي حديث براءة عن سعد بن أبي وقاص بلفظ: ((إنه ليس يبلغ عني إلا رجل مني من أهل بيتي)).
قال: وقد روى أبو الحسين عبد الوهاب الكلابي، عن أنس بن مالك أن رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بعث أبا بكر ببراءة؛ فلما قفَّى دعاه ودفعها إلى علي وقال: ((لايبلغها إلا رجل من أهلي)).
وأخرجه أحمد بن /77
حنبل عن أنس وعن ابن عباس.
وأخرجه أبو داود، والترمذي عن أنس؛ من تفريج الكروب.
قلت: ورواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل، من ثمان طرق بلفظ: ((أو رجل من أهل بيتي)) أو ((رجل من أهلي)).
وخبر تبليغ علي (ع) لبراءة وأخذها من أبي بكر متواتر، قد روته طوائف الأمة، من المحدثين والمفسرين، وجميع النقلة، وليس فيه متمسك لجواز النسخ قبل إمكان العمل؛ فيرد على أهل العدل؛ لعدم التصريح في الروايات المتواترة بالأمر لأبي بكر بقراءتها؛ وإنما المعلوم بعثه بها وأخذها منه، فليس المأمور به والمقصود منه إلا أخذها، والسير بعض المسافة، على اختلاف الروايات؛ لما فيه من الحكمة ببيان عدم صلاحية أبي بكر لذلك؛ وأنه لا يقوم مقام الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ في أمثال هذا المقام إلا وصيه وأمينه، وسيد أهل بيته، وخليفته على أمته.
[تعللاتهم في صرف الخلافة]
ولأمر ما، احتج بذلك ترجمان القرآن، وبحر العلم، وحبر الأمة، عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ على عمر بن الخطاب، لما تحاورا في أمر الخلافة، فقال عمر: ما أرى صاحبك إلا مظلوماً.
فقال ابن عباس: فاردد إليه ظلامته.
فمضى يهمهم ثم قال: ياابن عباس، ماأظنهم منعهم عنه إلا أنه استصغره قومه.
فقال ابن عباس: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمره أن يأخذ براءة من صاحبك.
...إلى آخر المحاورة.
رواه أبو بكر الجوهري بإسناده إلى ابن عباس، ورواه الزبير بن بكار عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وروى طرفاً منها الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة /78
(ع) في الشافي، وفيه: قال عمر: هو والله لها أهل، ولكن الناس يستصغرونه.
قال ـ أي ابن عباس ـ: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، يستصغرونه على الخلافة ولا يستصغرونه يوم أقحم على الناس عمرو بن عبد ود العامري فكاعت عنه الفرسان، وأحجمت الشجعان، فبرز إليه فقتله؛ ولا استصغروه يوم خيبر، يوم رجعت راية رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ مرة بعد أخرى، حتى أخذها فكان الفتح على يديه ـ وعدّ أشياء.
قال عمر: هو ماتسمع ياابن عباس...إلى آخر الكلام المروي في الجزء الرابع من الشافي، وهو من جملة تعللات عمر ومن تبعه في صرف الأمر عن وليه، فتارة يقول: استصغره الناس.
وأخرى: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة.
ومرة: خفناه على اثنتين: صغر سنه، وحبه بني عبد المطلب.
وأخرى: لاتجتمع عليه قريش؛ ونحوها من الأعذار الباردة، التي لا تقوم بها حجة، ولا تكون فيها معذرة للمدافعة، في وجوه النصوص المعلومة، من الله تعالى ومن رسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ، التي بلّغهم الرسول ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ إياها على مرور الأعوام، وسمعوها ووعوها وأقروا بها في مقام بعد مقام، وهي مستوفاة في الشافي، وشرح النهج، وغيرهما من البسائط؛ وذلك باب متسع الأطراف، يطول فيه الكلام، فالحكم لله والموعد يوم القيام.
هذا، وقد بيّن ـ صلوات الله عليه وآله وسلامه ـ العترة بأهل البيت وأهل البيت بالعترة، في أخبار الثقلين، والكساء، وغيرها.
