/374/ ومنها قوله تعالى: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم}، قالوا: ساقها في الكفار بدليل قوله تعالى: {حتى إذا رأوا ما يوعدون فيستعلمون من أضعف ناصراً وأقل عدداً}.
قلنا: عموم أول الآية لا يمنع من خصوص آخرها.
ومنها قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاءه جهنم خالداً..} الآية.
قالوا: المراد أنه يستحق جهنَّم، وأن التقدير، فجزاءه ن جازه.
قلنا: هذا تقدير شرط لم ينب عنه الظاهر ولا دل عليه العقل.
وبعد، فقوله: {وغضب الله عليه ولعنه وأعد له جهنم} يمنع من تقدير هذا الشرط.
وبعد، فالجزاء مصدر جاز إنجازي، فلا يصح تقديره بالاستحقاق.
وبعد، فالاستحقاق اسم، فلو فسر به الجزاء لكان قد عطف فعلاً على اسم.
قالوا: ظاهر الآية يقتضي وقوع المجازاة عقيب المعصية، وإذا بطل الظاهر فلستم بأن تحملوه على مجاز، وهو أن التقدير سيجارَى أولى من أن يحمله على مجاز آخر، وهو أن المراد الاستحقاق.
ومنها قوله تعالى: {إن المجرمين في ضلال وشعر} والفاسق مجرم، وأما قوله في آخرها: {أم يحسبون أن لا نسمع سرهم ونجواهم} فهو كلام مستقل لا يقتضي انصراف الآية إلى الكفار.
ومنها قوله تعالى: {من يعمل سوءاً يجز به} وقوله تعالى: {بلى من كسب سيئة.. الآية} وقوله تعالى: {إن الفجار لفي جحيم} وقوله تعالى: {ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً} وأشباهها.
ومنها قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} فشرط التكفير باجتناب الكبائر.
ومنها قوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون: استغفر لنا} إلى قوله: {ألم نؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق}.
وأما السنة فالأخبار مشحونة بالوعيد العظيم على من شرب وزنا واغتاب وقتل النفس وأشباه ذلك.
ويقال: الخصوم لو جاز أن يتوقف في عمومات الوعيد لجاز أن يتوقف في عمومات الوعد.
فإن قالوا: الوعيد يتضمن ما يجب إيصاله وهو الثواب.
قيل لهم: جوزوا الحلف في الوعد بالتفضل الذي لا يجب إيصاله.
فإن قالوا: علينا في عمومات الوعد تكليف من جهة العمل، ولا يمكن الوقوف على امتثاله إلا بالوقوف على المراد.
قيل لهم: وكذلك علينا في عمومات الوعيد تكليف في باب العلم من حيث اللطف، ولا يصح اعتقاد موجباتها إلا بحملها على ظواهرها مع فقد القرينة التي تنصرف عن الظاهر.
يوضحه أن هذا هو الوجه في حمل آيات الوعد على ظاهرها.
فصل
وللمخالفين شبه عقلية وسمعيَّة، أما العقلية فهي إن قالوا: الغرض بالوعيد الزجر والتخويف، وذلك حاصل مع تجويز العفو.
والجواب أن مع القطع على لحوق العقاب يكون /375/ أبلغ في اللطف والزجر.
وبعد، فهذا يقتضي أيضاً التوقف في وعيد الكفار.
فإن قالوا: إنا نقطع على وعيد الكفار للإجماع؛ ولأنه معلوم من ضرورة الدين.
قلنا: هذا يزيد الإلزام تأكيداً؛ لأنا ألزمناكم على مقالتكم التوقف في أمر مقطوع به لحصول ما جعلتموه علة في التوقف.
على أن النبي عليه السلام يجوز مثل ما جوَّز، ثم في هذه الآيات، فمن أين علم أن وعيد الكفار مقطوع به.
فإن قالوا: اضطر إلى ذلك من قصد جبريل.
نقلنا الكلام إلى جبريل فقلنا: كيف علم ذلك وليس يصح الاضطرار إلى قصد الباري ما دامت ذاته تعلم دلالة.
وبعد، فهب أن الأمر كما ذكروه، فلم يقطع بعذاب الفساق لأجل التخويف والزجر، بل لأن بالعفو ينكشف كون هذه الأخبار كذباً إن كان أراد ظواهرها وألغازاً وتعميةً إن أراد غير ظواهرها، ولم يدل عليه وعبثاً إن لم يرد شيئاً أصلاً فلم يتم قولهم أن هناك شروطاً لم يُنب عنها الظاهر.