[معنى العترة لغةً وشرعاً]
والعترة نسل الرجل لغةً وعرفاً وشرعاً؛ إلا ان الشرع حكم بدخول أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ في معنى عترة الرسول - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم - /79
قطعاً، كما في أخبار الكساء من الإشارة إليهم بهؤلاء أهل بيتي، وعترتي، وغيرها مما لايحصى؛ بل هو إمامهم وسيدهم المقدم، والمقصود الأعظم، بما ورد فيهم ـ صلوات الله عليهم ـ على العموم، وقد قال أبو بكر: علي بن أبي طالب عترة رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؛ لما علم أنه أعظم مقصود، وأجل معهود.
قال في جواهر العقدين: أخرجه الدارقطني في الفضائل عن معقل بن يسار قال: سمعت أبا بكر يقول: علي بن أبي طالب.. إلخ.
قال الشريف في الجواهر: أي الذين حث على التمسك بهم.
إلى قوله: ولهذا خصه ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ من بينهم يوم غدير خم، بما سبق من قوله: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)) قال: وفي رواية عقيب قوله: ((وعاد من عاداه وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله))، أخرج هذه الرواية البزار برجال الصحيح، إلا فطر بن خليفة، وهو ثقة.
وفي رواية: أخرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص فقال أبو بكر وعمر: أمسيت ياابن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة.
ثم ساق مالا يسعه المقام.
نعم،قال الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة في الشافي: ولهذا أكد حديث الثقلين بذكر العترة، وهم الذرية لغةً وعرفاً.
أما اللغة؛ فإنه أخذ من العتيرة وهو نبت في البادية، سمي به أولاد الرجل وأولاد أولاده؛ ذكره ابن فارس في المجمل وغيره.
وأما العرف؛ فمتى أطلق لفظ العترة لم يسبق إلى الفهم إلا الأولاد، دون الأقارب.
على أن العترة لو كانت في الأصل هم القرابة لكان الحكم للعرف، كما يعرفه أهل المعرفة، انتهى.
وممن نص على ذلك من أئمة اللغة: صاحب كتاب العَيْن فقال حاكياً عن /80
العرب: عترة الرجل هم ولده، وولد ولده.
وقال ابن الأعرابي: عترة الرجل ولده وذريته وعقبُه من صلبه.
قال: فعترة الرسول، ولد فاطمة البتول، انتهى، وهذا المروي عن ابن سيده.
وقال إمام أئمة اللغة والشرع، الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش (ع): إنما سمّاهم عترة؛ لأن الولد عند والده أطيب ريحانة من عترة المسك؛ ولهذا تقول العرب للولد: ريحانة أبيه، ولاشك أن عترة المسك أطيب من الريحانة؛ فسمَّاهم رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بأطيب الطيب، وجعل ذلك صفة لهم غير مشتركة، انتهى.
قلت: وفي القاموس: والعترة قلادة تعجن بالمسك، ونسل الرجل ورهطه وعشيرته الأدنون، انتهى.
وفي صحاح الجوهري: وعترة الرجل نسله ورهطه الأدنون، انتهى.
قلت: وما ذكراه من الرهط والعشيرة الأدنين على فرض تسليمه في غير النسل، يجاب عنه بما تقدم من قصر الشرع لذلك على من ذكر.
قال والدنا الإمام الهادي إلى الحق، عز الدين بن الحسن (ع) في المعراج: إلا أن ذلك ـ أي ما ذكره الجوهري ـ لايمنع من غلبة استعماله هنا في نسله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وجريان العرف بذلك، ومصير استعماله في غيره على جهة المجاز العرفي.
قال (ع): وأجاب في العمدة: بأن العترة هم أولاد الرجل وأولاد أولاده دون غيرهم؛ لأن هذه اللفظة متى أُطلقت سبق ذلك إلى الأفهام؛ ولاخلاف في تناولها لمن ذكره حقيقة، وإنما الخلاف في تناولها لغيرهم؛ فإذا لم يكن عليه دليل وجب قصرها عليهم، انتهى.
قلت: وأيضاً قد أفادت الأدلة أن إجماع المتصفين بأهل البيت والآل والعترة حجة قطعاً، والإجماع واقع من الأمة أن غير الأربعة وذريتهم غير /81
معتبر في إجماعهم قطعاً؛ لأن الأمة بين قائلين: قائل بحجية إجماعهم وهم هؤلاء لاغير، وقائل بعدمه وقد بطل قوله قطعاً؛ فتحصل أنهم هؤلاء وإلا بطلت الأدلة، وخرج الحق عن أيدي الأمة وهو باطل، وهذا واضح جلي عقلاً وشرعاً.
وهذا كله على فرض عدم البيان من الشارع؛ فأما مع ورود البيان القاطع، على قصر ذلك على الأربعة وذريتهم ـ صلوات الله على أبيهم وعليهم أجمعين ـ فلا اعتبار بغيره ولا اعتداد بسواه؛ إن فرض ثبوته، كما علم ذلك في سائر الاستعمالات الشرعية، المنقولة من المعاني اللغوية، كالصوم والصلاة، والحج والزكاة.
والحقائق الشرعية مقدمة في خطابات الشرع قطعاً، فكيف إذا تطابقت البراهين على ذلك لغة وشرعاً؟
ودلائل اختصاصهم بذلك قد عُلِمت بالطرق المعلومة الموصلة إلى القطع، كأخبار الكساء المفيدة للحصر والقصر عليهم بطرق عديدة، وما لايحصى كثرة، كتاباً وسنة؛ وليس بعد بيان الله تعالى ورسوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ بيان، ولا أقوى ولا أقوم من برهانه برهان؛ وكم ورد في السنة الشريفة مما تواتر، نحو: قوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((من سره أن يحيا حياتي)).. إلى قوله: ((فليتول علي بن أبي طالب)) إلى قوله فيه وفي ذريته: ((وهم عترتي خلقوا من لحمي ودمي)) الخبر، وقد تقدم بطرقه.
وقوله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ: ((إن لكل بني أب عصبة ينتمون إليها، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وعصبتهم، وهم عترتي خلقوا من طينتي)) أخرجه ابن عساكر عن جابر ـ رضي الله عنه ـ.
وقول وصيه أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ وقد سُئل عن العترة في خبر ((كتاب الله وعترتي)): أنا، والحسن، والحسين، والأئمة إلى المهدي، لا يفارقون كتاب الله، ولايفارقهم، حتى يردوا على رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ حوضه /82
أخرجه أبو جعفر القمي، عن جعفر بن محمد، عن آبائه.
وقوله ـ صلوات الله عليه ـ لما قُبض رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم: قلنا: نحن أهله، وورثته، وعترته، وأولياؤه، دون الناس؛ وأيم الله، لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر ويبور الدين، لكنا على غير ماكنا لهم عليه.
وغير ذلك من المأثور، لايحيط به المسطور، مما علم لهم في كتاب الله، وتواتر من سنة رسول الله، ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ معنى، أو لفظاً ومعنى، مما يفيد اصطفاء الله تعالى لهذه الصفوة واختياره لتلك الخيرة، واختصاصه تعالى لهم بأجل الفضائل، وإنزاله إياهم أفضل المنازل.
[بحث حول: آية المباهلة]
نحو قوله عز وجل:
{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)} [آل عمران].
قال الإمام الحجة، المنصور بالله عبدالله بن حمزة، (ع) في سياق خبر المباهلة: وهذا الخبر مفيد جداً؛ لأنه أثبت أن ولدي علي ولدان لرسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ.
إلى قوله: وأثبت أن المراد بقوله في الآية: {نساءنا } فاطمة، فخرجت زوجاته عن مقتضى الآية والخبر.
ولاخلاف بين الأمة أنه لم يدع أحداً من زوجاته.
...إلى قوله: وأن المراد بقوله {أنفسنا }: محمد، وعلي ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ؛ فكيف يجوز لنفس أن تتقدم على نفس رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ؟!