فإن قالوا: قد جوّزتم شروطاً لم ينب عنها الظاهر نحو التوبة وكثرة الطاعات، فقلتم تقديره: ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً إلا أن يتوب أو تزيد طاعاته على معاصيه.
قلنا: هذه الشروط قد دل على اشتراطها العقل، وما اشترطه العقل فهو في حكم الملفوظ، ودل عليه السمع أيضاً نحو: {إلا من تاب} {إلا الذين تابوا} ونحوها.
شبهة
قالوا: ليس الفاسق بأن يدخل النار بآيات الوعيد أولى من أن يدخل الجنة بآيات الوعد.
والجواب: أنه بارتكاب الكبيرة قد أبطل طاعاته، فتكون النار أولى به إلا أن يتوب.
يوضحه أنه يترك به العقاب في الدنيا على جهة الجزاء والنكال.
شبهة
قالوا: قد مدح الله العفو ورغب فيه، فهو أحق بذلك، وأيضاً فمن توعد من الملوك ثم عفا عدّ ذلك مدحاً ومدح عليه.
الجواب عن الأول: أنا إنما رغَّبنا في العفو لما لنا في ذلك من النفع والثواب، فهو خير لنا من الانتقام ومدحنا عليه كما مدحنا على سائر الطاعات، وذلك مفقود ي حقه تعالى.
وعن الثاني أن الملك إذا توعد غيره فإما أن يتوعَّده بأن يظلمه أو يتوعده بماله أن يوصله إليه كالحدود ونحوها إن توعَّده بالظلم، وهو الأغلب في الشاهد؛ لأن أحدنا لا يستحق على غيره عقوبة، وغنما يستحق عليه أعواضاً والعقوبة إلى الله تعالى.
فمتى أخلف وعيده، والحال هذه لم يسم ذلك عفواً؛ لأن العفو عمَّا يستحقه، وإنما يطلق اسم العفو تطبيباً لقلوب الظلمة.
وإن توعده بماله أن يوصله إليه كالحدود ونحوها لم يسلم أن الحلف فيه عفو، ولا حسن ولا يمدح عليه.
شبهة
قالوا: سلمنا أن الوعيد يتناول الفساق، فقد ثبت عند العقلاء أن الحلف في الوعيد كرم، ولهذا قال قائلهم:
وإني إذا أوعدته أو وعدته .... لمخالف ايعادي ومنجز وعدي
/376/ وقال آخر:
إذا وعد السراء أنجز وعده .... وإن أوعد الضراء فالعفو ما نعه
والجواب: هذا يقتضي أنه تعالى يعفو عن الكفار لئلا يفوته هذا الكرم المذكور.
وبعد، فقد بينا أن الخلف يقتضي الكذب وهو ممنوع في حق الله تعالى.
وبعد، فالفرق المتوعد في الشاهد يجوز أن يضمر مالا يبنى عنه الظاهر، ولا يدل عليه، فلا يكون وعيده على القطع، وذلك الشرط الذي يضمره هو أن يبقى ما كان عليه من العزم على إنزال العقوبة، فإذا بدا له عفا، وذلك لا يصح في من ثبتت حكمته، ولم تجر عليه الآراء والبدوات، فيجب إذا كان هناك شرط أن يظهره، وإلا كان تلبيساً.
وبعد، فلا بد من التفصيل المتقدم، وهو أن المتوعد في الشاهد إنما يتوعَّد بما هو ظلم، فيكون الخلف به أولى من إتمامه، وإن كانا قبيحين، فأما إذا توعد بماله أيضاً له كالحد، فليس الخلف فيه كرم.
وبعد، فهب أن الخلف في الوعيد كرم، فإنما ذلك من جهة العقل، فأما السمع فمنع منه، قال تعالى: {ما يبدل القول لدي} وقال: {وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته} وأشباه ذلك من الآيات.
وبعد، فظاهر كلام الخصم صحَّة وصف الله تعالى بالحلف، وغلا بطلت الشبهة، وذلك ظاهر البطلان.
ويحكى أن أبا عمرو بن العلاء قال لعمرو بن عبيد: أصِدق ما بلغني عنك أنك تقول أن الله يفعل ما وعد وتوعَّد؟ قال عمرو: نعم، قال: فإنك أعجمي ولست أعني لسانك وإنما أعني فهمك، أو ما علمت أن العرب تمدح إذا لم يفعلوا ما يتوعدون به وأنشد:
وإني إذا أوعدته ووعدته .... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فقال له عمرو: أو تسمي الله مخلفاً؟ قال: لا، قال: فقد أبطلت شاهِدك أو ما علمت أن الشاعر يمدح على الشيء وعلى خلافه ثم أنشد:
إن أبا ثابتٍ لمجتمع الرأي .... شرف الآباء والبيت
لا يخلف الوعد والوعيد ولا .... يبيت من ثاره على فوت
وقال آخر يمدح النبي:
علمت رسول الله أنك مدركي .... وأن وعيداً منك كالأخذ باليد
ثم قال لأبي عمر: وما تقول في قوله تعالى: {ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم} فسكت عمرو.
وأما شبههم السمعية فأقواها قوله تعالى: {أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
ووجه الاستدلال بها أن المعني لا يغفر أن يشرك به تفضلاً، قالوا: فيجب أن يكون التقدير ويغفر ما دون ذلك تفضلاً وذلك عام في الصغائر والكبائر، وأيضاً فلو جعل ما دون ذلك على الصغائر والكبائر مع التوبة لكان لا وجه لتعلقه بالمشيئة؛ لأن غفرانها حينئذٍ واجب.
يوضحه أنه أضاف الغفران إلى نفسه /377/ ومع التوبة أو كون الذنب صغيراً لا يكون سقوط عقابه مضافاً إلى أحد، وأيضاً فما دون الشيء إنما يستعمل في ما قاربه، فيكون المراد الكبائر، كما أن القائل إذا قال: الألف فما دونه لم يحمل ما دونه على العشرة، وغنما يحمل على التسعمائة ونحوها.
ونحن نجيب على الجملة بما سقط تعلقهم بالآية رأساً فنقول: إنما يقتضي ظاهرها أن يغفر ما دون ذلك لمن يشاء تفضلاً، فمن أين أنه قد شاء أن يغفر الكبائر تفضلاً وهو محل النزاع لا سيما وغفراها يكشف عن الكذب في آيات الوعيد.
وبعد، فلا تعلق لواحد من فرق المرجئة.
أما من قال لا وعيد على مرتكبي الكبائر من أهل الصلاة كما ينسب إلى مقاتل وغيره.
فيقال له: إذا لم يكن عليهم وعيد يستحق فلا معنى للغفران؛ لأن الذنب ساقط.
وأما من قال أن الفاسق يعذب عذاباً منقطعاً كما يحكى عن المرء يسيء.
فيقال له: الآية عندك تقتضي الغفران، وأنت قطعت على نزول العقاب، فأين الغفران.
وأما من قال بالتوقف وهم الجمهور من المرجئة.
فيقال: ضم ظاهر الآية عندكم يقتضي القطع على المغفرة لمن عدا المشركين وأنتم تتوقفون، وقوله لمن يساء لا يقتضي الوقف؛ لأن الذي علق بالمشيئة هو تعيين المغفور له، فأما المغفرة فمطلقة، وإذا كان ظاهرها يقتضي ما لا يقول به أحد من الأمة وجب صرفها إلى الصغائر أو الكبائر مع التوبة.
فيقال لهم: هل علمتم إضمار التفضل في أوَّل الآية بلفظ الآية، وهو باطل بالاتفاق، أو بدليل متفضل، فالواجب اعتبار الدليل في آخرها، فإن قام دليل في آخرها أضمر، وإلا وجب العدول إلى ما دلَّ عليه الدليل من أن التقدير ويغفر ما دون ذلك بالتوبة وبكونه صغيراً.
وبعد، فيقال لهم: إذا كان تقدير أوَّل الآية أن الله يغفر الشرك بالتوبة ولا يغفره تفضلاً وجب أن يكون تقدير آخرها ويغفر ما دون ذلك تفضلاً ولا يغفره بالتوبة.
وبعد، فهب أن ظاهر الآية معهم فنحن نوافق أن الله يغفر جميع الذنوب من جهة العقل، وهذه الآية مطابقة للعقل، فما المانع من قيام دليل آخر سمعي يقتضي القطع بالانتقام الذي قد كان العقل يجوزه ويجوز العفو.
وبعد، فهب أن الآية عامة تقتضي غفران ما دون الشرك، فما المانع أن تخصصها آيات الوعيد.
وبعد، فالآية مجملة لم يبين الله فيها من الذي يشاء له المغفرة وبيانها في قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه} الآية.
وبعد فقد قال بعض أصحابنا أن المراد بالمغفرة ليس إسقاط العقاب المستحق، لكن تأخيره إلى الآخرة، وترك الاستعجال به، وقد سمى الله تأخير العقاب مغفرةً، فقال تعالى: {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب، بل لهم موعدٌ} /378/ وقال تعالى: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا} إلى قوله: {إنه كان حليماً غفوراً}.
وعلى هذا يحمل قوله: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم} أي لا تعجل عليهم، وقال تعالى: {ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم} أي إن شاء عجل لهم العذاب وإن شاء تاب عليهم بتأخيره، فعلى هذا يكون معنى الآية أن الله لا يؤخر عقاب الشرك ويؤخِّر عقاب الفسق، وذلك هو الغالب، فإن الله تعالى عذَّب كثيراً من الكفار في الدنيا، إما بالاستئصال كما فعل بأكثر الأمم، أو بالقتل على أيدي المؤمنين وأخذ الأموال والذراري وتسليط بعضهم على بعض أو بالخذلان كالتجلبة بينهم وبين الشياطين أو سلب الألطاف ونحو ذلك على ما يفسر به قوله تعالى: {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}.
فإن قيل: وكذلك قد يعجل عقاب الفساق بهذا المعنى.
قلنا: هو كذلك ولكن المراد الأغلب، ولهذا قال تعالى: {لمن يشاء}.
ثم أنا نتتبع ما قالوه في الآية، أما قولهم أن التفضل لما كان مضمراً في الجملة الأولى وجب أن نضمره في الثانية، فلا نسلمه، ولا دليل عليه، بل لو كان مظهراً في الجملة الأولى لما وجب إضماره في الثانية، كما أن القائل إذا قال لا أعطى أهل الري شيئاً وأعطى العلماء من أشياء لم يجب، ويكون التقدير وأعطى العلماء من أهل الري، ولهذا لما احتجت الحنفية على أن المسلم يقاد بالذمي بقوله عليه السلام: ((ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده))، قالوا: فالتقدير ولا ذو عهد في عهده بكفر؛ لأن الكافر مطهر في الجملة الأولى، فيجب إضماره في الثانية لما كانت بالعطف في حكم الجملة الواحدة.
فقال لهم الجمهور: لا يجب أن يضمر في الثانية ما أظهر في الاولى، وغنما يجب أن تظهر في الثانية ما لا تتم الفائدة غلا به وهو القتل، فيكون التقدير، ولا يقتل ذو عهد في عهده، أي ما دام معاهداً، ويكون فائدة هذا التقييد أن لا يتوهم متوهم أنه إذا خرج من العهد لم يقتل.
وأما قولهم: لو أراد الصغيرة أو بالتوبة لكان لا وجه لتعليقه بالمشيئة؛ لأنه واجب، فغير صحيح؛ لأن الواجب قد تعلق بالمشيَّئة كما قال تعالى: {ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم} ، فعلق التوبة عليهم بالمشيئة، ومعلوم أنه إنما يتوب عليهم إذا تابوا، والقول حينئذٍ واجب.
على أنه ليس المراد بذكر المشيئة التردد، ولكن المراد بيان قدرته؛ ولأنه لا يعارضه معارض في سلطانه فيحمل على مشيئة الاقتدار، وجائز أيضاً أن يكون المعنى لمن يشاء، أي للتائب عن الكبيرة إذا لم يكن مع الكبيرة شرك.
وأما قولهم أنه أضاف الغفران غلى نفسه فإما جاز ذلك لأنه هو المعاقب، وهو الذي يختار أن لا يعاقب عند التوبة أو صغر الذنب، وعلى هذا قال تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن..} الآية، وقال تعالى: {فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك}.
وأما قولهم أن ما دون الشيء يستعمل في ما رب دون ما يعد فغير مسلم، بل يستعمل فيهما.
شبهة
تعلقوا بقوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى قوله: {يغفر الذنوب جميعاً}.
/379/ والجواب: أنه تعالى إنما نهى عن القنوط الذي هو الإياس من رحمة الله بإهمال التوبة واعتقاد أنها لا تقبل.
وبعد، فالظاهر يقتضي غفران الشرك فما خصصوا به غفران الشرك خصصنا بمثله غفران الفسق.
والمعنى يغفر الذنوب جميعاً بالتوبة، وسياق الآية يشهد بذلك، قال تعالى: {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب} الآيات، فإن كلها حث على التوبة وعيد على الإخلال بها.
شبهة
قال تعالى: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم}.
والجواب: أن المراد مع التوبة وإلا وجب تظاهرها أن يغفر الشرك، وإنما سماهم ظلمة بعد التوبة من حيث الاشتقاق لا على طريق الذم، والحكيم لا يطلق الاسم على الوجه الصحيح، ولهذا قال آدم عليه السلام: {ربنا ظلمنا أنفسنا} وإنما قاله وقد تاب، وقال موسى: {رب ني ظلمت نفسي} على أنه قد حمل الغفران هنا على خير العقوبة.
شبهة