وكيف يعتري الشك في كونه أفضل /83
الصحابة رضي الله عنهم؟
وكم من آية يمرون عليها وهم عنها معرضون، ويتلونها وهم عنها عمون. انتهى.
[الإجماع على صحة خبر المباهلة]
وقال الأمير الناصر للحق الحسين بن محمد بدر الدين (ع) في الينابيع: أطبق أهل النقل كافة، مع اختلاف أغراضهم واعتقاداتهم ـ يعني على خبر المباهلة ـ.
وقال أخوه الإمام الأوحد، الحسن بن محمد (ع): متواتراً.
وقال والدنا الإمام عز الدين بن الحسن (ع) في المعراج: أطبق أئمة النقل وجمهور العلماء على ذلك...إلخ.
ولا نزاع في هذا بين العترة والأمة، وممن روى ذلك: الحسن، والشعبي، والسدي، والحاكمان: الجشمي والحسكاني، وأبو نعيم، والثعلبي، والخوارزمي، والزمخشري، والبيضاوي، والرازي، وأبو السعود.
ومن ألفاظ الرواية، من طرق العامة: مارواه الحاكم، صاحب المستدرك، عن عامر بن سعد؛ وقال: حديث صحيح، لما نزل قوله تعالى: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا } إلخ [آل عمران:61]، دعا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ علياً، وفاطمة، وحسناً، وحسيناً، وقال: ((اللهم هؤلاء أهلي)).
[مخرجوا خبر المباهلة]
قال ـ أيده الله ـ في تخريج الشافي: وأخرجه ـ أي هذا الخبر الذي رواه الحاكم ـ محمد بن يوسف الكنجي وقال: أخرجه مسلم في صحيحه.
وقال في موضع آخر من مناقبه: وأخرجه أحمد بن حنبل عن غير واحد من أصحاب رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ والتابعين.
...إلى قوله: وقال الحاكم أبو القاسم في حديثه عن عامر: لما نزل قوله تعالى: {فَقُلْ تَعَالَوْا } [آل عمران:61]..إلخ. /84
رواه مسلم، والترمذي.
وقال في الإقبال : ولمسلم، والترمذي عن سعد ـ وذكر الحديث.
قلت: وقد تقدم مافي الإقبال بلفظه في الاستدلال بما فيه من صيغة الحصر وهي: ((اللهم هؤلاء)) كما في خبر الكساء.
وقال يحيى بن الحسن القرشي في منهاجه: أجمع الناس على أنها ـ أي {فَقُلْ تَعَالَوْا } الآية ـ، نزلت في الخمسة الأشباح. انتهى.
[كلام نفيس للزمخشري حول آية المباهلة]
قال في الكشاف: فإن قلت: ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلا ليتبين الكاذب منه ومن خصمه، وذلك أمر يختص به، وبمن يكاذبه؛ فما معنى ضم الأبناء والنساء؟
قلت: ذلك آكد في الدلالة، على ثقته بحاله، واستيقانه بصدقه، حيث استجرأ على تعريض أعزته، وأفلاذ كبده، وأحب الناس إليه، لذلك، ولم يقتصر على تعريض نفسه له؛ وعلى ثقته بكذب خصمه، حتى يهلك خصمه، مع أحبته وأعزته، هلاك الاستئصال إن تمت المباهلة.
إلى قوله: وقدمهم في الذكر على الأنفس؛ لينبه على لطف مكانهم، وقرب منزلتهم، وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس، مفدّون بها؛ وفيه دليل لاشيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء (ع)، وفيه برهان واضح على صحة نبوة النبي - صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم -.
وقال في سياق القصة: فأتوا رسول الله ـ صَلَّى الله عَليْه وآله وسَلَّم ـ وقد غدا محتضناً الحسين، آخذاً بيد الحسن، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي خلفها، وهو يقول: ((إذا أنا دعوت فأمِّنوا))، فقال أسقف نجران: يامعشر النصارى، إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولايبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فقالوا: ياأبا القاسم، رأينا ألا نباهلك.
...إلى قوله: وقال: ((والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران /85